تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

طويل يقول فيه عليه‌السلام وقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) يعنى بذلك ما يهلك من القرون فسماه اتيانا.

٢٠٢ ـ في مجمع البيان اختلف في معناه على أقوال الى قوله : «ثانيها» ننقصها بذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها وروى ذلك عن أبى عبد الله عليه‌السلام.

٢٠٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) قال : المكر من الله هو العذاب.

٢٠٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) محمد بن أبى عمير الكوفي عن عبد الله ابن الوليد السمان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما يقول الناس في أولى العزم وصاحبكم أمير المؤمنين عليه‌السلام؟ قال : قلت : ما يقدمون على أولى العزم أحدا قال : فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى قال لموسى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً) ولم يقل : كل شيء موعظة ، وقال لعيسى عليه‌السلام : «وليبين لكم بعض الذي يختلفون فيه» ولم يقل كل ، وقال لصاحبكم أمير المؤمنين عليه‌السلام : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) وقال عزوجل : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) وعلم هذا ـ الكتاب عنده.

٢٠٥ ـ عن سليم بن قيس قال : سأل رجل على بن ابى طالب عليه‌السلام فقال له ـ وانا اسمع ـ : أخبرني بأفضل منقبة لك ، قال : ما انزل الله في كتابه ، قال : وما انزل الله فيك؟ قال : قوله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) إياي عنى بمن (عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ).

٢٠٦ ـ في مجمع البيان وفي الشواذ قراءة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى عليه‌السلام بكسر الميم والدال (١) وقراءة على عليه‌السلام و (مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٢).

٢٠٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن محمد ابن الحسين عمن ذكره جميعا عن ابن ابى عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية قال : قلت

__________________

(١) اى كسر ميم «من» ودال «عند».

(٢) اى قراءة «علم» بصيغة المجهول.

٥٢١

لأبي جعفر عليه‌السلام (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قال : إيانا عنى وعلى أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. في الخرائج والجرائح عن سعد عن محمد بن يحيى عن عبيد بن معروف (١) عن عبيد الله بن الوليد السمان عن الباقر عليه‌السلام مثله.

٢٠٨ ـ في أصول الكافي أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن عن عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه عن سدير قال : كنت أنا وابو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبى عبد الله عليه‌السلام إذ خرج علينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه قال : يا عجبا لأقوام يزعمون انا نعلم الغيب ما يعلم الغيب الا الله عزوجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت منى فما علمت في أى بيوت الدار هي؟ قال سدير : فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسر فقلنا له : جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في امر جاريتك ونحن نعلم انك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك الى علم الغيب؟ قال : فقال : يا سدير ألم تقرء القرآن؟ قلت : بلى ، قال : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)؟ قال : قلت : جعلت فداك قد قرأته ، قال : فهل عرفت الرجل وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال : قلت : أخبرنى به قال : قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب؟ قال قلت : جعلت فداك ما أقل هذا قال : فقال : يا سدير ما أكثر هذا (٢) ان ينسبه الله عزوجل الى العلم الذي أخبرك به ، يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل أيضا : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قال

__________________

(١) وفي نسخة «معمر» بدل «معروف».

(٢) قال في مرآة العقول : لعل هذا رد لما يفهم من كلام سدير من تحقير العلم الذي أوتى آصف عليه‌السلام بأنه وان كان قليلا بالنسبة الى علم كل الكتاب ، فهو في نفسه عظيم كثير لانتسابه الى علم الكتاب ، وفي بصائر الدرجات هكذا : «ما أكثر هذا المن ينسبه الله عزوجل ... اه».

٥٢٢

قلت : قد قرأته جعلت فداك ، قال : فمن (عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) كله أفهم ، أم (مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) بعضه؟ قلت : لا بل (مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) كله ، قال : فأومى بيده الى صدره وقال : علم الكتاب والله كله عندنا ، علم الكتاب والله كله عندنا.

٢٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابن أذينة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : الذي عنده علم الكتاب وهو أمير المؤمنين عليه‌السلام وسئل عن الذي عنده علم من الكتاب اعلم أم الذي عنده علم الكتاب ، فقال : ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب الا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر.

٢١٠ ـ وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : الا ان العلم الذي هبط به آدم من السماء الى الأرض وجميع ما فضلت به النبيون الى خاتم النبيين ، في عترة خاتم النبيين.

٢١١ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده الى ابى سعيد الخدري قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قول الله جل ثناؤه : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قال : ذاك أخي على بن ابى طالب.

٢١٣ ـ عن عبد الله بن عجلان عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قوله : (قُلْ كَفى بِاللهِ) فقال : نزلت في على بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي الائمة بعده ، وعلى عنده علم الكتاب.

٢١٤ ـ عن الفضيل بن يسار عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قال : نزلت في على عليه‌السلام انه عالم هذه الامة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢١٥ ـ عن عمر بن حنظلة عن ابى عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) فلما راني أتتبع هذا وأشباهه من الكتاب

٥٢٣

قال : حسبك كل شيء في الكتاب من فاتحته الى خاتمته مثل هذا فهو في الائمة عنى به.

٢١٦ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال الباقر عليه‌السلام : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) على بن ابى طالب عنده علم الكتاب الاول والاخر.

٢١٧ ـ قال ابو سعيد الخدري : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قول الله عزوجل : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قال : ذاك أخي على بن ابى طالب عليه‌السلام.

٢١٨ ـ في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن محمد بن الفضيل عن ابى حمزة الثمالي عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : يقول في قول الله تبارك وتعالى : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) هو على عليه‌السلام.

٢١٩ ـ احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جابر قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام في هذه الآية : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) هو على بن ابى طالب.

٢٢٠ ـ حدثني يعقوب بن يزيد عن الحسن بن على بن فضال عن عبد الله بن بكير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : كنت عنده فذكروا سليمان وما اعطى من العلم ، وما اوتى من الملك ، فقال لي : وما اعطى سليمان بن داود انما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم وصاحبكم الذي قال الله : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) وكان والله عند على عليه‌السلام علم الكتاب ، فقلت : صدقت والله جعلت فداك.

٥٢٤

سورة إبراهيم

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة إبراهيم والحجر في ركعتين جميعا في كل جمعة لم يصبه فقر أبدا ولا جنون ولا بلوى.

٢ ـ في مجمع البيان ابى بن كعب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ سورة إبراهيم اعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام ، وبعدد من لم يعبدها.

٣ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه : ومن على ربي فقال : يا محمد قد أرسلت كل رسول الى أمته بلسانها وأرسلتك الى كل أحمر وأسود من خلقي.

٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى مسلم بن خالد المكي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا الا بالعربية فكان يقع في مسامع الأنبياء عليهم‌السلام بألسنة قومهم وكان يقع في مسامع نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالعربية فاذا كلم به قومه كلمهم بالعربية ، فيقع في مسامعهم بلسانهم وكان أحد لا يخاطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأى لسان خاطبه الا وقع في مسامعه بالعربية كل ذلك يترجم جبرئيل عليه‌السلام عنه تشريفا من الله عزوجل له صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا على بن جعفر قال : حدثني محمد بن عبد الله الطائي قال : حدثنا محمد بن ابى عمير قال : حدثنا حفص الكناسي قال : سمعت عبد الله بن بكير الرجائى قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : أخبرنى عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله كان عاما للناس ، أليس قد قال الله في محكم كتابه : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) لأهل الشرق والغرب ، وأهل السماء والأرض ، من الجن والانس ، هل بلغ رسالته إليهم كلهم قلت : لا أدرى؟ قال : يا ابن بكير ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يخرج

٥٢٥

من المدينة فكيف بلغ أهل الشرق والغرب؟ قلت : لا أدرى ، قال : ان الله تبارك وتعالى امر جبرئيل فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكانت بين يديه مثل راحته في كفه ينظر الى أهل المشرق والمغرب ، ويخاطب كل قوم بألسنتهم ويدعوهم الى الله والى نبوته بنفسه ، فما بقيت قرية ولا مدينة الا دعاهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بنفسه.

٦ ـ في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عمرو عمن ذكره عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) قال : بآلاء الله يعنى بنعمه.

٧ ـ في كتاب الخصال عن مثنى الحناط قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : أيام الله يوم يقوم القائم ويوم الكرة ويوم القيمة.

٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) قال : أيام الله ثلثة : يوم القائم صلوات الله عليه ، ويوم الموت ، ويوم القيمة.

٩ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى ابى جعفر عليه‌السلام قال : حدثني عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : في قوله عزوجل : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) أيام الله نعماؤه ، وبلائه ببلائه سبحانه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ في مجمع البيان (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) فيه أقوال الى قوله «الثاني» ان المعنى وذكرهم بنعم الله سبحانه في ساير أيامه ، وروى ذلك عن ابى عبد الله عليه‌السلام.

١١ ـ في كتاب الخصال عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : يا معاوية من أعطى ثلثة لم يحرم ثلثة : من اعطى الدعاء أعطى الاجابة ، ومن أعطى الشكر أعطى الزيادة ، ومن اعطى التوكل أعطى الكفاية ، فان الله عزوجل يقول في كتابه : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) ويقول : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) ويقول : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).

١٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال ابو عبد الله عليه‌السلام : أيما عبد أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه وحمد الله عليها بلسانه ، لم تنفد حتى يأمر الله له بالزيادة ، وهو

٥٢٦

قوله (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).

١٣ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال : ان من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله عزوجل قبل ان يظهر شكرها على لسانه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤ ـ سهل بن عبيد الله عن احمد بن عمر قال : دخلت على ابى الحسن الرضا عليه‌السلام انا وحسين بن ثوير بن ابى فاختة فقلت له : جعلت فداك انا كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش (١) فتغيرت الحال بعض التغير ، فادع الله عزوجل ان يرد ذلك إلينا ، فقال : اى شيء تريدون تكونون ملوكا؟ أيسرك ان تكون مثل طاهر وهرثمة (٢) وانك على خلاف ما أنت عليه؟ قلت : لا والله ما يسرني ان لي الدنيا بما فيها ذهبا وفضة وانى على خلاف ما انا عليه ، قال : فقال : فمن أيسر منكم فلتشكر الله ، ان الله عزوجل يقول : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) الغضارة : طيب العيش.

(٢) الطاهر هو أبو الطيب أو أبو طلحة طاهر بن الحسين المعروف بذر اليمينين والى خراسان ، كان من أكبر قواد المأمون والمجاهدين في تثبيت دولته ، وهو الذي سيره المأمون من خراسان الى محاربة أخيه الأمين محمد بن زبيدة ، وقصة محاربته على بن عيسى بالري وكسر جيشه وقتله وقتل الأمين بعد دخوله بغداد وغيره معروفة مذكورة في كتب التواريخ. وكان طاهر من أصحاب الرضا عليه‌السلام وكان متشيعا ، وينسب التشيع الى آل طاهر أيضا ، وكان طاهر هو الذي أسس دولة آل طاهر في خراسان وما والاها من سنة ٢٠٥ الى ٢٥٩ وله عهد الى ابنه وهو من أحسن الرسائل. واما هرثمة فهو هرثمة بن أعين الذي يروى عن الرضا عليه‌السلام كثيرا وهو أيضا من قواد مأمون وفي خدمته ، وكان مشهورا بالتشيع ومحبا لأهل البيت عليهم‌السلام ، وهو من أصحاب الرضا عليه‌السلام بل من خواصه وأصحاب سره كما يظهر من كتاب العيون وغيره.

٥٢٧

١٥ ـ في تفسير العياشي عن ابى عمرو المداينى قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أيما عبد أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه ـ وفي رواية اخرى فأقربها بقلبه ـ وحمد الله عليها بلسانه ، لم ينفد كلامه حتى يأمر الله له بالزيادة.

١٦ ـ وفي رواية أبى اسحق المداينى حتى يأذن الله له بالزيادة ، وهو قوله : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).

١٧ ـ وعن ابى ولاد قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أرأيت هذه النعمة الظاهرة علينا من الله أليس ان شكرناه عليها وحمدناه زادنا كما قال الله في كتابه : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)؟ فقال : نعم ، ومن حمد الله على نعمه وشكره وعلم ان ذلك منه لا من غيره (١).

١٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال : تلقوا النعم يا سدير بحسن مجاورتها ، واشكروا من أنعم عليكم ، وأنعموا على [من] شكركم ، فانكم إذا كنتم كذلك استوجبتم من الله الزيادة ، ومن إخوانكم المناصحة ، ثم تلا : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).

١٩ ـ في أصول الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن اسحق بن عمار عن رجلين سمعاه من ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه وحمد الله ظاهرا بلسانه فتم كلامه حتى يؤمر له بالمزيد.

٢٠ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن اسمعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن ابى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال : نعم ، قلت : ما هو؟ قال : يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال وان كان فيما أنعم عليه في ماله حق اداه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن معمر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : من حمد الله على النعمة فقد شكره ، وكان الحمد

__________________

(١) كذا في النسخ وزاد في بعض نسخ المصدر بعد ذلك قوله : «زاده الله نعمه».

٥٢٨

أفضل من تلك النعمة.

٢٢ ـ محمد عن احمد عن على بن الحكم عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال : الحمد لله الا ادى شكرها.

٢٣ ـ ابو على الأشعري عن عيسى بن أيوب عن على بن مهزيار عن القاسم بن محمد عن اسمعيل بن ابى الحسن عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد ادى شكرها.

٢٤ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن محمد بن هشام عن ميسر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : شكر النعمة اجتناب المحارم ، وتمام الشكر قول الرجل : الحمد لله رب العالمين.

٢٥ ـ في كتاب الخصال عن سعد بن علاقة قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : شكر النعم يزيد في الرزق ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى مالك بن أعين الجهني قال : اوصى على بن الحسين بعض ولده فقال : يا بنى اشكر الله فمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك فانه لا زوال للنعمة إذا شكرت ولا بقاء لها إذا كفرت ، والشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه الشكر لها ، وتلا يعنى على بن الحسين عليهما‌السلام قول الله تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) الى آخر الآية.

٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن الحسن بن على بن فضال عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : السجدة بعد الفريضة شكر الله تعالى ذكره على ما وفق العبد من أداء فرائضه ، وادنى ما يجزى فيها من القول ان يقال : شكر الله شكر الله شكرا لله ثلاث مرات قلت : فما معنى قوله ، شكر الله؟ قال : يقول هذه السجدة منى شكرا لله على ما وفقني له من خدمته وأداء فرضه ، والشكر موجب للزيادة فان كان في الصلوة تقصير تم بهذه السجدة.

٢٨ ـ في مجمع البيان قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا أقبلت عليكم أطراف النعم

٥٢٩

فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر.

٢٩ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن ابى عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الوجه الثالث من الكفر كفر النعم ، قال : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ في تفسير العياشي عن الحسن بن طريف عن محمد عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) قال : الزارعون.

٣١ ـ في مجمع البيان وروى الواقدي باسناده عن ابى الدرداء قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا آذاك البراغيث فخذ قدحا من ماء فاقرأ عليه سبع مرات : وما لنا ان لا نتوكل على الله «الآية» فان كنتم آمنتم بالله فكفوا شركم واذاكم عنا ، ثم ترش الماء حول فراشك ، فانك تبيت تلك الليلة آمنا من شرها.

٣٢ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) قال : الزارعون.

٣٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى رفعه الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من آذى جاره طمعا في مسكنه ورثه الله داره ، وهو قوله : و (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) الى قوله : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ).

٣٤ ـ في مجمع البيان جاء في الحديث : من آذى جاره ورثه الله داره.

٣٥ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي وفي خبر آخر عن ابن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) تلاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أصحابه فخر فتى مغشيا عليه ، فوضع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يده على فؤاده فوجده يكاد يخرج من مكانه ، فقال : يا فتى قل لا اله الا الله ، فتحرك الفتى فقالها ، فبشره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالجنة ، فقال القوم : يا رسول الله من بيننا؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اما سمعتم الله تعالى يقول : (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ).

٣٦ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن

٥٣٠

سليمان عن أبيه عن ابى بصير قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا إذ اقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان فيك شبها من عيسى بن مريم لولا ان يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملاء من الناس الا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة ، قال : فغضب الأعرابيان ، فأنزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) يعنى من بنى هاشم «ملائكة في الأرض يخلسون» قال : فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا) ان بنى هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل (١) (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) فانزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ثم قال له : يا عمرو اما تبت واما رحلت؟ فقال : يا محمد بل تجعل لساير قريش شيئا مما في يديك فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم؟ فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس ذلك الى ، ذلك الى الله تبارك وتعالى ، فقال : يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة ولكن أرحل عنك ، فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت هامته (٢) ثم أتى الوحي الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) قال : قلت : جعلت فداك انا لا نقرأها هكذا ، فقال ، هذا انزل الله بها جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة عليها‌السلام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن حوله من المنافقين : انطلقوا الى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به قال الله عزوجل : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ).

__________________

(١) هرقل : اسم ملك الروم ، أراد أن بنى هاشم يتوارثون ملك بعد ملك.

(٢) الجندلة : واحدة الجندل : الصخر العظيم. ورض الشيء : دقه وجرشه. والهامة بمعنى الرأس.

٥٣١

٣٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الحسين بن الصباح قال : حدثني انس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : (كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) من أبى ان يقول : لا اله الا الله.

٣٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : العنيد المعرض عن الحق.

٣٩ ـ في مجمع البيان : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) اى ويسقى مما يسيل من الدم والقيح من فروج الزواني في النار عن ابى عبد الله عليه‌السلام.

٤٠ ـ وروى ابو أمامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) قال يقرب اليه فيتكره ، فاذا أدنى منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه (١) فاذا شرب قطع أمعاؤه حتى يخرج من دبره ، يقول الله عزوجل : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) ويقول : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ).

٤١ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من شرب الخمر لم تقبل له صلوة أربعين يوما فان مات وفي بطنه شيء من ذلك كان حقا على الله أن يسقيه من طينة خبال وهو صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار «فيصهر (بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) رواه شبيب بن واقد عن الحسين بن يزيد عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) قال : يقرب اليه فيكرهه ، وإذا ادنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فاذا شرب تقطعت امعائه ومزقت تحت قدميه ، وانه يخرج من أحدهم مثل الوادي صديدا وقيحا ، ثم قال : وانهم ليبكون حتى تسيل دموعهم ووجوههم جداول ، ثم تنقطع الدموع فتسيل الدماء حتى لو أن السفن أجريت فيها لجرت ، وهو قوله : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ).

٤٣ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان أهل النار لما غلى الزقوم والضريع

__________________

(١) الغروة : جلدة الرأس.

٥٣٢

في بطونهم كغلى الحميم سألوا الشراب فاتوا بشراب غساق وصديد (١) (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) وحميم يغلي به جهنم منذ خلقت (كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً).

٤٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن علا بن رزين عن محمد بن مسلم قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام : اعلم يا محمد ان أئمة الجور واتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا ، فأعمالهم التي يعملونها (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) قال : من لم يقر بولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه بطل عمله مثله مثل الرماد الذي تجيء الريح فتحمله.

٤٦ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام خطب بها يوم الغدير وفيها يقول عليه‌السلام : وتقربوا الى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) ولا يخلج بكم الغى فتضلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا وأضلوا ، قال الله عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه : (إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا) الى قوله عليه‌السلام وقال الله تعالى : و/ إذ يتحاجون في النار فيقول (الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ) أفتدرون الاستكبار ما هو؟ هو ترك الطاعة لمن أمروا بطاعته ، والترفع على من ندبوا الى متابعته ، والقرآن ينطق من هذا عن كثير ان تدبره متدبر زجره ووعظه.

__________________

(١) روى عن النبي (ص) انه قال : الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك أمر من الصبر وأنتن من الجيفة ، وأشد حرا من النار «انتهى» والغساق ـ بالتشديد والتخفيف ـ ما يغسق من صديد أهل النار اى يسيل ، يقال : غسقت العين : إذا سالت دموعها. والصديد : قيح ودم ، وقيل : هو القيح كأنه الماء في رقته والدم في شكله وقيل : هو ما يسيل من جلو أهل النار.

٥٣٣

٤٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) اى لما فرغ من أمر الدنيا قال على بن إبراهيم عن أبي جعفر عليه‌السلام كلما في القرآن «وقال ـ الشيطان» يريد به الثاني من أوليائه.

٤٨ ـ في تفسير العياشي عن حريز عمن ذكره عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) قال : هو الثاني وليس في القرآن شيء «وقال ـ الشيطان» الا وهو الثاني.

٤٩ ـ عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه إذا كان يوم القيمة يؤتى بإبليس في سبعين غلا وسبعين كبلا (١) فينظر الاول الى زفر في عشرين ومأة كبل وعشرين ومأة غل ، فينظر إبليس فيقول : من هو الذي أضعف الله له العذاب وأنا أغويت هذا الخلق جميعا؟ فيقال : هذا زفر ، فيقول : بما جدد له هذا العذاب؟ فيقول : ببغيه على على عليه‌السلام فيقول له إبليس : ويل لك وثبور لك ، أما علمت ان الله أمرنى بالسجود لادم عليه‌السلام فعصيته ، وسألته أن يجعل لي سلطانا على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وشيعته فلم يجبني الى ذلك ، وقال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) وما عرفتهم من استثنائهم إذ قلت : (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) فمنتك به نفسك غرورا فيوقف بين يدي الخلايق فقال له : ما الذي كان منك الى على والى الخلق الذي اتبعوك على الخلاف؟ فيقول الشيطان وهو زفر لإبليس : أنت أمرتني بذلك فيقول له إبليس : فلم عصيت ربك وأطعتني؟ فيرد زفر عليه ما قال الله : (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) الآية.

٥٠ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : دعاهم ربهم فتفرقوا ولو دعاهم الشيطان فاستجابوا وأقبلوا.

٥١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن يزيد عن ابى عمرو الزبيري عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : والوجه الخامس من الكفر كفر البراءة ، قال : يذكر إبليس وتبريه من أوليائه من الانس يوم القيمة

__________________

(١) الكبل : القيد.

٥٣٤

(إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٢ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد ذكر قوله تعالى : (يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) : والكفر في هذه الآية البراءة يقول : فيبرأ بعضهم من بعض ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) وقول إبراهيم خليل الرحمن : «كفرنا بكم» يعنى تبرأنا منكم.

٥٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن على بن يوسف عن أبيه عن عمرو بن حريث قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) قال : فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصلها وأمير المؤمنين عليه‌السلام فرعها ، والائمة منذريتهما أغصانها ، وعلم الائمة ثمرها ، وشيعتهم المؤمنون ورقها ، هل فيها فضل؟ قال : قلت : لا والله ، قال : والله ان المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها ، وان المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها.

٥٤ ـ في كتاب الخصال عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خلق الناس من شجرة شتى ، وخلقت انا وابن ابى طالب من شجرة واحدة أصلي على وفرعى جعفر.

٥٥ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى عبد الرحمن بن حماد عن عمر بن صالح السابري قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن هذه الآية : (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) قال : أصلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفرعها أمير المؤمنين ، والحسن والحسين ثمرها وتسعة من ولد الحسين عليه‌السلام أغصانها ، والشيعة من ورقها ، والله ان الرجل منهم ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة ، قلت : قوله : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) قال : ما يخرج من علم الامام إليكم في كل سنة (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ).

٥٦ ـ في الخرائج والجرائح وروى عن الحلبي عن الصادق عليه‌السلام عن أبيه وذكر حديثا طويلا وفي آخره يقول الباقر عليه‌السلام : وأخبركم عما أردتم ان تسئلوا عنه في قوله تعالى : «شجرة (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) نحن نعطى شيعتنا ما نشاء من العلم.

٥٣٥

٥٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام ان عليا عليه‌السلام قال في رجل نذر ان يصوم زمانا ، قال : الزمان خمسة أشهر ، والحسين ستة أشهر ، لان الله عزوجل يقول : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) في الكافي مثله سواء.

٥٨ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحق قال : حدثنا محمد بن عبد العزيز بن يحيى قال : حدثني عبد الله بن محمد الضبي قال : حدثنا محمد ابن هلال (١) قال حدثنا نائل بن نجيح قال : حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال : سألت أبا جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام عن قول الله عزوجل : (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) قال : اما الشجرة فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفرعها على عليه‌السلام ، وغصن الشجرة فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وثمرها أولادها عليهم‌السلام وورقها شيعتنا ، ثم قال : ان المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة ، وان المولود من شيعتنا ليولد فتورق الشجرة ورقة.

٥٩ ـ في مجمع البيان «كشجرة طيبة» الآية روى انس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان هذه الشجرة الطيبة النخل.

٦٠ ـ وروى عن ابن عباس قال : قال جبرئيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت الشجرة وعلى غصنها ، وفاطمة ورقها ، والحسن والحسين ثمارها.

٦١ ـ «كل حين» اى في كل ستة أشهر عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٦٢ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن خالد بن حريز عن ابى الربيع عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه سئل عن رجل قال : لله على ان أصوم حينا وذلك في شكر؟ فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : قد أتى على عليه‌السلام في مثل هذا فقال : صم ستة أشهر ، فان الله عزوجل يقول : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) يعنى ستة أشهر.

__________________

(١) وفي نسخة «عبد الله بن هلال» ولكن الظاهر الموافق للمصدر ما اخترناه.

٥٣٦

٦٣ ـ محمد بن يحيى رفعه عن أحدهما عليهما‌السلام قال : تقول : إذا غرست أو زرعت : «ومثل (كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها).

٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : وجعل أهل الكتاب القائمين به والعالمين بظاهره وباطنه من شجرة (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) ، اى يظهر مثل هذا العلم المحتملة في الوقت بعد الوقت ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها لأسقطوها مع ما اسقطوا.

٦٥ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن على الحلبي عن زرارة وحمران عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام في قول الله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) قال : يعنى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الأصل الثابت ، والفرع الولاية لمن دخل فيها.

٦٦ ـ عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عن أبيه عن ابى عبد الله عليه‌السلام : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) الآيتين قال : هذا مثل ضربه الله لأهل بيت نبيه ولمن عاداهم هو (مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ).

٦٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن ابى جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله تعالى (مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) الآية قال : الشجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونسبه ثابت في بنى هاشم وفرع الشجرة على بن أبي طالب وغصن الشجرة فاطمة عليها‌السلام ، وثمرتها الائمة من ولد على وفاطمة عليهما‌السلام والائمة من أولادها أغصانها ، وشيعتها (١) ورقها ، وان المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة ، وان المؤمن ليولد فتورق الشجرة ، قلت : أرأيت قوله : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها)؟ قال : يعنى بذلك ما يفتون به الائمة

__________________

(١) وفي المصدر «وشيعتهم» على لفظ الجمع.

٥٣٧

شيعتهم في كل حج وعمرة من الحلال والحرام (١) ثم ضرب الله لأعداء آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ).

٦٨ ـ وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : كذلك الكافرون لا تصعد أعمالهم الى السماء وبنو امية لا يذكرون الله في مسجد ولا في مجلس ، ولا تصعد أعمالهم الى السماء الا قليل منهم.

٦٩ ـ في جوامع الجامع واما الشجرة الخبيثة فكل شجرة لا يطيب ثمرها كشجرة الحنظل والكشوف (٢) وعن الباقر عليه‌السلام بنو امية.

٧٠ ـ في مصباح الكفعمي عن على عليه‌السلام من به الثؤلول (٣) فليقرأ عليها هذه الآيات سبعا في نقصان الشهر (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا).

٧١ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن عمرو بن عثمان وعدة من أصحابنا عن سهل ابن زياد عن احمد بن محمد بن ابى نصر والحسن بن على جميعا عن ابى جميلة مفضل بن صالح عن جابر عن عبد الأعلى ، وعلى بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، وعلى بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الاخرة ، مثل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت الى ماله فيقول : والله انى كنت عليك حريصا شحيحا (٤)

__________________

(١) «في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد عن الحسن بن محبوب عن الأحول عن سلام بن المستنير عن ابى جعفر عليه‌السلام مثله ، غير ان في آخره قال : قلت له : جعلت فداك قوله تعالى : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) قال : هو ما يخرج من الامام من الحلال والحرام في كل سنة الى شيعته. ومنه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) الكشوث : نبات يلتف على الشوك والشجر لا أصل له ولا ورق.

(٣) الثؤلول : خراج بكون بجسد الإنسان ناتئ : صلب : مستدير. ويقال له بالفارسية «زگيل».

(٤) الشحيح : البخيل.

٥٣٨

فما لي عندك؟ فيقول : خذ منى كفنك ، قال : فيلتفت الى ولده فيقول : والله انى كنت لكم محبا ، وانى كنت عليكم محاميا فما ذا عندكم؟ فيقولون : نؤديك الى حفرتك نواريك فيها ، قال : فيلتفت الى عمله فيقول : والله انى كنت فيك لزاهدا وان كنت على لثقيلا فما ذا عندك؟ فيقول : انا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى اعرض انا وأنت على ربك قال : فان كان الله وليا أتاه أطيب الناس ريحا ، وأحسنهم منظرا ، وأحسنهم رياشا (١) فيقول : أبشر بروح وريحان وجنة نعيم ، ومقدمك خير مقدم ، فيقول له : من أنت؟ فيقول : انا عملك الصالح ارتحل من الدنيا الى الجنة ، وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يعجله ، فاذا ادخل قبره أتاه ملكا القبر يجران اشعارهما ويخدان الأرض بأقدامهما أصواتهما كالرعد القاصد ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، فيقولان له : من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول : الله ربي ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقولان : ثبتك الله فيما تحب وترضى وهو قول الله عزوجل : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) فالحيوة الدنيا وفي الآخرة ثم يفسحان له (٢) في قبره مد بصره ، ثم يفتحان بابا الى الجنة ثم يقولان له : نم قرير العين نوم الشاب الناعم قال الله عزوجل : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٢ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن على بن ابى حمزة عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان المؤمن إذا خرج من بيته شيعته الملائكة الى قبره ، يزدحمون عليه ، حتى إذا انتهى به الى قبره ، قالت له الأرض : مرحبا بك وأهلا ، اما والله لقد كنت أحب ان يمشى على مثلك لترين ما اصنع به ، فيوسع له مد بصره ، ويدخل عليه في قبره ملكا القبر وهما قعيدا (٣) القبر منكر ونكير ، فيلقيان فيه الروح الى حقويه (٤)

__________________

(١) الرياش : اللباس الفاخر.

(٢) فسح له في المجلس : وسع وفرج له عن مكان يسعه.

(٣) القعيد بمعنى المقاعد كالجليس.

(٤) الحقو : الخصر.

٥٣٩

فيقعدانه ويسئلانه فيقولان : من ربك؟ فيقول : الله ، فيقولان : ما دينك؟ فيقول : الإسلام فيقولان ومن نبيك؟ فيقول : محمد فيقولان : ومن إمامك؟ فيقول : فلان قال : فينادى مناد من السماء صدق عبدي افرشوا له في قبره من الجنة وافتحوا بابا الى الجنة وألبسوه من ثياب الجنة حتى يأتينا وما عندنا خير له ثم يقال له : نم نومة عروس نم نومة لا حلم فيها (١) قال : وان كان كافرا خرجت الملائكة تشيعه الى قبره يلعنونه حتى إذا انتهى الى قبره ، قالت له الأرض : لا مرحبا بك ولا أهلا ، اما والله لقد كنت أبغض ان يمشى على مثلك لا جرم لترين ما اصنع بك اليوم فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه (٢) قال : ثم يدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير ، قال ابو بصير : قلت : جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة؟ قال : لا ، قال : فيقعد انه ويلقيان فيه الروح الى حقويه فيقولان : من ربك؟ فيتلجلج (٣) فيقول : قد سمعت الناس يقولون ، فيقولان له : لا دريت ، ويقولان له : ما دينك؟ فيتلجلج فيقولان له : لا دريت ، ويقولان له : من نبيك؟ فيقول قد سمعت الناس يقولون فيقولان له : لا دريت ، ويسئل عن امام زمانه ، قال : وينادى مناد من السماء : كذب عبدي افرشوا له في قبره من النار ، وألبسوه من ثياب النار ، وافتحوا له بابا الى النار حتى يأتينا وما عندنا شر له ، ويضربانه بمرزبة (٤) ثلاث ضربات ، ليس منها ضربة إلا يتطاير قبره نارا ، لو ضرب بتلك المزربة جبال تهامة (٥) لكانت رميما.

وقال ابو عبد الله عليه‌السلام : ويسلط عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا (٦) والشيطان

__________________

(١) الحلم ـ بالضم ـ : ما يراه النائم في نومه ، لكنه قد غلب على ما يراه من الشر والقبيح ، كما غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والحسن.

(٢) جوانح : الأضلاع التي تحت الترائب وهي مما يلى الصدر كالضلوع مما يلى الظهر.

(٣) التلجلج : التردد في الكلام.

(٤) المرزبة : عصاة كبيرة من حديد تتخذ لتكسير المدر.

(٥) تهامة : من أسماء مكة المكرمة.

(٦) نهشه الحية أو العقرب : لسعته ، عضته. وأخذته باضراسها.

٥٤٠