تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

فقالوا : ربنا عفوك عفوك! ردنا الى ما خلقتنا له واخترتنا عليه ، فانا نخاف أن نصير في امر مريج (١) قال : فنزع الله ذلك ، قال : فاذا كان يوم القيمة وصار أهل الجنة في الجنة استأذن أولئك الملائكة على أهل الجنة فيؤذن لهم ، فيدخلون عليهم فيسلمون عليهم ويقولون لهم : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) قال : يعنى الشهداء (٢).

١١٤ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده الى ابى ذر رضى الله عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وما نال الفوز في القيمة الا الصابرون ، ان الله يقول : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) قال : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).

١١٥ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عمرو ابن عثمان عن محمد بن عذافر عن بعض أصحابه عن محمد بن مسلم وأبى حمزة عن أبى عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال على بن الحسين عليه‌السلام : يا بنى إياك ومصاحبة القاطع لرحمه ، فانى وجدته ملعونا في كتاب الله عزوجل في ثلثة مواضع قال : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).

١١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه عند قوله تعالى : «و (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) ثم ذكر أعداءهم فقال : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) يعنى في أمير المؤمنين وهو الذي أخذ الله عليهم في الذر ، وأخذ عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم.

١١٧ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الرضا عليه‌السلام حديث طويل في تعداد

__________________

(١) امر مريج : مختلط أو ملتبس.

(٢) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) في الدنيا عن اللذات والشهوات الحلال. عن محمد بن الهيثم عن رجل عن أبى عبد الله عليه‌السلام : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) على الفقر في الدنيا (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) قال : يعنى الشهداء.

٥٠١

الكباير وبيانها من كتاب الله وفيه عن الصادق عليه‌السلام : ونقض العهد وقطيعة الرحم ، لان الله تعالى يقول : (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).

١١٨ ـ في تفسير العياشي عن خالد بن نجيح عن جعفر بن محمد عليه‌السلام في قوله : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فقال : بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله تطمئن وهو ذكر الله وحجابه.

١١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ) قال : (الَّذِينَ آمَنُوا) الشيعة ، «وذكر الله» أمير المؤمنين والائمة عليهم‌السلام.

١٢٠ ـ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول : دخلت الجنة وإذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها ما دارها سبعمائة عام ، وليس في الجنة منزل الا وفيها شجر منها ، فقلت : ما هذه يا جبرئيل؟ فقال : هذه شجرة طوبى ، قال الله تعالى (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ).

١٢١ ـ حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن ابى عبيدة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : طوبى شجرة في الجنة في دار أمير المؤمنين عليه‌السلام وليس أحد من شيعته الا وفي داره غصن من أغصانها ، وورقة من أوراقها تستظل تحتها امة من الأمم.

١٢٢ ـ وعنه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يكثر تقبيل فاطمة عليها‌السلام ، فأنكرت ذلك عائشة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عائشة انى لما اسرى بى الى السماء دخلت الجنة فأدنانى جبرئيل من شجرة طوبى ، وناولني من ثمارها فأكلته ، فحول الله ذلك ماء في ظهري فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، وكلما اشتقت الى الجنة قبلتها وما قبلتها قط الا وجدت رائحة شجرة طوبى فهي حوراء انسية

١٢٣ ـ حدثني ابى عن بعض أصحابه رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار على عليه‌السلام ، وما في الجنة قصر ولا منزل الا وفيها فتر منها (١) أعلاها أسفاط (٢) حلل من سندس وإستبرق يكون

__________________

(١) الفقر بمعنى القطع وفي بعض نسخ المصدر «القتر» بالقاف.

(٢) الأسفاط جمع السفط : ما يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. ووعاء كالقفة أو الجوالق.

٥٠٢

للعبد المؤمن ألف ألف سفط ، في كل سفط مائة ألف حلة ، ما فيها حلة تشبه الاخرى على ألوان مختلفة ، وهو ثياب أهل الجنة ، ووسطها ظل ممدود ، عرض الجنة (كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) ، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مأتى عام فلا يقطعه ، وذلك قوله : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) وأسفلها ثمار أهل الجنة وطعامهم متذلل في بيوتهم ، يكون في القضيب منها مأة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار الدنيا ومما لم تروه ، وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها ، وكلما يجتنى منها شيء أنبتت مكانها أخرى (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) ويجرى نهر في أصل تلك الشجرة ينفجر منه الأنهار الاربعة ، نهر (مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ) ، ونهر (مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ) ، ونهر (مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) ، ونهر (مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٤ ـ في أصول الكافي عنه (١) عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن أبى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان لأهل الدين علامات يعرفون بها : صدق الحديث وأداء الامانة ، ووفاء بالعهد ، وصلة الأرحام ، ورحمة الضعفاء ، وقلة المراقبة للنساء ـ أو قال قلة الموافاة للنساء ـ وبذل المعروف ، وحسن الخلق ، وسعة الخلق واتباع العلم وما يقرب الى الله عزوجل زلفي (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) ، وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) ، وليس مؤمن الا وفي داره غصن منها ، لا يخطر على قلبه شهوة شيء الا أتاه به ذلك ، ولو ان راكبا مجدا سار في ظلها مأة عام ما خرج منه ، ولو طار في أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما ، الا ففي هذه فارغبوا ان المؤمن من نفسه في شغل والناس منه في راحة ، إذا جن عليه الليل افترش وجهه وسجد لله عزوجل بمكارم بدنه يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته ، الا فهكذا كونوا.

__________________

(١) قبله : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى. اه «منه عفى عنه».

(عن هامش بعض النسخ)

(٢) قد مر في الحديث السابق ان أصلها في دار على عليه‌السلام وسيأتى عن كتاب مجمع البيان حديث في ذلك فانتظر.

٥٠٣

١٢٥ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الرضا عليه‌السلام انه قال : ولقد حدثني أبى عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في «أب ت ث» قال : الالف آلاء الله الى أن قال عليه‌السلام : فالطاء طوبى للمؤمنين وحسن مآب.

١٢٦ ـ وباسناده الى الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على أنت المظلوم بعدي ، وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة أصلها في دارك وأغصانها في دار شيعتك ومحبيك ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٧ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن سالم رفعه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال عثمان بن عفان : يا رسول الله ما تفسير ابجد؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلموا تفسير ابجد الى أن قال عليه‌السلام : واما «حطي» فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر وما نزل به جبرئيل مع الملائكة الى مطلع الفجر ، واما الطاء فطوبى (لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) وهي شجرة غرسها الله تبارك وتعالى بيده ، ونفخ فيها من روحه ، وأن أغصانها لترى من وراء سور الجنة ، تنبت بالحلى والحلل والثمار متدلية على أفواههم.

١٢٨ ـ عن ابى سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من رزقه الله حب الائمة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة ، فلا يشكن أحد انه في الجنة ، فان في حب أهل بيتي عشرين خصلة ، عشرة منها في الدنيا ، وعشرة منها في الآخرة ، فاما التي في الدنيا : فالزهد والحرص على العلم ، الى أن قال عليه‌السلام بعد تعدادها : فطوبى لمحبي أهل بيتي.

١٢٩ ـ في احتجاج على عليه‌السلام يوم الشورى على الناس قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على ان الله خصك بأمر وأعطاكه ، ليس من الأعمال شيء أحب اليه ولا أفضل منه عنده الزهد في الدنيا ، فليس تنال منها شيئا ولا تناله منك وهو زينة الأبرار عند الله عزوجل يوم القيمة ، فطوبى لمن أحبك وصدق عليك ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك غيري؟ قالوا : اللهم لا.

٥٠٤

وفي هذا الاحتجاج أيضا قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما قال لي : ان طوبى شجرة في الجنة أصلها في دار على ليس من مؤمن الا وفي داره غصن من أغصانها غيري؟ قالوا : اللهم لا.

١٣٠ ـ عن ابى أمامة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لمن راني ثم آمن بى ، وطوبى ثم طوبى ، يقولها سبع مرات لمن لم يرنى وآمن بى.

١٣١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى مروان بن مسلم عن ابى بصير قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ لقلبه بعد الهداية ، فقيل له : جعلت فداك وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنة أصلها في دار على بن ابى طالب عليه‌السلام ، وليس مؤمن الا وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك قول الله عزوجل : (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ).

١٣٢ ـ وباسناده الى ابى حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتم به في غيبته قبل قيامه ، ويتولى أوليائه ويعادى أعداءه ، ذلك من رفقائي وذوي مودتى ، وأكرم أمتي على يوم القيمة.

١٣٣ ـ في تفسير العياشي عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى جعفر محمد بن على عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس ذات يوم إذ دخلت أم أيمن في ملحفتها (١) شيء فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أم أيمن اى شيء في ملحفتك؟ فقالت : يا رسول الله فلانة بنت فلانة أملكوها (٢) فنثروا عليها وأخذت من نثارها شيئا ، ثم ان أم أيمن بكت ، فقال لها رسول الله : ما يبكيك؟ فقالت : فاطمة زوجتها فلم تنثر عليها شيئا! فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تبكين فو الذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا لقد شهد أملاك فاطمة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في ألوف من الملائكة ، ولقد امر الله طوبى فنثرت عليهم من حللها وسندسها وإستبرقها ودرها وزمردها وياقوتها

__________________

(١) الملحفة : الملاءة التي تلتحف بها المرأة.

(٢) أملك امرأة : تزوجها.

٥٠٥

وعطرها ، فأخذوا منه حتى ما دروا ما يصنعون به ، ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة ، فهي في دار على بن أبى طالب.

١٣٤ ـ عن ابى حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : طوبى هي شجرة تخرج من جنة عدن غرسها ربنا بيده.

١٣٥ ـ عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان المؤمن إذا لقى أخاه وتصافحها لم تزل الذنوب تتحات عنهما (١) ما داما متصافحين كتحات الورق عن الشجر فاذا افترقا قال ملكاهما : جزاكما الله خيرا عن أنفسكما ، فان التزم كل واحد منهما صاحبه ناداهما مناد : طوبى لكما وحسن مآب. وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار أمير المؤمنين وفرعها في منازل أهل الجنة ، فاذا افترقا ناداهما ملكان كريمان : أبشرا يا وليي الله بكرامة الله والجنة من ورائكما.

١٣٦ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : من أطعم ثلاثة نفر من المؤمنين أطعمه الله من ثلاث جنان ، ملكوت السماء الفردوس ، وجنة عدن وطوبى ، وهي شجرة من جنة عدن غرسها ربنا بيده.

١٣٧ ـ في مجمع البيان وروى الحاكم ابو القاسم الحسكاني بالإسناد عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : سئل رسول الله عن طوبى؟ قال شجرة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة ، ثم سئل عنها مرة اخرى فقال : في دار على عليه‌السلام ، فقيل له في ذلك؟ فقال : ان داري ودار على في الجنة بمكان واحد.

١٣٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن ابى زاهر أو غيره عن محمد بن حماد عن أخيه احمد بن حماد عن إبراهيم عن أبيه عن ابى الحسن الاول عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورث النبيين كلهم؟ قال : نعم ، قلت : من لدن آدم حتى انتهى الى نفسه؟ قال : ما بعث الله نبيا الا ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعلم منه ، قال : قلت : ان عيسى بن مريم كان يحيى

__________________

(١) تحات الورق عن الشجر : تناثر.

٥٠٦

الموتى بإذن الله؟ قال : صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقدر على هذه المنازل ، قال : فقال : ان سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) حين فقده وغضب عليه فقال : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) وانما غضب لأنه كان يدله على الماء ، فهذا وهو طاير قد اعطى ما لم يعط سليمان ، وقد كانت الريح والنمل والانس والجن والشياطين المردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء ، وكان الطير يعرفه ، وان الله يقول في كتابه : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان ويحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وان في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر الا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون ، جعله الله لنا في أم الكتاب ، ان الله يقول : (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ثم قال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فنحن الذين اصطفانا الله عزوجل وأورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شيء.

١٣٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) قال : لو كان شيء من القرآن كذلك لكان هذا.

١٤٠ ـ في مجمع البيان قرأ على وعلى بن الحسين وجعفر بن محمد عليهم‌السلام «أفلم يتبين».

١٤١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ)؟ وهي النقمة (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) فتحل بقوم غيرهم فيرون ذلك ويسمعون به والذين حلت بهم عصاة كفار مثلهم ولا ينقض بعضهم ببعض ولن يزالوا كذلك حتى يأتوا وعد الله الذي وعد المؤمنين من النصر ويخزي الله الكافرين.

٥٠٧

١٤٢ ـ في أصول الكافي على بن محمد مرسلا عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال : اعلم علمك الله الخير ، ان الله تبارك وتعالى قديم الى أن قال : وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء ، ولكن قائم يخبر انه حافظ كقول الرجل ، القائم بأمر فلان ، والله هو القائم (عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) والقائم أيضا في كلام الناس الباقي ، والقائم أيضا يخبر عن الكفاية ، كقولك للرجل : قم بأمر بنى فلان ، اى اكفهم والقائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم ولم يجتمع المعنى.

في عيون الاخبار حدثنا على بن أحمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال : حدثنا على بن محمد المعروف بعلان ، عن محمد بن عيسى عن الحسن بن خالد عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام انه قال : اعلم علمك الله الخير وذكر نحوه.

١٤٣ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام وقائم لا بعمد.

١٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) الظاهر من القول هو الرزق.

١٤٥ ـ وقال على بن إبراهيم في قوله : (وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) اى دافع و (عُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ) اى عاقبة ثوابهم النار قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم وقد اطفيت سبعين مرة بالماء ثم التهبت ، ولولا ذلك ما استطاع آدمي أن يطفيها وانها ليؤتى بها يوم القيمة حتى توضع على النار فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل الا جثى على ركبتيه (١) فزعا من صرختها.

١٤٦ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) اى فرحوا بكتاب الله إذا يتلى عليهم وإذا تلوه تفيض أعينهم دمعا من الفزع والحزن ، وهو على بن أبي طالب ، وهو في قراءة ابن مسعود : «والذي انزل إليك الكتاب هو الحق فمن يؤمن به على بن أبي طالب يؤمن به ومن الأحزاب

__________________

(١) جثى الرجل : جلس على ركبتيه.

٥٠٨

من ينكر بعضه» أنكروا من تأويله ما أنزله في على وآل محمد وآمنوا ببعضه فاما المشركون فانكروه كله أوله وآخره وأنكروا ان محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله.

١٤٧ ـ في روضة الكافي سهل عن الحسن بن على عن عبد الله بن الوليد الكندي عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال وقد قال الله عزوجل في كتابه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فنحن ذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٨ ـ في تفسير العياشي عن معاوية بن وهب قال : سمعته يقول : الحمد لله الذي قدح عند آل عمر ، فقال : كان في بيت حفصة فيأتيه الناس وفودا فلا يعاب ذلك عليهم ولا يقبح عليهم ، وان أقواما يأتونا صلة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيأتونا خائفين مستخفين يعاب ذلك ويقبح عليهم ، لقد قال الله في كتابه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا كأحد أولئك ، جعل الله له أزواجا وجعل له ذرية ، لم يسلم مع أحد من الأنبياء [مثل] من أسلم مع رسول الله من أهل بيته أكرم الله بذلك رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٤٩ ـ عن بشير الدهان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ما آتى الله أحدا من المرسلين شيئا الا وقد آتاه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد آتاه الله كما آتى المرسلين من قبله ، ثم تلا هذه الآية : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً).

١٥٠ ـ عن على بن عمر بن أبان الكلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اشهد على ابى انه كان يقول : ما بين أحدكم وبين ان يغبط ويرى ما تقر به عينه الا ان تبلغ نفسه هذه ، وأهوى الى حلقه. قال الله في كتابه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فنحن ذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خلق الله الخلق قسمين : فالقى قسما وأمسك قسما ، ثم قسم ذلك القسم على ثلثة أثلاث ، فالقى ثلثين وأمسك ثلثا ، ثم اختار من ذلك الثلث قريشا ، ثم اختار من قريش بنى عبد المطلب ، ثم اختار من بنى عبد المطلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنحن ذريته ، فان قالت الناس : ليس لرسول الله ذرية جحدوا ، ولقد قال الله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فنحن ذريته ، قال : فقلت : انا اشهد انكم

٥٠٩

ذريته ثم قلت له : ادع الله لي جعلت فداك ان يجعلني معك في الدنيا والاخرة فدعا لي بذلك ، قال : فقبلت باطن يده.

١٥١ ـ وفي رواية شعيب عنه انه قال : نحن ذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أدري (١) على ما يعادوننا الا لقرابتنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٥٢ ـ في محاسن البرقي عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال في آخر كلام له : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فجعل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأزواج والذرية مثل ما جعل للرسل من قبله فنحن عقب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذريته أجرى الله لآخرنا مثل ما أجرى لأولنا.

١٥٣ ـ في أصول الكافي على بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا عن الحسن بن محبوب عن أبى حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : يا ثابت ان الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الأمر في السبعين ، فلما ان قتل الحسين عليه‌السلام اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره الى أربعين ومأة فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا و (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) قال أبو حمزة : فحدثت بذلك أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : قد كان ذلك.

١٥٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال في هذه الآية : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) قال : فقال : وهل يمحى الا ما كان ثابتا؟ وهل يثبت الا ما لم يكن؟.

١٥٥ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن خلف بن حماد عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الله عزوجل عرض على آدم ذريته عرض العين في صور الذر ، نبيا فنبيا وملكا فملكا ومؤمنا فمؤمنا ، وكافرا فكافرا فلما انتهى الى داود عليه‌السلام قال : من هذا الذي مكنته وكرمته وقصرت عمره؟ قال : فأوحى الله عزوجل اليه : هذا ابنك داود عمره أربعون سنة ، فانى قد كتبت الآجال

__________________

(١) وفي المصدر «والله ما أدرى».

٥١٠

وقسمت الأرزاق وانا أمحو ما أشاء واثبت وعندي أم الكتاب ، فان جعلت له شيئا من عمرك اثبته له ، قال : يا رب قد جعلت له من عمرى ستين سنة تمام المأة ، قال : فقال الله عزوجل لجبرئيل وميكائيل وملك الموت : اكتبوا عليه كتابا فانه سينسى ، فكتبوا عليه كتابا وختموه بأجنحتهم من طينة عليين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥٦ ـ في تفسير العياشي عن ابى حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله عرض على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم ، قال : فمر آدم باسم داود النبي عليه‌السلام وإذا عمره أربعون سنة فقال : يا رب ما أقل عمر داود وأكثر عمرى؟ يا رب ان انا زدت داود من عمرى ثلثين سنة أينفذ ذلك له؟ قال : نعم يا آدم ، قال : فانى قد زدته من عمرى ثلثين سنة فانفذ ذلك له واثبتها له عندك واطرحها من عمرى ، قال فأثبت الله لداود من عمره ثلثين سنة ولم يكن عند الله مثبتة ومحى من عمر آدم ثلثين سنة وكانت له عند الله مثبتة فقال ابو جعفر عليه‌السلام : فذلك قول الله (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) قال : يمحوا الله ما كان عنده مثبتا لآدم ، واثبت لداود ما لم يكن عنده مثبتا ، قال : فلما دنى عمر آدم عليه‌السلام هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه فقال له آدم : يا ملك الموت قد بقي من عمرى ثلثون سنة؟ فقال له ملك الموت : ألم تجعلها لابنك داود النبي وطرحتها من عمرك حيث عرض عليك أسماء الأنبياء من ذريتك وعرض عليك أعمارهم وأنت يومئذ بوادي دحنا (١) فقال آدم : يا ملك الموت ما أذكر هذا ، فقال له ملك الموت : يا آدم لا تجهل ألم تسئل الله أن يثبتها لداود ويمحوها من عمرك فأثبتها لداود في الزبور ومحاها من عمرك من الذكر ، قال : فقال آدم : فاحضر الكتاب حتى أعلم ذلك قال أبو جعفر عليه‌السلام : فمن ذلك اليوم (٢) امر الله العباد أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا وتعاملوا الى أجل مسمى لنسيان آدم وجحده ما جعل على نفسه.

__________________

(١) دحنا : واد بين الطائف ومكة ، قال ياقوت : دحنا : بفتح أوله وسكون ثانيه ونون والف يروى فيها القصر والمد : وهي أرض خلق الله تعالى منها آدم.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر زيادة وهي : «قال أبو جعفر : وكان آدم صادقا لم يذكر قال ابو جعفر : فمن ذلك اليوم .... اه» وزاد في رواية الصدوق في العلل «لم يذكر ولم يجحد ...».

٥١١

١٥٧ ـ عن عمار بن موسى عن أبى عبد الله عليه‌السلام سئل عن قول الله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) قال : ان ذلك الكتاب كتاب يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت فمن ذلك الذي يرد الدعاء القضاء ، وذلك الدعاء مكتوب عليه : الذي يرد به القضاء حتى إذا صار الى أم الكتاب لم يغن الدعاء فيه شيئا.

١٥٨ ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام عن قوله : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) قال كتبها لهم ثم محاها.

١٥٩ ـ عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبد الله عليه‌السلام : انه سئل عن قول الله : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) قال : كتبها لهم ثم محاها ثم كتبها لأبنائهم فدخلوها والله يمحو (ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

١٦٠ ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان على بن الحسين عليهما‌السلام يقول : لولا آية في كتاب الله لحدثتكم بما يكون الى يوم القيمة ، فقلت له : أية آية؟ قال : قول الله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

١٦١ ـ عن جميل بن دراج عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) قال : هل يثبت الا ما لم يكن وهل يمحو الا ما كان.

١٦٢ ـ عن حمران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) فقال : يا حمران انه إذا كان ليلة القدر ونزلت الملائكة الكتبة الى السماء الدنيا فيكتبون ما يقضى في تلك السنة من أمر ، فاذا أراد الله أن يقدم شيئا أو يؤخره أو ينقص منه أو يزيد ، أمر الملك فمحا ما شاء ، ثم اثبت الذي أراد ، قال : فقلت له عند ذلك : فكل شيء يكون وهو عند الله في كتاب؟ قال : نعم ، قلت : فيكون كذا وكذا ثم كذا وكذا حتى ينتهى الى آخره؟ قال : نعم ، قلت : فأى شيء يكون بعده؟ قال : سبحان الله ، ثم يحدث الله أيضا ما شاء تبارك وتعالى.

١٦٣ ـ عن أبى حمزة الثمالي قال : قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما‌السلام: يا با حمزة ان حدثناك بأمر انه يجيء من هاهنا فان الله يصنع ما يشاء ، وان حدثناك اليوم

٥١٢

ـ بحديث وحدثناك غدا بخلافه فان الله يمحو ما يشاء ويثبت.

١٦٤ ـ عن إبراهيم بن أبى يحيى (١) عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : ما من مولود يولد الا وإبليس من الابالسة بحضرته فان علم الله انه من شيعتنا حجبه من ذلك الشيطان. وان لم يكن من شيعتنا أثبت الشيطان بإصبعه السبابة في دبره وكان مأنوثا وذلك الذكر يخرج للوجه ، وان كانت امرأة اثبت في فرجها فكانت فاجرة ، فعند ذلك يبكى الصبى بكاء شديدا إذا هو خرج من بطن امه والله بعد ذلك يمحو (ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

١٦٥ ـ عن ابى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله إذا أراد فناء قوم أمر الفلك فأسرع الدور بهم ، فكان ما يريد من النقصان ، وإذا أراد بقاء قوم امر الفلك فابطأ الدور بهم فكان ما يريد من الزيادة فلا تنكروا ، فان الله يمحو (ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

١٦٦ ـ عن ابن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء و (عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) ، وقال : لكل امر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ، وليس شيء يبدو له الا وقد كان في علمه ان الله لا يبدو له من جهل.

١٦٧ ـ في قرب الاسناد للحميري احمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن ابى نصر عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال ابو عبد الله ، وابو جعفر وعلى بن الحسين ، والحسين بن على والحسن بن على بن ابى طالب عليهم‌السلام : والله لو لا آية في كتاب الله لحدثناكم بما يكون الى ان تقوم الساعة : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

١٦٨ ـ في الخرائج والجرائح روى عن ابى حمزة الثمالي عن ابى اسحق السبيعي عن عمرو بن الحمق قال : دخلت على على عليه‌السلام حين ضرب الضربة بالكوفة ، فقلت : ليس عليك بأس انما هو خدش ، قال : لعمري انى لمفارقكم. ثم قال : الى السبعين بلاء ، قالها ثلثا ، قلت : فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم يجبني وأغمي عليه ، فبكت

__________________

(١) وفي البرهان «ابن ميثم بن أبى يحيى» ولم اظفر على ترجمة الرجل (على اختلاف النسخ) في كتب الرجال.

٥١٣

ـ أم كلثوم فلما أفاق قال : لا تؤذيني يا أم كلثوم فانك لن ترى ما ارى ان الملائكة من السموات السبع بعضهم خلف بعض والنبيون يقولون : يا على انطلق فما أمامك خير لك مما أنت فيه ، فقلت : يا أمير المؤمنين انك قلت الى السبعين بلاء فهل بعد السبعين رخاء؟ قال : نعم ، وان بعد البلاء رخاء (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ). قال ابو حمزة قلت لأبي جعفر : ان عليا قال : الى السبعين بلاء وقال بعد السبعين رخاء وقد مضت السبعون ولم نر رخاء؟ فقال ابو جعفر عليه‌السلام : ان الله قد كان وقت هذا الأمر في السبعين ، فلما قتل الحسين عليه‌السلام غضب الله على أهل الأرض فأخره الى الأربعين ومائة سنة ، فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم القناع فأخره الله ، ولا يجعل له بعد ذلك وقتا والله يمحو (ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) ، قال ابو حمزة : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : وكان ذلك؟ فقال : قد كان ذلك.

١٦٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى سماعة انه سمعه عليه‌السلام وهو يقول : ما رد الله العذاب عن قوم قد أظلهم الا قوم يونس ، فقلت : أكان قد أظلهم؟ فقال : نعم حتى نالوه بأكفهم ، قلت : فكيف كان ذلك؟ قال : كان في العلم المثبت عند الله عزوجل الذي لم يطلع عليه أحدا انه سيصرفه عنهم.

١٧٠ ـ في كتاب الخصال عن على عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : وبنا يمحو الله ما يشاء وبنا يثبت.

١٧١ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : ولو لا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن الى يوم القيمة ، وهي هذه الآية : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

١٧٢ ـ وباسناده الى اسحق بن عمار عمن سمعه عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال في قول الله عزوجل : (قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) لم يعنوا انه هكذا ، ولكنهم قالوا قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص ، وقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا

٥١٤

بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) ألم تسمع الله عزوجل يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

١٧٣ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع سليمان المروزي قال الرضا عليه‌السلام بعد كلام طويل لسليمان : ومن أين قلت ذلك وما الدليل على ان إرادته علمه وقد يعلم ما لا يريده أبدا وذلك قوله تعالى : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فهو يعلم كيف يذهب به ولا يذهب به أبدا؟ قال سليمان : لأنه قد فرغ من الأمر فليس يزيد فيه شيئا ، قال الرضا عليه‌السلام : هذا قول اليهود فكيف قال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؟ قال سليمان : أنما عنى بذلك انه قادر عليه ، قال : أفيعد بما لا يفي به؟ فكيف قال : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) وقال عزوجل : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) وقد فرغ من الأمر؟ فلم يحر جوابا (١).

وفي هذا المجلس أيضا قال الرضا عليه‌السلام : يا سليمان ان من الأمور أمورا موقوفة عند الله تعالى يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، يا سليمان ان عليا عليه‌السلام كان يقول : العلم علمان فعلم علمه الله ملائكته ورسله فانه يكون ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ورسله ، وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، يقدم منه ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء.

١٧٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان ليلة القدر نزلت الملائكة والروح والكتبة الى سماء الدنيا ، فكتبوا ما يكون من قضاء الله تبارك وتعالى في تلك الليلة ، فاذا أراد الله ان يقدم شيئا أو يؤخره أو ينقص شيئا أمر الملك أن يمحو ما يشاء ، ثم اثبت الذي أراد ، قلت : وكل شيء هو عند الله مثبت في كتاب؟ قال : نعم ، قلت : فأى شيء يكون بعده؟ قال : سبحان الله ، ثم يحدث الله أيضا ما يشاء. تبارك وتعالى.

__________________

(١) لم يحر جوابا اى لم يرد.

٥١٥

١٧٥ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحجال عن أبى اسحق ثعلبة عن زرارة بن أعين عن أحدهما عليهما‌السلام قال : ما عبد الله بشيء مثل البداء.

١٧٦ ـ وفي رواية ابن ابى عمير عن هشام بن سالم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ما عظم الله بمثل البداء : (١)

١٧٧ ـ على عن أبيه عن ابن أبى عمير عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ما بعث الله نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال : الإقرار له بالعبودية وخلع الأنداد ، وان الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء.

١٧٨ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال : سئل العالم عليه‌السلام : كيف علم الله؟ قال : علم وشاء وأراد وقدر وقضى وأمضى فامضى ما قضى وقضى ما قدر وقدر ما أراد ، فبعلمه كانت المشية ، وبمشيته كانت الارادة ، وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء وبقضائه كان الإمضاء ، والعلم متقدم المشية والمشية ثانية والارادة ثالثة ، والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء ، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد لتقدير الأشياء ، فاذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء فالعلم في المعلوم قبل كونه ، والمشية في المنشأ قبل عينه ، والارادة في المراد قبل قيامه ، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا ، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المعقولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذي لون وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من انس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له ، فاذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء والله يفعل ما يشاء.

١٧٩ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ما بدا لله في شيء الا كان في

__________________

(١) في هذا الحديث بيان للعلامة الأستاذ الطباطبائى دام ظله ذكره في ذيله في أصول الكافي ج ١ : ١٤٦ من الطبعة الحديثة فراجع.

٥١٦

علمه قبل أن يبدو له.

١٨٠ ـ عنه عن احمد عن الحسن بن على بن فضال عن داود بن فرقد عن عمر بن عثمان الجهني عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله لم يبدو له من جهل.

١٨١ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال : لا من قال هذا فأخزاه الله ، قال : قلت أرأيت ما كان وما هو كائن الى يوم القيمة أليس في علم الله؟ قال : بلى قبل ان يخلق الخلق.

١٨٢ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن محمد بن عمر الكوفي أخى يحيى عن مرازم بن حكيم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما تنبأ نبي قط حتى يقر الله بخمس : بالبداء والمشية والسجود والعبودية والطاعة.

١٨٣ ـ وبهذا الاسناد عن احمد بن محمد عن جعفر بن محمد عن يونس عن جهم ابن ابى جهم عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل أخبر محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بما كان منذ كانت الدنيا ، وبما يكون الى انقضاء الدنيا ، وأخبره بالمحتوم من ذلك واستثنى عليه فيما سواه.

١٨٤ ـ في مجمع البيان وروى عمران بن حصين (١) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : هما كتابان كتاب سوى أم الكتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت ، وأم الكتاب لا يغير منه.

١٨٥ ـ وروى محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن ليلة القدر؟ فقال : ينزل الله فيها الملائكة والكتبة الى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون من امر السنة وما يصيب العباد ، وامر عنده (٢) موقوف له فيه المشية ، فيقدم منه ما يشاء ويؤخر ما شاء ويمحو (وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

١٨٦ ـ وروى زرارة عن حمران عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : هما أمران موقوف ومحتوم ،

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفي بعض النسخ «عمر بن حفص» مكان «عمران بن حصين».

(٢) وفي المصدر «وأمر ما عنده».

٥١٧

فما كان من محتوم أمضاه. وما كان من موقوف فله فيه المشية يقضى فيه ما يشاء.

١٨٧ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى أحمد بن اسحق بن سعد عن عبد الله بن ميمون عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال الفضل بن العباس : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا سألت فاسئل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله عزوجل ، قد مضى العلم بما هو كائن ، فلو جهد الناس ان ينفعوك بأمر لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه ، ولو جهدوا ان يضروك بأمر لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه.

١٨٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى يحيى بن ابى العلاء الرازي عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول عليه‌السلام في آخره وقد سئل عن قوله عزوجل : (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) واما «ن» فكان نهرا في الجنة أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل قال الله عزوجل : كن مدادا فكان مدادا ثم أخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال : واليد القوة وليس حيث تذهب اليه المشبهة ، ثم قال لها : كوني قلما ، ثم قال له : اكتب فقال له : يا رب وما اكتب؟ قال : ما هو كائن الى يوم القيمة ففعل ذلك ، ثم ختم عليه وقال لا تنطقن الى يوم الوقت المعلوم.

١٨٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : واما «ن» فهو نهر في الجنة قال الله عزوجل اجمد فجمد ، فصار مدادا ، ثم قال عزوجل للقلم : اكتب فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن الى يوم القيمة.

١٩٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن عبد الرحيم القصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن : (ن وَالْقَلَمِ) قال : ان الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد ، ثم قال لنهر في الجنة : كن مدادا فجمد النهر وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد ، ثم قال للقلم : اكتب ، قال : يا رب ما اكتب؟ قال : اكتب ما كان وما هو كائن الى يوم القيمة فكتب القلم في رق (١) أشد بياضا من الفضة وأصفي

__________________

(١) الرق ـ بالفتح ـ الصحيفة البيضاء.

٥١٨

من الياقوت ، ثم طواه فجعله في ركن العرش ، ثم ختم على فم القلم فلم ينطق بعد ولا ينطق أبدا ، فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها ، أو لستم عربا فكيف لا تعرفون معنى الكلام وأحدكم يقول لصاحبه : انسخ ذلك الكتاب؟ أوليس انما ينسخ من كتاب آخر من الأصل وهو قوله : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

١٩١ ـ حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن هشام عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب فكتب ما كان وما هو كائن الى يوم القيمة.

١٩٢ ـ في مجمع البيان قيل : «ن» هو نهر في الجنة قال الله له كن مدادا فجمد وكان أبيض من اللبن وأحلى من الشهد ، ثم قال للقلم : اكتب فكتب القلم ما كان وما هو كائن الى يوم القيمة عن أبى جعفر عليه‌السلام.

١٩٣ ـ في تفسير العياشي عن الفضيل بن يسار عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله كتب كتابا فيه ما كان وما هو كائن فوضعه بين يديه ، فما شاء منه قدم وما شاء منه أخر وما شاء منه محى ، وما شاء منه اثبت ، وما شاء منه كان وما لم يشأ منه لم يكن.

١٩٤ ـ في أصول الكافي محمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : العلم علمان : فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، وعلم علمه ملائكته ورسوله ، فما علمه ملائكته ورسله فانه سيكون لا يكذب نفسه وملائكته ولا رسله ، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويثبت ما يشاء.

١٩٥ ـ وبهذا الاسناد عن حماد عن ربعي عن الفضيل قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء ويؤخر منها ما يشاء.

١٩٦ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبى عمير عن جعفر ابن عثمان عن سماعة عن أبى بصير ووهب بن حفص عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان لله علمين : علم مكنون مخزون لا يعلمه الا هو ، من ذلك يكون البداء ، وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبيائه فنحن نعلمه.

٥١٩

١٩٧ ـ في كتاب التوحيد في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع سليمان المروزي قال الرضا عليه‌السلام : لقد أخبرنى أبى عن آبائه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله عزوجل أوحى الى نبي من أنبيائه ان أخبر فلان الملك انى متوفيه الى كذا وكذا ، فأتاه ذلك النبي فأخبره ، فدعى الله الملك وهو على سريره ، حتى سقط من السرير ، فقال : يا رب أجلنى حتى يشب طفلي وأقضى أمرى ، فأوحى الله عزوجل الى ذلك النبي : ان ائت فلان الملك فأعلمه انى قد أنسيت في أجله وزدت في عمره خمس عشرة سنة ، فقال ذلك النبي : يا رب انك لتعلم انى لم أكذب قط! فأوحى الله عزوجل اليه : انما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك والله لا يسئل عما يفعل.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : تأمل في هذا الحديث وما يحذو حذوه من الأحاديث السابقة وفيما سلف عن من لا يحضره الفقيه من قوله عليه‌السلام : فقد مضى القلم بما هو كائن وما شابهه

، والجمع بينهما وبين غيرها من الاخبار ، وعليك بامعان النظر في هذا المقام فانه من مزال الاقدام وبالله الاعتصام.

١٩٨ ـ في مجمع البيان قيل في المحو والإثبات أقوال الى قوله : «السابع»

انه يمحو ما يشاء من القرون ويثبت ما يشاء منها ، كقوله : (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) وقوله : (كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) روى ذلك عن على عليه‌السلام.

١٩٩ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن على عمن ذكره عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : كان على بن الحسين يقول : انه يسخى نفسي (١) في سرعة الموت والقتل فينا قول الله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) وهو ذهاب العلماء.

٢٠٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل عن قول الله عزوجل : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) فقال : فقد العلماء.

٢٠١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث

__________________

(١) قال الفيض (ره) : يعنى مفاد هذه الاية يجعل نفسي سخية في سرعة الموت أو القتل فينا أهل البيت فتجود نفسي بهذه الحياة اشتياقا الى لقاء الله تعالى.

٥٢٠