تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

١١٩ ـ وروى ان جبرئيل عليه‌السلام أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلمه الرقية «بسم الله أرقيك من كل عين حاسد الله يشفيك».

١٢٠ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : لو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين

١٢١ ـ وقد روى عنه عليه‌السلام ما يدل على ان الشيء إذا عظم في صدور العباد وضع الله قدره وصغره.

١٢٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن القداح عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين رقا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حسنا وحسينا فقال : أعيذكما بكلمات الله التامة ومن شر كل عين لامة ، و (مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) ، ثم التفت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلينا فقال : هكذا يعوذ إبراهيم اسمعيل واسحق عليهم‌السلام.

١٢٣ ـ في تفسير العياشي عن على بن مهزيار عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : وقد كان هيأ لهم طعاما فلما دخلوا اليه قال : ليجلس كل بنى أم على مائدة قال فجلسوا وبقي ابن يامين قائما فقال له يوسف : مالك لا تجلس؟ قال له : انك قلت ليجلس كل بنى أم على مائدة وليس لي فيهم ابن أم فقال يوسف أما كان لك ابن أم؟ قال له ابن يامين : بلى ، قال يوسف : فما فعل قال زعم هؤلاء ان الذئب أكله ، قال : فما بلغ من حزنك عليه؟ قال : ولد لي أحد عشر ابنا كلهم اشتققت له اسما من اسمه ، فقال له يوسف عليه‌السلام : أراك قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده؟ قال له ابن يامين : ان لي أبا صالحا وانه قال تزوج لعل الله أن يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح ، فقال له : تعال فاجلس معى على مائدتى فقال اخوة يوسف : لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى ان الملك قد أجلسه معه على مائدته

١٢٤ ـ عن أبان الأحمر عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما دخل اخوة يوسف عليه وقد جاؤا بأخيهم معهم وضع لهم الموائد ثم قال : يمتار كل واحد منكم مع أخيه لامه على الخوان ، فجلسوا وبقي اخوه قائما ، فقال : مالك لا تجلس مع إخوتك؟ قال ليس لي فيهم أخ من أمي ، قال : فلك أخ من أمك زعم هؤلاء ان الذئب أكله؟ قال نعم ، قال : فاقعدوا كل معى ، قال : فترك اخوته الاكل وقالوا : انا نريد أمرا ويأبى الله الا أن يرفع ولد يامين علينا ، قال : ثم حين فرغوا من جهازهم امر أن يضع

٤٤١

الصاع (فِي رَحْلِ أَخِيهِ) ، فلما فعلوا نادى مناد : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال : فرجعوا فقالوا (ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) الى قوله : (جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) يعنون السنة التي تجري فيهم ان يحبسه (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ) فقالوا (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) قال الحسن بن على الوشاء فسمعت الرضا عليه‌السلام يقول يعنون المنطقة (١).

١٢٥ ـ عن أبى حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «صواع» قال : كان قدحا من ذهب وقال : كان صواع يوسف إذ كيل به قال : لعن الله أن تخونوا به بصوت حسن (٢).

١٢٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم فخرجوا وخرج معهم ابن يامين فكان لا يواكلهم ولا يجالسهم ولا يكلمهم ، فلما وافوا مصر ودخلوا على يوسف عليه‌السلام وسلموا فنظر يوسف الى أخيه فعرفه فجلس منهم بالعبد ، فقال يوسف عليه‌السلام أنت أخوهم؟ قال : نعم ، قال : فلم لا تجلس معهم؟ قال : لأنهم اخرجوا أخي من أمي وأبى ثم رجعوا ولم يردوه وزعموا ان الذئب اكله فآليت على نفسي ان لا اجتمع معهم على امر ما دمت حيا قال ، فهل تزوجت؟ قال : بلى قال : فهل ولد لك ولد؟ قال : بلى ، قال : كم ولد لك؟ قال : ثلث بنين ، قال : فما سميتهم؟ قال : سميت واحدا منهم الذئب وواحدا القميص وواحدا الدم ، قال : وكيف اخترت هذه الأسماء؟ قال : لئلا انسى أخي كلما دعوت واحدا من ولدي ذكرت أخي ، قال لهم يوسف : اخرجوا وحبس ابن يامين ، فلما خرجوا من عنده قال يوسف لأخيه : (أَنَا أَخُوكَ) يوسف فلا (تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ، ثم قال له أحب ان تكون عندي ، فقال : لا يدعني إخوتي فان أبى

__________________

(١) المنطقة : ما يشد به الوسط ويقال له بالفارسية : «كمر بند».

(٢) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا : عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : صواع الملك طاس الذي يشرب فيه. وعن محمد بن أبى حمزة عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قوله : «صواع الملك» قال : «كان قدحا ... اه» وفي آخره : لعن الله الخوان لا تخونوا به بصوت حسن.

٤٤٢

قد أخذ عليهم عهد الله وميثاقه ان يردوني اليه ، قال : فانا احتال بحيلة فلا تنكر إذا رأيت شيئا ولا تخبرهم ، فقال : لا ، فلما جهزهم بجهازهم وأعطاهم وأحسن إليهم قال لبعض قوامه : اجعلوا هذا الصاع في رحل هذا وكان الصاع الذي يكيلون به من ذهب ، فجعلوه في رحله من حيث لم يقف عليه اخوته ، فلما ارتحلوا بعث إليهم يوسف وحبسهم ثم امر مناديا ينادى : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) فقال اخوة يوسف : (ما ذا تَفْقِدُونَ* قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) اى كفيل فقال اخوة يوسف ليوسف عليه‌السلام : (تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ) * قال» يوسف عليه‌السلام (فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ* قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ) فاحبسه (فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ* فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ) فتشبثوا بأخيه وأجلسوه وهو قول الله عزوجل : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) اى احتلنا له (كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ) عليهم فسئل الصادق عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال : ما سرقوا وما كذب يوسف فانما عنى سرقتم يوسف من أبيه.

١٢٧ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن عثمان ابن عيسى عن سماعة عن ابى بصير قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : التقية من دين الله ، قلت من دين الله؟ قال : اى والله من دين الله ولقد قال يوسف : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) والله ما كانوا سرقوا شيئا ولقد قال إبراهيم : (إِنِّي سَقِيمٌ) والله ما كان سقيما.

١٢٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن حماد بن عثمان عن الحسن الصيقل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : انا قد روينا عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول يوسف : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) فقال : والله ما سرقوا وما كذب وقال إبراهيم : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فقال : والله ما فعلوا وما كذب قال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما عندكم فيها يا صيقل؟ قلت : ما عندنا فيها الا التسليم قال فقال ان الله أحب اثنين وأبغض اثنين : أحب الخطر (١) فيما بين الصفين وأحب الكذب

__________________

(١) الخطر : التبختر في المشي.

٤٤٣

في الإصلاح ، وأبغض الخطر في الطرقات وأبغض الكذب في غير الإصلاح ان إبراهيم عليه‌السلام انما قال : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) ارادة الإصلاح ، ودلالة على انهم لا يفعلون وقال يوسف عليه‌السلام ارادة الإصلاح.

١٢٩ ـ ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن ثعلبة عن معمر بن عمرو عن عطا بن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا كذب على مصلح ثم تلا : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) ثم قال : والله ما سرقوا وما كذب ، ثم تلا (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ثم قال : والله ما فعلوه وما كذب.

١٣٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبى يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : الكلام ثلثة : صدق وكذب وإصلاح بين الناس.

١٣١ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن أبى منصور عن أبى بصير قال : قيل لأبي جعفر عليه‌السلام وانا عنده : ان سالم بن أبى حفصة وأصحابه يروون عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج ، فقال : ما يريد سالم منى؟ أيريد ان أجيء بالملائكة والله ما جاءت بهذا النبيون ، ولقد قال يوسف عليه‌السلام : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) والله ما كانوا سارقين وما كذب.

١٣٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابى بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لا خير فيمن لا تقية له ، ولقد قال يوسف : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) وما سرقوا.

١٣٣ ـ وباسناده الى هشام بن الحكم عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول يوسف : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال : ما سرقوا وما كذب.

١٣٤ ـ وباسناده الى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل في يوسف : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال : انهم سرقوا يوسف من أبيه الا ترى انه قال لهم حين قالوا : (ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) ولم يقولوا سرقتم صواع الملك ، انما عنى انكم سرقتم يوسف من أبيه.

١٣٥ ـ في الخرائج والجرائح وروى سعيد بن عبد الله عن محمد بن الحسن

٤٤٤

ابن ميمون عن داود بن قاسم الجعفري قال : سئل ابو محمد عليه‌السلام عن قوله تعالى (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) والسائل رجل من قم وأنا حاضر فقال عليه‌السلام : ما سرق يوسف انما كان ليعقوب منطقة ورثها من إبراهيم عليه‌السلام وكانت تلك المنطقة لا يسرقها أحد الا استعبد ، فكان إذا سرقها إنسان نزل جبرئيل عليه‌السلام فأخبره بذلك ، فأخذت منه وصار عبدا ، وان المنطقة كانت عند سارة بنت اسحق بن إبراهيم وكانت سمية امه ، وان سارة أحبت يوسف وأرادت ان تتخذه ولدا لها ، وانها أخذت المنطقة فربطتها في وسطه ثم سدلت عليه سرباله وقالت ليعقوب : ان المنطقة سرقت فأتاه جبرئيل فقال : يا يعقوب ان المنطقة مع يوسف ولم يخبره بخبر ما صنعت سارة لما أراد الله ، فقام يعقوب الى يوسف ففتشه وهو يومئذ غلام يافع (١) واستخرج المنطقة فقالت سارة بنت اسحق : متى سرقها يوسف فانا أحق به فقال لها يعقوب : فانه عبدك على ان لا تبيعيه ولا تهيبيه ، قالت : فانا أقبله على أن لا تأخذه منى وأعتقه الساعة فأعطاها إياه فأعتقته ، ولذلك قال اخوة يوسف : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) قال ابو هاشم : فجعلت اخيل هذا في نفسي أفكر وأتعجب من هذا الأمر مع قرب يعقوب من يوسف وحزن يعقوب عليه حتى (ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) والمسافة قريبة ، فأقبل على ابو محمد عليه‌السلام فقال يا با هاشم تعوذ بالله مما جرى في نفسك من ذلك ، فان الله لو شاء يرفع الساتر من الأعلى ما بين يعقوب ويوسف حتى كان يراه لفعل ، ولكن له أجل هو بالغه ومعلوم ينتهى اليه ما كان من ذلك فالخيار من الله لأوليائه.

١٣٦ ـ في تفسير العياشي عن العباس بن هلال قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول : ان يوسف النبي قال له السبحان : انى لأحبك ، فقال له يوسف : لا تقل هكذا فان عمتي أحبتنى فسرقتنى ، وان ابى أحبنى فحسدني إخوتي فباعونى ، وان امرأة العزيز أحبتني فسجنت.

١٣٧ ـ عن اسمعيل بن همام قال : قال الرضا عليه‌السلام في قول الله : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ) قال : كانت لإسحاق النبي

__________________

(١) يفع الغلام : ناهز البلوغ.

٤٤٥

منطقة يتوارثها الأنبياء والأكابر ، وكانت عند عمة يوسف ، وكان يوسف عندها وكانت تحبه ، فبعث إليها أبوه أن ابعثيه الى وأرده إليك ، فبعثت اليه أن دعه عندي الليلة أشمه ، ثم أرسله إليك غدوة ، فلما أصبحت أخذت المنطقة فربطته في حقوه (١) وألبسته قميصا وبعثت به اليه ، وقالت : سرقت المنطقة ، فوجدت عليه وكان إذا سرق أحد في ذلك الزمان دفع الى صاحب السرقة ، فأخذته فكان عندها.

١٣٨ ـ في عيون الاخبار باسناده الى اسمعيل بن همام عن الرضا عليه‌السلام نحوه حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضى الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه عن عبيد الله بن محمد بن خالد قال : حدثنا الحسن بن على الوشاء قال سمعت على بن موسى الرضا عليه‌السلام يقول : كانت الحكومة في بنى إسرائيل إذا سرق أحد شيئا استرق به وكان يوسف عند عمته وهو صغير وكانت تحبه وكانت لإسحاق منطقة ألبسها إياه يعقوب ، فكانت عند ابنته : وان يعقوب طلب يوسف يأخذه من عمته فاغتمت لذلك وقالت : دعه حتى أرسله إليك ، فارسلته وأخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت الثياب ، فلما أتى يوسف أباه جاءت فقالت : سرقت المنطقة ففتشته فوجدتها في وسطه ، فلذلك قال اخوة يوسف حيث جعل الصاع في وعاء أخيه فقال لهم يوسف : «ما جزاؤ من وجد في رحله قالوا هو جزاؤه» كما جرت السنة التي تجري فيهم (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ) ولذلك قال اخوة يوسف : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) يعنون المنطقة (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ).

١٣٩ ـ في تفسير العياشي عن الحسن بن أبى العلا عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ذكر بنى يعقوب قال : كانوا إذا غضبوا اشتد غضبهم حتى تقطر جلودهم دما اصفر وهم يقولون : (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ) يعنى جزاؤه فأخذ الذي وجد الصاع عنده.

١٤٠ ـ عن ابى بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ان فعلت وقد سبق بتمامه.

١٤١ ـ في كتاب علل الشرائع : ابى رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله

__________________

(١) الحقو : معقد الإزار ويسمى بالخصر.

٤٤٦

عن محمد بن احمد السياري قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي قال : حدثني حنان بن سدير عن أبيه عن أبى اسحق الليثي قال : قلت لأبي جعفر محمد بن على الباقر عليه‌السلام : يا ابن رسول الله انى لأجد من شيعتكم من يشرب الخمر ، ويقطع الطريق ، ويخيف السبيل ، ويزني ويلوط ويأكل الربا ، ويرتكب الفواحش ، ويتهاون بالصلوة والصيام والزكاة ، ويقطع الرحم ويأتى الكبائر ، فكيف هذا ولم ذلك؟ فقال يا إبراهيم : هل يختلج في صدرك شيء غير هذا؟ قلت : نعم يا بن رسول الله أخرى أعظم من ذلك فقال : وما هو يا أبا اسحق؟ قال : فقلت : يا ابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومن ناصبيكم من يكثر من الصلوة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة ، ويحض على الجهاد ويأثر على البر وعلى صلة الأرحام ، ويقضى حقوق إخوانه ، ويواسيهم من ماله ، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وساير الفواحش مم ذلك ولم ذاك؟ وفسره لي يا ابن رسول الله وبرهنه وبينه فقد والله كثر فكرى وأسهر ليلى وضاق ذرعي. قال : فتبسم صلوات الله عليه ثم قال : يا إبراهيم خذ إليك بيانا شافيا فيما سألت ، وعلما مكنونا من خزائن علم الله وسره ، أخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما؟ قلت : يا ابن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من أفعالهم لو أعطى أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة ان يزول عن ولايتكم لما فعل ولا عن محبتكم الى موالاة غير كم والى محبتهم ما زال ولو ضربت خياشيمه (١) بالسيوف فيكم ولو قتل فيكم ما ارتدع ولا رجع عن محبتكم وولايتكم ، وارى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطى أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن محبته للطواغيت وموالاتهم الى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم ، ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع ، وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه ، ورأى كراهية ذلك في وجهه وبغضا لكم ومحبة لهم ، قال فتبسم الباقر عليه‌السلام ثم قال : يا إبراهيم هاهنا هلكت العاملة

__________________

(١) خياشيم جمع الخيشوم : أقصى الأنف ، وفي بعض النسخ «خواشيمه» والظاهر تصحيفه.

٤٤٧

الناصبة (تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) ومن ذلك قال عزوجل : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) ويحك يا إبراهيم أتدري ما السبب والقصة في ذلك وما الذي قد خفي على الناس منه؟ قلت : يا ابن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه. قال : يا إبراهيم ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شيء ، ومن زعم ان الله عزوجل خلق الأشياء من شيء فقد كفر ، لأنه لو كان ذلك الشيء الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويته كان ذلك الشيء أزليا ، بل خلق عزوجل الأشياء كلها لا من شيء ، ومما خلق الله عزوجل أرضا طيبة ثم فجر منها ماء عذبا زلالا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ثم نضب ذلك الماء عنها (١) فأخذ من صفوة ذلك الطين طينا فجعله طين الائمة عليهم‌السلام ثم أخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا ولو ترك طينتكم يا إبراهيم كما ترك طينتنا لكنتم ونحن شيئا واحدا قلت : يا ابن رسول الله فما فعل بطينتنا؟ قال : أخبرك يا إبراهيم خلق الله عزوجل بعد ذلك أرضا سبخة خبيثة منتنة [ثم] فجر منها ماءا أجاجا آسنا (٢) مالحا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ثم نضب ذلك الماء عنها ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأممهم (٣) ثم مزجه بثفل طينتكم ولو ترك طينتهم على حاله ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا أمانة ، ولا أشبهوكم في الصور ، وليس شيء على المؤمن (٤) أن يرى صورة عدوه مثل صورته ، قلت : يا ابن رسول الله فما صنع بالطينتين؟ قال : مزج بينهما بالماء الاول والماء الثاني ، ثم عركهما عرك الأديم (٥)

__________________

(١) نضب الماء : غار.

(٢) الاسن : المتغير الطعم.

(٣) وفي المصدر «وأئمتهم». ويمكن تصحيح المعنى على كلتا النسختين.

(٤) وفي المصدر «وليس شيء أكبر على المؤمن ... اه».

(٥) عرك الأديم : دلكه ، والأديم : الجلد المدبوغ.

٤٤٨

ثم أخذ من ذلك قبضة فقال : هذه الى الجنة ولا أبالي ، وأخذ قبضة اخرى وقال : هذه الى النار ولا أبالى ، ثم خلط بينهما فوقع من سنخ المؤمن (١) وطينته على سنخ الكافر وطينته ، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته ، فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلوة أو صيام أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد خرج فيه ، لان من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكباير ، وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلوة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبو أب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه ، لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم ، فاذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عزوجل قال : انا الله عدل لا أجور ، ومنصف لا أظلم ، وحكم لا احيف ولا أميل ولا اشطط (٢) ألحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته ، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ردوها كلها الى أصلها ، فانى (أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) عالم السر واخفي وانا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف ولا أظلم ولا الزم أحدا الا ما عرفته من قبل ان أخلقه.

ثم قال الباقر عليه‌السلام يا إبراهيم اقرأ هذه الآية ، قلت : يا ابن رسول الله آية آية؟ قال : قوله تعالى : (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) هو في الظاهر ما تفهمونه ، هو والله في الباطن هذا بعينه ، يا إبراهيم ان للقرآن ظاهرا وباطنا ومحكما ومتشابها وناسخا ومنسوخا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (٣)

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وللبحار في باب الطينة والميثاق ولما رواه الفيض (ره) في الوافي عن بعض مشايخه (قده) في باب الطينة لكن في الأصل «شبح» بدل «سنخ» في المواضع. والسنخ بمعنى الأصل.

(٢) الحيف : الجور والظلم. ومال الحاكم في حكمه : جار وظلم. وشطط الرجل : أفرط وتباعد عن الحق.

(٣) هذا الحديث من الأحاديث المشكلة وللمجلسي وكذا الفيض قدس‌سرهما الشريف بيان فيه فليراجع.

٤٤٩

١٤٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم فلما اجتمعوا الى يوسف وجلودهم تقطر دما أصفر وكانوا يجادلونه في حبسه ، وكان ولد يعقوب إذا غضبوا خرج من ثيابهم شعر ويقطر من رؤسهم (١) دم اصفروهم يقولون : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فأطلق عن هذا ، فلما راى يوسف ذلك (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) ولم يقل الا من سرق متاعنا (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ) وأرادوا الانصراف الى أبيهم قال لهم لاوى بن يعقوب : (أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) في هذا (وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) فارجعوا أنتم الى أبيكم فأما انا فلا أرجع اليه (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ).

١٤٣ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما استيأس اخوة يوسف من أخيهم قال لهم يهودا وكان أكبرهم : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) قال : ورجع الى يوسف يكلمه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا وكان إذا غضب يهودا قامت شعرة في كتفه وخرج منها الدم ، قال : وكان بين يدي يوسف ابن له صغير معه رمانة من ذهب ، وكان الصبى يلعب بها قال : فأخذها يوسف من الصبى فدحرجها نحو يهودا ، قال : وحبا الصبى (٢) ليأخذها فمس يهودا فسكن يهودا ، ثم عاد الى يوسف فكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا وقامت الشعرة وسال منها الدم ، فأخذ يوسف الرمانة من الصبى فدحرجها نحو يهودا وحبا الصبى نحو يهودا فسكن يهودا ، فقال يهودا : ان في البيت معنا لبعض ولد يعقوب قال : فعند ذلك قال لهم يوسف : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ)

١٤٤ ـ وفي رواية هشام بن سالم عنه قال : لما أخذ يوسف أخاه اجتمع عليه إخوته فقالوا له : (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ) وجلودهم تقطر دما اصفروهم يقولون : خذا حدنا

__________________

(١) كذا في النسخ والمصدر لكن في المنقول عنه في البحار «ورؤسها» هو الظاهر.

(٢) اى دنا.

٤٥٠

مكانه ، قال : فلما ان ابى عليهم واخرجوا من عنده قال لهم يهودا : «قد علمتم ما فعلتم بيوسف (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) قال : فرجعوا الى أبيهم وتخلف يهودا ، قال : فدخل على يوسف يكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينه وبينه وغضب ، وكان على كتفه شعرة إذا غضب قامت الشعرة فلا تزال تقذف بالدم حتى يمسه بعض ولد يعقوب ، قال : فكان بين يدي يوسف ابن له صغير في يده رمانة من ذهب يلعب بها ، فلما رآه يوسف قد غضب وقامت الشعرة تقذف بالدم أخذ الرمانة من يد الصبى ثم دحرجها نحو يهودا واتبعها الصبى ليأخذها فوقعت يده على يهودا قال : فذهب غضبه ، قال : فارتاب يهودا ورجع الصبى بالرمانة الى يوسف ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب وقامت الشعرة فجعلت تقذف بالدم ، فلما راى يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا واتبعها الصبى ليأخذها فوقعت يده على يهودا فسكن غضبه ، قال : فقال يهودا : ان في البيت لمن ولد يعقوب حتى صنع ذلك ثلاث مرات.

١٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال : فرجع إخوة يوسف الى أبيهم وتخلف يهودا فدخل على يوسف فكلمه حتى ارتفع الكلام بينه وبينه ، وذكر مثل ما نقلنا عن تفسير العياشي الى قوله ثلاث مرات.

١٤٦ ـ وباسناده الى على بن محمد الهادي عليه‌السلام حديث طويل وفيه فنزل جبرئيل عليه‌السلام فقال له : يا يوسف اخرج يدك فأخرجها ، فخرج من بين أصابعه نور فقال يوسف : ما هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذه النبوة أخرجها الله من صلبك لأنك لم تقم لأبيك فحط الله نوره ومحى النبوة من صلبه ، وجعلها في ولد لاوى أخي يوسف ، وذلك لأنهم لما أرادوا قتل يوسف قال : (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ) فشكره الله على ذلك ولما أرادوا ان يرجعوا الى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف أخاه قال : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) فشكر الله له ذلك فكان أنبياء بنى إسرائيل من ولد لاوى ، وكان موسى من ولده وهو موسى بن عمران ابن يهصر بن واهث بن لاوى بن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم ، وستقف على الحديث

٤٥١

بتمامه إنشاء الله تعالى عن قريب.

١٤٧ ـ في أمالي شيخ الطائفة : قدس‌سره بالإسناد في قوله عزوجل في قول يعقوب «فصبر جميل» قال : بلا شكوى.

١٤٨ ـ في تفسير العياشي عن جابر قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : يرحمك الله ما الصبر الجميل؟ قال : فذلك صبر ليس فيه شكوى الى الناس.

١٤٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وسئل ابو عبد الله عليه‌السلام : ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال : حزن سبعين ثكلى على أولادها ، وقال : ان يعقوب لم يعرف الاسترجاع فمنها قال : وا أسفا على يوسف.

١٥٠ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال له بعض أصحابنا : ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال : حزن سبعين ثكلى حراء.

١٥١ ـ وبهذا الاسناد عنه قال : قيل له : كيف يحزن يعقوب على يوسف وقد أخبره جبرئيل انه لم يمت وانه سيرجع اليه؟ فقال : انه نسي ذلك.

١٥٢ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليه‌السلام قال : كان على بن الحسين عليهما‌السلام يصلى في اليوم والليلة الف ركعة الى ان قال : ولقد بكى على أبيه الحسين عشرين سنة ما وضع بين يديه طعام الا بكى ، حتى قال له مولى له : يا ابن رسول الله اما آن لحزنك ان ينقضي؟ فقال له : ويحك ان يعقوب النبي عليه‌السلام كان له اثنا عشر ابنا فغيب الله عنه واحدا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه ، واحدودب ظهره (١) الغم ، وكان ابنه حيا في الدنيا ، وانا نظرت الى أبى وأخى وعمى وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟

١٥٣ ـ عن محمد بن سهل النجراني يرفعه الى أبى عبد الله عليه‌السلام قال : البكاؤن خمسة آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى بن الحسين عليه‌السلام ، فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الاودية ، واما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره حتى قيل له :

__________________

(١) حدب واحدودب اى خرج ظهره ودخل صدره وبطنه.

٤٥٢

(تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ).

١٥٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين : فان يعقوب قد صبر على فراق ولده حتى كاد يحرض من الحزن؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك وقد كان حزن يعقوب حزنا بعده تلاق ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قبض ولده إبراهيم قرة عينه في حيوة منه وخصه بالاختيار ليعظم له الادخار ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : تحزن النفس ويجزع القلب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ، ولا نقول ما يسخط الرب في كل ذلك يؤثر الرضا عن الله عزوجل والاستسلام له في جميع الفعال.

١٥٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم ان يوسف عليه‌السلام دعا وهو في السجن فقال : اسألك بحق آبائي عليك وأجدادي الا فرجت عنى فأوحى الله اليه : يا يوسف وأى حق لآبائك وأجدادك على؟ الى قوله عزوجل : وان كان يعقوب وهبت له اثنى عشر ولدا فغيبت عنه واحدا فما زال يبكى حتى ذهب بصره وقعد على الطريق يشكوني الى خلقي ، وقد تقدم بتمامه.

١٥٦ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : المحزون غير المتفكر لان المتفكر متكلف والمحزون مطبوع والحزن يبدأ من الباطن والفكر يبدأ من رؤية المحدثات وبينهما فرق ، قال الله عزوجل في قصة يعقوب عليه‌السلام : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) بسبب ما تحت الحزن بعلم مخصوص به من الله دون العالمين. (١)

١٥٧ ـ في تفسير العياشي الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) منصوبة.

١٥٨ ـ عن إسماعيل بن جابر عن ابى عبد الله عليه‌السلام ان يعقوب أتى ملكا يسئله الحاجة فقال له الملك : أنت إبراهيم؟ قال : لا ، قال : وأنت اسحق بن إبراهيم؟

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر هكذا : «فبسبب ما تحت الحزن علم خص به من الله دون العالمين.

٤٥٣

قال : لا ، قال : فمن أنت قال : [أنا] يعقوب بن اسحق قال : فلما بلغ ما ارى بك مع حداثة السن؟ قال : الحزن على يوسف ، قال : لقد بلغ بك الحزن يا يعقوب كل مبلغ فقال : انا معشر الأنبياء أسرع شيء البلاء إلينا ثم الأمثل فالأمثل من الناس ، فقضى حاجته فلما جاوز صغير بابه هبط اليه جبرئيل فقال : يا يعقوب ربك يقرئك السلام ويقول لك : شكوتني الى الناس؟ فعفر وجهه في التراب (١) وقال : يا رب زلة أقلنيها فلا أعود بعد هذا أبدا ، ثم عاد اليه جبرئيل فقال له : يا يعقوب ارفع رأسك ربك يقرئك السلام ويقول لك : قد أقلتك فلا تعود تشكوني الى خلقي ، فما رأى ناطقا بكلمة مما كان فيه حتى حصل بنوه (٢) فضرب وجهه الى الحائط وقال : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)

١٥٩ ـ وفي حديث آخر عنه جاء يعقوب الى نمرود في حاجة ، فلما رآه وثب عليه وكان أشبه الناس بإبراهيم ، فقال له : أنت إبراهيم خليل الرحمان؟ قال : لا ، الحديث.

١٦٠ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى ابن معاوية الأشتر قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من شكى الى مؤمن فقد شكى الى الله عزوجل.

١٦١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه.

١٦٢ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه.

١٦٣ ـ في مجمع البيان (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) وروى عن النبي ان جبرئيل أتاه فقال : يا يعقوب ان الله يقرء عليك السلام ويقول : أبشر وليفرح قلبك فو عزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك اصنع طعاما للمساكين ، فان أحب عبادي الى المساكين أو تدري لم أذهبت بصرك وقوست ظهرك؟ لأنكم ذبحتم شاة وأتاكم فلان المسكين وهو صائم فلم تطعموه شيئا ، فكان يعقوب بعد ذلك إذا أراد الغداء أمر

__________________

(١) اى دلكه ومرغه ودسه فيه.

(٢) وفي المصدر «حتى أتاه بنوه».

٤٥٤

مناديا فنادى : الا من أراد الغداء من المساكين فليتغد مع يعقوب ، وإذا كان صائما امر مناديا ينادى : من كان صائما فليفطر مع يعقوب ، رواه الحاكم ابو عبد الله في صحيحة.

١٦٤ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم عن اسحق بن عمار عن الكاهلي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان يعقوب عليه‌السلام لما ذهب منه بنيامين نادى : يا رب أما ترحمني أذهبت عيني وأذهبت إبني؟ فأوحى الله تبارك وتعالى : لو أمتهما لأحييتهما لك حتى اجمع بينك وبينهما ، ولكن تذكر الشاة التي ذبحتها وشويتها وأكلت وفلان وفلان الى جانبك صائم لم تنله منها شيئا؟.

١٦٥ ـ وفي رواية اخرى قال : فكان بعد ذلك يعقوب عليه‌السلام ينادى مناديه كل غداة من منزله على فرسخ : الا من أراد الغداء فليأت الى يعقوب وإذا امسى نادى : الا من أراد العشاء فليأت الى يعقوب.

١٦٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة وقال الصادق عليه‌السلام : ان يعقوب قال لملك الموت : أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ قال : بل متفرقة ، قال : فهل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الأرواح؟ فقال : لا فعند ذلك قال لبنيه : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ).

١٦٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى حنان بن سدير عن أبيه قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أخبرني عن يعقوب حين قال لولده : (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) أكان علم انه حي وقد فارقه من عشرين سنة وذهبت (عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ)؟ قال نعم علم انه حي ، قلت : وكيف علم؟ قال ، انه دعا في السحر ان يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه تريال وهو ملك الموت فقال له تريال : ما حاجتك يا يعقوب؟ قال أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ فقال : بل متفرقة روحا روحا قال : فمر بك روح يوسف؟ قال : لا فعند ذلك علم انه حي ، فقال لولده : (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ).

١٦٨ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن حنان بن سدير عن أبي جعفر عليه‌السلام

٤٥٥

مثله ، الا ان فيها بريال بالباء الموحدة نقطا مكان تريال بالمثناة من فوق كذلك.

في تفسير العياشي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله أيضا الا ان فيه قوبال وفيه وفي خبر آخر تبرأ بل وهو ملك الموت وذكر نحوه.

١٦٩ ـ في الخرائج والجرائح وعن الصادق عليه‌السلام ان أعرابيا اشترى من يوسف طعاما فقال له : إذا مررت بوادي كذا فناد ، يا يعقوب فانه يخرج إليك شيخ وسيم ، فقال له : انى رأيت بمصر رجلا يقرؤك السلام ويقول : ان وديعتك عند الله محفوظة لن تضيع ، فلما بلغه الأعرابي خر يعقوب مغشيا عليه فلما أفاق قال : هل لك من حاجة؟ قال : لي ابنة عم وهي زوجتي لم تلد ، فدعى له فرزق منها اربعة أبطن ، في كل بطن اثنان.

١٧٠ ـ في نهج البلاغة قال : ولا تيأس لشر هذه الامة (مِنْ رَوْحِ اللهِ) لقوله سبحانه : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).

١٧١ ـ وفيه وقال : الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤيسهم (مِنْ رَوْحِ اللهِ) ولم يؤمنهم مكر الله.

١٧٢ ـ في من لا يحضره الفقيه في باب معرفة الكبائر التي أوعد الله عزوجل عليها النار عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه الكبائر يقول فيه عليه‌السلام بعد ان ذكر الشرك بالله : وبعده اليأس (مِنْ رَوْحِ اللهِ) ، لان الله عزوجل يقول : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).

١٧٣ ـ في تفسير العياشي متصلا بآخر ما نقلناه عنه سابقا اعنى وذكر نحوه عنه : عن ابى بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام عاد الى الحديث الاول قال : واشتد حزنه يعنى يعقوب حتى تقوس ظهره ، وأدبرت الدنيا عن يعقوب وولده حتى احتاجوا حاجة شديدة ، وفنيت ميرتهم فعند ذلك قال يعقوب لولده : (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) فخرج منهم نفر وبعث منهم ببضاعة يسيرة ، وكتب معهم كتابا الى عزيز مصر يتعطفه على نفسه وولده ، واوصى ولده ان يبدؤا بدفع كتابه قبل البضاعة ، فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم الى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل من يعقوب بن اسحق بن إبراهيم

٤٥٦

خليل الله صاحب نمرود الذي جمع لإبراهيم الحطب والنار ليحرقه بها فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها ، أخبرك ايها العزيز انا أهل بيت قديم لم يزل البلاء سريعا إلينا من الله ليبلونا بذلك عند السراء والضراء ، وان مصائبي تتابعت على منذ عشرين سنة ، أولها انه كان لي ابن سميته يوسف وكان سروري من بين ولدي وقرة عيني وثمرة فؤادي وان اخوته من غير امه سألونى ان أبعثه معهم يرتع ويلعب ، فبعثته معهم بكرة وانه جاؤنى عشاء يبكون وجاؤنى (عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) ، فزعموا ان الذئب أكله فاشتد لفقده حزني وكثر على فراقه بكائي حتى ابيضت عيناي من الحزن ، وانه كان له أخ من خالته وكنت له معجبا عليه رفيقا وكان لي أنيسا ، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته الى صدري فيسكن بعض ما أجد في صدري وان اخوته ذكروا لي انك أيها العزيز سألتهم عنه وأمرتهم ان يأتوك به وان لم يأتوك به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا فرجعوا الى وليس هو معهم ، وذكروا انه سرق مكيال الملك ، ونحن أهل بيت لا نسرق وقد حبسته وفجعتني به ، وقد اشتد لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري ، وعظمت به مصيبتي مع مصائب متتابعات على ، فمن على بتخلية سبيله وإطلاقه من محبسه ، وطيب لنا القمح واسمح لنا في السعر ، وعجل بسراح آل يعقوب (١).

فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه نزل جبرئيل على يعقوب فقال له : يا يعقوب ان ربك يقول لك : من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها الى عزيز مصر؟ قال يعقوب : بلوتنى بها عقوبة منك وأدبا ، قال الله : فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري؟ قال : يعقوب اللهم لا ، قال : فما استحييت منى حين شكوت مصائبك الى غيري ولم تستغث بى وتشكو ما بك الى؟ فقال يعقوب : أستغفرك يا الهى وأتوب إليك وأشكو بثي وحزني إليك ، فقال الله تبارك وتعالى : قد بلغت بك يا يعقوب وبولدك الخاطئين العناية في أدبى ، ولو كنت يا يعقوب شكوت مصائبك الى عند نزولها بك واستغفرت وتبت الى من ذنبك لصرفتها عنك بعد تقديري إياها عليك ، ولكن الشيطان أنساك ذكرى فصرت الى القنوط من رحمتي ، وانا الله الجواد الكريم أحب عبادي المستغفرين

__________________

(١) سمح بكذا : جاد. والسراح : التسهيل والإطلاق.

٤٥٧

التائبين الراغبين الى فيما عندي ، يا يعقوب انا راد إليك يوسف وأخاه ومعيد إليك ما ذهب من مالك ولحمك ودمك ، وراد إليك بصرك ومقوم لك ظهرك وطب نفسا وقر عينا ، وان الذي فعلته بك كان أدبا منى لك فاقبل أدبى.

قال : ومضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر حتى (دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) في دار المملكة ، فقالوا : (أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) بأخينا ابن يامين ، وهذا كتاب أبينا يعقوب إليك في أمره يسئلك تخلية سبيله ، وان تمن به عليه ، قال : فأخذ يوسف كتاب يعقوب فقبله ووضعه على عينيه وبكى وانتحب (١) حتى بلت دموعه القميص الذي عليه ، ثم أقبل عليهم فقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ) من قبل وأخيه من بعد قالوا (إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) فلا تفضحنا ولا تعاقبنا اليوم واغفر لنا (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ).

وفي رواية اخرى عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام نحوه.

١٧٤ ـ عن عمرو بن عثمان عن بعض أصحابنا قال : لما قال اخوة يوسف : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) قال : قال يوسف : لا صبر على ضر آل يعقوب ، فقال عند ذلك : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) الآية.

١٧٥ ـ عن احمد بن محمد عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن قوله :

(وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) قال المقل ، وفي هذه الرواية (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) قال : كانت المقل (٢) وكانت بلادهم بلاد المقل وهي البضاعة.

قال مؤلف هذا الكتاب : قد سبق في تفسير العياشي عند قوله : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) بيان لقوله عزوجل : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ)

١٧٦ ـ في مجمع البيان وفي كتاب النبوة بالإسناد عن الحسن بن محبوب عن اسمعيل الفراء عن طربال عن أبى عبد الله عليه‌السلام في خبر طويل : ان يعقوب كتب الى

__________________

(١) انتحب : تنفس شديدا. بكى شديدا.

(٢) المقل : الكندر الذي تدخن به اليهود وحبه يجعل في الدواء ، وصمغ شجرة.

٤٥٨

يوسف : بسم الله الرحمن الرحيم الى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل ، من يعقوب بن اسحق بن إبراهيم خليل الرحمن صاحب نمرود الذي جمع له النار ليحرقه بها فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها ، أخبرك ايها العزيز انا أهل بيت لم يزل البلاء إلينا سريعا من الله ليبلونا عند السراء والضراء ، وان مصائب تتابعت على منذ عشرين سنة ، أولها انه كان لي ابن سميته يوسف وكان سروري من بين ولدي وقرة عيني وثمرة فؤادي ، وان اخوته من غير امه سألونى أن أبعثه معهم يرتع ويلعب ، فبعثته معهم بكرة فجاءوني عشاء يبكون و (جاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) وزعموا ان الذئب أكله ، فاشتد لفقده حزني وكثر على فراقه بكائي ، حتى ابيضت عيناي من الحزن ، وانه كان له أخ وكنت به معجبا وكان لي أنيسا ، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته الى صدري فسكن بعض ما أجد في صدري وان اخوته ذكروا انك سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به فان لم يأتوك به منعتهم الميرة فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا ، فرجعوا الى وليس هو معهم ، وذكروا انه سرق مكيال الملك ونحن أهل بيت لا نسرق ، وقد حبسته عنى وفجعتني به ، وقد اشتد لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري ، وعظمت به مصيبتي مع مصائب تتابعت على ، فمن على بتخلية سبيله وإطلاقه من حبسك ، وطيب لنا القمح واسمح لنا في السعر ، وأوف لنا الكيل ، وعجل سراح آل إبراهيم ، قال فمضوا بكتابه حتى (دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) في دار الملك «و (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) الى آخر الآية وتصدق علينا بأخينا ابن يامين ، وهذا كتاب أبينا يعقوب أرسله إليك في امره يسئلك تخلية سبيله فمن به علينا ، فأخذ يوسف كتاب يعقوب وقبله ووضعه على عينيه وبكى وانتحب حتى بل دموعه القميص الذي عليه ، ثم اقبل عليهم وقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ).

١٧٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سدير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : في القائم شبه من يوسف عليه‌السلام قلت : كأنك تذكر خبره أو غيبته؟ فقال لي : ما تنكر من ذلك هذه الامة أشباه الخنازير؟ ان اخوة يوسف كانوا أسباطا وأولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وهم اخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه

٤٥٩

حتى قال لهم : انا يوسف ، فما تنكر هذه الامة ان يكون الله عزوجل في وقت من الأوقات يريد ان يبين حجته ، لقد كان يوسف عليه‌السلام ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ، فلو أراد الله عزوجل ان يعرفه مكانه لقدر على ذلك والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة أيام من بدوهم الى مصر ، فما تنكر هذه الامة ان يكون الله عزوجل يفعل بحجته ما فعل بيوسف ، ان يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عزوجل ان يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف حتى قال لهم : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي).

في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن الحسين عن ابن ابى نجران عن فضالة بن أيوب عن سدير الصيرفي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان في صاحب هذا الأمر شبها من يوسف ، وذكر كما نقلنا عن كتاب كمال الدين وتمام النعمة بتغيير يسير وبدل هل علمتم الى آخره بعض : (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ).

١٧٨ ـ في مجمع البيان وروى عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال : كل ذنب عمله العبد وان كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه ، فقد حكى الله سبحانه قول يوسف لإخوته : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) فنسبهم الى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.

١٧٩ ـ في تفسير العياشي عن المفضل بن عمر عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ليس رجل من ولد فاطمة يموت ولا يخرج من الدنيا حتى يقر للإمام بإمامته كما أقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا : (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا).

١٨٠ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن ابى عبد الله عليه‌السلام لما قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطمست فأخذ بعضادتي الباب فقال : لا اله الا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ، ما ذا تقولون وما ذا تظنون؟ قالوا : نظن خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت! قال : فانى أقول كما قال أخى يوسف : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ

٤٦٠