تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

٤٧ ـ عن بعض أصحابنا عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : اى شيء يقول الناس في قول الله جل وعز : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ)؟ قلت : يقولون : راى يعقوب عاضا على إصبعه ، فقال : لا ، ليس كما يقولون ، فقلت : فأى شيء رأى؟ قال : لما (هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) قامت الى صنم معها في البيت ، فألقت عليه ثوبا فقال لها يوسف : ما صنعت؟ قالت : طرحت عليه ثوبا استحيى ان يرانا ، قال : فقال يوسف : فأنت تستحين من صنمك وهو لا يسمع ولا يبصر ، ولا أستحى أنا من ربي؟.

٤٨ ـ عن اسحق بن بشار عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال : ان الله بعث الى يوسف وهو في السجن : يا بن يعقوب ما أسكنك مع الخاطئين؟ قال : جرمي فاعترف بمجلسه منها مجلس الرجل من أهله.

٤٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال : وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بقوله في يوسف : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) : واما هفوات الأنبياء عليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة ، لأنه علم ان براهين الأنبياء عليهم‌السلام تكبر في صدور أممهم ولان منهم يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عزوجل.

٥٠ ـ في مجمع البيان (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) اختلف فيه على وجوه الى قوله : ثالثها : انه النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش والحكمة الصارفة عن القبايح روى

__________________

* «امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسها (قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ») وقولهن : (حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) واما الشهود قوله تعالى : (شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) واما شهادة الله بذلك فقوله عز من قائل : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) واما إقرار إبليس بذلك فلقوله : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فقد أقر إبليس بأنه لم يغوه ، وعند هذا نقول : ان هؤلاء الجهال الذين نسبوا الى يوسف الفضيحة ان كانوا من اتباع دين الله فليقبلوا شهادة الله بطهارته ، وان كانوا من اتباع إبليس وجنوده فليقبلوا شهادة إبليس بطهارته.

٤٢١

ذلك عن الصادق عليه‌السلام.

٥١ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى خلف بن حماد عن رجل عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال : قال الله عزوجل (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) يعنى ان يدخل في الزنا (١).

٥٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن بعض رجاله رفعه قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : لما (هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) قامت الى صنم في بيتها فألقت فيه ملائة (٢) لها فقال لها يوسف ما تعملين؟ قالت : ألقى على هذا الصنم ثوبا لا يرانا فانى أستحيى منه ، فقال يوسف : فأنت تستحين من صنم لا يسمع ولا يبصر ولا أستحى أنا من ربي؟ فوثب وعدا وعدت من خلفه وأدركهما العزيز على هذه الحالة وهو قول الله عزوجل : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ) فبادرت امرأة العزيز فقالت ما (جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) فقال يوسف للعزيز : (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) فألهم الله عزوجل يوسف ان قال للملك : سل هذا الصبى في المهد فانه سيشهد انها (راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) ، فقال العزيز للصبي فأنطق الله الصبى في المهد ليوسف حتى قال : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأى) العزيز قميص يوسف قد تخرق من دبر قال لامرأته : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) ثم قال ليوسف : (أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ).

٥٣ ـ في كتاب الخصال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان في قميص يوسف ثلاث آيات في قوله تعالى : (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) وقوله تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ) الآية وقوله تعالى : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) الآية.

__________________

(١) «في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام باسناده الى جابر الجعفي عن الباقر عليه‌السلام قال : وقال جل جلاله : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) ، فالسوء هاهنا الزنا. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) الملائة : كل ثوب لين رقيق.

٤٢٢

٥٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) يقول : قد حجبها حبه عن الناس فلا تعقل غيره ، والحجاب هو الشغاف والشغاف هو حجاب القلب.

٥٥ ـ في مجمع البيان روى عن على عليه‌السلام وعلى بن الحسين ومحمد بن على وجعفر بن محمد عليهم‌السلام «قد شعفها» بالعين.

٥٦ ـ (إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) وروى عن أبى سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يصف يوسف حين رآه في السماء الثانية : رأيت رجلا صورته صورة القمر ليلة البدر ، قلت : يا جبرئيل من هذا؟ قال : هذا أخوك يوسف.

٥٧ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مروان عن رجل عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال ان يوسف خطب امرأة جميلة كانت في زمانه ، فردت عليه : أيا عبد الملك (١) إياي تطلب؟ قال : فطلبها الى أبيها فقال له أبو ها : ان الأمر أمرها ، قال : فطلبها الى ربه وبكى ، فأوحى الله اليه : انى قد زوجتكها ، ثم أرسل إليها انى أريد ان أزوركم فأرسلت اليه ان : تعال ، فلما دخل عليها أضاء البيت لنوره فقالت : ما (هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) ، فاستسقى فقامت الى الطاس لتسقيه ، فجعل يتناول الطاس من يدها فتناوله فاها ، فجعل يقول لها : انتظري ولا تعجلي قال. فتزوجها.

٥٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن مسعود قال : احتجوا في مسجد الكوفة فقالوا : ما بال أمير المؤمنين عليه‌السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه‌السلام فأمر ان ينادى الصلوة الجامعة ، فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا قالوا : صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك ، قال : ان لي بسنة الأنبياء أسوة فيما فعلت ، قال الله تعالى في محكم كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) قالوا : ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال : أولهم إبراهيم عليه‌السلام الى ان قال : ولى بيوسف أسوة إذ (قالَ : رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) فان قلتم ان يوسف دعا

__________________

(١) وفي المصدر والمنقول عنه في البحار «ان عبد الملك ... اه».

٤٢٣

ربه وسأله السجن بسخط ربه فقد كفرتم ، وان قلتم : انه أراد بذلك لئلا يسخط ربه عليه واختار السجن فالوصى أعذر.

٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن العباس بن هلال عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال السجان ليوسف : انى لأحبك ، فقال يوسف عليه‌السلام : ما أصابني الا من الحب ، ان كانت خالتي أحبتني سرقتني ، وان كان ابى أحبنى حسدني إخوتي ، وان كانت امرأة العزيز أحبتني حبستني ، قال : وشكى في السجن الى الله فقال : يا رب بما استحققت السجن؟ فأوحى الله اليه أنت اخترته حين قلت : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) هلا قلت : العافية (أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)؟

٦٠ ـ وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) والآيات شهادة الصبى والقميص المخروق من دبر واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب ، فلما عصاها لم تزل مولعة بزوجها حتى حبسه.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : سبق قريبا عن تفسير العياشي استحقاقه الحبس بجرمه واعترافه بذلك فلذلك لم نعده.

٦١ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله واى أربعاء هو؟ فقال عليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه الى ان قال : ويوم الأربعاء ادخل يوسف عليه‌السلام السجن.

٦٢ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن سهل البحراني يرفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : البكاؤن خمسة الى ان قال : واما يوسف فبكى على يعقوب عليه‌السلام حتى تأذى به أهل السجن فقالوا له : اما ان تبكي الليل وتسكت بالنهار واما ان تبكي النهار وتسكت بالليل فصالحهم على واحد منهما.

٦٣ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ما بكى أحد

٤٢٤

بكاء ثلثة الى قوله : واما يوسف فانه كان يبكى على أبيه يعقوب وهو في السجن فتأذى به أهل السجن فصالحهم على أن يبكى يوما ويسكت يوما.

٦٤ ـ في أصول الكافي على عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حماد بن عثمان عن سيف بن عميرة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : جاء جبرئيل عليه‌السلام الى يوسف وهو في السجن فقال له يا يوسف قل في دبر كل صلوة : اللهم اجعل لي فرجا ومخرجا وارزقني من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب.

٦٥ ـ في تفسير العياشي عن طربال عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما امر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله علم تأويل الرؤيا ، فكان يعبر لأهل السجن رؤياهم وان فتيين ادخلا معه السجن يوم حبسه ، فلما باتا اصبحها فقالا له : انا رأينا رؤيا فعبرها لنا ، فقال : وما رأيتما؟ فقال (أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي) رأيت ان أسقى الملك خمرا ، فعبر لهما رؤياهما على ما في الكتاب والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٦ ـ ابن ابى يعفور عن ابى عبد الله عليه‌السلام : (قالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً) قال : (أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي) جفنة (١) فيها (خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ).

٦٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قوله : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) قال : كان يقوم على المريض ويلتمس للمحتاج ويوسع على المحبوس.

٦٨ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عمن ذكره عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) قال : كان يوسع المجلس ويستقرض للمحتاج ويعين الضعيف.

٦٩ ـ في مجمع البيان وقيل : (مِنَ الْمُحْسِنِينَ) اى ممن يحسن تأويل الرؤيا ، قال : وهذا دليل على أن أمر الرؤيا صحيح ، وانها لم تزل في الأمم السابقة ، وفي الحديث : ان الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة ، وتأويله ان الأنبياء يخبرون بما سيكون والرؤيا تدل على ما سيكون ، فيكون معنى الآية : انا نعلمك ونظنك

__________________

(١) الجفنة : القصعة الكبيرة منبسطة تشبع الخمسة.

٤٢٥

ممن يعرف الرؤيا ، ومن ذلك قول أمير المؤمنين : عليه‌السلام قيمة كل امرء ما يحسنه.

٧٠ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى الحسن بن على عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : من لم يعرفني فانا الحسن بن محمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تلا هذه فقال يوسف عليه‌السلام : (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ).

٧١ ـ في مجمع البيان (أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) الآية فروى انه قال : اما العناقيد الثلاثة (١) فانها ثلثة أيام تبقى في السجن ثم يخرجك الملك اليوم الرابع وتعود الى ما كنت عليه.

٧٢ ـ وقيل : ان المصلوب منهما كان كاذبا والآخر صادقا عن أبى مجلز ورواه على بن إبراهيم أيضا في تفسيره عنهم عليهم‌السلام.

٧٣ ـ في تفسير العياشي عن طربال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : لما أمر الملك بحبس يوسف الى قوله : ثم (قالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) قال ولم يفزع يوسف في حاله الى الله فيدعوه فلذلك قال الله : (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) قال : فأوحى الله الى يوسف في ساعته تلك : يا يوسف من أراك الرؤيا التي رأيتها؟ فقال : أنت يا ربي قال : فمن حببك الى أبيك؟ قال : أنت يا ربي ، قال : فمن وجه السيارة إليك ، قال : أنت يا ربي؟ قال : فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا؟ قال أنت يا ربي ، قال : فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا؟ قال : أنت يا ربي ، قال : فمن أنطق لسان الصبى بعذرك؟ قال : أنت يا ربي ، قال : فمن صرف [عنك] كيد امرأة العزيز والنسوة؟ قال : أنت يا ربي ، قال : فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال : أنت يا ربي ، قال : فكيف استغثت بغيري ولم تستغث بى وتسألنى ان أخرجك من السجن واستغثت وأملت عبدا من عبادي ليذكرك الى مخلوق من خلقي في قبضتي ولم تفزع الى؟ البث في

__________________

(١) ذكر الطبرسي (ره) قبل ذلك ان المعنى قال أحدهما وهو الساقي رأيت أصل حبلة عليها ثلاثة عنا قيد من عنب فجنيتها وعصرتها في كأس الملك وسقيته إياها ، ثم قال بعد كلام طويل : ما نقله المؤلف (ره) من قوله : «فروى انه قال : اما العنا قيد ... اه».

٤٢٦

السجن بذنبك بضع سنين بإرسالك عبدا الى عبد.

٧٤ ـ عن يعقوب بن شعيب عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال الله ليوسف : الست حببتك الى أبيك وفضلتك على الناس بالحسن؟ أولست الذي بعثت إليك السيارة وأنقذتك وأخرجتك من الجب؟ أولست الذي صرفت عنك كيد النسوة؟ فما حملك على ان ترفع رغبتك أو تدعو مخلوقا دوني! فالبث لما قلت (فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ).

٧٥ ـ عن عبد الله بن عبد الرحمان عمن ذكره عنده قال قال : لما قال للفتى : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) أتاه جبرئيل عليه‌السلام فضربه برجله حتى كشط له عن الأرض السابعة (١) فقال له : يا يوسف انظر ما ذا ترى؟ فقال : أرى حجرا صغيرا ، ففلق الحجر فقال : ما ذا ترى؟ قال : ارى دودة صغيرة ، قال : فمن رازقها؟ قال : الله ، قال : فان ربك يقول : لم انس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرض السابعة أظننت انى أنساك حتى تقول للفتى : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ)؟ لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين ، قال : فبكى يوسف عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان ، قال : فتأذى به أهل السجن ، فصالحهم على أن يبكى يوما ويسكت يوما ، فكان في اليوم الذي يسكت أسوء حالا.

٧٦ ـ عن يعقوب بن يزيد رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) قال سبع سنين.

٧٧ ـ في مجمع البيان وقد روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : عجبت من أخى يوسف كيف استغاث بالمخلوق دون الخالق؟.

٧٨ ـ وروى انه عليه‌السلام قال : لولا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث.

٧٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا الحسن بن على عن أبيه عن اسمعيل بن عمر عن شعيب العقرقوفي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان يوسف أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال له : يا يوسف ان رب العالمين يقرئك السلام ويقول لك : من جعلك أحسن خلقه؟ قال : فصاح ووضع خده على الأرض ، ثم قال ، أنت يا رب ، ثم قال له : ويقول لك : من حببك الى أبيك دون إخوتك؟ قال : فصاح ووضع خده على الأرض وقال : أنت يا رب ، قال

__________________

(١) كشط الغطاء عن الشيء : كشفه عنه.

٤٢٧

ويقول لك : من أخرجك من الجب بعد ان طرحت فيها وأيقنت بالهلكة؟ قال : فصاح ووضع خده على الأرض ثم قال : أنت يا رب ، قال : فان ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره فالبث (فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) ، قال : فلما انقضت المدة واذن الله له في دعاء الفرج وضع خده على الأرض ثم قال : اللهم ان كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فانى أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم واسمعيل واسحق ويعقوب ، ففرج الله عنه قلت : جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال : ادع بمثله : اللهم ان كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فانى أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم‌السلام.

٨٠ ـ وفيه وقال : ولما امر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله تأويل الرؤيا فكان يعبر لأهل السجن ، فلما سألاه الفتيان الرؤيا وعبر لهما (وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ولم يفزع في تلك الحالة الى الله اوحى الله اليه : من أراك الرؤيا التي رايتها؟ فقال يوسف : أنت يا رب ، قال : فمن حببك الى أبيك؟ قال : أنت يا رب ، قال : فمن وجه إليك السيارة التي رايتها؟ قال : أنت يا رب ، قال : فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟ قال أنت يا رب ، قال : فمن أنطق لسان الصبى بعذرك؟ قال : أنت يا رب ، قال : فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال : أنت يا رب ، قال : فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بى ، وأملت عبدا من عبيدي ليذكرك الى مخلوق من خلقي. وفي قبضتي ولم تفزع الى؟ البث (فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) ، فقال يوسف : اسألك بحق آبائي عليك الا فرجت عنى ، فأوحى الله اليه : يا يوسف واى حق لابائك وأجدادك على ان كان أبوك آدم خلقته بيدي و (نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) وأسكنته جنتي وامرته ان لا يقرب شجرة منها فعصاني وسألني فتبت عليه ، وان كان أبوك نوح انتجبته من بين خلقي وجعلته رسولا إليهم ، فلما عصوا دعاني فاستجبت له وغرقتهم وأنجيته (وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) ، وان كان أبوك إبراهيم اتخذته خليلا وأنجيته من النار وجعلتها عليه بردا وسلاما ، وان كان يعقوب وهبت له اثنى عشر ولدا فغيبت عنه واحدا فما زال يبكى حتى ذهب بصره وقعد على الطريق يشكوني الى خلقي ، فأي حق لآبائك على؟

٤٢٨

قال : فقال له جبرئيل عليه‌السلام : قل يا يوسف : اسألك بمنك العظيم وإحسانك القديم فقالها فرأى الملك الرؤيا وكان فرجه فيها.

٨١ ـ في مجمع البيان وقرأ جعفر بن محمد عليهما‌السلام (وسَبْعَ سَنابِلَ).

٨٢ ـ في تفسير العياشي عن ابن ابى يعفور قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقرأ «سبع سنابل خضرة».

٨٣ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن سعد بن ابى خلف عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال. الرؤيا على ثلثة وجوه : بشارة من الله للمؤمن وتحذير من الشيطان ، وأضغاث أحلام.

٨٤ ـ في أمالي شيخ الصدوق رحمه‌الله باسناده الى النوفلي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المؤمن يرى الرؤيا فتكون الرؤيا كما يراها وربما راى الرؤيا فلا تكون شيئا؟ فقال. ان المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة الى السماء ، فكلما رآه المؤمن في ملكوت السموات في موضع التقدير والتدبير فهو الحق ، وكلما رآه في الأرض فهو أضغاث أحلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٥ ـ وباسناده الى على عليه‌السلام ، قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الرجل ينام فيرى الرؤيا فربما كانت حقا وربما كانت باطلا؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انه ما من عبد ينام الأعرج بروحه الى رب العالمين ، فما راى عند رب العالمين فهو حق ، ثم إذا امر العزيز الجبار برد روحه الى جسده فصارت الروح بين السماء والأرض ، فما رأته فهو أضغاث أحلام

٨٦ ـ في تفسير العياشي عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : رأت فاطمة في النوم كأن الحسن والحسين ذبحا أو قتلا فأحزنها ذلك ، فأخبرت به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رؤيا فتمثلت بين يديه قال : أرأيت فاطمة هذا البلاء؟ قالت : لا قال : يا أضغاث أرأيت فاطمة هذا البلاء؟ قالت : نعم ، يا رسول الله قال : فما أردت بذلك؟ قالت : أردت ان أحزنها ، فقال لفاطمة : اسمعي ليس هذا بشيء.

٨٧ ـ في مجمع البيان وقرأ جعفر بن محمد عليهما‌السلام «قربتم لهن» وقرا أيضا «يعصرون» بياء مضمومة وصاد مفتوحة.

٤٢٩

٨٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال الصادق عليه‌السلام : انما انزل ما قربتم لهن وقال أبو عبد الله عليه‌السلام قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه‌السلام : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) فقال : ويحك أى شيء يعصرون؟ قال الرجل : يا أمير المؤمنين كيف أقرأها؟ فقال : انما أنزلت (عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) اى يمطرون بعد المجاعة والدليل على ذلك قوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً).

٨٩ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن على الصيرفي عن رجل عن أبى عبد الله عليه‌السلام (عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) بالياء يمطرون ، ثم قال : أما سمعت قوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً).

٩٠ ـ عن على بن معمر عن أبيه عن أبى عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) مضمومة ثم قال : و (أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً).

٩١ ـ في روضة الكافي الحسين بن أحمد بن هلال عن ياسر الخادم قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : رأيت في النوم كأن قفصا (١) فيه سبعة عشر قارورة إذ وقع القفص فتكسرت القوارير؟ فقال : ان صدقت رؤياك يخرج رجل من أهل بيتي يملك سبعة عشر يوما ثم يموت ، فخرج محمد بن إبراهيم (٢) بالكوفة مع أبى السرايا فمكث سبعة عشر يوما ثم مات.

٩٢ ـ اسمعيل بن عبد الله القرشي قال : أتى الى أبى عبد الله عليه‌السلام رجل فقال له يا ابن رسول الله رأيت في منامي كأني خارج من مدينة الكوفة في موضع أعرفه وكأن شبحا من خشب أو رجلا منحوتا من خشب على فرس من خشب يلوح بسيفه وأنا أشاهده

__________________

(١) القفص : محبس الطير.

(٢) هو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل وهو طباطبا بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب عليه‌السلام ، وابو السرايا اسمه سرى بن منصور وكان من أمراء مأمون ثم بايع محمد محمد بن إبراهيم وسبب خروج محمد بن إبراهيم وكيفيته وبيعة ابى السرايا وغير ذلك مما يرتبط بهذه القصة مذكور في كتاب مقاتل الطالبيين ص ١٧٦ ـ ١٨٥ ط طهران سنة ١٣٠٧ ومن شاء الوقوف عليها تفصيلا فليراجع.

٤٣٠

فزعا مرعوبا؟ فقال له عليه‌السلام : أنت رجل تريد اغتيال رجل في معيشته ، فاتق الله الذي خلقك ثم يميتك ، فقال الرجل : أشهد انك قد أوتيت علما واستنبطته من معدنه أخبرك يا ابن رسول الله عما فسرت لي ، ان رجلا من جيراني جاءني وعرض على ضيعته فهممت ان أملكها بوكس كثير (١) لما عرفت انه ليس لها طالب غيري ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : وصاحبك يتولانا ويتبرأ من عدونا؟ فقال : نعم يا ابن رسول الله رجل جيد البصيرة مستحكم الدين ، وانا تائب الى الله عز ذكره وإليك مما هممت به ونويته فأخبرنى لو كان ناصبيا حل لي اغتياله؟ فقال : أد الامانة لمن ائتمنك وأراد منك النصيحة ولو الى قاتل الحسين عليه‌السلام.

٩٣ ـ في مجمع البيان وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى اشترط ان يخرجوني.

٩٤ ـ في تفسير العياشي عن أبان عن محمد بن مسلم عنهما قالا : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لو كنت بمنزلة يوسف حين أرسل اليه الملك يسئله عن رؤياه ما حدثته حتى اشترط عليه أن يخرجني من السجن ، وتعجبت لصبره عن شأن امرأة الملك حتى أظهر الله عليه (٢).

٩٥ ـ عن سماعة قال : سألته عن قول الله : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ) قال : يعنى العزيز.

٩٦ ـ في مجمع البيان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله متصلا بما سبق أعنى قوله : يخرجوني ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين أتاه الرسول فقال : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث لأسرعت الاجابة وبادرتهم الباب وما ابتغيت العذر انه كان لحليما ذا أناة (٣).

__________________

(١) الوكس : النقصان.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «حتى أظهر الله عدزه» وهو الظاهر.

(٣) الاناة : الحلم والوقار.

٤٣١

٩٧ ـ وروى ان يوسف لما خرج من السجن دعا لهم وقال : اللهم اعطف عليهم بقاوب الأخيار ولا تعم عليهم الاخبار ، فلذلك يكون أصحاب السجن أعرف الناس بالاخبار في كل بلدة ، وكتب على باب السجن : هذا قبور الأحياء وبيت الأحزان وتجربة الأصدقاء وشماتة الأعداء.

٩٨ ـ وروى عن ابن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : رحم الله أخي يوسف لو لم يقل : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) لولاه من ساعته ، ولكنه أخر ذلك سنة.

٩٩ ـ في عيون الاخبار حدثنا احمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال : حدثنا على بن إبراهيم عن أبيه عن الريان بن الصلت الهروي قال : دخلت على على بن موسى الرضا عليه‌السلام فقلت له : يا ابن رسول الله ان الناس يقولون : انك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا؟ فقال عليه‌السلام : قد علم الله كراهتي لذلك فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل ، ويحهم أما علموا ان يوسف عليه‌السلام كان نبيا ورسولا فلما دفعته الضرورة الى تولى خزائن العزيز (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ودفعتنى الضرورة الى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الاشراف على الهلاك ، على انى ما دخلت في هذا الأمر الا دخول خارج منه ، فالى الله المشتكى وهو المستعان.

١٠٠ ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضى الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه قال : حدثنا محمد بن نصير عن الحسن بن موسى قال : روى أصحابنا عن الرضا عليه‌السلام انه قال له رجل : أصلحك الله كيف صرت الى ما صرت اليه من المأمون وكأنه أنكر ذلك عليه؟ فقال له أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : يا هذا أيهما أفضل النبي أو الوصي؟ فقال : لا ، بل النبي ، قال : فأيهما أفضل مسلم أو مشرك؟ قال : لا ، بل مسلم ، قال : فان العزيز عزيز مصر كان مشركا وكان يوسف عليه‌السلام نبيا ، وان المأمون مسلم وانا وصى ، ويوسف سأل العزيز ان يوليه حين قال : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وانا أجبرت على ذلك وقال عليه‌السلام في قوله : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) قال : حافظ

٤٣٢

لما في يدي عالم بكل لسان.

١٠١ ـ في الخرائج والجرائح عن محمد بن زيد الرازي قال : كنت في خدمة الرضا عليه‌السلام لما جعله المأمون ولى عهده فأتاه رجل من الخوارج في كمه مدية (١) مسمومة وقد قال لأصحابه : والله لآتين هذا الذي يزعم انه ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد دخل لهذا الطاغية ما دخل ، فأسأله عن حجته فان كان له حجة والا أرحت الناس منه ، فأتاه واستأذن عليه عليه‌السلام فأذن له ، فقال له ابو الحسن عليه‌السلام : أجيبك عن مسئلتك على شريطة توفي لي بها ، فقال : وما هذه الشريطة؟ قال : ان أجبتك بجواب يقنعك وترضاه تكسر الذي في كمك وترمى به ، فبقي الخارجي متحيرا وأخرج المدية وكسرها ، ثم قال : أخبرنى عن دعواك مع هذا الطاغية فيما دخلت له وهم عندك كفار وأنت ابن رسول الله ما حملك على هذا؟ فقال ابو الحسن عليه‌السلام : أرايتك هؤلاء أكفر عندك أم عزيز مصر وأهل مملكته؟ أليس هؤلاء على حال يزعمون انهم موحدون وأولئك لم يوحدوا الله ولم يعرفوه ، وان يوسف بن يعقوب نبي ابن نبي وقال لعزيز مصر وهو كافر : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وكان يجالس الفراعنة ، وانا رجل من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اجبرني على هذا الأمر وأكرهني عليه فما الذي أنكرت ونقمت على؟ فقال : لا عتب عليك اشهد انك ابن نبي الله وانك صادق.

١٠٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى الفضل بن أبى قرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول يوسف عليه‌السلام : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) قال : حفيظ بما تحت يدي ، عليم بكل لسان.

١٠٣ ـ في تفسير العياشي وقال سليمان : قال سفيان : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام :

ما يجوز أن يزكى الرجل نفسه؟ قال : نعم إذا اضطر اليه أما سمعت قول يوسف : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وقول العبد الصالح : (وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ).

١٠٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام لا قوام يظهرون الزهد ويدعون

__________________

(١) المدية ـ بالتثليث ـ : السكين العظيمة العريضة.

٤٣٣

الناس ان يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف (١) وأخبرونى اين أنتم عن سليمان بن داود عليهما‌السلام ثم يوسف النبي ، حيث قال لملك مصر : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) فكان من امره الذي كان ان اختار مملكة الملك وما حولها الى اليمن ، وكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم ، وكان يقول الحق ويعمل به ، فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه.

١٠٥ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن عبد الرحمان بن حماد عن يونس بن يعقوب عن سعد عن رجل عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما صارت الأشياء ليوسف بن يعقوب عليهما‌السلام جعل الطعام في بيوت وامر بعض وكلائه ، فكان يقول : بع بكذا وكذا والسعر قائم ، فلما علم انه يزيد في ذلك اليوم كره ان يجرى الغلاء على لسانه ، فقال له : اذهب وبع ولم يسم له سعرا فذهب الوكيل غير بعيد ثم رجع اليه فقال له : اذهب فبع ، وكره ان يجرى الغلاء على لسانه فذهب الوكيل فجاء أول من اكتال ، فلما بلغ دون ما كان بالأمس بمكيال قال المشترى : حسبك انما أردت بكذا وكذا ، فعلم الوكيل انه قد غلى بمكيال ، ثم جاءه آخر فقال له : كل لي فكال ، فلما بلغ دون الذي كال للأول بمكيال قال له المشترى : حسبك انما أردت بكذا وكذا ، فعلم الوكيل انه قد غلا بمكيال حتى صار الى واحد واحد (٢)

١٠٦ ـ في تفسير العياشي عن حفص بن غياث عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان سبق يوسف الغلاء الذي [سبق] (٣) أصاب الناس ولم يتمن الغلاء لأحد قط ، قال : فأتاه التجار فقالوا : بعنا ، فقال : اشتروا ، فقالوا : نأخذ كذا بكذا ، فقال : خذوا

__________________

(١) التقشف : رثاثة الهيئة وسوء الحال وضيق العيش.

(٢) وفي المصدر «واحد بواحد» وللمجلسي (ره) في مرآة العقول في هذا الحديث وساير ما ورد في باب الأسعار في الكافي بيان طويل فراجع ان شئت ج ٣ : ٤٠٣ ونقله في ذيل الكافي ج ٥ : ١٦٣ من الطبعة الحديثة أيضا.

(٣) غير موجود في المصدر.

٤٣٤

وأمر فكالوهم ، فحملوا ومضوا حتى دخلوا المدينة فلقيهم قوم تجار ، فقالوا لهم :كيف أخذتم؟ فقالوا : كذا بكذا وأضعفوا الثمن قال : وقدموا أولئك على يوسف فقالوا : بعناه فقال : اشتروا كيف تأخذون؟ قالوا : بعنا كما بعت كذا بكذا ، فقال : ما هو كما يقولون ولكن خذوا فأخذوا ثم مضوا حتى دخلوا المدينة فلقيهم آخرون فقالوا : كيف أخذتم؟ فقالوا : كذا بكذا ، وأضعفوا الثمن ، قال : فعظم الناس ذلك الغلاء وقالوا : اذهبوا بنا حتى نشتري ، قال : فذهبوا الى يوسف فقالوا : بعنا ، فقال : اشتروا فقالوا : بعنا كما بعت ، فقال : وكيف بعت؟ قالوا : كذا بكذا ، فقال ما هو كذلك ولكن خذوا ، قال : فأخذوا ورجعوا الى المدينة وأخبروا الناس فقالوا فيما بينهم : تعالوا حتى نكذب في الرخص كما كذبنا في الغلاء ، قال : فذهبوا الى يوسف فقالوا له : بعنا ، فقال : اشتروا فقالوا : بعنا كما بعت ، قال : وكيف بعت؟ قالوا : كذا بكذا بالحط من السعر الاول ، فقال : ما هو هكذا ولكن خذوا فأخذوا وذهبوا الى المدينة ، فلقيهم الناس فسألوهم : بكم اشتريتم؟ فقالوا : كذا بكذا بنصف الحط الاول ، فقال الآخرون : اذهبوا بنا حتى نشتري فذهبوا الى يوسف فقالوا : بعنا فقال اشتروا فقالوا : بعنا كما بعت ، فقال : وكيف بعت؟ فقالوا : بكذا وكذا بالحط من النصف ، فقال : ما هو كما يقولون ولكن خذوا ، فلم يزالوا يتكاذبون حتى رجع السعر الى الأمر الاول كما أراد الله.

١٠٧ ـ في مجمع البيان في كتاب النبوة بالإسناد عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن بنت الياس قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : وأقبل يوسف على جمع الطعام فجمع في السبع السنين المخصبة فكبسه في الخزائن ، فلما مضت تلك السنون وأقبلت السنون المجدبة أقبل يوسف على بيع الطعام فباعهم في السنة الاولى بالدراهم والدنانير حتى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم الا صار في ملكية يوسف (١) وباعهم في السنة الثانية بالحلى والجواهر حتى لم يبق بمصر وما حولها حلي ولا جوهر الا صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة الثالثة بالدواب والمواشي حتى

__________________

(١) وفي المصدر «مملكة يوسف» بدل «ملكية يوسف» في الجميع.

٤٣٥

لم يبق بمصر وما حولها دابة ولا ماشية الا صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة الرابعة بالعبيد والإماء حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا امة الا صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة الخامسة بالدور والعقار حتى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار الا صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة السادسة بالمزارع والأنهار حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة الا صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حر الا صار عبد يوسف ، فملك أحرارهم وعبيدهم وأموالهم وقال الناس : ما رأينا ولا سمعنا بملك أعطاه الله من الملك ما أعطى هذا الملك حكما وعلما وتدبيرا ، ثم قال يوسف للملك : ايها الملك ما ترى فيما خولني ربي (١) من ملك مصر وأهلها أشر علينا برأيك ، فانى لم أصلحهم لافسدهم ، ولم أنجهم من البلاء ليكون وبالا عليهم ، ولكن الله نجاهم على يدي ، قال له الملك : الرأى رأيك ، قال يوسف : انى أشهد الله وأشهدك ايها الملك انى قد أعتقت أهل مصر كلهم ، ورددت إليهم أموالهم وعبيدهم ، ورددت إليك ايها الملك خاتمك وسريرك وتاجك على ان لا تسير الا بسيرتي ، ولا تحكم الا بحكمي ، قال له الملك : ان ذلك لشرفي وفخرى لا أسير الا بسيرتك ولا أحكم الا بحكمك ، ولو لاك ما قويت عليه ولا اهتديت له ، ولقد جعلت سلطاني عزيزا ما يرام ، وانا أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له ، وانك رسوله فأقم على ما وليتك فانك (لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ).

١٠٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن على بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن ابى بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الحر حر على جميع أحواله ان نابته نائبة (٢) صبر لها ، وان تداكت عليه المصائب (٣) لم تكسره وان أسر وقهر واستبدل بالعسر يسرا كما كان (٤) يوسف الصديق الأمين عليه‌السلام لم يضرر حريته ان استعبد وقهر وأسر ، ولم يضرره ظلمة الجب

__________________

(١) خوله الله مالا : أعطاه إياه متفضلا.

(٢) نابه الأمر : اصابه. والنائبة : المصيبة والنازلة.

(٣) تداكت : تداقت عليه مرة بعد اخرى.

(٤) وفي المصدر «باليسر عسرا» وهو الأظهر بالسياق.

٤٣٦

وحشته وما ناله ان من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد ان كان [له] مالكا فأرسله ورحم به امة ، وكذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا.

١٠٩ ـ في تفسير العياشي عن الثمالي عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : ملك يوسف مصر وبراريها ، لم يجاوزها الى غيرها.

١١٠ ـ في عيون الاخبار في باب الاخبار التي رويت في صحة وفاة ابى إبراهيم موسى بن جعفر عليهما‌السلام حديث طويل وفيه فقال لي : يا مسيب ان هذا الرجس السندي ابن شاهك سيزعم انه يتولى غسلي ودفنى هيهات هيهات ان يكون ذلك أبدا فاذا حملت الى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فالحدونى بها ولا ترفعوا قبري فوق اربع أصابع مفروجات ، ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به فان كل تربة لنا محرمة الا تربة جدي الحسين بن على عليهما‌السلام فان الله تعالى جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا قال : ثم رأيت شخصا أشبه الأشخاص به جالسا الى جانبه ، وكان عهدي بسيدي الرضا عليه‌السلام وهو غلام فأردت سؤاله فصاح بى سيدي موسى بن جعفر عليه‌السلام وقال : أليس قد نهيتك يا مسيب فلم أزل صابرا حتى مضى وغاب الشخص ثم أنهيت الخبر الى الرشيد فوافى السندي ابن شاهك فوالله لقد رايتهم بعيني وهم يظنون انهم يغسلونه فلا تصل أيديهم اليه ويظنون انهم يحنطونه ويكفنونه وأراهم لا يصنعون به شيئا ورأيت ذلك الشخص يتولى غسله وتحنيطه وتكفينه وهو يظهر المعاونة لهم وهم لا يعرفونه فلما فرغ من أمره قال لي ذلك الشخص : يا مسيب مهما شككت فيه فلا تشكن في فانى إمامك ومولاك وحجة الله عليك بعد أبى مثلي مثل يوسف الصديق عليه‌السلام ومثلهم مثل اخوته حين دخلوا (عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ثم حمل حتى دفن في مقابر قريش ولم يرفع قبره أكثر مما امر به ثم رفعوا قبره بعد ذلك وبنوا عليه.

١١١ ـ في تفسير على بن إبراهيم فأمر يوسف عليه‌السلام ان يبنى له كناديج من صخر وطينها بالكلس (١) ثم أمر بزروع مصر فحصدت ودفع الى كل إنسان حصة و

__________________

(١) كناديج جمع الكندوج : شبه مخزن من تراب أو خشب توضع فيه الحنطة ونحوها. والكلس ـ بالكسر ـ : الصاروج.

٤٣٧

ترك الباقي في سنبله لم يدسه ، فوضعها في الكناديج ، ففعل ذلك سبع سنين ، فلما جاء سنى الجدب (١) كان يخرج السنبل فيبيع بما شاء ، وكان بينه وبين أبيه ثمانية ـ عشر يوما وكان في بادية ، وكان الناس من الآفاق يخرجون الى مصر ليمتاروا طعاما (٢) وكان يعقوب وولده عليهم‌السلام نزولا في بادية فيها مقل (٣) فأخذوا اخوة يوسف من ذلك المقل وحملوه الى مصر ليمتاروا به ، وكان يوسف عليه‌السلام يتولى البيع بنفسه ، فلما دخل اخوته عليه عرفهم ولم يعرفوه كما حكى الله عزوجل (وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ).

١١٢ ـ في تفسير العياشي عن ابى بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يحدث قال : لما فقد يعقوب يوسف عليهما‌السلام اشتد حزنه عليه وبكاؤه حتى (ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) ، واحتاج حاجة شديدة وتغيرت حاله ، قال وكان يمتار القمح (٤) من مصر في السنة مرتين في الشتاء والصيف وانه بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة الى مصر مع رفقة خرجت فلما (دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) وذلك بعد ما ولاه العزيز مصر فعرفهم يوسف ولم يعرفه اخوته لهيبة الملك وعزته فقال لهم : هلموا بضاعتكم قبل الرفاق وقال لفتيانه : عجلوا لهؤلاء الكيل وأوفوهم فاذا فرغتم فاجعلوا بضاعتهم هذه في رحالهم ولا تعلموهم بذلك ففعلوا ثم قال لهم يوسف : قد بلغني ان لكم اخوان لأبيكم فما فعلا؟ قالوا : اما الكبير منهما فان الذئب اكله واما الصغير فخلفناه عند أبيه وهو به ضنين (٥) وعليه شفيق قال : فانى أحب ان تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتارون (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ) فتحوا متاعهم فوجدوا بضاعتهم فيه ، (قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا)

__________________

(١) الجدب : القحط.

(٢) امتار الطعام لعياله : أتاهم بميرة وهي طعام يمتاره الإنسان اى يجلبه من بلد الى بلد.

(٣) المقل : الكندر. وثمر لشجر الدوم ينضبح ويؤكل ، والدوم : شجرة تشبه النخلة في حالاتها.

(٤) القمح : البر.

(٥) الضنين : البخيل.

٤٣٨

قد ردت إلينا وكيل لنا كيل قد زاد حمل بعير (فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ) فلما احتاجوا الى الميرة بعد ستة أشهر بعثهم يعقوب وبعث معهم بضاعة يسيرة وبعث معهم ابن ياميل (١) فأخذ عليهم بذلك (مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) أجمعين ، فانطلقوا مع الرفاق حتى (دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) فقال لهم : معكم ابن يا ميل؟ قالوا : نعم في الرحل ، قال لهم : فأتونى به ، فأتوه به وهو في دار الملك قد خلا وحده فأدخلوه (٢) عليه فضمه اليه يوسف وبكى وقال له : أنا أخوك يوسف فلا تبتئس بما تراني أعمل واكتم بما أخبرك به ، ولا تحزن ولا تخف ثم أخرجه إليهم وامر فتيته ان يأخذوا بضاعتهم ويعجلوا لهم الكيل فاذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل ابن ياميل ، ففعلوا به ذلك وارتحل القوم مع الرفقة فمضوا ، فلحقهم يوسف وفتيته فنادوا فيهم : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) قالوا هو جزاؤه قال (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) فقال لهم يوسف : ارتحلوا عن بلادنا (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً) وقد أخذ عليه (مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) لنرده اليه (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ان فعلت ، (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) فقال كبيرهم : انى لست (أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) ، ومضى اخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب فقال لهم : اين ابن ياميل؟ قالوا : ابن ياميل سرق مكيال الملك فأخذه الملك بسرقته فحبسه عنده ، فسل أهل القرية والعير حتى يخبروك بذلك ، فاسترجع واستعبر واشتد حزنه حتى تقوس ظهره.

__________________

(١) كذا في النسخ والمصدر والظاهر انه مصحف : «ابن يامين» بالنون كما في ساير الروايات.

(٢) وفي المصدر «فقال : فأدخلوه وحده».

٤٣٩

ابو حمزة الثمالي عن ابى بصير عنه ذكر فيه ابن يامين ولم يذكر ابن ياميل.

١١٣ ـ في مجمع البيان (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) وورد في الخبر ان الله سبحانه قال : فبعزتي لأردنهما إليك بعد ما توكلت على.

١١٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى يعقوب بن سويد عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك لم سمى أمير المؤمنين أمير المؤمنين؟ قال : لأنه يميرهم العلم (١) اما سمعت كتاب الله عزوجل : «ونمير أهلنا».

في كتاب معاني الاخبار باسناده الى يعقوب بن سويد بن بريد الحارثي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد عن ابى جعفر عليه‌السلام مثله سواء.

١١٥ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد بن معلى بن محمد عن الوشاء عن أحمد بن عمر قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام لم سمى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لأنه يميرهم العلم ، أما سمعت في كتاب الله عزوجل ونمير أهلنا؟.

١١٦ ـ في مجمع البيان (لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) وأنكر الجبائي العين وذكر انه لم تثبت بحجة وجوزه كثير من المحققين ورووا فيه الخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان العين حق والعين تستنزل الحالق والحالق المكان المرتفع من الجبل وغيره ، فجعل عليه‌السلام العين كأنها تحط ذروة الجبل من قوة أخذها وشدة بطشها.

١١٧ ـ وروى في الخبر انه كان يعوذ الحسن والحسين بأن يقول : أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة (٢) وروى ان إبراهيم عليه‌السلام عوذ ابنيه وان موسى عوذ إبني هارون بهذه العوذة.

١١٨ ـ وروى ان بنى جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام كانوا غلمانا بيضا فقالت أسماء بنت عميس يا رسول الله ان العين إليهم سريعة أفأسترقي لهم (٣) من العين؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم

__________________

(١) مر معناه تحت رقم ١١١.

(٢) اللامة ـ بتشديد الميم ـ : العين المصيبة بسوء.

(٣) استرقاه اى طلب ان يرقيه. والرقية : العوذة.

٤٤٠