تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

النهار وطرفاه المغرب والغداة (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) وهي صلوة العشاء الاخرة.

٢٣٤ ـ في الكافي محمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) قال : صلوة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب النهار.

٢٣٥ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن فضيل بن عثمان المرادي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن الا هالك (١) يهم العبد بالحسنة فيعملها فان هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته وان هو عملها كتب الله له عشرا ، ويهم بالسيئة ان يعملها فان لم يعملها لم يكتب عليه شيء ، وان هو عملها أجل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال : لا تعجل عسى ان يتبعها بحسنة تمحوها فان الله عزوجل يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) أو الاستغفار فان هو قال : استغفر (اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذا الجلال والإكرام وأتوب اليه ، لم يكتب عليه شيء ، وان مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات. اكتب على الشقي المحروم.

٢٣٦ ـ في مجمع البيان وروى أصحابنا عن ابن محبوب عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : واعلم انه ليس شيء أضر عاقبة ولا أسرع ندامة من الخطيئة ، وانه ليس شيء أشد طلبا ولا أسرع دركا للخطيئة من الحسنة ، اما انها لتدرك الذنب العظيم القديم المنسي عند صاحبه فتحته وتسقطه وتذهب به بعد إثباته وذلك قوله سبحانه : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ).

٢٣٧ ـ وروى عن أبى حمزة الثمالي قال : سمعت أحدهما عليهما‌السلام يقول : ان عليا قال : سمعت حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أرجى آية في كتاب الله (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ)

__________________

(١) في هذه العبارة احتمالات بل أقوال ذكرها المجلسي (ره) في مرآة العقول ونقله عنه في ذيل أصل الكافي ج ٢ : ٤٢٩ من الطبعة الحديثة فراجع.

٤٠١

وقرأ الآية كلها ، قال : يا على والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا ان أحدكم ليقوم الى وضوئه فتساقط عن جوارحه الذنوب ، فاذا استقبل الله بقلبه ووجهه لم ينفتل (١) وعليه من ذنوبه شيء كما ولدته امه ، فان أصاب شيئا بين الصلوتين كان له مثل ذلك حتى عد الصلوات الخمس ثم قال : يا على انما منزلة الصلوات الخمس لامتى كنهر جار على باب أحدكم ، فما يظن أحدكم إذا كان في جسده دون ثم اغتسل في ذلك النهر خمس مرات كان يبقى في جسده درن؟ فكذلك والله الصلوات الخمس لأمتى.

٢٣٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : وان الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة ، قال الله عزوجل : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ).

٢٣٩ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : لا يغرك الناس من نفسك فان الأمر يصل إليك من دونهم ، ولا تقطع النهار بكذا وكذا فان معك من يحفظ عليك ، ولم أر شيئا قط أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة المحدثة للذنب القديم ، ولا تصغر شيئا من الخير فانك تراه غدا حيث يسرك ولا تصغر شيئا من الشر فانك تراه غدا حيث يسوءك ان الله عزوجل يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ).

٢٤٠ ـ في تفسير العياشي عن إبراهيم الكرخي قال : كنت عند أبى عبد الله عليه‌السلام فدخل عليه مولى له فقال : يا فلان متى جئت؟ فسكت فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : جئت من هاهنا ومن هاهنا انظر بما تقطع به يومك ، فان معك ملكا موكلا يحفظ عليك ما تعمل ، فلا تحتقر سيئة وان كانت صغيرة فانها ستسوءك يوما ولا تحتقر حسنة فانه ليس شيء أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة ، أنها لتدرك الذنب العظيم القديم فتذهب به ، وقال الله في كتابه : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [قال] : قال صلوة الليل تذهب بذنوب النهار ، وقال : تذهب بما جرحتم (٢).

__________________

(١) انفتل من صلوته : انصرف عنها.

(٢) جرح الرجل الذنب : اكتسب.

٤٠٢

٢٤١ ـ عن إبراهيم بن عمر رفعه الى ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) الى (السَّيِّئاتِ) فقال : صلوة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب النهار.

٢٤٢ ـ عن سماعة بن مهران قال : سأل أبا عبد الله عليه‌السلام رجل من أهل الجبال عن رجل أصاب مالا من اعمال السلطان فهو يتصدق به ويصل قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب وهو يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)؟ فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : (١) ان كان خلط مع الحرام حلالا فاختلط جميعا فلم يعرف الحلال من الحرام فلا بأس.

٢٤٣ ـ وعنه في رواية المفضل بن سويد انه قال : انظر ما أصبت فعد به على إخوانك ، فان الله يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) قال المفضل : كنت خليفة أخي على الديوان قال : وقد قلت : جعلت فداك قد ترى مكاني من هؤلاء القوم فما يرى لي؟ قال : لو لم يكن كنت.

٢٤٤ ـ عن المفضل بن مزيد الكاتب قال : دخلت على أبى عبد الله عليه‌السلام وقد أمرت ان اخرج لبني هاشم جوائز فلم اعلم الا وهو على رأسي وانا مستخل فوثبت اليه فسألني عما امر لهم فناولتهم الكتاب فقال : ما ارى لإسماعيل هاهنا شيئا؟ فقلت : هذا الذي خرج إلينا ، ثم قلت له : جعلت فداك قد ترى مكاني من هؤلاء القوم فقال : لي : انظر ما أصبت فعد به على إخوانك فان الله يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ).

٢٤٥ ـ عن ابن خراش عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) قال : صلوة الليل يكفر ما عمل به من ذنوب النهار.

٢٤٦ ـ في مجمع البيان : (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : «وأهلها مصلحون» ينصف بعضهم بعضا

٢٤٧ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن

__________________

(١) وفي المصدر هكذا : «فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الخطيئة لا تكفر الخطيئة ولكن الحسنة تكفر الخطيئة ، ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان كان خلط الحلال .. اه».

٤٠٣

الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان قال : سئل ابو عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) فقال : كانوا (أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ) ليتخذ عليهم الحجة.

٢٤٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن حماد بن عثمان عن ابى عبيدة الحذاء قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الاستطاعة وقول الناس؟ فقال : وتلا هذه الآية : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يا با عبيدة! الناس مختلفون في اصابة القول وكلهم هالك ، قال : قلت : قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال : هم شيعتنا ولرحمته خلقهم ، وهو قوله : «ولذلك خلقهم» يقول : لطاعة الامام الرحمة التي يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) يقول : علم الامام وسع علمه الذي هو من علمه كل شيء هو شيعتنا (١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤٩ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عبد الله ابن سنان قال : سئل ابو عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) فقال : وكانوا (أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ) ليتخذ عليهم الحجة.

٢٥٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى على بن سالم عن أبيه عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) قال : خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمة الله فيرحمهم.

٢٥١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : (لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) في الدين (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يعنى آل محمد واتباعهم ، يقول الله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يعنى أهل رحمة لا يختلفون في الدين.

٢٥٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن على عليه‌السلام قال : لما خطب أبو بكر قام ابى بن كعب فقال : يا معشر المهاجرين الذين الى قوله : ويا معاشر الأنصار الى قوله : أخبرنا باختلافكم فقال : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ

__________________

(١) وفي المصدر «هم شيعتنا».

٤٠٤

وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) اى الرحمة وهم آل محمد. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥٣ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن رجل قال سألت على بن الحسين عليهما‌السلام عن قول الله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال : عنى بذلك من خالفنا من هذه الامة مخالف بعضهم بعضا في دينهم واما قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) فأولئك أوليائنا من المؤمنين (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) من الطينة طيبا ، اما تسمع لقول إبراهيم : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ) قال : إيانا عنى وأوليائه وشيعته وشيعة وصيه ، قال : (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ) قال : عنى بذلك من جحد وصيه ولم يتبعه من أمته ، وكذلك والله حال هذه الامة.

٢٥٤ ـ عن سعيد بن المسيب عن على بن الحسين عليهما‌السلام في قوله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) فأولئك هم اولياؤنا من المؤمنين ولذلك خلقهم من الطينة طيبا الى آخر ما سبق.

٢٥٥ ـ عن يعقوب بن سعيد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) قال : خلقهم للعبادة قال : قلت وقوله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ)؟ فقال : نزلت هذه بعد تلك.

٢٥٦ ـ في مجمع البيان : ولله غيب السموات والأرض وقد وجدت بعض المشايخ ممن يتسم بالعدل والتشيع قد ظلم الشيعة الامامية في هذا الموضع من تفسيره ، فقال : هذا يدل على ان الله سبحانه يختص بعلم الغيب خلافا لما يقوله الرافضة : ان الائمة يعلمون الغيب ، ولا شك انه عنى بذلك من يقول بامامة الاثنى عشر ويدين بأنهم أفضل الأنام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فان هذا دأبه وديدنه فيهم يشنع في مواضع كثيرة من كتابه عليهم وينسب القبايح والفضايح إليهم ، ولا نعلم ان أحدا منهم استجاز الوصف بعلم الغيب لأحد من الخلق ، وانما يستحق الوصف بذلك من يعلم جميع المعلومات لا بعلم مستفاد وهذه صفة القديم سبحانه العالم لذاته لا يشركه فيها أحد من المخلوقين ، ومن اعتقد ان غير الله سبحانه يشركه في هذه الصفة فهو خارج عن ملة

٤٠٥

الإسلام. واما ما نقل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ورواه عنه الخالص والعام من الاخبار بالغايبات في خطب الملاحم وغيرها.

مثل قوله يؤمي الى صاحب الزنج (١) : كأنى به يا أحنف وقد سار بالجيش الذي ليس له غبار ولا لجب ولا قعقعة لجم (٢) ولا صهيل خيل يثيرون الأرض باقدامهم كأنها أقدام النعام.

وقوله يشير الى مروان بن الحكم : اما ان له إمرة كعلقة الكلب انفه وهو ابو الأكبش الاربعة (٣) وستلقى الامة منه ومن ولده يوما أحمر (٤).

وما نقل من هذا الفن عن أئمة الهدى عليهم‌السلام مثل ما قاله ابو عبد الله لعبد الله بن الحسن وقد اجتمع هو وجماعة من العلوية والعباسية ليبايعوا ابنه محمدا : والله ما هي إليك ولا الى ابنك ولكنها لهم ـ وأشار الى العباسية ـ وان ابنيك لمقتولان ثم قام و

__________________

(١) صاحب الزنج هو رجل ظهر في فرات البصرة سنة ٢٥٥ وزعم انه على بن محمد ابن أحمد بن عيسى بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليه‌السلام. قال ابن أبى الحديد : وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصا الطالبيين وجمهور النسابين اتفقوا على انه من عبد القيس الى أن قال : وذكر المسعودي في كتابه المسمى بمروج الذهب ان افعال على بن محمد صاحب الزنج تدل على انه لم يكن طالبيا «انتهى». والزنج الذين أشار إليهم كانوا عبيدا لدهاقين البصرة وبناتها ولم يكونوا ذوي زوجات وأولاد ، بل كانوا على هيئة الشطار عزابا فلا نادبة لهم.

(٢) اللجب : الصوت. والقعقعة : تحريك الشيء اليابس مع صوت ، واللجم ـ بضمتين جمع اللجام.

(٣) الامرة ـ بالكسر ـ : الولاية ولعق الشيء لعقة : لحسه اى اكله بلسانه. وأراد عليه‌السلام بهذا القول قصر مدة ملكه وكذلك كانت مدة خلافة مروان فانه ولى تسعة أشهر. والأكبش الاربعة بنو عبد الملك : الوليد وسليمان ويزيد وهشام ولم يل الخلافة من بنى امية ولا من غيرهم اربعة اخوة الا هؤلاء.

(٤) يقال لليوم الشديد : يوم أحمر.

٤٠٦

توكأ على يد عبد العزيز بن عمران الزهري ، فقال له : أرأيت صاحب الرداء الأصفر يعنى أبا جعفر المنصور؟ قال : نعم ، قال : والله انا نجده يقتله فكان كما قال.

ومثل قول الرضا عليه‌السلام : بورك قبر بطوس وقبران ببغداد ، فقيل له : قد عرفنا واحدا فمن الآخر؟ فقال : ستعرفونه ، ثم قال : قبري وقبر هارون هكذا وضم إصبعيه وقوله في القصة المشهورة لأبي حبيب البناجى (١) وقد ناوله قبضة من التمر : لو زادك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لزدناك.

وقوله في حديث على بن احمد الوشاء حين قدم مرو من الكوفة : معك حلة في السفط (٢) الفلاني دفعتها إليك ابنتك وقالت لك : اشتر لي بثمنها فيروزجا والحديث مشهور ، الى غير ذلك مما روى عنهم عليهم‌السلام فان جميع ذلك متلقى عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله مما اطلعه الله تعالى عليه ، فلا معنى لنسبة من روى عنهم هذه الاخبار المشهورة الى أن يعتقد كونهم عالمين للغيب ، وهل هذا الا سبب قبيح وتضليل ، بل تكفير ولا يرتضيه من هو بالمذهب خبير ، والله يحكم بينه وبينهم واليه المصير.

__________________

(١) بناج ككتاب : قرية بالبادية كما قاله الفيروزآبادي وقصة أبى حبيب على ما ذكره الصدوق (ره) في كتاب عيون الاخبار في باب دلالات الرضا عليه‌السلام : انه قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام وقد وافى البناج ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاج في كل سنة ، وكأنى مضيت اليه وسلمت عليه ووقفت بين يديه ووجدت عنده طبقا من خوص ـ وهو ورق النخل ـ نخل المدينة فيه تمر صيحانى ، فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني منه فعددته فكان ثمانية عشرة تمرة ، فتأولت انى أعيش بعدد كل تمرة سنة ، فلما كان بعد عشرين يوما كنت في ارض تعمر بين يدي للزراعة حتى جاءني من أخبرنى بقدوم أبى الحسن الرضا عليه‌السلام من المدينة ونزوله ذلك المسجد ، ورأيت الناس يسعون اليه ، فمضيت نحوه فاذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتحته حصير مثل ما كان تحته ، وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحانى ، فسلمت عليه فرد السلام على واستدناني. فناولني قبضة من ذلك التمر فعددته فاذا عدده مثل ذلك التمر الذي ناولني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقلت له : زدني منه يا ابن رسول الله ، فقال : لو زادك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سلم لزدناك.

(٢) السفط : الوعاء الذي يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء.

٤٠٧

سورة يوسف

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة يوسف في كل يوم وفي كل ليلة بعثه الله يوم القيمة وجماله على جمال يوسف ، ولا يصيبه فزع يوم القيمة ، وكان من أخيار عباد الله الصالحين ، وقال : كانت في التوراة مكتوبة.

٢ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا تعلموا نساءكم سورة يوسف ولا تقرأوهن إياها ، فان فيها الفتن ، وعلموهن سورة النور فان فيها المواعظ.

٣ ـ في مجمع البيان ابى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : علموا أرقاءكم (١) سورة يوسف فانه أيما مسلم قرأها وعلمها أهله وما ملكت يمينه هون الله تعالى عليه سكرات الموت وأعطاه الدرجة (٢).

٤ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سمعت أبا جعفر محمد بن على الباقر عليه‌السلام يقول : ليس على النساء أذان الى أن قال : ويكره لهن تعلم سورة يوسف.

٥ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة قال : قال جعفر بن محمد : قال والدي عليه‌السلام : والله انى لا صانع بعض ولدي وأجلسه على فخذي وأكثر له المحبة (٣) وأكثر له الشكر ، وان الحق لغيره من ولدي ولكن مخالفة عليه (٤) منه ومن غيره لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف اخوته ، وما انزل الله سورة يوسف الا أمثالا لكيلا يحسد بعضنا بعضا كما حسد يوسف اخوته وبغوا عليه ، فجعلها حجة (رحمة خ) على من تولانا ودان بحبنا وجحد أعدائنا ، أعنى من نصب لنا الحرب والعداوة.

__________________

(١) ارقاء جمع رقيق المملوك يطلق على الذكر والأنثى.

(٢) وفي المصدر : «وأعطاه القوة ان لا يحسد مسلما».

(٣) وفي بعض النسخ «وأنكر له المحبة».

(٤) كذا في النسخ وفي المصدر «محافظة عليه» وهو الظاهر.

٤٠٨

٦ ـ في كتاب الخصال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : تعلموا العربية فانها كلام الله الذي تكلم به خلقه.

٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم خطبة له صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها : وأحسن القصص هذا القرآن.

٨ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وفيها : ثم ان أحسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكر كتاب الله عز ذكره.

٩ ـ في الكافي خطبة مسندة الى أبي جعفر عليه‌السلام وفيها : وان كتاب الله أصدق الحديث وأحسن القصص.

١٠ ـ في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الأنبياء على خمسة أنواع : منهم من يسمع الصوت مثل صوت السلسلة فيعلم ما عنى به ، ومنهم من ينبأ في منامه مثل يوسف وإبراهيم ، ومنهم من يعاين ، ومنهم من ينكت في قلبه ويوقر في اذنه.

١١ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله الأنصاري في قوله تعالى حكاية عن يوسف : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) فقال في تسمية النجوم : وهو الطارق ، وخوبان ، والذيال ، وذو الكتفان وقابس ووثاب وعموران ، وفيلق ، ومصبح ، والصدع ، وذو القروع ، والضياء : والنور يعنى الشمس والقمر ، وكل هذه الكواكب محيطة بالسماء.

١٢ ـ وعن جابر بن عبد الله قال : أتى النبي رجل من اليهود يقال له بشأن اليهودي فقال : يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف انها ساجدة له فما اسماءها؟ فلم يجبه نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ في شيء ، قال : فنزل جبرئيل عليه‌السلام فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأسمائها ، قال : فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى بشأن فلما ان جاءه قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هل أنت مسلم ان أخبرتك بأسمائها؟ قال : نعم ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : خوبان والطارق والذيال وذو الكتفان وقابس ووثاب وعموران والفيلق والصبيح والصدوح وذو القروع والضياء والنور رآها في أفق السماء ساجدة له ، فلما قصها يوسف عليه‌السلام

٤٠٩

قال يعقوب : هذا امر متشتت يجمعه الله عزوجل من بعد ، فقال بشأن : والله ان هذه لاسماؤها ثم أسلم.

١٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : تأويل هذه الرؤيا انه سيملك مصر ويدخل عليه أبو اه واخوته ، اما الشمس فأم يوسف راحيل ، والقمر يعقوب ، واما الأحد عشر كوكبا فإخوته فلما دخلوا عليه سجدوا شكرا لله وحده حين نظروا اليه وكان ذلك السجود لله تعالى.

١٤ ـ حدثني أبى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام انه كان من خبر يوسف عليه‌السلام انه كان له أحد عشر أخا وكان له من امه أخ واحد يسمى بنيامين ، وكان يعقوب إسرائيل الله اى خالص الله بن اسحق نبي الله بن إبراهيم خليل الله ، فرأى يوسف هذه الرؤيا وله تسع سنين ، فقصها على أبيه فقال يعقوب : (يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ).

١٥ ـ في روضة الكافي بعض أصحابنا عن على بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمان عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : ان الأحلام لم تكن فيما مضى في أول الخلق وانما حدثت ، فقلت : وما العلة في ذلك؟ فقال : ان الله عز ذكره بعث رسولا الى أهل زمانه فدعاهم الى عبادة الله وطاعته فقالوا : ان فعلنا ذلك فما لنا؟ فوالله ما أنت بأكثرنا مالا ولا بأعزنا عشيرة ، فقال : ان أطعتمونى أدخلكم الله الجنة وان عصيتم أدخلكم الله النار ، فقالوا : وما الجنة وما النار؟ فوصف لهم ذلك ، فقالوا : متى نصير الى ذلك؟ فقال : إذا متم ، فقالوا : لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما ورفاتا ، فازدادوا له تكذيبا وبه استخفافا ، فأحدث الله عزوجل فيهم الأحلام ، فاتوه فأخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك ، فقال : ان الله عز ذكره أراد أن يحتج عليكم بهذا ، هكذا تكون أرواحكم إذا متم ، وان بليت أبدانكم تصير الأرواح الى عقاب حتى تبعث الأبدان.

١٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن هشام بن سالم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : رأى المؤمن ورؤياه في آخر الزمان على سبعين جزءا من أجزاء النبوة.

٤١٠

١٧ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال :

حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن الثمالي قال : صليت مع على بن الحسين عليهما‌السلام الفجر بالمدينة يوم جمعة فلما فرغ من صلوته وسبحته نهض الى منزله وانا معه ، فدعا مولاة له تسمى سكينة فقال لها : لا يعبر على بابى سائل الا أطعمتموه ، فان اليوم يوم الجمعة ، قلت له : ليس كل من يسأل مستحق ، فقال : يا ثابت أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقا فلا نطعمه ونرده فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله أطعموهم أطعموهم ، ان يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه ، وان سائلا مؤمنا صواما محقا ، له عند الله منزلة وكان مجتازا غريبا اعتر (١) على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه : أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه وقد جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله ، فلما يئس أن يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر (٢) وشكى جوعه الى الله عزوجل وبات طاويا (٣) وأصبح صائما جائعا صابرا حامدا الله وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم.

قال : فأوحى الله عزوجل الى يعقوب في صبيحة تلك الليلة : لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استحدثت (٤) بها غضبى ، واستوجبت بها أدبى ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك ، يا يعقوب ان أحب انبيائى الى وأكرمهم على من رحم مساكين عبادي وقربهم اليه وأطعمهم ، وكان لهم مأوى وملجئا. يا يعقوب اما رحمت ذميال (٥) عبدي المجتهد في عبادته القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند

__________________

(١) الاعترار : إتيان الفقير للمعروف من غير أن يسئل.

(٢) استعبر : بكى حتى جرى دمعه.

(٣) الطاوى : الجائع.

(٤) وفي المصدر : «استجررت».

(٥) الظاهر ان ذميال اسم ذلك الرجل.

٤١١

أوان إفطاره ، وهتف بكم : أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع فلم تطعموه شيئا فاسترجع واستعبر وشكى ما به الى ، وبات طاويا حامدا لي صابرا وأصبح صائما ، وأنت يا يعقوب وولدك شباعا ، وأصبحت وعندكم فضلة من طعامكم؟ أوما علمت يا يعقوب ان العقوبة والبلوى الى أوليائى أسرع منها الى أعدائى؟ وذلك حسن النظر منى لأوليائي واستدراج منى لاعدائى؟ اما وعزتي لأنزل بك بلوائى ولأجعلنك وولدك غرضا لمصائبى ولأؤدبنك بعقوبتي فاستعدوا لبلواي وارضوا بقضائي واصبروا للمصائب.

فقلت لعلى بن الحسين عليهما‌السلام : جعلت فداك متى راى يوسف الرؤيا؟ فقال في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعا ، وبات فيها ذميال طاويا جائعا ، فلما راى يوسف الرؤيا وأصبح فقصها على أبيه يعقوب فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف الرؤيا مع ما اوحى الله عزوجل اليه ان استعد للبلاء ، فقال يعقوب ليوسف : لا تقصص رؤياك هذه على إخوتك فانى أخاف ان يكيدوا لك كيدا ، فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها على اخوته ، قال على بن الحسين عليهما‌السلام : وكانت أول بلوى نزلت بيعقوب وآل يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا ، قال : فاشتدت رقة يعقوب على يوسف وخاف ان يكون ما اوحى الله عزوجل اليه من الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصة فاشتدت رقته عليه من بين ولده ، فلما راى اخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف من تكرمته إياه وإيثاره إياه عليهم ، اشتد ذلك عليهم وبدا البلاء فيهم ، فتؤامروا (١) فيما بينهم وقالوا : ان يوسف وأخاه (أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) اى تتوبون فعند ذلك (قالُوا : يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ) الآية فقال يعقوب : (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) فانتزعه حذرا عليه منه ان يكون البلوى من الله على يعقوب في يوسف خاصة لموقعه من قلبه وحبه له.

__________________

(١) اى تشاوروا.

٤١٢

قال : فغلبت قدرة الله وقضائه ونافذ أمره في يعقوب ويوسف واخوته ، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه ولا عن يوسف وولده ، فدفعه إليهم وهو لذلك كاره متوقع للبلوى من الله فيوسف ، فلما خرجوا من منزلهم لحقهم مسرعا فانتزعه من أيديهم فضمه اليه واعتنقه وبكى ودفعه إليهم ، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم ولا يدفعه إليهم ، فلما أيقنوا به أتوا به غيضة أشجار (١) فقالوا : نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة فيأكله الذئب الليلة ، فقال كبيرهم : (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) فانطلقوا به الى الجب وألقوه فيه وهم يظنون انه يغرق فيه ، فلما صار في قعر الجب ناداهم : يا ولد رومين اقرأوا يعقوب السلام منى ، فلما رأوا كلامه قال بعضهم لبعض : لا تزالوا من هاهنا حتى تعلموا انه قد مات ، فلم يزالوا بحضرته حتى آيسوا ورجعوا الى أبيهم عشاء يبكون (قالُوا : يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) فلما سمع مقالتهم استرجع واستعبر وذكر ما أوحى الله عزوجل اليه من الاستعداد للبلاء فصبروا أذعن للبلوى ، فقال لهم : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) وما كان الله ليطعم لحم يوسف للذئب من قبل ان أرى تأويل رؤياه الصادقة.

قال أبو حمزة : ثم انقطع حديث على بن الحسين عليهما‌السلام عند هذا فلما كان من الغد غدوت عليه فقلت له : جعلت فداك انك حدثتني أمس بحديث ليعقوب وولده ثم قطعته فما كان من قصة اخوة يوسف وقصة يوسف بعد ذلك؟ فقال انهم لما أصبحوا قالوا : انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف أمات أم هو حي؟ فلما انتهوا الى الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة وقد أرسلوا واردهم وادلى دلوه ، إذ هو بغلام متعلق بدلوه فقال لأصحابه : (يا بُشْرى هذا غُلامٌ) فلما أخرجوه أقبلوا إليهم اخوة يوسف فقالوا : هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب وجئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم وتنحوا به ناحية فقالوا له : إما ان تقر لنا انك عبدنا فنبيعك بعض هذه السيارة أو نقتلك فقال لهم يوسف : لا تقتلوني واصنعوا

__________________

(١) الغيضة : مجتمع الشجر في مغيض ماء. الأجمة. ويقال له بالفارسية «جنگل».

٤١٣

ما شئتم ، فأقبلوا به الى السيارة فقالوا : أمنكم من يشترى منا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما وكان اخوته (فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) ، وسار به (الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ) البدو حتى ادخله مصر ، فباعه (الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ) البدو من ملك مصر وذلك قول الله عزوجل : (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) قال ابو حمزة : فقلت لعلى بن الحسين عليهما‌السلام : ابن كم كان يوسف يوم ألقوه في الجب؟ فقال : كان ابن تسع سنين ، فقلت : كم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟ فقال : مسيرة اثنى عشر يوما ، قال : وكان يوسف من أجمل أهل زمانه فلما راهق يوسف (١) راودته امرأة الملك عن نفسه فقال لها : معاذ الله انا من أهل بيت لا يزنون فغلقت الأبواب عليها وعليه وقالت : لا تخف وألقت نفسها عليه فأفلت (٢) منها هاربا الى الباب ففتحته فلحقته فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه فأفلت يوسف منها في ثيابه (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قال : فهم الملك بيوسف ليعذبه فقال له يوسف : واله يعقوب ما أردت بأهلك سوءا بل (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) فسل هذا الصبى أينا راود صاحبه عن نفسه؟ قال : وكان عندها صبي من أهلها زائر لها فأنطق الله الصبى لفصل القضاء فقال : ايها الملك انظر الى قميص يوسف فان كان مقدودا من قدامه فهو الذي راودها؟ وان كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته فلما سمع الملك كلام الصبى وما اقتص أفزعه ذلك فزعا شديدا فجيء بالقميص فنظر اليه فلما رآه مقدودا من خلفه قال لها : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) وقال ليوسف : (أَعْرِضْ عَنْ هذا) ولا يسمعه منك أحد واكتمه قال : فلم يكتمه يوسف وأذاعه في المدينة حتى قلن نسوة منهن : (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) فبلغها ذلك فأرسلت إليهن وهيئت لهن طعاما ومجلسا ثم أتتهن بأترج (وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) ثم قالت ليوسف : (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) وقلن ما قلن ، فقالت

__________________

(١) راهق الغلام : قارب الاحتلام.

(٢) أفلت اى خلص.

٤١٤

لهن : (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) يعنى في حبه ، وخرجن النسوة من عندها فأرسلت (كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَ) الى يوسف سرا من صاحبتها تسأله الزيارة ، فأبى عليهن وقال : (إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) فصرف الله عنه كيدهن فلما شاع امر يوسف وامر امرأة العزيز والنسوة في مصر بدا للملك بعد ما سمع قول الصبى ليسجنن يوسف فسجنه في السجن ودخل السجن مع يوسف فتيان وكان من قصتهما وقصة يوسف ما قصه الله في الكتاب قال ابو حمزة : ثم انقطع حديث على بن الحسين صلوات الله عليه.

١٨ ـ في تفسير العياشي عن أبى حذيفة (١) عن رجل عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : انما ابتلى يعقوب بيوسف انه ذبح كبشا سمينا ورجل من أصحابه يدعى بقوم محتاج لم يجد ما يفطر عليه ، فأغفله ولم يطعمه فابتلى بيوسف ، وكان بعد ذلك كل صباح مناديه ينادى : من لم يكن صائما فليشهد غداء يعقوب فاذا كان المساء نادى : من كان صائما فليشهد عشاء يعقوب.

١٩ ـ في مجمع البيان (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) قيل : هو لاوى ، رواه على بن إبراهيم في تفسيره.

٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عمر بن يزيد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان بنى يعقوب لما سألوا أباهم يعقوب ان يأذن ليوسف في الخروج معهم قال لهم «انى (أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) قال : فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : قرب يعقوب لهم العلة اعتلوا بها في يوسف.

٢١ ـ في مجمع البيان وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : لا تلقنوا الكذب فتكذبوا ، فان بنى يعقوب لم يعلموا ان الذئب يأكل الإنسان حتى لقنهم أبو هم.

٢٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن الحسن ابن عمار عن الدهان عن مسمع عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما طرح اخوة يوسف ، يوسف في الجب أتاه جبرئيل عليه‌السلام فدخل عليه فقال : يا غلام ما تصنع هاهنا؟ فقال : ان

__________________

(١) وفي المصدر «أبو خديجة» بدل «ابو حذيفة».

٤١٥

إخوتي ألقونى في الجب ، قال : فتحب أن تخرج منه؟ قال : ذاك الى الله عزوجل ان شاء أخرجني ، قال : فقال له : ان الله يقول لك : ادعني بهذا الدعاء حتى أخرجك من الجب فقال له : وما الدعاء؟ قال : قل : اللهم انى أسئلك بان لك الحمد لا اله الا أنت المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام ان تصلى على محمد وآل محمد وان تجعل لي مما انا فيه فرجا ومخرجا قال : ثم كان من قصته ما ذكر الله في كتابه.

٢٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم نحوه سندا ومتناه وزاد بعد قوله : «ومخرجا» وارزقني من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب ، فدعا ربه فجعل له من الجب فرجا ومن كيد المرأة مخرجا ، وأتاه ملك مصر من حيث لا يحتسب (١).

٢٤ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده الى ابى بصير قال : قلت لأبي عبد الله الصادق عليه‌السلام : ما كان دعاء يوسف في الجب ، فانا قد اختلفنا فيه؟ فقال : ان يوسف عليه‌السلام لما صار في الجب وأيس من الحيوة قال : اللهم ان كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتا ولن تستجيب لي دعوة فانى أسئلك بحق الشيخ يعقوب فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه فقد علمت رقته على وشوقي اليه (٢).

٢٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) يقول : لا يشعرون انك أنت يوسف أتاه جبرئيل فأخبره بذلك.

٢٦ ـ في تفسير العياشي عن زيد الشحام عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) قال كان ابن سبع سنين.

٢٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله :

__________________

(١) «وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب حديث طويل ذكرناه عند قوله تعالى : وذا النون ... الاية وفيه ان من قبل من الأنبياء ولاية أهل البيت عليهم‌السلام سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتعنع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة ، وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء ، وما لقى داود من الخطيئة ، الى أن بعث اليه يونس. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) «لهذا الحديث تتمة ستقف عليها عند قوله تعالى : انما أشكو بثي الاية. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٤١٦

(وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ) : انهم ذبحوا جديا (١) على قميصه.

٢٨ ـ في تفسير العياشي عن ابى جميلة عن رجل عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما اوتى بقميص يوسف الى يعقوب فقال : اللهم لقد كان ذئبا رفيقا حين لم يشق القميص ، قال : وكان به نضح من دم (٢).

٢٩ ـ في مجمع البيان وروى انه القى ثوبه على وجهه وقال : يا يوسف لقد أكلك ذئب رحيم ، أكل لحمك ولم يشق قميصك (٣).

__________________

(١) الجدي من أولاد المعز وهو الذكر في السنة الاولى والأنثى العناق.

(٢) «في تفسير على بن إبراهيم : وقال على بن إبراهيم : رجع اخوته فقالوا : نعمد على قميصه فنلطخه بالدم ، ونقول لأبينا : ان الذئب أكله ، فلما فعلوا ذلك قال لهم لاوى : يا قوم ألسنا بنى يعقوب إسرائيل الله بن اسحق نبي الله بن إبراهيم خليل الله أفتظنون ان الله عزوجل يكتم هذا الخبر عن أنبيائه؟ فقالوا : وما الحيلة؟ قال : نقوم ونغتسل ونصلي جماعة ونتضرع الى الله تعالى أن يكتم ذلك عن أنبيائه فانه جود كريم ، فقاموا واغتسلوا وكان في سنة إبراهيم وإسحاق ويعقوب انهم لا يصلون جماعة حتى يبلغوا احدى عشر رجلا ، فيكون واحد منهم إماما وعشرة يصلون خلفه قالوا : كيف نصنع وليس لنا امام؟ فقال لاوى : نجعل الله إمامنا ، فصلوا وتضرعوا وبكوا وقالوا : يا رب اكتم علينا هذا. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : في كتاب سعد السعود لابن طاووس رحمه‌الله من كتاب تفسير عن أهل البيت صلوات الله عليهم ما هذا لفظه : وفي حديث على بن إبراهيم بن هاشم عن رجاله رفعه الى الصادق عليه‌السلام انه لما رجع اخوة يوسف الى أبيهم بقميصه ملطخا بالدم وقالوا : نقول ان الذئب أكله فقال لهم أخوهم لاوى ... وذكر كما نقلنا عن على بن إبراهيم سواء. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٣) «في كتاب سعد السعود لابن طاووس رحمه‌الله نقله من تفسير ابى العباس بن عقدة عن عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما الصبر الجميل؟ قال ذاك صبر ليس فيه شكوى الى الناس منه عفى عنه» كذا في هامش بعض النسخ ، أقول : ولهذا الحديث تتمه ذكرها المجلسي (ره) في البحار ج ٥ : ١٤٧ ، وذكر هناك أحاديث اخرى في تفسير قوله تعالى : «فصبر جميل» بمثل ما نقله المؤلف (ره) عن كتاب سعد السعود فراجع.

٤١٧

٣٠ ـ في كتاب الخصال عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : كان في قميص يوسف ثلاث آيات في قوله تعالى : (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) وقوله تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ) وقوله تعالى : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا).

٣١ ـ في سؤال بعض اليهود عليا عليه‌السلام عن الواحد الى المأة فما العشرون؟ قال : بيع يوسف بعشرين درهما.

٣٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن ابى نصر عن الرضا عليه‌السلام في قول الله : و (شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) قال : كانت عشرين درهما ، والبخس النقص وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل كان قيمته عشرين درهما.

٣٣ ـ في مجمع البيان وكانت الدراهم عشرين درهما وهو المروي عن على ابن الحسين عليه‌السلام ، قال : وكانوا عشرة اقتسموها درهمين درهمين.

٣٤ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأله عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : وسئله عن أول من وضع سكة الدنانير والدراهم؟ فقال : نمرود بن كنعان.

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى محمد بن يعقوب عن على بن محمد باسناده رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لبعض اليهود ـ وقد سأله عن مسائل : وانما سمى الدرهم درهما لأنه دراهم من جمعه ولم ينفقه في طاعة الله أورثه النار.

٣٦ ـ في تفسير العياشي عن الحسن عن رجل عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : «و (شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) قال : كانت عشرين درهما.

٣٧ ـ عن عبد الله بن سليمان عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : قد كان يوسف بين أبويه مكرما ، ثم صار عبدا حتى بيع أخس وأوكس الثمن ثم (١) لم يمنع الله ان بلغ به حتى صار ملكا.

٣٨ ـ عن ابن حصين عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ)

__________________

(١) الأوكس : الأنقص.

٤١٨

قال كانت دراهم ثمانية عشر درهما.

٣٩ ـ وبهذا الاسناد عن الرضا عليه‌السلام قال : كانت الدراهم عشرين درهما وهي قيمة كلب الصيد إذا قل ، والبخس النقص.

٤٠ ـ في مجمع البيان وروى عن على عليه‌السلام هيت لك بالهمز وضم التاء.

٤١ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام عند المأمون مع أهل الملل والمقالات وما أجاب به على بن الجهم في عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : واما قوله في يوسف عليه‌السلام : و (لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) فانها همت بالمعصية وهم يوسف بقتلها ان أجبرته لعظم ما تداخله ، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) يعنى القتل والزنا.

٤٢ ـ وفي باب مجلس آخر للرضا عليه‌السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء باسناده الى على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه‌السلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عزوجل الى أن قال : فأخبرنى عن قول الله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) فقال الرضا عليه‌السلام : (لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) و (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) لهم بها كما همت به لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه ولقد حدثني ابى عن الصادق عليه‌السلام انه قال : همت بأن تفعل وهم بان لا يفعل ، فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن.

٤٣ ـ وفي باب آخر فيما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار المجموعة ، وبهذا الاسناد عن على بن الحسين عليهما‌السلام انه قال في قول الله عزوجل : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) قال :

قامت امرأة العزيز الى الصنم فألقت عليه ثوبا فقال لها يوسف. ما هذا؟ فقالت : أستحيى من الصنم أن يرانا ، فقال لها يوسف : أتستحين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه ولا يأكل ولا يشرب ، ولا استحى انا ممن خلق الإنسان وعلمه؟ فذلك قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ)

٤٤ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده الى أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال لعلقمة : ان رضا الناس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط ، وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله

٤١٩

وحجج الله عليهم‌السلام ، ألم ينسبوا يوسف عليه‌السلام الى انه هم بالزنا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ في تفسير العياشي عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : لما (هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) قالت له : كما أنت (١) قال : ولم؟ قالت : حتى أغطى وجه الصنم لا يرانا فذكر الله عند ذلك وقد علم ان الله يراه ففر منها.

٤٦ ـ عن محمد بن قيس عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان يوسف لما حل سراويله رأى مثال يعقوب عاضا على إصبعه (٢) وهو يقول له : يوسف! قال : فهرب ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام لكني والله ما رأيت عورة أبى قط ، ولا أرى أبى عورة جدي قط ، ولا أرى جدي عورة أبيه قط ، قال : وهو عاض على إصبعه فوثب فخرج الماء من إبهام رجله (٣).

__________________

(١) اى كن على ما أنت عليه من الحال.

(٢) عض على إصبعه : أمسكه بأسنانه.

(٣) هذا الحديث وما يضاهيه محمول على التقية كما يظهر من الحديث الآتي وقد ذكرناه في ذيل العياشي أيضا وذكره غير واحد من شراح الحديث ، والا ففيه ما يخالف عقائد الامامية وان شئت تحقيق الكلام في ذلك وتفصيله فراجع تنزيه الأنبياء : ٦٠ ـ ٦٨. والبحار ج ٥ : ١٩٨ ـ ٢٠٠ ولقد أجاد المحدث المحقق المولى محسن الفيض (قده) في المقام قال في الصافي بعد نقل جملة من الروايات في الباب ما لفظه : وقد نسبت العامة خذلهم الله الى يوسف في هذا المقام أمورا ، ورووا بها روايات مختلفة لا يليق للمؤمن نقلها فكيف باعتقادها! ونعم ما قيل : ان الذين لهم تعلق بهذه الواقعة هم يوسف والمرأة وزوجها والنسوة والشهود ورب العالمين وإبليس ، وكلهم قالوا ببراءة يوسف عن الذنب فلم يبق لمسلم توقف في هذا الباب. اما يوسف فقوله : (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) وقوله : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) واما المرأة فلقولها : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) وقالت : (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ) واما زوجها فلقوله : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) واما النسوة فلقولهن : *

٤٢٠