تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

موسى بن القاسم البجلي عن على بن أسباط قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام جعلت فداك ما ترى آخذ برا أو بحرا فأن طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال : اخرج برا ولا عليك أن تأتى مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتصلى ركعتين في غير وقت فريضة ، ثم تستخير الله مأة مرة ومرة ، ثم تنظر فان عزم الله لك على البحر فقل الذي قال الله عزوجل : (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ) مجريها ومرسيها (إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن أسباط عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : ان ركبت البحر فاذا صرت في السفينة فقل : «بسم الله مجريها ومرسيها (إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٦ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن ابى يوسف يعقوب بن عبد (اللهُ مِنْ وَلَدٍ) ابى فاطمة عن اسمعيل بن زيد مولى عبد الله بن يحيى الكاهلي عن ابى عبد الله عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه مسجد الكوفة وفيه يقول : ومنه سارت سفينة نوح.

١٠٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن صفوان عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أراد الله عزوجل هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا وفيه يقول عليه‌السلام : فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباحا ومن الأرض العيون حتى ارتفعت السفينة فمسحت السماء.

١٠٨ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسن بن على عن داود بن يزيد عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ارتفع الماء (عَلى كُلِّ جَبَلٍ) وعلى كل سهل خمسة عشر ذراعا. قال عز من قائل : و (هِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ).

١٠٩ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الحسين بن خالد الصيرفي عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : ان نوحا لما ركب السفينة اوحى الله عزوجل اليه : يا نوح ان خفت الغرق فهللني ألفا ثم اسألنى النجاة انجك من الغرق ومن آمن معك ، قال : فلما استوى و

٣٦١

من معه في السفينة ورفع القلس عصفت الريح عليهم (١) فلم يأمن نوح عليه‌السلام [الغرق] وأعجلته الريح فلم يدرك ان يهلل الف مرة ، فقال بالسريانية هيلويا (٢) ألفا ألفا يا ماريا يا ماريا اتقن ، قال : فاستوى القلس واستمرت السفينة (٣) فقال نوح عليه‌السلام : ان كلاما نجاني الله به من الغرق لحقيق ان لا يفارقني ، قال : فنقش في خاتمه لا اله الا الله الف مرة يا رب أصلحني.

وفي كتاب الخصال ـ عن الحسين بن خالد عن ابى الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : ان نوحا لما ركب في السفينة اوحى الله عزوجل اليه وذكر نحو ما في عيون الاخبار.

١١٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» وعن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان نوحا لما ركب السفينة وخاف الغرق قال : اللهم انى أسئلك بمحمد وآل محمد لما أنجيتني من الغرق فنجاه الله عزوجل والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى سهل بن زياد الآدمي قال : حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال : سمعت على بن محمد العسكري عليه‌السلام يقول : عاش نوح عليه‌السلام ألفين وخمسمائة سنة ، وكان يوما في السفينة نائما فهبت الريح فكشفت عورته فضحك حام ويافث فزجرهما سام عليه‌السلام ونهاهما عن الضحك ، وكلما كان غطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث ، فانتبه نوح عليه‌السلام فرآهم وهم يضحكون فقال : ما هذا؟ فأخبره سام بما كان. فرفع نوح يده الى السماء يدعو ويقول اللهم غير ماء صلب حام حتى لا يولد له ولد الا السودان ، اللهم غير ماء صلب يافث فغير الله ماء صلبيهما ، فجميع السودان حيث كانوا ، من حام ، وجميع الترك والصقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا ، وجميع البيض سواهم من سام ، و

__________________

(١) القلس : حبل للسفينة ضخم من ليف وقيل من غيره ، وعصفت الريح : اشتدت.

(٢) وفي المصدر «هيلوليا».

(٣) «وفي المصدر واستقرت السفينة» وهو الظاهر.

٣٦٢

قال نوح عليه‌السلام لحام ويافث : جعل الله ذريتكما خولا (١) لذرية سام الى يوم القيمة لأنه برني وعققتماني ، فلا زالت سمة عقوقكما لي في ذريتكما ظاهرة ، وسمة البر بى في ذرية سام ظاهرة ما بقيت الدنيا.

١١٢ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ونادى نوح ابنه قال : انما في لغة طي «ابنه» بنصب الالف يعنى ابن امرأته.

١١٣ ـ عن موسى عن العلا بن سيابة عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ) قال : ليس بابنه انما هو ابن امرأته وهو لغة طي يقولون لابن امرأته ابنه.

١١٤ ـ عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول نوح : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا) قال : ليس ابنه قال : قلت : ان نوحا قال : يا بنى؟ قال : فان نوحا قال ذلك وهو لا يعلم.

١١٥ ـ في مجمع البيان وروى عن على بن ابى طالب عليه‌السلام وابى جعفر محمد بن على وأبي عبد الله جعفر بن محمد عليهم‌السلام و (نادى نُوحٌ ابْنَهُ) (٢).

١١٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن ابى حمزة عن ابى نعيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان النجف كان جبلا وهو الذي قال ابن نوح : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ) ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه ، فأوحى الله عزوجل اليه : يا جبل أيعتصم بك منى؟ فتقطع قطعا الى بلاد الشام وصار رملا دقيقا وصار بعد ذلك بحرا عظيما وكان يسمى ذلك البحر بحر «نى» ثم جف بعد ذلك فقيل نيجف فسمى بنجف ثم صار الناس بعد ذلك يسمونه نجف لأنه كان أخف على ألسنتهم.

١١٧ ـ في من لا يحضره الفقيه روى صفوان بن مهران الجمال عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : سار وانا معه في القادسية حتى أشرف على النجف ، فقال : هو الجبل الذي اعتصم به ابن جدي نوح فقال : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ) فأوحى الله عزوجل اليه : يا جبل أيعتصم بك منى أحد؟ فغار في الأرض وتقطع الى الشام.

١١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن صفوان عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أراد الله هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا ويقول فيه عليه‌السلام : فقال الله

__________________

(١) الخول جمع الخولي : العبيد والإماء.

(٢) يعنى مخفف «ابنها» راجع المجمع ج ٣ : ١٦٠.

٣٦٣

عزوجل : (ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) يقول : مجريها اى مسيرها ومرسيها اى موقفها ، فدارت السفينة ونظر نوح الى ابنه يقع ويقوم ، فقال له : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) فقال ابنه : كما حكى الله عزوجل : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ) فقال نوح عليه‌السلام (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) ثم قال نوح عليه‌السلام : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) فقال الله عزوجل (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) فقال نوح عليه‌السلام كما حكى الله عزوجل (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) فكان كما حكى الله عزوجل (وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : فدارت السفينة وضربتها الأمواج حتى وافت مكة ، وطافت ثم بالبيت وغرق جميع الدنيا الا موضع البيت ، وانما سمى البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق ، فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباحا ، ومن الأرض العيون حتى ارتفعت السفينة فمسحت السماء ، قال : فرفع نوح عليه‌السلام يده فقال : «يا رهمان انفر» وتفسيرها يا رب احبس ، فأمر الله عزوجل الأرض ان تبلغ ماءها وهو قوله عزوجل : (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) اى أمسكي (وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ) فبلعت الأرض ماؤها فأراد ماء السماء ان يدخل في الأرض فامتنعت الأرض من قبولها : وقالت : انما أمرني الله عزوجل ان ابلع مائى فبقي ماء السماء على وجه الأرض واستوت السفينة على جبل الجودي وهو بالموصل جبل عظيم ، فبعث الله عزوجل جبرئيل فساق الماء الى بحار حول الدنيا.

١١٩ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : ان الله عزوجل اوحى الى نوح عليه‌السلام وهو في السفينة ان يطوف بالبيت أسبوعا ، فطاف بالبيت كما اوحى اليه ، ثم نزل في الماء الى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم عليه‌السلام ، فحمله في جوف السفينة حتى طاف ما شاء الله ان يطوف ، ثم ورد الى باب الكوفة في وسط مسجدها ، ففيها قال الله تعالى للأرض : «ابلعي ماءك» فبلعت ماءها

٣٦٤

من مسجد الكوفة كما بدء الماء منه ، وتفرق الجمع الذي كان مع نوح عليه‌السلام في السفينة.

١٢٠ ـ في تفسير العياشي إبراهيم بن ابى العلا عن غير واحد عن أحدهما قال : لما قال الله (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) قال الأرض : انما أمرت ان أبلع مائى أنا فقط ولم أو مر أن ابلع ماء السماء قال : فبلعت الأرض مائها وبقي ماء السماء فصير بحرا حول الدنيا.

١٢١ ـ عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) قال : نزلت بلغة الهند اشربي.

١٢٢ ـ وفي رواية عباد عنه : (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) حبشية.

١٢٣ ـ عن ابى بصير عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال : يا با محمد ان الله اوحى الى الجبال انى مهرق سفينة نوح على جبل منكن في الطوفان فتطاولت وشمخت وتواضع جبل عند كم بالموصل يقال له الجودي ، فمرت السفينة تدور في الطوفان على الجبال كلها أشرفت الى الجودي فوقفت عليه ، فقال نوح : بارات قنى بارات قنى (١) قال : قلت : جعلت فداك اى شيء هذا الكلام؟ فقال : اللهم أصلح ، اللهم أصلح.

١٢٤ ـ عن أبى بصير عن أبى الحسن موسى عليه‌السلام قال : كان نوح في السفينة فلبث فيها ما شاء الله فكانت مأمورة فخلى سبيلها نوح ، فأوحى الله الى الجبال انى واضع سفينة عبد ى نوح على جبل منكن فتطاولت الجبال وشمخت غير الجودي وهو جبل بالموصل ، فضرب جؤجؤ السفينة (٢) الجبل فقال نوح عند ذلك رب اتقن وهو بالعربية : رب أصلح.

١٢٥ ـ وروى كثير النوا عن أبى جعفر عليه‌السلام يقول : سمع نوح صرير السفينة على الجودي فخاف عليها فأخرج رأسه من كوة (٣) كانت فيها فرفع يده وأشار بإصبعه

__________________

(١) وفي المصدر «يا راتقى يا راتقى».

(٢) جؤجؤ السفينة : صدرها.

(٣) الكوة : الخرق في الحائط.

٣٦٥

وهو يقول : رهمان (١) اتقن ، تأويلها رب أحسن.

١٢٦ ـ في مجمع البيان (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) قيل : انها لم تبتلع ماء السماء لقوله : «مائك» وان ماء السماء صار بحرا وأنهارا وهو المروي عن أئمتنا عليهم‌السلام.

١٢٧ ـ في أصول الكافي احمد بن أبى عبد الله عن أبيه عن على بن الحكم رفعه عن ابى بصير قال : دخلت على ابى الحسن موسى عليه‌السلام في السنة التي قبض فيها ابو عبد الله عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك مالك ذبحت كبشا ونحر فلان بدنة؟ فقال : يا با محمد ان نوحا عليه‌السلام كان في السفينة وكان فيها ما شاء الله وكانت السفينة مأمورة فطافت بالبيت وهو طواف النساء وخلا سبيلها نوح فأوحى الله عزوجل الى الجبال انى واضع سفينة نوح عبد ى على جبل منكن ، فتطاولت وشمخت وتواضع الجودي وهو جبل عندكم ، فضربت السفينة بجؤجؤها الجبل ، قال : فقال نوح عند ذلك : يا بار اتقن (٢) وهو بالسريانية : رب أصلح ، قال فظننت ان أبا الحسن عليه‌السلام عرض بنفسه.

١٢٨ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام الخراساني عن المفضل بن عمر قال : قلت له : كم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء وخرجوا منها؟ فقال : لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها ، فطافت بالبيت أسبوعا ثم (اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ) وهو فرات الكوفة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن الحسن بن صالح الثوري عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان سفينة نوح سعت بين الصفا والمروة ، وطافت بالبيت سبعة أشواط ثم (اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ).

١٣٠ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن الوشاء عن على بن أبى حمزة قال : قال لي أبو الحسن عليه‌السلام : ان سفينة نوح كانت مامورة فطافت بالبيت حيث غرقت الأرض ثم أتت من يفي أيامها ، ثم رجعت السفينة وكانت مامورة وطافت بالبيت طواف النساء.

__________________

(١) وفي نسخة «رهان» وقد مر نظيره وفي المصدر «ربعمان».

(٢) وفي نسخة : «يا ماري اتقن». وتوافقه المصدر أيضا.

٣٦٦

١٣١ ـ في تهذيب الأحكام على بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن أبان بن عثمان الأحمر عن كثير النواعن ابى جعفر عليه‌السلام قال : لزقت السفينة يوم عاشورا على الجودي فامر نوح عليه‌السلام من معه من الجن والانس ان يصوموا ذلك اليوم.

١٣٢ ـ في تفسير العياشي عن عبد الحميد بن ابى الديلم قال : لما ركب نوح عليه‌السلام في السفينة (قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

١٣٣ ـ في مجمع البيان ويروى ان كفار قريش أرادوا ان يتعاطوا معارضة القرآن فعكفوا على الباب البر ولحوم الضأن وسلاف الخمر (١) أربعين يوما لتصفوا ذهانهم فلما أخذوا فيما أرادوا سمعوا هذه الآية فقال بعضهم لبعض : هذا كلام لا يشبه كلام المخلوقين وتركوا ما أخذوا فيه وافترقوا.

١٣٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن صفوان عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أراد الله هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا وفيه ثم «قال نوح : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) الى قوله : (مِنَ الْخاسِرِينَ) وقد سبق مع قوله : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا) فيه أيضا.

١٣٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فهذا نوح صبر في ذات الله عزوجل وأعذر قومه إذ كذب؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله صبر في ذات الله وأعذر قومه إذ كذب وشرد وحصب بالحصى ، وعلاه ابو لهب بسلا ناقة ، (٢) فأوحى الله تبارك وتعالى الى جابيل ملك الجبال ان شق الجبال ، وانته الى امر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأتاه فقال له : انى أمرت لك بالطاعة فان أمرت ان أطبقت عليهم الجبال فأهلكتهم بها؟ قال عليه‌السلام : انما بعثت رحمة ، رب اهد أمتي فإنهم لا يعلمون ، ويحك يا يهودي ان نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم

__________________

(١) السلاف : ما تحلب وسال قبل العصر وهو أفضل الخمر.

(٢) السلى : الجلدة التي يكون فيها الولد من الناس والمواشي وان انقطع في البطن هلكت الام وهلك الولد.

٣٦٧

رقة القرابة وأظهر عليهم شفقة ، فقال : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) فقال الله تبارك وتعالى اسمه : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) أراد جل ذكره أن يسليه بذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لما علنت من قومه المعاندة (١) شهر عليهم سيف النقمة ولم تدركه فيهم رقة القرابة ولم ينظر إليهم بعين مقة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٦ ـ وعن أمير المؤمنين حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال : وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بتكذيبه نوحا لما قال : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) بقوله : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) : واما هفوات الأنبياء عليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة ، لأنه علم ان براهين الأنبياء عليهم‌السلام تكبر في صدور أممهم ، وان منهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي تفرد به عزوجل.

١٣٧ ـ في مجمع البيان وروى على بن مهزيار عن الحسن بن على الوشاء عن الرضا عليه‌السلام قال : قال ابو عبد الله : ان الله تعالى قال لنوح : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) لأنه كان مخالفا له وجعل من اتبعه من اهله.

١٣٨ ـ في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى اسحق بن يعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمرى أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت على فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الدار عليه‌السلام : اما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك من امر المنكرين لي من أهل بيتنا وبين عمنا ، فاعلم انه ليس بين الله عزوجل وبين أحد قرابة ، ومن انكرنى فليس منى وسبيله سبيل ابن نوح.

١٣٩ ـ في عيون الاخبار حدثني ابى رضى الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على الوشاء عن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قال ابى : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ان الله عزوجل (قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) لأنه كان مخالفا له ، وجعل من اتبعه من اهله ، قال : وسألنى

__________________

(١) وفي نسخة «لما غلبت من قومه المعاندة».

٣٦٨

كيف يقرؤن هذه الآية في ابن نوح؟ فقلت : يقرؤها الناس على وجهين : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) ، و (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) (١) فقال : كذبوا هو ابنه ولكن الله عزوجل نفاه عنه حين خالفه في دينه.

١٤٠ ـ في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل يقول فيه الرضا عليه‌السلام : اما علمتم وقعة الوارثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سايرهم؟ قالوا : ومن أين يا أبا الحسن؟ قال : من قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) فصارت وارثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين ، أما علمتم ان نوحا حين سأل ربه عزوجل فقال : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) وذلك ان الله عزوجل وعده أن ينجيه وأهله فقال ربه عزوجل : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ).

١٤١ ـ في باب قول الرضا عليه‌السلام لأخيه زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه باسناده الى الحسن بن موسى الوشا البغدادي قال : كنت بخراسان مع على بن موسى الرضا عليه‌السلام في مجلس وزيد بن موسى حاضر قد اقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول : نحن ، وابو الحسن عليه‌السلام مقبل على قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد فالتفت اليه فقال : يا زيد أغرك قول ناقلي الكوفة ان فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله تعالى ذريتها على النار ، والله ما ذاك الا للحسن والحسين عليهما‌السلام وولد بطنها خاصة ، واما ان يكون موسى بن جعفر عليه‌السلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيمة سواء لانت أعز على الله عزوجل منه ، ان على بن الحسين كان يقول : لمحسننا كفلان من الأجر ، ولمسيئنا ضعفان من العذاب ، قال الحسن الوشا : ثم التفت الى فقال : يا حسن كيف تقرؤن هذه الآية : (قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ

__________________

(١) على نصب «غير» وأن يكون «عمل» فعل ماض في الاول ، و «عمل» اسم مرفوع منون و «غير» بالرفع في الثاني أو بالعكس.

٣٦٩

إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ)؟ فقلت : من الناس من يقرء (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) ومنهم من يقرء (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) فمن قرء (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) نفاه عن أبيه فقال عليه‌السلام : كلا لقد كان ابنه ولكن لما عصى الله عزوجل نفاه عن أبيه ، كذا من كان منا لم يطع الله عزوجل فليس منا وأنت إذا أطعت الله فأنت منا أهل البيت.

١٤٢ ـ حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه ومحمد بن موسى المتوكل واحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنهم ، قالوا : حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم قال : حدثني ياسر انه خرج زيد بن موسى أخو ابى الحسن عليه‌السلام بالمدينة وأحرق وقتل وكان يسمى زيد النار فبعث اليه المأمون فأسر وحمل الى المأمون فقال المأمون : اذهبوا به الى ابى الحسن ، قال ياسر : فلما ادخل اليه قال له ابو الحسن الرضا عليه‌السلام : يا زيد أغرك قول سفلة أهل الكوفة ان فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله تعالى ذريتها على النار؟ ذلك للحسن والحسين عليهما‌السلام خاصة ، ان كنت ترى انك تعصى الله وتدخل الجنة وموسى بن جعفر أطاع الله ودخل الجنة فأنت إذا أكرم على الله تعالى من موسى بن جعفر ما ينال أحد ما عند الله الا بطاعته وزعمت انك تناله بمعصيته فبئس ما زعمت فقال له زيد : انا أخوك وابن أبيك؟ فقال له ابو الحسن عليه‌السلام : أنت أخي ما أطعت الله عزوجل ان نوحا عليه‌السلام قال : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) فقال الله عزوجل : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) فأخرجه الله عزوجل من ان يكون من اهله بمعصيته.

١٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن صفوان عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما أراد الله عزوجل هلاك قوم نوح عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا وفي آخره ، وانزل الله على نوح : (يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) فنزل نوح بالموصل من السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين وكان لنوح ابنة ركبت معه السفينة فتناسل الناس منها ، وذلك قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : نوح أحد الأبوين.

١٤٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما هبط نوح عليه‌السلام

٣٧٠

من السفينة أتاه إبليس عليه اللعنة فقال : ما في الأرض أعظم منة على منك ، دعوت على هؤلاء الفساق فأرحتني منهم الا أعلمك خصلتين؟ : إياك والحسد فهو الذي عمل بى ما عمل وإياك والحرص فهو الذي عمل بآدم ما عمل.

١٤٥ ـ في الكافي عنه عن القاسم بن الريان عن أبان بن عثمان عن موسى بن العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما حسر الماء (١) عن عظام الموتى فرأى ذلك نوح عليه‌السلام جزع جزعا شديدا واغتم لذلك ، فأوحى الله عزوجل هذا عملك بنفسك أنت دعوت عليهم ، فقال : يا رب انى أستغفرك وأتوب إليك : فأوحى الله عزوجل اليه ان : كل العنب الأسود ليذهب غمك.

١٤٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى عبد الحميد بن أبى الديلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : بقي نوح بعد النزول من السفينة خمسين سنة ثم أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال له : يا نوح قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك ، فانظر الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة التي معك فادفعها الى ابنك سام ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٧ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : عاش نوح ألفي سنة وثلاثمائة سنة منها ثمانمأة وخمسين سنة قبل أن يبعث ، و (أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) وهو في قومه يدعوهم وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء (٢) فمصر الأمصار وأسكن ولده البلدان ، ثم ان ملك الموت جاءه وهو في الشمس ، فقال : السلام عليك فرد عليه نوح صلى الله عليه ، فقال : ما جاء بك يا ملك الموت؟ قال : جئتك لأقبض روحك ، قال : دعني ادخل من الشمس الى الظل؟ فقال له : نعم : فتحول فقال : يا ملك الموت ما مر بى من الدنيا مثل تحولي من الشمس الى الظل (٣).

__________________

(١) حسر الشيء : كشفه يقال حسرت الجارية خمارها كشفته عن وجهها.

(٢) نضب الماء : غار في الأرض وسفل.

(٣) «في تهذيب الأحكام محمد بن احمد بن داود عن محمد بن تمام قال أخبرنا محمد بن *

٣٧١

١٤٨ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه : قالت العلماء له : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك الى قوله : والآية السادسة قول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ، وهذه خصوصية للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى يوم القيمة وخصوصية للال دون غيرهم وذلك ان الله تعالى حكى ذكر نوح عليه‌السلام في كتابه : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) وحكى عزوجل عن هود صلى الله عليه انه قال : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) وقال عزوجل لنبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : «قل يا محمد (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ولم يفترض الله تعالى مودتهم الا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون الى الضلال أبدا.

١٤٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال على بن إبراهيم ثم حكى الله عزوجل خبر هود صلى‌الله‌عليه‌وآله وهلاك قومه فقال : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ* يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) قال ان عادا كانت بلادهم في البادية من الشقوق الى الأجفر (١) اربعة منازل ، وكان لهم زرع ونخيل كثير ولهم أعمار طويلة وأجسام طويلة فعبدوا الأصنام وبعث الله إليهم هودا يدعوهم الى الإسلام وخلع الأنداد فأبوا ولم يؤمنوا

__________________

* محمد عن على بن محمد قال حدثني احمد بن ميثم الطلحي عن الحسن بن على بن أبى حمزة عن أبيه عن أبى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أين دفن أمير المؤمنين عليه‌السلام؟ قال : دفن في قبر أبيه نوح ، قلت : وأين قبر نوح؟ الناس يقولون انه في المسجد؟ قال : لا ذاك في ظهر الكوفة. «منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(١) الشقوق ـ بضم الشين ـ : منزل بطريق مكة بعد واقصة من الكوفة ، والأجفر ـ بضم الفاء ـ : أيضا منزل بطريق مكة بين الخزيمة وفيد.

٣٧٢

يهود وآذوه ، فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا ، وكان هود زارعا وكان يسقى الزرع ، فجاء القوم الى بابه يريدونه فخرجت عليهم امرأة شمطاء عوراء فقالت من أنتم؟ قالوا : نحن من بلاد كذا وكذا أجدبت بلادنا (١) فجئنا الى هود نسئله ان يدعو الله حتى نمطر وتخصب بلادنا ، فقالت : لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد احترق زرعه لقلة الماء ، قالوا : فأين هود؟ قالت : هو في موضع كذا وكذا ، فجاؤا اليه فقالوا : يا نبي الله أجدبت بلادنا ولم نمطر فسل الله أن تخصب بلادنا ونمطر فتهيأ للصلوة وصلى ودعا لهم ، فقال لهم : ارجعوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم فقالوا يا نبي الله انا رأينا عجبا قال : وما رأيتم؟ قالوا رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء فقالت لنا من أنتم ومن تريدون؟ فقلنا : جئنا الى هود ليدعو الله لنا فنمطر فقالت : لو كان هود داعيا لدعا لنفسه فان زرعه قد احترق؟ فقال هود ذاك أهلي وانا أدعوا الله لها بطول البقاء فقالوا : وكيف ذلك؟ قال : لأنه ما خلق الله مؤمنا الا وله عدو يؤذيه وهي عدوتي فلان يكون عدوى ممن أملكه خير من ان يكون عدوى ممن يملكني ، فبقي هود في قومه يدعوهم الى الله وينهاهم عن عبادة الأصنام حتى تخصب بلادهم وانزل الله تعالى عليهم المطر وهو قوله عزوجل : (يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) فقالوا كما حكى الله : (يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) الى آخر الآية ، فلما لم يؤمنوا أرسل الله عليهم الريح الصرصر يعنى الباردة وهو قوله في سورة اقتربت (كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) وحكى في سورة الحاقة فقال : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) قال : كان القمر منحوسا بزحل (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ) ، قال : فحدثني ابى عن ابن ابى عمير عن عبد الله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : الريح العقيم تخرج من تحت الأرضين السبع : وما خرج منها شيء قط الأعلى قوم عاد حين غضب الله عليهم فأمر

__________________

(١) أجدب القوم : أصابهم الجدب اى المحل وهو انقطاع المطر ويبس الأرض.

٣٧٣

الخزان ان يخرجوا منها مثل سعة الخاتم ، فعصت على الخزنة فخرج منها مثل مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد ، فضج الخزنة الى الله من ذلك فقالوا : يا ربنا انها قد عصت علينا ونحن نخاف ان يهلك من لم يعصك من خلقك وعمار بلادك ، فبعث الله جبرئيل فردها بجناحه وقال لها : اخرجى على ما أمرت به ، فخرجت على ما أمرت به ، فأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم.

١٥٠ ـ في تفسير العياشي عن ابن معمر قال : قال على بن أبى طالب عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعنى انه على حق يجزى بالإحسان إحسانا وبالسيئ سيئا ويعفو عمن يشاء ويغفر سبحانه وتعالى.

١٥١ ـ في مجمع البيان وروى جابر بن عبد الله الأنصاري ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل الحجر في غزوة تبوك قام فخطب الناس وقال : ايها الناس لا تسئلوا نبيكم الآيات ، هؤلاء قوم صالح عليه‌السلام سألوا نبيهم ان يبعث لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج فتشرب مائهم يوم ورودها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يشربون من مائها يوم غبها (١) (فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) فقال : (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) فذلك وعد من الله غير مكذوب ثم جائتهم الصيحة فأهلك الله من كان في (مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا) منهم الا رجلا كان في حرم الله ، فمنعه حرم الله من عذاب الله تعالى يقال له ابو زعال ، قيل : يا رسول الله من ابو زعال؟ قال : ابو ثقيف.

١٥٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين في جامع الكوفة حديث طويل وفيه ثم قام اليه آخر فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله واى أربعاء هو؟ قال : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه الى أن قال عليه‌السلام : ويوم الأربعاء عقروا الناقة.

١٥٣ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن

__________________

(١) الغب ـ بالكسر ـ : من أوراد الإبل أن ترد الماء يوما وتدعه يوما ثم تعود.

٣٧٤

عبد الرحمان عن على بن ابى حمزة عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه قصة صالح عليه‌السلام وقومه وفيه قال : يا قوم انكم تصبحون غدا ووجوهكم مصفرة واليوم الثاني ووجوهكم محمرة ، واليوم الثالث ووجوهكم مسودة ، فلما كان أول يوم أصبحوا ووجوههم مصفرة ، فمشى بعضهم الى بعض وقالوا : قد جائكم ما قال لكم صالح ، فقال العتاة منهم : لا نسمع قول صالح ولا نقبل قوله وان كان عظيما فلما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرة فمشى بعضهم الى بعض فقالوا : يا قوم قد جائكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم : لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح ولا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها ولم يتوبوا ولم يرجعوا ، فلما كان اليوم الثالث أصبحوا ووجوههم مسودة ، فمشى بعضهم الى بعض وقالوا : يا قوم أتاكم ما قال لكم صالح ، فقال العتاة منهم : قد أتانا ما قال لنا صالح ، فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم ، وفلقت قلوبهم وصدعت أكبادهم وقد كانوا في تلك الثلاثة الأيام قد تحنطوا وتكفنوا وعلموا ان العذاب نازل بهم ، فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم ، فلم يبق منهم ناعقة ولا راغية (١) ولا شيء الا أهلكه الله ، (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ) وكانت مضاجعهم موتى أجمعين ثم أرسل عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين.

١٥٤ ـ في أصول الكافي محمد بن ابى عبد الله رفعه الى ابى هاشم الجعفري قال : كنت عند أبى جعفر الثاني عليه‌السلام فسأله رجل فقال : أخبرنى عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه وأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام ان لهذا الكلام وجهين الى قوله : وكذلك سمينا ربنا قويا ، لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ، ولاحتمل الزيادة وما احتمل الزيادة احتمل النقصان ، وما كان ناقصا كان غير قديم ، وما كان غير

__________________

(١) النعيق : صوت الراعي بغنمه قال المجلسي (ره) : اى لم يبق منهم من يتأتى منه النعيق. «انتهى» وحكى عن بعض نسخ الروضة «فلم يبق لهم ثاغية ولا راغية» وهو الظاهر. والثاغية : الشاة. والراغية : البعير.

٣٧٥

قديم كان عاجزا.

١٥٥ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن محمد بن سعيد قال : أخبرنى زكريا بن محمد عن أبيه عن عمر وعن ابى جعفر عليه‌السلام قال : كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم الله ، فطلبهم إبليس الطلب الشديد وكان من فضلهم وخيرتهم انهم إذا خرجوا الى العمل خرجوا بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم وكان إبليس يعتادهم (١) فكانوا إذا رجعوا خرب إبليس ما كانوا يعملون ، فقال بعضهم لبعض تعالوا : نرصد هذا الذي يخرب متاعنا فرصدوه فاذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان ، فقالوا له : أنت الذي تخرب متاعنا مرة بعد مرة؟ فاجتمع رأيهم على أن يقتلوه فبيتوه عند رجل ، فلما كان الليل صاح فقال له : ما لك؟ فقال كان ابى ينو منى على بطنه فقال له : تعال فنم على بطني ، قال : فلم يزل يدلك الرجل حتى علمه انه يفعل بنفسه ، فأولا علمه إبليس والثانية علمه هو ثم انسل (٢) ففر منهم وأصبحوا ، فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلام ويعجبهم منه وهم لا يعرفونه ، فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفي الرجال بالرجال بعضهم ببعض ثم جعلوا يرصدون مارة الطريق فيفعلون بهم حتى تنكب مدينتهم الناس ، ثم تركوا نساءهم وأقبلوا على الغلمان ، فلما رأى انه قد أحكم امره في الرجال جاء الى النساء فصير نفسه امرأة ثم قال : ان رجالكن يفعل بعضهم ببعض؟ قلن : نعم ، قد رأينا ذلك وكل ذلك يعظهم لوط ويوصيهم وإبليس يغويهم ، حتى استغنى النساء بالنساء فلما كملت عليهم الحجة بعث الله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في زي غلمان ، عليهم أقبية ، فمروا بلوط وهو يحرث ، فقال : اين تريدون ما رأيت أجمل منكم قط؟ قالوا : أرسلنا سيدنا الى رب هذه المدينة. قال : أو لم يبلغ سيدكم ما يفعل أهل هذه المدينة؟ يا بنى انهم والله يأخذون الرجال

__________________

(١) قال المجلسي (ره) اى يعتاد المجيء إليهم كل يوم أو ينتابهم كلما رجعوا أقبل إبليس ، قال الفيروزآبادي : العود انتياب الشيء كالاعتياد ، وفي محاسن البرقي : «فلما حسدهم إبليس لعادتهم كانوا إذا رجعوا .. اه» وفي ثواب الأعمال : «فأتى إبليس عبادتهم».

(٢) انسل : انطلق في استخفاء.

٣٧٦

فيفعلون بهم حتى يخرج الدم ، فقالوا : أمرنا سيدنا ان نمر وسطها ، قال : فلي إليكم حاجة ، قالوا : وما هي؟ قال : تصبرون هاهنا الى اختلاط الظلام قال : فجلسوا قال : فبعث ابنته فقال : جيئي لهم بخبز وجيئي لهم بماء في القرعة (١) وجيئي لهم بما يتغطون بها من البرد ، فلما ان ذهبت الابنة اقبل المطر والوادي ، فقال لوط : الساعة يذهب بالصبيان الوادي قوموا حتى نمضي وجعل لوط يمشى في أصل الحائط وجعل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل يمشون وسط الطريق فقال : يا بنى امشوا هاهنا فقالوا : أمرنا سيدنا ان نمر في وسطها وكان لوط يستغنم الظلام ومر إبليس وأخذ من حجر امرأة صبيا فطرحه في البئر فتصايح أهل المدينة كلهم على باب لوط فلما ان نظروا الى الغلمان في منزل لوط (قالُوا : يا لُوطُ) قد دخلت في عملنا؟ فقال : (هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) في ضيفي ، قالوا : هم ثلثة خذ واحدا وأعطنا اثنين ، قال : فأدخلهم الحجرة وقال [لوط] : لو ان لي أهل بيت يمنعوني منكم ، قال : وتدافعوا على الباب وكسروا باب لوط وطرحوا لوطا ، فقال له جبرئيل : (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) فأخذ كفا من البطحاء (٢) فضرب بها وجوههم وقال : شاهت الوجوه (٣) فعمي أهل المدينة كلهم ، قال لهم لوط : يا رسل ربي فما أمركم ربي فيهم؟ قالوا : أمرنا ان نأخذهم بالسحر قال : فلي إليكم حاجة قالوا : وما حاجتك؟ قال : تأخذونهم الساعة فانى أخاف ان يبدو لربي فيهم ، فقالوا : يا لوط (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) أليس الصبح بقريب لمن يريد ان يأخذ فخذ أنت بناتك وامض ودع امرأتك.

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : رحم الله لوطا لو يدرى من معه في الحجرة لعلم انه منصور حيث يقول : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) اى ركن أشد من جبرئيل معه في الحجرة فقال الله عزوجل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)

__________________

(١) القرعة : الجراب الصغير. وقال في الوافي : القرعة واحدة القرع. حمل اليقطين.

(٢) البطحاء : مسيل واسع فيه دقاق الحصى.

(٣) شاهت الوجوه اى قبحت.

٣٧٧

من ظالمي أمتك ان عملوا ما عمل قوم لوط قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ألح في وطء الرجال لم يمت حتى يدعو الرجال الى نفسه.

١٥٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن داود بن فرقد عن أبى يزيد الحمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل ، فمروا بإبراهيم عليه‌السلام وهم معتمون ، فسلموا عليه فلم يعرفهم ورأى هيئة حسنة ، فقال : لا يخدم هؤلاء الا أنا بنفسي وكان صاحب ضيافة ، فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه ثم قربه إليهم ، فلما وضعه بين أيديهم (رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) فلما رأى ذلك جبرئيل عليه‌السلام حسر العمامة عن وجهه فعرفه إبراهيم عليه‌السلام فقال : أنت هو؟ قال : نعم ، ومرت سارة امرأته فبشرها بإسحاق ومن وراء اسحق يعقوب ، فقالت : ما قال الله عزوجل ، فأجابوها بما في الكتاب ، فقال لهم إبراهيم عليه‌السلام : لما ذا جئتم؟ قالوا : في إهلاك قوم لوط ، فقال : ان كان فيهم مأة من المؤمنين أتهلكونهم؟ فقال جبرئيل : لا ، قال : فان كان فيها خمسون؟ قال : لا قال : فان كان فيها ثلاثون؟ قال : لا قال : فان كان فيها عشرون؟ قال : لا قال : فان كان فيها عشرة؟ قال : لا قال : فان كان فيها خمسة؟ قال : لا قال : فان كان فيها واحد قال : لا ، قال : فان (فِيها لُوطاً قالُوا : نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) قال الحسن بن على : (١) لا أعلم هذا القول الا وهو يستبقيهم ، وهو قول الله عزوجل : (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) فأتوا لوطا وهو في زراعة قرب القرية فسلموا عليه وهم معتمون ، فلما رأى هيئة حسنة عليهم ثياب بيض وعمائم بيض فقال لهم : المنزل؟ فقالوا : نعم ، فتقدمهم ومشوا خلفه ، فندم على عرضه المنزل عليهم فقال : أى شيء صنعت؟ آتى بهم قومي وانا أعرفهم؟ فالتفت إليهم فقال : انكم لتأتون شرارا من خلق الله ، قال جبرئيل لا نعجل عليهم حتى يشهد عليهم ثلث مرات ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : هذه واحدة ثم مشى

__________________

(١) فيه كلام طويل ذكره المجلسي (ره) في مرآة العقول فراجع. ونقله في ذيل الكافي ج ٥ : ٥٤٧.

٣٧٨

ساعة ثم التفت إليهم فقال : انكم لتأتون شرارا من خلق الله ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : هذه ثنتان ، ثم مشى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال : انكم لتأتون شرارا من خلق الله ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : هذه الثالثة : ثم دخل ودخلوا معه حتى دخل منزله ، فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة فصعدت فوق السطح فصفقت فلم يسمعوا فدخنت فلما رأوا الدخان أقبلوا يهرعون (١) حتى جاؤا الى الباب فنزلت إليهم فقالت : عنده قوم ما رأيت قوما قط أحسن منهم هيئة فجاؤا الى الباب ليدخلوا فلما رآهم لوط قام إليهم فقال لهم : يا قوم (فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) وقال (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) فدعاهم الى الحلال فقالوا (ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) فقال لهم : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) فقال جبرئيل : لو يعلم اى قوة له؟ قال : فكابروه حتى دخلوا البيت ، فصاح بهم (٢) جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا لوط دعهم يدخلون ، فلما دخلوا أهوى جبرئيل عليه‌السلام بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم وهو قوله عزوجل : «فطمسنا على أعينهم» ثم ناداه جبرئيل عليه‌السلام فقال له : (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) وقال له جبرئيل : انا بعثنا في إهلاكهم ، فقال : يا جبرئيل عجل ، فقال : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) فأمره ان يتحمل ومن معه الا امرأته ، ثم اقتلعها يعنى المدينة جبرئيل بجناحيه من سبعة أرضين ، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب وصراخ الديكة ، ثم قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة (حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ).

١٥٧ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن محمد بن ابى حمزة عن ابى حمزة عن يعقوب بن شعيب عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول لوط عليه‌السلام : (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) قال : عرض عليهم التزويج.

١٥٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن سعيد عن محمد بن سليمان عن ميمون البان قال : كنت عند أبى عبد الله عليه‌السلام فقرئ عنده آيات من هود ، فلما بلغ :

__________________

(١) الهرع : المشي باضطراب وسرعة.

(٢) وفي المصدر «فصاح به» ولعله أوفق بالسياق.

٣٧٩

(وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) قال : فقال : من مات مصرا على اللواط لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الأحجار ، فيكون فيه منيته.

١٥٩ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أمكن من نفسه طائعا يلعب به ألق الله عليه شهوة النساء.

١٦٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن معبد عن عبيد الله (١) الدهقان عن درست بن ابى منصور عن عطية أخى ابى الغرام قال : ذكرت لأبي عبد الله عليه‌السلام المنكوح من الرجال ، فقال ليس يبلى الله بهذا البلاء أحدا وله فيه حاجة ، ان في ادبارهم أرحاما منكوسة وحياء ادبارهم كحياء المرأة (٢) قد شرك فيهم ابن لإبليس يقال له زوال ، فمن شرك فيه من الرجال كان منكوحا ومن شرك فيه (٣) من النساء كانت من الموارد والعامل على هذا من الرجال إذا بلغ أربعين سنة لم يتركه وهم بقية سدوم اما انى لست اعنى به بقيتهم انهم ولدهم ولكن من طينتهم ، قال : قلت : سدوم التي قلبت؟ قال : هي اربع مداين سدوم وصريم ولد ما وعميرا (٤) أتاهن جبرئيل عليه‌السلام وهن مقلوعات الى تخوم (٥) الأرض السابعة فوضع جناحه تحت السفلى منهن ورفعهن جميعا حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح كلابهم ثم قلبها.

١٦١ ـ محمد عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن عبد الرحمان العزرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان الله عبادا لهم في أصلابهم أرحام

__________________

(١) وفي المصدر «عبد الله».

(٢) الحياء : فرج المرأة.

(٣) وفي بعض النسخ : شارك فيه.

(٤) وفي المصدر «لدماء وعميراء» ممدودا.

(٥) التخوم : الحدود.

٣٨٠