تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

ـ السبيل الى الأخذ به ، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل الى تركه ، ولا يكونون آخذين ولا تاركين الا باذنه ، وما جبر الله أحدا من خلقه على معصيته بل اختبرهم بالبلوى كما قال : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).

قوله عليه‌السلام : «ولا يكونون آخذين ولا تاركين الا باذنه» اى بتخليته وعلمه «انتهى».

قال مؤلف هذا الكتاب : قد سبق عن الرضا عليه‌السلام في كتاب عيون الاخبار بيان لقوله عزوجل (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فليراجع (١).

٢٥ ـ في تفسير العياشي عن أبان بن مسافر عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) يعنى عدة كعدة بدر (لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) قال : العذاب.

٢٦ ـ عن عبد الأعلى الحلبي قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام : أصحاب القائم عليه‌السلام الثلاثمأة والبضعة عشر رجلا ، هم والله الامة المعدودة التي قال الله في كتابه : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : يجتمعون له في ساعة واحدة قزعا كقزع الخريف (٢).

٢٧ ـ عن الحسين عن الخزاز عن ابى عبد الله عليه‌السلام : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : هو القائم وأصحابه.

٢٨ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن منصور بن يونس عن اسمعيل بن جابر عن ابى خالد عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : الخيرات الولاية وقوله تبارك وتعالى : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) يعنى أصحاب القايم الثلاثمأة والبضعة عشر رجلا ، قال : وهم والله الامة المعدودة ، قال : يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف.

__________________

(١) اى في الحديث العاشر من هذه السورة.

(٢) القزع ـ محركة ـ قطع من السحاب متفرقة صغار ، قيل : وانما خص الخريف لأنه أول الشتاء ، والسحاب فيه يكون متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه الى بعض.

٣٤١

٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : ان متعناهم في هذه الدنيا الى خروج القائم عليه‌السلام فنزدهم ونعذبهم (لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) اى يقولوا لا يقوم القائم ولا يخرج على حد الاستهزاء ، فقال الله : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) ، أخبرنا احمد بن إدريس قال : حدثنا أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن سيف بن حسان عن هشام بن عمار عن أبيه وكان من أصحاب على عليه‌السلام عن على عليه‌السلام في قوله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) قال : الامة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمأة والبضعة عشر ، وقوله و (لَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ). قال إذا اغنى الله العبد ثم افتقر اصابه الإياس والجزع والهلع (١) وإذا كشف عنه فرح ، وقال : (ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) ثم قال : (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قال : صبروا في الشدة ، (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) في الرخاء.

٣ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن عمار بن سويد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في هذه الاية : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) فقال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل قد يد (٢) قال لعلى عليه‌السلام : يا على انى سألت ربي أن يوالي بيني وبينك ففعل ، وسألت ربي أن يواخى بيني وبينك ففعل. وسألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل ، فقال رجلان من قريش : والله لصاع من تمر في شن بال (٣) أحب إلينا مما سئل محمد ربه ، فهلا سئل ربه ملكا يعضده على عدوه أو كنزا يستغنى به

__________________

(١) الهلع أيضا بمعنى الجزع.

(٢) قديد : اسم موضع قرب مكة.

(٣) الشن : القربة البالية.

٣٤٢

عن فاقته؟ والله ما دعاه الى حق ولا باطل الا أجابه اليه (١) فانزل الله تبارك وتعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) الى آخر الاية.

٣١ ـ في تفسير العياشي عن جابر بن أرقم عن أخيه زيد بن أرقم قال : ان جبرئيل الروح الأمين نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بولاية على بن أبي طالب عليه‌السلام عشية عرفة فضاق بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مخافة تكذيب أهل الافك والنفاق ، فدعى قوما أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم فلم تدر ما نقول له ، وبكى صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له جبرئيل عليه‌السلام : يا محمد أجزعت من أمر الله؟ فقال : كلا يا جبرئيل ولكن قد علم ربي ما لقيت من قريش ، إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرنى بجهادهم وأهبط الى جنودا من السماء فنصروني فكيف يقرون لعلى من بعدي؟ فانصرف عنه جبرئيل فنزل عليه : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ).

٣٢ ـ عن عمار بن سويد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في هذه الاية : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) وذكر نحو ما نقلنا عن روضة الكافي وبعد تمامه قال : ودعا رسول الله لأمير المؤمنين عليه‌السلام في آخر صلوته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول : اللهم هب لعلى المودة في صدور المؤمنين ، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين فانزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) بنى امية ، قال ركع (٢) والله لصاع من تمر في شن بال أحب الى مما سأل محمد ربه ، أفلا سأله ملكا يعضده أو كنزا يستظهر به على فاقته؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) الى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) ولاية على (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) الى : «فان لم يستجيبوا لك في ولاية على فاعلم انه انما انزل إليك بعلم الله وان لا اله

__________________

(١) «هذه الرواية في تفسير على بن إبراهيم وفيها : فوالله ما دعا عليا قط الى حق أو باطل الا أجابه. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) كذا في النسخ لكن في المصدر والبحار والبرهان «رمع» بالميم وهو اسم مقلوب كما ذكرناه في ذيل العياشي ، ولم أجد لركع هاهنا معنى يناسب المقام.

٣٤٣

الا هو فهل أنتم مسلمون لعلى ولاية (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) يعنى فلان وفلان وفلان (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) ، (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) أمير المؤمنين عليه‌السلام (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) قال : كان ولاية على عليه‌السلام في كتاب موسى (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) في ولاية على (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) الى قوله (وَيَقُولُ الْأَشْهادُ) وهم الائمة عليهم‌السلام (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) الى قوله : (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ).

٣٣ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن سفيان بن عيينة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سأل رجل ابى بعد منصرفه من الموقف فقال : أترى يخيب الله هذا الخلق كله؟ فقال أبى : ما وقف أحد الا غفر له مؤمنا كان أو كافرا ، الا انهم في مغفرتهم على ثلث منازل : مؤمن غفر الله له الى ان قال : وكافر وقف هذا الموقف يريد زينة الحيوة الدنيا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ان تاب من الشرك فيما بقي من عمره ، وان لم يتب وفاه أجره ولم يحرمه أجر هذا الموقف ، وذلك قوله عزوجل : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).

٣٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أُولئِكَ) الآية قال : من عمل الخير على ان يعطيه الله ثوابه في الدنيا أعطاه الله ثوابه في الدنيا وكان له في الآخرة النار.

٣٥ ـ في مجمع البيان وفي الحديث ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : بشر أمتي بالسناء والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عملا للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب.

٣٦ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن على عن احمد بن عمر الحلال قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) فقال : أمير المؤمنين الشاهد على رسول الله ،

٣٤٤

ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ).

٣٧ ـ في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن عبد الله بن حماد عن ابى الجارود عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين : والله ما نزلت آية في كتاب الله في ليل أو نهار الا وقد علمت فيمن أنزلت ولا مر على رأسه المواسى (١) الا وقد أنزلت عليه آية من كتاب الله تسوقه الى الجنة أو الى النار ، فقام اليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ما الاية التي نزلت فيك؟ قال له : أما سمعت الله يقول : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على بينة من ربه وانا شاهد له فيه وأتلوه معه.

٣٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) فقال الصادق عليه‌السلام : انما انزل «أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه إماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى».

٣٩ ـ حدثني ابى عن يحيى بن عمران عن يونس عن أبى بصير والفضيل عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : انما أنزلت (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) يعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) امام ورحمة (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) فقدموا وأخروا في التأليف.

٤٠ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام انه إذا كان يوم الجمعة يخطب على المنبر فقال : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة ما من رجل من قريش جرت عليه المواثيق الا وقد نزلت فيه آية من كتاب الله عزوجل أعرفها كما أعرفه فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما آيتك التي نزلت فيك؟ فقال : إذا سألت فافهم ولا عليك الا تسأل عنها غيري ، أقرأت سورة هود؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين قال أفسمعت الله عزوجل يقول : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ)؟ قال نعم (قال ظ) : فالذي على بينة من ربه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والذي (يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) وهو الشاهد وهو منه وأنا على بن أبي طالب وانا الشاهد ، وانا منه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) المواسى جمع الموسى : الآلة التي يحلق بها. واللفظ كناية.

٣٤٥

٤١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام لبعض الزنادقة وقد قال : وأجده يخبر انه يتلو نبيه شاهد منه وكان الذي تلاه عبد الأصنام برهة من دهره ، واما قوله : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) فذلك حجة الله أقامها الله على خلقه وعرفهم انه لا يستحق مجلس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الا من يقوم مقامه ، ولا يتلوه الا من يكون في الطهارة مثله بمنزلته لئلا يتسع لمن ماسه رجس الكفر في وقت من الأوقات انتحال الاستحقاق لمقام الرسول ، وليضيق العذر على من يعينه على أئمة وظلمه إذ كان الله قد حظر على من مسه الكفر تقلد ما فوضه الى أنبيائه وأوليائه بقوله لإبراهيم : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) اى المشركين لأنه سمى الشرك ظلما بقوله : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) فلما علم إبراهيم عليه‌السلام ان عهد الله تبارك وتعالى اسمه بالامامة لا ينال عبدة الأصنام قال : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) واعلم ان من آثر المنافقين على الصادقين. والكفار على الأبرار فقد افترى على الله إثما عظيما ، إذ كان قد بين في كتابه الفرق بين المحق والمبطل ، والطاهر والنجس ، والمؤمن والكافر ، وانه لا يتلوا لنبي عند فقده الا من حل محله صدقا وعدلا وطهارة وفضلا.

٤٢ ـ وقال سليم بن قيس : سأل رجل ، على بن أبي طالب عليه‌السلام فقال وأنا اسمع :

أخبرني بأفضل منقبة لك؟ قال : ما انزل الله في كتابه ، قال : وما انزل الله فيك؟

قال : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) انا الشاهد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٣ ـ في تفسير العياشي عن بريد بن معاوية العجلي عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : الذي على بينة من ربه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والذي تلاه من بعده الشاهد منه أمير المؤمنين عليه‌السلام ثم أوصياؤه واحد بعد واحد.

٤٤ ـ عن جابر عن عبد الله بن يحيى قال : سمعت عليا عليه‌السلام وهو يقول : ما من رجل من قريش الا وقد أنزل فيه آية أو آيتان من كتاب الله ، فقال له رجل من القوم : فما نزل فيك يا أمير المؤمنين؟ فقال : أما تقرء الآية التي في هود : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على بينة من ربه وأنا الشاهد.

٣٤٦

٤٥ ـ في مجمع البيان وقيل : شاهد من الله تعالى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله روى ذلك عن الحسين بن على عليهما‌السلام.

٤٦ ـ وقيل : الشاهد منه على بن أبي طالب عليه‌السلام يشهد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو منه وهو المروي عن ابى جعفر وعلى بن موسى الرضا عليهم‌السلام ورواه الطبري باسناده عن جابر بن عبد الله عن على عليه‌السلام.

٤٧ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة يقول فيها بعد أن ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وفي التولي عنه والاعراض محادة الله وغضبه وسخطه والبعد منه مسكن النار وذلك قوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) يعنى الجحود والعصيان له.

٤٨ ـ في مجمع البيان (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) الآية وفي الحديث ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا يسمع بى أحد من الامة لا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بى الا كان من أهل النار.

٤٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم عن ابى عبيدة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ) الى قوله : ويبغونها عوجا فقال : هم اربعة ملوك من قريش يتبع بعضهم بعضا.

٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) يعنى بالاشهاد الائمة عليهم‌السلام (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) آل محمد حقهم».

٥١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : ويقول الاشهاد قال : نحن الاشهاد.

٥٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً) يعنى يصدون عن طريق الله وهي الامامة (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) يعنى حرفوها الى غيره ، قوله : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) قال : ما قدروا ان يسمعوا بذكر أمير المؤمنين عليه‌السلام (أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ) اى بطل (عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) يعنى يوم القيمة بطل الذي دعوه غير أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

٥٣ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد

٣٤٧

عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ان عندنا رجلا يقال له كليب فلا يجيء عنكم شيء الا قال : انا أسلم ، فسميناه كليب تسليم ، قال : فترحم عليه ثم قال : أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا فقال : هو والله الإخبات قول الله عزوجل (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ).

٥٤ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن ابى حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى عهد الى آدم وذكر حديثا طويلا يذكر فيه وصية آدم الى هبة الله وأشياء كثيرة وفيه : وبشر آدم بنوح عليهما‌السلام فقال : ان الله تبارك وتعالى باعث نبيا اسمه نوح وانه يدعو الى الله عن ذكره ويكذبه قومه فيهلكهم الله بالطوفان ، وكان بين آدم وبين نوح عليه‌السلام عشرة آباء أنبياء وأوصياء كلهم ، واوصى آدم عليه‌السلام الى هبة الله ان من أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه وليصدق به ، فانه ينجو من الغرق ، الى أن قال : فلبث هبة الله والعقب منه مستخفين بما عندهم من العلم والايمان والاسم الأكبر وميراث النبوة وآثار علم النبوة حتى بعث الله نوحا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وظهرت وصية هبة الله حين نظروا في وصية آدم فوجدوا نوحا صلى الله عليه نبيا قد بشر به آدم عليه‌السلام فآمنوا به واتبعوه وصدقوه ، وقد كان آدم وصى هبة الله ان يتعاهد هذه الوصية عند رأسه كل سنة فيكون يوم عيدهم ويتعاهدون نوحا وزمانه الذي يخرج فيه وكذلك جاء في وصية كل نبي حتى بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم وهو قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) الى آخر الآية.

٥٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وروى في الخبر ان اسم نوح عبد الغفار ، وانما سمى نوحا لأنه كان ينوح على نفسه.

٥٦ ـ في تفسير العياشي عن اسمعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كانت شريعة نوح أن يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد ، وهي الفطرة (الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، وأخذ ميثاقه على نوح عليه‌السلام والنبيين ان يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا ، وأمر بالصلوة والأمر والنهى والحرام والحلال ولم يفرض عليه احكام حدود ولا فرض مواريث فهذه شريعته وفي روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد

٣٤٨

ابن محمد بن أبى نصر عن أبان بن عثمان عن اسمعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام نحوه ، الا ان فيها والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر صريحا.

٥٧ ـ في تفسير العياشي عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه : يا مفضل وكان منزل نوح وقومه في قرية على متن الفرات مما يلي غربي الكوفة.

٥٨ ـ عن سلمان الفارسي عن أمير المؤمنين على عليه‌السلام في حديث له في فضل مسجد الكوفة : فيه نجر نوح سفينته وفيه فار التنور وبه كان بيت نوح ومسجده.

٥٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أيوب بن راشد عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كانت أعمار قوم نوح عليه‌السلام ثلاثمائة سنة.

٦٠ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء له : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الطاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك قوله عزوجل الى أن قال : والآية السادسة قول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وهذه خصوصية للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى يوم القيمة وخصوصية للال دون غيرهم ـ وذلك ان الله تعالى حكى ذكر نوح عليه‌السلام في كتابه : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً) تجهلون وحكى عزوجل عن هود صلى الله عليه انه قال : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) وقال عزوجل لنبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : «قل» يا محمد (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ولم يفترض الله مودتهم الا وقد علم انهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون الى الضلالة أبدا.

٦١ ـ في قرب الاسناد للحميري احمد بن محمد عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : وقال نوح عليه‌السلام : و (لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) قال : الأمر الى الله يهدى من يشاء.

٦٢ ـ في تفسير العياشي عن ابن ابى نصر البزنطي عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام

٣٤٩

قال : قال الله في نوح : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) قال : الأمر الى الله يهدى ويضل.

٦٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبى الطفيل عن أبى جعفر عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام انه قال : وقد ذكر عبد الله بن عباس : واما قوله : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي) الآية نزلت في أبيه وفي تفسير العياشي نحوه الا ان فيه بدل أبيه العباس صريحا.

٦٤ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبان بن عثمان عن اسمعيل الجعفي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال اوحى الله عزوجل اليه (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا) يعملون فلذلك قال نوح عليه‌السلام : (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) فأوحى الله عزوجل اليه : (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا احمد بن محمد بن موسى قال : حدثنا محمد بن حماد عن على بن اسمعيل التيمي عن فضيل الرسان عن صالح بن ميثم قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما كان علم نوح حين دعا على قومه انهم (لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً)؟ فقال : أما سمعت قول الله لنوح : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ)

٦٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى حنان بن سدير عن أبيه قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أرأيت نوحا حين دعا على قومه فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) قال عليه‌السلام : لا ينجب من بينهم أحد ، قال : قلت : وكيف علم ذلك؟ قال : اوحى الله اليه : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) فعند ذلك دعا عليهم بهذا الدعاء.

٦٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : بقي نوح في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم الى الله عزوجل فلم يجيبوه فهم ان يدعو عليهم فوافاه عند طلوع الشمس اثنا عشر الف قبيل من قبايل ملائكة السماء الدنيا وهم العظماء من الملائكة فقال لهم نوح : ما أنتم؟ فقالوا : نحن اثنا عشر الف قبيل من قبائل السماء الدنيا وان غلظ مسيرة السماء الدنيا خمسمائة عام ، ومن السماء الدنيا الى

٣٥٠

الدنيا مسيرة خمسمائة عام وخرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك في هذا الوقت فنسألك ان لا تدعو على قومك ، فقال نوح عليه‌السلام قد أجلتهم ثلاثمائة سنة فلما أتى عليهم ستمائة سنة ولم يؤمنوا هم أن يدعو عليهم فوافاه اثنى عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية فقال نوح : من أنتم؟ قالوا : نحن اثنى عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية وغلظ السماء الثانية مسيرة خمسمائة عام ، ومن السماء الثانية الى السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام ، وغلظ السماء مسيرة خمسمائة عام ، ومن السماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمأة عام ، من السماء الثانية الى الدنيا مسيرة خمسمائة عام ، خرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك ضحوة نسألك أن لا تدعو على قومك ، فقال نوح عليه‌السلام : قد اجلتهم ثلاثمائة سنة ، فلما أتى عليهم تسعمأة سنة ولم يؤمنوا هم ان يدعو عليهم فانزل الله عزوجل : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) فقال نوح عليه‌السلام : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) فأمره الله عزوجل أن يغرس النخل فأقبل يغرس النخل ، فكان قومه يمرون به ويسخرون منه ويستهزؤن به ويقولون : شيخ قد أتى له تسعمأة سنة يغرس النخل ، وكانوا يرمونه بالحجارة. فلما أتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه ، فسخروا منه وقالوا : بلغ النخل مبلغه وهو قوله عزوجل : (وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) فأمر الله أن يتخذ السفينة وامر جبرئيل عليه‌السلام أن ينزل عليه ويعلمه كيف يتخذها ، فقدر طولها في الأرض ألفا ومأتى ذراع ، وعرضها ثمانمائة ذراع ، وطولها في السماء ثمانون ذراعا فقال : يا رب من يعينني على اتخاذها ، فأوحى الله عزوجل اليه ، ناد في قومك : من أعاننى عليها ونجر منها شيئا صار ما ينجره ذهبا وفضة ، فنادى نوح عليه‌السلام فيهم بذلك فأعانوه عليه وكانوا يسخرون منه ويقولون : يتخذ سفينة في البر.

٦٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سدير الصيرفي عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : واما إبطاء نوح عليه‌السلام فانه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرئيل الروح الأمين معه سبع

٣٥١

نوايات (١) فقال : يا نبي الله ان الله تبارك وتعالى يقول لك : ان هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم (٢) بصاعقة من صواعقي الا بعد تأكيد الدعوة والزام الحجة فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فانى مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى فان لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص ، فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين ، فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وأغصنت وزهى الثمر على ما كان (٣) بعد زمان طويل استنجز من الله العدة ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه فامر بذلك الطوايف التي آمنت به ، فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا : لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف ، ثم ان الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بان يغرسها مرة بعد اخرى الى ان غرسها سبع مرات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين يرتد منهم طائفة بعد طائفة الى أن عاد الى نيف وسبعين رجلا ، فأوحى الله تبارك وتعالى اليه عند ذلك وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل يعينك عن صرح الحق محضه (٤) وصفا الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة ، فلو انى أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوايف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوتك ، فانى استخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم وأبدلهم خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم ، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل [الخوف] بالأمن منى لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم التي كانت

__________________

(١) النواة : عجمة لتمر ونحوه اى حبه والجمع نويات ولعل الالف زائدة.

(٢) أباده الله : أهلكه.

(٣) تأزر الزرع : قوى بعضه بعضا فالتف وتلاصق واشتد وسوق الشجر : صار ذا ساق. وأغصفت الشجرة : نبتت أغصانها. وزهى الثمر : ظهر وفي البحار «عليها» مكان «على ما كان».

(٤) كذا في النسخ وفي البحار «الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه ...».

٣٥٢

نتائج النفاق وشيوخ الضلالة (١) فلو انهم تنسموا من الملك الذي ارى المؤمنين وقت الاستخلاص إذا أهلكت أعداءهم [لنشقوا] روائح صفاته (٢) ولاستحكمت سرائر نفاقهم وثارت جبال ملالة قلوبهم (٣) ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة وحاربوهم على طلب الرياسة والتفرد بالأمر والنهى (٤) وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمر في المؤمنين مع اثارة الفتن وإيقاع الحروب ، كلا (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا).

٦٩ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام الخراساني عن المفضل بن عمر قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك في كم عمل نوح عليه‌السلام سفينته حتى فرغ منها؟ قال : في دورين ، قلت : وكم الدور؟ قال : ثمانين سنة ، قلت : ان العامة يقولون : عملها في خمسمائة عام؟ فقال : كلا كيف كان؟ والله يقول : «ووحينا» (٥).

٧٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومأتى ذراع ، وعرضها ثمانمأة ذراع ، وطولها في السماء ثمانين.

٧١ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سئل عنه

__________________

(١) وفي نسخة «سنوخ» وفي البحار «شبوح» قال المجلسي (ره) شبوخ الضلالة جمع شبح ـ بالتحريك ـ وهو الشخص ، أو بالسين المهملة والنون بمعنى الظهور ، أو بالخاء المعجمة جمع سنخ ـ بالكسر ـ بمعنى الأصل أو بمعنى الرسوخ وفي بعض النسخ «شيوخ» جمع الشيخ وعلى التقادير لا يخلو من تكلف.

(٢) تنسم النسيم : تشممه. ونشقه : شمه.

(٣) وفي البحار «وتأبّد خبال ضلالة قلوبهم».

(٤) قال المجلسي (ره) : والحاصل ان هذه الفتن لتخليص المؤمنين عن المنافقين وظهور ما كتموه من الشرك والفساد لكي لا يفسدوا في الأرض بعد ظهور دولة الحق باختلاطهم بالمؤمنين.

(٥) لعل المراد ان ما أوحاه الله تعالى وأمره لا يناسب هذا التأخير (عن هامش الروضة). وقد ذكرنا أيضا في ذيل العياشي ج ٢ : ١٤٥ أقوال الشراح فراجع.

٣٥٣

أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : وسأله عن سفينة نوح عليه‌السلام ما كان عرضها وطولها؟ فقال : كان طولها ثمانمأة ذراع ، وعرضها خمسمائة ذراع ، وارتفاعها في السماء ثمانين ذراعا.

٧٢ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه‌السلام عن الواحد الى المأة قال : فما التسعون؟ قال : الفلك المشحون ، اتخذ نوح عليه‌السلام فيه تسعين بيتا للبهايم.

٧٣ ـ في مجمع البيان وروى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : مسجد كوفان روضة من رياض الجنة الصلوة فيه تسعين صلوة : صلى فيه ألف نبي وسبعون نبيا ، فيه فار التنور ونجرت السفينة وهو سرة بابل (١) ومجمع الأنبياء.

٧٤ ـ في تفسير العياشي عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : وان نوحا لبث في قومه (أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) يدعوهم الى الهدى ، فيمرون به ويسخرون منه فلما راى ذلك منهم دعا عليهم فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) الى قوله : (إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) قال : فأوحى الله اليه : يا نوح (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) وأوسعها وعجل عملها (بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) فعمل نوح سفينته في مسجد الكوفة بيده يأتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها. قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : قد سبق في تفسير على بن إبراهيم عند قوله تعالى : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) بيان لصنعة الفلك فليراجع. قال عز من قائل : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ).

٧٥ ـ في عيون الاخبار باسناده الى عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا : قال قلت له : يا ابن رسول الله لأي علة أغرق الله تعالى الدنيا كلها في زمن نوح وفيهم الأطفال وفيهم من لا ذنب له؟ فقال : ما كان فيهم الأطفال لان الله تعالى أعقم أصلاب قوم نوح وأرحام نسائهم أربعين عاما ، فانقطع نسلهم فغرقوا ولا طفل فيهم ، وما كان الله تعالى ليهلك بعذابه من لا ذنب له ، واما الباقون من قوم نوح عليه‌السلام فأغرقوا لتكذيبهم لنبي الله نوح عليه‌السلام ، وسايرهم أغرق

__________________

(١) سرة بابل اى وسطه الحقيقي وبابل : اسم موضع بالعراق.

٣٥٤

برضاهم بتكذيب المكذبين ، ومن غاب عن أمر فرضي به كان كمن شهد.

٧٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن صفوان عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أراد الله عزوجل هلاك قوم نوح عليه‌السلام عقم أرحام النساء أربعين سنة فلم يلد فيهم مولود ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : قد سبق في تفسير على بن إبراهيم عند قوله تعالى : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) بيان لقوله عزوجل : (وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) فليراجع

٧٧ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن على عن عمر بن أبان عن اسمعيل الجعفي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان نوحا صلى الله عليه لما غرس النوى مر عليه قومه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون : قد قعد غراسا ، حتى إذا طال النخل وكان جبارا طوالا قطعه ثم نحته (١) فقالوا : قد قعد نجارا ثم ألفه فجعله سفينة فمروا عليه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون : قد قعد ملاحا في فلاة من الأرض حتى فرغ منها (٢).

٧٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام الخراساني عن المفضل ابن عمر قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك أخبرني عن قول الله عزوجل : (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) فأين كان موضعه وكيف كان؟ فقال : كان التنور في بيت عجوز مؤمنة في دبر قبلة ميمنة المسجد ، فقلت له : فان ذلك موضع زاوية باب الفيل اليوم ، ثم قلت له : وكان بدو خروج الماء من ذلك التنور؟ فقال :

__________________

(١) الجبار من النخل : ما طال والطوال ـ بالضم ـ : الطويل ونحت العود : براء.

(٢) «في كتاب المناقب لابن شهر آشوب حديث طويل ذكرناه عند قوله تعالى : وذا النون الاية ، وفيه : ان من قبل من الأنبياء ولاية أهل البيت عليهم‌السلام سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتمتع في حملها القى ما لقى آدم من المصيبة وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء ، وما لقى داود من الخطيئة ، الى أن بعث الله يونس منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٣٥٥

نعم ، ان الله عزوجل أحب ان يرى قوم نوح آية ثم ان الله تبارك وتعالى أرسل عليهم المطر يفيض فيضا ، وفاض الفرات فيضا ، والعيون كلهن فيضا ، فغرقهم الله عزوجل وأنجى نوحا ومن معه في السفينة.

٧٩ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن الحسن بن على بن أبي حمزة عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : نعم المسجد مسجد الكوفة ، صلى فيه ألف نبي وألف وصى ومنه فار التنور ، وفيه نجرت السفينة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

٨٠ ـ في مجمع البيان وروى ابو عبيدة الحذاء عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : مسجد كوفان روضة من رياض الجنة الصلوة فيه بسبعين صلوة ، صلى فيه ألف نبي وسبعون نبيا فيه فار التنور ونجرت السفينة وهو سرة بابل ومجمع الأنبياء (١).

٨١ ـ في كتاب الخصال عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان نوحا لما كان أيام الطوفان دعا مياه الأرض فأجابته الا الماء المر والكبريت.

٨٢ ـ في تفسير العياشي عن الأعمش يرفعه الى على عليه‌السلام في قوله : (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) فقال : اما والله ما هو تنور الخبز ثم أومى بيده الى الشمس فقال : طلوعها.

٨٣ ـ عن الحسن بن على عن بعض أصحابه عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : جاءت امرأة نوح اليه وهو يعمل السفينة فقالت له : ان التنور قد خرج من ماء فقام اليه مسرعا حتى جعل الطبق عليه فختمه بخاتمه ، فقام الماء ، فلما فرغ نوح من السفينة جاء الى خاتمة ففضه وكشف الطبق ففار الماء.

٨٤ ـ عن سعيد بن يسار عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله امر نوحا ان يحمل في السفينة (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) فحمل الفحل والعجوة فكانا زوجا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن صفوان عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه‌السلام : فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة أمره الله تعالى ان ينادى بالسريانية : لا يبقى بهيمة ولا حيوان الا حضر ، فادخل من كل جنس

__________________

(١) مضى الحديث بعينه قريبا تحت رقم ٧٣ ووجه التكرار غير معلوم.

٣٥٦

من أجناس الحيوان زوجين السفينة ، وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانون رجلا فقال الله عزوجل : (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا) القليل وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة فلما كان اليوم الذي أراد الله عزوجل هلاكهم كانت امرأة نوح عليه‌السلام تخبز في الموضع الذي يعرف بفار التنور في مسجد الكوفة ، وكان نوح عليه‌السلام اتخذ لكل ضرب من أجناس الحيوان موضعا في السفينة وجمع لهم فيها ما يحتاجون اليه من الغذاء ، فصاحت امرأته لما فار التنور فجاء نوح الى التنور فوضع عليها طينا (١) وختمه حتى ادخل جمع الحيوان السفينة ، ثم جاء الى التنور ففض الخاتم ورفع الطين وانكسفت الشمس وجاء من السماء ماء منهمر صب بلا قطر وتفجرت الأرض عيونا وهو قوله عزوجل : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ).

٨٦ ـ وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام انه قال : وليس كل من في الأرض من بنى آدم من ولد نوح ، قال الله في كتابه : (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) وقال : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ).

٨٧ ـ في كتاب معاني الاخبار ابى رحمه‌الله قال : حدثني محمد بن يحيى العطار عن محمد بن احمد بن يحيى عن موسى بن عمر عن جعفر بن محمد بن يحيى عن غالب عن ابى خالد عن حمران عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) قال : كانوا ثمانية.

٨٨ ـ في مجمع البيان وروى الشيخ ابو جعفر في كتاب النبوة باسناده عن حنان بن سدير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : آمن مع نوح من قومه ثمانية نفر.

٨٩ ـ في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال قال لي ابو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : يا هشام ثم مدح الله القلة وقال : «و (مَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ).

__________________

(١) وفي نسخة «طبقا» وهو موافق لما مر من تفسير العياشي.

٣٥٧

٩٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول : ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة اليه ومتعلم على سبيل نجاة أولئك هم الأقلون عددا ، وقد بين الله ذلك من أمم الأنبياء ، وجعلهم مثلا لمن تأخر مثل قوله في قوم نوح : (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ).

٩١ ـ في روضة الكافي محمد بن ابى عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن اسمعيل الجعفي وعبد الكريم بن عمر وعبد الحميد بن ابى الديلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما حمل نوح في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله عزوجل : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) فكان من الضأن اثنين زوج داجنة يربيها الناس (١) والزوج الآخر الضأن التي تكون في الجبال الوحشية أحل لهم صيدها ، (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) زوج داجنة يربيها الناس ، والزوج الآخر الظباء التي تكون في المفاوز (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ) البخاتي والعراب (٢) (وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) زوج داجنة للناس الزوج والآخر البقر الوحشية وكل طير طيب وحشي وانسى ، ثم غرقت الأرض.

٩٢ ـ في مجمع البيان وروى على بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أراد الله هلاك قوم نوح عليه‌السلام عقم أرحام النساء أربعين سنة ، فلم يلد لهم مولود ، ولما فرغ نوح عليه‌السلام من اتخاذ السفينة امر الله ان ينادى بالسريانية ان يجتمع جميع الحيوانات ، فلم يبق حيوان الا وحضر ، فأدخل من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين ما خلا الفار والسنور وانهم لما شكوا اليه من سرقين الدواب والقدر دعا بالخنزير فمسح جبينه فعطس فسقط من انفه زوج فار فتناسل فلما كثروا شكوا اليه منهم فدعا بالأسد فمسح جبينه فعطس فسقط من انفه زوج سنور ، وفي حديث آخر انهم شكوا العذرة فامر الله الفيل فعطس فسقط الخنزير.

٩٣ ـ في تفسير العياشي عن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان نوحا حمل الكلب في السفينة ولم يحمل ولد الزنا.

__________________

(١) اى مقيمة عند الناس أهلية غير وحشية.

(٢) البخاتي ـ بتقديم الباء ـ الإبل الخراساني ، والعراب خلافه.

٣٥٨

٩٤ ـ عن عبيد الله الحلبي عنه قال : ينبغي لولد الزنا ان لا تجوز له شهادة ولا يؤم بالناس ، لم يحمله نوح في السفينة ، وقد حمل فيها الكلب والخنزير.

٩٥ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبير الشامي وما سأله عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : وسأله ما بال الماعز مرفوعة الذنب بادية الحياء والعورة (١) فقال : لان المعز عصت نوحا عليه‌السلام لما أدخلها السفينة ، فدفعها فكسر ذنبها والنعجة (٢) مستورة الحياء والعورة ، لان النعجة بادرت بالدخول الى السفينة فمسح عليه‌السلام يده على حياءها وذنبها فاستوت الالية.

٩٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبان بن عثمان عن ابى عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن جده عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما حضرته الوفاة دفع الى على ميراثه من الدواب وغيرها ، وفي آخره قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ان أول شيء مات من الدواب الحمار اليعفور توفي ساعة قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قطع خطامه مر (٣) يركض حتى أتى بئر بنى حطيم بقبا فرمى نفسه فيها ، فكانت قبره ثم قال ابو عبد الله : ان يعفور كلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : بابى أنت وأمي ان ابى حدثني عن أبيه عن جده انه كان مع نوح في السفينة فنظر اليه يوما نوح عليه‌السلام ومسح يده على وجهه ثم قال : يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم ، والحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار.

في أصول الكافي وروى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ان ذلك الحمار كلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر نحوه.

__________________

(١) الماعز : واحد المعز. للذكر والأنثى ، وقيل : يقال للذكر ماعز وللأنثى ماعزة. وقوله ، «مرفوعة الذنب» في بعض النسخ «معرقبة» وفي آخر «معرفقة» والظاهر الموافق للمصدر ما اخترناه. والحياء بالمدّ وقد يقصر : الفرج من ذوات الخف والظلف والسباع. قاله في القاموس.

(٢) النعجة : الأنثى من الضأن.

(٣) الخطام : حبل يجعل في عنق البعير.

٣٥٩

٩٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن صفوان عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا وفيه يقول عليه‌السلام : فقال الله عزوجل : (ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) يقول مجريها اى مسيرها ومرسيها اى موقفها.

٩٨ ـ في تفسير العياشي عن عبد الحميد بن ابى الديلم قال : لما ركب نوح في السفينة (قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

٩٩ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الرضا عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجى ومن تخلف عنها زخ في النار (١).

١٠٠ ـ في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام وتعدادها قال عليه‌السلام : واما الثاني عشر فانى سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يا على مثلك في أمتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق.

١٠١ ـ عن ابى عبد الله عليه‌السلام ان نوحا عليه‌السلام ركب السفينة أول يوم من رجب فأمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم وقال : من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة عن ابى الحسن عليه‌السلام قال : ان نوحا عليه‌السلام ركب السفينة وذكر مثله.

١٠٢ ـ وفيما علم أمير المؤمنين أصحابه : من خاف منكم الغرق فليقرأ (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) بسم الله الملك القوى (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).

١٠٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبان بن تغلب عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه القائم عليه‌السلام وفيه : فاذا نشر راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انحط اليه ثلثة عشر ألف ملك وثلثة عشر ملكا كلهم ينظرون القائم عليه‌السلام وهم الذين كانوا مع نوح عليه‌السلام في السفينة.

١٠٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أسباط ومحمد بن احمد عن

__________________

(١) قال ابن الأثير في النهاية : في الحديث مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ في النار اى دفع ورمى.

٣٦٠