تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

دخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فمرح البراق (١) فخرج اليه جبرئيل وقال : اسكن فانما يركبك أحب خلق الله اليه ، فسكن فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فركب ليلا فتوجه نحو بيت المقدس فاستقبله شيخ فقال جبرئيل : هذا أبو ك إبراهيم فثنى رجله وهم بالنزول فقال جبرئيل : كما أنت فجمع ما شاء من الأنبياء في بيت المقدس ، فأذن جبرئيل وتقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى بهم ثم قال ابو جعفر عليه‌السلام : في قوله تعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) هؤلاء الأنبياء الذين جمعوا (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) قال فلم يشك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يسأل.

١٣١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) قال : الذين جحدوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) قال : عرضت عليهم الولاية وقد فرض الله تعالى عليهم الايمان بها فلم يؤمنوا.

١٣٢ ـ في تفسير العياشي عن ابى عبيدة الحذاء عن ابى جعفر عليه‌السلام كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : حدثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان جبرئيل عليه‌السلام حدثه ان يونس ابن متى بعثه الله الى قومه وهو ابن ثلثين سنة وكان رجلا تعتريه الحدة (٢) وكان قليل الصبر على قومه والمداراة لهم عاجزا عما حمل من ثقل حمل أوقار النبوة وأعلامها وانه تفسخ تحتها كما يتفسخ الجذع تحت حمله (٣) وانه اقام فيهم يدعوهم الى الايمان بالله والتصديق به واتباعه ثلثا وثلثين سنة ، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه الا رجلان اسم أحدهما روبيل والآخر تنوخا ، وكان روبيل من أهل بيت العلم والنبوة والحكمة وكان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل ان يبعثه الله بالنبوة ، وكان تنوخا رجلا مستضعفا عابدا زاهدا منهمكا في العبادة (٤) وليس له علم ولا حكم. وكان روبيل

__________________

(١) المرح : شدة النشاط والفرح.

(٢) اى يصيبه البأس والغضب.

(٣) تفسخ الربع تحت الحمل : ضعف وعجز ولم يطقه.

(٤) انهمك في الأمر : جد فيه ولج.

٣٢١

صاحب غنم يرعاها ويتقوت منها ، وكان تنوخا رجلا حطابا يحتطب على رأسه ويأكل من كسبه ، وكان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا لعلم روبيل وحكمته وقديم صحبته ، فلما راى يونس ان قومه لا يجيبونه ولا يؤمنون ضجر وعرف من نفسه قلة الصبر فشكا ذلك الى ربه ، وكان فيما شكى ان قال : يا رب انك بعثتني الى قومي ولي ثلثون سنة ، فلبثت فيهم ادعوهم الى الايمان بك والتصديق برسالتي وأخوفهم عذابك ونقمتك ثلثا وثلثين سنة فكذبوني ولم يؤمنوا بى وجحدوا بنوتى واستخفوا برسالتي وقد تواعدوني وخفت ان يقتلوني فأنزل عليهم عذابك فإنهم قوم لا يؤمنون.

قال : فأوحى الله الى يونس ان فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير والمرأة الضعيفة والمستضعف المهين ، وانا الحكم العدل ، سبقت رحمتي غضبى لا اعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك ، وهم يا يونس عبادي وخلقي وبريتي في بلادي وفي عيلتي أحب ان اتأناهم (١) وارفق بهم وانتظر توبتهم ، وانما بعثتك الى قومك لتكون حيطا عليهم تعطف عليهم سخاء الرحمة الماسة منهم وتأناهم برأفة النبوة فاصبر معهم بأحلام الرسالة وتكون لهم كهيئة الطبيب المداوى العالم بمداواة الدواء فخرجت بهم ولم تستعمل قلوبهم بالرفق ولم تسهم بسياسة المرسلين ، ثم سألتنى مع سوء نظرك العذاب لهم عند قلة الصبر منك ، وعبد ى نوح كان أصبر منك على قومه ، وأحسن صحبة وأشد تأنيا في الصبر عندي وأبلغ في العذر ، فغضبت له حين غضب لي وأجبته حين دعاني.

فقال يونس : يا رب انما غضبت عليهم فيك ، وانما دعوت عليهم حين غضبوك ، فو عزتك لا انعطف عليهم برأفة أبدا ولا انظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم وتكذيبهم إياي وجحد نبوتي ، فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون أبدا ، فقال الله : يا يونس انهم مأة الف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي ، ومحبتي ان أتاناهم للذي سبق من علمي فيهم وفيك ، وتقديري وتدبيري غير علمك وتقديرك ، وأنت المرسل وانا الرب الحكيم ، وعلمي فيهم يا يونس باطن في الغيب عندي لا يعلم ما منتهاه ، وعلمك

__________________

(١) من التأنى اى الرفق والمداراة.

٣٢٢

فيهم ظاهر لا باطن له يا يونس قد أجبتك الى ما سألت من إنزال العذاب عليهم ، وما ذلك يا يونس بأوفر لحظك عندي ولا أحمد لشأنك وسيأتيهم العذاب في شوال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس فأعلمهم ذلك.

قال : فمر يونس ولم يسؤه ولم يدر ما عاقبته فانطلق يونس الى تنوخا العابد فأخبره بما أوحى الله اليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم وقال له : انطلق حتى أعلمهم بما اوحى الله الى من نزول العذاب ، فقال تنوخا : فدعهم في غمرتهم ومعصيتهم حتى يعذبهم الله فقال له يونس : بل نلقى روبيل فنشاوره فانه رجل عالم حكيم من أهل بيت النبوة فانطلقا الى روبيل فأخبره يونس بما اوحى الله اليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس ، فقال له : ما ترى انطلق بنا حتى أعلمهم ذلك؟ فقال له روبيل : ارجع الى ربك رجعة نبي حكيم ورسول كريم واسأله ان يصرف عنهم العذاب فانه غنى عن عذابهم وهو يحب الرفق بعباده ، وما ذلك بأضر لك عنده ولا أسوء لمنزلتك لديه ولعل قومك بعد ما سمعت ورأيت من كفرهم وجحودهم يؤمنون يوما فصابرهم وتأناهم ، فقال له تنوخا : ويحك يا روبيل ما أشرت على يونس وامرته به بعد كفرهم بالله وجحدهم لنبيه وتكذيبهم إياه ، وإخراجهم إياه من مساكنه وما هموا به من رجمه فقال روبيل لتنوخا : اسكت فانك رجل عابد لا علم لك ثم اقبل على يونس فقال : أرأيت يا يونس إذا انزل الله العذاب على قومك أنزله فيهلكهم جميعا أو يهلك بعضا ويبقى بعض؟ فقال له يونس : بل يهلكهم جميعا وكذلك سألته ، ما دخلتنى لهم رحمة تعطف فأراجع الله فيهم واسأله ان يصرف عنهم ، فقال له روبيل : أتدري يا يونس لعل الله إذا انزل عليهم العذاب فأحسوا به ان يتوبوا اليه ويستغفروه فيرحمهم ، فانه ارحم الراحمين ويكشف عنهم العذاب من بعد ما أخبرتهم عن الله انه ينزل عليهم العذاب يوم الأربعاء فتكون بذلك عندهم كذابا؟ فقال له تنوخا : ويحك يا روبيل لقد قلت عظيما يخبرك النبي المرسل ان الله أوحى اليه ان العذاب ينزل عليهم فترد قول الله وتشك فيه وفي قول رسوله ، اذهب فقد حبط عملك ، فقال روبيل لتنوخا : لقد فسد رأيك ثم اقبل على يونس فقال :

٣٢٣

أنزل الوحي والأمر من الله فيهم على ما أنزل عليك فيهم من إنزال العذاب عليهم وقوله الحق ، أرأيت إذا كان ذلك فهلك قومك كلهم وخربت قريتهم أليس يمحو الله اسمك من النبوة وتبطل رسالتك وتكون كبعض ضعفاء الناس ويهلك على يديك مأة ألف من الناس.

فأبى يونس أن يقبل وصيته فانطلق ومعه تنوخا الى قومه فأخبرهم ان الله أوحى اليه انه منزل العذاب عليهم يوم الأربعاء في شوال في وسط الشهر بعد طلوع الشمس ، فردوا عليه قوله وكذبوه وأخرجوه من قريتهم إخراجا عنيفا (١) فخرج يونس ومعه تنوخا من القرية وتنحيا عنهم غير بعيد وأقاما ينتظران العذاب. وأقام روبيل مع قومه في قريتهم حتى إذا دخل عليهم شوال صرخ روبيل (٢) بأعلى صوته في رأس الجبل الى القوم ، انا روبيل الشفيق عليكم الرحيم بكم الى ربه ، قد أنكرتم عذاب الله هذا شوال قد دخل عليكم وقد أخبركم يونس نبيكم ورسول ربكم ان الله أوحى اليه : ان العذاب ينزل عليكم في شوال في وسط الشهر يوم الأربعاء بعد طلوع الشمس ولن يخلف الله وعده رسله فانظروا ماذا أنتم صانعون؟ فأفزعهم كلامه فوقع في قلوبهم تحقيق نزول العذاب فأجفلوا (٣) نحو روبيل وقالوا له : ماذا أنت مشير به علينا يا روبيل؟ فانك رجل عالم حكيم لم نزل نعرفك بالرقة علينا والرحمة لنا وقد بلغنا ما أشرت به على يونس فمرنا بأمرك وأشر علينا برأيك؟ فقال لهم روبيل : فانى أرى لكم وأشير عليكم ان تنظروا وتعمدوا إذا طلع الفجر يوم الأربعاء في وسط الشهر أن تعزلوا الأطفال عن الأمهات في أسفل الجبل في طريق الاودية ، وتقفوا النساء في سفح الجبل (٤) ويكون هذا كله قبل طلوع الشمس ، فعجوا عجيج الكبير منكم والصغير بالصراخ والبكاء والتضرع الى الله والتوبة اليه

__________________

(١) العنف : ضد الرفق والعنيف : الشديد من القول والسير.

(٢) صرخ صراخا : صاح شديدا.

(٣) اى أسرعوا نحوه بالذهاب.

(٤) السفح : أسفل الجبل.

٣٢٤

ـ والاستغفار له ، وارفعوا رؤسكم الى السماء وقولوا : ربنا ظلمنا وكذبنا نبيك وتبنا إليك من ذنوبنا وان لا (تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) المعذبين فاقبل توبتنا وارحمنا يا أرحم الراحمين ، ثم لا تملوا من البكاء والصراخ والتضرع الى الله والتوبة اليه حتى توارى الشمس بالحجاب أو يكشف الله عنكم العذاب قبل ذلك.

فاجمع رأى القوم جميعا على أن يفعلوا ما أشار به عليهم روبيل ، فلما كان يوم الأربعاء الذي توقعوا العذاب تنحى روبيل عن القرية حيث يسمع صراخهم ويرى العذاب إذا نزل ، فلما طلع الفجر يوم الأربعاء فعل قوم يونس ما أمرهم روبيل به فلما بزغت الشمس (١) أقبلت ريح صفراء مظلمة مسرعة لها صرير وحفيف (٢) فلما رأوها عجوا جميعا بالصراخ والبكاء والتضرع الى الله وتابوا اليه واستغفروه وصرخت الأطفال بأصواتها تطلب أمهاتهم ، وعجت سخال البهائم (٣) تطلب الثدي وعجت الانعام تطلب الرعا ، فلم يزالوا بذلك ويونس وتنوخا يسمعان صيحتهم وصراخهم ويدعو ان الله عليهم بتغليظ العذاب عليهم وروبيل في موضعه يسمع صراخهم وعجيجهم ويرى ما نزل وهو يدعو الله بكشف العذاب عنهم.

فلما أن زالت الشمس وفتحت أبو أب السماء وسكن غضب الرب تعالى رحمهم الرحمن فاستجاب دعاؤهم وقبل توبتهم وأقالهم عثرتهم ، وأوحى الى إسرافيل عليه‌السلام ان اهبط الى قوم يونس فإنهم قد عجوا الى بالبكاء والتضرع وتابوا الى واستغفرونى فرحمتهم وتبت عليهم ، وانا الله التواب الرحيم أسرع الى قبول توبة عبد ى التائب من الذنوب ، وقد كان عبد ى يونس ورسولي سألنى نزول العذاب على قومه وقد أنزلته عليهم وأنا الله أحق من وفي بعهده وقد أنزلته عليهم ولم يكن اشترط يونس حين سألنى أن أنزل عليهم العذاب ان اهلكهم فاهبط إليهم فاصرف عنهم ما قد

__________________

(١) بزغت الشمس : طلعت.

(٢) الصرير : الصوت الشديد. وحفيف الريح : صوتها في كل ما مرت به.

(٣) السخال : جمع السخلة : ولد الشاة.

٣٢٥

ـ نزل بهم من عذابي ، فقال إسرافيل : يا رب ان عذابك قد بلغ أكتافهم وكاد ان يهلكهم وما أراه الا وقد نزل بساحتهم فالى اين اصرفه؟ فقال الله : كلا انى قد أمرت ملائكتى ان يصرفوه ولا ينزلوه عليهم حتى يأتيهم أمري فيهم وعزيمتي ، فاهبط يا إسرافيل عليهم واصرفه عنهم ، واصرف به الى الجبال بناحية مفاوض العيون ومجاري السيول في الجبال العاتية (١) العادية المستطيلة على الجبال ، فأذلها به ولينها حتى تصير ملتئمة حديدا جامدا ، فهبط إسرافيل فنشر أجنحته فاستاق بها (٢) ذلك العذاب حتى ضرب بها تلك الجبال التي اوحى الله اليه ان يصرفه إليها ، قال ابو جعفر عليه‌السلام : وهي الجبال التي بناحية الموصل اليوم فصارت حديدا الى يوم القيمة.

فلما راى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا الى منازلهم من رؤس الجبال وضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم وحمدوا الله على ما صرف عنهم ، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم واهلكهم جميعا لما خفيت أصواتهم عنهما ، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع طلوع الشمس ينظران الى ما صار اليه القوم فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحماة والرعاة بأعناقهم ونظروا الى أهل القرية مطمئنين قال يونس لتنوخا : يا تنوخا كذبني الوحي (٣) وكذبت وعدي لقومي لا وعزة ربي لا يرون لي وجها أبدا بعد ما كذبني الوحي ، فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه ناحية بحرايلة (٤) مستنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه فيقول له : يا كذاب ، فلذلك قال الله : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) الآية و

__________________

(١) الجبال العاتية : الكبيرة الطويلة.

(٢) استاق الماشية : حثها على السير من خلف ، عكس قادها.

(٣) اى باعتقاد القوم.

(٤) قال المجلسي (ره) : قوله «مغاضبا لربه» اى على قومه لربه تعالى ، اى كان غضبه لله تعالى لا للهوى ، أو خائفا عن تكذيب قومه لما تخلف عنه ممن وعد ربه «انتهى» وأيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلى الشام ، وقيل : آخر الحجاز وأول الشام.

٣٢٦

ـ رجع تنوخا الى القرية. فلقي روبيل فقال له يا تنوخا : اى الرأيين كان أصوب وأحق؟ أرأيي أو رأيك؟ فقال له تنوخا : بل رأيك كان أصوب ولقد كنت أشرت برأى العلماء والحكماء ، وقال له تنوخا : اما انى لم أزل ارى انى أفضل منك لزهدي وفضل عبادتي حتى استبان فضلك لفضل علمك ، وما أعطاك الله ربك من الحكمة مع التقوى أفضل من الزهد والعبادة بلا علم ، فاصطحبا فلم يزالا مقيمين مع قومهما ومضى يونس على وجهه مغاضبا لربه ، فكان من قصته ما أخبر الله في كتابه الى قوله : (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ).

قال ابو عبيدة : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام كم كان غاب يونس عن قومه حتى رجع إليهم بالنبوة والرسالة فآمنوا به وصدقوه؟ قال : اربعة أسابيع سبعا منها في ذهابه الى البحر ، وسبعا في بطن الحوت ، وسبعا تحت الشجرة بالعراء وسبعا منها في رجوعه الى قومه فقلت له : وما هذه الأسابيع شهورا وأيام أو ساعات فقال : يا با عبيدة ان العذاب أتاهم يوم الأربعاء في النصف من شوال ، وصرف عنهم من يومهم ذلك ، فانطلق يونس مغاضبا فمضى يوم الخميس سبعة أيام في مسيره الى البحر ، وسبعة أيام في بطن الحوت ، وسبعة أيام تحت الشجرة بالعراء وسبعة أيام في رجوعه الى قومه ، فكان ذهابه ورجوعه ثمانية وعشرين يوما ، ثم أتاهم فآمنوا به وصدقوه واتبعوه فلذلك قال : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ).

١٣٣ ـ عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : لما أظل قوم يونس العذاب دعوا الله فصرفه عنهم ، قلت : كيف ذلك؟ قال : كان في العلم انه يصرف عنهم.

١٣٤ ـ عن الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا أول يوم صفر ، وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود ، قال : وكان الله أوعدهم أن يأتيهم العذاب حتى نالوه برماحهم ، ففرقوا بين النساء وأولادهن ، والبقر وأولادها ، ولبسوا المسوح (١) والصوف ووضعوا الحبال في أعناقهم ، والرماد

__________________

(١) المسوح جمع المسح ـ بالكسر ـ الكساء من شعر.

٣٢٧

ـ على رؤسهم ، وضجوا ضجة واحدة الى ربهم ، وقالوا : آمنا باله يونس ، قال : فصرف الله عنهم العذاب الى جبال آمد (١) قال : وأصبح يونس وهو يظن انهم هلكوا ، فوجدهم في عافية.

١٣٥ ـ عن معمر قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : ان يونس لما أمره الله بما امره فأعلم قومه فأظلهم العذاب فرقوا بينهم وبين أولادهم وبين البهائم وأولادها ، ثم عجوا الى الله وضجوا فكشف الله العذاب عنهم ، وهذان الحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١٣٦ ـ في تهذيب الأحكام على بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن أبان بن عثمان الأحمر عن كثير النوا عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال وقد ذكر يوم عاشورا : وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس.

١٣٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن أسلم عن أبيه عن ابى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأي علة صرف الله عزوجل العذاب عن قوم يونس وقد أظلهم ولم يفعل ذلك بغيرهم من الأمم؟ فقال : لأنه كان في علم الله عزوجل انه سيصرفه عنهم لتوبتهم وانما ترك اخبار يونس بذلك لأنه عزوجل أراد ان يفرغه لعبادته في بطن الحوت فيستوجب بذلك ثوابه وكرامته.

١٣٨ ـ وباسناده الى سماعة انه سمعه عليه‌السلام وهو يقول : ما رد الله العذاب عن قوم قد أظلهم الا قوم يونس ، فقلت : أكان قد أظلهم؟ فقال : نعم حتى نالوه بأكفهم ، قلت : فكيف كان ذلك؟ قال : كان في العلم المثبت عند الله عزوجل الذي لم يطلع عليه أحد انه سيصرفه عنهم.

١٣٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن جميل قال : قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : ما رد الله عزوجل العذاب الا عن قوم يونس وكان يونس عليه‌السلام يدعوهم الى الإسلام فيأبوا ذلك ، فهم ان يدعو عليهم وكان فيهم رجلان : عابد وعالم. وكان اسم أحدهما مليخا والآخر اسمه روبيل ، وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم وكان العالم ينهاه ، ويقول : لا تدعو عليهم فان الله يستجيب لك ولا يحب هلاك عباده ، فقبل قول العابد ولم يقبل قول العالم ، فدعى عليهم فأوحى الله اليه : يأتيهم العذاب في سنة كذا

__________________

(١) قال الحموي : آمد ـ بكسر الميم ـ أعظم ديار بكر.

٣٢٨

ـ وكذا في شهر كذا وكذا في يوم كذا وكذا ، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيهم ، فلما كان ذلك اليوم نزل العذاب فقال العالم لهم : يا قوم أفزعوا الى الله عزوجل فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم ، فقالوا : كيف نصنع؟ قال اجتمعوا واخرجوا الى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد وبين الإبل وأولادها ، وبين البقر وأولادها وبين الغنم وأولادها ثم أكبوا وادعوا ، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا ، فرحمهم‌الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال وقد كان نزل وقرب منهم ، فاقبل يونس لينظر كيف اهلكهم الله فرأى الزارعون يزرعون في أرضهم ، قال لهم : ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له ولم يعرفوه : ان يونس دعا عليهم فاستجاب الله عزوجل له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم‌الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال ، فهم اذن يطلبون يونس ليؤمنوا به فغضب يونس ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله تعالى والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٠ ـ وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : لبث يونس في بطن حوت ثلثة أيام ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فاستجاب الله له فأخرجه الحوت الى الساحل ثم قذفه فألقاه الى الساحل وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع ، فكان يمصه ويستظل به وبورقه ، وكان تساقط شعره ورق جلده ، وكان يونس يسبح ويذكر الله بالليل والنهار ، فلما ان قوى واشتد بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع فذبلت القرعة ثم يبست ، فشق ذلك على يونس فظل حزينا ، فأوحى الله اليه : مالك حزينا يا يونس؟ قال : يا رب هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست؟ قال : يا يونس أحزنت بشجرة لم تزرعها ولم تسقها ولم تعن بها أن يبست حين استغنيت عنها ، ولم تحزن لأهل نينوى أكثر من مأة ألف أردت ان ينزل عليهم العذاب ، ان أهل نينوى آمنوا واتقوا فارجع إليهم ، فانطلق يونس الى قومه فلما دنى من نينوى استحيى أن يدخل ، فقال لراع لقيه : ائت أهل نينوى فقل لهم : ان يونس قد جاء ، قال الراعي : أتكذب أما تستحيي ويونس قد غرق في البحر وذهب؟ قال له يونس : اللهم ان هذه الشاة تشهد لك أنى

٣٢٩

يونس ، فأنطقت الشاة له بأنه يونس ، فلما أتى الراعي قومه وأخبرهم أخذوه وهموا بضربه ، فقال : لي بينة بما أقول ، قالوا : من يشهد؟ قال : هذه الشاة تشهد ، فشهدت انه صادق وان يونس قد رده الله إليهم ، فخرجوا يطلبونه فوجدوه فجاؤا به وآمنوا وحسن ايمانهم فمتعهم الله الى حين وهو الموت وأجارهم من ذلك العذاب.

١٤١ ـ وعن على عليه‌السلام حديث طويل يقول في آخره : وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهي الدبا فأظلته من الشمس فسكن ، ثم امر الشجرة فتنحت عنه ووقع الشمس عليه فجزع ، فأوحى الله اليه : يا يونس لم لم ترحم مأة ألف أو يزيدون وأنت تجزع ساعة؟ فقال : رب عفوك عفوك ، فرد الله بدنه ورجع الى قومه وآمنوا به وهو قوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ).

١٤٢ ـ في الكافي باسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ان جبرئيل استثنى في هلاك قوم يونس ولم يسمعه يونس.

١٤٣ ـ في روضة الكافي عنه عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله ابن سنان عن معروف بن خربوذ عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل رياح رحمة ورياح عذاب ، فان شاء ان يجعل الرياح من العذاب رحمة فعل ، قال : ولن يجعل الرحمة من الريح عذابا قال : وذلك انه لم يرحم قوما قط أطاعوه فكانت طاعتهم إياه وبالا عليهم الا من بعد تحولهم عن طاعته ، قال : وكذلك فعل بقوم يونس لما آمنوا رحمهم‌الله بعد ما قد كان قدر عليهم العذاب وقضاه ، ثم تداركهم برحمته فجعل العذاب المقدر عليهم رحمة ، فصرفه عنهم وقد أنزله عليهم وغشيهم ، وذلك لما آمنوا به وتضرعوا اليه.

١٤٤ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وفي العلل التي ذكرها الفضل بن شاذان «رحمه‌الله» عن الرضا عليه‌السلام قال : انما جعل للكسوف صلوة لأنه من آيات الله عزوجل لا يدرى الرحمة ظهرت أم لعذاب؟ فأحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان تفزع أمته الى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس حين

٣٣٠

تضرعوا الى الله عزوجل.

١٤٥ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار في التوحيد حدثنا عبد الله بن تميم القرشي قال حدثنا ابى عن احمد بن على الأنصاري عن ابى الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : سأل المأمون أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن قول الله جل ثناؤه : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) فقال الرضا عليه‌السلام : حدثني ابى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن على بن ابى طالب عليهم‌السلام قال : ان المسلمين قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوتنا على عدونا؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت لألقي الله تعالى ببدعة لم يحدث الى فيها شيئا وما (أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) ، فأنزل الله تبارك وتعالى على يا محمد و (لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمن عند المعاينة ورؤية البأس وفي الآخرة ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا منى ثوابا ولا مدحا ولكني أريد منهم ان يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا منى الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) واما قوله : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها ، ولكن على معنى انها ما كانت لتؤمن الا بإذن الله واذنه امره لها بالايمان ما كانت مكلفة متعبدة ، وإلجاؤه إياها الى الايمان عند زوال التكليف والتعبد عنها فقال المأمون : فرجت عنى فرج الله عنك.

١٤٦ ـ في كتاب التوحيد ابى رحمه‌الله قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن احمد بن محمد عن ابن فضال عن على بن عقبة عن أبيه قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : اجعلوا أمركم الله ولا تجعلوه للناس فانه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد الى الله ، لا تخاصموا الناس لدينكم ، فان المخاصمة ممرضة للقلب ، ان الله عزوجل قال لنبيه : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وقال :

٣٣١

(أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ذروا الناس فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانى سمعت ابى يقول : ان الله عزوجل إذا كتب على عبد ان يدخل في هذا الأمر كان أسرع اليه من الطير الى وكره (١).

١٤٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن احمد بن محمد بن عبد الله عن احمد بن هلال عن امية بن على عن داود الرقى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) قال : الآيات هم الائمة والنذر هم الأنبياء عليهم‌السلام.

١٤٨ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه جبرئيل بالبراق فركبها ، فأتى بيت المقدس فلقي من لقى من إخوانه من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين ثم رجع ، فحدث أصحابه انى أتيت بيت المقدس ورجعت من الليلة وقد جاءني جبرئيل بالبراق فركبتها ، وآية ذلك انى مررت بعير لأبي سفيان على ماء لبني فلان ، وقد أضلوا جملا لهم أحمر ، وقد هم القوم في طلبه فقال بعضهم لبعض : انما جاء الشام وهو راكب سريع ، ولكنكم قد أتيتم الشام وعرفتموها فاسئلوه عن أسواقها وأبوابها وتجارها ، فقالوا : يا رسول الله كيف الشام وكيف أسواقها؟ قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سئل عن الشيء لا يعرفه شق عليه حتى يرى ذلك في وجهه ، قال : فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا رسول الله هذه الشام قد رفعت لك فالتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا هو بالشام بأبوابها وأسواقها وتجارها ، فقال : اين السائل عن الشام؟ فقالوا له : فلان وفلان ، فأجابهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ما سألوه عنه فلم يؤمن منهم الا قليل : وهو قول الله تبارك وتعالى : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) ثم قال ابو عبد الله عليه‌السلام : نعوذ بالله ان لا نؤمن بالله

__________________

(١) الوكر : عش الطائر.

٣٣٢

١٤٩ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن الفضل عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن شيء في الفرج؟ فقال : أوليس تعلم ان انتظار الفرج من الفرج؟ ان الله يقول : انتظروا (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).

١٥٠ ـ عن مصقلة الطحان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ما يمنعكم ان تشهدوا على من مات منكم على هذا الأمر انه من أهل الجنة ان الله يقول : (كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ).

٣٣٣

سورة هود

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى ابى محمد بن على عليهما‌السلام قال : من قرأ سورة هود في كل جمعة بعثه الله عزوجل يوم القيمة في زمرة النبيين ولم يعرف له خطيئة عملها يوم القيمة.

٢ ـ في مجمع البيان ابى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من قرأها اعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح وكذب به وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وموسى ، وكان يوم القيمة من السعداء.

٣ ـ وروى الثعلبي باسناده عن ابى اسحق عن ابى جحيفة قال : قيل : يا رسول الله قد أسرع إليك الشيب؟ قال : شيبتني هود وأخواتها.

٤ ـ في كتاب الخصال عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال ابو بكر : يا رسول الله قد أسرع إليك الشيب؟ قال شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون.

٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ) قال : هو (الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ) خبير قال : من عند حكيم خبير و (أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) يعنى المؤمنين وقوله تعالى : و (يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) فهو على بن ابى طالب صلوات الله عليه وقوله عزوجل : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) قال : الدخان والصيحة قوله عزوجل : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) يقول : يكتمون ما في صدورهم من بغض على عليه‌السلام وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان آية المنافق بغض على عليه‌السلام وكان قوم يظهرون المودة لعلى عند النبي ويسرون بغضه فقال جل ذكره : (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ) فانه كان إذا حدث بشيء من فضل على صلوات الله عليه أو تلا عليهم ما انزل الله فيه نفضوا ثيابهم ثم قاموا ، يقول الله عزوجل : (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) حين قاموا (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).

٣٣٤

٦ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن جميل بن صالح عن سدير عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : أخبرنى جابر بن عبد الله ان المشركين كانوا إذا مروا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حول البيت طأطأ أحدهم ظهره ورأسه هكذا ، وغطى رأسه بثوبه حتى لا يراه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنزل الله عزوجل : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ).

٧ ـ في مجمع البيان روى عن على بن الحسين وأبى جعفر محمد بن على وجعفر بن محمد «يثنونى صدورهم» على يفعوعل.

٨ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن الفضيل عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل من أهل البادية فقال : يا رسول الله ان لي بنين وبنات واخوة وأخوات وبنى بنين وبنى بنات وبنى اخوة وبنى أخوات ، والمعيشة علينا خفيفة (١) فان رأيت يا رسول الله ان تدعوا الله أن يوسع علينا؟ قال : وبكى ، فرق له [المسلمون فقال] رسول الله : (ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) من كفل بهذه الأفواه المضمونة (عَلَى اللهِ رِزْقُها) صب الله عليه الرزق صبا كالماء المنهمر ان قليل فقليلا وان كثير فكثيرا ، قال : ثم دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمن له المسلمون قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام فحدثني من رأى الرجل في زمن عمر فسأله عن حاله فقال : من أحسن من حوله (٢) حالا وأكثرهم مالا.

٩ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : قسم أرزاقهم وأحصى آثارهم وأعمالهم وعدد أنفاسهم وخائنة أعينهم وما تخفي صدورهم من الضمير ومستقرهم ومستودعهم من الأرحام والظهور الى ان تتناهى بهم الغايات.

١٠ ـ في عيون الاخبار حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي قال : حدثنا ابى عن أحمد بن على الأنصاري عن ابى الصلت عبد الله بن صالح الهروي قال : سئل المأمون أبا

__________________

(١) لعله مصحف «ضيقة».

(٢) في المصدر «خوله» بالخاء المعجمة. و «حلالا» بدل «حالا» وهو من خوله الله المال : أعطاه إياه متفضلا وملكه إياه.

٣٣٥

الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فقال : ان الله تعالى خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات والأرض فكانت الملائكة تستدل بأنفسها وبالعرش والماء على الله تعالى ، ثم جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة فتعلم انه على كل شيء قدير ، ثم رفع العرش بقدرته ونقله فجعله فوق السماوات السبع ثم خلق السموات [السبع] والأرض في ستة أيام وهو مستول على عرشه وكان قادرا على ان يخلقها في طرفة عين ولكنه عزوجل خلقها في ستة أيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شيء فيستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى مرة بعد مرة ، ولم يخلق الله العرش لحاجة به اليه ، لأنه غنى عن العرش وعن جميع ما خلق لا يوصف بالكون على العرش ، لأنه ليس بجسم تعالى عن صفة خلقه علوا كبيرا ، واما قوله عزوجل : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فانه عزوجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته على سبيل الاحتمال والتجربة ، لأنه لم يزل عليما بكل شيء ، فقال المأمون : فرجت عنى يا أبا الحسن فرج الله عنك.

١١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن اسمعيل عن بعض أصحابه عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تعالى خلق الدنيا في ستة أيام ثم اختزلها (١) عن أيام السنة والسنة ثلاثمائة وأربع وخمسون يوما.

١٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : واما قوله : (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) فان الله جل ذكره أنزل عزائم الشرائع وآيات الفرائض في أوقات مختلفة ، كما (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ، ولو شاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق ، ولكنه جعل الاناة والمداراة مثالا لامنائه وإيجابا للحجة على خلقه.

١٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) وذلك في مبدأ الخلق ، ان الرب تبارك وتعالى خلق الهواء ثم خلق القلم فأمره أن يجرى ، فقال : يا رب بما أجرى؟ فقال :

__________________

(١) اختزل الشيء : حذفه وقطعه.

٣٣٦

بما هو كائن ، ثم خلق الظلمة من الهواء وخلق النور من الهواء وخلق الماء من الهواء وخلق العرش من الهواء وخلق العقيم من الهواء وهو الريح الشديد ، وخلق النار من الهواء ، وخلق الخلق كلهم من هذه الستة التي خلقت من الهواء ، فسلط العقيم على الماء فضربته فأكثرت الموج والزبد وجعل يثور دخانه في الهواء ، فلما بلغ الوقت الذي أراد قال للزبد : اجمد فجمد ، وقال للموج : اجمد فجمد ، فجعل الزبد أرضا وجعل الموج جبالا رواسى للأرض ، فلما أجمدها قال للروح والقدرة : سويا عرشي الى السماء ، فسويا عرشه الى السماء ، وقال للدخان : اجمد فجمد ثم قال له : ازفر (١) فزفر فناديها والأرض جميعا (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) و (مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) فلما أخذ في رزق خلقه خلق السماء وجنانها والملائكة يوم الخميس ، وخلق الأرض يوم الأحد ، وخلق دواب البر والبحر يوم الاثنين ، وهما اليومان اللذان يقول الله عزوجل : (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) وخلق الشجر ونبات الأرض وأنهارها وما فيها والهوام في يوم الثلثاء وخلق الجان وهو ابو الجن يوم السبت (٢) وخلق الطير في يوم الأربعاء ، وخلق آدم في ست ساعات في يوم الجمعة ، ففي هذه الستة الأيام خلق الله السموات والأرض وما بينهما.

١٤ ـ في روضة الكافي عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الله خلق الخير يوم الأحد ، وما كان ليخلق الشر قبل الخير وفي يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين ، وخلق أقواتها يوم الثلثاء ، وخلق السموات يوم الأربعاء ويوم الخميس وخلق أقواتها يوم الجمعة ، وذلك قول الله عزوجل (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ).

١٥ ـ في كتاب التوحيد حدثنا على بن احمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن ابى عبد الله الكوفي عن محمد بن اسمعيل البرمكي :

__________________

(١) زفر النار : سمع صوت لتوقدها.

(٢) قال المجلسي (ره) : «يوم السبت» ليس في بعض النسخ وهو أظهر ، ثم ذكر وجوها على تقديره فراجع البحار ج ١٤ : ١٧ ان شئت.

٣٣٧

قال : حدثنا جذعان بن نصر ابو نصر الكندي قال : حدثنا سهل بن زياد الأدمي عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن كثير عن داود الرقى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) فقال لي : ما يقولون؟ قلت : يقولون ان العرش كان على الماء والرب فوقه ، فقال : كذبوا ، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة المخلوقين ولزمه ان الشيء الذي يحمله أقوى منه ، قلت : بين لي جعلت فداك ، فقال : ان الله عزوجل حمل علمه ودينه الماء قبل ان يكون سماء أو ارض أو انس أو جن أو شمس أو قمر فلما أراد ان يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم : من ربكم؟ فكان أول من نطق رسول الله وأمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم ، فقالوا : أنت ربنا فحملهم العلم والدين ، ثم قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني وأمنائي في خلقي وهم المسئولون ، ثم قيل لبني آدم : أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة فقالوا : نعم ربنا أقررنا فقال للملائكة : اشهدوا ، فقالت الملائكة : «شهدنا على ان لا يقولوا (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ* أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) ان ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق.

١٦ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد الرحمن بن كثير عن داود الرقى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) فقال : ما يقولون؟ قلت : يقولون : ان العرش كان على الماء والرب فوقه ، فقال : كذبوا ، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة المخلوق ولزمه ان الشيء الذي يحمله أقوى ، قلت : بين لي جعلت فداك ، فقال : ان الله حمل دينه وعلمه الماء قبل ان يكون سماء أو ارض ، أو جن أو انس أو شمس أو قمر.

١٧ ـ محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن سدير الصيرفي قال : سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (بَدِيعُ السَّماواتِ) فقال ابو جعفر عليه‌السلام : ان الله عزوجل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السموات والأرضين ولم يكن قبلهن سموات ولا أرضون ، اما تسمع لقوله تعالى : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) والحديث

٣٣٨

طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن محمد بن عمران العجلي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أى شيء كان موضع البيت حيث كان الماء في قول الله تعالى : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ)؟ قال : كان مهاة بيضاء يعنى درة.

١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن ابى بكر الحضرمي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : خرج هشام بن عبد الملك حاجا ومعه الأبرش الكلبي (١) فلقيا أبا عبد الله عليه‌السلام في المسجد الحرام ، فقال هشام للأبرش تعرف هذا؟ قال : لا ، قال : هذا الذي تزعم الشيعة انه نبي من كثرة علمه ، فقال الأبرش : لا سألنه عن مسألة لا يجيبني فيها الا نبي أو وصى بنى ، فقال هشام : وددت انك فعلت ذلك ، فلقي الأبرش أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : يا أبا عبد الله أخبرنى عن قول الله : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) بما كان رتقهما وبما كان فتقهما؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبرش هو كما وصف نفسه ، (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) ، والماء على الهواء والهواء لا يحد ولم يكن يومئذ خلق غيرهما والماء عذب فرات ، فلما أراد أن يخلق الأرض امر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم ازبد فصار زبدا واحدا ، فجمعه في موضع البيت ، ثم جعله جبلا من زبد ، ثم دحى الأرض من تحته ، فقال الله تبارك وتعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها ، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه أمر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها ، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار ، فخلق منه السماء ، وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر ، وأجراها في

__________________

(١) قال المحدث القمى (ره) في الكنى والألقاب : الأبرش الكلبي ابو مجاشع بن الوليد القضاعي الذي ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق كان في عصر هشام بن عبد الملك وبقي الى عصر المنصور ، ويظهر من الروايات والتواريخ انه كان من خواص هشام ، ثم ذكر له قصة طريفة مع منصور فراجع ان شئت.

٣٣٩

ـ الفلك وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر ، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وستقف عليه بتمامه عند قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية إنشاء الله تعالى.

٢٠ ـ حدثني ابى عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبى الطفيل عن ابى جعفر عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام انه قال : وقد أرسل اليه ابن عباس يسأله عن مسائل : واما ما سئل عنه من العرش مم خلقه الله؟ فان الله خلقه أرباعا لم يخلق قبله الا ثلاثة أشياء : الهواء والقلم والنور ثم خلقه الله ألوانا مختلفة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١ ـ حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول عن سلام بن المستنير عن ثوير بن أبى فاختة وذكر حديثا طويلا ستقف عليه آخر الزمر إنشاء الله تعالى وفيه يقول عليه‌السلام : (تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) يعنى بأرض لم تكسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة ، ويعيد (عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) كما كان أول مرة مستقلا بعظمته وقدرته.

٢٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن القاسم بن محمد عن المنقري عن سفيان بن عيينة عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) قال : ليس يعنى أكثركم عملا ولكن أصوبكم عملا ، وانما الاصابة خشية الله والنية الصادقة والخشية ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : الا ان الله قد كشف الخلق كشفة لا انه جهل ما اخفوه من مضمون اسرارهم ومكنون ضمائرهم ، ولكن ليبلوهم (أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فيكون الثواب جزاء والعقاب بواء (١).

٢٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى عن على بن محمد العسكري عليهما‌السلام ان أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : ان الله خلق الخلق فعلم ما هم اليه صائرون ، فأمرهم ونهاهم فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم

__________________

(١) البواء : المكافاة.

٣٤٠