تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

٤٥ ـ في مجمع البيان : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) ذكر في ذلك وجوه الى قوله : وثالثها : ان الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها اربعة أبواب عن على بن أبي طالب عليه‌السلام.

٤٦ ـ في أمالي شيخ الطائفة «قدس‌سره» باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : قال الله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) والحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا.

٤٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) قال : النظر الى رحمة الله تعالى (١) وفي رواية ابى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) قال : اما الحسنى فالجنة ، واما الزيادة فالدنيا ما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ويجمع لهم ثواب الدنيا والآخرة.

يقول الله : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).

٤٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان ابن ميمون القداح قال : قال لي ابو جعفر عليه‌السلام : اقرأ قلت : من اى شيء أقرأ؟ قال : من السورة التاسعة ، قال : قال : فجعلت التمسهما ، فقال : اقرأ من سورة يونس ، قال : فقرأت : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ) قال : حسبك ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انى لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن.

٤٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن يونس عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما من شيء الا وله كيل ووزن الا الدموع ، فان القطرة تطفى بحارا من نار ، فاذا أغر ورقت العين بمائها لم يرهق وجهها قتر ولا ذلة (٢) فاذا فاضت حرمه الله على النار ، ولو ان باكيا بكى في امة لرحموا.

٥٠ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن فضال عن ابى جميلة ومنصور بن

__________________

(١) وفي المصدر «وجه الله» عوض «رحمة الله».

(٢) أغر ورقت عيناه : دمعتا كأنهما غرقتا في دمعهما ولم يفضا ورهق بمعنى لحق وغشي. والقتر : الغبار ، وفي الغريب : ترهقها قترة : يعلوها سواد كالدخان.

٣٠١

يونس عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في حديث طويل : ولا فاضت عين على خده فرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة.

٥١ ـ في مجمع البيان وروى الفضيل بن يسار عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من عين ترقرقت (١) بمائها الا حرم الله ذلك الجسد على النار فان فاضت من خشية الله لم يلحق ذلك الوجه قتر ولا ذلة وفي تفسير العياشي نحوه.

٥٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ) قال : القتر الجوع والفقر ، والذلة الخوف.

٥٣ ـ وفي رواية ابى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : والذين كسبوا السيئات (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) قال : هؤلاء أهل البدع والشبهات والشهوات يسود الله وجوههم ثم يلقونه ، يقول الله تبارك وتعالى : (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) يسود الله وجوههم يقوم القيمة ويلبسهم الذلة والصغار يقول الله عزوجل : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).

٥٤ ـ في روضة الكافي يحيى الحلبي عن المثنى عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) قال : أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سوادا من خارج ، فكذلك هم يزدادون سوادا.

٥٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) قال : يبعث الله عزوجل نارا تزيل بين الكفار والمؤمنين.

٥٦ ـ في نهج البلاغة : فكيف لو تناهت بكم الأمور وبعثرت القبور ، (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).

٥٧ ـ في روضة الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال والحجال جميعا عن ثعلبة عن عبد الرحمان بن مسلمة الجريري قال : قلت

__________________

(١) ترقرق عينه : دمعت.

٣٠٢

لأبي عبد الله عليه‌السلام يوبخونا ويكذبونا انا نقول ان صبحتين تكونان يقولون : من أين تعرف المحقة من المبطلة إذا كانتا؟ قال : فما ذا تردون عليهم؟ قلت ما نرد عليهم شيئا ، قال : قولوا يصدق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل ان الله عزوجل يقول : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).

٥٨ ـ عنه عن محمد عن ابن فضال والحجال عن داود بن فرقد : قال : سمع رجل من العجلية (١) هذا الحديث قوله : ينادى مناد الا ان فلان بن فلان وشيعته هم الفائزون أول النهار ، وينادى آخر النهار : الا ان عثمان وشيعته هم الفائزون ، قال : وينادى أول النهار منادى آخر النهار ، فقال الرجل فما يدرينا أيما الصادق من الكاذب؟ فقال : يصدقه عليها من كان يؤمن بها قبل ان ينادى ان الله عزوجل يقول : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) الآية.

٥٩ ـ في كشف المحجة لابن طاوس «رحمه‌الله» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : اسمعوا قولي يهديكم الله إذا قلت ، وأطيعوا أمري إذا أمرت فوالله لئن أطعتموني لا تغووا ، وان عصيتموني لا ترشدوا ، قال الله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).

٦٠ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في وصف الامامة والامام وذكر فضل الامام ورتبته حديث طويل يقول فيه الرضا عليه‌السلام : ان الأنبياء والائمة يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم ، فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله عزوجل : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) فاما (مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) فهو محمد وآل محمد من بعده واما «من لا يهدى فهو من خالف من قريش وغيرهم أهل بيته.

__________________

(١) عجل : قبيلة من ربيعة وهو عجل بن لجيم بن صعب ، والعجلية من ينسب الى عجل «معجم البحرين».

٣٠٣

٦٢ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن ابى عبد الله عن عمرو بن عثمان عن على بن ابى حمزة عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لقد قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام بقضية ما قضى بها أحد كان قبله ، وكانت أول قضية قضى بها بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك أنه لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأفضى الأمر الى ابى بكر أتى رجل قد شرب الخمر ، فقال له ابو بكر : أشربت الخمر؟ فقال الرجل : نعم ، فقال : ولم شربتها وهي محرمة؟ فقال : اننى أسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم (١) يشربون الخمر ويستحلونها ، ولو أعلم انه حرام اجتنبتها ، قال فالتفت ابو بكر الى عمر فقال : ما تقول يا با حفص في أمر هذا الرجل؟ فقال معضلة وابو الحسن لها! فقال ابو بكر : يا غلام ادع لنا عليا فقال عمر : بل يؤتى الحكم في منزله فأتوه ومعه سلمان الفارسي فأخبروه بقضية الرجل ، فاقتص عليه قصته فقال على عليه‌السلام لأبي بكر : ابعث من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار ، فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ، ففعل أبو بكر ما قال على عليه‌السلام ، فلم يشهد عليه أحد فخلى سبيله ، فقال سلمان لعلى عليه‌السلام : لقد أرشدتهم ، فقال على عليه‌السلام : انما أردت ان أجدد تأكيد هذه الآية في وفيهم (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).

٦٣ ـ في تفسير العياشي عن عمرو بن القاسم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام وذكر أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قرأ (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ) الى قوله : «تحكمون» فقلنا : من هو أصلحك الله؟ فقال : بلغنا ان ذلك على عليه‌السلام.

٦٤ ـ عن مسعدة بن صدقة عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه سئل عن الأمور العظام التي تكون مما لم تكن فقال : لم يأن أوان كشفها بعد ، وذلك قوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) ولما يأتيهم تأويله.

٦٥ ـ عن حمران قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الأمور العظام من الرجعة وغيرها؟

__________________

(١) يقال هو نازل بين ظهرانيهم وبين أظهرهم اى وسطهم ومعظمهم.

٣٠٤

فقال : ان هذا الذي تسألونى عنه لم يأت أوانه قال الله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ).

٦٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن يونس عن أبى يعقوب اسحق بن عبد الله عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا حتى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا وقال عزوجل : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ) وقال : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ).

٦٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم في قوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال : نزلت في الرجعة كذبوا بها اى انها لا تكون.

٦٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قلت : أربع انزل الله تعالى تصديقى بها في كتابه الى قوله : قلت فمن شيئا عاداه (١) فانزل الله (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ).

٦٩ ـ في تفسير العياشي عن اسحق بن عبد العزيز قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : خص الله هذه الامة بآيتين من كتابه الا يقولوا ما لا يعلمون ثم قرأ : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ) الآية وقوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) الى قوله (الظَّالِمِينَ).

٧٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ) فهم أعداء محمد وآل محمد من بعده و (رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) والفساد المعصية لله ولرسوله.

٧١ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن تفسير هذه الآية و (لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) قال : تفسيرها في الباطن ان لكل قرن من هذه الامة رسولا من آل محمد يخرج الى

__________________

(١) كذا في النسخ ولم أظفر على الحديث فيما عندي من نسخة الأمالي.

٣٠٥

القرن الذي هو إليهم رسول ، وهم الأولياء وهم الرسل ، واما قوله : (فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) فان معناه ان رسل الله يقضون (بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) كما قال الله.

٧٢ ـ عن حمران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) قال : هو الذي سمى لملك الموت عليه (١) في ليلة القدر.

٧٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام : في قوله قل أرأيتم ان آتيكم عذابه بياتا يعنى ليلا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون فهذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب عليهم.

٧٤ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد الجوهري عن بعض أصحابه عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : ويستنبئونك أحق هو ما يقول محمد في على عليه‌السلام (قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ).

٧٥ ـ في أمالي الصدوق «رحمه‌الله» حدثنا محمد بن الحسن رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن على بن محمد القاساني عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد عن أبى عبد الله الصادق عن أبيه عليهما‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ) قال : يستنبئك يا محمد أهل مكة عن على بن أبي طالب أامام (هُوَ؟ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ).

٧٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ) آل محمد صلوات الله عليهم حقهم ما في الأرض جميعا لافتدت به في ذلك الوقت يعنى الرجعة.

٧٧ ـ وحدثني محمد بن جعفر قال : حدثني محمد بن احمد عن احمد بن الحسين عن صالح بن ابى حماد عن الحسن بن موسى الخشاب عن رجل عن حماد بن عيسى عمن رواه عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سئل عن قوله : (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) قال : قيل له ما ينفعهم اسرار الندامة وهم في العذاب؟ قال كرهوا شماتة الأعداء.

__________________

(١) وفي نسخة : «عليه‌السلام».

٣٠٦

٧٨ ـ في روضة الكافي باسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : وشر الندامة ندامة يوم القيمة.

٧٩ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادق عليه‌السلام : وأنزل عليكم كتابا فيه (شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) من أمراض الخواطر ومشتبهات الأمور.

٨٠ ـ في أصول الكافي على عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن ابى عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال : شكا رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعا في صدره ، فقال : استشف بالقرآن فان الله عزوجل يقول : و (شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ).

٨١ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن على بن عيسى رفعه قال : ان موسى عليه‌السلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته : يا موسى لا يطول في الدنيا أملك وذكر حديثا قدسيا طويلا يقول فيه عز من قائل وقد ذكر محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولأنزلن عليه قرآنا فرقانا (شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) من نفث الشيطان.

٨٢ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وتعلموا القرآن فانه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فانه (شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ).

٨٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم رجع الى رواية على بن إبراهيم بن هاشم قال : ثم قال جل ذكره : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والقرآن ثم قال : قل لهم يا محمد (بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) قال : الفضل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورحمته أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وبذلك فليفرحوا ، قال : فليفرح شيعتنا هو خير مما أعطوا أعدائنا من الذهب والفضة.

٨٤ ـ في مجمع البيان وروى أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : من هداه الله للإسلام وعلمه القرآن ثم شكى الفاقة كتب الله الفاقة بين عينيه الى يوم القيمة ، ثم تلا (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ) الآية وقال أبو جعفر عليه‌السلام فضل الله رسوله ورحمته على بن أبي طالب.

٨٥ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه‌السلام قال : قلت له : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ

٣٠٧

ـ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) قال : بولاية محمد وآل محمد عليهم‌السلام هو خير مما يجمع هؤلاء من دنياهم.

٨٦ ـ في أمالي الصدوق (رحمه‌الله) باسناده الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام : والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما آمن بى من أنكرك ، ولا أقر بى من جحدك ، ولا آمن بالله من كفر بك وان فضلك لمن فضلي وان فضلي لفضل الله وهو قول الله عزوجل (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ففضل الله نبوة نبيكم ورحمته ولاية على بن أبى طالب عليه‌السلام «فبذلك» قال : بالنبوة والولاية «فليفرحوا» يعنى الشيعة (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) يعنى مخالفيهم من الأهل والمال والولد في دار الدنيا.

٨٧ ـ في تفسير العياشي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في قول الله : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) قال : فليفرح شيعتنا هو خير مما اعطى عدونا من الذهب والفضة.

٨٨ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : (بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) قال : الإقرار بنبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والايتمام بأمير المؤمنين عليه‌السلام هو خير مما يجمع هؤلاء في دنياهم.

٨٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ) مخاطبة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما تعملون (مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قرأ هذه الآية بكى بكاء شديدا (١).

٩٠ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله : (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) كذلك ربنا لا يعزب عنه شيء وكيف يكون من خلق الأشياء لا يعلم ما خلق وهو الخلاق العليم.

__________________

(١) «في مجمع البيان : قال الصادق عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قرأ هذه الاية بكا بكاء شديدا. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٣٠٨

٩١ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عن بعض الفقهاء قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، ثم قال : تدرون من أولياء الله؟ قالوا : من هم يا أمير المؤمنين؟ فقال : هم نحن وأتباعنا ممن تبعنا من بعدنا ، طوبى لنا وطوبى لهم أفضل من طوبى لنا ، قالوا : يا أمير المؤمنين ما شأن طوبى لهم أفضل من طوبى لنا؟ ألسنا نحن وهم على امر؟ قال : لا ، انهم حملوا ما لم تحملوا عليه وأطاقوا ما لم تطيقوا.

٩٢ ـ عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وجدنا في كتاب على بن الحسين عليهما‌السلام : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) إذا أدوا فرائض الله ، وأخذوا بسنن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتورعوا عن محارم الله ، وزهدوا في عاجل زهرة الدنيا ، ورغبوا فيما عند الله ، واكتسبوا الطيب من رزق الله ، لا يريدون التفاخر والتكاثر ، ثم أنفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة ، فأولئك الذين بارك الله لهم فيما اكتسبوا ويثابون على ما قدموا لآخرتهم.

٩٣ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى أخفى اربعة في اربعة أخفى وليه في عباده (١) فلا تستصغرن عبدا من عبيد الله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى ابى بصير قال : قال الصادق عليه‌السلام : يا با بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطيعين له في ظهوره أولئك أولياء الله الذين (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).

٩٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل من أهل البادية له جسم وجمال ، فقال : يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) فقال : اما قوله : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فهي الرؤيا الحسنة يراها المؤمن فيبشر بها في دنياه ، واما قوله عزوجل : (فِي الْآخِرَةِ) فانها بشارة المؤمن يبشر بها عند موته ان الله عزوجل

__________________

(١) هذا موافق للمصدر وفي نسخة «في عداوه» وهو مصحف.

٣٠٩

قد غفر لك ولمن يحملك الى قبرك.

٩٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن حماد ابن عثمان عن ابى عبيدة الحذاء عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال في قوله تعالى : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) الامام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم وبالنجاة في الآخرة والورود على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الصادقين على الحوض ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن فضال عن على بن عقبة عن أبيه قال قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام يا عقبة لا يقبل الله من العباد يوم القيامة الا هذا الأمر الذي أنتم عليه وما بين أحدكم وبين ان يرى ما تقر به عينه (١) الا ان تبلغ نفسه الى هذه ثم أهوى بيده الى الوريد (٢) ثم اتكى وكان معى المعلى فغمزني (٣) ان سله ، فقلت يا ابن رسول الله فاذا بلغت نفسه هذه اى شيء يرى؟ فقلت له بضعة عشرة مرة : أى شيء؟ فقال في كلها : يرى لا يزيد عليها ، ثم جلس في آخرها فقال : يا عقبة فقلت : لبيك وسعديك ، فقال : أبيت الا أن تعلم ، فقلت : نعم يا ابن رسول الله انما ديني مع دينك فاذا ذهب ديني كان ذلك (٤) كيف لي بك يا ابن رسول الله كل ساعة ، وبكيت فرق لي فقال : يراهما والله ، قلت : بأبى وأمي من هما؟ قال : ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى عليه‌السلام ، يا عقبة لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتى تراهما ،

__________________

(١) قرة العين : برودتها وانقطاع بكائها ورؤيتها ما كانت مشتاقة اليه ، والقر ـ بالضم ـ : ضد الحرّ ، والعرب تزعم أن دمع الباكي من شدة السرور بارد ودمع الباكي من الحزن حار فقرة العين كناية عن الفرح والسرور والظفر بالمطلوب.

(٢) الوريد : عرق في العنق ويقال له حبل الوريد.

(٣) غمزه : عصره وكبسه بيده.

(٤) قال في الوافي : «كان» تامة اى إذا ذهب ديني تحقق تخلفى عنك ومفارقتي إياك وعدم اكتراثى بالجهل بما تعلم «انتهى» وفي تفسير العياشي والمنقول عن المحاسن «انما ديني مع دمي فاذا ذهب ديني كان ذلك» وعليه فالمعنى ان ديني مقرون بحياتي فمع عدم الدين فكأني لست بحي.

٣١٠

قلت فاذا نظر إليهما المؤمن أيرجع الى الدنيا؟ فقال : لا يمضى امامه إذا نظر إليهما مضى امامه فقلت له : يقولان شيئا؟ قال : نعم يدخلان جميعا على المؤمن فيجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند رأسه وعلى عليه‌السلام عند رجله ، فيكب (١) عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول يا ولى الله أبشر أنا رسول الله انى خير لك مما تركت من الدنيا ، ثم ينهض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقوم على عليه‌السلام حتى يكب عليه فيقول : يا ولى الله أبشر أنا على بن أبى طالب الذي كنت تحبه اما لا نفعتك ، ثم قال : ان هذا في كتاب الله عزوجل ، فقلت : أين جعلني الله فداك هذا من كتاب الله؟ قال في يونس قول الله عزوجل هاهنا (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

٩٨ ـ أبان بن عثمان عن عقبة انه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الرجل إذا وقعت نفسه في صدره يرى ، قلت : جعلت فداك وما يرى؟ قال : يرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا رسول الله أبشر ، ثم يرى على بن أبى طالب عليه‌السلام فيقول له : أنا على ابن أبى طالب الذي كنت تحبه تحب ان أنفعك اليوم؟ قال : قلت له : أيكون أحد من الناس يرى هذا ثم يرجع الى الدنيا؟ قال : إذا راى هذا أبدا مات وأعظم ذلك (٢) قال : وذلك في القرآن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ).

٩٩ ـ ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن أبى المستهل عن محمد بن حنظلة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك حديث سمعته من بعض شيعتك ومواليك يرويه عن أبيك؟ قال : وما هو؟ قلت : زعموا انه كان يقول : أغبط ما يكون امرء بما نحن عليه إذا كانت النفس في هذه ، فقال : نعم إذا كان ذلك أتاه نبي

__________________

(١) أكب عليه : أقبل اليه ولزمه.

(٢) قال في الوافي اى مات موتا دائما لا رجعة بعده ، أو المعنى ما راى هذا قط إلا مات «وأعظم» اى عد سؤالى عظيما ، ولنا أن نجعل قوله : «وأعظم ذلك» عطفا على قوله «مات» يعنى مات وعد ما راى وما بشر به عظيما لم يرد دمعهما رجوعا الى الدنيا.

٣١١

الله وأتاه على وأتاه جبرئيل وأتاه ملك الموت عليهم‌السلام فيقول ذلك الملك لعلى عليه‌السلام : يا على ان فلانا كان مواليا لك ولأهل بيتك ، فيقول : نعم كان يتولانا ويتبرأ من عدونا فيقول ذلك نبي الله لجبرئيل عليه‌السلام ، فيرفع ذلك جبرئيل الى الله عزوجل.

١٠٠ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن ابن أبى يعفور قال : كان خطاب الجهني خليطا لنا وكان شديد النصب لآل محمد وكان يصحب نجدة الحروري (١) قال : فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقيه فاذا هو مغمى عليه في حد الموت ، فسمعته يقول : ما لي ولك يا على؟ فأخبرت بذلك أبا عبد الله عليه‌السلام فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : رآه ورب الكعبة رآه ورب الكعبة.

١٠١ ـ سهل بن زياد عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن حماد بن عثمان عن عبد الحميد بن عواض قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا بلغت نفس أحدكم هذه قيل له : اما ما كنت تحذر من هم الدنيا وحزنها فقد امنت منه ، ويقال له : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى وفاطمة عليهما‌السلام أمامك.

١٠٢ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن معمر بن خلاد عن الرضا عليه‌السلام قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أصبح قال لأصحابه : هل من مبشرات يعنى به الرؤيا.

١٠٣ ـ عنه عن احمد بن محمد عن ابن فضال عن ابى جميلة عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال رجل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قول الله عزوجل : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال هي الرؤيا الحسنة يرى المؤمن فيبشر بها في دنياه.

١٠٤ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحيم قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام : انما أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا ينزل عليه ملك الموت فيقول : اما ما كنت ترجو فقد أعطيته ، واما ما كنت تخافه فقد أمنت منه ويفتح له باب الى منزله من الجنة ويقال له : انظر الى مسكنك من الجنة وانظر هذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى والحسن والحسين عليهم‌السلام

__________________

(١) الحرورية طائفة من الخوارج منسوبة الى حر وراء وهي قرية بالكوفة ، ونجدة : رئيسهم.

٣١٢

رفقاؤك وهو قول الله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ).

١٠٥ ـ عن ابى حمزة الثمالي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما يصنع بأحد عند الموت؟ قال : اما والله يا با حمزة ما بين أحدكم وبين أن يرى مكانه من الله ومكانه منا الا ان تبلغ نفسه هاهنا ، ثم أهوى يده الى نحره ، الا أبشرك يا با حمزة؟ فقلت : بلى جعلت فداك ، فقال : إذا كان ذلك أتاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى عليه‌السلام معه قعد عند رأسه فقال له إذا كان ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما تعرفني؟ أنا رسول الله هلم إلينا فما أمامك خير لك مما خلفت أما ما كنت تخاف فقد أمنته وأما ما كنت ترجو فقد هجمت عليه أيتها الروح اخرجى الى روح الله ورضوانه ، فيقول له على عليه‌السلام مثل قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال : يا با حمزة ألا أخبرك بذلك في كتاب الله قول الله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) الآية.

١٠٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن اسمعيل عن صالح بن عقبة عن عبد الله بن محمد الجعفي وعقبة جميعا عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل خلق الخلق ، فخلق من أحب مما أحب ، فكان ما أحب ان خلقه من طينة الجنة ، وخلق من أبغض مما أبغض فكان ما أبغض ان خلقه من طينة النار ، ثم بعثهم في الظلال فقلت : واى شيء الظلال؟ فقال : الم تر الى ظلك في الشمس شيئا وليس بشيء ثم بعث منهم النبيين فدعوهم الى الإقرار بالله عزوجل وهو قوله عزوجل : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) ثم دعوهم الى الإقرار بالنبيين فأقر بعضهم ثم دعوهم الى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض ، وهو قوله : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) ثم قال ابو جعفر عليه‌السلام : كان التكذيب ثم.

١٠٧ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام قال : ان الله خلق الخلق وهم أظلة فأرسل رسوله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فمنهم من آمن به ومنهم من كذبه ، ثم بعثه في الخلق الاخر فآمن به من كان آمن به في الاظلة وجحده

٣١٣

من جحد به يومئذ ، فقال : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ).

١٠٨ ـ عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ) الى قوله : (كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) قال : بعث الله الرسل الى الخلق وهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، فمن صدق حينئذ صدق بعد ذلك ، ومن كذب حينئذ كذب بعد ذلك.

١٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : وقال موسى لقومه (يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فان قوم موسى استعبدهم آل فرعون وقالوا : لو كان لهؤلاء على الله كرامة كما يقولون ما سلطنا عليهم فقال موسى لقومه : (يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) الى قوله : (مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).

١١٠ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم في قوله : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قال : لا تسلطهم علينا فتفتنهم بنا.

١١١ ـ في تهذيب الأحكام في دعاء مروي عنهم عليهم‌السلام ودعاك المؤمنون فقالوا : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

١١٢ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه : قالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك قوله عزوجل الى ان قال عليه‌السلام : واما الرابعة فإخراجه صلى‌الله‌عليه‌وآله الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس فقال : يا رسول الله تركت عليا وأخرجتنا؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما تركته وأخرجتكم ولكن الله عزوجل تركه وأخرجكم ، وفي هذا تبيان قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام : أنت منى بمنزلة هارون من موسى ، قالت العلماء : وأين هذا من القرآن؟ قال ابو الحسن عليه‌السلام : أوجدكم في ذلك قرآنا وأقرأه عليكم ، قالوا : هات ، قال قول الله عزوجل

٣١٤

(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى ، وفيها أيضا منزلة على عليه‌السلام من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهذا دليل ظاهر في قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين قال : الا ان هذا المسجد لا يحل لجنب الا لمحمد وآله ، قالت العلماء : يا أبا الحسن هذا الشرح وهذا البيان لا يوجد الا عندكم معشر أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ومن ينكر لنا ذلك ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : انا مدينة الحكمة وعلى بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره معاند ، ولله تعالى الحمد على ذلك فهذه الرابعة.

١١٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبى رافع قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خطب الناس فقال : ايها الناس ان الله عزوجل أمر موسى وهارون ان يبنيا لقومهما بمصر بيوتا وأمرهما ان لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقرب فيه النساء الا هارون وذريته ، وان عليا عليه‌السلام منى بمنزلة هارون من موسى فلا يحل لأحد أن يقرب النساء في مسجدي ولا يبيت فيه جنبا الا على وذريته فمن ساءه ذلك فهاهنا وضرب بيده نحو الشام.

١١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك عن عباد بن يعقوب عن محمد بن يعقوب عن جعفر الأحول عن منصور عن ابى إبراهيم عليه‌السلام قال : لما خافت بنو إسرائيل جبابرتها أوحى الله تعالى الى موسى وهارون عليهما‌السلام (أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) قال : أمروا أن يصلوا في بيوتهم.

١١٥ ـ حدثنا ابى عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قلت : فكان هارون أخا موسى لأبيه وامه؟ قال : نعم ، الى قوله : قلت : وكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال : كان الوحي ينزل على موسى وموسى يوحيه الى هارون.

١١٦ ـ في كتاب الخصال عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : أملى الله (١)

__________________

(١) اى أمهله.

٣١٥

تعالى لفرعون ما بين الكلمتين أربعين سنة ثم (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) ، وكان بين ان قال الله عزوجل لموسى وهارون : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) وبين ان عرفه الاجابة أربعون ثم قال : قال جبرئيل عليه‌السلام : نازلت ربي في فرعون منازلة شديدة ، فقلت : يا رب تدعه وقد قال : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى)؟ فقال : انما يقول مثل هذا عبد مثلك.

١١٧ ـ في أصول الكافي ابن ابى عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : بين قول الله عزوجل : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) وبين أخذ فرعون ، أربعين عاما.

١١٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : دعا موسى وأمن هارون عليهما‌السلام وأمنت الملائكة فقال الله تعالى : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما) ومن غزا في سبيل الله استجبت له كما استجبت لكما يوم القيمة.

١١٩ ـ في عيون الاخبار باسناده الى إبراهيم بن محمد الهمداني قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : لأي علة غرق الله تعالى فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده قال : لأنه آمن عند رؤية البأس ، والايمان عند رؤية البأس غير مقبول ، وذلك حكم الله تعالى ذكره في السلف والخلف ، قال الله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) وقال عزوجل : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) وهكذا فرعون لما (أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فقيل له (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً). وقد كان فرعون من قرنه الى قدمه في الحديد قد لبسه على بدنه فلما غرق ألقاه الله تعالى على نجوة (١) من الأرض ببدنه ليكون لمن بعده علامة فيرونه مع تثقله بالحديد على مرتفع من الأرض ، وسبيل الثقل أن يرسب ولا يرتفع ، فكان ذلك آية وعلامة ، ولعلة اخرى أغرقه الله تعالى وهي انه استغاث بموسى لما أدركه الغرق و

__________________

(١) النجوة : ما ارتفع من الأرض.

٣١٦

لم يستغث بالله ، فأوحى الله عزوجل اليه يا موسى لم تغث فرعون لأنك لم تخلقه ولو استغاث بى لأغثته.

١٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن ابى عمير عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : اما قوله : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) فانما قال ليكون أحرص لموسى على الذهاب ، وقد علم الله عزوجل ان فرعون لا يتذكر ولا يخشى الا عند رؤية البأس ، ألا تسمع الله عزوجل يقول : (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فلم يقبل الله ايمانه وقال : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).

١٢١ ـ في مجمع البيان (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ) الآية وروى عن أبى جعفر عليه‌السلام «ألان» بإلقاء حركة الهمزة على اللام وحذف الهمزة.

١٢٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً) الى قوله : (وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فان بنى إسرائيل قالوا : يا موسى ادع الله تعالى ان يجعل لنا مما نحن فيه فرجا فدعى فأوحى الله اليه : ان سر بهم قال : يا رب البحر امامهم؟ قال : امض فانى آمره ان يطيعك فينفرج لك فخرج موسى ببني إسرائيل واتبعهم فرعون حتى إذا كان أن يلحقهم ونظروا اليه قد أظلهم ، قال موسى للبحر : انفرج لي قال : ما كنت لأفعل ، وقالت بنو إسرائيل لموسى : غررتنا وأهلكتنا فليتك تركتنا يستعبدنا آل فرعون ولم نخرج الآن نقتل قتلة؟ (قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) واشتد على موسى ما كان يصنع به عامة قومه ، «وقالوا يا موسى انا لمدركون» زعمت ان البحر ينفرج لنا حتى نمضي ونذهب وقد رهقنا (١) فرعون وقومه وهم هؤلاء تريهم قد دنوا منا ، فدعا موسى ربه فأوحى الله اليه : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) فضربه فانفلق البحر ، فمضى موسى وأصحابه حتى قطعوا البحر وأدركهم آل فرعون فلما نظروا الى البحر قالوا لفرعون : ما تعجب مما ترى؟ قال انا فعلت هذا فمروا وامضوا فيه ، فلما توسط فرعون ومن معه أمر الله

__________________

(١) اى لحقنا.

٣١٧

البحر فأطبق عليهم فغرقهم أجمعين ، فلما أدرك فرعون الغرق (قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يقول الله عزوجل : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) يقول : كنت من العاصين (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) قال : ان قوم فرعون ذهبوا أجمعين في البحر فلم ير منهم أحد في البحر هووا الى النار فاما فرعون فنبذه الله عزوجل وحده فألقاه بالساحل لينظروا اليه وليعرفوه ليكون لمن خلفه آية ولئلا يشك أحد في هلاكه ، انهم كانوا اتخذوه ربا فأراهم الله عزوجل إياه جيفة ملقاة بالساحل ليكون لمن خلفه عبرة وعظة ، يقول الله (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ).

١٢٣ ـ قال على بن إبراهيم قال الصادق عليه‌السلام : ما أتى جبرئيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا كئيبا حزينا ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون ، فلما أمره الله بنزول هذه الآية (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) نزل عليه وهو ضاحك مستبشر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أتيتنى يا جبرئيل الا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة؟ قال : نعم يا محمد لما غرق الله فرعون (قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فأخذت حمأة (١) فوضعتها في فيه ، ثم قلت له : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) وعملت ذلك من غير أمر الله عزوجل خفت أن يلحقه الرحمة من الله عزوجل ويعذبني الله على ما فعلت ، فلما كان الآن وأمرنى الله عزوجل ان أؤدي إليك ما قلته انا لفرعون أمنت وعلمت ان ذلك كان لله تعالى رضا.

١٢٤ ـ في تفسير العياشي عن أبى عمرو عن بعض أصحابنا يرفعه قال : لما صار موسى في البحر ، اتبعه فرعون وجنوده ، قال : فتهيب فرس فرعون ان يدخل البحر ، فتمثل له جبرئيل عليه‌السلام على رمكة (٢) فلما راى فرس فرعون الرمكة اتبعها ، فدخل البحر هو وأصحابه فغرقوا.

١٢٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) فان موسى عليه‌السلام أخبر بنى إسرائيل ان الله عزوجل قد أغرق فرعون فلم يصدقوه ، فأمر الله عزوجل البحر فلفظ به على ساحل البحر حتى رأوه ميتا ، وقوله عزوجل :

__________________

(١) الحمأة : الطين الأسود المنتن.

(٢) الرمكة : لاثنى من البراذين والفرس تتخذ للنسل.

٣١٨

(وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ) قال : ردهم الى مصر وغرق فرعون.

١٢٦ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضى الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال : حدثنا على بن عبد الله عن بكر بن صالح عن ابى الخير عن محمد بن حسان عن محمد بن عيسى عن محمد بن اسمعيل الدارمي عن محمد بن سعيد الإذخري وكان ممن يصحب موسى بن محمد بن على الرضا ان موسى أخبره ان يحيى بن أكثم كتب اليه يسأله عن مسائل فيها : وأخبرني عن قول الله عزوجل : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) من المخاطب بالآية؟ فان كان المخاطب به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس قد شك فيما انزل الله عزوجل اليه ، وان كان المخاطب به غيره فعلى غيره إذا انزل الكتاب؟ قال موسى : فسألت أخي على بن محمد عليه‌السلام عن ذلك قال : اما قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) فان المخاطب بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يكن في شك مما انزل الله عزوجل ، ولكن قالت الجهلة : كيف لا يبعث إلينا نبيا من الملائكة انه لم يفرق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق ، فأوحى الله عزوجل الى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) بمحضر من الجهلة هل بعث الله رسولا قبلك الا وهو (يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) ولك بهم أسوة وانما قال : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ) ولم يكن ولكن ليتبعهم كما قال له عليه‌السلام : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ولو قال تعالى نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيبون للمباهلة وقد عرف ان نبيه عليه‌السلام مؤد عنه رسالته وما هو من الكاذبين ، وكذلك عرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه صادق فيما يقول ، ولكن أحب ان ينصف من نفسه.

١٢٧ ـ وباسناده الى إبراهيم بن عمير رفعه الى أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا أشك ولا أشك (١).

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «لا شك ولا أشك» وفي المنقول عن كتاب العلل في تفسير*

٣١٩

١٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن عمرو بن سعيد الراشدي عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى السماء واوحى اليه في على ما اوحى من شرفه ومن عظمته عند الله ، ورد الى البيت المعمور وجمع له النبيين وصلوا خلفه عرض في نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من عظم ما اوحى اليه في على عليه‌السلام ، فأنزل الله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) يعنى الأنبياء فقد أنزلنا إليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) فقال الصادق عليه‌السلام : فوالله ما شك وما سأل.

١٢٩ ـ في تفسير العياشي عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) قال : لما اسرى بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ففرغ من مناجات ربه رد الى البيت المعمور وهو بيت في السماء الرابعة بحذاء الكعبة ، فجمع الله له النبيين والمرسلين والملائكة ، ثم امر جبرئيل فاذن واقام الصلوة ، وتقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى بهم ، فلما فرغ التفت إليهم فقال له : (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) فسألهم يومئذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم نزل (١).

١٣٠ ـ في الخرائج والجرائح في روايات الخاصة ان أبا جعفر عليه‌السلام قال ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لما اسرى بى نزل جبرئيل بالبراق وهو أصغر من البغل وأكبر من الحمار مضطرب الأذنين عيناه في حوافره خطاه مد البصر ، وله جناحان يجريان به من خلفه عليه سرج من ياقوت ، فيه من كل لون أهدب العرف الأيمن (٢) فوقفه على باب خديجة و

__________________

* الصافي «لا أشك ولا اسئل» وهو الظاهر كما استظهره في هامش العلل أيضا زميلنا لفاضل المحقق دامت توفيقاته. وسيأتى نظيره في الحديث الآتي.

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا : «فلما فرغ التفت اليه فقال : (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) الى قوله «مهتدين» ثم ذكر الحديث الآتي عن أبى عبيدة الحذاء.

(٢) العرف ـ بالضم ـ : شعر عنق الفرس. وأهدف العرف اى طويله وكثيره مرسلا من الجانب الأيمن.

٣٢٠