تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

ـ عليه‌السلام : لا خير في الدنيا الا لأحد رجلين رجل يزداد في كل يوم إحسانا ، ورجل يتدارك ذنبه بالتوبة ، وأنى له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه الا بولايتنا أهل البيت.

٣٠٩ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : وإذا ناولتم السائل شيئا فسلوه أن يدعو لكم ، فانه يجاب له فيكم ولا يجاب في نفسه ، لأنهم يكذبون وليرد الذي يناوله يده الى فيه فيقبلها ، فان الله عزوجل يأخذها قبل أن تقع في يده كما قال عزوجل : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ).

٣١٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى سليمان بن مروان عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : والقبض منه عزوجل في وجه آخر الأخذ ، والأخذ في وجه القبول منه كما قال : «ويأخذ الصدقات» اى يقبلها من أهلها ويثيب عليها.

٣١١ ـ في كتاب ثواب الأعمال وعن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال على بن أبي طالب عليه‌السلام : تصدقت يوما بدينار فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما علمت يا على ان الصدقة لا تخرج من يده حتى تنفك عنها من لحيي (١) سبعين شيطانا كلهم يأمره بأن لا يفعل وما تقع في يد السائل حتى تقع في يد الرب جل جلاله ، ثم تلا هذه الاية : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

٣١٢ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن احمد ابن محمد بن خالد عن سعدان بن مسلم عن معلى بن خنيس عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله لم يخلق شيئا الا وله خازن يخزنه الا الصدقة ، فان الرب يليها بنفسه وكان ابى إذا تصدق بشيء وضعه في يد السائل ثم ارتده منه فقبله وشمه ثم رده في يد السائل ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣١٣ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد : وضوئي فانه من صلوتى وصدقتي من يدي الى يد السائل فانها تقع في يد الرب.

__________________

(١) اللحيان : العظمان اللذان تنبت اللحية على بشرتهما ويلتقيان لملتقاها الذقن.

٢٦١

٣١٤ ـ عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال : كان على بن الحسين صلوات الله عليهما إذا أعطى السائل قبل يد السائل فقيل له : لم تفعل ذلك؟ قال : لأنها تقع في يد الله قبل يد العبد ، وقال : ليس من شيء الا وكل به ملك الا الصدقة فانها تقع في يد الله ، قال الفضل : أظنه يقبل الخبز والدرهم.

٣١٥ ـ عن مالك بن عطية عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال على بن الحسين صلوات الله عليه : ضمنت على ربي ان الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرب ، وهو قوله : «وهو يقبل الصدقات».

٣١٦ ـ عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال : سئل عن الأعمال هل تعرض على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال : ما فيه شك ، قيل له : أرأيت قول الله : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) قال : الله شهد في أرضه (١).

٣١٧ ـ عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)؟ قال تريد ان يروون على هو الذي في نفسك.

٣١٨ ـ عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام ان أبا الخطاب كان يقول : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تعرض عليه اعمال أمته كل خميس ، فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : هو هكذا ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تعرض عليه أعمال أمته كل صباح ومساء أبرارها وفجارها فاحذروا ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) قال : تعرض على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعمال أمته كل صباح أبرارها وفجارها فاحذروا.

٣١٩ ـ عن زرارة عن بريد العجلي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام في قول الله (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) فقال : ما من مؤمن يموت ولا كافر يوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى فهلم الى آخر من فرض الله طاعته على العباد.

٣٢٠ ـ وقال ابو عبد الله عليه‌السلام. والمؤمنون هم الائمة.

٣٢١ ـ عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ)

__________________

(١) وفي المصدر «قال : لله شهداء في أرضه».

٢٦٢

قال : ان الله شاهدا في أرضه وان اعمال العباد تعرض على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٢٢ ـ عن محمد بن حسان الكوفي عن محمد بن جعفر عن أبيه جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة نصب منبر عن يمين العرش له اربع وعشرون مرقاة ، ويجيء على ابن أبي طالب عليه‌السلام وبيده لواء الحمد ، فيرتقيه ويذكره (١) ويعرض الخلايق عليه ، فمن عرفه دخل الجنة ومن أنكره دخل النار وتفسير ذلك في كتاب الله : (قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

٣٢٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة «قدس‌سره» باسناده الى عمر بن أذينة قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت له : جعلت فداك قوله عزوجل : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) قال : إيانا عنى.

٣٢٤ ـ في أصول الكافي احمد عن عبد العظيم عن الحسين بن صباح عمن أخبره قال : قرأ رجل عند أبي عبد الله عليه‌السلام : (قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) فقال : ليس هكذا هي ، انما هي «والمأمونون» فنحن المأمونون.

٣٢٥ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن على بن ابى حمزة عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : تعرض الأعمال على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اعمال العباد كل صباح أبرارها وفجارها فاحذروها ، وهو قول الله عزوجل : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) وسكت.

٣٢٦ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الحميد الطائي عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) قال : هم الائمة.

٣٢٧ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ما لكم تسوؤن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال له رجل : كيف نسوئه فقال : أما تعلمون ان أعمالكم تعرض عليه؟ فاذا راى فيها معصية سائه ذلك فلا تسوؤا

__________________

(١) وفي المصدر «ويركبه».

٢٦٣

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسروه.

٣٢٨ ـ على عن أبيه عن القاسم بن محمد الزيات عن عبد الله بن أبان الزيات وكان مكينا عند الرضا عليه‌السلام قال : قلت للرضا عليه‌السلام : ادع الله لي ولأهل بيتي ، فقال : أو لست أفعل؟ والله ان أعمالكم لتعرض على في كل يوم وليلة ، قال : فاستعظمت ذلك فقال : اما تقرء كتاب الله عزوجل : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) قال : هو والله على بن ابى طالب عليه‌السلام (١).

٣٢٩ ـ احمد بن مهران عن محمد بن على عن ابى عبد الله الصامت عن يحيى بن مساور عن ابى جعفر عليه‌السلام انه ذكر هذه الآية (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) قال : هو والله على بن ابى طالب عليه‌السلام.

٣٣٠ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن الوشاء قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : ان الأعمال تعرض على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبرارها وفجارها.

٣٣١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن حنان بن سدير عن أبيه عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مقامي بين أظهركم خير لكم ، فان الله يقول (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ومفارقتي إياكم خير لكم ، فقالوا : يا رسول الله مقامك بين أظهرنا خير لنا فكيف يكون مفارقتك خير لنا؟ فقال : اما مفارقتي إياكم خير لكم فلأنه يعرض على كل خميس واثنين أعمالكم ، فما كان من حسنة حمدت الله عليها ، وما كان من سيئة استغفرت لكم.

٣٣٢ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده الى ابى ذر رضى الله عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : يا أبا ذر تعرض اعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة الى الجمعة في يوم الاثنين والخميس ، فيغفر لكل عبد مؤمن الا عبدا كانت بينه وبين أخيه شحناء (٢).

٣٣٣ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن

__________________

(١) يعنى عليا وأولاده الائمة عليهم‌السلام قاله الفيض (ره) في الوافي.

(٢) الشحناء : البغض والعداوة.

٢٦٤

يحيى عن حجر بن زايدة عن حمران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «الا المستضعفين» قال : هم أهل الولاية. قلت : واى ولاية؟ قال : انها ليست بولاية في الدين ، لكنها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة ، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفار وهم المرجون لأمر الله.

٣٣٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن عمر بن أبان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المستضعفين؟ فقال : هم أهل الولاية فقلت : واى ولاية؟ قال : اما انها ليست بولاية في الدين ، ولكنها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفار ومنهم المرجون لأمر الله عزوجل.

٣٣٥ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن موسى بن بكر عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ) قال : قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثم انهم دخلوا في الإسلام فوحدوا الله وتركوا الشرك ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم ، فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار فهم على تلك الحال (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ).

٣٣٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن يحيى بن عمران عن يونس عن ابى الطيار قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين قتلوا حمزة ، وذكر كما قلنا عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام سواء.

٣٣٧ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن حسان عن موسى بن بكر الواسطي عن رجل قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام : المرجون قوم مشركون فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ، ثم انهم بعد دخلوا في الإسلام فوحدوا وتركوا الشرك ولم يكونوا يؤمنون فيكونوا من المؤمنين ولم يؤمنوا فتجب لهم الجنة ولم يكفروا فتجب لهم النار ، فهم على تلك الحال (مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ).

٣٣٨ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَ

٢٦٥

آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) وبعد : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ) قال : هم قوم من المشركين أصابوا دماء من المسلمين ثم أسلموا فهم المرجون لأمر الله.

٣٣٩ ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام قالا : المرجون هم قوم قاتلوا يوم بدر وأحد ويوم حنين وسلوا المشركين ثم أسلموا بعد تأخره فاما (يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ).

٣٤٠ ـ قال حمران : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المستضعفين؟ قال : هم ليسوا بالمؤمن ولا بالكافر وهم المرجون لأمر الله.

٣٤١ ـ وعن ابن الطيار قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : الناس على ست فرق يؤلون الى ثلث فرق : الايمان والكفر والضلال وهم أهل الوعد الذين وعدوا الجنة والنار ، وهم المؤمنون والكافرون والمستضعفون والمرجون (لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) ، والمعترفون (بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) ، وأهل الأعراف.

٣٤٢ ـ عن الحارث عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته بين الايمان والكفر منزلة؟

فقال : نعم ومنازل لو يجحد شيئا منها أكبه الله في النار ، وبينهما (آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ) ، وبينهما المستضعفون وبينهما آخرون (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) وبينهما قوله : و (عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ).

٣٤٣ ـ عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما ، ثم دخلوا بعد في الإسلام فوحدوا الله وتركوا الشرك ، ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة ، ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار ، فهم على تلك الحال (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) ، قال ابو عبد الله عليه‌السلام : يرى فيهم رأيه؟ قال : قلت : جعلت فداك من أين يرزقون؟ قال : من حيث شاء الله وقال ابو إبراهيم عليه‌السلام : هؤلاء قوم يوقفهم حتى يتبين فيهم رأيه.

٣٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ

٢٦٦

كُفْراً) فلأنه كان سبب نزولها انه جاء قوم من المنافقين الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا رسول الله أتأذن لنا فبنى مسجدا في بنى سالم للعليل والليلة المطيرة (١) والشيخ الفاني فأذن لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو على الخروج الى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله لو أتيتنا فصليت فيه؟ فقال : انا على جناح الطير فاذا وافيت إنشاء الله أتيته فصليت فيه ، فلما اقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من تبوك نزلت هذه الاية في شأن المسجد وابى عامر الراهب وقد كانوا حلفوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انهم يبنون ذلك للصلاح والحسنى ، فانزل الله عزوجل على رسوله : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ) يعنى أبا عامر الراهب كان يأتيهم فيذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ* لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) يعنى مسجد قبا أحب (أَنْ تَقُومَ فِيهِ ، فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) قال كانوا يتطهرون بالماء.

٣٤٥ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن حماد بن عيسى عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن المسجد الذي (أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى)؟

قال : مسجد قبا.

٣٤٦ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن قوله : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) قال : مسجد قبا ، واما قوله : (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) قال : يعنى من مسجد النفاق فسألته : هل كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلى في مسجد قبا؟ قال : منزله على سعد بن خيثمة الأنصاري ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٤٧ ـ في مجمع البيان (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى) الآية وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : هو مسجدي هذا ، (فِيهِ رِجالٌ ، يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) قيل (يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) بالماء من الغايط والبول وهو المروي عن السيدين الباقر والصادق عليهما‌السلام.

__________________

(١) اى التي فيها مطر.

٢٦٧

٣٤٨ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال لأهل قبا : ماذا تفعلون في طهركم فان الله عزوجل قد أحسن عليكم الثناء؟ قالوا : نغسل أثر الغائط ، فقال : أنزل الله فيكم : «والله يحب المتطهرين».

٣٤٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : مسجد الضرار الذي أسس (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ).

٣٥٠ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام وكل عبادة مؤسسة على غير التقوى فهي هباء منثور ، قال الله عزوجل : أفمن (أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ) الآية وتفسير التقوى ترك ما ليس بأخذه بأس حذرا عما به بأس.

٣٥١ ـ في أمالي شيخ الطائفة باسناده الى حبش بن المعتمر قال : دخلت على أمير المؤمنين على بن ابى طالب عليه‌السلام فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله كيف أمسيت؟ قال أمسيت محبا لمحبنا مبغضا لمبغضنا وامسى محبنا مغتبطا برحمة من الله كان منتظرها ، وامسى عدونا يؤسس (بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) ، فكان ذلك الشفا قد أنهار (بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ).

٣٥٢ ـ وباسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : ليس عبد من عباد الله ممن امتحن الله قلبه بالايمان الا وهو يجد مودتنا على قلبه فهو محبنا ، وليس عبد من عباد الله ممن سخط الله عليه الا وهو يجد بغضنا على قلبه فهو مبغضنا ، فأصبح محبنا ينتظر الرحمة وكان أبواب الرحمة قد فتحت له ، وأصبح مبغضنا (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ) ، فهنيئا لأهل الرحمة رحمتهم وهنيئا (١) لأهل النار مثواهم.

٣٥٣ ـ وباسناده الى صالح بن ميثم التمار رحمه‌الله عليه‌السلام ، قال : وجدت في كتاب ميثم رضى الله عنه يقول : تمسينا ليلة عند أمير المؤمنين على بن ابى طالب فقال لنا : ليس من عبد امتحن الله قلبه بالايمان الا أصبح يجد مودتنا على قلبه ، ولا أصبح عبد سخط الله عليه الا يجد بغضنا على قلبه فأصبحنا نفرح بحب المحب لنا

__________________

(١) لعله تصحيف «تعسا» كما في الحديث الآتي ويمكن ان يكون من باب قوله تعالى : فبشرهم بعذاب اليم.

٢٦٨

ونعرف بغض المبغض لنا ، وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم ، وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار ، فكان ذلك الشفا قد أنهار به في نار جهنم ، وكان أبو أب الرحمة قد فتحت لأهل أصحاب الرحمة فهنيئا لأصحاب الرحمة رحمتهم وتعسا لأهل النار مثواهم.

٣٥٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال على بن إبراهيم : قوله عزوجل : لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة (فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ) الا في موضع حتى يعنى حتى يتقطع (قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مالك بن دخشم الخزاعي وعامر بن عدى أخا بنى عمرو بن عوف على أن يهدموه ويحرقوه فجاء مالك فقال لعامر : انتظرنى حتى أخرج نارا من منزلي ، فدخل وجاء بنار واشتعل في سعف النخل (١) ثم اشتعله في المسجد وتفرقوا ، فقعد زيد بن حارثة حتى احترقت البنية ثم أمر بهدم حائطه.

٣٥٥ ـ في مجمع البيان وقراءة يعقوب وسهل «الى أن» على انه حرف الجر وهو قراءة الحسن ورواه البرقي عن أبى عبد الله عليه‌السلام وروى انه أرسل عمار بن ياسر ووحشيا فحرقاه وامر بان يتخذ كناسة يلقى فيها الزبل والجيف.

٣٥٦ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن بعض أصحابه قال : كتب أبو جعفر عليه‌السلام في رسالة الى بعض خلفاء بنى امية ومن ذلك من ضيع الجهاد الذي فضله الله تعالى على الأعمال وفضل عامله على العمال تفضيلا في الدرجات والمغفرة والرحمة ، لأنه ظهر به الدين وبه يدفع عن الدين ، وبه اشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة بيعا مفلحا منجحا اشترط عليهم فيه حفظ الحدود ، وأول ذلك الدعاء الى طاعة الله عزوجل من طاعة العباد والى عبادة الله من عبادة العباد ، والى ولاية الله من ولاية العباد ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٥٧ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبى

__________________

(١) السعف : جريد النخل.

٢٦٩

عمر والزبيري عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : أخبرني عن الدعاء الى الله والجهاد في سبيل الله اهو لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم به الا من كان منهم أم هو مباح لكل من وحد الله عزوجل وآمن برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن كان كذا فله أن يدعو الى الله عزوجل والى طاعته ، وان يجاهد في سبيله؟ فقال : ذلك لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم بذلك الا من كان منهم ، قلت : من أولئك؟ قال : من قام بشرايط الله تعالى في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء الى الله تعالى ومن لم يكن قائما بشرايط الله في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد ولا الى الدعاء الى الله حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد ، قلت فبين لي يرحمك الله قال : ان الله تبارك وتعالى أخبر في كتابه الدعاء اليه ووصف الدعاة اليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا ويستدل ببعضها على بعض فأخبر انه تبارك وتعالى أول من دعا الى نفسه ودعا الى طاعته واتباع أمره الى قوله : ثم ذكر من اذن له في الدعاء اليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ثم أخبر عن هذه الامة وممن هي وانها من ذرية إبراهيم ومن ذرية اسمعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط ، الذين وجبت لهم دعوة إبراهيم واسمعيل من أهل المسجد ، الذين أخبر عنهم في كتابه انه أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا الذين ووصفناهم قبل هذا في صفة امة إبراهيم عليه‌السلام (١) الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يعنى أول من اتبعه على الايمان به والتصديق له وبما جاء به من عند الله عزوجل من الامة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط ، ولم يلبس ايمانه بظلم وهو الشرك ، ثم ذكر اتباع نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله واتباع هذه الامة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وجعلها داعية اليه ، واذن له في الدعاء اليه فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ثم وصف اتباع نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين فقال :

__________________

(١) ـ خ وفي بعض النسخ «في صفة امة محمد».

٢٧٠

(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) وقال : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) يعنى أولئك المؤمنين وقال : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ثم حلاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم الا من كان منهم فقال فيما حلاهم به ووصفهم : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) الى قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وقال في صفتهم وحليتهم أيضا : (الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) ثم أخبر انه اشترى من هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم (أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) ثم ذكر وفاهم له بعهده ومبايعته فقال : (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فلما نزلت هذه الآية (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) قام رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا نبي الله أرأيتك الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل الا انه يقترف من هذه المحارم أشهيد هو؟ فانزل الله عزوجل على رسوله : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) ففسر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنة ، وقال : (التَّائِبُونَ) من الذنوب (الْعابِدُونَ) الذين لا يعبدون الا الله ولا يشركون به شيئا (الْحامِدُونَ) الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء و (السَّائِحُونَ) الصائمون (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) الذين يواظبون على الصلوات الخمس الحافظون لها والمحافظون عليها بركوعها وسجودها والخشوع فيها وفي أوقاتها (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بعد ذلك والعاملون ، به (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) والمنتهون عنه ، قال : فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشرائط بالشهادة والجنة والحديث

٢٧١

طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٥٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لقى عباد البصري على بن الحسين عليهما‌السلام في طريق مكة فقال له : يا على بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج ولينته ان الله تعالى يقول : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فقال له على بن الحسين صلوات الله عليهما : أتم الآية فقال : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) فقال على بن الحسين عليهما‌السلام إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج.

٣٥٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبيه الميمون عن ابى عبد الله عليه‌السلام ان أمير المؤمنين عليه‌السلام كان إذا أراد القتال قال هذه الدعوات : اللهم انك أعلمت سبيلا من سبلك جعلت فيه رضاك وندبت اليه أوليائك وجعلته أشرف سبلك عندك ثوابا وأكرمها لديك مآبا وأحبها إليك مسلكا ثم اشتريت فيه (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً) عليك حقا فاجعلني ممن اشترى فيه منك نفسه ثم وفي لك ببيعه الذي بايعك عليه غير ناكث ولا ناقض عهدا ولا مبدلا تبديلا ، والدعاء طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٦٠ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام ألا حر يدع هذه اللماظة لأهلها (١) انه ليس لأنفسكم ثمن الا الجنة فلا تبيعوها الا بها.

٣٦١ ـ وفيه فلا أموال بذلتموها للذي رزقها ولا أنفس خاطرتم بها للذي

__________________

(١) هذا هو الصحيح الموافق لنسخ نهج البلاغة لكن في نسخ الكتاب «المماطلة» واللماظة ـ بفتح اللام ـ : ما تبقى في الفم من الطعام ولمظ الرجل : إذا تتبع بلسانه بقية الطعام في فمه وأخرج لسانه فمسح به شفتيه وكذلك التلمظ.

٢٧٢

خلقها (١).

٣٦٢ ـ في تفسير العياشي عن ابى بصير عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : «ان الله (اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) الآية قال : يعنى في الميثاق : ثم قرأت عليه : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) فقال ابو جعفر : لا ولكن اقرأها التائبين العابدين الى آخر الاية ، وقال : إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هؤلاء اشترى منهم أنفسهم وأموالهم يعنى في الرجعة.

٣٦٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) قال : نزلت في الائمة صلوات الله عليهم

٣٦٤ ـ حدثني ابى عن بعض رجاله قال : لقى الزهري على بن الحسين عليهما‌السلام في طريق الحج فقال له : يا على بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج ولينته ان الله تبارك وتعالى يقول : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فقال له على بن الحسين عليهما‌السلام : انما هم الائمة صلوات الله عليهم ، فقال : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ) الى قوله : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) فقال له على بن الحسين صلوات الله عليهما : إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج.

٣٦٥ ـ في مجمع البيان (أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) انما (اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) يبذلونها بالجهاد في سبيل الله ، والجهاد قد يكون بالسيف وقد يكون باللسان وربما كان جهاد اللسان أبلغ لان سبيل الله دينه والدعاء الى الدين يكون اولا باللسان وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لئن يهدى الله على يديك نسمة خير مما طلعت عليه الشمس

__________________

(١) قال ابن أبى الحديد : انتصاب الأموال بفعل مقدر دل عليه بذلتموها وكذلك أنفس ، يقول : لم تبذلوا أموالكم في رضا من رزقكم إياها ، ولم تخاطروا بأنفسكم في رضا الخالق لها ، والاولى بكم أن تبذلوا المال في رضا رازقه ، والنفس في رضا خالقها لأنه ليس أحد أحق منه بالمال والنفس وبذلهما في رضا ..

٢٧٣

وكان الصادق عليه‌السلام يقول : يا من ليست له همة انه ليست لأبدانكم ثمن الا الجنة فلا تبيعوها الا بها (١).

٣٦٦ ـ «السائحون» روى مرفوعا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : سياحة أمتي الصيام.

٣٦٧ ـ وفي قراءة ابى وعبد الله بن مسعود والأعمش «التائبين العابدين» بالياء الى آخرها وروى ذلك عن ابى جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

٣٦٨ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن على بن ابى حمزة عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليهما‌السلام قال : تلوت : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) ، فقال : لا ، اقرء «التائبين العابدين» الى آخرها فسئل عن العلة في ذلك؟ فقال : (اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) التائبين العابدين.

٣٦٩ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : من أخذ سارقا فعفي عنه فذاك له فان رفعه الى الامام قطعه ، فان قال الذي سرق له : انا أهب له لم يدعه الامام حتى يقطعه إذا رفعه اليه ، وانما الهبة قبل أن يرفع الى الامام ، وذلك قول الله عزوجل : (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) فان انتهى الحد الى الامام فليس لأحد ان يتركه.

٣٧٠ ـ في تفسير العياشي عن إبراهيم بن ابى البلاد عن بعض أصحابه قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ما يقول الناس في قول الله عزوجل : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) قلت : يقولون : إبراهيم وعد أباه ليستغفر له ، قال : ليس هو هكذا وان إبراهيم وعده ان يسلم فاستغفر له فلما (تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ).

٣٧١ ـ ابو اسحق الهمداني عن الخليل عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : صلى رجل الى جنبي فاستغفر لأبويه وكانا ماتا في الجاهلية فقلت : تستغفر لأبويك وقد ماتا في

__________________

(١) وذكر الطبرسي (ره) ان الأصمعي انشد للصادق عليه‌السلام هذه الأبيات :

أتأمن بالنفس النفيسة ربها

فليس لها في الخلق كلهم ثمن

بها نشتري الجناب ان أنا بعتها

بشيء سواها ان ذلكم غبن

إذا ذهبت نفسي بدنيا أصبتها

فقد ذهب الدنيا وقد ذهب الثمن

٢٧٤

الجاهلية؟ قال : فقد استغفر إبراهيم لأبيه فلم أدر ما أرد عليه ، فذكرت ذلك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل الله : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) قال : لما مات تبين (أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ) فلم يستغفر له.

٣٧٢ ـ عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ) قال : هذه كلمة صحفها الكتاب انما كان استغفاره لأبيه (عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) ، وانما كان : (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ) [يعنى] اسمعيل واسحق ، والحسن والحسين والله ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٧٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) قال : قال إبراهيم لأبيه : ان لم تعبد الأصنام استغفرت لك ، فلما لم يدع الأصنام تبرأ منه إبراهيم ، (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) اى دعاء.

٣٧٤ ـ في رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : الأواه المتضرع الى الله في صلوته وإذا خلا في قفرة (١) من الأرض وفي الخلوات.

٣٧٥ ـ في مجمع البيان ثم بين سبحانه الوجه في (اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) مع كونه كافرا سواء كان أباه الذي ولده أوجده لامه أو عمه على ما رواه أصحابنا (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ) اى دعاء كثير الدعاء وهو المروي عن ابى عبد الله عليه‌السلام ، وقيل : هو الخاشع المتذلل رواه ابن شداد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقيل هو المتأوه شفقا وفرقا المتضرع يقينا بالإجابة ولزوما للطاعة عن ابى عبيدة ، قال الزجاج وقد انتظم قول ابى عبيدة أكثر ما روى في الأواه.

٣٧٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قلت : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) قال : الأواه هو الدعاء.

٣٧٧ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه‌السلام : أرأيت ان احتجت الى متطبب (٢) وهو نصراني

__________________

(١) القفرة : الخلاء من الأرض لا ماء به ولا نبات.

(٢) المتطبب : المتعاطى علم الطب.

٢٧٥

ان أسلم عليه أو ادعو له؟ قال : نعم لا ينفعه دعائك.

٣٧٨ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن عبد الرحمان بن الحجاج قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : أرأيت ان احتجت الى الطبيب وهو نصراني أسلم اليه وأدعو له؟ قال : نعم لا ينفعه دعاؤك.

٣٧٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن عرفة عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قيل لابي عبد الله عليه‌السلام : كيف أدعو لليهودي والنصراني؟ قال : تقول له : بارك الله لك في دنياك.

٣٨٠ ـ على بن محمد عن اسحق بن محمد عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال : كتب الى ابو الحسن في كتاب : أردت ان تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر عليه‌السلام وقلقت لذلك ، فلا تغتم فان الله عزوجل لا يضل (قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) ، وصاحبكم بعدي ابو محمد إبني ، وعنده ما تحتاجون اليه يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما يشاء ، (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) ، قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان.

٣٨١ ـ في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن على ماجيلويه عن عمه محمد بن ابى القاسم عن احمد بن أبي عبد الله عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) قال : حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه. في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن حمزة بن محمد الطيار عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله سواء.

٣٨٢ ـ في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن اسمعيل بن مرار عن يونس بن عبد الرحمن عن حماد بن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ)؟ قال : حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.

٢٧٦

٣٨٣ ـ في قرب الاسناد للحميري احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد ابن ابى نصر قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول الى ان قال : وعنه عن احمد بن محمد بن ابى نصر قال : دخلت عليه بالقادسية فقلت له : جعلت فداك انى أريد ان أسئلك عن شيء وانا أجلك (١) والخطب فيه جليل ، وانما أريد فكاك رقبتي من النار فرآني وقد زمعت (٢) وقال : لا تدع شيئا تريد ان تسألنى عنه الا سألتنى عنه ، قلت : جعلت فداك انى سئلت أباك وهو نازل في هذا الموضع عن خليفته من بعده ، فدلني عليك ، وقد سألتك مرة منذ سنين وليس لك ولد عن الامامة فيمن يكون من بعدك؟ فقلت : في ولدي ، وقد وهب الله لك ابنين فأيهما عندك بمنزلتك [التي] كانت عند أبيك؟ فقال لي : هذا الذي سألت عنه ليس هذا وقته ، فقلت له : جعلت فداك قد رأيت ما ابتلينا به في أبيك ولست آمن الاحداث فقال : كلا إنشاء الله لو كان الذي تخاف كان منى في ذلك حجة احتج بها عليك وعلى غيرك ، اما علمت ان الامام الفرض عليه والواجب من الله إذا خاف الفوت على نفسه ان يحتج في الامام من بعده ، والحجة معروفة مبينة ، ان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) فطب نفسا وطيب نفس أصحابك ، فان الأمر يجيء على غير ما تحذرون إنشاء الله.

٣٨٤ ـ في تفسير العياشي على بن ابى حمزة قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : ان أباك أخبرنا بالخلف من بعده فلو خبرتنا به؟ قال : فأخذ بيدي فهزها ثم قال : (ما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ).

٣٨٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) قال الصادق عليه‌السلام : هكذا نزلت ، وهو ابو ذر وابو خيثمة وعميرة بن وهب الذين تخلفوا ثم لحقوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٨٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن أبان بن تغلب عن أبى عبد الله

__________________

(١) أجله إجلالا : عظمه.

(٢) زمع بمعنى دهش. وفي هامش المصدر «دمعت خ ل».

٢٧٧

عليه‌السلام أنه قرأ : «لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والأنصار قال أبان : فقلت له : يا ابن عم رسول الله ان العامة لا تقرأ كما عندك؟ قال : وكيف تقرأ يا أبان؟ قال : قلت : انها تقرأ : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) فقال : ويلهم واى ذنب كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى تاب الله عليه منه انما تاب الله به على أمته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٨٧ ـ في مجمع البيان وقد روى عن الرضا على بن موسى عليهما‌السلام انه قرأ : «ولقد تاب الله بالنبي على المهاجرين (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) وقراءة على بن الحسين زين العابدين وابى جعفر محمد بن على الباقر وجعفر بن محمد الصادق «خالفوا»

٣٨٨ ـ في تفسير العياشي عن فيض بن المختار قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : كيف تقرأ هذه الآية في التوبة : وعلى الثلاثة (الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ) قال : قلت : «خلفوا» قال لو خلفوا لكانوا في حال طاعة ، وزاد الحسين بن المختار عنه : لو كان خلفوا ما كان عليهم من سبيل ولكنهم خالفوا عثمان وصاحباه ، اما والله ما سمعوا صوت كافر ولا قعقعة حجر (١) الّا قالوا أتانا فسلط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا ، قال صفوان : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : كان ابو لبابة أحدهم ، يعنى في (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا).

٣٨٩ ـ عن سلام عن ابى جعفر عليه‌السلام : في قوله : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) قال : أقالهم فوالله ما تابوا.

٣٩٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم في قصة غزوة تبوك وقد كان تخلف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قوم من المنافقين وقوم من المؤمنين مستبصرين لم يعثر عليهم في نفاق : منهم كعب بن مالك الشاعر ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن امية الواقفي ، فلما تاب الله عزوجل عليهم قال كعب : ما كنت قط أقوى منى في ذلك الوقت الذي خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) الققعة : حكاية صوت السلاح وصوت الرعد والترسة ونحوها وفي تفسير البرهان وكذا في رواية الكليني «حافر» بدل «كافر». وفي بعض النسخ «حجة» مكان «حجر» والظاهر انه تصحيف.

٢٧٨

الى تبوك وما اجتمعت لي راحلتان قط الا في ذلك اليوم ، فكتب أقول : أخرج غدا ، أخرج بعد غد ، فانى مقوى وتوانيت وبقيت بعد خروج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أياما ادخل السوق فلا أقضى حاجة ، فلقيت هلال بن امية ومرارة بن الربيع وقد كانا تخلفا أيضا فتوافقنا أن نبكر الى السوق ولم نقض حاجة ، فما زلنا نقول : نخرج غدا وبعد غد حتى بلغنا إقبال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فندمنا فلما وافى رسول الله استقبلناه نهنيه بالسلامة فسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام وأعرض عنا ، وسلمنا على إخواننا فلم يردوا علينا السلام ، فبلغ ذلك أهلونا فقطعوا كلامنا ، وكنا نحضر المسجد فلا يسلم علينا أحد ولم يكلمنا فجاءت نساؤنا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلن : قد بلغنا سخطك على أزواجنا أفنعتزلهم؟ فقال رسول الله : لا تعتزلوهم ولكن لا يقربوكن ، فلما رأى كعب بن مالك وصاحباه ما قد حل لهم ، قال : ما يقعدنا بالمدينة ولا يكلمنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا إخواننا ولا أهلونا؟ فهلموا نخرج الى هذا الجبل فلا نزال فيه حتى يتوب الله علينا أو نموت ، فخرجوا الى ذناب جبل بالمدينة وقد كانوا يصومون وكان أهلوهم يأتونهم بالطعام فيضعونه ناحية ، ثم يولون عنهم فلا يكلمونهم ، فبقوا على هذه الحالة أياما كثيرة يبكون بالليل والنهار ويدعون الله عزوجل أن يغفر لهم ، فلما طال عليهم الأمر قال لهم كعب : قد سخط الله عزوجل علينا ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد سخط علينا ، وإخواننا قد سخطوا علينا ، وأهلونا قد سخطوا علينا فلا يكلمنا أحد ، فلم لا يسخط بعضنا على بعض؟ فتفرقوا في الليل وحلفوا أن لا يكلم أحد منهم صاحبه حتى يموت أو يتوب الله عزوجل عليه ، فبقوا على هذه ثلثة أيام كل واحد منهم في ناحية من الجبل لا يرى أحد منهم صاحبه ولا يكلمه ، فلما كان في الليلة الثالثة ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت أم سلمة نزلت توبتهم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ثم قال في هؤلاء الثلاثة : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) فقال العالم عليه‌السلام : انما أنزل الله : «وعلى الثلاثة الذين خالفوا» ولو خلفوا لم يكن عليهم عتب (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) حيث لم يكلمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا إخوانهم ولا أهلوهم ، فضاقت المدينة عليهم حتى خرجوا منها (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) حتى حلفوا ان لا يكلم بعضهم

٢٧٩

بعضا ، فتفرقوا وتاب الله عليهم لما عرف من صدق نياتهم.

٣٩١ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى على بن عقبة عن أبيه عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : عزوجل (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) قال : هي الاقالة.

٣٩٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب جابر الأنصاري عن الباقر عليه‌السلام في قوله : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) اى آل محمد.

٣٩٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن أحمد بن عائذ عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي قال : سئلت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) قال : إيانا عنى.

٣٩٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبى نصر عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله عزوجل (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) قال : الصادقون هم الائمة والصديقون بطاعتهم (١).

٣٩٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : وقد جعل الله للعلم أهلا وفرض الله طاعتهم بقوله : (واتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).

٣٩٦ ـ في مجمع البيان في مصحف عبد الله وقراءة ابن عباس «من الصادقين» وروى ذلك أيضا عن ابى عبد الله عليه‌السلام.

٣٩٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان : اسألكم بالله أتعلمون ان الله عزوجل لما انزل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) فقال سلمان : يا رسول الله عامة هذه الآية أم خاصة؟ فقال عليه‌السلام : اما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك ، واما الصادقون فخاصة لأخي على عليه‌السلام وأوصيائي من بعده الى يوم القيمة؟ قالوا : اللهم نعم.

٣٩٨ ـ في كتاب معاني الاخبار خطبة لعلى عليه‌السلام يذكر فيها نعم الله

__________________

(١) قال الفيض (ره) في الوافي : لعل المراد ان الصادقين صنفان صنف منهم الائمة المعصومون صلوات الله عليهم ، والاخر المصدقون بان طاعتهم مفترضة من الله تعالى كمال التصديق ، أو كل من صدق بالحق غاية التصديق بطاعة لربه أو بطاعته إياهم.

٢٨٠