تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

ـ ذلك ، قال : ويخرج عليهم الحور العين من الجنان فيمكثون بذلك ما شاء الله ، ثم ان الجبار يشرف عليهم فيقول : أوليائى وأهل طاعتي وسكان جنتي في جواري! الأهل أنبئكم بخير مما أنتم فيه؟ فيقولون : ربنا واى شيء خير مما نحن فيه نحن فيما اشتهت أنفسنا ولذت أعيننا من النعم في جوار الكريم ، قال : فيعود عليهم بالقول ، فيقولون : ربنا نعم يا ربنا رضاك عنا ومحبتك لنا خير لنا وأطيب لأنفسنا ، ثم قرأ على بن الحسين عليهما‌السلام هذه الآية : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

٢٣٥ ـ في كتاب الخصال في احتجاج على عليه‌السلام على الناس يوم الشورى قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سره ان يحيى حيوتى ويموت مماتي ويسكن جنتي التي وعدني الله ربي جنات عدن قضيب غرسه الله بيده ثم قال له كن فيكون فليوال على بن أبي طالب وذريته من بعده الى قوله : غيري؟ قالوا : اللهم لا.

٢٣٦ ـ في مجمع البيان روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلثة النبيين والصديقين والشهداء ، يقول الله :

طوبى لمن دخلك.

٢٣٧ ـ وروى في قراءة أهل البيت عليه‌السلام «جاهد الكفار بالمنافقين» قالوا لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يقاتل المنافقين ، ولكن كان يتألفهم ، ولان المنافقين لا يظهرون الكفر وعلم الله بكفرهم لا يبيح قتلهم إذا كانوا يظهرون الايمان.

٢٣٨ ـ وفيه في سورة التحريم وروى عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قرأ «جاهد الكفار بالمنافقين» قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يقاتل منافقا قط ، انما كان يتألفهم.

__________________

* انه قال : في قوله تعالى : (وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) قال : زرابى النبت : إذا اصفر وأحمر وفيه خضرة وقد ازرب ، فلما رأوا الألوان في البسط والفرش شبهوها بزرابى النبت. والنمارق : الوسائد واحدتها النمرقة بكسر النون وفتحها.

٢٤١

٢٣٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) قال : انما نزلت : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يجاهد المنافقين بالسيف.

٢٤٠ ـ حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) بإلزام الفرائض.

٢٤١ ـ وفيه في سورة التحريم أخبرنى الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن سليمان الكاتب عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) قال : هكذا نزلت ، فجاهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الكفار ، وجاهد على عليه‌السلام المنافقين ، فجهاد على عليه‌السلام جهاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٤٢ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى ابن عباس قال : لما نزلت (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لأجاهدن العمالقة يعنى الكفار ، وأتاه جبرئيل عليه‌السلام قال : أنت أو على عليه‌السلام.

٢٤٣ ـ في مجمع البيان : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) الاية قيل : نزلت في أهل العقبة ، فإنهم أضمروا (١) أن يقتلوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عقبة عند مرجعهم من تبوك وأرادوا أن يقطعوا أنساع راحلته (٢) ثم يبطشوا به فاطلعه الله على ذلك ، وكان من جملة معجزاته لأنه لا يمكن معرفة ذلك لا بوحي من الله ، فبادر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في العقبة وحده وعمار وحذيفة أحدهما يقود ناقته والاخر يسوقها ، وامر الناس كلهم بسلوك بطن الوادي ، وكان الذين هموا بقتله اثنى عشر رجلا أو خمسة عشر رجلا على الخلاف فيهم ، عرفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسماهم بأسمائهم واحدا واحدا عن الزجاج والواقدي والكلبي والقصة مشروحة في كتاب الواقدي ، وقال الباقر عليه‌السلام : كانوا ثمانية أربعة منهم من قريش وأربعة من العرب.

٢٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ

__________________

(١) وفي المصدر «ائتمروا» بدل «أضمروا».

(٢) الانساع جمع النسع ـ بكسر النون ـ : حبل طويل تشد به الرحال.

٢٤٢

قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) ـ قال : نزلت في الذين تحالفوا في الكعبة ان لا يردوا هذا الأمر في بنى هاشم فهي كلمة الكفر ، ثم قعدوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في العقبة وهموا بقتله وهو قوله : (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا).

٢٤٥ ـ وفيه قوله : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) قال : إذا كان يوم القيمة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فيعرض عليهم أعمالهم ، فيحلفون له انهم لم يعملوا منها شيئا ، كما حلفوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الدنيا حين حلفوا أن يردوا الولاية من بنى هاشم وحين هموا بقتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في العقبة ، فلما اطلع الله نبيه وأخبره حلفوا له انهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به ، حتى أنزل الله على رسوله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ) قال : إذا عرض الله عزوجل ذلك عليهم في القيمة ينكرونه ويحلفون له كما حلفوا الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو قوله : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ).

٢٤٦ ـ في تفسير العياشي عن جابر بن أرقم عن أخيه زيد بن أرقم قال : لما اقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام بغدير خم وبلغ فيه عن الله عزوجل ما بلغ ثم نزل انصرفنا الى رحالنا ، وكان الى جانب خبائى خباء نفر (١) من قريش وهم ثلثة ومعى حذيفة اليمان فسمعنا أحد الثلاثة وهو يقول : والله ان محمدا لاحمق ان كان يرى ان الأمر يستقيم لعلى من بعده ، وقال الآخرون : أتجعله أحمق الم تعلم انه مجنون قد كاد انه يصرع عند امرأة ابن ابى كبشة؟ (٢) وقال الثالث : دعوه ان شاء ان يكون أحمق وان شاء ان يكون مجنونا ، والله ما يكون ما يقول أبدا ، فغضب حذيفة من مقالتهم فرفع جانب الخباء فأدخل رأسه إليهم ، وقال : فعلتموها ورسول الله بين أظهركم ووحي الله ينزل إليكم؟ والله لأخبرنه بكرة مقالتكم ، فقالوا له : يا با عبد الله وانك لهاهنا وقد سمعت ما

__________________

(١) الخباء : الخيمة من شعر أو غيره.

(٢) كان المشركون ينسبون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أبى كبشة ، وكان أبو كبشة رجلا من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان فلما خالفهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في عبادة الأوثان شبهوه به وقيل : هو نسبة الى جد النبي لامه.

٢٤٣

ـ قلنا؟ اكتم علينا فان لكل جوار امانة ، فقال لهم : ما هذا من جوار الامانة ولا مجالسها ، ما نصحت الله ورسوله ان انا طويت عنه هذا الحديث ، فقالوا له : يا با عبد الله فاصنع ما شئت فوالله لنحلفن انا لم نقل وانك قد كذبت علينا افتراه يصدقك ويكذبنا ونحن ثلثة فقال لهم : اما انا فلا أبالي إذا أديت النصيحة الى الله والى رسوله فقولوا ما شئتم ان تقولوا ، ثم مضى حتى أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى عليه‌السلام الى جانب محتب بحمايل سيفه (١) فأخبره بمقالة القوم ، فبعث إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتوه فقال لهم : ماذا قلتم؟ فقالوا : والله ما قلنا شيئا فان كنت أبلغت عنا شيئا فمكذوب علينا ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام بهذه الاية : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) وقال على عليه‌السلام عند ذلك : ليقولوا ما شاؤا والله ان قلبي بين اضلاعى وان سيفي لفي عنقي ، ولان هموا لأهمن فقال جبرئيل عليه‌السلام للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبر الأمر الذي هو كائن ، فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا بما أخبر به جبرئيل عليه‌السلام ، فقال : إذا اصبر للمقادير ،

٢٤٧ ـ عن جعفر بن محمد الخزاعي عن أبيه قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما قال في غدير خم وصار بالاخبية ، مر المقداد بجماعة منهم [وهم يقولون : والله ان كنا وقيصر لكنا في الخز والوشي (٢) والديباج والنساجات ، وانا معه في الأخشنين نأكل الخشن ونلبس الخشن حتى] (٣) إذا دنا موته وفنيت أيامه وحضر اجله أراد ان يولينا عليا من بعده ، اما والله ليعلمن ، قال : فمضى المقداد وأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله به فقال : الصلوة جامعة قال : فقالوا : قد رمانا المقداد فقوموا نحلف عليه : قال : فجاؤا حتى جثوا بين يديه (٤) فقالوا : بآبائنا و

__________________

(١) احتبى احتباء : جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند إذ لم يكن للعرب في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها.

(٢) الوشي : نقش الثوب ويكون من كل لون ونوع من الثياب الموشية تسمية بالمصدر يقال «هو يلبس الوشي».

(٣) ما بين العلامتين انما هو في المصدر دون النسخ.

(٤) اى جلسوا واجتمعوا.

٢٤٤

ـ أمهاتنا يا رسول الله والذي بعثك بالحق والذي كرمك بالنبوة ما قلنا ما بلغك والذي اصطفاك على البشر ، قال : فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «بسم الله الرحمن الرحيم» (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا) بك يا محمد ليلة العقبة (وَمَا نَقَمُوا إِلَّآ أَنْ أَغْنَىٰهُمُ للَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ) كان أحدهم يبيع الرؤس والآخر يبيع الكراع ويفتل القرامل (١) فأغناهم الله برسوله ثم جعلوا أحدهم عليه (٢) قال أبان بن تغلب : لما نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام يوم غدير خم فقال : من كنت مولاه فعلى مولاه ، فهم رجلان من قريش رؤسهما (٣) والله لا نسلم له ما قال أبدا ، فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألهما عما قالا فكذبا وحلفا بالله ما قالا شيئا ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) الآية قال أبو عبد الله عليه‌السلام لقد توليا وماتا.

٢٤٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم ذكر البخلاء وسماهم منافقين وكاذبين ، فقال : و (مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ) الى قوله : يكذبون وفي رواية ابى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : هو ثعلبة بن خاطب بن عمرو بن عوف كان محتاجا فعاهد الله عزوجل ، فلما آتاه الله بخل به.

٢٤٩ ـ في مجمع البيان (ومِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ) الآيات قيل : نزلت في ثعلبة بن خاطب وكان من الأنصار قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ادع الله أن يرزقني مالا ، فقال : يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه ، أما لك (فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، والذى نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معى ذهبا وفضه لسارت ، ثم أتاه بعد ذلك فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا والذي بعثك بالحق لئن رزقني

__________________

(١) الكراع من الدابة : مستدق الساق. وقيل : الكراع من الدواب ما دون الكعب ومن الإنسان : ما دون الركبة. والقرامل : ما تشد المرأة في شعرها من الخيوط. وفي نسخة «ويقتل القوامل» بدل «ويفتل القرامل».

(٢) كذا في النسخ لكن في المصدر والمنقول عنه في البرهان «ثم جعلوا أحدهم وحديدهم عليه» وهو الظاهر.

(٣) وفي نسخة «أحدهما» بدل «رؤسهما». و «قال» مكان : «فهم».

٢٤٥

ـ مالا لأعطين كل ذي حق حقه ، فقال : اللهم ارزق ثعلبة مالا ، قال : فاتخذ غنما فنمت كما ينمى الدود فضاقت عليه المدينة ، فتنحى منها فنزل واديا من أوديتها ثم كثرت حتى تباعد عن المدينة ، فاشتغل بذلك عن الجمعة والجماعة ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المصدق ليأخذ الصدقة فأبى وبخل ، وقال : ما هذه الا أخت الجزية ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة فأنزل الله عزوجل الآيات ، عن ابى أمامة الكاهلي وروى ذلك مرفوعا.

قال عز من قائل : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ).

٢٥٠ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : وذكره المؤمنين (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) وقوله لغيرهم : (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ) الى ان قال عليه‌السلام : فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية واللقاء هو البعث. فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه فانه يعنى بذلك البعث.

٢٥١ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أربع من كن فيه فهو منافق ، فان كانت فيه واحدة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، من إذا حدث كذب ، وإذا وعد اخلف وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر.

٢٥٢ ـ في مجمع البيان وقد صح في الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : للمنافق ثلث علامات : إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا أتمن خان.

٢٥٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ) فجاء سالم بن عمير الأنصاري بصاع من تمر فقال : يا رسول الله كنت ليلتي أجر الجرير (١) حتى عملت بصاعين من تمر فاما أحدهما فأمسكته واما الآخر فأقرضته ربي فأمر رسول الله ان ينثره في

__________________

(١) قال الجزري في النهاية : وفي الحديث : ان رجلا كان يجر الجرير فأصاب صاعين من ثمر فتصدق بأحدهما ، يريد انه كان يستقى الماء بالحبل.

٢٤٦

ـ الصدقات ، فسخر منه المنافقون وقالوا : والله ان [كان] الله تعالى لغني عن هذا الصاع ما يصنع الله بصاعه شيئا ، ولكن أبا عقيل (١) أراد ان يذكر نفسه ليعطي من الصدقات فقال الله : (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).

٢٥٤ ـ في مجمع البيان : (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه سئل فقيل : يا رسول الله اى الصدقة أفضل؟ قال : جهد المقل (٢).

٢٥٥ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الحسن بن على بن فضال عن الرضا عليه‌السلام انه قال في كلام طويل : ان الله تعالى لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا يخادع ، ولكنه تعالى يجازيهم جزاء السخرية وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر والخديعة ، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

٢٥٦ ـ في تفسير العياشي عن ابى الجارود عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ) قال : ذهب على أمير المؤمنين عليه‌السلام فآجر نفسه على ان يستقى كل دلو بتمرة فأتى به النبي (٣) وعبد الرحمان بن عوف على الباب ، فلمزه اى وقع فيه فأنزلت هذه الآية : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ) الى قوله : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [فاستغفر لهم مأة مرة] (٤).

٢٥٧ ـ عن العباس بن هلال عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال ان الله تعالى قال لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) فاستغفر لهم مأة مرة

__________________

(١) الظاهر من كلام ان أبا عقيل كنية سالم بن عمير المذكور في صدر الحديث لكن في الاصابة وكذا أسد الغابة : ذكر أبا عقيل صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون ثم قال : انه مختلف في اسمه ولم يذكر فيما عده من الأسماء سالم بن عمير والله أعلم.

(٢) اى قدر ما يحتمله حال القليل المال قاله الجزري في النهاية.

(٣) وفي المصدر «كل دلو بتمرة يختارها ، فجمع تمرا فأتى به النبي ... اه».

(٤) ما بين المعقفتين في نسخة الأصل فقط دون ساير النسخ وغير موجود في المصدر أيضا والظاهر انه من زيادة النساخ.

٢٤٧

ـ ليغفر لهم فأنزل الله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) وقال : (لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) فلم يستغفر لهم بعد ذلك ، ولم يقم على قبر واحد منهم (١).

٢٥٨ ـ في مجمع البيان : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) الوجه في تعليق الاستثناء بسبعين مرة المبالغة لا العدد المخصوص ، ويجرى ذلك مجرى قول القائل : لو قلت لي الف مرة ما قبلت ، والمراد انى لا اقبل منك فكذا الآية المراد فيها نفي الغفران جملة ، وما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : والله لأزيدن على السبعين فانه خبر واحد ، لا يعول عليه ، ولأنه يتضمن ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يستغفر للكفار وذلك غير جايز بالإجماع ، وقد روى انه قال : لو علمت انه لو زدت على السبعين مرة غفر لهم لفعلت.

٢٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) قال على بن إبراهيم : انها نزلت لما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المدينة ومرض عبد الله بن ابى (٢) وكان ابنه عبد الله بن عبد الله مؤمنا ، فجاء الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبوه يجود بنفسه ، فقال : يا رسول الله بأبى أنت وأمي انك ان لم تأت ابى كان ذلك عارا علينا ، فدخل اليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمنافقون عنده ، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله : يا رسول الله استغفر له ، فاستغفر له فقال عمر : ألم ينهك الله يا رسول الله ان تصلى عليهم أو تستغفر لهم؟ فأعرض عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعاد عليه ، فقال له : ويلك انى خيرت فاخترت ، ان الله يقول : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) فلما مات عبد الله جاء ابنه

__________________

(١) في معنى هذا الحديث أقوال ذكرناها في ذيل العياشي راجع ج ٢ : ١٠١ ان شئت.

(٢) عبد الله أبى بن أبى سلول هو رئيس منافقي المدينة ، وهو الذي قال : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) ونزلت سورة المنافقين في ذلك ، وهو الذي قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين ورد المدينة : يا هذا اذهب الى الذين غروك وخدعوك ولا تغشنا في دارنا فسلط الله على دورهم الذر فخرب ديارهم وقصة كيده لقتل رسول الله (ص) ورده عليه مشهورة.

٢٤٨

ـ الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : بأبى أنت وأمي يا رسول الله ان رأيت ان تحضر جنازته؟ فحضر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقام على قبره ، فقال له عمر : يا رسول الله ألم ينهك الله ان تصلى على أحد منهم أبدا وان تقم على قبره؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ويلك وهل تدري ما قلت؟ انما قلت : اللهم احش قبره نارا وجوفه نارا وأصله النار ، فبدا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما لم يكن يحب.

٢٦٠ ـ وفيه في قصة غزوة تبوك ولقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحر بن قيس (١) فقال له : يا با وهب الا تنفر معنا في هذه الغزاة لعلك ان تحتفد من بنات الأصفر فقال : يا رسول الله والله ان قومي ليعلمون انه ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء منى ، وأخاف ان خرجت معك ان لا اصبر إذا رأيت بنات الأصفر فلا تفتني ، وائذن لي ان أقيم ، وقال لجماعة من قومه. لا تخرجوا في الحر فقال ابنه : ترد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتقول ما تقول؟ ثم تقول لقومك : لا تنفروا في الحر ، والله لينزلن الله تعالى في هذا قرآنا يقرأه الناس الى يوم القيمة ، فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) الى قوله : ونزل أيضا في الحر بن قيس في رواية على بن إبراهيم لما قال لقومه : لا تخرجوا في الحر : (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ).

الى قوله تعالى : (وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) ، ففضح الله تعالى الحر بن قيس وأصحابه.

٢٦١ ـ في مجمع البيان : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) وروى انس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا.

٢٦٢ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن محمد بن مهاجر عن امه أم سلمة قالت : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى على

__________________

(١) كذا في النسخ لكن المضبوط في كتب السير والتواريخ السير والتواريخ كسيرة ابن هشام وغيرها «جد بن قيس» بالجيم والدال. وقد مر أيضا.

٢٤٩

ـ ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلى على الأنبياء ، ثم كبر ودعا للمؤمنين ، ثم كبر الرابعة ودعا للميت ثم كبر وانصرف ، فلما نهاه الله عزوجل عن الصلوة على المنافقين كبر وتشهد ثم كبر وصلى على النبيين صلى الله عليهم ، ثم كبر ودعا للمؤمنين ، ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدع للميت.

٢٦٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حماد بن عثمان وهشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يكبر على قوم خمسا وعلى قوم آخرين أربعا ، وإذا كبر على رجل أربعا اتهم يعنى بالنفاق.

٢٦٤ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لابن عبد الله بن ابى : إذا فرغت من أبيك فأعلمنى ، وقد كان توفي فأتاه فأعلمه فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نعليه للقيام فقال له عمر : أليس قد قال الله : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ)؟ فقال له : ويحك ـ أو ويلك ـ انما أقول : اللهم إملاء قبره نارا وإملاء جوفه نارا وأصله يوم القيمة نارا.

٢٦٥ ـ عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام توفي رجل من المنافقين فأرسل الى ابنه ان : إذا أردتم ان تخرجوا فأعلمونى فلما حضر امره أرسلوا الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأقبل عليه‌السلام نحوهم حتى أخذ بيد ابنه في الجنازة فمضى ، قال : فتصدى له عمر ثم قال : يا رسول الله اما نهاك ربك عن هذا ان تصلى (عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) ، فلم يجبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فلما كان قبل ان ينتهوا به الى القبر قال عمر أيضا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اما نهاك الله عن ان تصلى (عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً) أو تقوم على قبره؟ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ) وبرسوله و (ماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعمر عند ذلك : ما رأيتنا صلينا له على جنازة ولا قمنا له على قبر ، ثم قال : ان ابنه رجل من المؤمنين وكان يحق علينا أداء حقه ، وقال له عمر : أعوذ بالله من سخط الله وسخطك يا رسول الله! (١).

٢٦٦ ـ في مجمع البيان روى انه صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى على عبد الله بن ابى

__________________

(١) وللفيض (ره) بان في هذا الحديث راجع تفسير الصافي ج ١ : ٧٢٠.

٢٥٠

ـ وألبسه قميصه قبل ان ينهى عن الصلوة على المنافقين عن ابن عباس وجابر وقتادة ، وقيل : انه أراد ان يصلى عليه فأخذ جبرئيل بثوبه وتلى عليه : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ) الآية وقيل : انه قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم وجهت بقميصك اليه يكفن فيه وهو كافر؟ فقال : ان قميصي لن يغني عنه من الله شيئا ، وانى أؤمل من الله ان يدخل بهذا السبب في الإسلام خلق كثير ، فروى انه أسلم الف من الخزرج لما رأوه يطلب الاستشفاء بثوب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذكره الزجاج ، قال : والأكثر في الرواية انه لم يصل عليه.

٢٦٧ ـ في عوالي اللئالى وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى على عبد الله ابن ابى فقال له عمر : اتصلي على عدو الله وقد نهاك الله ان تصلى على المنافقين؟ فقال له : وما يدريك ما قلت له؟ فانى قلت : اللهم احش قبره نارا وسلط عليه الحيات والعقارب. قال مؤلف هذا الكتاب : قد سبق عن على بن إبراهيم عند قوله تعالى : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) بيان لهذه الآية.

٢٦٨ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) فقال : النساء (١) انهم قالوا : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) وكان بيوتهم في أطراف البيوت حيث ينفرد الناس ، فأكذبهم الله قال : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) وهي رفيعة السمك حصينة (٢).

٢٦٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم في قصة غزوة تبوك وجاء البكاؤن الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهم سبعة من بنى عمرو بن عوف سالم بن عمير وقد شهد بدرا لا اختلاف فيه ، ومن بنى واقف هرمى بن عمير (٣) ومن بنى حارثة علبة بن زيد وهو الذي

__________________

(١) وفي المصدر بعد قوله : النساء هكذا «عن عبد الله الحلبي قال : سئلته عن قوله : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) فقال : النساء ، انهم قالوا. اه».

(٢) السمك : السقف.

(٣) وفي السيرة «هرمى بن عبد الله».

٢٥١

ـ تصدق بعرضه ، وذلك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله امر بالصدقة ، فجعل الناس يأتون بها فجاء علبة فقال يا رسول الله والله ما عندي ما أتصدق به وقد جعلت عرضي حلا ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد قبل الله تعالى صدقتك ومن بنى مازن بن نجار ابو ليلى عبد الرحمان بن كعب ، ومن بنى سلمة عمرو بن غنيمة ومن بنى زريق سلمة بن صخر ومن بنى العزما ضرة بن سارية السلمي (١) هؤلاء جاؤا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يبكون فقالوا : يا رسول الله ليس بنا قوة أن نخرج معك ، فأنزل الله عزوجل فيهم : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) قال وانما سال هؤلاء البكاؤن نعلا يلبسونها ، ثم قال جل ذكره : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) والمستأذنون ثمانون رجلا من قبائل شتى والخوالف النساء.

٢٧٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن على بن الحكم عن أبان الأحمر عن حمزة بن الطيار عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال : وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق ، ولم تجد أحدا الا ولله عليه الحجة ولله فيه المشية ، ولا أقول انهم ما شاؤا صنعوا ثم قال : ان الله يهدى ويضل ، وقال : وما أمروا الا بدون سعتهم ، وكل شيء امر الناس فهم يسمعون له وكل شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم ولكن الناس لا خير فيهم ثم تلا عليه‌السلام (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ) فوضع عنهم (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) فوضع عنهم لأنهم لا يجدون.

٢٧١ ـ في من لا يحضره الفقيه قال الصادق عليه‌السلام : شفاعتنا لأهل الكباير من شيعتنا ، فاما التائبون فان الله عزوجل يقول : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ).

__________________

(١) في تسمية بعض البكائين خلاف فليراجع السر والتواريخ.

٢٥٢

٢٧٢ ـ في كتاب الخصال عن تميم الداري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من يضمن لي خمسا أضمن له الجنة قيل : وما هي يا رسول الله؟ قال : النصيحة لله عزوجل والنصيحة لرسوله ، والنصيحة لكتاب الله والنصيحة لدين الله ، والنصيحة لجماعة المسلمين.

٢٧٣ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن حرب قال : لما اقبل الناس مع أمير المؤمنين من صفين أقبلنا معه حتى إذا جزنا النخيلة ورأينا أبيات الكوفة ، إذا شيخ جالس في ظل بيت على وجهه اثر المرض ، فأقبل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام ونحن معه حتى سلم عليه وسلمنا معه فرد بنا حسنا قال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : فهل شهدت معنا غزاتنا هذه؟ فقال : لا لقد أردتها ولكن ما ترى في من طب الحمى (١) خذلتني عنها. فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ) الى آخر الاية والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧٤ ـ عن عبد الرحمان بن كثير قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام يا عبد الرحمان شيعتنا والله لا يتختم البيوت (٢) والخطايا ، هم صفو الله الذين اختارهم لدينه. وهو قول الله : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ).

٢٧٥ ـ عن الحلبي وزرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام حديث طويل وفي آخره : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) الآية قال عبد الله بن يزيد بن ورقاء الخزاعي (٣) أحدهم.

٢٧٦ ـ في مجمع البيان : (فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) جاء في الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من التمس رضا الله بسخط الناس رضى الله عنه وارضى عنه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط

__________________

(١) الطب : العادة. الشأن. وفي بعض النسخ «طلب». مكان «طب».

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «الذنوب» مكان «البيوت».

(٣) كذا في النسخ لكن الصحيح «بديل» بدل «يزيد» ويمكن التصحيف أيضا وهو عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي من التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم وهو من أجلاء أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام وقتل بصفين وكان أمير الرجالة رضوان الله تعالى عليه.

٢٥٣

ـ عليه الناس.

قال عز من قائل : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) الآية.

٢٧٧ ـ في أصول الكافي على بن محمد بن عبد الرحمان عن احمد بن محمد ابن خالد عن عثمان بن عيسى عن على بن ابى حمزة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : تفقهوا في الدين فانه من لم يتفقه في الدين فهو أعرابي (١) ان الله يقول في كتابه : (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ).

٢٧٨ ـ الحسين بن محمد عن جعفر بن محمد عن القاسم بن الربيع عن المفضل ابن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : عليكم بالتفقه في دين الله ، ولا تكونوا اعرابا فانه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله اليه يوم القيمة ولم يزك له عملا.

٢٧٩ ـ في روضة الكافي سهل عن يحيى بن المبارك عن عبد الرحمان بن جبلة عن اسحق بن عمار أو غيره قال : ابو عبد الله عليه‌السلام : نحن بنو هاشم وشيعتنا العرب ، وساير الناس الاعراب.

٢٨٠ ـ في تفسير العياشي عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قوله : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ) أيثيبهم عليه؟ قال : نعم.

٢٨١ ـ وفي رواية اخرى عنه : يثابون عليه؟ قال : نعم.

٢٨٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا ابو عمر والزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ان للايمان درجات ومنازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال : نعم قلت : صف لي رحمك الله حتى أفهمه ، قال : ان الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان (٢) ثم فضلهم على درجاتهم في السبق اليه ، فجعل كل امرء منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من

__________________

(١) الأعرابي منسوب الى الاعراب ولا واحد له نص عليه الجوهري والمراد الذين يسكنون البادية ولا يتعلمون الأحكام الشرعية.

(٢) الرهان : المسابقة على الخيل.

٢٥٤

ـ حقه ، ولا يتقدم مسبوق سابقا ، ولا مفضول فاضلا ، تفاضل بذلك أوائل هذه الامة وأواخرها ولو لم يكن للسابق الى الايمان فضل على المسبوق إذا للحق أواخر هذه الامة أو لها نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق الى الايمان الفضل على من ابطأ عنه ولكن بدرجات الايمان قدم الله السابقين وبالإبطاء عن الايمان أخر الله المقصرين لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين وأكثرهم صلوة وصوما وحجا وزكوة وجهادا وإنفاقا ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين ولكن ابى الله عزوجل ان يدرك آخر درجات الايمان أولها ويقدم فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله قلت : أخبرنى عما ندب الله عزوجل المؤمنين اليه من لاستباق الى الايمان؟ فقال : قول الله عزوجل : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) فبدأ بالمهاجرين الأولين والأنصار على درجة سبقهم ، ثم ثنى بالأنصار ، ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان ، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٨٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال في أثناء كلام له في جمع (مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) في المسجد أيام خلافة عثمان : فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) سئل عنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال : أنزلها الله تعالى في الأنبياء وأوصيائهم ، فانا أفضل أنبياء الله ورسله وعلى بن ابى طالب أفضل الأوصياء؟ قالوا : اللهم نعم.

٢٨٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم ذكر السابقين فقال : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) وهم النقباء ابو ذر والمقداد وسلمان وعمار ومن آمن وصدق وثبت على ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢٨٥ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن ابن ابى عمير عن عمرو بن ابى المقدام قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : خرجت انا وابى حتى إذا كنا بين القبر

٢٥٥

ـ والمنبر إذا هو بأناس من الشيعة فسلم عليهم ثم قال : انى والله لأحب رياحكم وأرواحكم فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد ، واعلموا ان ولايتنا لا تنال الا بالورع والاجتهاد ، ومن ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله ، أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله ، وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون السابقون في الدنيا والسابقون في الاخرة الى الجنة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٨٦ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : لا يقع اسم الهجرة على أحد الا بمعرفة الحجة في الأرض ، فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر.

٢٨٧ ـ في مجمع البيان واختلف في أول من أسلم من المهاجرين فقيل : ان أول من أسلم خديجة بنت خويلد ثم على بن ابى طالب وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد الله وانس وزيد بن أرقم ومجاهد وقتادة وابن اسحق وغيرهم ، قال أنس : بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين وصلى على وأسلم يوم الثلثاء وقال مجاهد وابن اسحق : انه أسلم وهو ابن عشر سنين وكان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اخذه من ابى طالب وضمه الى نفسه يربيه في حجره ، وكان معه حتى بعث نبيا وروى ان أبا طالب قال لعلى عليه‌السلام اى بنى ما هذا الدين؟ ما هذا الذي أنت عليه؟ قال : يا أبه آمنت بالله وبرسوله وصدقته فيما جاء به وصليت معه لله ، فقال له : الا ان محمدا لا يدعو الا الى خير فالزمه.

٢٨٨ ـ وروى عبد الله بن موسى عن العلا بن صالح عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : انا عبد الله وأخو رسوله ، وانا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي الا كذاب مفتر ، صليت قبل الناس بسبع سنين.

٢٨٩ ـ وفي مسند السيد ابى طالب الهروي مرفوعا الى ابى أيوب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : صلت الملائكة على وعلى على عليه‌السلام سبع سنين وذلك انه لم يصل فيها أحد غيري وغيره.

٢٩٠ ـ وروى الحاكم ابو القاسم الحسكاني باسناده مرفوعا الى عبد الرحمان بن عوف في قوله سبحانه : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) قال : هم عشرة من قريش أولهم إسلاما على بن ابى طالب عليه‌السلام.

٢٩١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن أسباط

٢٥٦

ـ عن سليم مولى طربال قال : حدثني هشام عن حمزة بن الطيار قال : قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : الناس على ستة أصناف ، قال : قلت : تأذن ان أكتبها؟ قال : نعم ، قلت : ما اكتب؟ قال : اكتب (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) قال : من هؤلاء؟ قال وحشي منهم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩٢ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن حسان عن موسى بن بكر عن رجل قال قال ابو جعفر عليه‌السلام : (الذين خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) فأولئك قوم مؤمنون يحدثون في ايمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون ويكرهونها ، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم.

٢٩٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وقال الحسن عليه‌السلام الحبيب بن مسلمة الفهري : رب مسير لك في غير طاعة قال : اما مسيري الى أبيك فلا ، قال : بلى ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة ، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك فلو كنت إذا فعلت شرا قلت خيرا كنت كما قال الله عزوجل : (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) ولكنك كما قال : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ).

٢٩٤ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن خالد بن الحجاج الكرخي عن بعض أصحابه رفعه الى خيثمة قال قال ابو جعفر عليه‌السلام في قول الله : (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) (١) قال : قوم اجترحوا ذنوبا (٢) مثل قتل حمزة وجعفر الطيار ثم تابوا ثم قال : ومن قتل مؤمنا لم يوفق للتوبة الا ان الله لا يقطع طمع العباد فيه ورجاهم منه وقال هو [أ] وغيره ان عسى من الله واجب.

٢٩٥ ـ عن ابى بكر الحضرمي قال : قال محمد بن سعيد : سل أبا عبد الله عليه‌السلام : فاعرض عليه كلامي وقل له : انى أتولاكم وابرأ من عدوكم وأقول بالقدر وقولي فيه قولك؟

__________________

(١) وفي المصدر بعد قوله تعالى : وآخر سيئا هكذا : (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) وعسى من الله واجب وانما نزلت في شيعتنا المذنبين (المؤمنين خ ل) ، عن أحمد بن محمد بن أبى نصر رفعه الى الشيخ في قوله عملا تعالى : خلطوا صالحا وآخر سيئا ، قال قوم ... اه».

(٢) اجترح : اكتسب.

٢٥٧

ـ قال : فعرضت كلامه على ابى عبد الله عليه‌السلام فحرك يده ثم قال : (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) قال : ما أعرفه من موالي أمير المؤمنين.

٢٩٦ ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) قال : أولئك قوم مذنبون يحدثون في ايمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون ويكرهها ، «فأولئك عسى الله ان يتوب عليهم».

٢٩٧ ـ عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : من وافقنا من علوي أو غيره توليناه ومن خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره؟ قال : يا زرارة قول الله اصدق من قولك ، أين الذين (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً).

٢٩٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) نزلت في ابى لبابة بن عبد المنذر وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما حاصر بنى قريضة قالوا له : ابعث إلينا أبا لبابة نستشيره في أمرنا ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ايت حلفاءك ومواليك فأتاهم فقالوا له : يا أبا لبابة ما ترى أننزل على ما حكم محمد؟ فقال : انزلوا واعلموا ان حكمه فيكم هو الذبح وأشار الى حلقه ، ثم ندم على ذلك فقال : خنت الله ورسوله ، ونزل من حصنهم ولم يرجع الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومر الى المسجد وشد في عنقه حبلا ثم شدة الى الاسطوانة التي تسمى اسطوانة التوبة ، وقال : لا أحله حتى أموت أو يتوب الله على ، فبلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك فقال : اما لو أتانا لاستغفرنا له الله ، فاما إذا قصد الى ربه فالله أولى به ، وكان أبو لبابة يصوم النهار ويأكل بالليل ما يمسك به نفسه ، فكانت بنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة ، فلما كان بعد ذلك ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت أم سلمة نزلت توبته ، فقال : يا أم سلمة قد تاب الله على ابى لبابة ، فقالت : يا رسول الله أفأؤذنه بذلك؟ فقال : لتفعلن ، فأخرجت رأسها من الحجرة فقالت : يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك ، فقال : الحمد لله فوثب المسلمون ليحلوه ، فقال : لا والله حتى يحلني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء رسول الله فقال : يا أبا لبابة قد تاب الله

٢٥٨

ـ عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك فقال : يا رسول الله فأتصدق بمالي كله؟ قال : لا ، قال : فبثلثيه؟ قال : لا قال فبنصفه؟ قال : لا ، قال : فبثلثه؟ قال : نعم ، فأنزل الله : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) الى قوله : (أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

٢٩٩ ـ في مجمع البيان روى عن ابى جعفر الباقر عليه‌السلام انها نزلت في ابى لبابة ولم يذكر معه غيره ، وسبب نزولها فيه ما جرى في بنى قريضة حين قال : ان نزلتم على حكمه فهو الذبح.

٣٠٠ ـ في عوالي اللئالى وروى ان الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك لما نزل في حقهم : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) الآية وتاب الله عليهم قالوا : خذ من أموالنا صدقة يا رسول الله وتصدق بها وطهر نا من الذنوب ، فقال عليه‌السلام : ما أمرت ان آخذ من أموالكم شيئا ، فنزل : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) فأخذ منهم الزكاة المقررة شرعا.

٣٠١ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد وعبد الله ابن محمد عن على بن مهزيار قال : كتب اليه أبو جعفر عليه‌السلام وقرأت انا كتابه اليه في طريق مكة قال : الذي أوجبت في سنتي هذه ، وهذه سنة عشرين ومأتين فقط ، لمعنى من المعاني أكره تفسير المعنى كله خوفا من الانتشار وسأفسر لك بعضه إنشاء الله ، ان موالي ـ اسأل الله صلاحهم أو بعضهم ـ قصروا فيما يجب عليهم ، فعلمت ذلك فأحببت ان أطهرهم وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من امر الخمس ، قال الله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠٢ ـ في تفسير العياشي عن على بن حسان الواسطي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها)

٢٥٩

ـ جارية هي في الامام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : نعم.

٣٠٣ ـ عن زرارة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له قوله : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) أهو قوله : «وآتوا الزكاة»؟ قال قال : الصدقات في النبات والحيوان ، والزكاة في الذهب والفضة وزكوة الصوم.

٣٠٤ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد بن عامر باسناده رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من زعم ان الامام يحتاج الى ما في أيدي الناس فهو كافر ، انما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الامام قال الله عزوجل : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها)

٣٠٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : انى لاخذ من أحدكم الدرهم ، وانى لاكثر أهل المدينة مالا ما أريد بذلك الا ان تطهروا.

٣٠٦ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لما نزلت آية الزكاة : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) وأنزلت في شهر رمضان ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مناديه فنادى في الناس : ان الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلوة ففرض الله عزوجل عليهم من الذهب والفضة ، وفرض عليهم الصدقة من الإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، فنادى بهم بذلك في شهر رمضان وعفي لهم عما سوى ذلك ، قال : ثم لم يعرض بشيء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل ، فصاموا وأفطروا فأمر مناديه فنادى في المسلمين : ايها المسلمون زكوا أموالكم تقبل صلوتكم ، قال : ثم وجه عمال الصدقة وعمال الطسوق (١).

٣٠٧ ـ في مجمع البيان : «وصل عليهم» وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه كان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل عليهم ، قال عبد الله بن أبى أوفي وكان من أصحاب الشجرة فأتاه أبى بصدقته ، فقال : اللهم صل على آل ابى أوفي أورده البخاري ومسلم في الصحيح ،

٣٠٨ ـ في كتاب الخصال عن حفص بن غياث النخعي قال : قال ابو عبد الله

__________________

(١) الطسق ـ كفلس ـ : الوظيفة من خراج الأرض المقررة عليها فارسي معرب.

٢٦٠