تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

في لم الشعث وسد الخلل ، واقامة الحدود وتسرية الجيوش لفتح بلاد الكفر ، فلما أشفق على نبوته أشفق على خلافته ، وإذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري ان يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره الى مكان يستخفى فيه ، وانما أبات عليا عليه‌السلام على فراشه لما لم يكترث له ولم يحلف به (١) به لاستثقاله إياه وعلمه انه ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها ، فهلا نقضت دعواه بقولك : أليس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الخلافة بعدي ثلثون سنة ، فجعل هذه موقوفة على أعمار الاربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم ، وكان لا يجد بدا من قوله لك : بلى ، قلت له حينئذ : أليس كما علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الخلافة من بعده لأبي بكر علم انها من بعد أبى بكر لعمر : ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعلى عليه‌السلام فكان أيضا لا يجد بدا من قوله لك : نعم ، ثم كنت تقول له : فكان الواجب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يخرجهم جميعا على الترتيب الى الغار ويشفق عليهم كما أشفق على أبى بكر ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم ، وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم.

١٦٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن مسعود قال : احتجوا في مسجد الكوفة فقالوا : ما بال أمير المؤمنين عليه‌السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه‌السلام فأمر ان ينادى : الصلوة الجامعة ، فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : يا معشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا؟ قالوا : صدق أمير المؤمنين عليه‌السلام قد قلنا ذلك ، قال : ان لي بسنة الأنبياء قبلي أسوة فيما فعلت ، قال الله تعالى في محكم كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) قالوا : ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال : أولهم إبراهيم عليه‌السلام ، الى ان قال : ولى بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أسوة حين فر من قومه ولحق بالغار من خوفهم وأنا منى على فراشه ، فان قلتم فر من قومه بغير خوف منهم فقد كفرتم وان قلتم : خافهم وأنامنى على فراشه ولحق بالغار من خوفهم فالوصى أعذر.

١٦٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) قال شبانا وشيوخا يعنى

__________________

(١) فلان لا يكترث لهذا الأمر : لا يعبأ به وكذا قولهم «ما أحفل بفلان» اى ما أبالي به.

٢٢١

الى غزوة تبوك.

١٦٥ ـ في كتاب التوحيد حدثني ابى ومحمد بن الحسن رضى الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال الأسدي عن ثعلبة بن ميمون عن عبد الأعلى بن أعين عن أبي عبد الله عليه‌السلام في هذه الآية (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) انهم كانوا يستطيعون وقد كان في العلم انه (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً) لفعلوا.

١٦٦ ـ حدثني ابى ومحمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنهما قالا : حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن على بن عبد الله عن احمد بن محمد البرقي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) قال : اكذبهم الله عزوجل في قولهم : (لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ) وقد كانوا مستطيعين للخروج.

١٦٧ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام في قول الله : (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ) الاية انهم يستطيعون وقد كان في علم الله (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً) لفعلوا.

١٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود في قوله : (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً) يقول : غنيمة قريبة لاتبعوك.

١٦٩ ـ وقال على بن إبراهيم : في قوله : (وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) يعنى الى تبوك وذلك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يسافر سفرا ابعد منه ولا أشد منه ، وكان سبب ذلك ان الضيافة كانوا يقدمون المدينة من الشام معهم الدرموك والطعام وهم الأنباط (١) فأشاعوا بالمدينة ان الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في

__________________

(١) الدرموك : الدقيق الخالص. والأنباط جمع النبط : جيل ينزلون بالبطائح بين العراقين أو السواد على خلاف ذكره ابن منظور في اللسان.

٢٢٢

عسكر عظيم. وان هرقل قد سار في جنوده وجلب معهم غسان وجذام وبهراء وعاملة (١) وقد قدم عساكره البلقاء ونزل هو حمص (٢) فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله التهيؤ الى تبوك وهي من بلاد البلقاء وبعث الى القبائل حوله والى مكة والى من أسلم من خزاعة ومزينة وجهينة وحثهم على الجهاد ، وامر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعسكره فضرب في ثنية الوداع ، وامر أهل الجدة ان يعينوا من لا قوة به ومن كان عنده شيء أخرجه ، وحملوا وقووا وحثوا على ذلك ، وخطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال بعد أن حمدا لله واثنى عليه : ايها الناس ان اصدق الحديث كتاب الله وذكر الخطبة بتمامها ، قال : فرغب الناس لما سمعوا هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقدمت القبايل من العرب من استنفرهم وقعد عنه قوم من المنافقين وغيرهم ، ولقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الجد بن قيس فقال له : يا با وهب الا تنفر معنا في هذه الغزاة لعلك ان تحتفد من بنات الأصفر؟ (٣) فقال : يا رسول الله ان قومي ليعلمون انه ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء منى ، وأخاف ان خرجت معك ان لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر فلا تفتني وائذن لي أن أقيم ، وقال لجماعة من قومه : لا تخرجوا في الحر ، فقال ابنه : ترد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتقول ما تقول؟ ثم تقول لقومك لا تنفروا في الحر؟ والله لينزلن الله في هذا قرآنا يقرؤه الناس الى يوم القيمة ، فأنزل الله على رسوله في ذلك : و (مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) ثم قال الجد بن قيس أيطمع محمد ان حرب الروم مثل حرب غيرهم؟ لا يرجع من هؤلاء أحد أبدا.

١٧٠ ـ في عيون الاخبار باسناده الى على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه‌السلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من

__________________

(١) أسماء قبائل.

(٢) قال الحموي : البلقاء : كورة من اعمال دمشق بين الشام ووادي القرى. وحمص : بلد معروف بالشام.

(٣) حفد فلانا : خدمه واحتفد بمعنى حفد. وبنو الاسفر : الروم وقيل : سموا بذلك لان أباهم الاول كان اصفر اللون ، وهو روم بن عيصو بن اسحق بن إبراهيم.

٢٢٣

قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عزوجل الى أن قال فأخبرنى عن قول الله عزوجل : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) قال الرضا عليه‌السلام : هذا مما نزل بإياك أعنى واسمعي يا جاره (١) خاطب الله تعالى بذلك نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأراد به أمته ، وكذلك قول الله عزوجل : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) وقوله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) قال : صدقت يا ابن رسول الله.

١٧١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) يقول : لتعرف أهل العذر والذين جلسوا بغير عذر.

١٧٢ ـ وفي رواية على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) الى قوله تعالى (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) اى لهربوا عنكم.

قال عز من قائل (فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ).

١٧٣ ـ في كتاب الخصال عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : ومن تردد في الريب سبقه الأولون وأدركه الآخرون وقطعته سنابك الشياطين (٢).

١٧٤ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : ومن تردد في الريب وطأته سنابك الشياطين.

١٧٥ ـ في تفسير العياشي عن المغيرة قال : سمعته يقول في قول الله : و (لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) قال : يعنى بالعدة النية ، يقول : لو كان لهم نية

__________________

(١) هذا من أمثال العرب يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره ، وقيل : ان أول من قال ذلك سهل بن مالك الغزاري وذكر قصته الميداني في مجمع الأمثال (ج ١ : ص ٥٠ ـ ٥١. ط مصر)

(٢) سنابك جمع سنبك ـ كقنفذ ـ : طرف مقدم الحافر ، وفي الرواية مبني على الاستعارة.

٢٢٤

لخرجوا.

١٧٦ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إذا أردتم الحج فتقدموا في شراء الحوائج ببعض ما يقوتكم على السفر فان الله يقول : (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً). قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه» قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي) الاية قد سبق بيانه وفيمن نزل في تفسير قوله تعالى : (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً) عن على ابن إبراهيم قدس‌سره.

١٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ) اما الحسنة فالغنيمة والعافية ، واما المصيبة فالبلاء والشدة (يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) وقوله عزوجل : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) يقول : الغنيمة والجنة الى قوله : (إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ).

١٧٨ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن عباس عن الحسن بن عبد الرحمان عن عاصم بن حميد عن ابى حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : قوله عزوجل : (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) قال : اما موت في طاعة الله أو ادراك ظهور امام (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ) بهم مع ما نحن فيه من الشدة (أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ) قال : هو المسح (أَوْ بِأَيْدِينا) وهو القتل ، قال الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : «قل تربصوا فانا معكم متربصون» والتربص انتظار وقوع البلاء بأعدائهم.

١٧٩ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وكذلك المرء المسلم البريء من الخيانة ينتظر احدى الحسنيين اما داعي الله فما عند الله خير له ، واما رزق الله فاذا هو ذو أهل ومال ومعه دينه وحسبه.

١٨٠ ـ في روضة الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن على بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن ابى امية يوسف بن ثابت بن ابى سعيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال في حديث طويل : والله لو ان رجلا صام النهار وقام الليل ثم لقى الله

٢٢٥

عزوجل بغير ولايتنا أهل البيت للعنه الله وهو عنه غير راض أو ساخط عليه ، ثم قال : وذلك قول الله عزوجل : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) ثم قال : وكذلك الايمان لا يضر معه العمل ، وكذلك الكفر لا ينفع معه العمل.

١٨١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : فكل عمل يجرى على غير أيدى الأصفياء (الأوصياء خ ل) وحدودهم وعهودهم وشرائعهم وسننهم ومعالم دينهم مردود غير مقبول ، وأهله بمحل كفر وان شملتهم صفة الايمان ألم تسمع الى قول الله تعالى : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) فمن لم يهتد من أهل الايمان الى سبيل النجاة لم يغن عنه ايمانه بالله مع دفع حق أوليائه ، وحبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.

١٨٢ ـ في أصول الكافي محمد بن عيسى عن يونس عن ابن بكير عن ابى امية يوسف بن ثابت قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا يضر مع الايمان عمل ، ولا ينفع مع الكفر عمل ، ألا ترى انه قال : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) وماتوا وهم كافرون.

١٨٣ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن ثعلبة عن ابى امية يوسف بن ثابت بن ابى سعدة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الايمان لا يضر معه عمل وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل.

١٨٤ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لا يقومن أحدكم في الصلوة متكاسلا ولا ناعسا ، ولا ينكرون في نفسه فانه بين يدي الله عزوجل ، وانما للعبد من صلوته ما اقبل عليه منها.

١٨٥ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن عيسى عن على ابن الحكم عن أبى المغرا عن زيد الشحام عن عمرو بن سعيد بن هلال عن ابى عبد الله

٢٢٦

عليه‌السلام قال : قال أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث والورع والاجتهاد واعلم انه لا ينفع اجتهاد لا ورع معه ، وإياك أن تطمح نفسك (١) الى من فوقك ، وكفي بما قال الله عزوجل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨٦ ـ في مجمع البيان أو مدخلا قيل أسرابا (٢) في الأرض عن ابن عباس وابى جعفر عليه‌السلام.

١٨٧ ـ ابو سعيد الخدري قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقسم قسما ـ وقال ابن عباس : كانت غنايم هوازن يوم حنين ـ إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي وهو حرقوص ابن زهير أصل الخوارج فقال : اعدل يا رسول الله. فقال : ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ فقال عمر : يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : دعه فان له أصحابا يحتقر أحدكم صلوته مع صلوتهم وصومهم (٣) مع صومه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء (٤) وقد سبق الفرث والدم صاحب رايتهم رجل اسود في أحدى قدميه (٥) ـ أو قال في احدى يديه ـ مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر (٦) يخرجون على فترة من الناس ـ وفي حديث آخر فاذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ـ فنزلت : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ) الآية

__________________

(١) طمح بصره الى فلان : ارتفع ونظره شديدا.

(٢) أسراب جمع سرب ـ محركة ـ : جحر الوحشي. الحفير تحت الأرض.

(٣) وفي المصدر «وصيامه مع صيامهم».

(٤) مرق من الدين : خرج منه ببدعة أو ضلالة. والقذذ : ريش السهم. والنصل : حديدته والرصاف ، العقب الذي يلوى على مدخل النصل.

(٥) وفي المصدر «ثدييه» مكان «قدميه».

(٦) البضعة ، القطعة من اللحم. وتدردر اى تمزمز وترجرج تجيء وتذهب والأصل تتدردر فحذفت احدى التائين تخفيفا ، قاله في النهاية.

٢٢٧

قال ابو سعيد الخدري : أشهد انى سمعت هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأشهد ان عليا عليه‌السلام حين قتلهم وانا معه جيء بالرجل على النعت الذي نعته رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رواه الثعلبي باسناده في تفسيره.

١٨٨ ـ في أصول الكافي على عن أبيه عن ابن ابى عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن اسحق بن غالب قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : كم ترى أهل هذه الآية : (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ) قال : ثم قال : هم أكثر من ثلثي الناس.

١٨٩ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبان بن عثمان عن صباح بن سيابة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أيما مؤمن أو مسلم مات وترك دينا ولم يكن في فساد ولا إسراف فعلى الامام أن يقضيه فان لم يقضه فعليه اثم ذلك ان الله تبارك وتعالى يقول : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) الآية فهو من الغارمين وله سهم عند الامام فان حبسه فإثمه عليه.

١٩٠ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة ومحمد بن مسلم انهما قالا لأبي عبد الله عليه‌السلام : أرأيت قول الله عزوجل : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) أكل هؤلاء يعطى وان كان لا يعرف؟ فقال : ان الامام يعطى هؤلاء جميعا لأنهم يقرون له بالطاعة ، قال : قلت : فان كانوا لا يعرفون؟ فقال : يا زرارة لو كان يعطى من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع ، وانما يعطى من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه ، فاما اليوم فلا تطعها أنت وأصحابك الا من يعرف. فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس ثم قال : سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام (١) والباقي خاص ، قال : قلت : فان لم يوجدوا؟ قال : لا يكون فريضة فرضها الله عزوجل لا يوجد لها أهل قال : قلت : فان لم تسعهم الصدقات؟ فقال : ان الله فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ، ولو علم ان ذلك

__________________

(١) وفي بعض النسخ «عام عام».

٢٢٨

لا يسعهم لزادهم انهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله ، ولكن أوتوا (١) من منع من منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم ولو ان الناس أدوا حقوقهم لكانوا عايشين بخير.

١٩١ ـ على بن إبراهيم عن احمد بن محمد عن محمد بن خالد عن عبد الله بن يحيى عن عبد الله بن مسكان عن ابى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله عزوجل : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) قال : الفقير الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم ، فكل ما فرض الله عزوجل عليك فإعلانه أفضل من اسراره ، وكل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه ، ولو ان رجلا حمل زكوة ماله فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا.

١٩٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال : كنت قاعدا عند أبى عبد الله عليه‌السلام بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد الى أن قال : قال عليه‌السلام لعمرو بن عبيد : ما تقول في الصدقة؟ فقرأ عليه الاية : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) الى آخر الاية ، قال : نعم فكيف تقسمها؟ قال : أقسمها على ثمانية أجزاء ، فاعطى كل جزء من الثمانية جزءا قال : وان كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلثة جعلت لهذا الواحد ما جعلت للعشرة آلاف؟ قال نعم ، قال : وتجتمع صدقات أهل الحضر وأهل البوادي وتجعلهم فيها سواء؟ قال : نعم قال : فقد خالفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ما قلت في سيرته ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقسم صدقة أهل البوادي

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا الوافي وغيره «أتوا» بدون الواو قال الفيض (ره) : قوله : «أتوا» على المجهول من الإتيان بمعنى المجيء يعنى ان الفقراء لم يصابوا بالفقر والمسكنة من قلة قدر الفريضة المقدرة لهم في أموال الأغنياء ، وانما يصابون بالفقر والذلة ، ويدخل عليهم ذلك في جملة ما دخل عليهم من البلاء من منع الأغنياء عنهم الفريضة المقدرة لهم في أموالهم «انتهى» وقال بعض المحشين : «أتوا» من أتى يأتى اتيانا ، أتى عليه الدهر : أهلكه لا من آتاه بمعنى أعطاه ، قال : والمعنى انهم لم يهلكوا بالآجال الحتمية من الله بل انما هلكوا بسبب منع من منعهم حقهم.

٢٢٩

في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسمه بينهم بالسوية وانما يقسمه على قدر ما يحضره منهم وما يرى ، وليس في ذلك شيء موقت موظف ، وانما يصنع ذلك بما يرى على قدر ما يحضر منهم فان كان في نفسك مما قلت شيء فالق فقهاء أهل البصرة فإنهم لا يختلفون في ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كذا كان يصنع.

١٩٣ ـ في مجمع البيان قيل : ان الفقير هو المتعفف الذي لا يسأل ، والمسكين الذي يسأل عن ابن عباس والحسن والزهري ومجاهد ذهبوا الى ان المسكين مشتق من المسكنة بالمسألة وروى ذلك عن ابى جعفر الباقر عليه‌السلام.

١٩٤ ـ وقيل : ان الفقير الذي يسأل والمسكين الذي لا يسأل ، وجاء في الحديث ما يدل على ذلك فقد روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ليس المسكين الذي ترده الاكلة والاكلتان والتمرة والتمرتان ، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى فيغنيه ، ولا يسأل الناس شيئا ولا يفطن به فيتصدق عليه.

١٩٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وبين الصادق عليه‌السلام من هم؟ فقال : الفقراء هم الذين لا يسألون وعليهم مؤنات من عيالهم والدليل على انهم هم الذين لا يسألون قول الله عزوجل في سورة البقرة : (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) والمساكين هم أهل الزمانة من العميان والعرجان (١) والمجذومين وجميع أصناف الزمنى الرجال والنساء والصبيان «والعالمين عليها» السعاة والجباة في أخذها وجمعها وحفظها حتى يؤدوها الى من يقسمها (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) قوم وحدوا الله ولم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ويعلمهم كيما يعرفوا ، فجعل الله عزوجل لهم نصيبا في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا

١٩٦ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : المؤلفة قلوبهم أبو سفيان بن حرب بن امية ، وسهيل بن عمرو وهو من بنى عامر بن الوى ، وهمام بن عمرو وأخوه و

__________________

(١) جمع الأعرج.

٢٣٠

صفوان بن امية بن خلف القرشي ثم الجمحي والأقرع بن حابس التميمي ، ثم أحد بن حازم (١) وعيينة بن حصين الفزاري ، ومالك بن عوف وعلقمة بن علاثة بلغنا ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعطى الرجل منهم مأة من الإبل ورعاتها وأكثر من ذلك وأقل.

١٩٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن موسى بن بكر وعلى بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل جميعا عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : المؤلفة قلوبهم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من دون الله ولم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ويعرفهم لكي ما يعرفوا ويعلمهم.

١٩٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : «والمؤلفة» قال : هم قوم وحدوا الله عزوجل وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله ، وشهدوا أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فامر الله عزوجل نبيه أن يتألفهم بالمال والعطاء لكي يحسن إسلامهم ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقروا به ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم حنين تألف روساء العرب من قريش وساير مضر ، منهم ابو سفيان بن حرب وعيينة بن حصين الفزاري وأشباههم من الناس ، فغضبت الأنصار واجتمعت الى سعد بن عبادة فانطلق بهم الى رسول الله بالجعرانة (٢) فقال : يا رسول الله أتأذن لي في الكلام؟ فقال : نعم فقال : ان كان هذا الأمر من هذه الأموال التي قسمت بين قومك شيئا أنزله الله رضينا ، وان كان غير ذلك لم ترض قال زرارة وسمعت

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «ثم عمر أحد بنى حازم ، وفي البرهان «والأقرع بن حابس التميمي أحد بنى حازم» والكل لا تخلو عن السقط أو التصحيف والظاهر هكذا : «الأقرع بن حابس التميمي أحد بنى دارم».

(٢) في القاموس : الجعرانة : موضع بين طائف ومكة ، وفي المصباح : على سبعة أميال من مكة. «انتهى» وهي أحد حدود الحرم وميقات سمعيت للإحرام ، باسم ريطة بنت سعد وكانت تلقب بالجعرانة وهي التي إليها قوله تعالى (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً).

٢٣١

أبا جعفر عليه‌السلام يقول فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معشر الأنصار اكلكم على قول سيدكم سعد؟ فقالوا : سيدنا الله ورسوله ، ثم قالوا في الثالثة : نحن على مثل قوله ورأيه فقال زرارة فسمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : فحط الله نورهم وفرض للمؤلفة قلوبهم سهما في القرآن.

١٩٩ ـ على عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : المؤلفة قلوبهم لم يكونوا قط أكثر منهم اليوم.

٢٠٠ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن حسان عن موسى بن بكر عن رجل قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام : ما كانت المؤلفة قلوبهم قط أكثر منهم اليوم وهم قوم وحدوا الله وخرجوا من الشرك ولم تدخل معرفة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قلوبهم وما جاء به ، فتألفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتألفهم المؤمنون بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لكيما يعرفوا.

٢٠١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال بعد ان قال : وبين الصادق عليه‌السلام من هم الى آخر رواية ابى الجارود اعنى قوله وأكثر من ذلك وأقل رجع الى تفسير على بن إبراهيم (ره) «وفي الرقاب» قوم قد لزمهم كفارات في قتل الخطأ وفي الظهار وقتل الصيد في الحرم وفي الايمان ، وليس عندهم ما يكفرون وهم مؤمنون ، فجعل الله عزوجل لهم سهما في الصدقات ليكفر عنهم.

٢٠٢ ـ في كتاب من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه‌السلام عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدى بعضها؟ قال : يؤدى عنه من مال الصدقة ، ان الله عزوجل يقول في كتابه : «وفي الرقاب».

٢٠٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن موسى بن بكر قال : قال لي أبو الحسن عليه‌السلام : من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه وعياله كان كالمجاهد في سبيل الله. فان غلب عليه فليستدن على الله وعلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما يقوت به عياله ، فان مات ولم يقضه كان على الامام قضائه فان لم يقضه كان عليه وزره ، ان الله عزوجل يقول : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ

٢٣٢

ـ عَلَيْها) الى قوله : (وَالْغارِمِينَ) فهو فقير مسكين مغرم.

٢٠٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سليمان عن رجل من أهل الجزيرة يكنى أبا محمد قال : سأل الرضا عليه‌السلام رجل وانا اسمع فقال له : جعلت فداك ان الله تبارك وتعالى يقول : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) أخبرنى عن هذه النظرة التي ذكرها الله في كتابه لها حد يعرف إذا صار هذا المعسر لا بد له من ان ينظر وقد أخذ مال هذا الرجل وأنفقه على عياله ، وليس له غلة ينتظر إدراكها ، ولا دين ينتظر محله ، ولا مال غائب ينتظر قدومه؟ قال : ينتظر بقدر ما ينتهى خبره الى الامام فيقضى عنه ما عليه من سهم الغارمين ، إذا كان أنفقه في طاعة الله فان كان أنفقه في معصية الله فلا شيء له على الامام ، قلت : فمال هذا الرجل الذي ائتمنه وهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة الله أم في معصيته؟ قال : يسعى له في ماله فيرده وهو صاغر. قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه» : قد نقلت في أول بيان هذه الاية عن أصول الكافي حديثا فيه ذكر الغارمين.

٢٠٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال متصلا بآخر ما نقلنا عنه عند قوله «وفي الرقاب» : [اعنى] ليكفر عنهم «والغارمين» قوم قد وقعت عليهم ديون انفقوهما في طاعة الله عزوجل من غير إسراف ، فيجب على الامام ان يقضى ذلك عنهم ويفكهم من مال الصدقات. «وفي سبيل الله» قوم يخرجون في الجهاد وليس عندهم ما ينفقون ، أو قوم من المسلمين ليس عندهم ما يحجون به أو في جميع سبل الخير فعلى الامام ان يعطيهم من مال الصدقات حتى ينفقونه على الحج والجهاد.

٢٠٦ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى الحسين بن عمر قال : قلت لأبي ـ عبد الله عليه‌السلام : ان رجلا اوصى الى في السبيل؟ قال اصرفه في الحج ، قال قلت : انه اوصى الى في السبيل؟ قال : اصرفه في الحج فانى لا اعرف سبيلا من سبله أفضل من الحج.

٢٠٧ ـ حدثنا ابى رحمه‌الله قال : حدثنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا محمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الأشعري عن محمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن راشد قال : سألت أبا الحسن العسكري عليه‌السلام بالمدينة عن رجل اوصى بمال في سبيل الله؟ قال :

٢٣٣

ـ سبيل الله شيعتنا.

٢٠٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال متصلا بقوله على الحج والجهاد «وابن السبيل» أبناء الطريق الذين يكونون في الاسفار في طاعة الله فيقطع عليهم ويذهب مالهم ، فعلى الامام ان يردهم الى أوطانهم من مال الصدقات ، والصدقات : تتجزى ثمانية أجزاء ، فيعطى كل إنسان من هذه الثمانية على قدر ما يحتاجون اليه بلا إسراف ولا تقتير (١) مفوض ذلك الى الامام يعمل بما فيه الصلاح.

٢٠٩ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام كلام طويل في الفرق بين العترة والامة يقول فيه عليه‌السلام في شأن ذي القربى فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم قاله عليه‌السلام بعد ان ذكر قوله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ) الاية ثم قال عليه‌السلام : وكذلك ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى كما أجراهم في الغنيمة ، فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم وقرن سهمهم بسهمه وسهم رسوله ، وكذلك في الطاعة قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته ، وكذلك آية الولاية : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته ، كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفيء فتبارك الله وتعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت ، فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته فقال : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) فهل تجد في شيء من ذلك انه عزوجل سمى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى؟ لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله نزه أهل بيته ، لا بل حرم عليهم لان الصدقة محرمة على محمد وآله ، وهي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس ووسخ ، فلما طهرهم واصطفاهم رضى لهم ما رضى لنفسه ، وكره لهم ما كره لنفسه.

٢١٠ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : لا تحل الصدقة لبني

__________________

(١) التقتير : التضييق على العيال في النفقة.

٢٣٤

ـ هاشم الا في وجهين ان كانوا عطاشا فأصابوا ماء فشربوا ، وصدقة بعضهم على بعض.

٢١١ ـ في من لا يحضره الفقيه : وروى السكوني عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه سئل عن رجل يوصى بسهم من ماله؟ فقال : السهم واحد من ثمانية لقول الله عزوجل : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ).

٢١٢ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد ابن عيسى عن صفوان بن يحيى قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن رجل اوصى بسهم من ماله ولا ندري السهم أى شيء هو؟ فقال : ليس عندكم فيما بلغكم عن جعفر وابى جعفر عليهما‌السلام فيها شيء؟ قلت له : جعلت فداك ما سمعنا أصحابنا يذكرون شيئا في هذا عن آبائك عليهم‌السلام قال : السهم واحد من ثمانية ، فقلت : جعلت فداك كيف صار واحدا من ثمانية؟ فقال : ما تقرأ كتاب الله عزوجل؟ فقلت : جعلت فداك انى لاقرأه ولكن لا أدري اين موضعه فقال : قول الله عزوجل : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ثم عقد بيده ثمانية ، قال : وكذلك قسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ثمانية أسهم والسهم واحد من ثمانية.

٢١٣ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن يعقوب عن أحمد بن إدريس عن محمد ابن عبد الجبار ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان بن يحيى عن عيص بن القاسم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان أناسا من بنى هاشم أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي وقالوا : يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله تعالى للعاملين عليها فنحن أولى به فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بنى عبد المطلب ان الصدقة لا تحل لي ولا لكم ، ولكني قد وعدت الشفاعة ، ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اشهد لقد وعدها فما ظنكم يا بنى عبد المطلب إذا أخذت بحلقة باب الجنة أتروني مؤثرا عليكم غيركم؟

٢١٤ ـ سعد بن عبد الله عن موسى بن الحسن عن محمد بن عبد الحميد عن المفضل ابن صالح عن أبى أسامة زيد الشحام عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الصدقة التي

٢٣٥

ـ حرمت عليهم؟ فقال : هي الزكاة المفروضة ، ولم يحرم علينا صدقة بعضنا على بعض

٢١٥ ـ محمد بن على بن محبوب عن احمد بن محمد عن الحسين عن النضر عن ابن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لا تحل الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بنى هاشم.

٢١٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» باسناده الى محمد بن على الباقر عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه وقد ذكر عليا عليه‌السلام وما أوصى الله فيه : وذكر المنافقين والآثمين والمستهزئين بالإسلام وكثرة إذا هم لي حتى سموني إذنا ، وزعموا انى كذلك لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه حتى انزل الله عزوجل في ذلك : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ) على الذين يزعمون انه (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) الآية ، ولو شئت ان اسمى بأسمائهم لسميت وان أومى إليهم بأعيانهم لأومأت ، وان أدل عليهم لدللت ، ولكني والله في أمورهم قد تكرمت.

٢١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) فانه كان سبب نزولها ان عبد الله بن نفيل كان منافقا ، وكان يقعد الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيسمع كلامه وينقله الى المنافقين وينم عليه ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ان رجلا ينم عليك وينقل حديثك الى المنافقين ، فقال رسول الله : من هو؟ فقال : الرجل الأسود الكثير شعر الرأس ينظر بعينين كأنهما قدران ، وينطق بلسان الشيطان ، فدعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره فحلف انه لم يفعل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد قبلت ذلك منك فلا تقعد ، فرجع الى أصحابه فقال : ان محمدا اذن أخبره الله انى أنم عليه وانقل اخباره فقبل ، وأخبرته انى لم افعل ذلك فقبل ، فانزل الله على نبيه : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) اى يصدق الله فيما يقول له ويصدقك فيما تعتذر اليه في الظاهر ولا يصدقك في الباطن ، وقوله عزوجل : «ويؤمن للمؤمنين» يعنى المقرين بالايمان من غير اعتقاد.

٢١٨ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حماد بن

٢٣٦

ـ عيسى عن حريز عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام لابنه اسمعيل : يا بنى ان الله عزوجل يقول في كتابه : يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين يقول : يصدق الله ويصدق للمؤمنين ، فاذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم.

٢١٩ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن حماد بن بشير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : انى أردت ان أستبضع بضاعة الى اليمن فأتيت أبا جعفر عليه‌السلام فقلت له : انى أريد ان أستبضع فلانا فقال لي : اما علمت انه يشرب الخمر؟ فقلت : قد بلغني من المؤمنين انهم يقولون ذلك ، فقال لي : صدقهم فان الله عزوجل يقول : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) (١).

٢٢٠ ـ في تفسير العياشي عن ابى عبد الله عليه‌السلام مثل الحديث الأخير وزاد فيه فقال : يعنى يصدق الله ويصدق المؤمنين ، لأنه كان رؤفا رحيما بالمؤمنين.

٢٢١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) قال : كان قوم من المنافقين لما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى تبوك يتحدثون فيما بينهم ويقولون : أيرى محمد ان حرب الروم مثل حرب غيرهم لا يرجع منهم أحد أبدا ، فقال بعضهم : ما أخلفه ان يخبر الله محمدا بما كنا فيه وبما في قلوبنا وينزل عليه بهذا قرآنا يقرأه الناس ، وقالوا هذا على حد الاستهزاء فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعمار بن ياسر : الحق القوم فإنهم قد احترقوا ، فلحقهم عمار فقال : ما قلتم؟ قالوا : ما قلنا شيئا انما كنا نقول شيئا على حد اللعب والمزاح فأنزل الله : و (لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ) أبا لله وآياته ورسله كنتم تستهزئون.

٢٢٢ ـ في مجمع البيان (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ) الآيات «النزول» قيل : نزلت في

__________________

(١) وفي هذه الرواية انه خالف أباه واستبضعه فضيعها الى غير ذلك مما لا يناسب شأن الامام عليه‌السلام ولذلك قال الفيض (ره) في الوافي وقد مر في معنى هذا الخبر حديث آخر الا انه نسب هناك هذا الاستبضاع الى إسماعيل بن جعفر والنهى عنه الى أبيه وكانت الأصح لتنزه الامام عليه‌السلام عن مخالفة أبيه.

٢٣٧

ـ اثنى عشر رجلا وقفوا على العقبة ليقتلوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند رجوعه من تبوك ، فأخبر جبرئيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك فأمره ان يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم فضربها حتى نحاهم ، فلما نزل قال لحذيفة : من عرفت من القوم؟ فقال : لم أعرف منهم أحدا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انه فلان بن فلان حتى عددهم (١) فقال حذيفة ألا تبعث إليهم فنقتلهم؟ فقال : أكره أن تقول العرب لما ظفر بأصحابه اقبل يقتلهم. عن ابن كيسان وروى عن ابى جعفر عليه‌السلام مثله ، الا انه قال : ائتمروا بينهم ليقتلوه ، وقال بعضهم لبعض : ان فطن نقول : (إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) وان لم يفطن نقتله.

٢٢٣ ـ في تفسير العياشي عن صفوان الجمال قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ما أنزل الله من السماء كتابا الا وفاتحته بسم الله الرحمن الرحيم ، وانما كان يعرف انقضاء السورة بنزول بسم الله الرحمان الرحيم ابتداء للأخرى.

٢٢٤ ـ عن جابر الجعفي قال أبو جعفر عليه‌السلام : نزلت هذه الآية : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) الى قوله «نعذب طائفة» قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام تفسير هذه الآية؟ قال : تفسيرها والله ما نزلت آية قط الا ولها تفسير ، ثم قال : نعم نزلت في عدد بنى امية والعشرة معها (٢) انهم اجتمعوا اثنى عشر فكمنوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليقتل (٣) فانزل الله هذه الآية : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) قال الله لنبيه (قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ) يعنى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله (كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً).

٢٢٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) قال : هؤلاء قوم كانوا مؤمنين صادقين ،

__________________

(١) وفي المصدر «حتى عدهم كلهم».

(٢) وفي المصدر «نزلت في التيمي والعدوى والعشرة معهما» والموجود هنا موافق لبعض نسخ المصدر أيضا كما حكى في ذيله.

(٣) وفي المصدر «فكمنوا الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وائتمروا بينهم ليقتلوه فقال بعضهم لبعض : ان فطن نقول : (إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) وان لم يفطن لنقتلنه فانزل الله ... اه».

٢٣٨

ـ ارتابوا وشكوا ونافقوا بعد ايمانهم ، وكانوا أربعة نفر ، وقوله : (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ) كان أحد الاربعة مخشى بن الحمير (١) فاعترف وتاب وقال : يا رسول الله أهلكنى اسمى فسماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عبد الله بن عبد الرحمان ، فقال : يا رب اجعلني شهيدا حيث لا يعلم أحد أين أنا ، فقتل يوم اليمامة ولم يعلم أين قتل ، فهو الذي عفي الله عنه.

٢٢٦ ـ في مجمع البيان (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً) وروى ان هاتين الطائفتين كانوا ثلثة نفر ، فهزأ اثنان وضحك واحد ، وهو الذي تاب من نفاقه واسمه مخشى بن حمير فعفي الله عنه.

٢٢٧ ـ في عيون الاخبار باسناده الى عبد العزيز بن مسلم قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) فقال : ان الله لا يسهو ولا ينسى ، وانما ينسى ويسهو المخلوق والمحدث ، الا تسمعه عزوجل يقول : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) وانما يجازى من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم ، كما قال تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) وقال عزوجل : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) اى نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا. وفي كتاب التوحيد مثله سواء.

٢٢٨ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل ، يقول فيه عليه‌السلام : وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من آيات الكتاب : اما قوله : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) انما يعنى نسوا الله في دار الدنيا لم يعملوا بطاعته فنسيهم في الآخرة ، اى لم يجعل لهم في ثوابه شيئا ، فصاروا منسيين من الخير ، وقد يقول العرب في باب النسيان قد نسينا فلان فلا يذكرنا ، اى انه لم يأمر لهم بخير ولا يذكرهم به.

٢٢٩ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام «نسوا الله» قال :

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر ولما سيأتى من رواية الطوسي (ره) في المجمع لكن في الأصل «مختبر» بدل «مخشى» ومع ذلك فقد اختلف التراجم في اسم الرجل ففي بعضها «مخشن» بالنون وفي آخر «مخشى» كما في الكتاب. راجع أسد الغابة ج ٤ : ٣٣٨ والاصابة ج ٣ : ٣٨٢. وسيرة ابن هشام ج ٢ : ٥٢٤ وغيرها.

٢٣٩

ـ تركوا طاعة الله «فنسيهم» قال : فتركهم.

٢٣٠ ـ عن ابى معمر السعدي قال : قال على عليه‌السلام في قول الله : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) فانما يعنى انهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا بالطاعة ولم يؤمنوا به وبرسوله فنسيهم في الاخرة اى لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا ، فصاروا منسيين من الخير.

٢٣١ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن على بن الحسين عن على بن ابى حمزة عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : و (الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) قال : أولئك قوم لوط ايتفكت عليهم انقلبت عليهم.

٢٣٢ ـ في من لا يحضره الفقيه روى جويرية بن مسهر انه قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام من قتل الخوارج حتى إذا قطعنا في ارض بابل حضرت صلوة العصر فنزل أمير المؤمنين ونزل الناس ، فقال على عليه‌السلام : ايها الناس ان هذه الأرض ملعونة قد عذبت في الدهر ثلث مرات ، وفي خبر آخر : مرتين ، وهي تتوقع الثالثة وهي احدى المؤتفكات والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

٢٣٣ ـ في تفسير العياشي عن صفوان الجمال قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام بابى أنت وأمي تأتينى المرأة المسلمة قد عرفتني بعملي وعرفتها بإسلامها وحبها إياكم وولايتها لكم وليس لها محرم قال : فاذا جائتك المرأة المسلمة فاحملها ، فان المؤمن محرم المؤمنة وتلا هذه الآية و (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ).

٢٣٤ ـ عن يونس (١) عن على بن الحسين عليهما‌السلام قال إذا صار أهل الجنة في الجنة ودخل ولى الله جناته ومساكنه ، واتكى كل مؤمن منهم على أريكته حفته خدامه وتهدلت عليه الثمار (٢) وتفجرت حوله العيون وجرت من تحته الأنهار ، وبسطت له الزرابي ، وصففت له النمارق (٣) وأتته الخدام بما شاءت شهوته من قبل ان يسألهم.

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «ثوير» يدل «يونس» ويحتمل التصحيف.

(٢) تهدلت الثمرة : تدلت اى تعلقت واسترسلت.

(٣) الزرابي ـ بتشديد الياء ـ جمع الزريبة : البساط ذو الخمل وحكى عن المؤرج*

٢٤٠