تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

٩٢ ـ في تفسير العياشي عن عجلان عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) الى : (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) فقال : أبو فلان.

٩٣ ـ عن الحسن بن على بن فضال قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام للحسن ابن أحمد : اى شيء السكينة عندكم؟ قال : لا أدرى جعلت فداك أى شيء هو؟ فقال : ريح من الجنة تخرج طيبة لها صورة كصورة وجه لإنسان ، فتكون مع الأنبياء.

٩٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن أسباط عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قال على بن أسباط : وسألته فقلت : جعلت فداك ما السكينة؟ قال : ريح من الجنة لها وجه كوجه الإنسان أطيب ريحها من المسك وهي التي أنزلها الله على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحنين فهزم المشركين.

٩٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وهو القتل و (ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) قال : وقال رجل من بنى نضر بن معاوية يقال له شجرة بن ربيعة للمؤمنين وهو أسير في أيديهم : اين الخيل البلق والرجال عليهم الثياب البيض فانما كان قتلنا بأيديهم وما كنا نراكم فيهم الا كهيئة الشامة (١) قالوا : تلك الملائكة.

٩٦ ـ في روضة الكافي حميد بن زياد عن عبد بن أحمد الدهقان عن على بن الحسن الطاطري عن محمد بن زياد بياع السابري عن أبان عن عجلان أبى صالح قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قتل على بن أبى طالب عليه‌السلام بيده يوم حنين أربعين.

٩٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن الفضيل بن عياض الى ان قال : وباسناده عن المنقري عن حفص بن غياث عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سأل رجل ابى عن حروب أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان السائل من محبينا فقال له ابو جعفر عليه‌السلام : بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بخمسة أسياف ثلثة منها شاهرة فلا تغمد (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) ، ولن تضع الحرب أوزارها

__________________

(١) الشامة : بمعنى الخال.

٢٠١

حتى تطلع الشمس من مغربها فاذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم في ذلك اليوم الى قوله عليه‌السلام والسيف الثاني على أهل الذمة لشمس قال الله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) ثم نسخها قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم الا الجزية أو القتل وما لهم في ذراريهم سبى فاذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم وحرمت أموالهم وحلت لنا مناكحتهم ، ومن كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم وأموالهم ، ولم تحل لنا مناكحتهم ولم يقبل منهم الا الدخول في دار السلام أو الجزية أو القتل.

٩٨ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابى يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن المجوس أكان لهم نبي؟ فقال : نعم أما بلغك كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أهل مكة ان أسلموا والا (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ) ، فكتبوا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن خذ منا الجزية ودعنا على عبادة الأوثان ، فكتب إليهم النبي : انى لست آخذ الجزية الا من أهل الكتاب ، فكتبوا اليه ـ يريدون بذلك تكذيبه ـ : زعمت انك لا تأخذ الجزية الا من أهل الكتاب ثم أخذت الجزية من مجوس هجر (١) فكتب إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان المجوس كان لهم نبي فقتلوه وكتاب أحرقوه ، أتاهم نبيهم بكتابهم في اثنى عشر الف جلد ثور.

٩٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى الزهري عن على بن الحسين عليهما‌السلام قال : سألته عن النساء كيف سقطت الجزية ورفعت عنهن؟ فقال : لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب الا ان تقاتل ، وان قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك ولم تخف خللا فلما نهى عن قتلهن في دار الحرب كان ذلك في دار الإسلام اولى ، وان امتنعت ان تؤدى الجزية لم يمكن قتلها ، فلما لم يمكن قتلها ، رفعت الجزية عنها ، ولو منع الرجال وابو ان يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دمائهم وقتلهم ، لان قتل الرجال مباح في دار الشرك ، وكذلك

__________________

(١) هجر ـ محركة ـ : بلدة باليمن واسم الجميع أرض البحرين.

٢٠٢

المقعد من أهل الشرك والذمة والأعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في ارض الحرب فمن أجل ذلك رفعت عنهم الجزية.

١٠٠ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن يحيى جميعا عن عبد الله بن المغيرة عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جرت السنة ألا تؤخذا الجزية من المعتوه (١) ولا من المغلوب على عقله.

١٠١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما حد الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شيء موظف لا ينبغي ان يجوزوا الى غيره؟ فقال : ذلك الى الامام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله بما يطيق انما هم قوم فدوا أنفسهم من ان يستعبدوا أو يقتلوا ، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له ان يأخذهم به حتى يسلموا ، فان الله تبارك وتعالى قال : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) وكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث (٢) لما يؤخذ منه ، حتى يجد ذلا لما أخذ منه ، فيألم لذلك فيسلم.

١٠٢ ـ قال وقال ابن مسلم : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أرأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس (٣) من ارض الجزية ويأخذ من الدهاقين جزية رؤسهم اما عليهم في ذلك شيء موظف؟ فقال : كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم ، وليس للإمام أكثر من الجزية ان شاء الامام وضع ذلك على رؤسهم وليس على أموالهم شيء ، وان شاء فعلى أموالهم وليس على رؤسهم شيء ، فقلت : فهذا الخمس؟ فقال : انما هذا شيء كان صالحهم عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

__________________

(١) المعتوه : الذي ذهب عقله من غير جنون.

(٢) اى لا يبالي.

(٣) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول ، اى من الذي وضع عمر على نصارى تغلب من تضعيف الزكاة ورفع الجزية.

(٤) وقال (ره) في بيان هذا الكلام : الظاهر انه عليه‌السلام بين اولا ان الخمس من البدع ، فلما لم يفهم السائل وأعاد السؤال غير عليه‌السلام الكلام تقية ، أو يكون هذا اشارة الى ما مر سابقا من امر الجزية.

٢٠٣

١٠٣ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن ابى أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في أهل الجزية يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيء سوى الجزية؟ قال : لا.

١٠٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله قال ابو محمد العسكري : قال الصادق عليهما‌السلام : ولقد حدثني أبى عن جدي على بن الحسين زين العابدين عليهم‌السلام عن الحسين بن على سيد الشهداء عن على بن أبي طالب أمير المؤمنين صلوات الله عليهم انه اجتمع يوما عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل خمسة أديان : اليهود والنصارى والدهرية والثنوية ومشركو العرب. فقالت اليهود : نحن نقول : عزير بن الله وقد جئناك يا محمد لننظر ما تقول فان اتبعتنا فنحن أسبق الى الصواب منك وأفضل ، وان خالفتنا خصمناك ، وقالت النصارى : نحن نقول : ان المسيح ابن الله اتحد به وقد جئناك لننظر ما تقول؟ فان اتبعتنا فنحن أسبق الى الصواب منك وأفضل ، وان خالفتنا خصمناك.

ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله لليهود : أجئتمونى لأقبل قولكم بغير حجة؟ قالوا : لا قال : فما الذي دعاكم الى القول بان عزيرا ابن الله؟ قالوا لأنه أحيا لبني إسرائيل التورية بعد ما ذهبت ولم يفعل بها هذا الا لأنه ابنه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف صار عزير ابن الله دون موسى وهو الذي جائهم بالتورية ورأوا منه من المعجزات ما قد علمتم؟ فان كان عزير ابن الله لما ظهر من الكرامة من احياء (١) التورية فلقد كان موسى بالنبوة أحق واولى ، ولئن كان هذا المقدار من إكرامه لعزير يوجب انه ابنه فاضعاف هذه الكرامة لموسى توجب له منزلة أجل من النبوة ، وان كنتم انما تريدون بالنبوة الدلالة (٢) على سبيل ما تشاهدون في دنياكم هذه من ولادة الأمهات الأولاد بوطي آبائهم لهن فقد كفرتم بالله وشبهتموه بخلقه ، وأوجبتم فيه صفات المحدثين ، ووجب عندكم ان يكون محدثا مخلوقا ، وان يكون له خالق صنعه وابتدعه قالوا : لسنا نعنى هذا فان هذا كفر

__________________

(١) في المصدر وكذا في المنقول عن تفسير الامام «بإحياء التوراة».

(٢) وفي المنقول عن تفسير الامام «الولادة» بدل «الدلالة».

٢٠٤

كما ذكرت ولكنا نعنى انه ابنه على معنى الكرامة وان لم يكن هناك ولادة ، كما قد يقول بعض علمائنا لمن يريد إكرامه وإبانته بالمنزلة عن غيره : يا بنى ، وانه إبني لا على إثبات ولادته منه. ولأنه قد يقول ذلك لمن هو اجنبى لا نسب بينه وبينه وكذلك لما فعل الله بعزير ما فعل كان قد اتخذه ابنا على الكرامة لا على الولادة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فهذا ما قلته لكم : انه ان وجب على هذا الوجه ان يكون عزير ابنه فان هذه المنزلة لموسى اولى وان الله يفضح كل مبطل بإقراره ويقلب عليه حجته ، لان ما احتججتم به يؤديكم الى ما هو أكبر مما ذكرته لكم ، لأنكم قلتم : ان عظيما من عظمائكم قد يقول لاجنبى لا نسب بينه وبينه : يا بنى وهذا إبني لا على طريق الولادة فقد تجدون أيضا هذا العظيم يقول لاجنبى آخر. هذا أخي ولآخر : هذا شيخي وابى ، ولآخر : هذا سيدي ويا سيدي على سبيل الإكرام ، وان من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول ، فاذا يجوز عندكم ان يكون موسى أخا لله أو شيخا له أو أبا أو سيدا ، لأنه قد زاده في الإكرام مما لعزير ، كما ان من زاد رجلا في الإكرام قال له : يا سيدي ويا شيخي ويا عمى ويا رئيسى على طريق الإكرام وان من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول أفيجوز عندكم ان يكون موسى أخا لله أو شيخا أو عما أو رئيسا أو سيدا أو أميرا لأنه قد زاده في الإكرام على من قال له : يا شيخي أو يا سيدي أو يا أميري أو يا عمى أو يا رئيسى ، قال : فبهت القوم وتحيروا وقالوا : يا محمد أجلنا نفكر فيما قتله لنا ، فقال : انظروا فيه بقلوب معتقدة للانصاف يهدكم الله ثم اقبل صلى‌الله‌عليه‌وآله على النصارى فقال : وأنتم قلتم : ان القديم عزوجل اتحد بالمسيح عليه‌السلام ابنه ، فما الذي أردتموه بهذا القول؟ أردتم ان القديم صار محدثا لوجود هذا المحدث الذي هو عيسى؟ أو المحدث الذي هو عيسى عليه‌السلام صار قديما لوجود القديم الذي هو الله؟ أو معنى قولكم : انه اتحد به انه اختصه بكرامة لم يكرم بها أحدا سواه؟ فان أردتم ان القديم صار محدثا فقد أبطلتم ، لان القديم محال ان ينقلب فيصير محدثا ، وان أردتم ان المحدث صار قديما فقد أحلتم لان المحدث أيضا محال ان يصير قديما وان أردتم انه تحد به بان اختصه واصطفاه على ساير عباده فقد أقررتم بحدوث عيسى وبحدوث المعنى الذي اتحد به من اجله ، لأنه إذا كان عيسى محدثا وكان الله قد اتحد به بان أحدث به معنى صار به أكرم الخلق عنده فقد صار عيسى وذلك

٢٠٥

ـ المعنى محدثين ، وهذا خلاف ما بدأتم تقولونه ، فقالت النصارى : يا محمد ان الله لما أظهر على يد عيسى من الأشياء العجيبة ما أظهر فقد اتخذه ولدا على جهة الكرامة ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فقد سمعتم ما قلته لليهود في هذا المعنى الذي ذكرتموه ، ثم أعاد صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك كله فسكتوا الا رجلا واحدا منهم قال له : يا محمد أولستم تقولون : ان إبراهيم خليل الله؟ قال : قد قلنا ذلك ، فقال : إذا قلتم ذلك فلم منعتمونا ان نقول : ان عيسى ابن الله؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انهما لن يشتبها (١) لان قولنا ان إبراهيم خليل الله فانما هو مشتق من الخلة (٢) والخلة انما معناها الفقر والفاقة وقد كان خليلا الى ربه فقيرا ، واليه منقطعا وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا ، وذلك لما أريد قذفه في النار فرمى به في المنجنيق فبعث الله تعالى جبرئيل عليه‌السلام فقال له : أدرك عبدي ، فجائه فلقيه في الهواء فقال : كلمني ما بدا لك فقد بعثني الله لنصرتك ، فقال : بل حسبي الله ونعم الوكيل انى لا أسئل غيره ولا حاجة لي الا اليه فسمى خليله اى فقيره ومحتاجه والمنقطع اليه عمن سواه ، وإذا جعل معنى ذلك من الخلة (٣) وهو انه قد تخلل معانيه ووقف على أسرار لم يقف عليها غيره ، كان [الخليل] معناه العالم به وبأموره ولا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه.

ا لا ترون انه إذا لم ينقطع اليه لم يكن خليله ، وإذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله ، وان من يلده الرجل وان أهانه وأقصاه (٤) لم يخرج عن أن يكون ولده ، لان معنى الولادة قائم ، ثم ان وجب لأنه قال لإبراهيم خليلي (٥) أن تقيسوا أنتم كذلك فتقولوا : ان عيسى ابنه وجب أيضا أن تقولوا له ولموسى ابنه ، [فان الذي معه من المعجزات لم يكن

__________________

(١) وفي المنقول عن تفسير الامام «لم يشتبها».

(٢) «من الخلة أو الخلة» اى بالفتح أو الضم وهو الصحيح لما سيأتى في كلام الامام عليه‌السلام من التفصيل.

(٣) اى بالضم.

(٤) اى أبعده.

(٥) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر لكن في أكثر النسخ هكذا : «ثم ان من أوجب ان يقول على قول إبراهيم خليله ... اه».

٢٠٦

بدون ما كان مع عيسى فقولوا ان موسى أيضا ابنه] (١) وانه يجوز أن تقولوا على هذا المعنى انه شيخة وسيده وعمه ورئيسه وأميره كما قد ذكرته لليهود ، فقال بعضهم لبعض : وفي الكتب المنزلة ان عيسى قال : أذهب الى أبى؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان كنتم بذلك الكتاب تعلمون فان فيه : أذهب الى أبى وأبيكم فقولوا : ان جميع الذين خاطبهم عيسى كانوا أبناء الله كما كان عيسى ابنه من الوجه الذي كان عيسى ابنه : ثم ان ما في هذا الكتاب يبطل عليكم هذا الذي زعمتم ان عيسى من جهة الاختصاص كان ابنا له ، لأنكم قلتم انما قلنا انه ابنه لأنه اختصه بما لم يختص به غيره ، وأنتم تعلمون ان الذي خص به عيسى لم يخص به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسى : أذهب الى أبى وأبيكم ، فبطل ان يكون الاختصاص بعيسى لأنه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسى ، وأنتم انما حكيتم لفظة عيسى وتأولتموها على غير وجهها ، لأنه إذا قال : ابى وأبيكم فقد أراد غير ما ذهبتم اليه ونحلتموه (٢) وما يدريكم لعله عنى : أذهب الى آدم ابى وأبيكم أو الى نوح ان الله يرفعني إليهم ويجمعني معهم ، وآدم ابى وأبيكم وكذلك نوح ، بل ما أراد غير هذا ، قال : فسكت النصارى وقالوا : ما رأينا كاليوم مجادلا ولا مخاصما وسننظر في أمورنا.

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وتتمته وهي الرد على الفرق الثلاثة الباقية مضى أول سورة الانعام وفي آخر الحديث وقال الصادق عليه‌السلام : فو الذي بعثه بالحق نبيا ما أتت على جماعتهم الا ثلثة أيام حتى أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأسلموا وكانوا خمسة وعشرين رجلا من كل فرقة خمسة وقالوا : ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد انك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٠٥ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن الحسين ابن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا سئل على بن ابى طالب عليه‌السلام قال : أخبرني عما ليس لله ، وعما ليس عند الله : وعما لا يعلمه الله؟ فقال على عليه‌السلام : اما ما لا يعلمه الله فذاك

__________________

(١) بين العلامتين انما هو في المصدر دون النسخ.

(٢) نحل فلانا القول : أضاف اليه قولا قاله غيره وادعاه عليه.

٢٠٧

قولكم يا معشر اليهود ان عزيرا ابن الله والله لا يعلم له ولد ، واما قولك ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد ، واما قولك ما ليس لله فليس لله شريك ، فقال اليهودي : اشهد ان لا اله الا الله ، واشهد ان محمدا رسول الله.

١٠٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن اسحق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن على عليه‌السلام انه قال : ان الشجر لم يزل حصيدا كله حتى دعا للرحمان ولد ، عز الرحمان وجل ان يكون له ولد ، فعند ذلك اقشعر الشجر (١) وصار له شوك حذارا ان ينزل به العذاب.

١٠٧ ـ في تفسير العياشي عن عطية العوفي عن ابى سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا : عزير ابن الله ، واشتد غضب الله على النصارى حين قالوا : المسيح ابن الله ، واشتد غضب الله على من أراق دمي وآذاني في عترتي.

١٠٨ ـ عن يزيد بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : لن يغضب الله شيء كغضب الطلح (٢) والسدر ان الطلح كانت كالأترج والسدر كالبطيخ فلما قالت اليهود : يد الله مغلولة تقبض حملها فصغر فصار له عجم واشتد العجم ، فلما ان قالت النصارى : المسيح بن الله خرج لهما هذا الشوك وتقبض حملهما وصار النبق (٣) الى هذا الحمل وذهب حمل الطلح فلا يحمل حتى يقوم قائمنا ، ثم قال : من سقى طلحة أو سدرة فكأنما سقى مؤمنا من ظمأ.

١٠٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه وقال : (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) اى لعنهم الله انى يؤفكون فسمى اللعنة قتالا.

__________________

(١) اقشعر النبات : لم يصب ريا وتخشن وتغير لونه.

(٢) لطلح : شجر حجازية ومنابتها بطون الاودية ولها شوك كثير ويقال لها أم غيلان أيضا تأكل الإبل منها اكلا كثيرا.

(٣) كذا في النسخ وفي المصدر «وصار الشوك الى هذا الحمل» وهو الظاهر والنبق : حمل شجر السدر.

٢٠٨

١١٠ ـ في مجمع البيان وروى الثعلبي باسناده عن عدى بن حاتم قال : أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي عنقي صليب ، فقال : يا عدى اطرح هذا الوثن من عنقك قال : فطرحته ثم أتيت اليه وهو يقرء عمن سورة برائة هذه الآية : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً) حتى فرغ منها فقلت له : انا لسنا نعبدهم ، قال : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ، ويحلون ما حرم الله فتستحلونه؟ قال : فقلت : بلى ، قال : فتلك عبادتهم.

١١١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن يحيى عن عبد الله بن مسكان عن ابى بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) فقال : اما والله ما دعوهم الى عبادة أنفسهم ولو دعوهم الى عبادة أنفسهم لما أجابوهم ، ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا ، فعبدوهم من حيث لا يشعرون.

١١٢ ـ على بن محمد عن صالح بن ابى حماد وعلى بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أطاع رجلا في معصية الله فقد عبده.

١١٣ ـ في تفسير العياشي عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) قال : اما والله ما صاموا لهم ولا صلوا ولكنهم أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم.

١١٤ ـ وقال في خبر آخر عنه : ولكنهم أطاعوهم في معصية الله.

١١٥ ـ عن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) قال : اما انهم لم يتخذوهم آلهة الا انهم أحلوا حلالا وأخذوا به وحرموا حراما فأخذوا به (١) فكانوا أربابهم من دون الله.

١١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في

__________________

(١) كذا في النسخ وفي بعض نسخ المصدر كرواية الكليني (ره) في الكافي «أحلوا حراما فأخذوا به وحرموا حلالا فأخذوا به» ولعلّه الأصح وان لا يخلو ما في النسخ أيضا من وجه صحيح كما لا يخفى.

٢٠٩

قوله : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) اما المسيح فعصوه وعظموه في أنفسهم حتى زعموا انه له وانه ابن الله ، وطائفة منهم قالوا : ثالث ثلثه ، وطائفة منهم قالوا : هو الله ، واما أحبارهم ورهبانهم فإنهم أطاعوا وأخذوا بقولهم واتبعوا ما امروهم به ، ودانوا بما دعوهم اليه ، فاتخذوهم أربابا بطاعتهم لهم وتركهم امر الله وكتبه ورسله (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) ، وما امر به الأحبار والرهبان اتبعوه وأطاعوهم وعصوا الله ورسوله ، وانما ذكر هذا في كتابنا لكي نتعظ بهم ، فعير الله تبارك وتعالى بنى إسرائيل بما صنعوا ، يقول الله تبارك وتعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ) وتعالى عما يشركون».

١١٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه وقد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) يعنى انهم اثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله ليلبسوا على الخليقة فأعمى الله قلوبهم حتى تركوا فيه ما دل على ما أحدثوه فيه وحرفوا منه.

وفيه وجعل أهل الكتاب المقيمين به والعالمين بظاهره وباطنه من شجرة (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) اى يظهر مثل هذا العلم المحتملة في الوقت بعد الوقت وجعل أعداءها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم فأبى الله الا أن يتم نوره.

١١٨ ـ في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة «قدس‌سره» وروى محمد بن احمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن سنان قال : ذكر على بن أبى حمزة (١) عند الرضا عليه‌السلام فلعنه ، ثم قال : ان على بن أبى حمزة أراد ان لا يعبد الله في سمائه وأرضه ، (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ) المشركون ، ولو كره اللعين المشرك ، قلت : المشرك! قال : نعم والله وان رغم انفه كذلك هو في كتاب الله :

__________________

(١) هو على بن أبى حمزة سالم البطائنى من أصحاب الكاظم عليه‌السلام ثم وقف بعد وفاته عليه‌السلام وهو أحد عمد المواقفة ، ذكر ترجمته وما ورد في ذمه من الروايات الكثيرة وما يمكن ان يدفع به عنها وغير ذلك في تنقيح المقال فراجع.

٢١٠

(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) وقد جرت فيه وفي أمثاله أنه أراد ان يطفئ نور الله.

١١٩ ـ وباسناده الى الصادق عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد ذكر شق فرعون بطون الحوامل في طلب موسى عليه‌السلام كذلك بنو امية وبنو العباس لما أن وقفوا على ان زوال ملكة الأمر والجبابرة منهم على يدي القائم عليه‌السلام ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وابادة نسله (١) طمعا منهم في الوصول الى قتل القائم عليه‌السلام ، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون. في كتاب كمال الدين وتمام النعمة مثله سواء.

١٢ ـ في تفسير العياشي عن أحمد بن محمد قال : وقف على أبو الحسن الثاني عليه‌السلام في بنى زريق فقال لي وهو رافع صوته : يا أحمد! قلت : لبيك ، قال : انه لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جهد الناس على إطفاء نور الله فأبى الله الا أن يتم نوره بأمير المؤمنين.

١٢١ ـ في قرب الاسناد للحميري معاوية بن حكيم عن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال : وعدنا أبو الحسن الرضا عليه‌السلام ليلة الى مسجد دار معاوية فجاء فسلم فقال : ان الناس قد جهدوا على إطفاء نور الله حين قبض الله تبارك وتعالى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبى الله الا أن يتم نوره وقد جهد على بن ابى حمزة على إطفاء نور الله حين قبض أبو الحسن فأبى الله الا ان يتم نوره ، وقد هداكم الله لأمر جهله الناس فاحمدوا الله على ما من عليكم به.

١٢٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبى بصير قال قال ابو عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فقال : والله ما نزل تأويلها بعد ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه‌السلام ، فاذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم ولا مشرك بالإمام الأكرة خروجه ، حتى لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت :

__________________

(١) الابادة بمعنى الإهلاك.

٢١١

يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله.

١٢٣ ـ وباسناده الى سليط قال : قال الحسين بن على بن أبى طالب عليهم‌السلام : منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه‌السلام ، وآخرهم التاسع من ولدي وهو القائم بالحق ، يحيى الله به الأرض بعد موتها ، ويظهر به الدين الحق على الدين كله ولو كره المشركون ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٤ ـ وباسناده الى محمد بن مسلم الثقفي قال : سمعت أبا جعفر محمد بن على عليهما‌السلام يقول : القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر ، تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز ، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر الله عزوجل دينه على الدين كله ولو كره المشركون ، فلا يبقى في الأرض خراب الا عمر ، وينزل روح الله عيسى بن مريم عليه‌السلام فيصلى خلفه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٥ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبى الحسن الماضي عليه‌السلام قال : قلت : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ) قال ، هو الذي امر رسوله بالولاية لوصيه ، والولاية هي دين الحق ، قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) قال : يظهر على جميع الأديان عند قيام القائم قال : يقول الله : «والله متم» ولاية القايم (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) بولاية على قلت هذا تنزيل؟ قال : نعم اما هذا الحرف فتنزيل ، واما غيره فتأويل والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : وغاب صاحب هذا الأمر بإيضاح العذر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون أقرب الناس اليه أشدهم عداوة له ، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها ، ويظهر دين نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله على يديه على الدين كله ولو كره المشركون.

١٢٧ ـ في تفسير العياشي عن أبى المقدام عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) يكون أن لا يبقى أحد ، الا أقر بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٢٨ ـ في مجمع البيان قال المقداد بن الأسود : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

٢١٢

لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر الا أدخله الله كلمة الإسلام ، اما بعز عزيز أو بذل ذليل اما يعزهم فيجعلهم الله من أهله فيقروا به واما يذلهم فيدينون له.

١٢٩ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن معاذ بن كثير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف ، فاذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه حتى يأتيه به ، فيستعين به على عدوه وهو قول الله عزوجل في كتابه : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).

١٣٠ ـ في أمالي شيخ الطائفة «قدس‌سره» باسناده لما نزلت هذه الآية (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مال تؤدى زكوته فليس بكنز وان كان تحت سبع أرضين ، وكل مال لا تؤدى زكوته فهو كنز وان كان فوق الأرض.

١٣١ ـ في مجمع البيان وروى عن على عليه‌السلام ما زاد على اربعة آلاف فهو كنز ادى زكوته أو لم يؤدها وما دونها فهي نفقة (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).

١٣٢ ـ وروى سالم بن ابى الجعدان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزلت هذه الاية قال : تبا للذهب ، تبا للفضة يكررها ثلثا فشق ذلك على أصحابه ، فسأله عمر فقال : يا رسول الله اى المال نتخذ فقال : لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على دينه.

١٣٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حديث طويل وفيه : نظر عثمان بن عفان الى كعب الأحبار فقال له : يا با اسحق ما تقول في رجل ادى زكوة ماله المفروضة هل يجب عليه فيما بعد ذلك شيء؟ فقال : لا ، ولوا اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب عليه شيء فرفع ابو ذر رضى الله عنه عصاه فضرب بها رأس كعب ثم قال له : يا ابن اليهودية الكافرة ما أنت والنظر في احكام المسلمين؟ قول الله : أصدق من قولك حيث قال : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) الاية.

١٣٤ ـ وفي رواية أبى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ

٢١٣

الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) «فان الله حرم كنز الذهب والفضة وأمر بإنفاقه في سبيل الله ، وقوله : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) قال : كان أبو ذر الغفاري يغدو كل يوم وهو بالشام فينادى بأعلى صوته : بشر أهل الكنوز بكى في الجباء (١) وكى بالجنوب وكى بالظهور أبدا حتى يتردد الحر في أجوافهم.

١٣٥ ـ في من لا يحضره الفقيه عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه الكباير وفيه : ومنع الزكاة المفروضة لان الله عزوجل يقول : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ).

١٣٦ ـ في كتاب الخصال عن الحارث قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم.

١٣٧ ـ عن محمد بن احمد بن يحيى بن عمران رفع الحديث قال : الذهب والفضة حجران ممسوخان فمن أحبهما كان معهما.

١٣٨ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عمر والشامي عن ابى عبد الله (ع) قال : ان (الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) فغرة الشهور شهر الله عز ذكره وهو شهر رمضان وقلب شهر رمضان ليلة القدر ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان فاستقبل الشهر بالقرآن.

١٣٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن ابى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة قال : كنت قاعدا الى جنب ابى جعفر عليه‌السلام وهو محتب (٢) مستقبل الكعبة فقال : اما ان النظر إليها عبادة ، فجائه رجل من

__________________

(١) الكي : إحراق الجلد بحديدة ونحوها.

(٢) الاحتباء : هو أن يضم الإنسان رجليه الى بطنه يجمعهما به مع ظهره ويشده عليهما وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب.

٢١٤

بجيلة (١) يقال له عاصم بن عمر ، فقال لأبي جعفر عليه‌السلام : ان كعب الأحبار كان يقول ان الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة ، فقال ابو جعفر عليه‌السلام : فما تقول فيما قال كعب؟ فقال : صدق ، القول ما قال كعب ، فقال ابو جعفر عليه‌السلام : كذبت وكذب كعب الأحبار معك وغضب ، قال زرارة : ما رأيته استقبل أحدا يقول كذبت غيره ، ثم قال : ما خلق الله بقعة في الأرض أحب اليه منها ـ ثم أومى بيده نحو الكعبة ـ ولا أكرم على الله تعالى منها ، لها حرم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السموات والأرض ثلثة متوالية للحج : شوال وذو القعدة وذو الحجة وشهر مفرد للعمرة رجب.

١٤٠ ـ في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة «قدس‌سره» روى جابر الجعفي قال : سئلت أبا جعفر عليه‌السلام عن تأويل قول الله عزوجل : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) قال : فتنفس سيدي الصعداء (٢) فقال : يا جابر اما السنة فهي جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشهورها اثنى عشر شهرا فهو أمير المؤمنين عليه‌السلام الى والى إبني جعفر وابنه موسى ، وابنه على ، وابنه محمد ، وابنه على ، والى ابنه الحسن ، والى ابنه محمد الهادي المهدي اثنى عشر إماما حجج الله في خلقه وامناؤه على وحيه وعلمه ، والاربعة الحرم الذين هم الدين القيم اربعة منهم يخرجون باسم واحد ، على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وابى على بن الحسين ، وعلى بن موسى ، وعلى بن محمد ، فالإقرار بهؤلاء هو (الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) ، اى قولوا بهم جميعا تهتدوا.

١٤١ ـ في تفسير العياشي عن ابى خالد الواسطي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : حدثني ابى على بن الحسين عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما ثقل في مرضه قال : ايها الناس ان السنة اثنا عشر شهرا منها اربعة حرم ، ثم قال بيده : رجب مفرد ، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلث متواليات ، الا وهذا الشهر المفروض رمضان ،

__________________

(١) بجيلة : حي من اليمن.

(٢) الصعداء : تنفس طويل من هم أو حزن.

٢١٥

فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فاذا خفي الشهر فأتموا العدة ، شعبان ثلثين ، وصوموا الواحد والثلثين ، وقال بيده : الواحد والاثنين والثلاثة ، ثم ثنى إبهامه ثم قال : انها (١) شهر كذا وشهر كذا.

١٤٢ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن أبى عمير يرفعه الى أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) قال : المحرم وصفر وربيع الاول وربيع الاخر وجمادى الاول وجمادى الاخر. ورجب وشعبان ورمضان وشوال وذو القعدة وذو الحجة ، منها أربعة حرم ، عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشر من شهر ربيع الاخر.

١٤٣ ـ عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : ان الله تعالى خلق الشهور اثنى عشر شهرا وهي ثلاثمائة وستون يوما ، فحجز منها ستة أيام خلق فيها السموات والأرض فمن ثم تقاصرت الشهور.

١٤٤ ـ عن عبد الله بن عمر قال : نزلت هذه السورة (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أوسط أيام التشريق فعرف انه الوداع فركب راحلته العضباء فحمد الله واثنى عليه ثم قال. يا ايها الناس الى قوله عليه‌السلام : و (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) رجب مضر (٢) الذي بين جمادى وشعبان ، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).

١٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) يقول : جميعا (كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً).

١٤٦ ـ وقال على بن إبراهيم «رحمه‌الله» : في قوله عزوجل :

__________________

(١) وفي المصدر «ايها الناس» بدل «انها».

(٢) مضر : اسم قبيلة. قال ابن الأثير : ومنه الحديث : رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، أضاف رجبا الى مضر لأنهم كانوا يعظمونه خلاف غيرهم ، وقوله بين جمادى وشعبان تأكيد للبيان وإيضاح لأنهم كانوا ينسئونه ويؤخرونه من شهر الى شهر فيتحول عن موضعه المختص به فبين لهم انه الشهر الذي بين جمادى وشعبان لا ما كانوا يسمونه على حساب النسيء.

٢١٦

(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ) فانه كان سبب نزولها ان رجلا من كنانة كان يقف في المواسم فيقول : قد أحللت دماء المحلين طي وخثعم في شهر المحرم وانسأته وحرمت بدله صفر ، فاذا كان العام القابل يقول : قد أحللت صفرا وانسأته وحرمت بدله شهر المحرم ، فأنزل الله عزوجل : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) الى قوله تعالى : (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ).

١٤٧ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كلام من خطبة له نقلناه قريبا ويتصل بآخره اعنى : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) فان (النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ) ، وكانوا يحرمون المحرم عاما ويستحلون صفر عاما ويحرمون صفر عاما ويستحلون المحرم ، ايها الناس ان الشيطان قد يئس ان يعبد في بلادكم.

١٤٨ ـ في مجمع البيان وقرأ ابو جعفر محمد بن على عليهما‌السلام النسى يخفف على وزن الهدى ، وقال مجاهد : كان المشركون يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين ، ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين وكذلك في الشهور حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة ، ثم حج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في العام القابل حجة الوداع ، فوافقت ذا الحجة فذلك حين قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته : الا ان الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض ، السنة اثنى عشر شهرا منها أربعة حرم ثلثة متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، أراد عليه‌السلام بذلك ان الأشهر الحرم رجعت الى مواضعها وعاد الحج الى ذي الحجة وبطل النسيء.

١٤٩ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام انفروا رحمكم الله الى قتال عدوكم ولا تثاقلوا الى الأرض فتقروا بالخسف ، وتبوؤا بالذل (١) ويكون نصيبكم الأخس ، ان أخا الحرب

__________________

(١) الخسف : الاذلال والضيم. فتقروا بالخسف اى تعترفوا بالضيم وتصبروا له. وتبوؤا بالذل اى ترجعوا به.

٢١٧

الأرق (١) ومن نام لم ينم عنه.

١٥٠ ـ في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبى جعفر عن على عليهم‌السلام انه قال : وقد سأله رأس اليهود عما امتحن الله به الأوصياء في حيوة الأنبياء وبعد وفاتهم : يا أخا اليهود ان الله تعالى امتحنني في حيوة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله في سبعة مواطن فوجدني فيها ـ من غير تزكية لنفسي ـ بنعمة الله له مطيعا ، قال : فيم وفيم يا أمير المؤمنين؟ قال : اما أولهن الى ان قال : واما الثانية يا أخا اليهود فان قريشا لم تزل تجيل الآراء وتعمل الحيل في قتل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك في يوم الدار دار الندوة ، وإبليس الملعون حاضر في صورة أعور ثقيف فلم تزل تضرب أمرها ظهرا وبطنا حتى اجتمعت آراؤها على ان ينتدب (٢) من كل فخذ من قريش رجل ، ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه ثم يأتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو نائم على فراشه فيضربونه جميعا بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلونه ، فاذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمها فيمضى دمه هدرا فهبط جبرئيل عليه‌السلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأنبأه بذلك وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها وامره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه الى الغار فأنبأنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالخبر ، وأمرني ان اضطجع في مضجعه وأقيه بنفسي فأسرعت الى ذلك مطيعا له مسرورا لنفسي ان اقتل دونه فمضى عليه‌السلام لوجهه واضطجعت في مضجعه وأقبلت رجال من قريش موقنة في أنفسها بقتل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما استووا في البيت (٣) الذي انا فيه ناهضتهم بسيفي فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والله (٤) ثم اقبل على أصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين.

١٥١ ـ وفي احتجاجه عليه‌السلام على ابى بكر قال : فأنشدك بالله انا وقيت

__________________

(١) الأرق : الذي لا ينام.

(٢) انتدبه لأمر : اى دعاه له.

(٣) وفي المصدر «فلما استوى بى وبهم البيت ... اه».

(٤) وفي المصدر «والناس» بدل «والله».

٢١٨

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بنفسي يوم الغار أم أنت؟ قال : بل أنت.

١٥٢ ـ وفي احتجاجه عليه‌السلام على الناس يوم الشورى قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد وقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث جاء المشركون يريدون قتله فاضطجعت في مضجعه وذهب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نحو الغار ، وهم يرون انى انا هو ، فقالوا : اين ابن عمك؟ فقلت : لا أدرى فضربوني حتى كادوا يقتلونني غيري؟ قالوا : اللهم لا.

١٥٣ ـ وفي مناقبه عليه‌السلام وتعدادها قال : واما السابعة ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا منى على فراشه حيث ذهب الى الغار ، وسجاني ببرده فلما جاء المشركون ظنونى محمدا فأيقظونى وقالوا : ما فعل صاحبك؟ فقلت : ذهب في حاجة ، فقالوا : لو كان هرب لهرب هذا معه.

١٥٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب : نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان يبعث الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الطعام وهو في الغار ويخبره الاخبار غيري؟ قالوا : لا.

١٥٥ ـ وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام ان عليا قال ليهودى في أثناء كلام طويل : ولئن كان يوسف ألقى في الجب فلقد حبس محمد نفسه مخافة عدوه في الغار ، حتى قال لصاحبه : لا تحزن ان الله معناه ، ومدحه الله في كتابه.

١٥٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن مروان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان أبا طالب أظهر الكفر وستر الايمان ، فلما حضرته الوفاة أوحى الله عزوجل الى الرسول : أخرج منها فليس لك بها ناصر.

١٥٧ ـ في روضة الكافي حميد بن زياد عن محمد بن أيوب عن على بن أسباط عن الحكم بن مسكين عن يوسف بن صهيب عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقبل يقول لأبي بكر في الغار : اسكن فان الله معنا وقد أخذته الرعدة وهو لا يسكن ، فلما راى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حاله قال له : تريد ان أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون ، فأريك جعفر وأصحابه في البحر

٢١٩

يغوصون؟ قال : نعم فمسح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيده على وجهه فنظر الى الأنصار يتحدثون ونظر الى جعفر وأصحابه في البحر يغوصون ، فأضمر تلك الساعة انه ساحر.

١٥٨ ـ محمد بن احمد عن ابن فضال عن الرضا عليه‌السلام (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ) (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) قلت : هكذا؟ قال : هكذا نقرأها وهكذا تنزيلها.

١٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن بعض رجاله رفعه الى ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الغار قال لأبي بكر : كأنى انظر الى سفينة جعفر وأصحابه تقوم في البحر ، وأنظر الى الأنصار محتبين في أفنيتهم (١) فقال أبو بكر : وتريهم يا رسول الله؟ قال : نعم قال : فأرنيهم ، فمسح على عينه فرآهم ، فقال في نفسه : الآن صدقت انك ساحر ، فقال له رسول الله : أنت الصديق وهو قول الله عزوجل : (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا) قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والله عزيز حكيم.

١٦٠ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن محمد الحجال قال : كنت عند ابى الحسن الثاني عليه‌السلام ومعى الحسن بن الجهم ، فقال له الحسن : انهم يحتجون علينا بقول الله تبارك وتعالى : (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ) قال : وما لهم في ذلك فوالله لقد قال الله (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ) وما ذكره فيها بخير قال : قلت له انا : جعلت فداك وهكذا تقرؤنها؟ قال : هكذا قد قرأتها.

١٦١ ـ قال زرارة : قال أبو جعفر عليه‌السلام : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ) الا ترى ان السكينة انما نزلت على رسوله و (جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى) قال : هو الكلام الذي يتكلم به عتيق رواه الحلبي عنه.

١٦٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سعد بن عبد الله القمى عن الحجة القائم عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : يا سعد وحين ادعى خصمك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أخرج مع نفسه مختار هذه الامة الى الغار الا علما منه ان الخلافة له من بعده ، وانه هو المقلد أمور التأويل ، والملقى اليه أزمة الامة وعليه المعول

__________________

(١) الافنية جمع الفناء : الصيد وهو ساحة امام البيت.

٢٢٠