تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

ذلك فعاد وجهها طريا.

٧٦ ـ في الكافي سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن عليه‌السلام عنه قال قلت له : جعلت فداك ما أعجب الى الناس من يأكل الجشب (١) ويلبس الخشن ويتخشع فقال : اما علمت ان يوسف نبي ابن نبي عليهما‌السلام كان يلبس اقبية الديباج مزورة بالذهب ، ويجلس مجالس آل فرعون يحكم فلم يحتج الناس الى لباسه وانما احتاجوا الى قسطه ، وانما يحتاج من الامام الى ان إذا قال (٢) صدق : وإذا وعد أنجز ، وإذا حكم عدل ، ان الله لم يحرم طعاما ولا شرابا من حلال ، وانما حرم الحرام قل أو كثر ، وقد قال الله عزوجل : (مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).

٧٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبان بن عثمان عن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : بعث أمير المؤمنين عليه‌السلام عبد الله بن عباس الى ابن الكوا وأصحابه وعليه قميص رقيق وحلة ، فلما نظروا اليه قالوا : يا ابن عباس أنت خيرنا في أنفسنا وأنت تلبس هذا اللباس؟ فقال : وهذا أول ما أخاصمكم فيه. (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) وقال عزوجل : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ).

٧٨ ـ على بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن على رفعه قال : مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد الله عليه‌السلام وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان ، فقال : والله لاتينه ولأوبخنه ، فدنا منه فقال : يا ابن رسول الله ما لبس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل هذا اللباس ولا على عليه‌السلام ولا أحد من آبائك فقال له ابو عبد الله : كان رسول الله في زمان قتر مقتر (٣) وكان يأخذ لقتره وقتاره (٤)

__________________

(١) الجشب من الطعام : الغليظ الخشن ، وقيل ما لا أدم فيه.

(٢) وفي المصدر : «في ان إذا قال».

(٣) القتر : الضيق في المعيشة.

(٤) وفي المصدر «واقتداره» بدل «وقتاره».

٢١

وان الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها (١) فأحق أهلها بها أبرارها ، ثم تلا : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) فنحن أحق من أخذ منها ما أعطاه الله ، غير انى يا ثوري ما ترى على من ثوب انما لبسته للناس ، ثم اجتذب يد سفيان فجرها ثم رفع الثوب الأعلى واخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا ، فقال : هذا لبسته لنفسي غليظا وما رأيته للناس ، ثم اجتذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن ، وداخل الثوب لين ، فقال : لبست هذا الأعلى للناس ، ولبست هذا لنفسك تسرها.

٧٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح قال : كان ابو عبد الله عليه‌السلام متكيا عليَّ ـ أو قال على أبي ـ فلقيه عباد بن كثير وعليه ثياب مروية (٢) حسان ، فقال : يا أبا عبد الله! انك من أهل بيت نبوة وكان أبوك وكان؟ فما هذه الثياب المزينة عليك فلو لبست دون هذه الثياب؟ فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : ويلك يا عباد (مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)؟ وان الله عزوجل إذا أنعم على عبده نعمة أحب ان يراها عليه ليس به بأس ، ويلك يا عباد انما انا بضعة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا تؤذني ، وكان عباد يلبس ثوبين قطريين.

٨٠ ـ في تفسير العياشي عن الحكم بن عيينة قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام وعليه إزار أحمر ، قال فأحددت النظر اليه (٣) فقال : يا أبا محمد ان هذا ليست به بأس ثم تلا : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).

٨١ ـ عن الوشاء عن الرضا عليه‌السلام قال : كان على بن الحسين عليهما‌السلام يلبس الجبة والمطرف (٤) من الخز والقلنسوة ويبيع المطرف ويتصدق بثمنه و

__________________

(١) العزالى جمع العزلاء : فم المزادة وأرخت اي أرسلت يقال أرخت السماء عزاليها وهذا كناية عن شدة وقع لمطر وكأن المراد في الحديث فتحت أبوابها من كل جانب.

(٢) اي المنسوب الى مرو.

(٣) أحد اليه النظر ـ بتشديد الدال ـ : بالغ في النظر اليه.

(٤) المطرف : ـ بضم الميم وفتحها ـ رداء من خز مربع ذو أعلام ، قال الفراء : أصله الضم لأنه مأخوذ من أطرف اي جعل في طرفيه العلمان.

٢٢

يقول : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)

٨٢ ـ عن يوسف بن إبراهيم قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وعلى جبة خز وطيلسان خز (١) فنظر إلي ، فقلت : جعلت فداك عليّ جبة خز وطيلسان خز ، ما تقول فيه؟ قال : ولا بأس بالخز ، قلت : وسداه أبريسم (٢) فقال : لا بأس به فقد أصيب الحسين بن على عليه‌السلام وعليه جبة خز.

٨٣ ـ عن احمد بن محمد عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : كان على بن الحسين يلبس الثوب بخمسمأة دينار والمطرف بخمسين دينارا يشتو فيه (٣) فاذا ذهب الشتاء باعه وتصدق بثمنه.

٨٤ ـ وفي خبر عمر بن على عن أبيه عن الحسين عليه‌السلام (٤) انه كان يشترى الكساء الخز بخمسين دينارا ، فاذا صاف تصدق به لا يرى بذلك بأسا ويقول : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).

٨٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : واعلموا يا عباد الله ان المتقين جازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، أباحهم الله في الدنيا ما كفاهم به وأغناهم ، قال الله عزوجل : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت ، وأكلوها بأفضل ما أكلت ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون

__________________

(١) الطيلسان ـ بالفتح وتثليث اللام ـ : كساء مدور أخضر لا أسفل له يلبسه الخواص من العلماء والمشايخ وهو من لباس العجم.

(٢) السدي من الثوب : ما مد من خيوطة ويقال له بالفارسية «تار» وهو بخلاف اللحمة «پود».

(٣) شتا يشتو بالبلد : اقام به شتاء.

(٤) وفي المصدر «عمر بن علي عن أبيه علي بن الحسين (ع) اه».

٢٣

وشربوا من طيبات ما يشربون ، ولبسوا من أفضل ما يلبسون وسكنوا من أفضل ما يسكنون ، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون ، وركبوا من أفضل ما يركبون ، وأصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا وهم غدا جيران الله ، يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون لا ترد لهم دعوة ، ولا ينقص لهم نصيب من اللذة ، فالى هذا يا عباد الله يشتاق اليه من كان له عقل.

٨٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن احمد عن محمد بن عبد الله بن احمد عن على بن النعمان عن صالح بن حمزة عن أبان بن مصعب عن يونس بن ظبيان أو المعلى بن خنيس قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما لكم من هذه الأرض؟ فتبسم ثم قال : ان الله تبارك تعالى بعث جبرئيل عليه‌السلام وامره ان يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض ، منها سيحان وجيحان وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش (١) ومهران وهو نهر الهند ونيل مصر ودجلة والفرات فما سقت أو استقت فهو لنا ، وما كان لنا فهو لشيعتنا ، وليس لعدونا منه شيء الا ما غصب عليه ، وان ولينا لفي أوسع فيما بين ذه الى ذه يعنى من السماء الى الأرض ، ثم تلا هذه الاية : (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) المغصوبين عليها (خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) بلا غصب.

٨٧ ـ على بن محمد عن صالح بن أبي حماد وعدة من أصحابنا عن احمد بن محمد وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين عليه‌السلام على عاصم بن زياد حين لبس العبا وترك الملا وشكاه اخوه الربيع بن زياد الى أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قد غم اهله وأحزن ولده بذلك ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام على بعاصم بن زياد فجيء به فلما رآه عبس في وجهه فقال له : اما استحييت من أهلك أما رحمت ولدك أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها؟ أنت أهون على الله من ذلك ، أوليس الله يقول : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) أوليس يقول : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) الى قوله : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب اليه من ابتذالها بالمقال ، وقد قال

__________________

(١) بلد بما وراء النهر.

٢٤

عزوجل : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) فقال عاصم : يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة (١) وفي ملبسك على الخشونة؟ فقال : ويحك ان الله عزوجل فرض على أئمة العدل ان يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ (٢) بالفقير فقره فألقى عاصم بن زياد العبا ولبس الملاء.

٨٨ ـ في نهج البلاغة ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا وأنت إليها في الاخرة كنت أحوج وبلى ان شئت بلغت بها الاخرة تقرى فيها الضيف وتصل فيها الرحم وتطلع منها الحقوق مطالعها ، فاذا أنت قد بلغت بها الاخرة ، فقال له العلاء يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد قال : وما له؟ قال : قد لبس العباء وتخلى من الدنيا قال على به فلما جاء قال : يا عدى نفسه لقد استهام بك الخبيث (٣) اما رحمت أهلك وولدك أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره ان تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك ، قال : يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك؟ قال : ويحك اني لست كانت ان الله عزوجل فرض على أئمة العدل ان يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره.

٨٩ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن ابى وهب عن محمد بن منصور قال : سئلت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) قال : فقال : ان القرآن له ظهر وبطن ، فجميع ما حرم القرآن من ذلك أئمة الجور ، وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الحق.

٩٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) قال : من ذلك أئمة الجور.

٩١ ـ في الكافي ابو على الأشعري عن بعض أصحابنا وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن على بن أبي حمزة عن أبيه عن على بن يقطين قال : سأل المهدي

__________________

(١) مر معناه في ذيل حديث ٧٦.

(٢) التبيغ : الهيجان والغلبة.

(٣) عدى تصغير عدو ، واستهام بك الخبيث اي جعلك هائما ضالا والباء زائدة ..

٢٥

أبا الحسن عليه‌السلام عن الخمر هل محرمة في كتاب الله عزوجل؟ فان الناس انما يعرفون النهى عنها ولا يعرفون التحريم لها ، فقال له ابو الحسن عليه‌السلام : بل هي محرمة في كتاب الله جل اسمه يا أمير المؤمنين ، فقال له : في اى موضع محرمة في كتاب الله جل اسمه يا أبا الحسن؟ فقال قول الله عزوجل : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) فاما قوله : (ما ظَهَرَ مِنْها) يعنى الزنا المعلن ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهلية واما قوله عزوجل : (وَما بَطَنَ) يعنى ما نكح من الاباء لان الناس كانوا قبل ان يبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان للرجل زوجة ومات تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن امة فحرم الله عزوجل ذلك واما الإثم فانها الخمر بعينها (١) وقد قال الله عزوجل في موضع آخر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) فاما الإثم في كتاب الله فهي الخمر والميسر وإثمهما كبير كما قال الله تعالى ، فقال المهدي : يا علي بن يقطين هذه والله فتوى هاشمية قال : فقلت له : صدقت والله يا أمير المؤمنين الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت ، قال : فو الله ما صبر المهدي ان قال لي : صدقت يا رافضي.

٩٢ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية رضى الله عنه : يا بنى لا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كلما تعلم.

٩٣ ـ في نهج البلاغة وقال عليه‌السلام : علامة الايمان ان تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك ، والا يكون في حديثك فضل عن علمك ، وان تتقى الله في حديث غيرك.

٩٤ ـ في عيون الاخبار باسناده عن على بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من افتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السموات والأرض.

٩٥ ـ في كتاب الخصال عن مفضل بن يزيد قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : أنهاك عن خصلتين فيما هلك الرجال ، ان تدين الله بالباطل وتفتي الناس بما لا تعلم.

٩٦ ـ عن عبد الرحمان بن الحجاج قال : قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : إياك وخصلتين

__________________

(١) وقال الشاعر : «شربت الإثم حتى ضل عقلي** كذاك الإثم يفعل بالعقول».

٢٦

فيهما هلك من هلك إياك ان تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم.

٩٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى جعفر بن سماعة عن غير واحد عن زرارة قال سئلت أبا جعفر عليه‌السلام ما حجة الله على العباد؟ قال : ان يقولوا ما يعلمون ، ويقفوا عند ما لا يعلمون.

٩٨ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن محمد الأزدي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : (إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ الى قوله تَعْمَلُونَ) قال تعد السنين ثم تعد الشهور ثم تعد الأيام ثم تعد الساعات ثم تعد الأنفاس. فاذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.

٩٩ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قال : الأجل الذي غير مسمى موقوف يقدم منه ما شاء ويؤخر منه ما شاء ، واما الأجل المسمى فهو الذي ينزل مما يريد ان يكون من ليلة القدر الى مثلها من قابل ، فذلك قول الله : إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون

١٠٠ ـ عن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قال : المسمى ما يسمى لملك الموت في تلك الليلة ، وهو الذي قال الله : (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) هو الذي يسمى لملك الموت في ليلة القدر ، والاخر فيه المشية ان شاء قدمه وان شاء أخره.

١٠١ ـ في كتاب التوحيد حدثنا احمد بن الحسن القطان قال : حدثنا احمد بن يحيى بن زكريا القطان قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال حدثنا على بن زياد قال : حدثنا مروان بن معاوية عن الأعمش عن أبن حيان التميمي عن أبيه وكان مع على عليه‌السلام يوم صفين وفيما بعد ذلك قال : بينما على بن أبي طالب عليهما‌السلام يفنى الكتائب يوم صفين ومعاوية مستقبلة على فرس له يتأكل تحته تأكلا وعلى عليه‌السلام على فرس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المرتجز ، وبيده حربة رسول الله وهو متقلد سيفه ذا الفقار ، فقال رجل من أصحابه : احترس يا أمير المؤمنين فانا نخشى

٢٧

أن يغتالك هذا الملعون ، فقال على عليه‌السلام : لئن قلت ذلك انه غير مأمون على دينه ، وانه لاشقى القاسطين وألعن الخارجين على الأئمة المهتدين ، ولكن كفى بالأجل حارسا ليس أحد من الناس الا ومعه ملائكة حفظة يحفظونه من ان يتردى في بئر أو أو يقع عليه حائط أو يصيبه سوء فاذا حان اجله خلوا بينه وبين ما يصيبه وكذلك إذا حان اجلى انبعث أشقاها فخضب هذه من هذا وأشار بيده الى لحيته ورأسه عهدا معهودا ووعدا غير مكذوب.

١٠٢ ـ وباسناده الى الأصبغ بن نباتة قال : ان أمير المؤمنين عليه‌السلام عدل من عند حائط مايل الى حائط آخر ، فقيل له : يا أمير المؤمنين تفر من قضاء الله ، قال : أفر من قضاء الله الى قدر الله عزوجل.

١٠٣ ـ وباسناده الى عمرو بن جميع عن جعفر بن محمد قال : حدثني أبي عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : دخل الحسين بن على عليهما‌السلام على معاوية فقال له : ما حمل أباك على أن قتل أهل البصرة ثم دار عشيا في طرقهم في ثوبين؟ فقال عليه‌السلام : حمله على ذلك علمه ان ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، قال : صدقت.

١٠٤ ـ قال : وقيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام لما أراد قتال الخوارج لو احترزت يا أمير المؤمنين! فقال عليه‌السلام :

اي يومى من الموت أفر

يوم ما قدر أو يوم قدر

يوم لم يقدر لا أخشى الردى

وإذا قدر لم يغن الحذر (١)

__________________

(١) «وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب : وكان مكتوبا على درع علي (ع) :

اي يومى من الموت أفر

يوم لا يقدر أم يوم قدر

يوم لا اقدر لا أخشى الوغى

يوم قد قدر لا يغني الحذر

وكان مكتوبا على علم أمير المؤمنين (ع) :

الحرب ان باشرتها

فلا يكن منك الفشل

واصبر على أهوالها

لا موت الا بالأجل.

منه عفي عنه» (عن هامش بعض النسخ.

٢٨

١٠٥ ـ وباسناده الى عبد الرحمان بن جندب عن أبيه وغيره عن الحسن بن على عليهما‌السلام كلام طويل وفيه أن عليا عليه‌السلام في المحيي والممات والمبعث ، عاش بقدر ومات بأجل.

١٠٦ ـ وباسناده الى يحيى بن كثير قال : قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : الا نحرسك؟ قال : حرس كل امرء أجله.

١٠٧ ـ وباسناده الى سعيد بن وهب قال : كنا مع سعيد بن قيس بصفين ليلا والصفان ينظر كل واحد منهما الى صاحبه حتى جاء أمير المؤمنين عليه‌السلام فنزلنا على قناة (١) فقال له سعيد بن قيس : أفى هذه الساعة يا أمير المؤمنين؟ أما خفت شيئا؟ قال : واي شيئ أخاف؟ انه ليس من أحد الا ومعه ملكان موكلان به ان يقع في بئر أو تضربه دابة أو يتردى من جبل حتى يأتيه القدر ، فاذا أتى القدر خلوا بينه وبينه.

١٠٨ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وما أضلنا الا المجرمون يعنون المشركون الذين اقتدوا بهم هؤلاء فاتبعوهم على شركهم ، وهم قوم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد وتصديق ذلك قول الله عزوجل : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ) ليس هم اليهود الذين قالوا عزير ابن الله ولا النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله ، سيدخل الله اليهود والنصارى النار ويدخل قوم بأعمالهم وقولهم : وما أضلنا الا المجرمون ، إذ دعونا الى سبيلهم ذلك قول الله عزوجل فيهم حين جمعهم الى النار : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ) وقوله : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) برىء بعضهم من بعض ولعن بعضهم بعضا يريد بعضهم ان يحج بعضا ، رجاء الفلج فيفلتوا (٢) من عظيم ما نزل بهم ، وليس بأوان بلوى ولا اختيار ، ولا قبول معذرة ولا

__________________

(١) القناة : البئر.

(٢) الفلج : الفوز والظفر. والإفلات : التخلص من الشيء.

٢٩

ـ حين نجاة.

١٠٩ ـ في مجمع البيان : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) قال الصادق عليه‌السلام : يعنى أئمة الجور.

١١٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال أيضا : (وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) قال شماتة بهم.

١١١ ـ في تفسير العياشي عن منصور بن يونس عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) نزلت في طلحة وزبير والجمل جملهم.

١١٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) فانه حدثني أبى عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن ضريس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزلت هذه الاية في طلحة والزبير وجملهم ، قوله : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) قال : العداوة تنزع منهم اى من المؤمنين في الجنة.

١١٣ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : تفتح أبواب السماء في خمس مواقيت : عند نزول الغيث ، وعند الزحف ، وعند الأذان ، وعند قراءة القرآن مع زوال الشمس ، وعند طلوع الفجر.

١١٤ ـ وعن على عليه‌السلام وقد سأله بعض اليهود عن مسائل : اما أقفال السموات فالشرك بالله ، ومفاتيحها قول لا اله الا الله.

١١٥ ـ في مجمع البيان روى عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام انه قال : اما المؤمنون فترفع أعمالهم وأرواحهم الى السماء ، فتفتح لهم أبوابها ، واما الكافر فيصعد بعمله وروحه حتى إذا بلغ الى السماء نادى مناد : اهبطوا به الى سجين وهو واد بحضرموت يقال له برهوت.

١١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ)

٣٠

قال : العداوة تنزع منهم اى من المؤمنين في الجنة.

١١٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن احمد بن محمد عن ابن هلال عن أبيه عن أبي السفاتج عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) فقال : إذا كان يوم القيمة دعا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبأمير المؤمنين وبالأئمة من ولده عليهم‌السلام فينصبون للناس فاذا رأتهم شيعتهم (قالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) ، يعنى هدينا الله في ولاية أمير المؤمنين والائمة من ولده عليهم‌السلام.

١١٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل فيه خطبة الغدير وفيها : معاشر الناس سلموا على علي عليه‌السلام بامرة المؤمنين وقولوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ).

١١٩ ـ في مجمع البيان وعن عاصم بن حمزة عن على عليه‌السلام انه ذكر أهل الجنة فقال : يحيون ويدخلون فاذا أساس بيوتهم من حندل اللؤلؤ (١) وسرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابى مبثوثة ولولا ان الله تعالى قدرها لهم لا لتمعت أبصارهم لما يرون ، ويعانقون الأزواج ، ويقعدون على السرر ، ويقولون : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا).

١٢٠ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن الدهقان عن درست عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قال إذا ركب الدابة : بسم الله لا حول ولا قوة الا بالله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ) الاية (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) حفظت له دابته ونفسه.

١٢١ ـ في مجمع البيان وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ما من أحد الا وله منزل في الجنة ومنزل في النار ، فاما الكافر فيرث المؤمن منزله من النار ، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة ، فذلك قوله : أورثتموها بما كنتم تعملون.

__________________

(١) الجندل : الحجارة.

٣١

١٢٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن احمد بن عمر الحلال قال : سئلت أبا الحسن عليه‌السلام عن قوله : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) قال : المؤذن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

١٢٣ ـ في مجمع البيان (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ) الاية روى الحاكم ابو القاسم الحسكاني باسناده عن محمد بن الحنفية عن على عليه‌السلام انه قال : انا ذلك المؤذن.

١٢٤ ـ في كتاب معاني الاخبار خطبة لعلى عليه‌السلام يذكر فيها نعم الله عزوجل عليه وفيها يقول عليه‌السلام : الا وانى مخصوص في القرآن بأسماء ، احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم ، وانا المؤذن في الدنيا والاخرة قال الله عزوجل : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) انا ذلك المؤذن وقال : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) وانا ذلك الأذان.

١٢٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : المؤذن أمير المؤمنين صلوات الله عليه يؤذن اذانا يسمع الخلائق.

١٢٦ ـ وفيه وقال الصادق عليه‌السلام : كل امة يحاسبها امام زمانها ويعرف الائمة أوليائهم وأعداءهم بسيماهم وهو قوله : وعلى الأعراف (رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) فيعطوا أوليائهم كتابهم بيمينهم فيمروا الى الجنة بلا حساب ، ويعطوا أعدائهم كتابهم بشمالهم فيمروا الى النار بلا حساب.

١٢٧ ـ في كتاب معاني الاخبار خطبة لعلى عليه‌السلام يذكر فيها نعم الله عزوجل عليه وفيها يقول عليه‌السلام : ونحن أصحاب الأعراف انا وعمى وأخي وابن عمى و (اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) لا يلج النار لنا محب ولا يدخل الجنة لنا مبغض ، لقول الله عزوجل : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ).

١٢٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن عبد الله بن عبد الرحمن عن الهيثم بن واقد عن صفوان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام

٣٢

يقول : جاء ابن الكوا الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) فقال : نحن على الأعراف ، نعرف أنصارنا بسيماهم ونحن الأعراف الذين لا يعرف الله عزوجل الا بسبيل معرفتنا ونحن الأعراف يعرفنا الله عزوجل يوم القيامة على الصراط ، فلا يدخل الجنة الا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار الا من أنكرنا وأنكرناه.

١٢٩ ـ في كشف المحجة لابن طاوس (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل ، فيه : فالاوصياء قوام عليكم بين الجنة والنار ، لا يدخل الجنة الا من عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار الا من أنكرهم وأنكروه ، لأنهم عرفاء العباد عرفهم الله إياهم عند أخذ المواثيق عليهم بالطاعة لهم ، فوصفهم في كتابه فقال عزوجل : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) وهم الشهداء على الناس والنبيون شهدائهم بأخذهم لهم مواثيق العباد بالطاعة.

١٣٠ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على عليه‌السلام قال : انا يعسوب المؤمنين ، وانا أول السابقين وخليفة رسول رب العالمين ، وانا قسيم الجنة والنار ، وأنا صاحب الأعراف.

١٣١ ـ عن هشام (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله عزوجل : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) ما يعنى بقوله : وعلى الأعراف رجال؟ قال :

ألستم تعرفون عليكم عرفاء على قبائلكم لتعرفون من فيها من صالح أو طالح؟ قلت : بلى قال : فنحن أولئك الرجال الذين يعرفون كلا بسيماهم.

١٣٢ ـ عن زاذان عن سلمان قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلى عليه‌السلام أكثر من عشر مرات : يا على انك والأوصياء من بعدك اعراف بين الجنة والنار ، ولا يدخل الجنة الا من عرفكم وعرفتموه ولا يدخل النار الا من أنكركم وأنكرتموه.

١٣٣ ـ عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه‌السلام في هذه الاية : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) قال : يا سعدهم آل محمد عليهم‌السلام ، لا يدخل الجنة

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «هلقام» بدل «هشام».

٣٣

الا من عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار الا من انكرهم وأنكروه.

١٣٤ ـ عن الثمالي قال : سئل ابو جعفر عليه‌السلام (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) فقال ابو جعفر : نحن الأعراف الذين لا يعرف الله الا بسبب معرفتنا ونحن الأعراف الذين لا يدخل الجنة الا من عرفنا وعرفناه ولا يدخل النار الا من أنكرنا وأنكرناه ، وذلك بان الله لو شاء ان يعرف الناس نفسه لعرفهم ولكن جعلنا سببه وسبيله وبابه الذي يؤتى.

١٣٥ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : ولأهل التواضع سيماء يعرفه أهل السماء من الملائكة ، وأهل الأرض من العارفين ، قال الله تعالى : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ).

١٣٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عن بريد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الأعراف كثبان (١) بين الجنة والنار ، والرجال الائمة صلوات الله عليهم يقفون على الأعراف مع شيعتهم وقد سبق المؤمنون الى الجنة ، فيقول الائمة لشيعتهم من أصحاب الذنوب : انظروا الى إخوانكم في الجنة قد سبقوا إليها بلا حساب ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) ثم يقال لهم : أنظروا الى أعدائكم في النار وهو قوله : وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار (قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ) في النار فقالوا ما اغنى عنكم جمعكم في الدنيا وما كنتم تستكبرون ثم يقولون لمن في النار من أعدائهم : أهؤلاء شيعتي وإخواني الذين كنتم أنتم تحلفون في الدنيا لا (يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) ثم يقول الائمة لشيعتهم : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ) ولا أنتم تحزنون.

١٣٧ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن أسباط عن سليم مولى طربال قال حدثني هشام عن حمزة بن الطيار قال : قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : الناس على ستة أقسام قال : قلت : تأذن ان أكتبها؟ قال : نعم ، قلت : ما اكتب؟

__________________

(١) الكثبان جمع الكثيب : التل من الرمل.

٣٤

قال : اكتب أصحاب الأعراف ، قال : قلت : وما أصحاب الأعراف؟ قال : قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فان أدخلهم النار فبذنوبهم ، وان أدخلهم الجنة فبرحمته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن زرارة قال : دخلت أنا وحمران أو انا وبكير على أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : انا نمد المطمار قال : وما المطمار؟ قلت : التر (١) فمن وافقنا من علوي أو غيره توليناه ، ومن خالفنا من علوي أو غيره تبرينا منه ، فقال لي : يا زرارة قول الله اصدق من قولك اين الذين (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) ، اين أصحاب الأعراف ، اين المؤلفة قلوبهم؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٩ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن حماد عن حمزة بن الطيار قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : الناس على ست فرق يؤلون (٢) كلهم الى ثلث فرق : الايمان والكفر والضلال وهم أهل الوعيد ، الذين وعدهم الله الجنة والنار المؤمنون والكافرون والمستضعفون والمرجون لأمر الله اما يعذبهم واما يتوب عليهم والمعترفون (بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) وأهل الأعراف.

١٤٠ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن زرارة بن أبي جعفر عليه‌السلام قال : اقبل على فقال لي : ما تقول في أصحاب الأعراف؟ فقلت : ما هم الا مؤمنين أو كافرين ان دخلوا الجنة فهم مؤمنون ، وان دخلوا النار فهم كافرون ، فقال : والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين ولو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون ، ولو كانوا كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون ، ولكنهم قد استوت حسناتهم سيئاتهم ، فقصرت

__________________

(١) المطمار : خيط للبناء يقدر به وكذا التر ـ بضم التاء ـ قال الفيض (ره) يعنى انا نضع ميزانا لتولينا الناس وبرائتنا منهم وهو ما نحن عليه من التشيع ، فمن استقام معنا عليه فهو ممن توليناه ومن مال عنه وعدل فنحن منه براء كائنا من كان.

(٢) اى يرجعون.

٣٥

ـ بهم الأعمال وانهم لكما قال الله عزوجل فقلت : أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار؟ فقال : اتركهم حيث تركهم الله ، قلت : أفترجئهم؟ قال : نعم أرجئهم كما أرجأهم الله ، ان شاء أدخلهم الجنة برحمته ، وان شاء ساقهم الى النار بذنوبهم ولم يظلمهم ، فقلت : هل يدخل الجنة كافر؟ قال : لا قلت : فهل يدخل النار الا كافر؟ قال : فقال : لا الا ان يشاء الله ، يا زرارة اننى أقول ما شاء الله وأنت لا تقول ما شاء الله ، اما انك ان كبرت رجعت وتحللت عندك عقدك ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤١ ـ في تفسير العياشي عن كرام (١) قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا كان يوم القيمة اقبل سبع قباب من نور يواقيت خضر وابيض في كل قبة امام دهره قد احف به أهل دهره برها وفاجرها حتى يقفون بباب الجنة فيطلع أولها صاحب قبة اطلاعة فيميز أهل ولايته من عدوه ، ثم يقبل على عدوه فيقول : أنتم (الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ) اليوم [يقوله] لأصحابه فتسود وجوه الظالمين فيمر أصحابه الى الجنة وهم يقولون : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فاذا نظر أهل القبة الثانية الى قلة من يدخل الجنة وكثرة من يدخل النار خافوا ان لا يدخلوها وذلك قوله : (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ).

١٤٢ ـ في مجمع البيان وروى ان في قراءة عبد الله بن مسعود وسالم «وإذا قلبت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا عائذا بك ان لا تجعلنا مع القوم الظالمين» وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٤٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمة الله عليه» عن عبد الرحمان بن عبد الله الزهري قال : حج هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متكيا على يد سالم مولاه ومحمد بن على بن الحسين صلوات الله عليهم جالس في المسجد ، فقال له سالم : يا أمير المؤمنين هذا محمد بن على بن الحسين فقال هشام : المفتون به أهل العراق؟ قال نعم ، قال : اذهب اليه فقل له : يقول لك أمير المؤمنين : ما الذي يأكل الناس ويشربون الى ان يفصل بينهم يوم القيمة؟ فقال ابو جعفر عليه‌السلام : يحشر الناس

__________________

(١) كرام لقب عبد الكريم بن عمرو الخثعمي.

٣٦

على مثل قرصة النقي (١) فيها أنهار منفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغ الناس من الحساب ، قال : فرأى هشام انه قد ظفر به فقال : الله أكبر اذهب اليه فقل له : ما اشغلهم عن الاكل والشرب يومئذ؟ فقال ابو جعفر عليه‌السلام : هم في النار اشغل ولم يشتغلوا عن ان قالوا : أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله فسكت هشام لا يرجع كلاما

١٤٤ ـ في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أحدهما عليهما‌السلام قال : ان أهل النار يموتون عطاشا ، ويدخلون قبورهم عطاشا ، ويدخلون جهنم عطاشا ، فترفع لهم قراباتهم من الجنة فيقولون : (أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ).

١٤٥ ـ عن الزهري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يَوْمَ التَّنادِ) يوم ينادى أهل النار أهل الجنة (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ).

١٤٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال سئل نافع مولى عمر بن الخطاب أبا جعفر محمد بن على عليهما‌السلام فقال : يا أبا جعفر أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) اى ارض تبدل؟ فقال ابو جعفر عليه‌السلام : بخبزة بيضاء يأكلون منها حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ، فقال نافع : انهم عن الاكل لمشغولون؟ فقال ابو جعفر عليه‌السلام : هم حينئذ اشغل أم هم في النار؟ فقال نافع : بل هم في النار ، قال : فقد قال الله : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) ما شغلهم إذ دعوا الطعام فأطعموا الزقوم ، ودعوا الشراب فسقوا الحميم ، قال : صدقت يا ابن رسول الله والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٧ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل ، وفيه : وانما يجازى من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم كما قال الله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) وقال عزوجل : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) اى نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا.

١٤٨ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام :

__________________

(١) قال ابن الأثير : يعنى الخبز الحوارى. والحوارى : الدقيق الأبيض.

٣٧

وقد سأله رجل ، عما اشتبه عليه من آيات الكتاب : وكذلك تفسير قوله عزوجل : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) يعنى بالنسيان انه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به وبرسله وخافوه بالغيب وقد يقول العرب في باب النسيان : قد نسينا فلان فلا يذكرنا ، اى انه لا يأمر لهم بخير ولا يذكرهم به.

١٤٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) فهو من الآيات التي تأويلها بعد تنزيلها ، قال : ذلك في قيام القائم عليه‌السلام ويوم القيمة (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) اى تركوه (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) قال : هذا يوم القيمة (أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) قوله (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) قال : في ستة أوقات.

١٥٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمة الله عليه» حديث طويل وفيه واما قوله : (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) فان الله جل ذكره انزل عزائم الشرائع وآيات الفرائض في أوقات مختلفه ، كما خلق السموات والأرض في ستة أيام ، ولو شاء الله ان يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق ، ولكنه جعل الاناة والمداراة مثالا لامنائه وإيجابا للحجة على خلقه ، وستسمع تتمة هذا الكلام عند قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) ان شاء الله تعالى.

١٥١ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله خلق الشهور اثنى عشر شهرا وهي ثلاثمائة وستون يوما فحجز منها ستة أيام خلق فيها السموات والأرض فمن ثم تقاصرت الشهور.

١٥٢ ـ عن بكر بن على بن عبد العزيز عن أبيه قال : سئلت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السنة كم هي يوما؟ قال : ثلاثمائة وستون يوما منها ستة أيام خلقها الله فيها السموات والأرض فطرحت من أصل السنة فصار السنة ثلاثمائة واربعة وخمسين يوما.

١٥٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن

٣٨

محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال من بات بأرض قفر فقرأ هذه الاية : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) الى قوله : (تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) حرسته الملائكة وتباعدت عنه الشياطين ، قال : فمضى الرجل فاذا هو بقرية خراب فبات فيها ولم يقرء هذه الاية فتغشاه الشياطين ، فاذا هو آخذ بخطمه (١) فقال له صاحبه : أنظره واستيقظ الرجل فقرأ الاية فقال الشيطان لصاحبه : أرغم الله أنفك أحرسه الآن حتى يصبح ، فلما أصبح رجع الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فأخبره وقال له : رأيت في كلامك الشفاء والصدق ، ومضى بعد طلوع الشمس فاذا هو بأثر شعر الشيطان مجتمعا في الأرض ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥٤ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام : يا على من يخاف ساحرا أو شيطانا فليقرأ : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الاية.

١٥٥ ـ في روضة الواعظين للمفيد «ره» وروى ان اليهود أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألته عن خلق السموات والأرض؟ فقال : خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال وما فيهن يوم الثلثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء المداين والعمران والخراب ، وخلق يوم الخميس السماء ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة ، قالت اليهود ، ثم ماذا يا محمد؟ قال : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ).

١٥٦ ـ وفيها قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خلق الله الجنة يوم الخميس وسماه مونسا

١٥٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) يعنى استوى تدبيره وعلا امره.

١٥٨ ـ وعن الحسن بن راشد قال : سئل ابو الحسن موسى عليه‌السلام عن قول الله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فقال : استولى على ما دق وجل.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : ستسمع لهذه الاية مزيد بيان في هود عند قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) وفي طه عند قوله :

__________________

(١) الخطم من كل دابة : مقدم أنفه وفمه.

٣٩

تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى).

١٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم باسناده الى علي بن الحسين عليهما‌السلام حديث طويل وفي آخره قال : وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الأرض مسيرة خمس مأة سنة ، الخراب منها مسيرة اربعمأة عام ، والعمران منها مسيرة مأة عام ، والشمس ستون فرسخا في ستين فرسخا ، والقمر أربعون فرسخا في أربعين فرسخا ، بطونهما يضيئان لأهل السماء ، وظهورهما لأهل الأرض ، والكواكب كأعظم جبل على الأرض ، وخلق الشمس قبل القمر.

١٦٠ ـ وقال سلام بن المستنير قلت لابي جعفر عليه‌السلام : لم صارت الشمس أحر من القمر؟ قال : ان الله تعالى خلق الشمس من نور النار وصفو الماء طبقا من هذا وطبقا من هذا حتى إذا صارت سبعة أطباق ألبسها لباسا من نار ، فمن هنالك صارت أحر من القمر ، قلت : فالقمر؟ قال : ان الله خلق القمر من ضوء نور النار وصفو الماء طبقا من هذا وطبقا من هذا حتى إذا صارت سبعة أطباق ألبسها لباسا من ماء ، فمن هنالك صار القمر أبرد من الشمس.

١٦١ ـ في الخرائج والجرائح قال أبو همام : سئل محمد بن صالح أبا محمد عليه‌السلام عن قوله تعالى (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) فقال : له الأمر من قبل ان يأمر به ، وله الأمر من بعد ان يأمر به مما يشاء ، فقلت في نفسي : هذا قول الله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) فأقبل علي وقال : هو كما أسررت في نفسك : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (١)

١٦٢ ـ في مجمع البيان : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان في غزاة ، فأشرف على واد فجعل الناس يهللون ويكبرون ويرفعون أصواتهم ، فقال ايها الناس اربعوا على أنفسكم (٢) اما انكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، انكم تدعون

__________________

(١) وزاد في المصدر بعد الاية قوله : «قلت أشهد انك حجة الله وابن حجته في عباده وخلقه».

(٢) اربع على نفسك اى توقف.

٤٠