تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

١٢٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) قال : يعلم من بقي ان الله عزوجل نصره. قال عز من قايل (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) الآية.

١٢٣ ـ في روضة الكافي باسناده الى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار ، ويكثر الكفار في أعين الناس فشد عليه جبرئيل عليه‌السلام بالسيف فهرب منه وهو يقول : يا جبرئيل انى مؤجل حتى وقع في البحر ، قال : فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام : لأي شيء يخاف وهو مؤجل؟ قال : يقطع بعض أطرافه.

١٢٤ ـ في مجمع البيان ـ و (إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) الآية واختلف في ظهور الشيطان يوم بدر كيف كان؟ فقيل : ان قريشا لما اجتمعت المسير ذكرت الذي بينها وبين بنى بكر بن عبد مناف بن كنانة من الحرب (١) وكاد ذلك أن يثنيهم (٢) فجاء إبليس في جند من الشياطين فتبدى لهم في صورة سراقة بن مالك بن جشعم الكناني ثم المدلجي وكان من أشراف كنانة (وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) اى مجيركم من كنانة ، فلما رأى إبليس الملائكة نزلوا من السماء وعلم انه لا طاقة له بهم (نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ) عن ابن عباس والسدي والكلبي وغيرهم ، وقيل : انهم لما التقوا كان إبليس في صف المشركين آخذا بيد الحارث ابن هشام فنكص على عقبيه فقال له الحارث : يا سراقة أتخذ لنا على هذه الحال؟ فقال له : (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) فقال : والله ما نرى الا جعاسيس يثرب (٣) فدفع في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس ، فلما قدموا مكة قالوا : هزم الناس

__________________

(١) وفي بعض النسخ «بن الحارث» مكان «من الحرب» ولا تخلو احدى النسختين من التصحيف.

(٢) ثناه تثنية : جعله اثنين ، وهذا كناية وأراد التفريق والتشتت الى فرقتين أو أكثر.

(٣) جماسيس جمع الجعسوس : القصير الدميم.

١٦١

سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال : والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم فقالوا : انك أتيتنا يوم كذا فحلف لهم ، فلما أسلموا وعلموا ان ذلك كان الشيطان عن الكلبي وروى ذلك عن ابى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام. قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه» قد سبق لهذه الآية بيان عن على بن إبراهيم في القصة أوائل هذه السورة.

١٢٥ ـ في تفسير العياشي عن عمرو بن أبى المقدام عن أبيه عن على بن الحسين عليهما‌السلام قال : لما عطش القوم يوم بدر انطلق على عليه‌السلام بالقربة يستقى وهو على القليب (١) إذ جاءت ريح شديدة ثم مضت ، فلبث ما بدا له ثم جاءت ريح ، اخرى ثم مضت ، ثم جائته اخرى كاد أن يشغله وهو على القليب ، ثم جلس حتى مضى ، فلما رجع الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره بذلك فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اما الريح الاول جبرئيل مع ألف من الملائكة والثانية فيها ميكائيل مع ألف من الملائكة والثالثة فيها إسرافيل مع ألف من الملائكة وقد سلموا عليك وهو مدد لنا ، وهم الذين رآهم إبليس فنكص على عقبيه يمشى القهقرى حين يقول : (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ). قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه» قوله عزوجل (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) قد سبق له بيان عن على بن إبراهيم في القصة أوائل هذه السورة.

١٢٦ ـ في تفسير العياشي أبو على المحمودي عن أبيه رفعه في قول الله : (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) قال : انما أرادوا أستاههم (٢) ان الله كريم يكنى.

١٢٧ ـ في مجمع البيان روى مجاهد ان رجلا قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انى حملت على رجل من المشركين فذهبت لأضربه فندر (٣) رأسه فقال : سبقك اليه الملائكة قال عز من قائل (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا

__________________

(١) القليب : البئر قبل أن تطوى.

(٢) استاه جمع الاست.

(٣) ندر الشيء : سقط.

١٦٢

ما بأنفسهم).

١٢٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن الهيثم بن واقد الجزري قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الله عزوجل بعث نبيا من أنبيائه الى قومه وأوحى اليه ان قل لقومك انه ليس من أهل قرية ولا ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما أحب الى ما اكره الا تحولت لهم عما يحبون الى ما يكرهون ، وليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضراء فتحولوا عما اكره الى ما أحب الا تحولت لهم عما يكرهون الى ما يحبون ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٩ ـ محمد بن يحيى وابو على الأشعري عن الحسين بن اسحق عن على بن مهزيار عن حماد بن عيسى عن ابى عمر والمداينى عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : كان ابى عليه‌السلام يقول : ان الله قضى قضاء حتما الا ينعم على العبد فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك النقمة.

١٣٠ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن سنان عن سماعة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما أنعم الله على عبد بنعمة فسلبها إياه حتى يذنب ذنبا يستحق بذلك السلب.

١٣١ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وليس شيء ادعى الى تغيير نعم الله وتعجيل نقمته من اقامة على ظلم فان الله سميع دعوة المظلومين (١) وهو للظالمين بالمرصاد وقال عليه‌السلام أيضا (٢) : إياك والدماء وسفكها بغير حلها ، فانه ليس شيء أدعى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها.

١٣٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم : حدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه‌السلام

__________________

(١) وفي المصدر «فان الله يسمع دعوة المضطهدين».

(٢) هذا وما قبله من جملة ما كتبه عليه‌السلام الى الأشتر النخعي رحمه‌الله لما ولّاه على مصر وهو أطول عهد لكتبه وأجمعه للمحاسن.

١٦٣

في قوله : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) قال أبو جعفر عليه‌السلام : نزلت في بنى امية فهم اشر خلق الله ، هم الذين كفروا في باطن القرآن.

١٣٣ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن هذه ـ الآية : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) قال : نزلت في بنى امية هم شر خلق الله هم الذين كفروا في بطن القرآن ، وهم الذين لا يؤمنون هم شر خلق الله.

١٣٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) قال : نزلت في معاوية لما خان أمير المؤمنين عليه‌السلام.

١٣٥ ـ في كشف المحجة لابن طاوس (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : فقدمت البصرة وقد اتسقت الى الوجوه كلها الا الشام ، فأحببت ان اتخذ الحجة واقضى العذر ، وأخذت بقول الله : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) فبعثت جرير بن عبد الله الى معاوية معذرا اليه متخذا للحجة عليه ، فرد كتابي وجحد حقي في دفع بيعتي.

١٣٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلث من كن فيه كان منافقا وان صام وصلى وزعم انه مسلم ، من إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا وعد اخلف ، ان الله عزوجل قال في كتابه : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) وقال : (أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) وفي قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا).

١٣٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن الحسن بن طريف عن عبد الله بن المغيرة رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قول الله عزوجل : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) قال : الرمي.

١٣٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال عليه‌السلام في قول الله عزوجل (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) قال : منه الخضاب بالسواد.

١٣٩ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن عيسى عمن ذكره عن ابى عبد الله

١٦٤

عليه‌السلام في قول الله : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) قال : سيف ونرس.

١٤٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) قال : السلاح.

١٤١ ـ في مجمع البيان وروى عن عقبة بن عامر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان القوة رمى.

١٤٢ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وارتبطوا الخيل فان ظهورها لكم عز وأجوافها كنز.

١٤٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن صفوان عن ابن مسكان عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) قلت : ما السلم؟ قال : الدخول في أمرنا. قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه» : قد سبق لهذه الآية بيان عن على بن إبراهيم في القصة في اوايل هذه السورة.

١٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) قال : هي منسوخة بقوله : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ) وقوله : (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ، لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) قال : نزلت في الأوس والخزرج.

١٤٥ ـ وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : ان هؤلاء قوم كانوا معه من قريش ، فقال الله : (فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فهم الأنصار كان بين الأوس والخزرج حرب شديد وعداوة في الجاهلية ، فألف الله بين قلوبهم ونصر بهم نبيه فالذين (أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) فهم الأنصار خاصة.

١٤٦ ـ في مجمع البيان (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) وأراد بالمؤمنين الأنصار وهم الأوس والخزرج عن ابى جعفر عليه‌السلام.

١٦٥

١٤٧ ـ في أمالي شيخ الطائفة باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : المؤمن غر كريم ، والفاجر خبث لئيم ، وخير المؤمنين من كان تألفه للمؤمنين ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

١٤٨ ـ قال : وسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : شرار الناس من يبغض المؤمنين وتبغضه قلوبهم المشاؤن بالنميمة المفرقون بين الأحبة ، الباغون للناس العيب أولئك لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم يوم القيمة ، ثم تلا صلى‌الله‌عليه‌وآله : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ).

١٤٩ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وبلغ رسالات ربه فلم به الصدع ، ورتق به الفتق ، والف [به الشمل] بين ذوي الأرحام بعد العداوة الواغرة في الصدور ، والضغائن القادحة في القلوب (١).

١٥٠ ـ في تفسير العياشي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول في آخره : وقد أكره على بيعة أبى بكر مغضبا : اللهم انك تعلم ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد قال لي : ان تموا عشرين فجاهدهم ، وهو قولك في كتابك (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) قال : وسمعته يقول : اللهم فإنهم لم يتموا عشرين حتى قالها ثلثا ثم انصرف.

١٥١ ـ عن فرات بن أحنف عن بعض أصحابه عن على بن أبى طالب عليه‌السلام انه قال : ما نزل بالناس أزمة (٢) قط الا كان شيعتي فيها أحسن حالا ، وهو قول الله : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً).

١٥٢ ـ عن الحسين بن صالح قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان على صلوات الله عليه يقول : من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر من الزحف ، ومن فر من ثلثة رجال في القتال من الزحف فلم يفر.

__________________

(١) لم به : جمع. والصدق : الشق والعداوة الواغرة : ذات الوغرة وهي شدة الحر : والضغائن : الأحقاد. والقادحة في القلوب كأنها تقدح النار فيها.

(٢) الازمة : الشدة. القحط.

١٦٦

١٥٣ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : أما علمتم ان الله عزوجل قد فرض على المؤمنين في أول الأمر ان يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ، ليس له ان يولى وجهه عنهم ، ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوء مقعده من النار ، ثم حولهم رحمة منه لهم ، فصار الرجل منهم عليه ان يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله عزوجل للمؤمنين ففسح الرجلان العشرة.

١٥٤ ـ في مجمع البيان وعن ابن عباس قال : لما امسى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر والناس محبوسون بالوثاق بات ساهرا أول الليل ، فقال له أصحابه : ما لك لا تنام؟ قال : سمعت أنين عمى عباس في وثاقه فأطلقوه فسكت فنام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٥٥ ـ وروى عبيدة السلماني (١) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال لأصحابه يوم بدر في الأسارى : ان شئتم قتلتموهم وان شئتم فاديتموهم واستشهد منكم بعدتهم ، وكانت الأسارى سبعين ، فقالوا : بل نأخذ الفداء ونتمتع به ونتقوى به على عدونا ويستشهد منا بعدتهم ، قال عبيدة : طلبوا الخيرتين كلتيهما ، فقتل منهم يوم أحد سبعون.

١٥٦ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : كان الفداء يوم بدر عن كل رجل من المشركين بأربعين أوقية والاوقية أربعون مثقالا الا العباس ، فان فدائه مائة أوقية ، وكان أخذ منه حين أسر عشرون أوقية ذهبا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ذلك غنيمة ففاد نفسك وإبني أخيك نوفلا وعقيلا فقال : ليس معى شيء ، فقال أين الذهب الذي سلمته الى أم الفضل وقلت لها : ان حدث بى حدث فهو لك وللفضل وعبد الله وقثم؟ فقال : من أخبرك بهذا؟ قال : الله تعالى ، فقال : اشهد انك رسول الله ، ما اطلع على هذا أحدا الا الله تعالى قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه» قوله عزوجل : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ

__________________

(١) وفي جملة من النسخ «أبو عبيدة» ولكن الصحيح ما اخترناه قال ابن حجر في تهذيب التهذيب عبيدة بن عمرو السلماني المرادي وذكر وفاته سنت ٧٣ وقيل ٧٤. «انتهى» وعن لب اللباب ان السلماني نسبة الى سلمان مدينة بآذربيجان.

١٦٧

أَسْرى) ـ الآية نقلنا عن على بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ) له زيادة بيان فليطلب هناك.

١٥٧ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول في هذه الآية : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) قال : نزلت في العباس وعقيل ونوفل ، وقال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى يوم بدر ان يقتل أحد من بنى هاشم وابو البختري ، فأسروا فأرسل عليا عليه‌السلام فقال انظر من هاهنا من بنى هاشم ، قال : فمر على عليه‌السلام على عقيل بن ابى طالب كرم الله وجهه فحاد عنه (١) فقال له : يا ابن أم على اما والله لقد رأيت مكاني ، قال : فرجع الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : هذا ابو الفضل في يد فلان ، وهذا عقيل في يد فلان وهذا نوفل بن حارث في يد فلان ، فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) حتى انتهى الى عقيل ، فقال له : يا أبا يزيد قتل ابو جهل؟ قال : اذن لا تنازعون في تهامة فقال : ان كنتم أثخنتم القوم والا فاركبوا أكتافهم ، قال : فجيء بالعباس فقيل له : أفد نفسك وافد ابن أخيك ، فقال : يا محمد تتركني أسأل قريشا في كفي؟ فقال : أعط ما خلفت عند أم الفضل وقلت لها : ان أصابني في وجهي هذا شيء فأنفقيه على ولدك ونفسك ، فقال له : يا ابن أخى من أخبرك بهذا؟ فقال : أتاني جبرئيل من عند الله عن ذكره ، فقال ومحلوفه (٣) ما علم بهذا أحد الا انا وهي ، اشهد انك رسول الله ، قال : فرجع الأسارى كلهم [مشركين] الا العباس وعقيل ونوفل كرم الله وجوههم ، وفيهم نزلت هذه الآية (قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) الى آخر الآية.

١٥٨ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده عن أبى جعفر عن أبيه عليهما‌السلام قال : أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمال ، فقال للعباس : يا عباس ابسط رداءك وخذ من هذا المال

__________________

(١) حاد عنه : مال.

(٢) من أسماء مكة المعظمة.

(٣) ومحلوفه اى اقسم بالذي يقسم به في شرع محمد (ص) وحاصله «والله».

١٦٨

ـ طرفا (١) فبسط ردائه فأخذ منه طائفة ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا من الذي قال الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢) قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه» قوله عزوجل (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) الآية قد سبق فيما نقلنا عن على بن إبراهيم من تفسير قوله عزوجل : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ).

١٥٩ ـ في عيون الاخبار في باب جمل من اخبار موسى بن جعفر عليه‌السلام مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدي حديث طويل بينه وبين هارون وفيه قال : فلم ادعيتم انكم ورثتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والعم يحجب ابن العم وقبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد توفي ابو طالب عليه‌السلام قبله ، والعباس عمه حي؟ فقلت له : ان راى أمير المؤمنين ان يعفيني من هذه المسئلة ويسألني عن كل باب سواه يريد ، فقال : لا أو تجيب ، فقلت : فآمنى قال : قد آمنتك قبل الكلام فقلت : ان في قول على بن ابى طالب عليه‌السلام انه ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو أنثى لأحد سهم الا للأبوين والزوج والزوجة ، ولم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث ، ولم ينطق به الكتاب الا ان تيما وعديا (٣) وبنى امية قالوا : العم والد ، رأيا منهم بلا حقيقة ولا اثر عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله الى ان قال عليه‌السلام قال : زدني يا موسى ، قلت : المجالس بالأمانات وخاصة مجلسك؟ فقال : لا بأس عليك ، فقلت : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يورث من لم يهاجر ، ولا اثبت له ولاية حتى يهاجر ، فقال : ما حجتك فيه؟ فقلت قول الله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) وان عمى العباس لم يهاجر ، فقال : أسئلك يا موسى هل أفتيت

__________________

(١) الطرف ـ محركة ـ : طائفة من الشيء.

(٢) «في تفسير العياشي عن على بن أسباط انه سمع أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أتى النبي (ص) بمال وذكر الى آخر ما في قرب الاسناد سواء. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٣) المراد من التيم والعدى أبو بكر وعمر.

١٦٩

ـ بذلك أحدا من أعدائنا أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسئلة شيء؟ فقلت : اللهم لا ، وما سألنى عنها الا أمير المؤمنين.

١٦٠ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) قال : سئلتهما عن قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا)؟ قال : ان أهل مكة لا يولون (١) أهل المدينة.

١٦١ ـ في مجمع البيان (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) وروى عن أبي جعفر عليه‌السلام : انهم كانوا يتوارثون بالمواخاة الاولى.

١٦٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) فانها نزلت في الاعراب ، وذلك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صالحهم على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا الى المدينة وعلى انه إذا أرادهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غزا بهم ، وليس لهم في الغنيمة شيء وأوجبوا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان أرادهم الاعراب من غيرهم أو دهاهم دهم (٢) من عدوهم ان ينصرهم الا على قوم بينهم وبين الرسول عهد وميثاق الى مدة.

١٦٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى محمد بن الوليد عن الحسين بن بشار قال كتبت الى أبى جعفر عليه‌السلام في رجل خطب الى؟ فكتب : من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته كائنا من كان فزوجوه و (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ).

١٦٤ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن الحسين بن ثوير بن أبى فاختة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : لا تعود الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين [أبدا] ، انما جرت من على بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فلا تكون بعد على بن الحسين

__________________

(١) وفي المصدر «لا يرثون» بدل «لا يولون» ومرجع المعنى واحد.

(٢) دهاه : أصابه. والدهم : الغائلة من امر عظيم. والجماعة الكثيرة. ولعل الصحيح «أو دهمهم دهم».

١٧٠

ـ الا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.

١٦٥ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس وعلى بن محمد عن سهل بن زياد ابى سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : فلما مضى على عليه‌السلام كان الحسن أولى بها لكبره ، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك ، والله عزوجل يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين عليه‌السلام أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك ، وبلغ في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما بلغ فيك وفي أبيك ، وأذهب الله عنى الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك ، فلما صارت الى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعى عليه كما كان هو يدعى على أخيه وعلى أبيه ، ولو أراد أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا ، ثم صارت حتى أفضت الى (١) الحسين عليه‌السلام فجرى تأويل هذه الآية (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) ثم صارت من بعد الحسين لعلى بن الحسين ، ثم صارت من بعد على بن الحسين الى محمد بن على ، وقال : الرجس هو الشك والله لا نشك بربنا أبدا.

١٦٦ ـ محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن صباح الأزرق عن أبى بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ان رجلا من المختارية لقيني فزعم ان محمد بن الحنفية امام ، فغضب أبو جعفر عليه‌السلام ثم قال أفلا قلت له؟ قال : قلت لا والله ما دريت ما أقول ، قال : أفلا قلت له : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى الى على والحسن والحسين عليهما‌السلام ، فلما مضى على أوصى الى الحسن والحسين عليهم‌السلام ، ولو ذهب يزويها عنهما لقالا له : نحن وصيان مثلك ولم يكن ليفعل ذلك ، وأوصى الحسن الى الحسين ولو ذهب يزويها عنه لقال له : انا وصى مثلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن أبى ولم يكن ليفعل ذلك قال الله عزوجل : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) هي فينا وفي أبنائنا.

١٦٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن قيس

__________________

(١) وفي المصدر «حين أفضت» مكان «حتى أفضت».

١٧١

ـ عن ثابت الثمالي عن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليه‌السلام انه قال : فينا نزلت هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ).

١٦٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الرحمان بن كثير قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما عنى الله عزوجل بقوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : نزلت هذه الآية في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة عليهم‌السلام ، فلما قبض الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمير المؤمنين عليه‌السلام ثم الحسن ثم الحسين عليهم‌السلام ، ثم وقع تأويل هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) وكان على بن الحسين عليه‌السلام ، ثم جرت في الائمة من ولده الأوصياء عليهم‌السلام ، فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عزوجل.

١٦٩ ـ وباسناده الى عبد الأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الله عزوجل خص عليا عليه‌السلام بوصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما يصيبه له ، فأقر الحسن والحسين بذلك ، ثم وصيته للحسن وتسليم الحسين ذلك حتى أفضى الأمر الى الحسين لا ينازعه فيه أحد ، لأنه ليس لأحد من السابقة مثل ما له ، واستحقها على بن الحسين عليه‌السلام لقول الله عزوجل : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فلا يكون بعد على بن الحسين عليهما‌السلام الا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.

١٧٠ ـ في نهج البلاغة من كتاب له عليه‌السلام الى معاوية : وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا وهو قوله سبحانه : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) وقوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فنحن مرة اولى بالقرابة ، وتارة اولى بالطاعة.

١٧١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» وروى عبد الله بن الحسن باسناده عن آبائه عليه‌السلام انه لما اجمع ابو بكر على منع فاطمة فدك ، وبلغها ذلك جاءت اليه وقالت : يا ابن ابى قحافة أفي كتاب الله ان ترث أباك ولا أرث ابى (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا)؟ أفعلى عمد تركتم كتاب الله وراء ظهوركم إذ يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٧٢ ـ وفيه خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وفيها قال الله عزوجل : (إِنَّ أَوْلَى

١٧٢

ـ النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ) وقال عزوجل : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فنحن أولى الناس بإبراهيم ، ونحن ورثناه ونحن أولوا الأرحام الذين ورثنا الكعبة ونحن آل إبراهيم.

١٧٣ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : دخل على عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه وقد أغمي عليه ورأسه في حجر جبرئيل عليه‌السلام ، وجبرئيل على صورة دحية الكلبي ، فلما دخل على عليه‌السلام قال له جبرئيل : دونك رأس ابن عمك فأنت أحق به منى ، لان الله يقول في كتابه : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فجلس على عليه‌السلام وأخذ رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوضعه في حجره ، فلم يزل رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجره حتى غابت الشمس وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفاق فرفع رأسه ، فنظر الى على عليه‌السلام فقال : يا على اين جبرئيل؟ فقال : يا رسول الله ما رأيت الا دحية الكلبي دفع الى رأسك وقال : يا على دونك رأس ابن عمك فأنت أحق به منى ، لان الله تعالى يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فجلست وأخذت رأسك فلم يزل في حجري حتى غابت الشمس ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفصليت العصر؟ قال : لا ، قال : فما منعك ان تصلى؟ فقال : قد أغمي عليك وكان رأسك في حجري فكرهت ان أشق عليك يا رسول الله ، وكرهت ان أقوم وأصلي وأضع رأسك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم ان عليا كان في طاعتك وطاعة رسولك حتى فاتته صلوة العصر ، اللهم فرد عليه الشمس حتى يصلى العصر في وقتها قال : فطلعت الشمس فصارت في وقت العصر بيضاء نقية ، ونظر إليها أهل المدينة وان عليا قام وصلى ، فلما انصرف غابت الشمس وصلوا المغرب.

١٧٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) قال : نسخت قوله : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ).

١٧٥ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى نجران عن عاصم بن

١٧٣

ـ حميد عن محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل ، فقرأ هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فدفع الميراث الى الخالة ولم يعط المولى.

١٧٦ ـ ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان على عليه‌السلام إذا مات مولى له وترك قرابة له يأخذ من ميراثه شيئا ويقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ).

١٧٧ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سهل عن الحسن بن الحكم عن ابى جعفر عليه‌السلام انه قال في رجل ترك خالتيه ومواليه قال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) المال بين الخالتين.

١٧٨ ـ وروى احمد بن محمد بن ابى نصر عن الحسن بن موسى الخياط عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لا والله ما ورث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العباس ولا على ولا ورثته الا فاطمة عليها‌السلام ، وما كان أخذ على عليه‌السلام السلاح وغيره الا لأنه قضى عنه دينه ، ثم قال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ).

١٧٩ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابى بصير عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : الخال والخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد ، ان الله يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ).

١٨٠ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهيب عن ابن بصير عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : الخال والخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد يرث غيرهما ، ان الله يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ).

١٨١ ـ في تفسير العياشي عن ابى بصير عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : الخال والخالة يرثون إذا لم يكن معهم أحد غيرهم ، ان الله يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) إذا التقت القرابات فالسابق أحق بالميراث من قرابته.

١٨٢ ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قول الله عزوجل : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ

١٧٤

ـ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) ان بعضهم اولى بالميراث من بعض ، لان أقربهم اليه اولى به.

١٨٣ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما اختلف على بن ابى طالب عليه‌السلام وعثمان بن عفان في الرجل يموت وليس له عصبة يرثونه وله ذو قرابة لا يرثونه ليس له سهم مفروض؟ فقال على عليه‌السلام : ميراثه لذوي قرابته لان الله تعالى يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) وقال عثمان : اجعل ميراثه في بيت مال المسلمين ، ولا يرثه أحد من قرابته.

١٨٤ ـ عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان على عليه‌السلام لا يعطى الموالي شيئا مع ذي رحم سميت له فريضة أم لم تسم له فريضة وكان يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) قد علم مكانهم فلم يجعل لهم مع اولى الأرحام حيث قال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ).

١٧٥

سورة التوبة شأن نزولها

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة الأنفال وسورة البرائة في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا ، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢ ـ في تفسير العياشي عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول من قرأ برائة والأنفال في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا ، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام حقا ، ويأكل يوم القيامة من موائد الجنة مع شيعته حتى يفرغ الناس من الحساب.

٣ ـ في مجمع البيان ابى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : من قرأ سورة الأنفال والبرائة فأنا شفيع له وشاهد يوم القيمة ، انه برىء من النفاق ، واعطى من الأجر بعدد كل منافق ومنافقة في دار الدنيا عشر حسنات ، ومحى عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وكان العرش وحملته يصلون عليه أيام حياته في الدنيا.

٤ ـ وقد روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : الأنفال والبرائة واحد.

٥ ـ ٦ ـ ترك البسملة في أولها قراءة وكتابة وفيه أقوال : الى قوله «وثانيها» انه لم ينزل بسم الله الرحمن الرحيم على رأس سورة برائة لان بسم الله الرحمن الرحيم للأمان والرحمة ونزلت برائة لدفع الامان والسيف عن على بن ابى طالب عليه‌السلام.

«وإذا قيل» : كيف يجوز ان ينقض النبي ذلك العهد؟ «فالقول فيه» انه يجوز ان ينقض صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك على ثلثة أوجه «أحدها» ان يكون العهد مشروطا بان يبقى الى ان يرفعه الله تعالى بوحي ، واما يكون قد ظهر من المشركين خيانة ، واما ان يكون مؤجلا الى مدة ، وقد وردت الرواية بان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شرط عليهم ما ذكرناه ، وروى أيضا ان المشركين كانوا قد نقضوا العهد وهموا بذلك ، فأمر الله سبحانه ان ينقض عهدهم.

١٧٦

٧ ـ في تفسير العياشي عن داود بن سرحان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : كان الفتح في سنة ثمان وبرائة في سنة تسع ، وحجة الوداع في سنة عشر.

٨ ـ عن ابن العباس عن أحدهما عليهما‌السلام قال : الأنفال وسورة برائة واحدة.

٩ ـ في كتاب الخصال عن الحارث بن ثعلبة قال : قلت لسعد : أشهدت شيئا من مناقب على عليه‌السلام؟ قال : نعم شهدت له أربع مناقب ، والخامسة شهدتها لان يكون لي منهن واحدة أحب الى من حمر النعم (١) بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ببرائة ثم أرسل عليا عليه‌السلام فأخذها منه ، فرجع أبو بكر فقال : يا رسول الله أنزل في شيء؟ قال : لا الا انه لا يبلغ عنى الا رجل منى.

١٠ ـ وفي احتجاج على عليه‌السلام يوم الشورى على الناس قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد امر الله عزوجل رسوله أن يبعث ببرائة فبعث بها مع أبى بكر فأتاه جبرئيل فقال : يا محمد انه لا يؤدى عنك الا أنت أو رجل منك ، فبعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذتها من ابى بكر فمضيت فأديتها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأثبت الله على لسان رسول الله انى منه ، غيري؟ قالوا : لا.

١١ ـ وفي مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام وتعدادها قال عليه‌السلام : واما الخمسون فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث ببرائة مع ابى بكر فلما مضى أتى جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد لا يؤدى عنك الا أنت أو رجل منك فوجهني على ناقته العضباء ، فلحقته بذي الحليفة (٢) فأخذتها منه فخصني الله بذلك.

١٢ ـ عن جابر الجعفي عن ابى جعفر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد سأله رأس ـ اليهود كم : تمتحن الأوصياء في حيوة الأنبياء وبعد وفاتهم؟ قال : يا أخا اليهود ان الله تعالى امتحنني في حيوة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله في سبعة مواطن ، فوجدني

__________________

(١) حمر النعم ـ بضم الحاء وسكون الميم ـ : الإبل الحمر وهي أنفس أموال العرب وأقواها وأجلاها فجعلت كناية عن خير الدنيا كله.

(٢) ذو الحليفة : موضع بينها وبين المدينة ستة أميال ومنها ميقات أهل المدينة وهي المعروفة عندنا بمسجد الشجرة وفي وجه تسميتها خلاف ذكره الطريحي (ره) في المجمع.

١٧٧

ـ فيها من غير تزكية لنفسي بنعمة الله له مطيعا قال : فيم وفيم يا أمير المؤمنين قال : اما أوليهن الى ان قال : واما السابعة يا أخا اليهود : فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما توجه لفتح مكة أحب ان يعذر إليهم ويدعوهم الى الله آخرا كما دعاهم أولا ، فكتب إليهم كتابا يحذرهم فيه وينذرهم عذاب ربهم ، ويعدهم الصفح (١) وينذرهم ونسخ لهم في آخره سورة برائة لتقرأ عليهم ، ثم عرض على جميع أصحابه المضي به إليهم. فكل منهم يرى التثاقل فيه ، فلما رأى ذلك ندب منهم رجلا فوجهه فيه. فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد انه لا يؤدى عنك ذلك الا أنت أو رجل منك ، فأنبأنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ووجهني بكتابه ورسالته الى أهل مكة ، فأتيت مكة وأهلها من قد عرفتم ليس منهم أحد الا ولو قدر أن يضع على كل جبل منى اربا (٢) لفعل ، ولو ان يبذل في ذلك نفسه وماله وأهله وولده فبلغتهم رسالة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقرأت عليهم كتابه ، فكل تلقاني بالتهديد والوعيد ويبدي البغضاء ويظهر لي الشحناء (٣) من رجالهم ونسائهم ، فكان منى في ذلك ما قد رأيتم ، ثم التفت الى أصحابه فقال : أليس كذلك؟ فقالوا : بلى يا أمير المؤمنين.

١٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى جميع بن عمر (٤) قال : صليت في المسجد الجامع فرأيت ابن عمر جالسا فجلست اليه فقلت : حدثني عن على عليه‌السلام ، قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ببرائة ، فلما أتى بها ذا الخليفة اتبعه على عليه‌السلام فأخذها منه قال ابو بكر : يا على ما لي أنزل في شيء؟ قال : لا ولكن رسول الله قال : لا يؤدى عنى الا انا أو رجل من أهل بيتي ، قال : فرجع الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أنزل في شيء؟ قال : لا ولكن لا يؤدى عنى الا انا أو

__________________

(١) الصفح : الاعراض عن الذنب وفي المصدر «ويعدهم الصفح ويمنيهم مغفرة ربهم وينسخ لهم في آخره سورة برائة. اه».

(٢) الارب ـ بالكسر ـ : العضو.

(٣) الشحناء : عداوة امتلأت منها النفس.

(٤) والظاهر «عمير» كما في رجال العامة.

١٧٨

ـ رجل من أهل بيتي. قال كثير : قلت لجميع : استشهد (١) على ابن عمر بهذا؟ قال : نعم ثلثا.

١٤ ـ وباسناده الى ابن عباس ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر ببرائة ثم اتبعه على عليه‌السلام فأخذها منه ، فقال ابو بكر : يا رسول الله خيف في شيء؟ قال : لا ، الا انه لا يؤدى عنى الا أنا أو على وكان الذي بعث به على عليه‌السلام لا يدخل الجنة الا نفس في مؤمن مسلمة (٢) ولا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهد فهو الى مدته.

١٥ ـ وباسناده الى الحارث بن مالك قال : خرجت الى مكة فلقيت سعد بن مالك فقلت له : هل سمعت لعلى عليه‌السلام منقبة؟ قال : قد شهدت له أربعة لئن تكون لي إحديهن أحب الى من الدنيا أعمر فيها عمر نوح ، احديها ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر ببرائة الى مشركي قريش فسار بها يوما وليلة ، ثم قال لعلى عليه‌السلام : اتبع أبا بكر فبلغها ورد أبا بكر ، فقال : يا رسول الله انزل في شيء؟ قال : لا الا انه لا يبلغ عنى الا انا أو رجل منى.

١٦ ـ وباسناده الى أنس بن مالك ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث ببرائة الى أهل مكة مع أبى بكر فبعث عليا عليه‌السلام وقال : لا يبلغها الا رجل من أهل بيتي.

١٧ ـ في تفسير العياشي عن حريز عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر مع برائة الى الموسم ليقرأها على الناس فنزل جبرئيل عليه‌السلام فقال : لا يبلغ عنك الا على عليه‌السلام ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا فأمره أن يركب ناقته العضباء وامره ان يلحق أبا بكر فيأخذ منه برائة ويقرأه على الناس بمكة ، فقال أبو بكر : أسخطة؟ فقال لا الا انه انزل عليه ان لا يبلغ الا رجل منك ، فلما قدم على عليه‌السلام مكة

__________________

(١) والظاهر «اتشهد» كما في بعض نسخ المصدر.

(٢) وفي المصدر «الا نفس مسلمة».

١٧٩

ـ وكان يوم النحر بعد الظهر وهو اليوم الحج الأكبر ، قام ثم قال : انى [رسول] (١) رسول الله إليكم فقرأها عليهم برائة (مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع ـ الاول ، وعشرين من شهر ربيع الاخر ، وقال : لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة. ولا مشرك الا من كان له عهد عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فمدته الى هذه الاربعة الأشهر (٢)

١٨ ـ وفي خبر محمد بن مسلم فقال : يا على هل نزل في شيء منذ فارقت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : لا ولكن أبى الله أن يبلغ عن محمد الا رجل منه فوافى الموسم فبلغ عن الله وعن رسوله بعرفة والمزدلفة ويوم النحر عند الجمار وفي أيام التشريق (٣) كلها ينادى : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) ولا يطوفن بالبيت عريان.

١٩ ـ عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لا والله ما بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ببرائة أهو كان يبعث بها معه ثم يأخذها منه؟ ولكنه استعمله على الموسم ، وبعث بها عليا بعد ما فصل ابو بكر عن الموسم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام حين بعثه : انه لا يؤدى عنى الا أنا وأنت (٤).

__________________

(١) ما بين العلامتين انما هو في المصدر دون النسخ وسيأتى عن كتاب مجمع البيان نظير الحديث مثل ما في نسخ الكتاب.

(٢) «في تفسير العياشي عن أبى بصير عن أبى جعفر (ع) حديث طويل وفيه : ومن كانت له مدة فهو الى مدته ، ومن لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر وهو الصواب : منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٣) أيام التشريق أيام منى وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بعد يوم النحر واختلف في وجه التسمية على أقوال ذكره الطريحي (ره) في المجمع وفي بعض النسخ «ويوم النحر عند الجمار بأيام التشريق» والظاهر هو المختار.

(٤) «في مجمع البيان : أجمع المفسرون ونقلة الاخبار انه لما نزلت براءة دفعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أبى بكر ثم أخذها منه ودفعها الى على (ع). انتهى. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

١٨٠