تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

عليه‌السلام : نزلت الآية في بنى عبد الدار لم يكن أسلم منهم غير مصعب بن عمير وحليف لهم يقال له سويط.

٤٩ ـ في أصول الكافي على بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن القاسم بن الربيع عن عبيد بن عبد الله بن ابى هاشم الصيرفي عن عمرو بن مصعب عن سلمة بن محرز قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : ان من علم ما أوتينا تفسير القرآن واحكامه وعلم تغيير الزمان وحدثانه ، إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم ولو اسمع من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع ، ثم أمسك هنيئة ثم قال : ولو وجدنا أوعية أو مستراحا لقلنا والله المستعان.

٥٠ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد ابن خالد والحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله ابن مسكان عن زيد بن الوليد الخثعمي عن ابى الربيع الشامي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) قال : نزلت في ولاية على عليه‌السلام.

٥١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) قال : الحيوة الجنة.

٥٢ ـ حدثنا احمد بن محمد عن جعفر بن عبد الله عن كثير بن عياش عن أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) يقول : ولاية على بن أبى طالب عليه‌السلام ، فان اتباعكم إياه وولايته اجمع لأمركم وأبقى للعدل فيكم ، واما قوله : و (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) يقول : بين المؤمن ومعصيته ان تقوده الى النار ، وبين الكافر وبين طاعته أن يستكمل بها الايمان ، واعلموا ان الأعمال بخواتيمها.

٥٣ ـ في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد «رحمة الله عليه» قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعا قالا : حدثنا أيوب ابن نوح عن محمد بن أبى عمير عن هشام بن سالم عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل :

١٤١

(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) قال : يحول بينه وبين ان يعلم ان الباطل حق

٥٤ ـ في مجمع البيان وقيل : انه سبحانه يملك تقليب القلوب من حال الى حال كما جاء في الدعاء : يا مقلب القلوب ، وروى يونس بن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام : معناه لا يستيقن القلب ان الحق باطل أبدا ، ولا يستيقن القلب ان الباطل حق أبدا.

٥٥ ـ في تفسير العياشي عن حمزة بن الطيار عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) قال هو ان يشتهي الشيء بسمعه وبصره ولسانه ويده. اما ان هو غشي شيئا مما يشتهي فانه لا يأتيه الا وقلبه منكر لا يقبل الذي يأتى ، يعرف ان الحق ليس فيه.

٥٦ ـ عن حمزة بن الطيار عن أبى عبد الله عليه‌السلام (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) قال : هو ان يشتهي الشيء بسمعه وبصره ولسانه ويده ، واما انه لا يغشى شيئا منها وان كان يشتهيه فانه لا يأتيه الا وقلبه منكر ، لا يقبل الذي يأتى ، يعرف ان الحق ليس فيه.

٥٧ ـ عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : هذا الشيء يشتهيه الرجل بقلبه وسمعه وبصره لا تتوق (١) نفسه الى غير ذلك فقد حيل بينه وبين قلبه الا ذلك الشيء.

٥٨ ـ عن عبد الرحمن بن سالم عنه في قوله : و (اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) قال : أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيه حتى تركوا عليا وبايعوا غيره ، وهي الفتنة التي فتنوا فيها ، وقد أمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باتباع على والأوصياء من آل محمد عليهم‌السلام.

٥٩ ـ عن اسمعيل السري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) قال : أخبرت انهم أصحاب الجمل.

٦٠ ـ في أصول الكافي باسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام عن على بن الحسين عليهما‌السلام حديث طويل وفيه ثم قال في بعض كتابه : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ

__________________

(١) تاق توقا اليه : اشتاق.

١٤٢

ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) في (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١) يقول : ان محمدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عزوجل : مضت ليلة القدر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهذه فتنة أصابتهم خاصة.

٦١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) فهذه في أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال الزبير يوم هزم أصحاب الجمل : لقد قرأت هذه الاية وما احسب انى من أهلها حتى كان اليوم ، لقد كنت أتقيها ولا أعلم انى من أهلها.

٦٢ ـ في مجمع البيان قرأ أمير المؤمنين وابو جعفر الباقر عليهما‌السلام لتصيبن.

٦٣ ـ عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الاية «واتقوا فتنة» قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ظلم عليا عليه‌السلام مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي.

٦٤ ـ في كشف المحجة لابن طاووس «عليه الرحمة» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : فاما الآيات التي في قريش فهي قوله تعالى و (اذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

٦٥ ـ في مجمع البيان ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا) لما نأتكم الآيتان قال الكلبي والزهري : أنزلت في ابى لبابة بن عبد المنذر الأنصاري ، وذلك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حاصر يهود قريظة احدى وعشرين ليلة فسئلوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ما صالح عليه إخوانهم من بنى النظير على ان يسيروا الى إخوانهم الى أذرعات وادي من ارض الشام. فأبى ان يعطيهم ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا ان ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة وكان منصحا لهم لان عياله وماله وولده كانت عندهم ، فبعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتاهم فقالوا : ما ترى يا

__________________

(١) الحديث في «باب شأن (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وتفسيرها» من كتاب أصول الكافي (الحديث ٤) يعنى هذه الاية نزلت في (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ، وتفسيره يعرف من كلامه عليه‌السلام.

١٤٣

أبا لبابة أنزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار ابو لبابة بيده الى حلقه انه الذبح فلا تفعلوا فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فأخبره بذلك ، قال ابو لبابة : فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت انى قد خنت الله ورسوله ، فنزلت الآية فيه ، فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه ، ثم تاب الله عليه فقيل له : يا أبا لبابة قد تيب عليك فقال : لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي يحلني ، فجاءه فحله بيده ، ثم قال ابو ـ لبابة : ان من تمام توبتي ان أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وان انخلع من مالي ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يجزيك الثلث ان تصدق به وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

٦٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) فخيانة الله والرسول معصيتهما ، واما خيانة الامانة فكل إنسان مأمون على ما افترض الله عزوجل عليه.

٦٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل وقع لي عنده مال وكابرنى عليه وحلف ، ثم وقع له عندي مال فآخذه مكان مالي الذي اخذه وأجحده واحلف عليه كما صنع؟ فقال : ان خانك فلا تخنه ، فلا ندخل فيما عبته عليه.

٦٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن ابى عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن معاوية بن عمار قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يكون لي عليه الحق فيجحدنيه ثم يستودعني مالا ألى ان آخذ مالي عنده؟ قال : لا ، هذه خيانة.

٦٩ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد وسهل بن زياد عن ابن محبوب عن سيف بن عميرة عن ابى بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل كان له على رجل مال فجحده إياه وذهب به ، ثم صار بعد ذلك للرجل الذي ذهب بماله مال قبله

١٤٤

أيأخذه منه مكان ماله الذي ذهب به منه ذلك الرجل؟ قال : نعم ، ولكن لهذا كلام يقول : «اللهم انى آخذ هذا المال مكان مالي الذي اخذه منى وانى لم آخذ ما أخذت منه خيانة ولا ظلما».

٧٠ ـ في مجمع البيان عن أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يقولن أحدكم اللهم انى أعوذ بك من الفتنة لأنه ليس أحد الا وهو مشتمل على فتنة ، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن فان الله سبحانه يقول : واعلموا انما أموالكم وأولادكم فتنة.

٧١ ـ في كتاب المناقب لابن شهرآشوب روى يحيى بن أبى كثير وسفيان بن عيينة بإسنادهما انه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بكاء الحسن والحسين عليهما‌السلام وهو على المنبر ، فقام فزعا ثم قال : ايها الناس ما الولد الا فتنة ، لقد قمت إليهما وما معى عقلي. وفي رواية بريدة وما أعقل.

٧٢ ـ عن عبد الله بن بريدة قال : سمعت أبى يقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب على المنبر فجاء الحسن والحسين عليهما‌السلام وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المنبر فحملهما ووضعهما على يديه ثم قال : صدق الله حيث قال : (أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) الى آخر كلامه.

٧٣ ـ وفي خبر آخر : أولادنا أكبادنا يمشون على الأرض.

٧٤ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري «رحمة الله عليه» قال : تمثل إبليس لعنه الله في أربع صور الى قوله :

وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد وأشار إليهم في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بما أشار ، فأنزل الله تعالى : و (إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ).

٧٥ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أحدهما (ع) ان قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن أناس ، ثم انطلقوا الى دار الندوة ليشاوروا فيما يصنعون برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاذا هم بشيخ قائم على الباب فاذا ذهبوا اليه ليدخلوا قال :

أدخلوني معكم قالوا : ومن أنت يا شيخ؟ قال : أنا شيخ من بنى مضر ولى رأى أشير به عليكم ،

١٤٥

فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس ، واجمعوا أمرهم على أن يخرجوه ، فقال : ليس هذا لكم برأى ان أخرجتموه جلب عليكم الناس (١) فقاتلوكم ، قالوا : صدقت ما هذا برأى ، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه ، قال : ليس هذا بالرأى ان فعلتم هذا ومحمد رجل حلو اللسان أفسد عليكم أبنائكم وخدمكم وما ينفع أحدكم إذا فارقه أخوه وابنه وامرأته ، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على ان يقتلوه يخرجون من كل بطن منهم بشاهر فيضربوه بأسيافهم جميعا عند الكعبة ثم قرأ هذه الآية (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ) الى آخر الآية.

٧٦ ـ عن زرارة وحمران عن ابى جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قوله : (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد كان لقى من قومه بلاء شديدا حتى أتوه ذات يوم وهو ساجد حتى طرحوا عليه رحم شاة فأتته ابنته وهو ساجد لم يرفع رأسه ، فرفعت عنه ومسحته ثم أراه الله بعد ذلك الذي يحب انه كان ببدر وليس معه غير فارس واحد ، ثم كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفا ، ثم جعل ابو سفيان والمشركون يستعينون ، ثم لقى أمير المؤمنين عليه‌السلام من الشدة والبلاء والتظاهر عليه ولم يكن معه أحد من قومه بمنزلته ، اما حمزة عليه‌السلام فقتل يوم أحد واما جعفر عليه‌السلام فقتل يوم موتة.

٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) فانها نزلت بمكة قبل الهجرة وكان سبب نزولها انه لما أظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الدعوة بمكة قدمت عليه الأوس والخزرج فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تمنعوني وتكونون لي جارا حتى اتلو عليكم كتاب ربي وثوابكم على الله الجنة؟ فقالوا : نعم خذ لربك ولنفسك ما شئت ، فقال لهم : موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق ، فحجوا ورجعوا الى منى وكان فيهم ممن قد حج بشر كثير. فلما كان يوم الثاني من أيام التشريق قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان الليل فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة ولا تنبهوا نائما ولينسل واحد فواحد ، فجاء

__________________

(١) اى اجمعهم عليكم.

١٤٦

سبعون رجلا من الأوس والخزرج فدخلوا الدار ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تمنعوني وتجيروني حتى اتلوا عليكم كتاب ربي وثوابكم على الله الجنة؟ فقال سعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام : نعم يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، فقال : اما ما اشترط لربي فان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، واشترط لنفسي ان تمنعوني مما تمنعون أنفسكم وتمنعون أهلي مما تمنعون أهليكم وأولادكم ، فقالوا : فما لنا على ذلك؟ قال : الجنة في الاخرة وتملكون العرب وتدين لكم العجم في الدنيا ، [وتكونون ملوكا في الجنة] فقالوا : قد رضينا ، فقال : اخرجوا الى منكم اثنى عشر نقيبا يكونون شهداء عليكم بذلك كما أخذ موسى من بنى إسرائيل اثنى عشر نقيبا ، فأشار إليهم جبرئيل عليه‌السلام فقال : هذا نقيب ، وهذا نقيب ، تسعة من الخزرج ، وثلثة من الأوس ، فمن الخزرج سعد بن زرارة والبراء بن معرور ، وعبد الله بن حزام ، وأبو جابر بن عبد الله ، ورافع بن مالك ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو ، وعبد الله ابن رواحة ، وسعد بن الربيع ، وعبادة بن الصامت ، ومن الأوس ابو الهيثم بن التيهان وهو من اليمن ، وأسيد بن حضير وسعد بن خيثمة.

فلما اجتمعوا وبايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صاح إبليس : يا معشر قريش والعرب هذا محمد والصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم فأسمع أهل منى وهاجت قريش فأقبلوا بالسلاح ، وسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله النداء ، فقال للأنصار : تفرقوا فقالوا : يا رسول الله ان أمرتنا ان نميل عليهم بأسيافنا فعلنا؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم اومر بذلك ولم يأذن الله لي في محاربتهم ، قالوا : فتخرج معنا؟ قال : أنتظر أمر الله ، فجاءت قريش على بكرة أبيها (١) قد أخذوا السلاح ، وخرج حمزة وأمير المؤمنين عليهما‌السلام ومعهما السيف فوقفا على العقبة فلما نظرت قريش إليهما قالوا : ما هذا الذي اجتمعتم له؟ فقال حمزة : ما اجتمعنا وما هاهنا أحد ، والله لا يجوز هذه العقبة أحد الا ضربته بسيفي ، فرجعوا الى مكة وقالوا : لا نأمن ان يفسد أمرنا ويدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاجتمعوا في الندوة وكان لا يدخل دار الندوة الا من قد أتى عليه أربعون سنة فدخلوا أربعين رجلا من

__________________

(١) اى جميعا لم يتخلف منهم أحد.

١٤٧

مشايخ قريش وجاء إبليس في صورة شيخ كبير ، فقال له البواب : من أنت فقال : أنا شيخ من أهل نجد ، لا يعدمكم منى رأى صائب انى حيث بلغني اجتماعكم في امر هذا الرجل فجئت لأشير عليكم ، فقال : ادخل ، فدخل إبليس فلما أخذوا مجلسهم قال ابو جهل : يا معشر قريش انه لم يكن أحد من العرب أعز منا ، نحن أهل الله وتغدو إلينا العرب في السنة مرتين ويكرمونا ، ونحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع ، فلم نزل كذلك حتى فشا فينا محمد بن عبد الله فكنا نسميه الأمين لصلاحه وسكونه وصدق لهجته حتى إذا بلغ ما بلغ وأكرمناه ادعى انه رسول الله وان اخبار السماء تأتيه فسفه أحلامنا وسب آلهتنا ، وأفسد شباننا وفرق جماعتنا ، وزعم انه من مات من أسلافنا ففي النار ، فلم يرد علينا شيء أعظم من هذا وقد رأيت فيه رأيا ، قالوا : وما رأيت؟ قال : رأيت ان يدس اليه رجل منا ليقتله فان طلبت بنو هاشم بديته أعطيناهم عشر ديات فقال الخبيث : هذا رأى خبيث ، قالوا : وكيف ذاك؟ قال : لان قاتل محمد مقتول لا محالة فمن هذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم؟ فانه إذا قتل محمد تعصبت بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة ، وان بنى هاشم لا ترضى أن يمشى قاتل محمد على الأرض فتقع بينكم الحروب في حرمكم وتتفانوا ، وقال آخر منهم : فعندي رأى آخر ، قال : وما هو؟ قال : مثبته في بيت ونلقى اليه قوته حتى يأتى اليه ريب المنون فيموت كما مات زهير والنابغة وامرؤ القيس ، فقال : إبليس هذا أخبث من الآخر ، قال : وكيف ذلك؟ قال : لان بنى هاشم لا ترضى بذلك فاذا جاء موسم من مواسم العرب استغاثوا واجتمعوا بهم عليكم فأخرجوه ، قال آخر منهم : لا ولكنا نخرجه من بلادنا ونتفرغ نحن لعبادة آلهتنا فقال إبليس : هذا أخبث من الرأيين المتقدمين ، قالوا : وكيف ذلك؟ قال : لأنكم تعمدون الى أصبح الناس وجها وأنطق الناس لسانا وأفصحهم لهجة ، فتحملوه الى بوادي العرب فيخدعهم ويسحرهم بلسانه فلا يفجأكم الا وقد ملأها عليكم خيلا ورجلا فبقوا حائرين ، ثم قالوا لإبليس : فما الرأى فيه يا شيخ؟ قال : ما فيه الا رأى واحد ، قالوا : وما هو؟ قال : يجتمع من كل بطن من بطون قريش واحد ويكون معهم من بنى هاشم رجل فيأخذون سكينة أو حديدة أو سيفا فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة

١٤٨

حتى يتفرق دمه في قريش كلها فلا تستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه وقد شاركوا فيه ، فان سألوكم أن تعطوا الدية فأعطوهم ثلث ديات ، قالوا : نعم وعشر ديات ، ثم قالوا : الرأى رأى الشيخ النجدي فاجتمعوا ودخل معهم في ذلك ابو لهب عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. ونزل جبرئيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبره ان قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك ، وانزل الله في ذلك : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) واجتمعت قريش ان يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه وخرجوا الى المسجد يصفرون ويصفقون ويطوفون بالبيت فانزل الله : وما كان صلوتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فالمكاء التصفير ، والتصدية صفق اليدين وهذه الآية معطوفة على قوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وقد كتبت بعد آيات كثيرة ، فلما أمسى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جاءت قريش ليدخلوا عليه فقال ابو لهب : لا أدعكم ان تدخلوا عليه بالليل فان في الدار صبيانا ونساء ولا نأمن ان يقع بهم يد خاطئة فنحرسه الليلة ، فاذا أصبحنا دخلنا عليه ، فناموا حول حجرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وامر رسول الله ان يفرش له ، ففرش له فقال لعلى بن ابى طالب صلوات الله عليه : افدنى بنفسك ، قال : نعم يا رسول الله قال : نم على فراشي والتحف ببردتي ، فنام على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والتحلف ببردته. وجاء جبرئيل عليه‌السلام فأخذ بيد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخرجه على قريش وهم نيام وهو يقرء عليهم : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) وقال له جبرئيل عليه‌السلام : خذ على طريق ثور وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور ، فدخل الغار وكان من امره ما كان ، فلما أصبحت قريش وثبوا الى الحجرة وقصدوا الفراش فوثب على في وجوههم فقال : ما شأنكم؟ قالوا له : أين محمد؟ قال : جعلتموني عليه رقيبا؟ ألستم قلتم نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم فاقبلوا على أبى لهب يضربونه ويقولون : أنت تخدعنا منذ الليلة ، فتفرقوا في الجبال وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له أبو كرز يقفو الآثار فقالوا له : يا با كرز اليوم اليوم فوقف بهم على باب حجرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : هذا قدم محمد و

١٤٩

الله لأنها أخت القدم التي في المقام ، وكان أبو بكر استقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرده معه وقال أبو كرز : وهذه قدم ابن أبى قحافة أو أبيه ثم قال : وهاهنا غير ابن أبى قحافة فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار ، ثم قال : ما جاوزوا هذا المكان اما ان يكونوا صعدوا الى السماء أو دخلوا تحت الأرض ، وبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار ، وجاء فارس من الملائكة حتى وقف على باب الغار ثم قال : ما في الغار أحد فتفرقوا في الشعاب ، وصرفهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم اذن لنبيه في الهجرة.

٧٨ ـ قوله : و (إِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) الآية فانها نزلت لما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقريش : ان الله بعثني ان أقتل جميع ملوك الدنيا وأجر الملك إليكم فأجيبونى الى ما أدعوكم اليه تملكوا بها العرب وتدين لكم بها العجم ، وتكونوا بها ملوكا في الجنة ، فقال أبو جهل : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا) الذي يقول محمد (هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) حسدا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال : كنا وبنى هاشم كفر سى رهان (١) نحمل إذا حملوا ، ونطعن إذا طعنوا ، ونوقد إذا أوقدوا فلما استوى بنا وبهم الركب ، قال قائل منهم : منا نبي لا نرضى بذلك أن يكون في بنى هاشم ولا يكون في بنى مخزوم ، ثم قال : غفرانك اللهم ، فأنزل الله في ذلك وما (كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) حين قال : غفرانك اللهم ، فلما هموا بقتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخرجوه من مكة ، قال الله : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) يعنى قريشا ما كانوا أولياء مكة (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) أنت وأصحابك يا محمد ، فعذبهم الله بالسيف يوم بدر.

٧٩ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن ابى بصير قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالسا وذكر كلاما طويلا

__________________

(١) هذا مثل يضرب للشيئين المتساويين والمتقاربين في الفضل وغيره.

١٥٠

في فضل على عليه‌السلام الى ان قال : فغضب الحارث بن عمر والفهري فقال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) ان بنى هاشم يتوارثون هرقل (١) «فأرسل (عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ثم قال له : يا ابن عمر واما تبت واما رحلت؟ فدعى براحلته فركبها ، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت هامته (٢) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن حوله من المنافقين انطلقوا الى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به ، قال الله عزوجل : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) وحذفنا من الحديث أشياء ستقف عليها إنشاء الله عند قوله : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً) الآية وفي أول (سَأَلَ سائِلٌ).

٨٠ ـ في مجمع البيان باسناده الى سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه (ع) قال : لما نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام يوم غدير خم فقال : من كنت مولاه فعلى مولاه ، طار ذلك في البلاد ، فقدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله النعمان بن الحارث الفهري فقال : أمرتنا من الله أن نشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله ، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلوة والزكاة فقبلناها ، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت : من كنت مولاه ، فعلى مولاه فهذا شيء منك أو أمر من عند الله؟ فقال : والله الذي لا اله الا هو هذا من الله ، فولى النعمان بن الحارث وهو يقول : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) فرماه الله بحجر على رأسه فقتله.

٨١ ـ في روضة الكافي على عن أبيه عن ابن أبى عمير عن محمد بن أبى حمزة وغير واحد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان لكم في حيوتى خيرا وفي مماتي خيرا ، قال : فقيل : يا رسول الله اما حيوتك فقد علمنا فما لنا في وفاتك؟ فقال : أما في حيوتى فان الله عزوجل يقول : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) واما في مماتي فتعرض على أعمالكم فأستغفر لكم.

__________________

(١) هرقل : اسم ملك الروم ، أراد أن بنى هاشم يتوارثون ملك بعد ملك.

(٢) الجندلة واحدة الجندل : الحجارة ورضه : دقه والهامة : رأس كل شيء.

١٥١

٨٢ ـ في نهج البلاغة وحكى أبو جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام انه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كان في الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه ، فرفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به ، اما الامان الذي رفع فهو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واما الامان الباقي فالاستغفار ، قال الله جل من قائل : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)

٨٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال النبي : صلى‌الله‌عليه‌وآله : حيوتى خير لكم ومماتي خير لكم ، فقالوا : يا رسول الله وكيف ذاك؟ فقال : اما حيوتى فان الله يقول : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٤ ـ في كتاب ثواب الأعمال وعن ابى جعفر عليه‌السلام قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : الاستغفار لكم حصن حصين من العذاب ، فمضى أكبر الحصنين وبقي الاستغفار فأكثروا منه ، فانه ممحاة للذنوب قال الله عزوجل : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).

٨٥ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن محمد الجعفي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والاستغفار حصنين حصينين لكم من العذاب فمضى أكبر الحصنين وبقي الاستغفار فأكثروا منه فانه ممحاة للذنوب ، وان شئتم فاقرأوا. (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).

٨٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قلت لأبي جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام : لأي شيء يحتاج الى النبي والامام؟ فقال : لبقاء العالم على صلاحه وذلك ان الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو امام ، قال الله عزوجل : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فاذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون ، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون ، يعنى بأهل بيته الائمة عليهم‌السلام الذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته.

٨٧ ـ في أمالي شيخ الطائفة «قدس‌سره» باسناده الى سدير عن أبي جعفر

١٥٢

عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في نفر من أصحابه : ان مقامي بين أظهركم خير لكم ، وان مفارقتي إياكم خير لكم ، فقام اليه جابر بن عبد الله الأنصاري وقال : يا رسول الله اما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا ، فكيف يكون مفارقتك إيانا خيرا لنا؟ فقال : اما مقامي بين أظهركم خير لكم لان الله عزوجل يقول : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) يعنى يعذبهم بالسيف ، فاما مفارقتي إياكم فهو خير لكم لان أعمالكم تعرض على كل اثنين وخمسين ، فما كان من حسن حمدت الله عليه ، وما كان من سيئ استغفرت لكم.

٨٨ ـ وباسناده الى جعفر بن محمد عليهما‌السلام عن آبائه عن على بن ابى طالب عليه‌السلام انه قال : اربع للمرء لا عليه ، الى قوله : والاستغفار فانه قال : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).

٨٩ ـ في مجمع البيان : وما كانوا أوليائه اى وما كان المشركون أولياء مسجد الحرام وان سعوا في عمارته ان أوليائه الا المتقون معناه وما أولياء المسجد الحرام الا المتقون وهو المروي عن أبى جعفر عليه‌السلام. قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه» سبق لهذه الآية بيان فيما نقلناه قريبا عن على ابن إبراهيم.

٩٠ ـ في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عمر اليماني عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) يعنى أولياء البيت يعنى المشركين (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) حيث كانوا هم أولى به من المشركين وما كان صلوتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال : التصفير والتصفيق. (١)

__________________

(١) صفر صفرا وصفر تصفيرا : صوت بالنفخ من شفتيه وشبك أصابعه ونفخ فيها ، وكثيرا ما يفعل ذلك للدابة عند دعائه للماء. وصفق بيديه : صوت بهما ضربا ، قيل : وكانوا يطوفون بالبيت عراء يشبكون بين أصابعهم ويسفرون فيها ويصفقون وكانوا يفعلون ذلك إذا قرء رسول الله (ص) في صلوته يخلطون عليه.

١٥٣

٩١ ـ في عيون الاخبار قال الرضا عليه‌السلام : وسميت مكة مكة لان الناس كانوا يمكون فيها ، وكان يقال لمن قصدها : قد مكا ، وذلك قول الله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) فالمكاء التصفير ، والتصدية صفق اليدين قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه» : قد سبق لهذه الآية بيان فيما نقلناه قريبا عن على بن إبراهيم.

٩٢ ـ في مجمع البيان وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بنى عبد الدار عن يمينه فيصفران ورجلان عن يساره ويصفقان بأيديهما فيخلطان عليه صلوته فقتلهم الله جميعا ببدر.

٩٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) الى قوله : يحشرون قال : نزلت في قريش لما وافاهم ضمضم وأخبرهم يخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في طلب العير ، فاخرجوا أموالهم وحملوا وأنفقوا وخرجوا الى محاربة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ببدر ، فقتلوا وصاروا الى النار ، وكان ما أنفقوا حسرة عليهم. قال مؤلف هذا الكتاب «عفي عنه». مر في تفسيره عند قوله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ) تسمية بعض المنفقين.

٩٤ ـ في تفسير العياشي عن على بن دراج الأسدي قال : دخلت على أبى جعفر عليه‌السلام فقلت له : انى كنت عاملا لبني امية فأصبت مالا كثيرا فظننت ان ذلك لا يحل لي ، قال : فسألت عن ذلك غيري؟ قال : قلت : قد سئلت فقيل لي : ان أهلك ومالك وكل شيء لك حرام ، قال : ليس كما قالوا لك ، قلت : جعلت فداك فلي توبة؟ قال : نعم توبتك في كتاب الله قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف.

٩٥ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عمر بن أذينة عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : في قول الله عز ذكره : و (قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) فقال : لم يجيء تأويل هذه الآية بعد ، ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رخص لهم حاجته وحاجة أصحابه ، فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم ، ولكنهم يقتلون حتى يوحد الله عزوجل وحتى لا يكون شرك.

١٥٤

٩٦ ـ في مجمع البيان (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) الآية وروى زرارة وغيره عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال : لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمنا بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغن دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى.

٩٧ ـ في تهذيب الأحكام على بن الحسن بن فضال عن محمد ابن اسمعيل الزعفراني عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبى عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : سمعته يقول كلاما كثيرا ثم قال : وأعظم من ذلك كله سهم ذي القربى الذين قال الله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) نحن والله عنى بذي القربى والذين قرنهم الله بنفسه ونبيه فقال : (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) منا خاصة ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا ، أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ أيدي الناس.

٩٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة ومحمد بن عبد الله عن على بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) قال : أمير المؤمنين والائمة عليهم‌السلام.

٩٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) قال : هم قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والخمس للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ولنا.

١٠٠ ـ احمد عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن الرضا عليه‌السلام قال : سئل عن قول الله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) فقيل له : فما كان لله فلمن هو؟ فقال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما كان لرسول الله فهو للإمام فقيل له : أرايت ان كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقل ما يصنع به؟ قال : ذلك الى الامام أرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف يصنع؟ أليس انما كان يعطى على ما يرى؟

١٥٥

ـ كذلك الامام.

١٠١ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن سنان عن عبد الصمد بن بشير عن حكيم مؤذن بن عيسى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : بمرفقيه على ركبتيه ثم أشار بيده (١) ثم قال : هي والله الافادة يوما بيوم ، الا ان ابى جعل شيعته في حل.

١٠٢ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيها : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. ولو حملت الناس على تركها وحولتها الى مواضعها والى ما كان في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لتفرق عنى جندي حتى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله وسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم صلى الله عليه فرددته الى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله (٢) وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى الذي قال الله عزوجل : (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) فنحن والله عنى بذلك القربى الذي قرننا الله بنفسه وبرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فينا خاصة.

١٠٣ ـ على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : ابن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم فقال لي : الكف عنهم أجمل ثم قال : والله يا أبا حمزة ان الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا. قلت : كيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال : يا با حمزة كتاب الله المنزل يدل عليه. ان الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاما ثلثة في جميع الفيء ، ثم قال عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فنحن أصحاب الخمس والفيء ، وقد حرمنا على

__________________

(١) ركبتيه حال عن مر فقيه ، والمعنى رفع مر فقيه وهما كائنتان على ركبتيه ، والعرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام (عن هامش أصول الكافي)

(٢) لهذا الحديث شرح ذكره في الروضة الطبعة الحروفية الصفحة ٥٩ ـ ٦٣ فراجع.

١٥٦

ـ جميع الناس ما خلا شيعتنا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن على بن الحسين عليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين : فهل قرأت هذه الآية : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى)؟ فقال له الشامي : بلى فقال له عليه‌السلام : فنحن ذو القربى.

١٠٥ ـ في تهذيب الأحكام سعد بن عبد الله عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان ابن يحيى عن عبد الله بن مسكان قال : حدثنا زكريا بن مالك الجعفي عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه سئله عن قول الله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فقال : اما خمس الله عزوجل فللرسول يضعه في سبيل الله ، واما خمس الرسول فلا قاربه ، وخمس ذوي القربى فيهم أقرباؤه ، واليتامى يتامى أهل بيته ، فجعل هذه الاربعة أسهم فيهم ، واما المساكين وابن السبيل فقد عرفت انا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل.

١٠٦ ـ وعنه عن احمد بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) قال : خمس الله عزوجل للإمام وخمس الرسول للإمام ، وخمس ذي القربى لقرابة الرسول الامام ، واليتامى يتامى آل الرسول والمساكين منهم ، وأبناء السبيل منهم ، فلا يخرج منهم الى غيرهم.

١٠٧ ـ في عوالي اللئالى ونقل عن على عليه‌السلام انه قيل له : ان الله تعالى يقول : (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) فقال أيتامنا ومساكيننا.

١٠٨ ـ وفي تفسير الثعلبي عن المنهال بن عمر وقال : سألت زين العابدين عليه‌السلام عن الخمس؟ قال : هو لنا ، فقلت : ان الله تعالى يقول : (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) قال : أيتامنا ومساكيننا.

١٠٩ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على بن

١٥٧

ـ أبى طالب عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال في وصية له : يا على ان عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام ، الى قوله : ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل الله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) الآية.

١١٠ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء له : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام فسر الاصطفاء في الظاهر دون الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك قوله عزوجل الى ان قال : واما الآية الثامنة فقوله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهذا فصل أيضا بين الآل والامة ، لان الله تعالى جعلهم في حيز وجعل الناس في حيز دون ذلك ، ورضى لهم ما رضى لنفسه ، واصطفاهم فيه فبدأ بنفسه ، ثم ثنى برسوله ثم بذي القربى فكل ما كان من الفيء والغنيمة وغير ذلك مما رضيه جل وعز لنفسه فرضيه لهم ، فقال وقول الحق : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم الى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) ، واما قوله : (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) فان اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنايم ولم يكن له فيها نصيب ، وكذلك المسكين إذا انقطع مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له أخذه ، وسهم ذي القربى الى يوم القيامة قائم فيهم للغنى والفقير منهم ، لأنه لا أحد أغنى من الله عزوجل ولا من رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجعل لنفسه منها سهما ولرسوله سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم ، وكذلك الفيء ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى كما أجراهم في الغنيمة ، فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم ، وقرن سهمهم بسهمه وسهم رسوله وكذلك في الطاعة قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته ، وكذلك آية الولاية (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته ، كما جعل سهمه مع سهم

١٥٨

ـ الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفيء ، فتبارك الله تعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت ، فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزّه أهل بيته فقال : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) فهل تجد في شيء من ذلك انه عزوجل سمى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى ، لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله نزه أهل بيته ، لا بل حرم عليهم لان الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس ووسخ ، فلما طهرهم واصطفاهم رضى لهم ما رضى لنفسه ، وكره لهم ما كره لنفسه فهذه الثامنة.

١١١ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن قول الله (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) قال : هم أهل قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألته : منهم (الْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)؟ قال : نعم.

١١٢ ـ عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان نجدة الحروري كتب الى ابن عباس يسئله عن موضع الخمس لمن هو؟ فكتب اليه : اما الخمس فانا نزعم انه لنا ، ويزعم قومنا انه ليس لنا فصبرنا.

١١٣ ـ عن زرارة ومحمد بن مسلم وابى بصير انهم قالوا له : ما حق الامام في اموال الناس؟ قال : الفيء والأنفال والخمس ، فكل ما دخل منه فيء أو أنفال أو خمس أو غنيمة فان لهم خمسه فان الله تعالى يقول : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) وكل شيء في الدنيا فان لهم فيه نصيبا ، فمن وصلهم بشيء مما يدعون له أكبر مما يأخذون منه.

١١٤ ـ عن محمد بن الفضيل عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) قال : الخمس لله وللرسول وهو لنا.

١١٥ ـ عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام في الرجل من أصحابنا في لوائهم فيكون

١٥٩

ـ معهم فيصيب غنيمة قال : يؤدى خمسنا ويطيب له.

١١٦ ـ عن اسحق بن عمار عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : في تسعة عشر من شهر رمضان يلتقي الجمعان ، قلت ما معنى قوله : يلتقي الجمعان قال : يجمع فيها ما يريد من تقديمه وتأخيره وإرادته وقضائه.

١١٧ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : الغسل في سبعة عشر موطنا ، ليلة سبعة وعشرين من شهر رمضان وهي ليلة التقى الجمعان ليلة بدر.

١١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) يعنى قريشيا حين نزلوا بالعدوة اليمانية ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين نزل بالعدوة الشامية (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) وهي العير التي أفلتت.

١١٩ ـ في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) قال : أبو سفيان وأصحابه.

١٢٠ ـ في كتاب مقتل الحسين (ع) لأبي مخنف ان الحسين عليه‌السلام بعد أن بلغه قتل مسلم وهانى ونزوله بالعقبة قال له بعض من حضرنا : فأنشدك الله الا ما رجعت ، فو الله ما تقدم الا على أطراف الا سنة وحرارات السيوف ، وان هؤلاء القوم الذين بعثوا إليك لو كان فيهم صلاح ، لكفوك مؤنة الحرب والقتال ، وطيبوا لك الطريق ، ولكان الوصول إليهم رأيا سديدا ، فالرأى عندنا ان ترجع عنهم ولا تقدم عليهم ، فقال له الحسين عليه‌السلام : صدقت يا عبد الله فيما تقول (وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً)

١٢١ ـ في مصباح شيخ الطائفة خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام خطب بها في يوم الغدير وفيها ولم يدع الخلق في بهم صما ولا عميا بكما ، بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم وتفرقت في هياكلهم حفقها في نفوسهم واستعبد لها حواسهم ، فقرر بها على أسماع ونواظر أفكار وخواطر ألزمهم بها حجته وأراهم بها محجته ، وأنطقهم عما شهدته بالسن ذرية بما قام فيها من قدرته وحكمته ، وبين عندهم بها (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) بصير شاهد خبير.

١٦٠