تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

الإقرار بالميثاق والعهد الذي أخذ الله عزوجل عليهم ، ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكره الميثاق ويجدد عنده الإقرار في كل سنة ، فلما عصى آدم واخرج من الجنة أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذ الله عليه وعلى ولده لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولوصيه عليه‌السلام وجعله تائها (١) حيرانا ، فلما تاب الله على آدم حول ذلك الملك في صورة بيضاء ، فرماه من الجنة الى آدم وهو بأرض الهند ، فلما نظر اليه انس اليه وهو لا يعرفه بأكثر من انه جوهرة وأنطقه الله عزوجل ، فقال له : يا آدم أتعرفنى؟ قال : لا قال : أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك ، ثم تحول الى صورته التي كان مع آدم عليه‌السلام في الجنة ، فقال لآدم : اين العهد والميثاق ، فوثب اليه آدم عليه‌السلام وذكر الميثاق وبكى وخضع وقبله وجدد الإقرار بالعهد والميثاق ثم حوله الله عزوجل الى جوهرة الحجر درة بيضاء صافية تضيء ، فحمله آدم على عاتقه إجلالا له وتعظيما ، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل عليه‌السلام حتى وافي به مكة ، فما زال يأنس به بمكة ويجدد الإقرار له كل يوم وليلة ، ثم ان الله عزوجل لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان لأنه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم أخذه في ذلك المكان ، وفي ذلك المكان ألقم الله الملك الميثاق ، ولذلك وضع في ذلك الركن وتنحى آدم من مكان البيت الى الصفا وحوا الى المروة ، ووضع الحجر في ذلك الركن ، فلما نظر آدم من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبر الله وهلله ومجده ، فلذلك جرت السنة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا ، فان الله أودعه الميثاق والعهد دون غيره من الملائكة ، لان الله عزوجل لما أخذ الميثاق له بالربوبية ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوة ولعلى عليه‌السلام بالوصية اصطكت فرائص الملائكة (٢) فأول من أسرع الى الإقرار ذلك الملك ولم يكن فيهم أشد حبا لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وعليهم منه ، فلذلك اختاره الله من بينهم وألقمه الميثاق ، وهو يجيء يوم القيمة وله لسان ناطق وعين ناظرة ، يشهد لكل من

__________________

(١) التائه : المتحير.

(٢) اصطكت اى ارتعدت والفريصة : اللحمة بين الجنب والكتف وقد مر أيضا.

١٠١

وافاه الى ذلك المكان وحفظ الميثاق.

٣٦٧ ـ في تفسير العياشي عن سليمان اللبان قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام أتدري ما مثل المغيرة بن شعبة؟ (١) قال : قلت لا ، قال : مثله مثل بلعم الذي اوتى الاسم الأعظم قال الذي قال الله (آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ)

٣٦٨ ـ في مجمع البيان وقال أبو جعفر عليه‌السلام الأصل في ذلك بلعم ثم ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة.

٣٦٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن الحسين بن خالد عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام انه اعطى بلعم بن باعور الاسم الأعظم ، فكان يدعو به فيستجيب له فمال الى فرعون فلما مر فرعون في طلب موسى وأصحابه قال فرعون لبلعم ادع لله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا فركب حمارته ليمر في طلب موسى فامتنعت عليه حمارته فأقبل يضربها فأنطقها الله عزوجل ، فقالت : ويلك على ماذا تضربني؟ أتريد ان أجيء معك لتدعو على نبي الله وقوم مؤمنين؟ فلم يزل يضربها حتى قتلها وانسلخ الاسم من لسانه ، وهو قوله : (فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) وهو مثل ضربه الله ، فقال الرضا عليه‌السلام فلا يدخل الجنة من البهائم الا ثلث : حمارة بلعم ، وكلب أصحاب الكهف والذئب ، وكان سبب الذئب انه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا ليحشر قوما من المؤمنين ويعذبهم وكان للشرطي ابن يحبه فجاء ذئب فأكل ابنه فحزن الشرطي عليه فأدخل الله ذلك الذئب الجنة لما احزن الشرطي.

٣٧٠ ـ وفي رواية ابى الجارود عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله : لهم قلوب لا

__________________

(١) مغيرة بن شبعة بن عامر بن مسعود الثقفي الكوفي صحابى مات سنة خمسين من الهجرة النبوية وهو يومئذ ابن سبعين سنة ، ولاه عمر بن الخطاب البصرة ولم يزل عليها حتى شهد عليه بالزنا فعزل ثم ولاه الكوفة ، فلم يزل عليها الى أن مات وقد ورد في ذمه روايات كثيرة ذكر بعضها في تنقيح المقال فراجع ان شئت.

١٠٢

يفقهون بها يقول : (طَبَعَ اللهُ عَلَيْها) فلا تعقل ولهم أعين عليها غطاء عن الهدى (لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها) جعل (فِي آذانِهِمْ وَقْراً) فلن يسمعوا الهدى. قال عز من قائل : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ).

٣٧١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الله بن سنان قال : سالت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام فقلت : الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال : قال أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه‌السلام : ان الله عزوجل ركب في الملائكة عقلا بلا شهوة ، وركب في البهائم شهوة بلا عقل ، وركب في بنى آدم كلتيهما ، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم.

٣٧٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري ومحمد بن يحيى جميعا عن احمد بن اسحق عن سعدان بن مسلم عن معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) قال : نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملا الا بمعرفتنا.

٣٧٣ ـ احمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال : سألنى ابو قرة المحدث ان ادخله على ابن الحسن الرضا عليه‌السلام فاستأذنته فأذن لي ، فدخل فسأله عن الحلال والحرام ثم قال له : أفتقر ان الله محمول؟ فقال ابو الحسن عليه‌السلام : كل محمول مفعول به مضاف الى غيره محتاج ، والمحمول اسم نقص في اللفظ والحامل فاعل وهو في اللفظ مدحة ، وكذلك قول القائل : فوق وتحت وأعلى وأسفل ، وقد قال الله : (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فادعوه بها» ولم يقل في كتبه انه المحمول بل قال انه الحامل في البر والبحر والممسك السموات والأرض ان تزولا ، والمحمول ما سوى الله ، ولم يسمع أحد آمن بالله وعظمته قط قال في دعائه : يا محمول.

٣٧٤ ـ على بن إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار ومحمد بن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبى الحسن عليه‌السلام انه قال : ان الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه ، وانى يوصف الذي تعجز

١٠٣

الحواس ان تدركه ، والأوهام ان تثاله ، والخطرات أن تحده ، والأبصار عن الاحاطة ، به ، جل عما يصفه الواصفون ، وتعالى عما ينعته الناعتون ، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

٣٧٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الحسين بن سعيد الخزاز عن رجاله عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : الله غاية من غياه ، والمغيى غير الغاية ، توحد بالربوبية ووصف نفسه بغير محدودية ، فالذاكر لله غير الله ، والله غير أسمائه وكل شيء وقع عليه اسم شيء سواه فهو مخلوق ، الا ترى الى قوله : العزة لله ، العظمة لله ، وقال : «و (لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) وقال : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فالأسماء مضافة اليه وهو التوحيد الخاص.

٣٧٦ ـ وباسناده الى حنان بن سدير عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) التي لا يسمى بها غيره ، وهو التي وصفها في الكتاب فقال : (فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) جهلا «بغير علم» فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ، ويكفر به وهو يظن انه يحسن ، ولذلك قال : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها

٣٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) قال : الرحمن الرحيم.

٣٧٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال : هم الائمة عليهم‌السلام.

٣٧٩ ـ في تفسير العياشي عن حمران عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله : عزوجل (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال : هم الائمة.

٣٨٠ ـ وقال محمد بن عجلان عنه : نحن هم.

٣٨١ ـ ابى الصهبان البكري قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : والذي نفسي بيده لتفترقن هذه الامة على ثلثة وسبعين فرقة كلها في النار الا فرقة (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ

١٠٤

يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) فهذه التي تنجو من هذه الامة.

٣٨٢ ـ عن يعقوب بن يزيد قال قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال : يعنى امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٨٣ ـ عن زيد بن أسلم عن انس بن مالك قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : تفرقت امة موسى على احدى وسبعين فرقة ، سبعون منها في النار ، وواحدة في الجنة ، وتفرقت امة عيسى على اثنين وسبعين فرقة. احدى وسبعون فرقة في النار ، وواحدة في الجنة ، وتعلو أمتي على الفرقتين جميعا بملة واحدة في الجنة ، واثنتان وسبعون في النار ، قالوا من هم يا رسول الله؟ قال : الجماعات. فقال يعقوب بن يزيد : كان على بن أبى طالب عليه‌السلام إذا حدث هذا الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تلا فيه قرآنا (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) الى قوله : (ساءَ ما يَعْمَلُونَ) وتلا أيضا : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) يعنى امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٨٤ ـ في مجمع البيان وفي حديث غير أبى حمزة قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما قرأ : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) هذه لكم وقد أعطى الله قوم موسى مثلها

٣٨٥ ـ وروى ابن جريح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : هي لامتى بالحق يأخذون وبالحق يعطون ، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها و (مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).

٣٨٦ ـ وقال الربيع بن أنس قرأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الاية فقال : إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم عليه‌السلام.

٣٨٧ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن عبد الله بن جندب عن سفيان بن السمط ، قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ان الله إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا اتبعه بنقمة ويذكره الاستغفار ، وإذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا اتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ويتمادى بها (١) وهو قول الله عزوجل :

__________________

(١) تمادى في الأمر : بلغ فيه المدى وتمادى في غيه : لج ودام على فعله.

١٠٥

(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) بالنعم عند المعاصي.

٣٨٨ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) قال : هو العبد يذنب الذنب فتجدد له النعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار عن ذلك الذنب.

٣٨٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن بعض أصحابه قال : سئل ابو عبد الله عليه‌السلام عن الاستدراج؟ فقال : هو العبد يذنب الذنب فيملى له ويجدد له عنده النعم فيلهيه عن الاستغفار من الذنوب ، فهو مستدرج من حيث لا يعلم.

٣٩٠ ـ على بن إبراهيم عن القاسم بن محمد عن داود سليمان المنقري عن حفص بن غياث عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه وكم من مستدرج يستر الله عليه ، وكم من مفتون بثناء الناس عليه.

٣٩١ ـ في روضة الكافي خطبة طويلة مسندة الى أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيها : ثم انه سيأتى عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شيء أخفي من الحق ، ولا أظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الى أن قال : يدخل الداخل لما يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالسا حتى يخرج من الدين ، ينتقل من دين ملك الى دين ملك ومن ولاية ملك الى ولاية ملك ومن طاعة ملك الى طاعة ملك ، ومن عهود ملك الى عهود ملك ، فاستدرجهم الله تعالى من حيث لا يعلمون ، وان كيده متين بالأمل والرجاء.

٣٩٢ ـ في نهج البلاغة انه من وسع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا فقد امن مخوفا.

٣٩٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) قال : يكله الى نفسه قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) فان قريشا بعثت العاص بن وائل السهمي والنضر بن الحارث من كلدة وعقبة بن أبى معيط الى

١٠٦

نجران ليتعلموا من علماء اليهود مسائل يسألونها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان فيها : سلوا محمدا متى يقوم الساعة فان ادعى علم ذلك فهو كاذب ، فان قيام الساعة لم يطلع الله عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ، فلما سئلوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متى تقوم الساعة؟ أنزل الله تبارك وتعالى عليه : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) اى جاهل عنها قل لهم يا محمد (ص) (إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).

٣٩٤ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام قال : ولقد حدثني أبى عن أبيه عن آبائه عن على عليهم‌السلام ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قيل له : يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال : مثله مثل الساعة (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٩٥ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى خلف بن حماد عن رجل عن أبى ـ عبد الله عليه‌السلام فقال : ان الله تبارك وتعالى يقول : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) يعنى الفقر.

٣٩٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) قال : كنت اختار لنفسي الصحة والسلامة.

٣٩٧ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء (ع) حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضى الله عنه ، قال : حدثني أبى عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه‌السلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عزوجل (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) قال له الرضا عليه‌السلام : ان حوا ولدت لآدم خمسمائة بطن في كل بطن ذكر وأنثى ، وان آدم وحوا عاهد الله تعالى ودعواه وقالا : (لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) فلما

١٠٧

آتيهما صالحا من النسل خلقا سويا بريئا من الزمانة والعاهة كان ما آتيهما صنفين : صنفا ذكر أبا وصنفا إناثا ، فجعل الصنفان لله تعالى ذكره (شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) ولم يشكراه كشكر أبويهما له عزوجل قال الله تعالى : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) فقال المأمون : اشهد انك ابن رسول الله حقا.

٣٩٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن موسى بن بكر عن الفضل عن أبي جعفر عليه‌السلام : في قول الله : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) فقال : هو آدم وحوا ، وانما كان شركهما شرك طاعة ولم يكن شرك عبادة ، فأنزل الله على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) الى قوله : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) قال : جعلا للحارث نصيبا في خلق الله ولم يكن شركاء إبليس في عبادة الله ثم قال : (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ).

٣٩٩ ـ حدثني ابى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول عن بريد العجلي عن ابى جعفر عليه‌السلام : قال : لما علقت حوا من آدم عليهما‌السلام وتحرك ولدها في بطنها [فنجبت من ذلك وارتاعت] (١) فقالت لآدم عليه‌السلام : ان في بطني شيئا يتحرك فقال لها آدم عليه‌السلام : أبشري ان الذي في بطنك نطفة منى استقرت في رحمك يخلق الله تعالى منها خلقا ليبلونا فيه فأتاها إبليس فقال لها : كيف أنتم؟ فقالت له : اما انى قد علقت وفي بطني من آدم ولد يتحرك ، فقال لها إبليس : اما انك ان نويت ان تسميه عبد الحارث ولدتيه غلاما وبقي وعاش ، وان لم تنوي ان تسميه عبد الحارث مات بعد ما تلدينه بستة أيام ، فوقع في نفسها مما قال لها شيء. فأخبرت بما قال لها آدم عليه‌السلام ، فقال لها آدم : قد جائك الخبيث لا تقبلي منه ، فانى أرجو ان يبقى لنا ويكون خلاف ما قال لك ، ووقع في نفس آدم عليه‌السلام مثل ما وقع في نفس حوا من مقالة الخبيث ، فلما وضعته غلاما لم يعش إلا ستة أيام حتى مات فقالت لادم عليه‌السلام : قد جائك الذي قال

__________________

(١) كذا في النسخ وما بين المعقفتين غير موجود في المصدر ولا في المنقول عنه في كتاب بحار الأنوار.

١٠٨

لنا الحارث فيه ودخلهما من قول الخبيث ما شككهما فلم تلبث ان علقت من آدم عليه‌السلام حملا آخر فأتاها إبليس فقال لها : كيف أنتم؟ فقالت له : قد ولدت غلاما ولكنه مات يوم السادس فقال لها الخبيث : اما انك لو كنت نويت ان تسميه عبد الحارث لعاش ، وان ما هو الذي في بطنك كبعض ما في بطون هذه الانعام التي بحضرتكم ، اما بقرة واما ناقة واما ضأن واما معز فدخلها من قول الخبيث ما استمالها الى تصديقه والركون الى ما أخبرها الذي كان تقدم إليها في الحمل الاول ، فأخبرت بمقالته آدم عليه‌السلام ، فوقع في قلبه من قول الخبيث مثل ما وقع في قلب حوا ، (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) اى لم تلد ناقة أو بقرة أو ضأنا أو معزا فأتاها الخبيث فقال لها : كيف أنتم؟ فقالت له : قد أثقلت ، وقربت ولادتي فقال : اما انك ستلدين وترين من الذي في بطنك ما تكرهين ، ويدخل آدم منك ومن ولدك شيء لو قد ولدتيه ناقة أو بقرة أو ضأنا أو معزا لكان أحسن ، فاستمالها الى طاعته والقبول لقوله ثم قال لها : اعلمي ان أنت نويت أن تسميه عبد الحارث وجعلت لي فيه نصيبا ولدتيه غلاما سويا وعاش وبقي لكم ، فقالت : فانى قد نويت ان أجعل لك فيه نصيبا ، فقال لها الخبيث : لا تدعين آدم حتى ينوى مثل ما نويت ويجعل لي فيه نصيبا ويسميه عبد الحارث ، فقالت له : نعم ، فأقبلت على آدم فأخبرته بمقالة الحارث وبما قال لها ، فوقع في قلب آدم من مقالة إبليس ما خافه ، فركن الى مقالة إبليس وقالت حوا لآدم لان أنت لم تنو أن تسميه عبد الحارث وتجعل للحارث نصيبا لم أدعك تقربني ولا تغشاني ، ولم يكن بيني وبينك مودة ، فلما سمع ذلك منها آدم عليه‌السلام قال لها : اما انك سبب المعصية الاولى وسيد ليك بغرور قد تابعنك وأجبت الى أن أجعل للحارث فيه نصيبا ، وان أسميه عبد الحارث فاسرا النية بينهما بذلك ، فلما وضعته سويا فرحا بذلك وأمنا ما كانا خافا من أن يكون ناقة أو بقرة أو ضأنا أو معزا ، وأملا أن يعيش لهما ويبقى ولا يموت يوم السادس ، فلما كان يوم السابع سمياه عبد الحارث.

٤٠٠ ـ في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) قال : هو آدم عليه‌السلام وحوا ، انهما كان

١٠٩

شركهما شرك طاعة ، وليس شرك عبادة.

٤٠١ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم (محمد خ ل) عن على بن العباس عن على بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : وقوله عزوجل : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) يعنى قبض محمد وظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته وهو قوله عزوجل : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد ابن بكر عن أبى الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : والذى بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شيء يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات (١) دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن ، فمن أراد ذلك فليسألني عنه ، قال : فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عما يؤمن من الحرق والغرق؟ فقال : اقرأ هذه الآيات الله (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) و (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) الى قوله : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) فمن قرأها فقد أمن من الحرق والغرق ، قال : فقرأ رجل واضطرمت النار في بيوت جيرانه وبيته وسطها فلم يصبه شيء ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠٣ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام : يا على أمان لامتى من الحرق (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) و (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) الاية.

٤٠٤ ـ في روضة الكافي عن على بن محمد عن على بن العباس عن على بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى جعفر (ع) قال : وقوله عزوجل : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) يعنى قبض محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته وهو قوله عزوجل : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ

__________________

(١) الإفلات والانفلات : التخلص من الشيء نجاة من غير تمكث.

١١٠

يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن رجل من ثقيف قال : قال على عليه‌السلام إياك ان تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم خراج أو تبيع دابة على درهم فانا أمرنا ان نأخذ منه العفو.

٤٠٦ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الحارث بن الدلهاث مولى الرضا عليه‌السلام قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلث خصال : سنة من ربه وسنة من نبيه ، وسنة من وليه ، الى قوله : واما السنة من نبيه فمداراة الناس فان الله امر نبيه بمداراة الناس فقال : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ).

٤٠٧ ـ في تفسير العياشي عن الحسين بن على بن النعمان عن أبيه عمن سمع أبا عبد الله عليه‌السلام وهو يقول : ان الله أدب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمد (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) قال : خذ منهم ما ظهر وما تيسر ، والعفو الوسط.

٤٠٨ ـ في مجمع البيان وروى انه لما نزلت هذه الاية سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جبرئيل عليه‌السلام عن ذلك؟ فقال : لا أدري حتى اسئل العالم ثم أتاه فقال يا محمد ان الله يأمرك ان تعفو عمن ظلمك ، وتعطى من حرمك ، وتصل من قطعك ، (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ).

٤٠٩ ـ قال ابن زيد : لما نزلت هذه الاية قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف يا رب الغضب؟ فنزل قوله : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ).

٤١٠ ـ في كتاب الخصال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا وسوس الشيطان الى أحدكم فليستعذ بالله وليقل آمنت بالله وبرسوله مخلصا له الدين.

٤١١ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) قال : ان عرض في قلبك منه شيء وسوسة (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ثم قال : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) قال : إذا ذكرهم الشيطان المعاصي وحملهم عليها يذكرون الله فاذا هم مبصرون.

١١١

٤١٢ ـ في روضة الكافي كلام لعلى بن الحسين عليهما‌السلام : في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيه عليه‌السلام : واحذروا ايها الناس من الذنوب والمعاصي ما قد نهاكم الله عنها وحذركموها في كتابه الصادق بالبيان الناطق ، فلا تأمنوا مكر الله وتحذيره عند ما يدعوكم الشيطان اللعين اليه من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا ، فان الله عزوجل يقول : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) فاشعروا قلوبكم [الله أنتم] (١) خوف الله وتذكروا ما قد وعدكم الله في مرجعكم اليه من حسن ثوابه كما قد خوفكم من شديد العقاب.

٤١٣ ـ في كتاب الخصال عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ثلثة من أشد ما عمل : انصاف المؤمن نفسه ومواساة المواخاة ، وذكر الله على كل حال ، وهو ان يذكر الله عند المعصية وهو قول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ).

٤١٤ ـ في أصول الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) قال : هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك ، فذلك قوله : (تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ).

٤١٥ ـ في تفسير العياشي عن عبد الأعلى عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) قال : هو الذنب يهم به العبد فيتذكر فيدعه.

٤١٦ ـ عن على بن ابى حمزة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) ما ذلك [الطائف]؟ فقال : هو السيئ يهم به العبد ثم يذكر الله فيبصر ويقصر.

٤١٧ ـ ابو بصير عنه قال : هو الرجل يهم بالذنب ثم يتذكر فيدعه.

__________________

(١) كذا في النسخ وما بين المعقفتين غير موجود في المصدر وقوله : فأشعروا قلوبكم خوف الله اى اجعلوا خوف الله شعار قلوبكم ملازما لها غير مفارق عنها.

١١٢

٤١٨ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى جعفر بن محمد عليهما‌السلام انه سئل عن القرائة خلف الامام؟ فقال : إذا كنت خلف امام تتولاه وتثق به يجزيك قراءته ، وان أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه فاذا جهر فأنصت ، قال الله تعالى : وأنصتوا لعلكم ترحمون.

٤١٩ ـ الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن معاوية بن وهب عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سئلته عن الرجل يؤم القوم وأنت لا ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقرائة؟ فقال : إذا سمعت كتاب الله يتلى فأنصت له.

٤٢٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وفي رواية زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : وان كنت خلف الامام فلا تقرأن شيئا في الأوليين وأنصت لقرائته ، ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين ، فان الله عزوجل يقول للمؤمنين : وإذا قرئ القرآن يعنى في الفريضة خلف الامام (فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) والأخيرتان تبعا للأوليين.

٤٢١ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام في خطبة يوم الجمعة الخطبة الاولى : الحمد لله نحمده ونستعينه الى ان قال عليه‌السلام : ان كتاب الله اصدق الحديث وأحسن القصص وقال الله عزوجل : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فاسمعوا طاعة الله وأنصتوا ابتغاء رحمته.

٤٢٢ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : يجب الإنصات للقرآن في الصلوة وفي غيرها وإذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات والاستماع.

٤٢٣ ـ عن ابى بصير (١) عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قرأ ابن الكوا خلف أمير المؤمنين عليه‌السلام : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) فأنصت له أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٤٢٤ ـ عن إبراهيم بن عبد الحميد رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : واذكر ربك

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «عن أبى كهمس» بدل «عن ابى بصير».

١١٣

في نفسك (١) يعنى مستكينا وخيفة يعنى خوفا من عذابه ودون الجهر من القول يعنى دون الجهر من القرائة بالغدو والآصال يعنى بالغداة والعشى.

٤٢٥ ـ عن الحسين بن المختار عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) قال : تقول عند المساء «لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت ويميت ويحيى وهو على كل شيء قدير» قلت : «بيده الخير»؟ قال : بيده الخير ولكن [قل] كما أقول لك عشر مرات ، «وأعوذ بالله السميع العليم (مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) ان الله هو السميع العليم» عشر مرات حين تطلع الشمس وعشر مرات حين تغرب.

٤٢٦ ـ عن محمد بن مروان عن بعض أصحابه قال : قال جعفر بن محمد عليه‌السلام قل : «أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله ان يحضرون ان الله هو السميع العليم» وقل : «لا اله الا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيى ويميت ويميت ويحيى وهو على كل شيء قدير» فقال له رجل : مفروض هو؟ قال : نعم مفروض هو محدود تقوله قبل طلوع الشمس وقبل الغروب عشر مرات ، فان فاتك شيء منها فاقضه من الليل والنهار.

٤٢٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : لا يكتب الملك الا ما سمع ، وقال الله عزوجل (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله عزوجل لعظمته.

٤٢٨ ـ وباسناده الى ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال في آخر حديث ودعاء التضرع ان تحرك إصبعك السبابة مما يلي وجهك وهو دعاء الخيفة.

٤٢٩ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال رفعه قال : قال الله تعالى لعيسى عليه‌السلام : يا عيسى اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي واذكرني في ملائك أذكرك في ملاء خير من ملاء الآدميين.

__________________

(١) كذا في النسخ الكتاب والمصدر وكأنه سقط «تضرعا» من الموضع.

١١٤

٤٣٠ ـ وباسناده الى ابى المغرا الخصاف رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من ذكر الله عزوجل في السر فقد ذكر الله كثيرا ، ان المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السر ، فقال الله عزوجل : (يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً).

٤٣١ ـ في مجمع البيان (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ) وروى زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال معناه : إذا كنت خلف امام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك فيما لا يجهر الامام عليه‌السلام فيه بالقرائة.

٤٣٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) قال : في الظهر والعصر (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) قال : بالغداة ونصف النهار (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ).

٤٣٣ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام انه جاء اليه رجل فقال له : بأبى أنت وأمى عظني موعظة ، فقال عليه‌السلام : ان كان الشيطان عدوا فالغفلة لما ذا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٣٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل بن دراج عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أيما مؤمن حافظ على الصلوات المفروضة فصلاها لوقتها ، فليس هذا من الغافلين.

٤٣٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من كان معه كفنه في بيته لم يكتب من الغافلين وكان مأجورا كلما نظر اليه.

٤٣٦ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لقمان لابنه يا بنى لكل شيء علامة يعرف بها ويشهد عليها الى أن قال : وللغافل ثلث علامات : اللهو ، والسهو ، والنسيان.

٤٣٧ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين.

١١٥

٤٣٨ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل عن الفارين ، والمقاتل عن الفارين له الجنة.

٤٣٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم : ان الذين عند ربك يعنى الأنبياء والرسل والائمة عليهم‌السلام لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون.

١١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في تفسير العياشي عن أبى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : من قرأ برائة والأنفال في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا ، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام حقا ، ويأكل يوم القيمة من موائد الجنة مع شيعته حتى يفرغ الناس من الحساب.

٢ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرء سورة الأنفال وسورة برائة في كل شهر لم يدخله النفاق أبدا ، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٣ ـ في مجمع البيان أبى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : من قرأ سورة الأنفال وبرائة فانا شفيع له وشاهد يوم القيمة انه برىء من النفاق ، وأعطى من الأجر بعدد كل منافق ومنافقة في دار الدنيا عشر حسنات ، ومحى عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات وكان العرش وحملته يصلون عليه أيام حيوته في الدنيا.

٤ ـ وفيه قرأ على بن الحسين وأبو جعفر محمد بن على الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهم‌السلام يسئلونك الأنفال.

٥ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد قال : حدثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال : الخمس من خمسة أشياء : من الكنوز ، والمعدن ، والغوص ، والمغنم الذي يقاتل عليه ولم يحفظ الخامس ، وما كان من فتح لم يقاتل عليه ولم يوجف عليه بخيل ولا ركاب إلا ان أصحابنا يأتونه فيعاملون عليه فكيف ما عاملهم عليه النصف أو الثلث أو الربع ، أو ما كان يسهم له خاصة وليس لأحد فيه شيء الا ما أعطاه هو منه ، وبطون الاودية ورؤس الجبال والموات كلها هو له ، وهو قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) ان تعطيهم منه قال : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ) وللرسول

١١٧

وليس هو (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) (١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حفص بن البختري عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، أو قوم صالحوا ، أو قوم أعطوا بأيديهم ، وكل ارض خربة وبطون الاودية فهو لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء.

٧ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن على بن ابى حمزة عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : الأنفال هو النفل ، وهو في سورة الأنفال جدع الأنف (٢)

٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن شعيب عن ابى الصباح قال : قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : نحن قوم فرض الله طاعتنا ، لنا الأنفال ولنا صفو المال.

٩ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن رفاعة عن أبان بن تغلب عن ابى عبد الله عليه‌السلام في الرجل يموت ولا وارث له ولا مولى؟ قال : هو أهل هذه الاية (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ).

١٠ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن محمد الحلبي عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) قال : من مات ليس له مولى فماله من الأنفال.

__________________

(١) قال الفيض (ره) : يعنى ليس المعنى يسئلونك عن حقيقة الأنفال وانما المعنى يسئلونك ان تعطيهم من الأنفال «انتهى» ويمكن أن يكون المراد ـ بقرينة ما مر من كتاب مجمع البيان في حديث ـ ٤ هو قراءة الاية وانها في قراءتهم عليهم‌السلام (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) لكن توافقت النسخ حتى المصدر والوافي والوسائل على قوله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) باثبات لفظة «عن» قبيل هذا والله أعلم.

(٢) جدعه : قطع انفه. ولعل الوجه في كلامه عليه‌السلام هو اشتمال السورة على ذكر الخمس لذوي القربى ، فهذا قطع أنف المخالفين الجاحدين لحقوقهم عليهم‌السلام.

١١٨

١١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : من مات وليس له مولى فماله من الأنفال.

١٢ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : من مات وليس له وارث من قرابته ولا مولى عتاقه جريرته فماله من الأنفال.

١٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن اسحق بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الأنفال فقال : هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول ، وما كان للملوك فهو للإمام ، وما كان من أرض خربة لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكل أرض لا رب لها ، والمعادن ، ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال. وقال : نزلت يوم بدر لما انهزم الناس كان أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ثلث فرق : فصنف كانوا عند خيمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصنف أغاروا على النهب ، وفرقة طلبت العدو وأسروا وغنموا ، فلما جمعوا الغنايم والأسارى تكلمت الأنصار في الأسارى فأنزل الله تبارك وتعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) فلما أباح الله لهم الأسارى والغنايم تكلم سعد بن معاذ وكان ممن قام عند خيمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ما منعنا ان نطلب العدو زهادة في الجهاد ، ولا جبنا من العدو ، ولكنا خفنا ان يعرى موضعك فتميل عليك خيل المشركين ، وقد اقام عند الخيمة وجوه المهاجرين والأنصار ولم يشك أحد منهم والناس كثير يا رسول الله والغنايم قليلة ، ومتى تعطى هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء ، وخاف ان يقسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الغنايم واسلاب القتلى بين من قاتل ، ولا يعطى من تخلف على خيمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئا ، فاختلفوا فيما بينهم حتى يسألوا رسول الله فقالوا : لمن هذه الغنائم فأنزل الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ) وللرسول» فرجع الناس وليس لهم في الغنيمة شيء ثم انزل الله بعد ذلك (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فقسمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بينهم ، فقال

١١٩

ابن ابى وقاص : يا رسول الله أتعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطى الضعيف؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثكلتك أمك وهل تنصرون الا بضعفائكم؟ قال : فلم يخمس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ببدر وقسم بين أصحابه ، ثم استقبل يأخذ الخمس بعد البدر ، فأنزل الله قوله : «و (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) بعد انقضاء حرب بدر ، فقد كتب ذلك في أول السورة وكتب بعده خروج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى الحرب.

١٤ ـ في تفسير العياشي عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام : قال الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب.

١٥ ـ عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الأنفال؟ قال : هي القرى التي جلى أهلها وهلكوا فخربت فهي لله وللرسول.

١٦ ـ عن ابى اسامة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الأنفال قال : هو كل أرض خربة وكل ارض لم يوجف عليها خيل ولا ركاب.

١٧ ـ عن ابى بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لنا الأنفال ، قلت : وما الأنفال؟ قال : منها المعادن ، والاجام (١) وكل ارض لا رب لها ، وكل ارض باد أهلها (٢) فهو لنا.

١٨ ـ عن ابى حمزة الثمالي عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول في الملوك الذين يقطعون الناس هو من الفيء والأنفال وأشباه ذلك.

١٩ ـ وفي رواية اخرى عن الثمالي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله :

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [قال يسئلونك الأنفال] (٣) قال : ما كان للملوك فهو للإمام.

٢٠ ـ عن سماعة بن مهران قال : سألته عن الأنفال؟ قال : كل ارض خربة وأشياء كانت تكون للملوك فذلك خاص للإمام عليه‌السلام ، ليس للناس فيه سهم ، قال : ومنها البحرين

__________________

(١) الاجام جمع الاجمة ـ محركة ـ : الشجر الملتف الكثير ويقال له بالفارسية «بيشه».

(٢) اى هلكوا أو انقرضوا.

(٣) ما بين العلامتين غير موجود في المصدر.

١٢٠