شرح الصحيفة الكاملة السجّاديّة

السيّد محمّد باقر المشتهر بمحقّق الداماد

شرح الصحيفة الكاملة السجّاديّة

المؤلف:

السيّد محمّد باقر المشتهر بمحقّق الداماد


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: بهار قلوب
الطبعة: ٢
ISBN: 964-93610-0-6
الصفحات: ٤٤٠

مقدّمة الصحيفة السجادية

٤١
٤٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

حَدَّثَنَا السَيِّدُ الْأَجَلُّ ، (١) نَجْمُ الدّينِ ، بَهاءُ الشَّرَفِ ، اَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ اَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَرِ بْنِ يَحْيَى الَعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : قالَ اَخْبَرَنَا الشَّيْخُ السَّعيدُ ، اَبُو عَبْدِ اللهِ ، مُحَمَّدُ بْنُ اَحْمَدَبْنِ شَهْرِيارِ ، (٢) اَلْخازِنُ لِخِزانَةِ مَوْلانا اَميرِ الْمُؤمِنينَ عَلِيِّ بْنِ اَبي طالِبٍ عليه السلام في شَهْرِ رَبيعِ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ عَشَرَةَ وَخَمْسَ مِائَةٍ قِرائَةً عَلَيْهِ ، وَاَنَا اَسْمَعُ.

قالَ سَمِعْتُها (٣) عَلَى الشَّيْخِ الصَّدُوقِ اَبي مَنْصُور ، مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزيزِ الْعُكْبَرِيِّ (٤) الْمُعَدَّلِ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ اَبِي الْمُفَضَّلِ ، (٥) مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبانِيِّ ، قالَ : حَدَّثَنَا الشَّريفُ اَبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ

٤٣

بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَطَّابٍ الزَّيَّاتُ ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِي عَلِيُّ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَعْلَمُ ، (٦) قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ مُتَوَكِّلٍ الثَّقَفِيُّ الْبَلْخِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ مُتَوَكِّلِ بْنِ هَارُونَ ، (٧) قَالَ : لَقِيتُ يَحْيَى بْنَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خُرَاسَانَ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لِي : مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟

قُلْتُ مِنَ الْحَجِّ. فَسَأَلَنِي عَنْ أَهْلِهِ وَبَنِي عَمِّهِ بِالْمَدِينَةِ ، وَأَحْفَى السُّؤَالَ (٨) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأخْبَرْتُهُ بِخَبَرِهِ وَخَبَرِهِمْ وَحُزْنِهِمْ عَلَى أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لِي : قَدْ كَانَ عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشَارَ عَلَى أَبِي بِتَرْكِ الْخُرُوجِ وَعَرَّفَهُ إِنْ هُوَ خَرَجَ وَفَارَقَ الْمَدِينَةَ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ مَصيرُ أَمْرِهِ فَهَلْ لَقِيتَ ابْنَ عَمِّي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ قُلْتُ : نَعَمْ. قَالَ : فَهَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكُرُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي؟ قُلْتُ : نَعَمْ. قَالَ : بِمَ ذَكَرَنِي؟ خَبِّرْنِي. قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ (٩) مَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَقْبِلَكَ بِمَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ ، فَقَالَ : أَبِالْمَوْتِ تُخَوِّفُنِي؟! هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ. فَقُلْتُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنَّكَ تُقْتَلُ وَتُصْلَبُ كَمَا قُتِلَ أَبُوكَ وَصُلِبَ. فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَقَالَ : (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (١٠) يَا مُتَوَكِّلُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَيَّدَ هَذَا الْأَمْرَ بِنَا (١١) وَ

٤٤

جَعَلَ لَنَا الْعِلْمَ وَالسَّيْفَ ، فَجُمِعَا لَنَا وَخُصَّ بَنُو عَمِّنَا بِالْعِلْمِ وَحْدَهُ. فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاءَكَ إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمْيَلَ مِنْهُمْ إِلَيْكَ وَإِلَى أَبِيكَ؟ فَقَالَ : إِنَّ عَمِّي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَابْنَهُ جَعْفَراً عَلَيْهِمَا السَّلَامُ دَعَوَا النَّاسَ إِلَى الْحَيوةِ وَنَحْنُ دَعَوْنَاهُمْ إِلَى الْمَوْتِ.

فَقُلْتُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَهُمْ أَعْلَمُ أَمْ أَنْتُمْ؟

فَأَطْرَقَ إِلَى الْأَرْضِ مَلِيّاً (١٢) ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ : كُلُّنَا لَهُ عِلْمٌ غَيْرَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ كُلَّمَا نَعْلَمُ ، وَلا نَعْلَمُ كُلَّمَا يَعْلَمُونَ ، ثُمَّ قَالَ لِي : أَكَتَبْتَ مِنِ ابْنِ عَمِّي (١٣) شَيْئاً؟ قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : أَرِنِيهِ. فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ وُجُوهاً مِنَ الْعِلْمِ وَأَخْرَجْتُ لَهُ دُعَاءً (١٤) أَمْلَاهُ عَلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَمْلَاهُ عَلَيْهِ (١٥) وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مِنْ دُعَاءِ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مِنْ دُعَاءِ الصَّحِيفَةِ الْكَامِلَةِ ، فَنَظَرَ فِيهِ يَحْيَى حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِ وَقَالَ لِي أَتَأْذَنُ فِي نَسْخِهِ؟

فَقُلْتُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَتَسْتَأْذِنُ فِيمَا هُوَ عَنْكُمْ؟

فَقَالَ : أَمَا لَأُخْرِجَنَّ إِلَيْكَ صَحِيفَةً مِنَ الدُّعَاءِ الْكَامِلِ (١٦) مِمَّا حَفِظَهُ أَبِي عَنْ أَبِيهِ وَإِنَّ أَبِي أَوْصَانِي (١٧) بِصَوْنِهَا وَمَنْعِهَا غَيْرَ أَهْلِهَا.

٤٥

قَالَ عُمَيْرٌ : قَالَ أَبِي : فَقُمْتُ إِلَيْهِ ، فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ وَقُلْتُ لَهُ : وَاللَّهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي لَأَدِينُ اللَّهَ بِحُبِّكُمْ (١٨) وَطَاعَتِكُمْ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُسْعِدَنِي فِي حَيَاتِي وَمَمَاتِي بِوَلَايَتِكُمْ. (١٩) فَرَمَى صَحِيفَتِيَ الَّتِي دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ إِلَى غُلَامٍ كَانَ مَعَهُ وَقَالَ : اكْتُبْ هَذَا الدُّعَاءَ بِخَطٍّ بَيِّنٍ حَسَنٍ وَاعْرِضْهُ عَلَيَّ لَعَلِّي أَحْفَظُهُ ، فَإِنِّي كُنْتُ أَطْلُبُهُ مِنْ جَعْفَرٍ حَفِظَهُ اللَّهُ فَيَمْنَعُنِيهِ.

قَالَ مُتَوَكِّلٌ : فَنَدِمْتُ عَلَى مَا فَعَلْتُ وَلَمْ أَدْرِ مَا أَصْنَعُ وَلَمْ يَكُنْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَقَدَّمَ إِلَيَّ أَلَّا أَدْفَعَهُ إِلَى أَحَدٍ ثُمَّ دَعَا بِعَيْبَةٍ (٢٠) فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا صَحِيفَةً مُقْفَلَةً مَخْتُومَةً فَنَظَرَ إِلَى الْخَاتَمِ وَقَبَّلَهُ وَبَكَى ثُمَّ فَضَّهُ وَفَتَحَ الْقُفْلَ ثُمَّ نَشَرَ الصَّحِيفَةَ وَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنِهِ وَأَمَرَّهَا عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ : وَاللَّهِ يَا مُتَوَكِّلُ لَوْ لَا مَا ذَكَرْتَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَمِّي إِنَّنِي أُقْتَلُ وَأُصْلَبُ لَمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَلَكُنْتُ بِهَا ضَنِيناً ، وَلَكِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ حَقٌّ أَخَذَهُ عَنْ آبَائِهِ وَأَنَّهُ سَيَصِحُّ ، فَخِفْتُ أَنْ يَقَعَ مِثْلُ هَذَا الْعِلْمِ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَيَكْتُمُوهُ وَيَدَّخِرُوهُ (٢١) فِي خَزَائِنِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ (٢٢) فَاقْبِضْهَا وَاكْفِنِيهَا وَتَرَبَّصْ بِهَا فَإِذَا قَضَى اللَّهُ مِنْ أَمْرِي وَأَمْرِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مَا هُوَ قَاضٍ فَهِيَ أَمَانَةٌ لِي عِنْدَكَ حَتَّى تُوصِلَهَا إِلَى ابْنَيْ عَمِّي : مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَإِنَّهُمَا الْقَائِمَانِ

٤٦

فِي هَذَا الْأَمْرِ بَعْدِي. (٢٣)

قَالَ الْمُتَوَكِّلُ : فَقَبَضْتُ الصَّحِيفَةَ فَلَمَّا قُتِلَ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ صِرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَقِيتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى ، فَبَكَى وَاشْتَدَّ وَجْدُهُ بِهِ ، وَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ عَمِّي وَأَلْحَقَهُ بِآبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ وَاللَّهِ يَا مُتَوَكِّلُ مَا مَنَعَنِي مِنْ دَفْعِ الدُّعَاءِ إِلَيْهِ إِلَّا الَّذِي خَافَهُ عَلَى صَحِيفَةِ أَبِيهِ وَأَيْنَ الصَّحِيفَةُ؟

فَقُلْتُ : هَا هِيَ فَفَتَحَهَا وَقَالَ : هَذَا وَاللَّهِ خَطُّ عَمِّي زَيْدٍ ، وَدُعَاءُ جَدِّي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ لِابْنِهِ : قُمْ يَا إِسْمَاعِيلُ فَأْتِنِي بِالدُّعَاءِ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِحِفْظِهِ وَصَوْنِهِ.

فَقَامَ إِسْمَاعِيلُ فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً كَأَنَّهَا الصَّحِيفَةُ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيَّ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ ، فَقَبَّلَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنِهِ وَقَالَ : هَذَا خَطُّ أَبِي وَإِمْلَاءُ جَدِّي عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِمَشْهَدٍ مِنِّي.

فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ أَعْرِضَهَا مَعَ صَحِيفَةِ زَيْدٍ وَيَحْيَى؟

فَأَذِنَ لِي فِي ذَلِكَ وَقَالَ : قَدْ رَأَيْتُكَ لِذَلِكَ أَهْلًا فَنَظَرْتُ وَإِذَا هُمَا أَمْرٌ وَاحِدٌ وَلَمْ أَجِدْ حَرْفاً مِنْها يُخَالِفُ مَا فِي الصَّحِيفَةِ الْأُخْرَى. ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي دَفْعِ الصَّحِيفَةِ إِلَى ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

٤٧

الْحَسَنِ، فَقَالَ : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) نَعَمْ فَادْفَعْهَا إِلَيْهِمَا ، فَلَمَّا نَهَضْتُ لِلِقَائِهِمَا ، قَالَ لِي مَكَانَكَ : ثُمَّ وَجَّهَ إِلَى مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ فَجَاءَا فَقَالَ هَذَا مِيرَاثُ ابْنِ عَمِّكُمَا يَحْيَى مِنْ أَبِيهِ ، قَدْ خَصَّكُمْا بِهِ دُونَ إِخْوَتِهِ وَنَحْنُ مُشْتَرِطُونَ عَلَيْكُمَا فِيهِ شَرْطاً ، فَقَالَا رَحِمَكَ اللَّهُ قُلْ فَقَوْلُكَ الْمَقْبُولُ. فَقَالَ : لا تَخْرُجَا بِهَذِهِ الصَّحِيفَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَا وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ : إِنَّ ابْنَ عَمِّكُمَا خَافَ عَلَيْهَا أَمْراً أَخَافُهُ أَنَا عَلَيْكُمَا. قَالَا إِنَّمَا خَافَ عَلَيْهَا حِينَ عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنْتُمَا فَلَا تَأْمَنَّا ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمَا سَتَخْرُجَانِ كَمَا خَرَجَ وَسَتُقْتَلَانِ كَمَا قُتِلَ. فَقَامَا وَهُمَا يَقُولَانِ : «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ» فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا مُتَوَكِّلُ كَيْفَ قَالَ لَكَ يَحْيَى إِنَّ عَمِّي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَابْنَهُ جَعْفَراً دَعَوَا النَّاسَ إِلَى الْحَيَاةِ وَدَعَوْنَاهُمْ إِلَى الْمَوْتِ؟ قُلْتُ نَعَمْ أَصْلَحَكَ اللَّهُ قَدْ قَالَ لِيَ ابْنُ عَمِّكَ يَحْيَى ذَلِكَ. فَقَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ يَحْيَى إِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَخَذَتْهُ نَعْسَةٌ وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِهِ ، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ رِجَالًا يَنْزُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ يَرُدُّونَ النَّاسَ عَلَى أَعْقَابِهِمُ الْقَهْقَرَى (٢٤) فَاسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ جَالِساً وَالْحُزْنُ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ فَأَتَاهُ

٤٨

جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذِهِ الْآيَةِ (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً) يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. (٢٥) قَالَ : يَا جِبْرِيلُ أَعَلَى عَهْدِي يَكُونُونَ وَفِي زَمَنِي؟ قَالَ : لَا وَلَكِنْ تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ (٢٦) مِنْ مُهَاجَرِكَ ، (٢٧) فَتَلْبَثُ بِذَلِكَ عَشْراً ، ثُمَّ تَدُورُ رَحَى الْإِسْلامِ عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مِنْ مُهَاجَرِكَ فَتَلْبَثُ بِذَلِكَ خَمْساً ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ رَحَى ضَلَالَةٍ هِيَ قَائِمَةٌ عَلَى قُطْبِهَا ثُمَّ مُلْكُ الْفَرَاعِنَةِ قَالَ : وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) تَمْلِكُهَا بَنُو أُمَيَّةَ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَ : فَأَطْلَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ تَمْلِكُ سُلْطَانَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَمُلْكَهَا طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَلَوْ طَاوَلَتْهُمُ الْجِبَالُ لَطَالُوا عَلَيْهَا حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ تَعَالَى بِزَوَالِ مُلْكِهِمْ وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَسْتَشْعِرُونَ عَدَاوَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَبُغْضَنَا أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِمَا يَلْقَى أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَأَهْلُ مَوَدَّتِهِمْ وَشِيعَتُهُمْ مِنْهُمْ فِي أَيَّامِهِمْ وَمُلْكِهِمْ قَالَ : وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) وَنِعْمَةُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ وَأَهْلُ بَيْتِهِ ، حُبُّهُمْ إِيمَانٌ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ يُدْخِلُ النَّارَ. فَأَسَرَّ رَسُولُ اللَّهِ

٤٩

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ : ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا خَرَجَ وَلَا يَخْرُجُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ إِلَى قِيَامِ قَائِمِنَا أَحَدٌ لِيَدْفَعَ ظُلْماً أَوْ يَنْعَشَ حَقّاً إلَّا اصْطَلَمَتْهُ الْبَلِيَّةُ وَكَانَ قِيَامُهُ زِيَادَةً فِي مَكْرُوهِنَا وَشِيعَتِنَا. قَالَ الْمُتَوَكِّلُ بْنُ هَارُونَ ثُمَّ أَمْلَى عَلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَدْعِيَةَ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ بَاباً سَقَطَ عَنِّي مِنْهَا أَحَدَ عَشَرَ بَاباً وَحَفِظْتُ مِنْهَا نَيِّفاً (٢٨) وَسِتِّينَ بَاباً. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ قَالَ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ رُوزْبِهَ ، (٢٩) أَبُو بَكْرٍ الْمَدَائِنِيُّ الْكَاتِبُ نَزِيلُ الرَّحْبَةِ (٣٠) فِي دَارِهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمُطَهَّرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُمَيْرِ بْنِ مُتَوَكِّلٍ الْبَلْخِيِّ عَنْ أَبِيهِ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ هَارُونَ ، قَالَ : لَقِيتُ يَحْيَى بْنَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ إِلَى رُؤْيَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الَّتِي ذَكَرَهَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُطَهَّرِيِّ ذِكْرُ الْأَبْوَابِ وَهِيَ :

التَّحْمِيدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ

الصَّلَاةُ عَلَى حَمَلَةِ الْعَرْشِ

الصَّلَاةُ عَلَى مُصَدِّقِي الرُّسُلِ

٥٠

دُعَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَخَاصَّتِهِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ

دُعَاؤُهُ فِي الْمُهِمَّاتِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاشْتِيَاقِ

دُعَاؤُهُ فِي اللَّجَإِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى

دُعَاؤُهُ بِخَوَاتِمِ الْخَيْرِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاعْتِرَافِ

دُعَاؤُهُ فِي طَلَبِ الْحَوَائِجِ

دُعَاؤُهُ فِي الظُّلَامَاتِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ الْمَرَضِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاسْتِقَالَةِ

دُعَاؤُهُ عَلَى الشَّيْطَانِ

دُعَاؤُهُ فِي الْمَحْذُورَاتِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ

دُعَاؤُهُ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ

دُعَاؤُهُ إِذَا حَزَنَهُ أَمْرٌ

٥١

دُعَاؤُهُ عِنْدَ الشِّدَّةِ

دُعَاؤُهُ بِالْعَافِيَةِ

دُعَاؤُهُ لِأَبَوَيْهِ

دُعَاؤُهُ لِوُلْدِهِ

دُعَاؤُهُ لِجِيرَانِهِ وَأَوْلِيَائِهِ

دُعَاؤُهُ لِأَهْلِ الثُّغُورِ

دُعَاؤُهُ فِي التَّفَزُّعِ

دُعَاؤُهُ إِذَا قُتِّرَ عَلَيْهِ الرِّزْقُ

دُعَاؤُهُ فِي الْمَعُونَةِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ

دُعَاؤُهُ بِالتَّوْبَةِ

دُعَاؤُهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاسْتِخَارَةِ

دُعَاؤُهُ إِذَا ابْتُلِيَ أَوْ رَأَى مُبْتَلًى بِفَضِيحَةٍ بِذَنْبٍ

دُعَاؤُهُ فِي الرِّضَا بِالْقَضَاءِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ سَمَاعِ الرَّعْدِ

دُعَاؤُهُ فِي الشُّكْرِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاعْتِذَارِ

٥٢

دُعَاؤُهُ فِي طَلَبِ الْعَفْوِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوْتِ

دُعَاؤُهُ فِي طَلَبِ السَّتْرِ وَالْوِقَايَةِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ خَتْمِهِ الْقُرْآنَ

دُعَاؤُهُ إِذَا نَظَرَ إِلَى الْهِلَالِ

دُعَاؤُهُ لِدُخُوْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

دُعَاؤُهُ لِوَدَاعِ شَهْرِ رَمَضَانَ

دُعَاؤُهُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ وَالْجُمُعَةِ

دُعَاؤُهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ

دُعَاؤُهُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى وَالْجُمُعَةِ

دُعَاؤُهُ فِي دَفْعِ كَيْدِ الْأَعْدَاءِ

دُعَاؤُهُ فِي الرَّهْبَةِ

دُعَاؤُهُ فِي التَّضَرُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ

دُعَاؤُهُ فِي الْإِلْحَاحِ

دُعَاؤُهُ فِي التَّذَلُّلِ

دُعَاؤُهُ فِي اسْتِكْشَافِ الْهُمُومِ

وَبَاقِي الْأَبْوَابِ بِلَفْظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، حَدَّثَنَا أَبُو

٥٣

عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَطَّابٍ الزَّيَّاتُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِي عَلِيُّ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَعْلَمُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ مُتَوَكِّلٍ الثَّقَفِيُّ الْبَلْخِيُّ عَنْ أَبِيهِ مُتَوَكِّلِ بْنِ هَارُونَ ، قَالَ : أَمْلَى عَلَيَّ سَيِّدِي الصَّادِقُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : أَمْلَى جَدِّي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى أَبِي ، مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ السَّلَامُ بِمَشْهَدٍ مِنِّي.

٥٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

الحمد لله الذي جعل لوح الأمر والخلق صحيفة لكتبه وكلماته ، ورقيماً لسوره وآياته ، بمداد قضائه وقدره ، وقلم إبداعه وتكوينه.

وعلى العترة الصفوة الطاهرة ، والحامّة الروقة الناخلة ، الاثني عشر الخلّص البررة ، المقرّبين المكرّمين ، الأوصياء الصدّيقين ، والأصفياء السبّيقين ، والاُمناء المعصومين ، والخلفاء المفطومين ، خزنة سرّ الله ، وحملة كتاب الله ، وأعمدة دين الله ، وحفظة حدود الله ، ونصيبة خاصّة الله ، وبقيّة خيرة الله ، وتريكة رسول الله صلّى الله عليه وعليهم وسلّم ، أوجس أبد الآبدين ، وسجيس دهر الداهرين.

وبعد : فأفقر الخلق إلى غنيّ الأغنياء ، عبده الضئيل (١) الذليل ، محمّد بن محمّد ، يدعى باقر بن داماد الحسيني ، ختم له في نشأتيه بالحسنى ، يقول : إنّ في إنجيل أهل البيت ، وزبور آل محمّد عليهم السلام ، رموزاً سماويّة وألفاظاً إلهيّة ، وأساليب وحيانيّة ، وأفانين فرقانيّة.

وإنّي بفضل الله العظيم ، قد تلوت على أسماع الأسلّاء المعنويّة ، وألقيت على أرواع الأخلّاء الروعانيّة ، أضعاف القراءة عليّ ، والسماع من فيّ ، والرواية عنّي والأخذ من لدنّي ، تارات تترى ، ومرّات شتّى ، قسطاً وفيراً ، وطسقاً غريزاً ، وفوغاً ٢ فائحاً ، وشطراً صالحاً ، ممّا اُوتيته من الخبر بمسالكها ومبانيها ، والعلم بحقائقها ومعانيها ، فليكن

__________________

١. أي الضعيف النحيف.

٢. فاغ فوغاً الطيب : فاح ، الفوغة من الطيب : فوحته. الفائغة : الرائحة الشديدة المخشمة.

٥٥

المصيخون (١) بحقائق ما يقرع أسماعهم واعين (٢) ولحقوقها راعين. (٣)

قال : من روّينا عنه ، وتحمّل لنا رواية الصحيفة المكرّمة (٤) في أشهر الطرق وأعرف الأسانيد.

(١) حدّثنا السيّد الأجلّ ..

الصحيفة الكريمة السجّاديّة ، المسمّاة «انجيل أهل البيت» و «زبور آل الرسول عليهم السلام» متواترة ، كما سائر الكتب في نسبتها إلى مصنّفيها ، وذكر الأسناد لبيان طريق حمل الرواية ، وإجازة تحمّل النقل ، وذلك سنن المشايخ في الاجازات.

فنقول : أسانيد طرق المشيخة ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ في روايتهم للصحيفة الكاملة المكرّمة متواترة ، وتحمّلهم لنقلها مختلفة.

ولفظة «حدّثنا» في هذا الطريق ، لعميد الدين وعمود المذهب عميد الرؤساء ، من أئمّة علماء الأدب ، ومن أفاخم أصحابنا ـ رضي الله تعالى عنهم ـ فهو الذي روى الصحيفة الكريمة ، عن السيّد الأجلّ بهاء الشرف (٥).

__________________

١. أصاخ له ، أي : أصغى إليه «منه».

٢. وعى يعي وعياً الشيء : جمعه وحواه ، والحديث : قبله وتدبّره وحفظه.

٣. من راعى رعاية الأمير رعيته : ساسها وتدبّر شؤونها ، وعليه حرمته : حفظها والأمر : حفظه ، راعى مراعاة الأمر : حفظه.

٤. المتكرّمة «س».

٥. قد اختلف المتأخّرون في تحقيق القائل بقول «حدّثنا» هنا ، فقال الشيخ البهائي : إنّه الشيخ ابن السكون ، وأصرّ على ذلك ، وأنكر كونه من مقول السيّد عميد الرؤساء غاية الانكار ، وزعم السيّد الداماد هنا وجمع من الشرّاح إلى أنّه هو عميد الدين وعمود المذهب عميد الرؤساء.

وقال الأفندي في كتابه : الحقّ عندي أنّ القائل به كلاهما ؛ لأنّهما في درجة واحدة ، ولأنّ كليهما من تلامذة ابن العصّار اللغوي.

ثمّ اعلم أنّ عميد الدين الذي قال السيّد الداماد به ليس هو بعميد الرؤساء.

قال في الرياض : وجه ذلك أمّا أوّلاً : فلتقدّم درجة عميد الرؤساء ؛ لأنّ من تلامذته السيّد فخّار

٥٦

وهذه صورة خطّ شيخنا المحقّق الشهيد ـ قدّس الله تعالى لطيفه ـ على نسخته التي عورضت بنسخة ابن السكون ، وعليها ـ أي النسخة التي بخطّ ابن السكون ـ خطّ عميد الدين عميد الرؤساء رحمه الله قراءة قرأها على السيّد الأجلّ ، النقيب الأوحد ، العالم جلال الدين عماد الإسلام أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمّد بن ال حسن بن معيّة ـ أدام الله تعالى علوّه ـ قراءة صحيحة مهذّبة ، ورويتها له عن السيّد بهاء الشرف أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن رجاله المسمّين في باطن هذه الورقة ، وأبحته روايتها عنّي حسبما وقفته عليه وحدّدته له. وكتب هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيّوب بن علي بن أيّوب ، في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وستّمائة ، والحمد لله الرحمن الرحيم ، وصلاته وتسليمه على رسوله سيّدنا محمّد المصطفى ، وتسليمه على آله الغرّ اللهاميم (١) ، إلى هنا حكاية خطّ الشهيد رحمة الله تعالى.

فأمّا النسخة التي بخطّ علي بن السكون رحمه الله ، فطريق الاسناد فيها على هذه الصورة : أخبرنا أبو علي الحسن بن محمّد بن إسماعيل بن أشباس البزّاز ، قراءة عليه فأقرّ به (٢) ، قال : أخبرنا أبو المفضّل محمّد بن عبد الله بن المطلب الشيباني ، إلى آخر ما في الكتاب.

وهناك نسخة اُخرى طريقها على هذه الصورة : حدّثنا الشيخ الأجلّ السيّد الإمام السعيد أبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي إلى ساقة الأسناد المكتوب في هذه النسخة على الهامش.

__________________

بن معدّ الموسوي المتقدّم على السيّد عميد الدين ابن اُخت العلّامة هذا بدرجات.

وأمّا ثانياً : فلاختلاف اللقبين ، كما لا يخفى.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ اسم عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيّوب اللغوي المشهور ، وصاحب القول في المسائل ومؤلّف الكتاب في معنى الكعب.

ولمزيد التوضيح راجع : رياض العلماء : ٣ : ٢٥٩ و ٤ : ٢٤٣ و ٥ : ٣٠٩ و ٣٧٥.

١. لهاميم الناس : أسخياؤهم ، أشياخهم.

٢. في هامش «س» : فأقرأنيه ـ خ ل.

٥٧

(٢) قوله : أخبرنا الشيخ

السعيد أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن شهريار

ذكره الشيخ منتجب الدين موفّق الإسلام أبو الحسن علي بن عبد الله ابن الحاسن بن الحسين بن بابويه ـ قدّس الله روحه وأرواح أسلافه ـ في كتابه الفهرست ، لذكر من تأخّر عن شيخ الطائفة ، ومدحه بالفقه والصلاح (١) ولم يذكر غيره من الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم.

(٣) قوله : قال : سمعتها

ضمير المفعول المؤنّث للصحيفة ، ودعاء الصحيفة المكرّمة السجّاديّة يلقّب بـ«زبور آل محمّد عليهم السلام» ذكر ذلك محمّد بن شهر آشوب ـ رحمه الله تعالى ـ في معالم العلماء (٢).

(٤) قوله : عبد العزيز العكبري

العكبر : بفتح الباء ، ممدودة وتقصّر ، قرية ، والنسبة إليها عكبراوي وعكبري.

(٥) قوله : عن أبي المفضّل

ذكره العلّامة في الخلاصة في قسم الضعفاء (٣).

والشيخ الحسن بن داود في قسمي الممدوحين والمجروحين من كتابه كليهما ، لكنّه ذكر في قسم المؤثّقين : محمّد بن عبد الله بن المطلب الشيباني يكنّى أبا المفضّل (٤). ولم يردفه بمدح أو جرح ، وفي المجروحين : محمّد بن عبد الله بن المطلّب (٥) الشيباني يكنّى أبا المفضّل (٦). ونقل

__________________

١. فهرست الشيخ منتجب الدين ص ١٧٢.

٢. معالم العلماء ص ١٢٥.

٣. الخلاصة ص ٢٥٢.

٤. رجال ابن داود ص ٣٢١ طبع جامعة طهران.

٥. في النسخ : عبد المطلّب.

٦. رجال ابن داود ص ٥٠٦.

٥٨

الأقوال فيه ، وليس ذلك لظنّه الاثنينيّة ، بل لاختلاف الأصحاب فيه.

وذكر الشيخ في الفهرست : أنّه كثير الرواية ، حسن الحفظ ، إلّا أنّه ضعّفه جماعة من أصحابنا (١).

والنجاشي قال في ترجمته : كان سافر في طلب الحديث عمره ، أصله كوفيّ ، وكان في أوّل أمره ثبتاً ثمّ خلط ، ورأيت جلّ أصحابنا يغمزونه ويضعّفونه (٢).

هذا كلام النجاشي ، ولكنّه كثيراً ما يذكره في ترجمة غيره ويوقّره ، ويقرن ذكره بالرحملة والرضيلة ، ويستند إلى إجازاته ، ويعتمد على الاسناد عنه ، ويعوّل في الجرح والتعديل على أقاويله ، وذلك كلّه أمارات التوثيق.

(٦) قوله : علي بن النعمان الأعلم

الأعلم : المشقوق الشفة العليا ، والمرأة علماء ، وإذا كان الشقّ في الشفة السفلى فالرجل أفلح ، والمرأة فلحاء بالحاء المهملة.

(٧) قوله : عن أبيه متوكّل

لرئيس الطائفة شيخ شيوخنا أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي ـ نوّر سرّه القدّوسي ـ إليه في روايته أدعية الصحيفة الشريفة ، طريقان ، ذكرهما في الفهرست :

أوّلهما : جماعة ، عن التلعكبري ، وهو أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد ، من بني شيبان ، العظيم المنزلة ، العديم النظير الواسع الرواية ، راوي جميع الاُصول والمصنّفات.

عن المعروف بابن أخي طاهر ، وهو أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله (٣) بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

__________________

١. الفهرست ص ١٦٦ طبع النجف الأشرف.

٢. رجال النجاشي ص ٣٠٩ طبع طهران.

٣. في «س» : عبد الله.

٥٩

عن محمّد بن مطهّر ، عن المتوكّل بن عمير بن المتوكّل ، عن أبيه عمير بن المتوكّل عن أبيه المتوكّل.

وثانيهما : ابن عبدون ، وهو أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزّاز ، شيخ شيوخنا ، المعروف بـ«ابن عبدون» ويعرف بـ«ابن الحاشر» أيضاً ، عن أبي بكر الدوري ، عن ابن أخي طاهر ، عن محمّد بن مطهّر ، عن المتوكّل بن عمير بن المتوكّل ، عن عمير بن المتوكّل ، عن المتوكّل (١).

وفي بعض نسخ الصحيفة الكريمة ، طريق الشيخ في روايتها إلى المتوكّل أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري ، شيخ الشيوخ ، عن أبي المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني ، عن رجاله المسمّين في كتابه إلى المتوكّل. (٢)

والنجاشي طريقه إليه بروايته لها ، كما ذكره رئيس المحدّثين في جامعه الكافي (٣) ، وهو وإن طعن (٤) فيه ابن الغضائري ، لكن المنساق إلى البيان من كلام النجاشي ، هو أنّ الأصحاب يضعّفونه لروايته عن المجاهيل والأحاديث (٥) المنكرة.

ولذلك استثنى ابن الغضائري أخيراً ، فقال : ما تطيب الأنفس من روايته ، إلّا فيما يرويه من كتب جدّه التي رواها عنه ، وعن غيره علي بن أحمد بن علي العقيقي من كتبه المصنّفة المشهورة.

__________________

١. الفهرست ص ١٩٩ ، والطريقة الاُولى تغاير ما في الفهرست المطبوع ، وتوافق ما نقله عن النجاشي عن شيخه ، حيث قال : أخبرنا بذلك جماعة ، عن التلعكبري ، عن أبي محمّد الحسن يعرف بابن أخي طاهر ، عن محمّد بن مطهّر ، عن أبيه ، عن عمر ـ عمير خ ل ـ بن المتوكّل ، عن أبيه.

٢. رجال النجاشي ص ٣٣٣.

٣. هو الحسن بن محمّد بن يحيى أبو محمّد العلوي.

٤. في «س» : طغى.

٥. في «س» : وللأحاديث.

٦٠