شرح الصحيفة الكاملة السجّاديّة

السيّد محمّد باقر المشتهر بمحقّق الداماد

شرح الصحيفة الكاملة السجّاديّة

المؤلف:

السيّد محمّد باقر المشتهر بمحقّق الداماد


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: بهار قلوب
الطبعة: ٢
ISBN: 964-93610-0-6
الصفحات: ٤٤٠

١٧

وكان من دعائه عليه السلام

إذا ذكر الشيطان فاستعاذ منه وَمن عداوته وَكيده

أَللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ نَزَغَـاتِ الشَّيْطَانِ (١) الرَّجِيمِ ، وَكَيْدِهِ وَمَكَائِدِهِ ، وَمِنَ الثِّقَةِ بِأَمَـانِيِّهِ (٢) وَمَوَاعِيدِهِ ، وَغُرُورِهِ وَمَصَائِدِهِ ، وَأَنْ يُطْمِعَ نَفْسَهُ فِي إضْلاَلِنَا عَنْ طَاعَتِكَ ، وَامْتِهَانِنَا (٣) بِمَعْصِيَتِكَ ، أَوْ أَنْ يَحْسُنَ عِنْدَنَا مَا حَسَّنَ لَنَا ، أَوْ أَنْ يَثْقُلَ عَلَيْنَا مَا كَرَّهَ إلَيْنَا. أللَّهُمَّ اخْسَأْهُ عَنَّا بِعِبَادَتِكَ ، وَاكْبِتْهُ بِدُؤوبِنَا (٤) فِي مَحَبَّتِكَ ، وَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِتْراً لاَ يَهْتِكُهُ ، وَرَدْماً (٥) مُصْمِتاً لا يَفْتُقُهُ. أللَّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ ، وَاشْغَلْهُ عَنَّا بِبَعْضِ أَعْدَائِكَ ، وَاعْصِمْنَا مِنْهُ بِحُسْنِ رِعَايَتِكَ ، وَاكْفِنَا (٦) خَتْرَهُ ، وَوَلِّنَا ظَهْرَهُ ، وَاقْطَعْ عَنَّا إثْرَهُ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَمْتِعْنَا مِنَ الْهُدَى بِمِثْلِ ضَلاَلَتِهِ ، وَزَوِّدْنَا مِنَ التَّقْوَى ضِدَّ غَوَايَتِهِ ، وَاسْلُكْ بِنَـا مِنَ التُّقى خِـلافَ سَبِيلِهِ مِنَ الـرَّدى. أللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ لَهُ فِي قُلُوبِنَا مَدْخَلاً ، (٧) وَلاَ تُوطِنَنَّ لَهُ فِيمَا لَدَيْنَا

١٨١

مَنْزِلاً. (٨) اللَّهُمَّ وَمَا سَوَّلَ لَنَا مِنْ بَاطِل فَعَرِّفْنَاهُ ، وَإذَا عَرَّفْتَنَاهُ فَقِنَاهُ ، وَبَصِّرْنَا مَا نُكَايِدُهُ (٩) بِهِ ، وَأَلْهِمْنَا مَا نُعِدُّهُ لَهُ ، وَأَيْقِظْنَا عَنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ بِالرُّكُونِ إلَيْهِ وَأَحْسِنْ بِتَوْفِيقِكَ عَوْنَنَا عَلَيْهِ. اللَّهُمَّ وَأَشْرِبْ قُلُوبَنَـا (١٠) إنْكَارَ عَمَلِهِ ، وَالْـطُفْ لَنَا (١١) فِي نَقضِ حِيَلِهِ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَحَوِّلْ سُلْطَانَهُ عَنَّا ، وَاقْطَعْ رَجَاءَهُ مِنَّا ، وادْرَأْه عَنِ الْوُلُوعِ بِنَا. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاجْعَلْ آباءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَوْلاَدَنَا وَأَهَالِينَا وَذَوِي أَرْحَامِنَا وَقَرَابَاتِنَا وَجِيْرَانَنَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ مِنْهُ فِي حِرْز حَـارِز ، وَحِصْنٍ حَافِظٍ ، وَكَهْف مَانِعٍ ، وَألْبِسْهُمْ مِنْهُ جُنَناً وَاقِيَةً ، وَأَعْطِهِمْ عَلَيْهِ أَسْلِحَةً مَاضِيَةً. أللَّهُمَّ وَاعْمُمْ بِذلِكَ مَنْ شَهِدَ لَكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، وَأَخْلَصَ لَكَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ ، وَعَادَاهُ لَكَ بِحَقِيقَةِ الْعُبُودِيَّة ، وَاسْتَظْهَرَ بِكَ عَلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ الْعُلُومِ الرَّبَّانِيَّةِ. اللَّهُمَّ احْلُلْ مَا عَقَدَ ، وَافْتقْ مَا رَتَقَ ، وَافسَخ مَا دَبَّرَ ، وَثَبِّطْهُ (١٢) إذَا عَزَمَ ، وَانْقُضْ مَا أَبْرَمَ. اللَّهُمَّ وَاهْزِمْ جُنْدَهُ ، وَأَبْطِلْ كَيْدَهُ ، وَاهْدِمْ كَهْفَهُ ، وَأَرْغِمْ أَنْفَهُ. (١٣) اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي نَظْم أَعْدَآئِهِ ، وَاعْزِلْنَا عَنْ عِدَادِ أَوْلِيَائِهِ ، لا نُطِيعُ لَهُ إذَا اسْتَهْوَانَا ، (١٤) وَلا نَسْتَجِيبُ لَهُ إذَا دَعَانَا ، نَأْمُرُ بِمُنَاوَاتِهِ (١٥) مَنْ أَطَاعَ أَمْرَنَا ، وَنَعِظُ عَنْ مُتَابَعَتِهِ مَنِ اتَّبَعَ زَجْرَنَا. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد ، خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، (١٦) وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ

١٨٢

وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الـطَّاهِرِينَ ، وَأَعِذْنَا وَأَهَـالِينَا وَإخْـوَانَنَا وَجَمِيـعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ مِمَّا اسْتَعَذْنَا مِنْهُ ، وَأَجِرْنَا مِمَّا اسْتَجَرْنَا بِكَ مِنْ خَوْفِهِ ، وَاسْمَعْ لَنَا (١٧) مَا دَعَوْنَا بِهِ ، وَأَعْطِنَا مَا أَغْفَلْنَاهُ ، وَاحْفَظْ لَنَا مَا نَسِيْنَاهُ ، وَصَيِّرْنَا بِذَلِكَ فِي دَرَجَاتِ الصَّالِحِينَ ، وَمَـرَاتِبِ الْمُؤْمِنِينَ ، آمينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.

١٨٣

(١) قوله عليه السلام : من نزغات الشيطان

أي : مفاسده ، ومنه قوله تعالى (أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) (١) أي : أفسده ، قاله في غريب القرآن.

(٢) قوله عليه السلام : بأمانيه (٢)

إنّما الأماني بالياء المشدّدة معناها في هذا الموضع الأحاديث المفتعلة والأكاذيب المختلقة ، من تمنّاه أي : اختلقه. ومنه أهذا شيء رويته أم تمنّيته؟

والأصل في ذلك : إمّا الإشتقاق من مني إذا قدر كما المتمنّي يقدر ويحرز في نفسه ما يتمنّاه ، كذلك المختلق يقدر في نفسه كلمة بعد كلمة. وإمّا الأخذ من يتمنّى الأحاديث مقلوب تمنّيها أي : يفتعلها ، اشتقاقاً من مقلوب المين ، وهو الكذب.

فأمّا في قوله سبحانه في التنزيل الكريم : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ) (٣) فإمّا الأمر على هذا السبيل بعينه ، وإمّا الأماني جمع الاُمنية على أنّ الإستثناء منقطع.

(٣) قوله عليه السلام : وامتهاننا بمعصيتك

أي : ابتذالنا في اتّباعه بمعصيتك ، من قولهم : «امتهنوني» أي : ابتذلوني في خدمتهم ، افتعال من المهنة. بمعنى الخدمة.

(٤) قوله عليه السلام : أخسأه عنّا بعبادتك وأكبته بدؤبنا ...

__________________

١. سورة يوسف : ١٠٠.

٢. في هذه الحاشية استدراك على الزمخشري وتغليط على البيضاوي «منه».

٣. سورة البقرة : ٧٨.

١٨٤

خسأت الكلب خسئاً طردته. والكبت : الصرف والاذلال ، وكبته بوجهه أي : صرعه. والدؤوب : العادة والشوق الشديد ، دأب فلان في عمله : أي : جدّ وتعب. ن

(٥) قوله عليه السلام : وردماً

أي : سدّاً ، من ردمت الثلمة ردماً ، أي : سددتها.

(٦) قوله عليه السلام : واكفنا من

واكفنا إلى ومنّعنا من رواية «س» لا من الأصل ، وفي رواية «س» خطره مكان ختره نسخة.

(٧) قوله عليه السلام : مدخلاً

المدخل بفتح الميم والخاء ، إمّا على المصدر بمعنى النزول ، وإمّا على اسم المكان أي : موضع النزول. والمدخل بضمّ الميم وفتح الخاء على المصدر بمعنى الإدخال.

وفي نسخة «ش» قدس الله نفسه بكسر الخاء على اسم الفاعل من باب الافعال.

(٨) قوله عليه السلام : فيما لدينا منزلاً

بفتح الميم وكسر الزاء على اسم المكان بمعنى موضع النزول.

ومنزلاً بفتح الميم والزاء على المصدر الميمي للمجرّد بمعنى النزول. ومنزلاً بضمّ الميم وفتح الزاء على المصدر للمزيد بمعنى الإنزال.

وفي نسخة الشهيد (قدّس الله روحه) منزلاً بكسر الزاء على اسم الفاعل من باب الإفعال ، ويكون في حيّز المفعول لموصوفه المحذوف. وتقدير الكلام : لا توطننّ فيما لدينا من (١) قلوبنا وجوارحنا وضمايرنا ونيّاتنا شيئاً منزلاً للشيطان في أفئدتنا.

(٩) قوله عليه السلام : ما تكايده

باياء لا بالهمزة أصحّ.

__________________

١. في «ن» : في.

١٨٥

(١٠) قوله عليه السلام : وأشرب قلوبنا

على صيغة الأمر من باب الإفعال : إمّا من الشراب والشرب ، أو من الإشراب وهو لون. أي : خالطه قلوبنا واجعله يتداخلها ويسري فيها ويستوعب دخلتها ، وأحله في مداخلته ومخالطته إيّاها محلّ الشراب في تداخله أعماق البدن ، أو محلّ الصبغ في مخالطته شراشر الثوب. وعلى هذا السبيل قوله عزّ من قائل : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) (١) أي : خولطوا حبّه وتداخلهم الحرص على عبادته ، كما يتداخل الشراب الجوف ، أو كما يخالط الصبغ الثوب ، فأمّا (فِي قُلُوبِهِمُ) فبيان لمكان الإشراب ، كما في قوله سبحانه : (إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا) (٢) وليس الأمر على ما ربّما يحسب.

ويدلّ عليه كلام الجوهري في الصحاح (٣) أن معناه خولطت قلوبهم حبّه وأنّ معنى قولهم : اشرب في قلب فلان حبّ كذا مخالطة الحبّ القلب.

(١١) قوله عليه السلام : وألطف لنا

وفي بعض النسخ «بنا» في أصل نسخة شيخنا رحمه الله تعالى ، وقد أصلحه باللام ، والباء على وفاق القرآن الكريم ، وعلى طباق ما رواه شيخنا الخادم (٤) أيضاً رحمه الله تعالى.

(١٢) قوله عليه السلام : وثبّطه

أي : حبّسه. وعوّقه «ش» برواية «ن». رحمهما الله تعالى على الأصل.

(١٣) قوله عليه السلام : وأرغم أنفه

في الأصل بهمزة القطع للإفعال ، وفي رواية «س» وارغم بهمزة الوصل. أرغم أنفه ورغمه أي : أذلّه ، يقال : رغم أنفي لله أي : ذلّ وخضع وانقاد ، من الرغم بالضمّ بمعنى الذلّ والخضوع ، أو معناه ألصق أنفه بالرغام ـ وهو التراب ـ إذلالاً وإهانة.

__________________

١. سورة البقرة : ٩٣.

٢. سورة النساء : ١٠.

٣. الصحااح : ١ / ١٥٤.

٤. في النسخ في الحواشي : هو الشيخ عبد العالي.

١٨٦

(١٤) قوله عليه السلام : إذا استهوانا

أي : إذا استمالنا واختدعنا بما نهواه ليضلّنا ، أو أنّه استفعال من هوى يهوي أي : طمع فينا ، وأهوى إلينا بحباله ليذهب بنا إلى مهواة الغواية وهاوية الضلالة ، ومنه ما في التنزيل الكريم :. (١)

(١٥) قوله عليه السلام : بمناواته

لا بالهمز على غلبة الإستعمال ، وبالهمز على الأصل ، وفي رواية «س» معاً. والنوء : النهوض ، والمناواة مفاعلة منه ، لأنّ كلّاً من المتعاديين ينوء إلى صاحبه ، أي : ينهض.

(١٦) قوله عليه السلام : خاتم النبيّين

بكسر التاء على صيغة اسم الفاعل أو بفتحها ، بمعنى ما يختم به ، كالطابع بفتح الموحّدة لما يطبع به الاشيء ، أو بمعنى زينة النبيّين ؛ لأنّ الخاتم زينة ، والتختّم بالخاتم تزيّن ، أو بمعنى كرامتهم وقدرهم ، من قولهم : كرم الكتاب ختمه.

(١٧) قوله عليه السلام : واسمع لنا

في الأصل واسمع بهمزة الوصل ، أجب دعوتنا. وفي رواية «س» بقطع الهمزة ، أي : اجعل لنا ما دعونا به مسموعاً مستحقّاً للإجابة.

__________________

١. سورة الأنعام : ٧١.

١٨٧

١٨

وكان من دعائه عليه السلام

إذا دفع عنه ما يحذر او عجل له مطلبه

أَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى حُسْنِ قَضَائِكَ ، وَبِمَا صَرَفْتَ (١) عَنِّي مِنْ بَلائِكَ ، فَلاَ تَجْعَـلْ حَظِّي مِنْ رَحْمَتِكَ مَا عَجَّلْتَ لِي مِنْ عَافِيَتِكَ ، فَأكُونَ قَدْ شَقِيتُ بِمَا أَحْبَبْتُ ، وَسَعِدَ غَيْرِي بِمَا كَرِهْتُ ، وَإنْ يَكُنْ مَا ظَلِلْتُ فِيهِ أَوْ بِتُّ فِيهِ (٢) مِنْ هَذِهِ الْعَافِيَةِ بَيْنَ يَدَيْ بَلاء لاَ يَنْقَطِعُ وَوِزْر لاَ يَرْتَفِعُ فَقَدِّمْ لِي مَا أَخَّرْتَ ، وَأَخِّرْ عَنّي مَا قَدَّمْتَ فَغَيْرُ كَثِير مَا عَاقِبَتُهُ الْفَنَاءُ ، وَغَيْرُ قَلِيل مَا عَاقِبَتُهُ الْبَقَاءُ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ.

(١) قوله عليه السلام : وبما صرفت

الباء ليست للصلة ، فيكون ما بعدها المحمو به. بل إمّا بمعنى أو للسببيّة ، فمدخولها المحمود عليه.

(٢) قوله عليه السلام : ما ظللت فيه أو بتّ فيه

أي : ما فعلته نهاراً أو فعلته ليلاً ، ويقال : ظلّ فلان يفعل كذا ، إذا فعله (١) نهاراً ، وبات يفعل كذا إذا فعله ليلاً.

__________________

١. في «ن» : إذا فعل.

١٨٨

١٩

وكان من دعائه عليه السلام عند الاستسقاء بعد الجدب

أللَّهُمَّ اسْقِنَـا الْغَيْثَ ، (١) وَانْشُرْ عَلَيْنَا رَحْمَتَـكَ بِغَيْثِكَ الْمُغْدِقِ (٢) مِنَ الْسَّحَابِ الْمُنْسَـاقِ لِنَبَاتِ أَرْضِكَ الْمُونِقِ (٣) فِي جَمِيـعِ الآفَاقِ ، وَامْنُنْ عَلَى عِبَادِكَ بِإينَاعِ الثَّمَرَةِ ، (٤) وأَحْيِ بِلاَدَكَ بِبُلُوغِ الزَّهَرَةِ ، (٥) وَأَشْهِدْ مَلائِكَتَكَ الْكِرَامَ السَّفَرَةَ (٦) بِسَقْي مِنْكَ نَافِع ، دَائِم غُزْرُهُ ، وَاسِعٌ دِرَرُهُ ، (٧) وَابِل سَرِيع عَاجِل ، تُحْيِي بِهِ مَا قَدْ مَات ، وَتَرُدُّ بهِ مَا قَدْ فَاتَ ، وَتُخْرِجُ بِهِ مَا هُوَ آت ، وَتُوَسِّعُ بِهِ فِي الأَقْوَاتِ ، سَحَاباً مُتَرَاكِماً هَنِيئاً مَرِيئاً (٨) طَبَقاً (٩) مُجَلْجَلاً ، (١٠) غَيْرَ مُلِثٍّ (١١) وَدْقُهُ ، وَلاَ خُلَّب (١٢) بَرْقُهُ. أللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مَغيثَاً (١٣) مَرِيعاً مُمْرِعاً (١٤) عَرِيْضَاً (١٥) وَاسِعاً غَزِيراً ، تَرُدُّ بِهِ النَّهِيضَ ، (١٦) وَتَجْبُرُ بِهِ الْمَهِيضَ. (١٧) أللَّهُمَّ اسْقِنَا سَقْياً تُسِيلُ مِنْهُ الظِّرابَ ، (١٨) وَتَمْلا مِنْهُ الْجِبَابَ ، (١٩) وَتُفَجِّرُ بِهِ الأنْهَارَ ، وَتُنْبِتُ بِهِ الأشْجَارَ ، وَتُرْخِصُ بِهِ الأسْعَارَ فِي جَمِيع الأمْصَارِ ، وَتَنْعَشُ بِهِ (٢٠)٠ البَهَائِمَ وَالْخَلْقَ ، وَتُكْمِلُ لَنَا بِهِ

١٨٩

طَيِّبَاتِ الرِّزْقِ ، وَتُنْبِتُ لَنَا بِهِ الزَّرْعَ ، وَتُدِرُّ بِهِ الضَّرْعَ ، وَتَزِيدُنَا بِهِ قُوَّةً إلَى قُوَّتِنَا. أللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ ظِلَّهُ عَلَيْنَا سَمُوماً ، وَلاَ تَجْعَلْ بَرْدَهُ عَلَيْنَا حُسُوماً ، (٢١) وَلاَ تَجْعَلْ صَوْبَهُ عَلَيْنَا رُجُوماً ، (٢٢) وَلا تَجْعَلْ مَائَهُ عَلَيْنَا أُجَاجـاً. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَارْزُقْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ، إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ.

١٩٠

(١) قوله عليه السلام : اسقنا الغيث

الغيث المطر ، وقد غاث المطر الأرض أي : أصابها ، (١) وربّما سمّي السحاب والنبات (٢) بذلك. ويقال أيضاً : السحاب الواقع في أيّامه غيث ، وفي غير أيّامه مطر.

(٢) قوله عليه السلام : المغدق

على ما في الصحاح والقاموس : الغدق محرّكة الماء الكثير ، القطر. (٣)

وعلى ما في النهاية الأثيريّة : الغدق بفتح الدال المطر الكبار القطر ، والمغدق مفعل منه تأكيداً لمعناه. (٤) وهذا هو الذي عناه عليه السلام.

(٣) قوله عليه السلام : المونق

إمّا معناه سبب الأنق بالتحريك بمعنى الكلأ ، أو بمعنى الفرح والسرور. وإمّا معناه الأنيق وهو الحسن المعجب ، من آنقني كذا أي : أعجبني.

(٤) قوله عليه السلام : بإيناع الثمرة

ايناع الثمرة وينعها تمام نصابها في النضج ، وبلوغها وقت القطاف. (٥)

(٥) قوله عليه السلام : الزهرة

الزهرة بالتحريك نور النبات ، وكذلك الزهرة بالفتح والتسكين ، وزهرة الأرض

__________________

١. القاموس : ٤ / ١٠.

٢. في «ط» : والنباتات.

٣. الصحاح : ٤ / ١٥٣٦ والقاموس : ٣ / ٢٧١.

٤. نهاية ابن الأثير : ٣ / ٣٤٥ وفيه أكّده به مكان تأكيداً لمعناه.

٥. في «ن» : في البلوغ والنضيج وقت القطاف.

١٩١

نضارتها وغضارتها وحسنها وبهجتها وكثرة خيرها. والزهرة بضمّ الزاء وإسكان الهاء البياض النيّر ، وهو أحسن الألوان. وزهرة أيضاً حيّ من قريش.

وأمّا النجم فالزهرة بضمّ الراء وفتح الهاء ، والتسكين فيها غلط عاميّ.

(٦) قوله عليه السلام : وأشهد ملائكتك الكرام السفرة

أي :أحضرهم. والسفرة : هاهنا بمعنى الكتبة جمع سافر وهو الكاتب ، والسفر بالكسر الكتاب.

(٧) قوله عليه السلام : درره

بكسر الدال وفتح الراء. وفي بعض النسخ المضبوطة بفتح الدال أيضاً ، والدرر بالكسر جمع الدرّة بالكسر ، ودرّة السحاب صبّه واندفاقه ، ودرّة اللبن كثرته وسيلانه ، ودرّة الساق استدارته للجري ، ودرّة السوق نفاقه. والدرّة بالفتح بمعنى القصد ، يقال : هما على درر واحد أي : على قصد واحد.

وفي نسخة «درّة» بالدال المفتوحة والراء المشدّدة بمعنى اللبن ، وقد استعير لمطره وقطرة مطره.

(٨) قوله عليه السلام : هنيئاً مريئاً

الهنيء من الطعام الطيّب اللذيذ الطعم ، والمريء منه المحمود العاقبة. وقال الهروي الهنيء ما لا تعب ولا إثم فيه ، والمريء ما لا داء فيه.

(٩) قوله عليه السلام : طبقاً

بالتحريك أي : غيثاً شاملاً يملأ الأرض ويغشّيها ويغطّيها ويطبقها.

(١٠) قوله عليه السلام : مجلجلاً

المجلجل السحاب الذي يسمع منه صوت الرعد.

(١١) قوله عليه السلام : غير ملثّ

على صيغة إسم الفاعل من باب الإفعال من اللثّ وهو دوام المطر.

(١٢) قوله عليه السلام : ولا خلّب

١٩٢

الخلّب بضمّ الخاء المعجمة وتشديد اللام المفتوحة : السحاب الذي لا مطر فيه ، والبرق الخلّب : المطمع المخلف.

(١٣) قوله عليه السلام : مغيثاً

المغيث هاهنا مفعل من الغيث بمعنى الكلاء والنبات ، وغيثاً مغيثاً أي : مطراً موجباً للغيث والنبات.

(١٤) قوله عليه السلام : مريعاً ممرعاً

مريعاً بفتح الميم على صيغة فعيل. وممرعاً بضمّ الميم على صيغة الفاعل من باب الإفعال ، من مرع الوادي بضمّ الراء وأمرع أيضاً بقطع الهمزة ، أي : أكلأ وصار ذا كلاء وعشب.

وفي خ «كف» مريعاً بضمّ الميم على مفعل صيغة الفاعل من باب الافعال من الريع بمعنى النماء والزيادة.

(١٥) قوله عليه السلام : عريضاً

بإهمال الأوّل وإعجام الآخر ، كما في التنزيل الكريم : (فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ) (١) وفي قوله صلّى الله عليه وآله لعثمان في انهزامه يوم اُحد : لقد ذهبت عريضاً يا عثمان. أو غريضاً بإعجامها من غرض الشيء فهو غريض ، أي : طري ، يقال : لحم غريض ، ويقال : لماء المطر : غريض ومغروض.

(١٦) قوله عليه السلام : النهيض

النهيض هو النبات ، ويقال : النبات المستوي ، من قولهم نهض النبت أي : استوى.

(١٧) قوله عليه السلام : المهيض

المهيض العظم المكسور ، يقال : هاض العظم كسره بعد الجبر فهو مهيض.

__________________

١. سورة فصّلت : ٥١.

١٩٣

(١٨) قوله عليه السلام : الظراب

بالظاء المعجمة الروابي الصغار ، والضراب بالضاد المعجمة جمع ضرب ككتف ، وهو ما نتا من الحجارة وحدّ طرفه ، ويقال : هو الجبل المنبسط.

وفي رواية «كف» فتح تاء تسيل ، ورفع الظراب ، وضمّ تاء تملأ على البناء للمجهول ، ورفع الجباب ، وعلى هذا القياس فيما بعد.

(١٩) قوله عليه السلام : الجباب

جمع الجبّ وهو البئر.

(٢٠) قوله عليه السلام : تنعش به

نعشه وأنعشه بمعنى ، وكذلك نعّشه بالتشديد أي : رفعه ، أو جبر فقره وفاقته ، أو ذكره ذكراً حسناً. والمراد هنا المعنى (١) الثاني.

(٢١) قوله عليه السلام : حسوماً

أي : نحوساً ، وربّما يقال : أي : متتابعة.

(٢٢) قوله عليه السلام : رجوماً

الرجم : الطرد ، واسم ما يرجم به ، وجمع الأخير رجوم.

__________________

(١) في «ن» : بمعنى.

١٩٤

٢٠

وكان من دعائه عليه السلام

في مكارم الاخلاق وَمرضي الافعال

أَللَّهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَبَلِّغْ بِإيْمَانِي (١) أكْمَلَ الإِيْمَانِ ، وَاجْعَلْ يَقِينِي أَفْضَلَ الْيَقِينِ ، وَانْتَهِ بِنِيَّتِي إلَى أَحْسَنِ النِّيَّـاتِ ، وَبِعَمَلِي إلى أَحْسَنِ الأعْمَالِ. أللَّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي ، وَصَحِّحْ بِمَـا عِنْدَكَ يَقِينِي ، وَاسْتَصْلِحْ بِقُدْرَتِكَ مَا فَسَدَ مِنِّي. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاكْفِنِي مَا يَشْغَلُنِي الاهْتِمَامُ بِهِ ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْأَلُنِي غَداً عَنْهُ ، وَاسْتَفْرِغْ أَيَّامِي فِيمَا خَلَقْتَنِي لَهُ ، وَأَغْنِنِي وَأَوْسِعْ عَلَىَّ فِي رِزْقِكَ ، وَلاَ تَفْتِنِّي بِالنَّظَرِ ، وَأَعِزَّنِي وَلا تَبْتَلِيَنِّي (٢) بِالْكِبْرِ ، وَعَبِّدْنِي (٣) لَكَ ، وَلاَ تُفْسِدْ عِبَادَتِي بِالْعُجْبِ ، وَأَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَى يَدَيَّ الْخَيْرَ ، وَلا تَمْحَقْهُ بِالْمَنِّ ، وَهَبْ لِي مَعَالِيَ الأَخْلاَقِ ، وَاعْصِمْنِي مِنَ الْفَخْرِ. اللَّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَلا تَـرْفَعْنِي فِيْ النَّاسِ دَرَجَـةً إلاّ حَطَطْتَنِي عِنْدَ نَفْسِي مِثْلَهَا ، وَلا تُحْدِثْ لِي عِزّاً ظَاهِرَاً إلاّ

١٩٥

أَحْدَثْتَ لِي ذِلَّةً بَاطِنَةً عِنْدَ نَفْسِي بِقَدَرِهَا. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَمَتِّعْنِي بِهُدىً صَالِح لا أَسْتَبْدِلُ بِهِ ، وَطَرِيقَةِ حَقٍّ لا أَزِيْغُ عَنْهَا ، وَنِيَّةِ رُشْد لاَ أَشُكُّ فِيْهَا ، وَعَمِّرْنِي مَا كَانَ عُمْرِيْ بِذْلَةً (٤) فِي طَاعَتِكَ ، فَإذَا كَانَ عُمْرِي مَرْتَعَاً (٥) لِلشَّيْطَانِ فَـاقْبِضْنِي إلَيْـكَ قَبْـلَ أَنْ يَسْبِقَ مَقْتُـكَ إلَيَّ ، أَوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ (٦) عَلَيَّ. أللَّهُمَّ لا تَدَعْ خَصْلَةً تُعَابُ مِنِّي إلاّ أَصْلَحْتَهَا ، (٧) وَلا عَآئِبَةً (٨) أُؤَنَّبُ بِهَا (٩) إلاّ حَسَّنْتَهَا ، وَلاَ أُكْرُومَـةً فِيَّ نَاقِصَةً (١٠) إلاّ أَتْمَمْتَهَا. (١١) أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَأَبْدِلْنِي مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ الشَّنَئانِ (١٢) الْمَحَبَّةَ ، وَمِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْيِ الْمَوَدَّةَ ، وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاَحِ الثِّقَةَ ، (١٣) وَمِنْ عَدَاوَةِ الأَدْنَيْنَ الْوَلايَةَ ، (١٤) وَمِنْ عُقُوقِ ذَوِي الأَرْحَامِ الْمَبَرَّةَ ، ومِنْ خِـذْلانِ الأَقْرَبِينَ النُّصْـرَةَ ، وَمِنْ حُبِّ الْمُدَارِينَ (١٥) تَصْحيحَ الْمِقَةِ ، وَمِنْ رَدِّ الْمُلاَبِسِينَ كَرَمَ الْعِشْرَةِ ، وَمِنْ مَرَارَةِ خَوْفِ الظَّالِمِينَ حَلاَوَةَ الأَمَنَةِ. (١٦) أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاجْعَلْ لِيْ يَداً عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَلِسَـاناً عَلَى مَنْ خَـاصَمَنِي ، وَظَفَراً بِمَنْ عَانَدَنِي ، وَهَبْ لِي مَكْراً عَلَى مَنْ كَايَدَنِي ، وَقُدْرَةً عَلَى مَنِ اضْطَهَدَنِي ، وَتَكْذِيباً لِمَنْ قَصَبَنِي ، (١٧) وَسَلاَمَةً مِمَّنْ تَوَعِّدَنِي ، وَوَفِّقْنِي لِطَاعَةِ مَنْ سَدَّدَنِي ، وَمُتَابَعَةِ مَنْ أَرْشَدَنِي. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَسَدِّدْنِي لِاَنْ

١٩٦

أعَـارِضَ مَنْ غَشَّنِي بِالنُّصْـحِ ، وَأَجْـزِيَ مَنْ هَجَرَنِي بِالْبِرِّ وَأُثِيبَ مَنْ حَرَمَنِي بِالْبَذْلِ ، وَأُكَافِيَ مَنْ قَطَعَنِي بِالصِّلَةِ ، وأُخَـالِفَ مَنِ اغْتَابَنِي إلَى حُسْنِ الذِّكْرِ ، وَأَنْ أَشْكرَ الْحَسَنَةَ ، وَاُغْضِيَ عَنِ السَّيِّئَـةِ. (١٨) أللَّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّـد وَآلِـهِ ، وَحَلِّنِي بِحِلْيَـةِ الصَّالِحِينَ ، وَأَلْبِسْنِي زِينَةَ المُتَّقِينَ فِيْ بَسْطِ الْعَدْلِ ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ ، وَإطْفَاءِ النَّائِرَةِ ، (١٩) وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ ، وَإصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ ، وَإفْشَاءِ الْعَارِفَةِ ، وَسَتْرِ الْعَائِبَةِ ، وَلِينِ الْعَرِيكَةِ ، وَخَفْضِ الْجَنَـاحِ ، وَحُسْنِ السِّيرَةِ ، وَسُكُونِ الرِّيـحِ ، (٢٠) وَطِيْبِ الْمُخَالَقَـةِ ، (٢١) وَالسَّبْقِ إلَى الْفَضِيلَةِ ، وإيْثَارِ التَّفَضُّلِ ، وَتَرْكِ التَّعْبِيرِ ، (٢٢) وَالإفْضَالِ (٢٣) عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ ، وَالـقَوْلِ بِالْحَقِّ ، وَإنْ عَـزَّ ، وَاسْتِقْلاَلِ الخَيْـرِ ، وَإنْ كَثُـرَ مِنْ قَـوْلِي ، وَفِعْلِي ، وَاسْتِكْثَارِ الشَّرِّ ، وَإنْ قَلَّ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي ، وَأكْمِلْ ذَلِكَ لِي بِدَوَامِ الطَّاعَةِ ، وَلُزُومِ الْجَمَاعَةِ ، وَرَفْضِ أَهْلِ الْبِدَعِ ، وَمُسْتَعْمِلِ الرَّأي الْمُخْتَرَعِ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاجْعَلْ أَوْسَعَ رِزْقِكَ عَلَيَّ إذَا كَبُرتُ ، وَأَقْوَى قُوَّتِكَ فِيَّ إذَا نَصِبْتُ ، (٢٤) وَلاَ تَبْتَلِيَنّي بِالكَسَلِ عَنْ عِبَادَتِكَ ، وَلا الْعَمَى عَنْ سَبِيلِكَ ، وَلاَ بِالتَّعَرُّضِ لِخِلاَفِ مَحَبَّتِكَ ، وَلاَ مُجَامَعَةِ مَنْ تَفَرَّقَ عَنْكَ ، وَلا مُفَارَقَةِ مَنِ اجْتَمَعَ إلَيْكَ. أللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أصُوْلُ بِكَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ ، وَأَسْأَلُكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ ، وَ

١٩٧

أَتَضَرَّعُ إلَيْكَ عِنْدَ الْمَسْكَنَةِ ، وَلا تَفْتِنّي بِالاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِكَ إذَا اضْطُرِرْتُ ، وَلا بِالْخُضُوعِ لِسُؤالِ غَيْرِكَ إذَا افْتَقَـرْتُ ، وَلاَ بِـالتَّضَـرُّعِ إلَى مَنْ دُونَـكَ إذَا رَهِبْتُ ، (٢٥) فَأَسْتَحِقَّ بِذلِكَ خِذْلانَكَ وَمَنْعَكَ وَإعْرَاضَكَ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. أللَّهُمَّ اجْعَلْ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِي رَوْعِي (٢٦) مِنَ التَّمَنِّي وَالتَّظَنِّي (٢٧) وَالْحَسَـدِ ذِكْـراً لِعَظَمَتِكَ ، وَتَفَكُّراً فِي قُدْرَتِكَ ، وَتَدْبِيراً عَلَى عَدُوِّكَ ، وَمَا أَجْرَى عَلَى لِسَانِي مِنْ لَفْظَةِ فُحْش أَوْ هُجْر أَوْ شَتْمِ عِرْض أَوْ شَهَادَةِ بَاطِل أو اغْتِيَابِ مُؤْمِن غَائِبِ أَوْ سَبِّ حَاضِر ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ نُطْقاً بِالْحَمْدِ لَكَ ، وَإغْرَاقاً فِي الثَّنَاءِ عَلَيْكَ ، وَذَهَاباً فِي تَمْجيدِكَ ، وَشُكْراً لِنِعْمَتِكَ ، وَاعْتِرَافاً بِإحْسَانِكَ ، وَإحْصَاءً لِمِنَنِكَ. أللّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ ، وَلاَ اُظْلَمَنَّ وَأَنْتَ مُطِيقٌ لِلدَّفْعِ عَنِّي ، وَلا أَظْلِمَنَّ وَأَنْتَ القَادِرُ عَلَى الْقَبْضِ مِنِّي ، وَلاَ أَضِلَّنَّ وَقَدْ أَمْكَنَتْكَ هِدَايَتِي ، وَلاَ أَفْتَقِرَنَّ (٢٨) وَمِنْ عِنْدِكَ وُسْعِي ، وَلا أَطْغَيَنَّ (٢٩) وَمِنْ عِنْدِكَ وُجْدِي. أللَّهُمَّ إلَى مَغْفِرَتِكَ وَفَدْتُ ، وَإلَى عَفْوِكَ قَصَـدْتُ ، وَإلَى تَجَـاوُزِكَ اشْتَقْتُ ، وَبِفَضْلِكَ وَثِقْتُ ، وَلَيْسَ عِنْدِي مَا يُوجِبُ لِي مَغْفِرَتَكَ ، وَلاَ فِي عَمَلِي مَا أَسْتَحِقُّ بِهِ عَفْوَكَ ، وَمَا لِي بَعْدَ أَنْ حَكَمْتُ عَلَى نَفْسِي إلاَّ فَضْلُكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ. أللَّهُمَّ وَأَنْطِقْنِي

١٩٨

بِالْهُدى ، وَأَلْهِمْنِي ألتَّقْـوَى ، وَوَفِّقْنِي لِلَّتِيْ هِيَ أَزْكَى ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا هُوَ أَرْضَى. أللَّهُمَّ اسْلُكْ بِيَ الطَّرِيقَـةَ الْمُثْلَى ، (٣٠) وَاجْعَلْنِي عَلَى مِلَّتِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَى. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَمَتِّعْنِي بِالاقْتِصَادِ ، (٣١) وَاجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ السَّدَادِ ، وَمِنْ أَدِلَّةِ الرَّشَادِ وَمِنْ صَالِحِي الْعِبَادِ ، وَارْزُقْنِي فَوْزَ الْمَعَادِ ، وَسَلاَمَةَ الْمِرْصَادِ. أللَّهُمَّ خُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِي مَـا يُخَلِّصُهَا ، وَأَبْق لِنَفْسِي مِنْ نَفْسِي مَـا يُصْلِحُهَا فَإنَّ نَفْسِي هَالِكَةٌ أَوْ تَعْصِمَهَا. أَللَّهُمَّ أَنْتَ عُدَّتِي (٣٢) إنْ حَزَنْتُ ، (٣٣) وَأَنْتَ مُنْتَجَعِي (٣٤) إنْ حُرِمْتُ ، وَبِكَ استِغَاثَتِي إنْ كَرِثْتُ ، (٣٥) وَعِنْدَكَ مِمَّا فَاتَ خَلَفٌ ، وَلِمَا فَسَدَ صَلاَحٌ ، وَفِيمَا أنْكَرْتَ تَغْييرٌ ، فَامْنُنْ عَلَيَّ قَبْلَ الْبَلاءِ بِالْعَافِيَةِ ، وَقَبْلَ الطَّلَبِ بِالْجِدةِ ، وَقَبْلَ الضَّلاَلِ بِالرَّشَادِ ، وَاكْفِنِي مَؤُونَةَ مَعَرَّةِ الْعِبَادِ ، (٣٦) وَهَبْ لِيْ أَمْنَ يَوْمِ الْمَعَادِ ، وَامْنَحنِي حُسْنَ الارْشَادِ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّـد وَآلِـهِ ، وَادْرَأ عَنّي بِلُطْفِـكَ ، وَاغْـذُنِي بِنِعْمَتِكَ ، وَأَصْلِحْنِي بِكَرَمِـكَ ، وَدَاوِنِي بصُنْعِـكَ ، وَأَظِلَّنِيْ فِي ذَرَاكَ وجَلِّلْنِي رِضَـاكَ ، وَوَفِّقنِي إذَا اشْتَكَلَتْ عَلَيَّ الأمُـورُ لأِهْدَاهَـا ، وَإذَا تَشَابَهَتِ الأعْمَالُ لأزْكَاهَا ، وَإذَا تَنَاقَضَتِ الْمِلَلُ لأِرْضَاهَا. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَتَوِّجْنِي بِالْكِفَايَةِ وَسُمْنِي حُسْنَ الْوِلايَةِ ، (٣٧) وَهَبْ لِيْ صِدْقَ الْهِدَايَةِ ، وَلا تَفْتِنِّي بِالسَّعَةِ وَامْنَحْنِي حُسْنَ

١٩٩

الدَّعَةِ ، (٣٨) وَلا تَجْعَلْ عَيْشِي كَدّاً كَدّاً ، وَلاَ تَرُدَّ دُعَائِي عَلَيَّ رَدّاً ، فَإنِّي لا أَجْعَلُ لَكَ ضِدّاً ، وَلا أَدْعُو مَعَكَ نِدّاً. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّـد وَآلِـهِ ، وَامْنَعْنِي مِنَ السَّرَفِ ، (٣٩) وَحَصِّنْ رِزْقِي مِنَ التَّلَفِ ، وَوَفِّرْ مَلَكَتِي بِالْبَرَكَةِ فِيهِ ، وَأَصِبْ بِي سَبِيلَ الْهِدَايَةِ لِلْبِرِّ فِيمَا اُنْفِقُ (٤٠) مِنْهُ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاكْفِنِي مَؤُونَةَ الاكْتِسَابِ ، وَارْزُقْنِي مِنْ غَيْرِ احْتِسَاب ، فَلاَ أَشْتَغِلَ عَنْ عِبَادَتِكَ بِالطَّلَبِ ، وَلا أَحْتَمِلَ إصْرَ تَبِعَاتِ الْمَكْسَبِ. أللَّهُمَّ فَأَطْلِبْنِي (٤١) بِقُدْرَتِكَ مَا أَطْلُبُ ، وَأَجِرْنِي بِعِزَّتِكَ مِمَّا أَرْهَبُ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَصُنْ وَجْهِي بِالْيَسَارِ ، وَلاَ تَبْتَذِلْ جَاهِي بِالإقْتارِ ، فَأَسْتَرْزِقَ أَهْلَ رِزْقِكَ ، وَأَسْتَعْطِيَ شِرَارَ خَلْقِكَ ، فَأفْتَتِنَ بِحَمْدِ مَنْ أَعْطَانِي ، وَاُبْتَلَى بِـذَمِّ مَنْ مَنَعَنِي ، وَأَنْتَ مِنْ دُونِهِمْ وَلِيُّ الإعْطَاءِ وَالْمَنْعِ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـةِ ، وَارْزُقْنِي صِحَّةً فِيْ عِبَادَة ، وَفَراغاً فِي زَهَادَة ، وَعِلْماً فِي اسْتِعمَـال ، وَوَرَعـاً فِي إجْمَال. أللَّهُمَّ اخْتِمْ بِعَفْوِكَ أَجَلي ، وَحَقِّقْ فِي رَجَاءِ رَحْمَتِكَ أَمَلِي ، وَسَهِّلْ إلَى بُلُوغِ رِضَاكَ سُبُلِي ، وَحَسِّن فِي جَمِيعِ أَحْوَالِيْ عَمَلِي. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَنَبِّهْنِي لِذِكْرِكَ فِي أَوْقَاتِ الْغَفْلَةِ ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِـكَ فِي أَيَّامِ الْمُهْلَةِ ، وَانْهَجْ لِي إلى مَحَبَّتِكَ سَبيلاً سَهْلَةً ، أكْمِلْ لِي بِهَا خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِـرَةِ. أللَّهُمَّ وَ

٢٠٠