شرح الصحيفة الكاملة السجّاديّة

السيّد محمّد باقر المشتهر بمحقّق الداماد

شرح الصحيفة الكاملة السجّاديّة

المؤلف:

السيّد محمّد باقر المشتهر بمحقّق الداماد


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: بهار قلوب
الطبعة: ٢
ISBN: 964-93610-0-6
الصفحات: ٤٤٠

وَمَتَّعْتَنَا بِهِ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ ، وَبَصَّرْتَنَا مِنْ مَطَالِبِ الاقْوَاتِ ، وَوَقَيْتَنَا فِيهِ مِنْ طَوارِقِ الآفاتِ ، أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَتِ الاَشْياءُ كُلُّهَا بِجُمْلَتِهَا لَكَ : سَمَاؤُها وَأَرْضُهَا ، وَمَا بَثَثْتَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، سَاكِنُهُ وَمُتَحَرِّكُهُ ، وَمُقِيمُهُ وَشَاخِصُهُ ، وَمَا عَلا فِي الْهَواءِ ، وَمَا كَنَّ تَحْتَ الثَّرى. أَصْبَحْنَا فِي قَبْضَتِكَ يَحْوِينَا مُلْكُكَ وَسُلْطَانُكَ ، وَتَضُمُّنَا مَشِيَّتُكَ ، وَنَتَصَرَّفُ عَنْ أَمْرِكَ ، وَنَتَقَلَّبُ فِيْ تَدْبِيرِكَ ، لَيْسَ لَنَا مِنَ الامْرِ إلاّ مَا قَضَيْتَ ، وَلا مِنَ الْخَيْـرِ إلا مَـا أَعْطَيْتَ ، وَهَذَا يَوْمٌ حَادِثٌ جَدِيدٌ ، وَهُوَ عَلَيْنَا شَاهِدٌ عَتِيدٌ ، إنْ أحْسَنَّا وَدَّعَنَا بِحَمْد ، وَإِنْ أسَأنا فارَقَنا بِذَمّ. اللَّهُمَ صَلِّ عَلَى مُحَمَد وَآلِـهِ ، وَارْزُقْنَـا حُسْنَ مُصَاحَبَتِهِ ، وَاعْصِمْنَا مِنْ سُوْءِ مُفَارَقَتِهِ بِارْتِكَابِ جَرِيرَة ، أَوِ اقْتِرَافِ صَغِيرَة أوْ كَبِيرَة ، وَأجْزِلْ لَنَا فِيهِ مِنَ الْحَسَناتِ ، وَأَخْلِنَا فِيهِ مِنَ السَّيِّئاتِ ، وَامْلا لَنَا مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ حَمْداً وَشُكْراً وَأجْراً وَذُخْراً وَفَضْلاً وَإحْسَاناً. اللَّهُمَّ يسِّرْ عَلَى الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ مَؤُونَتَنَا ، وَامْلا لَنَا مِنْ حَسَنَاتِنَا صَحَائِفَنَا ، (٦) وَلاَ تُخْزِنَا عِنْدَهُمْ بِسُوءِ أَعْمَالِنَا. اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا فِي كُلِّ سَاعَة مِنْ سَاعَاتِهِ حَظّاً مِنْ عِبَادِكَ ، وَنَصِيباً مِنْ شُكْرِكَ ، وَشَاهِدَ صِدْق مِنْ مَلائِكَتِكَ. أللَّهَّمَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاحْفَظْنَا مِنْ بَيْنِ أيْدِينَا وَمِنْ خَلْفِنَا ، وَعَنْ أيْمَانِنَا وَعَنْ شَمَائِلِنَا ، وَ

١٢١

مِنْ جَمِيْعِ نَوَاحِيْنَا ، حِفْظاً عَاصِماً مِنْ مَعْصِيَتِكَ ، هَادِياً إلَى طَاعَتِكَ ، مُسْتَعْمِلاً لِمَحَبَّتِكَ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَوَفِّقْنَا فِي يَوْمِنَا هذا ولَيْلَتِنَا هذِهِ ، وَفِي جَمِيعِ أيّامِنَا لاسْتِعْمَالِ الْخَيْرِ ، وَهِجْـرَانِ الشَرِّ ، وَشُكْـرِ ألنِّعَمِ ، وَاتّبَـاعِ السُّنَنِ ، وَمُجَانَبَةِ البِدَعِ ، وَالأمْرِ بِـالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَحِياطَةِ الإسْلاَمِ (٧) وَانْتِقَاصِ الْبَاطِلِ وَإذْلالِهِ ، وَنُصْرَةِ الْحَقِّ وَإعْزَازِهِ ، وَإرْشَادِ الضَّالِّ ، وَمُعَاوَنَةِ الضَّعِيفِ ، وَإدْرَاكِ اللَّهِيْفِ. (٨) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاجْعَلْهُ أيْمَنَ يَوْم عَهِدْنَاهُ ، وَأَفْضَلَ صَاحِب صَحِبْنَاهُ ، وَخَيْرَ وَقْت ظَلِلْنَا فِيْهِ ، (٩) وَاجْعَلْنَا مِنْ أرْضَى مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ اللَّيْـلُ وَالنَّهَارُ مِنْ جُمْلَةِ خَلْقِكَ ، وأَشْكَـرَهُمْ لِمَا أوْلَيْتَ مِنْ نِعَمِكَ ، وَأقْوَمَهُمْ بِمَـا شَرَعْتَ مِنْ شَرَائِعِكَ ، وَأَوْقَفَهُمْ عَمَّا حَذَّرْتَ مِنْ نَهْيِكَ. اللَهُمَّ إنِّي اشْهِدُكَ وَكَفَى بِكَ شَهِيداً ، وَاُشْهِدُ سَمَاءكَ وَأَرْضَكَ وَمَنْ أَسْكَنْتَهُما مِنْ مَلائِكَتِـكَ وَسَائِرِ خَلْقِكَ فِي يَوْمِي هَذَا وَسَاعَتِي هَذِهِ وَلَيْلَتِي هَذِهِ وَمُسْتَقَرِّي هَذَا ، أنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أنْتَ اللهُ الِذَّي (١٠) لاَ إلهَ إلاّ أَنْتَ ، قَائِمٌ بِـالْقِسْطِ ، عَدْلٌ فِي الْحُكْم ، رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ، مَالِكُ المُلْكِ ، رَحِيمٌ بِالْخَلْقِ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَخِيرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ ، حَمَّلْتَهُ رِسَالَتَكَ فَأدَّاهَا وَأَمَرْتَهُ بالنُّصْحِ لِاُمَّتِهِ ، فَنَصَحَ لَهَا. اللَّهُمَّ

١٢٢

فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، أكْثَرَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَد مِنْ خَلْقِكَ ، وَآتِهِ عَنَّا أَفْضَلَ مَا آتَيْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ ، وَاجْزِهِ عَنَّا أَفْضَلَ وَأكْرَمَ مَا جَزَيْتَ أَحَداً مِنْ أَنْبِيائِـكَ عَنْ أمَّتِهِ ، إنَّـكَ أَنْتَ الْمَنَّانُ بِالْجَسِيمِ ، الْغَـافِر لِلْعَظِيمِ ، (١١) وَأَنْتَ أَرْحَمُ مِنْ كُلِّ رَحِيم فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الأَخْيَارِ الانْجَبِينَ.

١٢٣

(١) قوله عليه السلام : يولج كلّ واحد منهما في صاحبه

وذلك في كلّ اُفق بعينه من الآفاق المايلة ، ولكن في الأوقات المختلفة المنتاظرة السنويّة من جهة اختلاف القسيّ النهاريّة والقسيّ الليليّة ، بحسب اختلافات النهار والليالي في المدارات الجنوبيّة والشماليّة.

وأمّا إيلاج صاحبه أيضاً فيه حين ما يولجه في صاحبه ، فذلك أيضاً :

إمّا في وقت واحد بعينه وفي اُفق واحد بعينه ، ولكن بالقياس إلى بلدين متقاطرين متّفقي العرض مختلفي الجهة من البلاد المتقاطرة المختلفة بالشماليّة والجنوبيّة. إذ البلدان المتقاطران متّحدان في اُفق واحد بعينه على اختلاف الجهة.

وإمّا في وقت واحد ، لكن لا بحسب اُفق واحد بل بالقياس إلى الآفاق المختلفة العرض. وفي الأوّل زيادة تعميم ولطافة تدقيق فليفقه.

ولعلّ في قوله عليه السلام إشارة قدسيّة إلى أنّ المعنيّ بقول الله العزيز العليم في تنزيله الحكيم الكريم : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) (١) سبيل هذه الحكمة الدقيقة المتينة المتكرّرة من الجنبتين على شاكلة واحدة. والله سبحانه أعلم برموز وحيه وبطون كتابه ، فليتبصّر.

(٢) قوله عليه السلام : نهضات

نهضه الأمر : غلبه وبلغ به المشقّة.

__________________

١. سورة الحجّ : ٦١.

١٢٤

٣ قوله عليه السلام : جماماً

الجمام ـ بفتح الجيم ـ الراحة ، يقال : جمّ الفرس جمّاً وجماماً إذا ذهب أعباؤه.

٤ قوله عليه السلام : ويبلوا أخبارهم

وفي خ «لش» ويبلو بالنصب ، نصبه للإتقباس من القرآن الكريم (١) على سبيل الحكاية ، وإثبات الألف بعد الواو على رسم الخطّ.

٥ قوله عليه السلام : ومنازل فروضه ومواقع أحكامه

بفتح اللام وكسرها ، وكذلك بفتح العين وكسرها ، والفتح أولى في الموضعين.

٦ قوله عليه السلام : وأملأ لنا من حسناتنا صحائفنا

والرواية : واملأ لنا صحائفنا من حسناتنا.

٧ قوله عليه السلام : وحياطة الإسلام

حفظه من جميع جوانبه.

٨ قوله عليه السلام : إدراك اللهيف

أي : المضطرّ ، والملهوف المظلوم ، واللهاف المتحسّر ، ولهف بالكسر حزن وتحسّر. قاله الجوهري. (٢)

__________________

١. وهو سورة محمّد : ٣١.

٢. الصحاح : ٤ / ١٤٢٨.

١٢٥

(٩) قوله عليه السلام : وخير وقت ظللنا فيه

قال الجوهري : ظللت أعمل كذا بالكسر ظلولاً : إذا عملته بالنهار دون الليل. (١) والذي أحفظه ظللت أعمل كذا ، أي : لا زلت أعمله. وكذلك في قوله عزّ من قائل : (فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ). (٢)

(١٠) قوله عليه السلام : إنّك أنت الله الذي ...

لفظ «الذي» ليست في نسخة «كف» ، والذي بخطّ «كف» : أنت الله لا إله إلّا أنت ، قائماً بالقسط ، عادلاً بالحكم ، (٣) رؤوفاً بالعباد ، مالكاً للملك ، رحيماً بالخلق.

(١١) قوله عليه السلام : أنت المنّان بالجسيم الغافر للعظيم

في رواية «س» : الغافر بالنصب ، نصبه على المدح.

الإلمام النزول ، يقال : ألمّ بي كذا ، أي : نزل عليّ واحتفّ بي.

__________________

١. الصحاح : ٥ / ١٧٥٦.

٢. سورة الشعراء : ٤.

٣. في «س» في الحكم.

١٢٦

٧

وكان من دعائه عليه السلام

إذا عرضت له مهمة اَوْ نزلت به ملمّة وعند الكرب

يَا مَنْ تُحَلُّ بِهِ عُقَدُ الْمَكَارِهِ ، وَيَا مَنْ يُفْثَأُ بِهِ حَدُّ الشَّدَائِدِ ، وَيَا مَنْ يُلْتَمَسُ مِنْهُ الْمَخْرَجُ إلَى رَوْحِ الْفَرَجِ ، ذَلَّتْ لِقُدْرَتِـكَ الصِّعَابُ وَتَسَبَّبَتْ بِلُطْفِكَ الاسْبَابُ ، وَجَرى بِقُدْرَتِكَ الْقَضَاءُ ، وَمَضَتْ عَلَى إرَادَتِكَ الاشْياءُ ، فَهْيَ بِمَشِيَّتِكَ دُونَ قَوْلِكَ مُؤْتَمِرَةٌ ، وَبِإرَادَتِكَ دُونَ نَهْيِكَ مُنْزَجِرَةٌ ، أَنْتَ الْمَدْعُوُّ لِلْمُهِمَّاتِ ، وَأَنْتَ الْمَفزَعُ فِي الْمُلِمَّاتِ ، لاَيَنْدَفِعُ مِنْهَا إلاّ مَا دَفَعْتَ ، وَلا يَنْكَشِفُ مِنْهَا إلاّ مَا كَشَفْتَ ، وَقَدْ نَزَلَ بِي يا رَبِّ (١) مَا قَدْ تَكَأدَنيَّ (٢) ثِقْلُهُ ، وَأَلَمَّ بِي مَا قَدْ بَهَظَنِي (٣) حَمْلُهُ ، وَبِقُدْرَتِكَ أَوْرَدْتَهُ عَلَيَّ ، وَبِسُلْطَانِكَ وَجَّهْتَهُ إليَّ ، فَلاَ مُصْدِرَ لِمَا أوْرَدْتَ وَلاَ صَارِفَ لِمَا وَجَّهْتَ ، وَلاَ فَاتِحَ لِمَا أغْلَقْتَ ، وَلاَ مُغْلِقَ لِمَا فَتَحْتَ ، وَلاَ مُيَسِّرَ لِمَا عَسَّرْتَ ، وَلاَ نَاصِرَ لِمَنْ خَذَلْتَ ، فَصَلَّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَافْتَحْ لِي يَا رَبِّ بَابَ الْفَرَجِ بِطَوْلِكَ ، وَاكْسِرْ

١٢٧

عَنِّيْ سُلْطَانَ الْهَمِّ بِحَوْلِكَ ، وَأَنِلْيني حُسْنَ ألنَّظَرِ فِيمَا شَكَوْتُ ، وَأذِقْنِي حَلاَوَةَ الصُّنْعِ فِيمَا سَاَلْتُ ، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَفَرَجاً هَنِيئاً ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ عِنْدِكَ مَخْرَجاً وَحِيّاً ، (٤) وَلا تَشْغَلْنِي بالاهْتِمَامِ (٥) عَنْ تَعَاهُدِ فُرُوضِكَ ، وَاسْتِعْمَالِ سُنَّتِكَ ، فَقَدْ ضِقْتُ (٦) لِمَا نَزَلَ بِي يَا رَبِّ ذَرْعاً ، (٧) وَامْتَلاتُ بِحَمْلِ مَا حَـدَثَ عَلَيَّ هَمّاً ، وَأنْتَ الْقَادِرُ عَلَى كَشْفِ مَا مُنِيتُ بِهِ ، وَدَفْعِ مَا وَقَعْتُ فِيهِ ، فَافْعَلْ بِي ذلِـكَ ، وَإنْ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ مِنْكَ ، يَا ذَا العَرْشِ الْعَظِيمَ. (٨) [وَذَا الْمَنِّ الْكَريمِ ، فَاَنْتَ قادِرٌ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.]

١٢٨

(١) قوله عليه السلام : يا ربّ

يجوز ذلك في النداء على خمسة أوجه في كلّ دعاء : يا ربّ بكسر الباء الموحّدة وإسقاط المضاف إليه ، وهو الياء المثنّاة من تحت للمتكلّم. يا ربّي بإسكان ياء المتكلّم. يا ربّاه بالهاء الساكنة للسكت وقفاً ووصلاً. يا ربّي بفتح الياء للمتكلّم. يا ربّ برفع الموحّدة للمناداة المفرد المعرفة.

(٢) قوله عليه السلام : تكأدني

معاً ، أي : بفتح الهمزة المشدّدة بعد الكاف على التفعّل ، أو بتخفيف الهمزة المفتوحة بعد الألف الممدودة بين الكاف والدال على التفاعل من الكؤودة ، وهي الصعوبة والشدّة والمشقّة.

وكذلك الكؤونة بالنون ، والكآبة بالباء الموحّدة جميعاً بالهمزة بعد الكاف بمعنى الشدّة ، والكؤود بفتح الكاف على صيغة فعول ، العقبة الصعبة المصعد.

قال علّامة زمخشر في الفائق : روى أبو الدرداء أنّ بين أيدينا عقبة كؤوداً لا يجوزها إلّا المخفّ. الكؤود مثل الصعود وهي الصعبة ، ومنها تكأده الأمر وتصعّده ، إذا شقّ عليه وصعب ، وكأد وكأب وكأنّ ثلاثتها في معنى الشدّة والصعوبة ، يقال : كأبت إذا اشتدّت ، عن أبي عبيد والكآبة شدة الحزن.

أخفّ الرجل إذا خفّت حاله ورقّت ، وكان قليل الثقل في سفره وحضره.

وعن مالك بن دينار أنّه وقع الحريق في دار كان فيها ، فاشتغل الناس بالأمتعة وأخذ مالك عصاه وجراباً كان له ووثب فجاوز الحريق وقال : فاز المخفّون. ويقال : أقبل فلان

١٢٩

مخفّاً. (١)

وقال ابن الأثير في النهاية : في حديث الدعاء «ولا يتكأدك عفو عن مذنب» أي : يصعب عليك ويشقّ ، ومنه العقبة الكؤود ، أي : الشاقّة. ومنه حديث أبي الدرداء «أنّ بين أيدينا عقبة كؤوداً لا يجوزها إلّا الرجل المخفّ».

ومنه حديث علي عليه السلام : «وتكأدنا ضيق المضجع». أي : صعب علينا وثقل وشقّ. (٢)

وفي صحاح الجوهري : عقبة كؤود : شاقّة المصعد وتكأدني [الشيء] وتكاءدني ، أي : شقّ عليّ تفعّل وتفاعل بمعنى. انتهى. (٣)

وأمّا تكادّني بتشديد الدال بعد الألف على إدغام الهمزة في الدال ، أو على التفاعل من الكدّ ، وهو الجهد والشدّة في العمل ، فتصحيف واسناده إلى خ «لش» إختلاق ، ونسخته بخطّه (قدّس الله تعالى لطيفه) عندي ، وهو صفر عرو عن ذلك أصلاً وهامشاً.

(٣) قوله عليه السلام : بهظني

بالظاء في الأصل ، وبالضاد «كف». وكلاهما بمعنى واحد ، وما في الأصل أشهر.

قال في القاموس : بهضني الأمر كمنع وأبهضني ، أي : فدحني وبالظاء أكثر. (٤)

(٤) قوله عليه السلام : وحيّاً

على فعيل ، أي : سريعاً قريباً من الوحى والوحاء بالمدّ ، بمعنى السرعة والإسراع.

قال في المغرب : الإيحاء والوحي إعلام من خفاء ، وعن الزجّاج الإيماء يسمّى وحياً ، يقال : أوحى الله إليه ووحى بمعنى أومأ ، والوحى بالقصر والمدّ السرعة. ومنه موت

__________________

١. الفائق : ٣ / ٢٤١.

٢. نهايو ابن الأثير : ٤ / ١٣٧.

٣. الصحاح : ١ / ٥٢٦.

٤. القاموس : ٢ / ٣٢٥.

١٣٠

وحي وزكاة وحيّة سريعة ، والقتل بالسيف أوحى ، أي : أسرع ، وقولهم : السم يقتل إلّا أنّه لا يوحى صوابه بحيّ ، من وحى الذبيحة إذا ذبحها ذبحاً وحياً ، ولا يقال : أوحى. انتهى كلامه.

ويقال : استوحاه استيحاءاً إذا استلهمه واستفهمه ، وكذلك إذا حرّكه واستسرعه وهيّجه وعجّله ، ووحاه توحية ، إذا عجّله وعجّل فيه تعجيلاً.

وفي مجمل اللغة : الوحى بالقصر أيضاً الصوت ، ويقال : استوحيناهم ، أي : استصرخناهم. (١)

(٥) قوله عليه السلام : ولا تشغلني بالإهتمام

افتعال من الهمّ بمعنى الحزن والغمّ ، لا من همّ بالأمر بمعنى قصده ، ولا من الهميم بمعنى الذبيب.

قال في المغرب : همّ الشحم فانهمّ ، أي : أذابه فذاب. وقوله في الطلاق : كلّ من همّه أمر استوى جالساً فاستوفر الصواب أهمّه ، يقال : أهمّه الأمر إذا أقلقه وأحزنه ، ومنه قولهم : همّك ما أهمّك ، أي : أذابك ما أحزنك. ومنه قيل للمحزون المغموم : مهموم.

والهمّ بالكسر : الشيخ الفاني من الهمّ الأذابة ، أو من الهميم الذبيب.

وهمّ بالأمر قصده ، والهمّ واحد الهموم ، وهو ما يشغل القلب من أمر يهمّ. ومنه اتّقوا الدين فإنّ أوّله همّ وآخره حرب ، هكذا حكاه الأزهري عن ابن شميل.

والحرب : بفتحتين أن يؤخذ ماله كلّه. وروي حزن ، وهو غمّ يصيب الإنسان من فوات المحبوب. والهميم الذبيب ، ومنه الهامة من الدوابّ ، ما يقتل من ذوات السموم ، كالعقارب والحيّات ، انتهى كلامه.

والمعنى : ولا تشغلني بالهمّ والغمّ عن المحافظة على وظائف الفرائض واسباغها على

__________________

١. مجمل اللغة : ٣ / ٩١٩.

١٣١

الوجه الأتمّ الأكمل ، وعن النهوض بمراعاة النوافل والاتيان بالسنن والآداب.

قل شيخنا الشهيد في الذكرى : قد تترك النافلة لعذر ، ومنه الهمّ والغمّ ؛ لرواية علي بن أسباط عن عدّة منّا أنّ الكاظم عليه السلام إذا اهتمّ ترك النافلة.

وعن معمّر بن خلّاد ، عن الرضا عليه السلام مثله ، إذا اغتمّ ، والفرق بينهما أنّ الغمّ لما مضى والهمّ لما يأتي.

وفي الصحاح : الإهتمام الإغتمام. انتهى. (١)

قلت : وقد ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام : أنّ للقلوب إقبالاً وإدباراً. فإذا ما أدبرت فلا تضيّقوا عليها بالنوافل. (٢)

(٦) قوله عليه السلام : ضقت

ضقت بالأمر ذرعاً ، أي : إذا لم تقو عليه.

(٧) قوله عليه السلام : لما نزل بي يا ربّ ذرعاً

ضاق بالأمر ذرعاً وذراعاً ، وضاق بالأمر ذرعه وذراعه ، وضاق به الأمر ذرعاً : ضعفت عنه طاقته ولم يجد من مضيق المكروه فيه مخرجاً ، قاله في القاموس. (٣)

وقال في الصحاح : يقال ضقت بالأمر ذرعاً إذا لم تطقه ولم تقو عليه وأصل الذرع إنّما هو بسط اليد ، (٤) فكأنّك تريد مددت إليه يدي فلم تنله ، وربّما قالوا : ضقت به ذراعاً. انتهى قوله. (٥)

واستعمال اللام مكان الباء شايع ذايع.

ويقال : فلان رحب الذراع ، أي : واسع القوّة والقدرة والبطش. والذرع الوسع و

__________________

١. الذكرى : ١١٦ ، الصحاح : ٥ / ٢٠٦١.

٢. نهج البلاغة : ٥٣٠.

٣. القاموس : ٣ / ٢٣.

٤. في «ن» : بسطاً ليد.

٥. الصحاح : ٣ / ١٢١٠.

١٣٢

الطاقة. قاله ابن الأثير في النهاية.

وقال : ومنه الحديث : «فكبّر في ذرعي» أي : عظم وقعه وجلّ عندي.

والحديث الآخر : «فكسر ذلك من روعي» أي : تبّطني عمّا أردته. ومنه حديث إبراهيم عليه الصلاة والسلام : «أوحى الله إليه أن ابن لي بيتاً ، فضاق بذلك ذرعاً» ومعنى ضيق الذراع والذرع : قصرهما ، كما أنّ معنى سعتها وبسطها طولها.

ووجه التمثيل : أنّ القصير الذراع لا ينال ما يناله الطويل الذراع ، ولا يطيق طاقته ، فضرب مثلاً للذي سقطت قوّته دون بلوغ الأمر والاقتدار عليه. (١)

(٨) قوله عليه السلام : يا ذا العرش العظيم

هناك زيادة برواية ابن طاووس ، وهي : فأنت قادر يا أرحم الراحمين ، آمين يا ربّ العالمين.

__________________

١. نهاية ابن الأثير : ٢ / ١٥٨.

١٣٣

٨

وكان من دعائه عليه السلام

في الاستعاذة من المكاره وسيّء الاخلاق ومذامّ الافعال

أَللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ هَيَجَـانِ الْحِرْصِ ، وَسَوْرَةِ الغَضَبِ ، وَغَلَبَةِ الْحَسَدِ ، وضَعْفِ الصَّبْرِ ، وَقِلَّةِ الْقَنَاعَةِ وَشَكَاسَةِ الْخُلُقِ ، وَإلْحَاحِ الشَّهْوَةِ وَمَلَكَةِ الْحَمِيَّةِ ، وَمُتَابَعَةِ الْهَوَى ، وَمُخَالَفَةِ الْهُدَى ، وَسِنَةِ الْغَفْلَةِ ، وَتَعَاطِي الْكُلْفَةِ ، وَإيْثَارِ الْبَاطِلِ عَلَى الْحَقِّ وَالإصْرَارِ عَلَى الْمَأثَمِ ، وَاسْتِصْغَـارِ الْمَعْصِيَـةِ ، وَاسْتِكْثَارِ الطَّاعَةِ ، وَمُبَاهَاةِ الْمُكْثِرِينَ ، وَالإزْرآءِ بِالْمُقِلِّينَ ، وَسُوءِ الْوِلاَيَةِ لِمَنْ تَحْتَ أَيْدِينَا ، وَتَرْكِ الشُّكْرِ لِمَنِ اصْطَنَعَ الْعَارِفَةَ عِنْدَنَا ، أَوْ أَنْ نَعْضُدَ ظَالِماً ، أَوْ نَخْذُلَ مَلْهُوفاً ، أَوْ نَرُومَ مَا لَيْسَ لَنَا بِحَقٍّ ، أَوْ نَقُولَ فِي الْعِلْمِ بِغَيْرِ عِلْم ، وَنَعُـوذُ بِـكَ أَنْ نَنْطَوِيَ عَلَى غِشِّ أَحَد ، وَأَنْ نُعْجَبَ بِأَعْمَالِنَا ، (١) وَنَمُدَّ فِي آمَالِنَا ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سُوءِ السَّرِيرَةِ ، وَاحْتِقَارِ الصَّغِيرَةِ ، وَأَنْ يَسْتَحْوِذَ عَلَيْنَا (٢) الشَّيْطَانُ ، أَوْ يَنْكُبَنَـا الزَّمَانُ ، أَوْ يَتَهَضَّمَنَا السُّلْطَانُ ،

١٣٤

وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ تَنَاوُلِ الإسْرَافِ ، وَمِنْ فِقْدَانِ الْكَفَـافِ ، وَنَعُوذُ بِـكَ (٣) مِنْ شَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ ، وَمِنَ الْفَقْرِ إلَى الاَكْفَاءِ ، (٤) وَمِنْ مَعِيشَة فِي شِدَّة ، وَمَيْتَة عَلَى غَيْـرِ عُدَّة ، (٥) وَنَعُـوذُ بِكَ مِنَ الْحَسْرَةِ الْعُظْمى ، وَالْمُصِيبَةِ الْكُبْرَى ، وَأَشْقَى الشَّقَآءِ ، وَسُوءِ المآبِ ، وَحِرْمَانِ الثَّوَابِ ، وَحُلُولِ الْعِقَابِ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأَعِذْنِي مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِرَحْمَتِكَ ، وَجَمِيـعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

١٣٥

(١) قوله عليه السلام : وأن نعجب بأعمالنا

وفي رواية «كف» : إمّا أن نعجب بأعمالنا. نعجب بضمّ النون وفتح الجيم على صيغة المجهول من باب الإفعال : يقال : أعجبني هذا الشيء لحسنه وقد أعجب فلان بنفسه ، على ما لم يسمّ فاعله ، فهو معجب برأيه وبنفسه ، على صيغة المفعول ، والاسم العجب بالضمّ كذا في الصحاح. (١)

وفي مجمل اللغة فلان عجب فلانة بكسر العين وإسكان الجيم ، كما يقال : حبّها بالكسر أيضاً ، أي : أنّه الذي تعجّب هي به على البناء للمفعول. وتعجّبت من الشيء واستعجبت وأعجبني هذا الشيء لحسنه ، وقد أعجب بنفسه. (٢)

وفي القاموس : أعجبه كذا حمله على العجب منه ، وأعجب هو به ، والرجل يعجبه القعود مع النساء ، أو تعجب النساء به ، والعجب بالضمّ الكبر ، وإنكار ما يرد عليك ، ويثلّث ، والتعاجيب العجائب ، وهي جمع عجيب ، ولا أحد لها من لفظها ، والاعجاب جمع عجيب بالتحريك. (٣)

والأصحّ في المشهور أنّ العجب بالتحريك لا يجمع ، وقولهم عجب عاجب للتأكيد ، كقولك ليل لايل ، ودهر داهر ، وفي التنزيل الكريم في سورة التوبة : (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) (٤) من العجب بالضمّ. وفي سورة الأحزاب (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) (٥) من العجب محرّكة.

__________________

١. الصحاح : ١ / ١٧٧.

٢. مجمل اللغة : ٣ / ٦٥٠.

٣. القاموس : ١ / ١٠١.

٤. سورة التوبة : ٢٥.

٥. سورة الأحزاب ٥٢.

١٣٦

وبالجملة إعجاب المرء بالشيء هو كون الشيء معجباً إيّاه ، بالكسر على اسم الفاعل. وهو معجباً بالفتح على سم المفعول ، فليعلم.

(٢) قوله عليه السلام : وأن يستحوذ علينا

أي : يغلبنا ويستولي علينا.

قال ابن الأثير : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ) : أي : استولى عليهم وحواهم إليه ، وهذه اللفظة أحد ما جاء به على الأصل من غير إعلال خارجة عن أخواتها نحو استقال واستقام. (١)

(٣) قوله عليه السلام : ونعوذ بك

من نعوذ بك الاولى إلى الكفاف ، زائد على نسخة الشهيد رحمه الله ، وموافق لنسخة له اُخرى.

(٤) قوله عليه السلام : ومن الفقر إلى الأكفاء

الأكفاء على وزن الأمثال : على ما في الأصل جمع كفو ، وهو الترب والمثل والنظير ، والأكفّاء بالتشديد على ما في نسخة جمع كافّ بالتشديد من الكفّ ، بمعنى من يكفّ عن أحد.

(٥) قوله عليه السلام : على غير عدة

أي : على غير اقتناء ما يدّخر لحياة ما بعد الموت.

وفي رواية «س» عزّ وجلّ مكان جلّ جلاله.

__________________

١. نهاية ابن الأثير : ١ / ٤٥٧.

١٣٧

٩

وكان من دعائه عليه السلام

في الإشتياق إلى طلب المغفرة من الله جلّ جلاله

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَصَيِّرْنَـا إلَى مَحْبُوبِكَ مِنَ التَّوْبَةِ ، وَأَزِلْنَا عَنْ مَكْرُوهِكَ مِنَ الإصْرَارِ. أللَّهُمَّ وَمَتَى وَقَفْنَا بَيْنَ نَقْصَيْنِ فِي دِين أَوْ دُنْيَا ، (١) فَأَوْقِعِ النَّقْصَ بِأَسْرَعِهِمَا فَنَاءً ، وَاجْعَلِ التّوْبَةَ فِي أَطْوَلِهِمَا بَقَاءً ، وَإذَا هَمَمْنَا بِهَمَّيْنِ يُرْضِيكَ أَحَدُهُمَا عَنَّا ، وَيُسْخِطُكَ الآخَرُ عَلَيْنَا فَمِلْ بِنَا إلَى مَا يُرْضِيْكَ عَنَّا ، وَأَوْهِنْ قُوَّتَنَا عَمَّا يُسْخِطُكَ عَلَيْنَا ، وَلاَ تُخَلِّ (٢) فِي ذلِكَ بَيْنَ نُفُوسِنَا وَاخْتِيَارِهَا فَإنَّهَا مُخْتَارَةٌ لِلْبَاطِلِ إلاَّ مَا وَفَّقْتَ ، أَمَّارَةٌ بالسُّوءِ إلاّ مَا رَحِمْتَ. اللَّهمَّ وَإنَّكَ مِنَ الضَّعْفِ خَلَقْتَنَا ، وَعَلَى الْوَهْنِ بَنَيْتَنَا ، وَمِنْ ماءٍ مَهِين ابْتَدَأتَنَا ، فَلاَ حَوْلَ لَنَا إلاّ بِقُوَّتِكَ ، ولا قُوَّةَ لنا إلاّ بِعَوْنِكَ ، فَأيِّدْنَا بِتَوْفِيقِكَ ، وَسَدِّدْنَا بِتَسْدِيدِكَ ، وَأعْمِ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا عَمَّا خَالَفَ مَحَبَّتَكَ ، وَلا تَجْعَلْ لِشَيْء مِنْ جَوَارِحِنَا نُفُوذاً فِي مَعْصِيَتِكَ. (٣)

١٣٨

اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَد وَآلِهِ ، وَاجْعَلْ هَمَسَاتِ قُلُوبِنَا ، (٤) وَحَرَكَاتِ أَعْضَائِنَا ، وَلَمَحَاتِ أَعْيُنِنَا ، وَلَهَجَاتِ ألسِنَتِنَا فِيْ مُوجِبَاتِ ثَوَابِكَ ، حَتَّى لاَ تَفُوتَنَا حَسَنَةٌ نَسْتَحِقُّ بِهَا جَزَآءَكَ ، وَلا تَبْقَى لَنَا سَيِّئـةٌ نَسْتَوْجِبُ بِهَا عِقَابَكَ.

١٣٩

(١) قوله عليه السلام : أو دنياً

الصحيح أو دنيا من غير تنوين ، وإن كانت في بعض النسخ منوّنة ؛ لأنّها صفة لموصوف لها مقدّر ، كنشأة أو حياة ، وهي بمنزلة أفعل التفضيل وفي حكمه في عدم الصرف.

(٢) قوله عليه السلام : ولا تخل

بضمّ التاء وكسر اللام المشدّدة من باب التفعيل ، يقال : خليت فلاناً وصاحبه ، وخليت بينهما.

وفي رواية «س» : ولا تخل. مكسورة اللام المشدّدة مفتوحة الخاء والتاء من باب التفعّل بإسقاط إحدى التائين ، لا من تخلّيت لكذا بمعنى تفرّغت له ، بل من تخليته فلاناً وتخلّيت بينهما ، أي : خليت. فالتفعّل ربّما يكون للتعدية ، وإن كان اللزوم فيه أكثر وأشيع ، وكسر اللام للدلالة على الياء المحذوفة. وفي خ «ش» بالمهملة «س».

(٣) قوله عليه السلام : ولا تجعل لشيء من جوارحنا نفوذاً في معصيتك

من باب القلب لا من الإلباس ، أي : لا تجعل لمعصيتك نفوذاً في شيء من جوارحنا ، ومنه في التنزيل الكريم : (إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ) (١) على القراءة لا بالتشديد لتؤول القراءتان على مآلي واحد.

وفي قول الشاعر :

__________________

١. سورة الأعراف : ١٠٥.

١٤٠