الحدائق الناضرة - ج ١٩

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٩

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وبه نستعين

الفصل الثاني في الخيار

والكلام هنا يقع في أقسامه وأحكامه ، فالواجب بسط ذلك في مقامين : الأول ـ في أقسامه ، فبعضهم عدها خمسة ، وآخر سبعة ، وثالث ثمانية ، وأنهاها رابع إلى أربعة عشر قسما ، ونحن نذكر الثمانية الدائرة في كلام الأكثر ـ إنشاء الله (تعالى) ـ ونبين ما دلت عليه الأدلة الشرعية من أحكامها ، وما لم يقم عليه دليل والله (سبحانه) الهادي إلى سواء السبيل ، والموفق للنجاة من مهاوي الضلال والتضليل.

فنقول : ينبغي أولا ان يعلم ان مقتضى البيع اللزوم ، قال في التذكرة : والأصل في البيع اللزوم ، لان الشارع قد وضعه مفيدا لنقل الملك من البائع إلى المشترى والأصل الاستصحاب ، وكون الغرض تمكن كل من المتعاقدين من التصرف فيما صار اليه ، وانما يتم باللزوم ليأمن من نقض صاحبه عليه ، وانما يخرج عن أصله بأمرين : أحدهما ثبوت الخيار ، والثاني ظهور عيب في أحد العوضين انتهى وهو

٣

جيد ، ويدل على اللزوم الكتاب أو السنة ، نحو قوله (تعالى) (١) «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» وأخبار (٢) «المؤمنون عند شروطهم». ونحوها وحينئذ فيجب الوقوف على مقتضى هذه القاعدة حتى يقوم الدليل على الخروج عنها في بعض الموارد ، وهي ما ذكروه في هذا المقام من الخيار ، ونحن نذكر اقسامه واحدا واحدا ، معطين البحث فيها حقها من التحقيق ، مستمدين الإعانة ممن بيده التوفيق.

الأول خيار المجلس

هكذا اشتهر التعبير عن هذا النوع في ألسنة الفقهاء ، قال في المسالك : اضافة هذا الخيار الى المجلس ، اضافة الى بعض أمكنته ، فان المجلس موضع الجلوس ، وليس بمعتبر في تحقق هذا الخيار ، بل المعتبر فيه مكان العقد مطلقا ، أو في معناه (٣) والأصل فيه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) «البيعان بالخيار ما لم يفترقا». وهو أوضح دلالة من عبارة الفقهاء. انتهى.

أقول : والظاهر ان التسمية خرجت بناء على ما هو الغالب من وقوع ذلك حال الجلوس ، والاستقرار في مكان ، وباب التجوز في مثله واسع ، وهو ثابت للمتبايعين ـ سواء كانا مالكين ، أو وكيلين ، أو متفرقين ـ بعد انعقاد البيع بالإيجاب والقبول.

__________________

(١) سورة المائدة الآية ـ ١.

(٢) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب المهور الرقم ٤.

(٣) أقول : لعل المراد بما في معناه ، هو قيامها في موضع العقد مصطحبين بحيث لم يفارق أحدهما الأخر ، زيادة على ما كان عليه وقت العقد ، فان الخيار باق لهما ، وأولى منه لو تقاربا. منه رحمه‌الله.

(٤) الكافي ج ٥ ص ١٧٠ الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخيار الرقم ـ ٢.

٤

ويدل عليه ـ زيادة على الاتفاق ـ الأخبار المتضافرة :

منها ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن زرارة (١) عن أبى جعفر عليه‌السلام» قال : سمعته يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : البيعان بالخيار حتى يفترقا ، وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام الحديث».

ورواه المشايخ الثلاثة بسند آخر عن زرارة (٢) عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : «قلت له : الرجل يشترى المتاع» الحديث. الى آخر ما نقلناه منه ، وسيأتي إنشاء الله تعالى.

وروى في الكافي عن محمد بن مسلم في الصحيح (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : البيعان بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام».

وروى في الكافي والتهذيب في الصحيح عن الفضيل (٤) وهو ابن يسار ـ عن الصادق عليه‌السلام» قال : قلت : ما الشرط في الحيوان؟ فقال : إلى ثلاثة أيام للمشتري ، قلت : وما الشرط في غير الحيوان؟ قال : «البيعان بالخيار ما لم يفترقا ، فإذا افترقا فلا خيار بعد

__________________

(١) الكافي ج ـ ٥ ـ ص ١٧٠ الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخيار الرقم ـ ٢.

(٢) الكافي ج ٥ ص ١٧١.

(٣) الكافي ج ٥ ص ١٧٠ الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخيار الرقم ـ ١.

(٤) الكافي ج ٥ ص ١٧٠ الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخيار الرقم ـ ٣.

٥

الرضا منهما».

وروى المشايخ الثلاثة عن الحلبي في الصحيح (١) عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : «أيما رجل اشترى من رجل بيعا فهما بالخيار حتى يفترقا ، فإذا افترقا وجب البيع».

وزاد في الكافي والتهذيب قال : وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : أن أبي اشترى أرضا يقال لها : العريض ، فلما استوجبها قام فمضى ، فقلت يا أبت عجلت بالقيام ، فقال : يا بني إني أردت أن يجب البيع».

وروى في الكافي عن محمد بن مسلم (٢) في الصحيح أو الحسن قال : «سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : بايعت رجلا ، فلما بعته قمت فمشيت خطأ ، ثم رجعت الى مجلسي ليجب البيع حين افترقنا».

وأما ما رواه الشيخ (٣) عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام» قال : قال علي عليه‌السلام : إذا صفق الرجل على البيع فقد وجب وان لم يفترقا». فقد أجاب الشيخ عنه في الاستبصار بالبعيد ، والأظهر حمله اما على أن المراد بالصفقة على البيع يعني إمضاء البيع والتزامه والرضا به ، كما سيأتي ـ إنشاء الله ـ ذكره في مسقطات الخيار ، أو على التقية ، وهو الأقرب ، فإنه مذهب أبي حنيفة.

وقد نقل عنه ، أنه رد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أربعمائة حديث.

منها حديث «البيعان بالخيار ما لم يفترقا». نقله عنه الزمخشري في كتاب ربيع

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ١٧٠ الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخيار الرقم ـ ٦.

(٢) الكافي ج ٥ ص ١٧١ الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الخيار الرقم ـ ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخيار الرقم ـ ٧.

٦

الأبرار مع أنه حنفي المذهب.

وقد نقلنا جملة من هذه الأحاديث التي رد بها على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في مطاعنه ، في مقدمة كتابنا سلاسل الحديد في تقييد ابن ابى الحديد بنقل ابن الجوزي من علمائهم ويؤيد ذلك أن الراوي عامي.

وبالجملة فهو على ظاهره غير معمول عليه في مقابلة هذه الاخبار التي سردناها ، المؤيدة باتفاق الطائفة المحققة على الحكم المذكور ، وإطلاق الاخبار المذكورة شامل لما قدمنا ذكره من كون المتبايعين مالكين أو وكيلين أو بالتفريق ، لصدق البيعان على الجميع ، وهما من وقع منهما الإيجاب والقبول.

ثم ان العلامة في التذكرة ومن تأخر عنه ، ذكروا أن مسقطات الخيار في هذا المقام أربعة.

أحدها ـ اشتراط سقوطه في العقد ، ولا خلاف فيه بين الأصحاب رضي‌الله‌عنهم ، ويدل عليه الاخبار (١) الدالة على وجوب الوفاء بالشروط إلا شرطا حرم حلالا ، أو حلل حراما ، انما الخلاف فيما لو شرطاه قبل العقد.

قال في الخلاف : «مسألة : إذا شرطا قبل العقد أن لا يثبت بينهما خيار بعد العقد صح الشرط ، ولزم العقد بنفس الإيجاب والقبول ، ثم نقل الخلاف عن بعض أصحاب الشافعي ، ثم قال : دليلنا أنه لا مانع من هذا الشرط ، والأصل جوازه ، وعموم الاخبار في جواز الشرط يتناول هذا الموضع انتهى.

وقال في المختلف بعد نقل ذلك عنه : وعندي في ذلك نظر ، لان الشرط انما يعتبر حكمه لو وقع في متن العقد ، نعم لو شرطا قبل العقد ، وتبايعا على ذلك الشرط صح ما شرطاه. انتهى.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الخيار.

٧

أقول : الظاهر أن كلام الشيخ ـ رحمه‌الله ـ لا يخرج عما ذكره أخيرا بقوله «نعم» وانما مراده ذلك ، ولو شرط أحدهما خاصة سقط خياره وحده.

وثانيها ـ إيجابهما العقد بعد وقوعه ، والتزامهما به بأن يقولا : تخايرنا ، أو اخترنا إمضاء العقد ، أو أمضينا العقد أو التزمنا به ، ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على هذا المعنى ، ونقل عليه في التذكرة الإجماع.

ولقائل أن يقول : انه حيث لا نص على ما ذكروه هنا ، وقد عرفت أن مقتضى العقد اللزوم كما تقدم ذكره في صدر البحث ، وهذا الكلام من قولهما اخترنا أو أمضينا لا يدل على أزيد مما دل عليه العقد بمقتضاه ، وان كان ذلك مؤكدا لما دل عليه العقد من اللزوم ، والروايات دلت على انهما ـ بعد هذا العقد مؤكدا أو خاليا من التأكيد ـ لهما الخيار الى أن يفترقا ، فيصدق هنا أن لهما الخيار ، وان قالا ما قالاه من هذه الألفاظ ، الا أن يقال : ان هذه الألفاظ في قوة اشتراط سقوط الخيار ، فيرجع الى الأول.

وبالجملة فإن باب المناقشة غير مسدود فيما ذكروه هنا.

ثم انهم ذكروا أنه لو اختار أحدهما ورضى الأخر ، فهو في حكم الاختيار أيضا ، إذ لا يختص بلفظ ، بل كل ما دل على التراضي فهو كاف ، ولو أوجبه أحدهما خاصة سقط خياره ، ولو وقع ذلك في العقد ، فالظاهر أنه من قبيل الشروط التي دلت الاخبار على وجوب الوفاء بها ، وقبله يبنى على ما تقدم في المسقط الأول.

ولو خير أحدهما صاحبه فسكت ، فلا خلاف في بقاء خيار الساكت ، وأما المخير فالمشهور أيضا بقاء خياره ، وهو قول الخلاف والمبسوط ، ووجهه أنه لم يحصل منه ما يدل على سقوط الخيار ، ومجرد تخييره صاحبه لا يدل على الإمساك بشي‌ء من الدلالات الثلاث.

ونقل عن الشيخ أيضا القول بسقوط خياره ، استنادا الى ما روى عن النبي

٨

صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) بعد قوله ما لم يفترقا «أو يقل أحدهما لصاحبه اختر». ورد بعدم ثبوت هذه الزيادة في أخبارنا.

وأجاب العلامة في المختلف بعد تسليم صحة الخبر ، بأنه خيره فاختار.

وفي هذا الجواب ما لا يخفى ، إذ لا يخفى أن محل الكلام انما هو المخير بصيغة اسم الفاعل ، وان تخييره لصاحبه يدل على اختياره الإمساك ، وظاهر كلامه أن الذي اختار انما هو المخبر بصيغة اسم المفعول وهو ليس محل البحث ، وبالجملة فالحديث غير ثابت في أخبارنا فلا حجة فيه.

ثالثها : التصرف ، فان كان من البائع في المبيع فهو فسخ منه المعقد ، فيبطل البيع ، ويبطل خيارهما ، وان كان من المشترى في المبيع فهو التزام بالبيع ، ويبطل خياره ، ويبقى خيار البائع ، وان كان التصرف في الثمن فالظاهر أن الأمر بالعكس ، ولو كان التصرف من المشترى في المبيع ومن البائع في الثمن فهو التزام بصحة البيع ، وبالعكس التزام ببطلانه ، ولو تصرفا في المبيع أو الثمن فظاهر كلامهم أنه يقدم من تصرفه فسخ ، فلو تصرفا في المبيع قدم تصرف البائع ، وفي الثمن قدم تصرف المشترى.

وهكذا لو فسخ أحدهما وأجاز الأخر قدم الفاسخ ، وان تأخر عن الإجازة ، لأن إثبات الخيار انما قصد به التمكن من الفسخ ، دون الإجازة لأصالتها ، وكذا يقدم الفاسخ على المجيز : في كل خيار مشترك ، لاشتراك الجميع في العلة المذكورة ،.

قال في التذكرة : «لو اختار أحدهما الإمضاء والأخر الفسخ قدم الفسخ على الإجازة ، إذ لا يمكن الجمع ، ولا انتفاؤهما ، لاشتماله على الجمع بين النقيضين ، فيتعين تقدم أحدهما ، لكن الذي اختار الإمضاء قد دخل في عقد ينفسخ باختيار صاحبه الفسخ ، ورضي به ، فلا أثر لرضاه به لازما بعد ذلك. انتهى.

__________________

(١) المستدرك ج ٢ ص ٤٧٣.

٩

قيل : والمراد من التصرف هنا : ما هو أعم من الناقل وغيره ، وأكثر عبارات الأصحاب انما اشتملت على التصرف بقول مطلق ، ولهذا ان ظاهر المحقق الأردبيلي ـ هنا ـ المناقشة في ذلك ، بل في أصل الحكم حيث لم يرد به دليل في النصوص ، حيث قال : ثم ان المراد بالتصرف غير ظاهر ، وهل هو اللازم والمخرج عن الملك أو أعم فهو مجمل ، وكذا دليله ايضا غير واضح ، إذ مجرد التصرف في المبيع مثلا لا يدل على الفسخ من جانب البائع ، إذ قد يكون سهوا أو لغرض آخر مباح أو حرام.

وبالجملة انه أعم ، الا أن تدل قرينة ، ومع ذلك قد لا يكون الفعل كافيا في اختيار الفسخ ، ويحتاج الى اللفظ فتأمل انتهى.

وبالجملة فإن جملة من شقوق المسألة لا تخلو من الاشكال ، سيما لو وقع التصرف الناقل للمبيع من المشتري مع بقاء خيار البائع كما نبه عليه في المسالك (١).

ورابعها ـ التفرق بمعنى مفارقة كل منهما صاحبه ، ويصدق بانتقال أحدهما من مكانه بحيث يبعد عن صاحبه ، ولا يشترط القيام والمشي خطأ ، وان كان أظهر في التفرق كما دلت عليه جملة من الاخبار المتقدمة ولو قاما مصطحبين بحيث لم يحصل التباعد بينهما زيادة على حال العقد ، فالخيار باق ، لعدم حصول الافتراق.

وكذا لو ضرب بينهما بستر رقيق كالثوب ونحوه أو غليظ كالجدار أو مانع من الاجتماع كالنهر العظيم لم يمنع الخيار لعدم صدق الافتراق بشي‌ء من ذلك الذي هو كما عرفت عبارة عن التباعد عن الحد الذي كانا عليه وقت العقد خلافا لبعض العامة هنا حيث أسقط به الخيار.

وكذا لو أكرها على التفرق فإنه لا يسقط الخيار ، والوجه فيه أن الذي دلت الاخبار على كونه مسقطا انما هو التفرق الذي هو فعل اختياري لهما ، والتفريق بينهما قهرا ليس كذلك ، فلا يكون داخلا تحت النص.

وبذلك يظهر أن ما ذكره في الكفاية بقوله ولا أعلم نصا في هذا الباب وكذا

__________________

(١) حيث قال : بعد ان ذكر أنه لا فرق في التصرف بين الناقل للملك وغيره ما لفظه لكن لو وقع الناقل من المشترى مع بقاء خيار البائع ففي صحته اشكال. انتهى منه رحمه‌الله.

١٠

قول المحقق الأردبيلي ـ وقيد المفارقة المسقطة بالاختيار وما رأيت له دليلا في النص ، ولعل وجهه ما يتخيل أن الفعل الجبري بمنزلة العدم ، فإنه ما فعله باختياره فكأنه بعد باق في محله خصوصا إذا كان عارفا بالمسألة وأراد الجلوس لعله يظهر له وجه يدل على مصلحته في هذا العقد. انتهى ـ غير موجه.

وفيه ما عرفت من أن النص الموجب لسقوط الخيار هو الافتراق والتفرق ، الظاهر في كونهما باختيار المكلف وإرادته ، وهذا هو الذي يناسب الإسقاط بأن يفعل ذلك لأجل إسقاط الخيار كما سمعت من أخبار مولانا الباقر عليه‌السلام.

وأما الجبر على التفرق فلا يدخل تحت إطلاق اللفظين المذكورين ، ولا يصح كونه سببا للغرض المترتب على ذلك.

وبالجملة فإن كلام هذين الفاضلين عندي غير ظاهر.

واعلم أن الأصحاب ـ رضى الله عنهم ـ عبروا هنا بأنه لو أكرها على التفرق ولم يتمكنا من التخاير ـ بمعنى اختيار العقد والبقاء عليه ، وهو المسقط الثاني الذي قدمناه ، ويتحقق الإكراه بمنعهما من الكلام فعلا بسد أفواههما أو تهديد ، فإنه ـ لا يسقط خيارهما حينئذ بالتفرق ، بل لهما الفسخ عند زوال المانع لكن هل يعتبر في مجلس الزوال ، أو يكون الخيار على الفور ، وجهان : وكذا لو أخرج أحدهما كرها ومنع ، فالحكم فيه كذلك.

وفيه ان عدم التمكن من التخاير بمعنى اختيار العقد ، لا يدخل تحت العقد ، لان التزام العقد واختيار البقاء عليه لا يتوقف على الكلام. بل لو تفرقا ساكتين حصل اللزوم فيه ، وانما يتوقف على الكلام الفسخ ، فيكون الإكراه والمنع من الكلام بسد أفواههما أو تهديدهما هو المعتبر فيه ، لا في التخاير بالمعنى المذكور ، الا أن يراد بالتخاير الكناية عن الفسخ ، والاختيار ، وعبائرهم لا تساعد عليه.

والمفهوم من كلام الأصحاب ـ وهو الظاهر من الاخبار المتقدمة ـ ثبوت هذا

١١

الحكم لمن أوقع العقد مالكا كان أو وكيلا ، ويثبت للوكيل بمجرد التوكيل على العقد ، لانه من توابع العقد قيل : ولا يبعد ثبوت الخيار للمالك على تقدير كون العاقد وكيله ، لان يده يد الموكل.

وفيه اشكال ، لخروجه عن ظواهر الاخبار ، وعدم صدق البائع والمشترى عليه ، وهي قد ناطت الحكم المزبور بالبيعين ، يعنى من وقع منهما عقد البيع والشراء.

قال في التذكرة على ما نقل عنه : لو اشترى الوكيل أو باع أو تعاقد الوكيلان ، فالأقرب تعلق الخيار بهما و «بالموكلين جميعا ، وإلا فبالموكلين» وفيه ما عرفت من الخروج عن ظواهر النصوص.

وهل يثبت الافتراق بموت أحدهما أو جنون أحدهما أو الإغماء عليه أم لا؟ صرح بالثاني في الدروس فقال : «ولو مات أحدهما ، أو ماتا فللوارث أو الولي ، ولو جن أو أغمي عليه فللولي» وهو صريح في ثبوت الخيار للوارث والولي ، لعدم تحقق الافتراق بذلك ، واحتمل في القواعد سقوط الخيار وثبوته ، وعلل الأول بأن مفارقة الدنيا أولى من مفارقة المجلس ، فيسقط بطريق أولى.

ورده المحقق الشيخ علي في شرح القواعد بمنع الأولوية قال : فان المراد من الافتراق التباعد في المكان ، وهو انما يكون في الجسم ، فلا يعقل ارادة الروح ، ثم ان المحقق المذكور اختار الثبوت تمسكا بالاستصحاب ، لان ثبوته معلوم بالعقد ، والمسقط غير متيقن. انتهى.

وفي الاعتماد على هذا الاستصحاب نظر تقدم ذكره في مقدمة الاستصحاب من مقدمات كتاب الطهارة (١) وظاهر المحقق الأردبيلي التوقف في ذلك ، لعدم صدق البائع والمشترى في الاخبار عليهم.

__________________

(١) ج ١ ص ٥٣.

١٢

أقول : والحكم محل اشكال لعدم الدليل الواضح في ذلك.

تنبيهات

الأول ـ قد صرحوا بأنه لو كان العاقد واحدا عن اثنين ، ففيه احتمالات ثلاثة : الأول : ثبوت الخيار ما لم يشترط سقوطه ، أو يلتزمه عنهما ، أو يفارق المجلس الذي عقد فيه على قول ، وهو ظاهر الشرائع والقواعد.

الثاني ـ ثبوته دائما ما لم يلتزماه أو يشترطا سقوطه ، ونقل عن التذكرة ، وهو ظاهر اختيار الدروس.

الثالث ـ عدم ثبوت الخيار أصلا ، واختاره بعض فضلاء متأخر المتأخرين ، والظاهر أنه الأقرب.

وتفصيل هذه الجملة هو أن الواحد عاقد عن اثنين يشمل ما لو كان العاقد وليا شرعيا يبيع ماله من ولده ، أو بالعكس ، أو مال ولديه أحدهما على الأخر ، ويشمل ما لو كان وكيلا عن المتبايعين ، وكما لو كان أحد المتبايعين وكيلا عن الآخر وفي دخول هذا الفرد (١) تحت العبارة المذكورة ما لا يخفى ، وما قيل من أنه يصدق أيضا من أن الواحد عاقد عن اثنين وقائم مقامهما وان كان هو أحدهما لا يخلو من خفاء.

ولهذا ان المحقق الشيخ على (رحمة الله عليه) في شرح القواعد اعترض على عبارة المصنف ، وهي مثل هذه العبارة فقال : واعلم ان في قوله : العاقد عن اثنين مناقشة ، لأن العاقد عن واحد مع نفسه يخرج من العبارة ، ولا وجه لإخراجه بل ينبغي إدراجه ، فيكون الحكم واردا عليهما. انتهى.

والخيار المحكوم بثبوته أعم من كونه لذلك العاقد ولو بالولاية ، كما لو كان

__________________

(١) إشارة الى ما ذكره في المسالك حيث انه ادعى الصدق في ذلك ـ منه رحمه‌الله.

١٣

أبا أو جدا يبيع من نفسه ، فان له الخيار وللطفل ، وله مراعاة الجانبين ، لكن في الطفل يراعى المصلحة ـ أو كونه لغير العاقد ، كما لو كان وكيلا في العقد خاصة ، فإن الخيار للموكلين ، لا له ان قلنا به ، وقولهم : ما لم يشترط سقوطه أو يلتزم به عنهما انما يتم فيمن له الاشتراط والالتزام كالأب والجد ، وأما لو كان وكيلا في إيقاع العقد خاصة لم يكن له ذلك ، ولو أريد العموم كان المراد ما لم يشترط أو يلتزم حيث يكون له ذلك.

وكيف كان فالالتزام عنهما لا يدخل فيه ما لو كان هو أحدهما إلا بتكلف شديد.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنهم ذكروا أن الوجه في الاحتمال الأول بالنسبة إلى مفارقة المجلس ان المعتبر في سقوط خيار المتبايعين مفارقة أحدهما مجلس العقد ولما كان ذلك متعذرا هنا ـ لان الواحد لا يفارق نفسه ـ اعتبر فيه التمكن ، وهو مفارقته مجلس العقد ، لانه مشبه بمفارقة أحد المتعاقدين ، وأصل هذا القول نقله في المبسوط بلفظ قيل ولم يذكر قائله (١) ووجهه ما ذكر.

ورد هذا التوجيه جملة من المتأخرين بأن الواقع في الاخبار هو الافتراق ، لا مفارقة المجلس ، فلو فارقاه مصطحبين لم يبطل خيارهما ـ كما تقدم ذكره ـ وان بقيا مدة طويلة. وهو جيد.

وأما الوجه في الاحتمال الثاني ـ وهو بقاء الخيار ، وانما يسقط بالالتزام بعد

__________________

(١) قال في المبسوط : إذا أراد ان يشترى لولده من نفسه وأراد الانعقاد ينبغي ان يختار لزوم العقد عند انعقاد العقد ، أو يختار بشرط بطلان الخيار ، وعلى كل حال قد قيل انه ينتقل من المكان الأول الذي عقد فيه العقد ، فيجري ذلك مجرى تفرق المتبايعين ، كذا قال ابن البراج ولم يسند هذا القول الى أحد من علمائنا بالنصوصية ، قال في المختلف بعد نقل ذلك وهذا القول عندي محتمل. انتهى منه رحمه‌الله.

١٤

العقد ، أو اشتراط السقوط ـ فهو ان ظاهر قولهم (عليهم‌السلام) «البيعان بالخيار» يعم البائعين بوكيلهما أو وليهما فيثبت في الصورة المذكورة : وأما قولهم (عليهم‌السلام) «ما لم يفترقا» فهو محمول على ارادة السلب ، بمعنى أن الخيار ثابت ما لم يحصل افتراق ، وهنا لم يحصل افتراق ، لعدم ما يحصل به الافتراق ، وهو التعدد : ومع كونه محتملا لعدم الملكة ـ أي عدم الافتراق عما شأنه الافتراق ـ فيبطل الخيار هنا بناء على هذا الاحتمال ، فإنه يمكن ان يقال : ان صدر الخبر وهو قوله «البيعان بالخيار» دل على ثبوت الخيار ، فيثبت الخيار بذلك ويحصل الشك في المسقط بناء على الاحتمالين المذكورين ، فيجب استصحاب الحكم الأول الى ان يثبت المزيل.

قال في الدروس والعاقد عن اثنين له الخيار ويبطل كلما يبطل به خيار المتعاقدين ، وهو ظاهر في اختيار هذا الاحتمال.

وأما الوجه في الاحتمال الثالث ـ وهو عدم ثبوته أصلا ـ فلان ظاهر الاخبار المتقدمة هو المغايرة بين المتعاقدين والتعدد فيها ، ودعوى عموم ذلك الوكيل أو الولي عن اثنين خروج عن ظاهر اللفظ ، ومع تسليمه فإن الإطلاقات في الاخبار انما تحمل على الأفراد الشائعة المتكررة ، وهي المتبادرة عند الإطلاق ، كما قرروه في غير موضع.

وما أورده على ذلك القول ـ الذي نقله الشيخ في المبسوط ، وضعفوه به ـ وارد عليهم في هذا المقام ، وأنه ان وجب الوقوف على ظاهر النص ففي الموضعين ، وان قيل بالتخريج والتحمل في التأويل والخروج عن الظاهر ، فلا معنى لردهم ذلك القول ، كما لا يخفى على المنصف.

وأما ما ذكروه في قوله «ما لم يفترقا» من احتمال الحمل على السلب فلا يخلو من مسامحة ، فإن المتبادر من هذه العبارة بالنظر الى صدر الخبر هو توجه النفي إلى القيد خاصة دون المقيد. وهم قد صرحوا في محاوراتهم في هذا البحث بأن

١٥

معناه أن المتبايعين بالخيار ما لم يفارق أحدهما الآخر ، ويحصل البعد بينهما بما يزيد على وقت العقد ، فالمنفي انما هو الافتراق ، دون من يترتب عليه الافتراق ، وهما البيعان ، ومبنى كلامهم المتقدم انما يتم على رجوع النفي إلى القيد والمقيد ، وهو خلاف ظاهر سياق الخبر كما عرفت.

ويؤيد ما ذكرناه ـ ما قدمنا ذكره ـ من أن مقتضى العقد اللزوم كتابا وسنة ، وإثبات الخيار الموجب للخروج عن ذلك يحتاج الى دليل واضح ، والركون الى هذه التعليلات العليلة وبناء الأحكام الشرعية عليها مجازفة ظاهرة.

وبذلك يظهر رجحان وجه المذكور وأنه لا خيار في هذه الصورة ، واليه يميل كلام المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد والفاضل الخراساني في الكفاية.

وبالتوقف في هذه المسألة من أصلها صرح شيخنا المحقق الشيخ على في شرح القواعد ، حيث قال بعد البحث في المسألة : وانا في المسألة من المتوقفين وهو في محله ، واليه يميل كلام المسالك ، الا أنه قال بعد ذلك «والأوسط أوسط»

الثاني ـ المشهور في كلام الأصحاب أنه لو اشترى من ينعتق عليه كالأب والابن ونحوهما فإنه لا خيار للمشتري ، والظاهر أن الوجه فيه الترجيح لأدلة العتق الدالة على أن من اشترى أباه مثلا فإنه ينعتق عليه ، فلا خيار له بأن يجعله رقا بعد أن صار معتقا ، ولانه لم يعهد من الشارع عود المعتق رقا.

وربما قيل باحتمال عدم الملك في زمن الخيار ، وفيه ما تقدم من أن مقتضى العقد اللزوم ، فالعقد مملك ومتى ثبت الملك ترتب عليه الانعتاق : والى القول بذلك يميل كلام المحقق الأردبيلي «قدس‌سره» في شرح الإرشاد ، وكذا ظاهرهم أيضا أنه لا خيار للبائع ، خصوصا مع علمه بانعتاقه على المشترى.

واليه يميل أيضا كلام المحقق المشار اليه قال بعد الكلام في المسألة : «ولعل ترجيح العتق الذي يرجح عندهم بأدنى شي‌ء لا يبعد عملا بمقتضى العقد من غير لزوم محذور

١٦

الا تخصيص دليل الخيار على تقدير القول بعمومه ، على أن في عمومه تأملا فتأمل. ولا إجماع حتى يلزم خلافه ، بل تخصيصه أيضا.

أقول : والتحقيق هنا هو أنه قد تقابل إطلاق الاخبار الدالة على العتق في مثل هذه الصورة ، وإطلاق الاخبار الدالة على خيار المجلس هنا ، وتخصيص أحد الإطلاقين بالآخر يحتاج الى دليل واضح ، وليس فليس ، والركون الى هذه الاحتمالات المذكورة الناشئة عن مجرد الدعوى ليس بشي‌ء في مقام التحقيق.

هذا بالنسبة إلى المشترى وأما بالنسبة إلى البائع فلا أعرف لهم حجة واضحة في إسقاط خياره ، وبه يعظم الإشكال في هذا المجال.

قال : في الدروس : أسقط الفاضل الخيار في شراء القريب ، أما المشتري فلعتقه عليه ، ولأنه وسن نفسه على الغبن ، إذ المراد به العتق ، وأما البائع فلما ذكر ولتغليب العتق ، ويحتمل ثبوت الخيار لهما بناء على أن الملك نافذ بانقضاء الخيار وثبوته للبائع ، لأن نفوذ العتق لا يزيل حقه السابق ، وحينئذ يمكن وقوف العتق ونفوذه فيغرم المشتري القيمة لو فسخ البائع ويجرى مجرى التلف الذي لا يمنع من الخيار ، انتهى.

وظاهره التوقف في المسألة حيث نسب الإسقاط إلى الفاضل ، وأردفه بهذا الاحتمال الذي جمد عليه ، ولم يتعرض للقدح فيه.

وحاصل معنى ما ذكره تخصيص أدلة العتق بأدلة الخيار ، بأن يقال : انه يحتمل ثبوت الخيار لهما بناء على ان الانعتاق يتوقف على الملك ، والملك النافذ الذي يترتب عليه العتق انما يحصل بانقضاء الخيار ، وإسقاطه بأحد المسقطات المتقدمة منهما معا.

ويحتمل ثبوت الخيار للبائع خاصة ، أما المشتري فإنه ينعتق عليه بمجرد

١٧

الشراء وانعتاقه على المشترى لا يزيل حق البائع الحاصل بمجرد العقد السابق على الانعتاق ، وحينئذ يمكن وقوف العتق على انقضاء الخيار كما هو الاحتمال الأول ، ويمكن نفوذه بناء على الاحتمال الثاني بأن ينعتق على المشترى ويبقى خيار البائع ، فإن اختار الفسخ فليس له تسلط على العبد لانعتاقه وانما يرجع بقيمته اجراء للعبد هنا مجرى المبيع التالف.

ومن ذلك يظهر لك أن المسألة محل توقف واشكال ومنشأ الاشكال ما عرفت من تعارض اخبار العتق وإطلاق أخبار الخيار.

وظاهر الأصحاب إبقاء أخبار العتق على إطلاقها ، وتخصيص اخبار الخيار بها ، فخيار المجلس عندهم ثابت إلا في هذا الموضع.

وظاهر الاحتمال الذي ذكره شيخنا المذكور العكس ، ولا أعرف مرجحا لأحد الطرفين. وبه يظهر الاشكال. والله سبحانه وأولياؤه العالمون بحقيقة الحال.

الثالث ـ قد صرح غير واحد من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بان هذا الخيار مختص بالبيع بجميع أنواعه إلا ما عرفت مما وقع فيه الاشكال والخلاف ولا يثبت في غير البيع من عقود المعاوضات ، وان قام مقام البيع كالصلح ، ووجهه ظاهر لأن الاخبار انما وردت في البيع ، وحمل غيره عليه قياس لا يوافق أصول المذهب.

ونقل عن الشيخ في المبسوط أنه أثبته في العقود الجائزة ، مثل الوكالة والمضاربة والوديعة.

ورد بأنه غير جيد ، لان العقود الجائزة يصح فسخها في المجلس وبعده ، فلا معنى لإثبات خيار المجلس فيها. وهو جيد.

الرابع ـ قال في الدروس : ويثبت في بيع خيار الرؤية ، ولا يمنعه اجتماع الخيارين ، وكذا بيع خيار الشرط والحيوان ، وكذا يثبت في بيع الصرف تقابضا

١٨

أولا ، فإن التزما به قبل القبض وجب على القابل ، فلو هرب أحدهما عصى ، وانفسخ العقد ، ولو هرب قبل الالتزام فلا معصية ، ويحتسل قويا عدم العصيان مطلقا ، لان للقبض مدخلية في اللزوم فله تركه.

الخامس ـ قال أيضا في الكتاب المذكور : لو تنازعا في التفرق حلف المنكر ولو تنازعا في الفسخ وكانا قد تفرقا قدم منكره ، ولو قال أحدهما ، تفرقنا قبل الفسخ ، وقال الأخر : فسخنا قبل التفرق احتمل تقديم الأول لأصالة بقاء العقد ، وتقديم الثاني ، لأنه يوافقه عليه ويدعى فساده والأصل صحته ، ولان الفسخ فعله انتهى.

وروى الشيخ عن الحسين بن عمر بن يزيد (١) عن أبيه عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا التاجران صدقا بورك لهما ، فإذا كذبا وخانا لم يبارك لهما وهما بالخيار ما لم يفترقا ، فان اختلفا فالقول قول رب السلعة أو يتتاركا».

السادس ـ قال : لو تناديا بالعقد على بعد مفرط صح العقد ولهما الخيار على الأقوى وان تقاربا بالتنقل ، ووجه عدم الخيار انه لا يجمعهما مجلس عرفا.

الثاني خيار الحيوان

والشرط فيه ثلاثة أيام والمشهوران الخيار للمشتري خاصة ، وعن المرتضى ثبوته للبائع أيضا ويظهر من المسالك ترجيحه وكذا من المحدث الكاشاني في المفاتيح.

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ٢٦ الكافي ج ٥ ص ١٧٤ الوسائل الباب ـ ١ من أبواب الخيار الرقم ٦.

١٩

وقيل بثبوته لهما فيما لو كان الثمن حيوانا ، ونفى عنه البعد المحقق الشيخ على في شرح القواعد قال : لان فيه جمعا بين الاخبار الا انه استوجه العمل بالمشهور ، ونقل عن ابى الصلاح انه ذهب الى ثبوت الخيار في الإماء مدة الاستبراء.

واستدل للقول المشهور بصحيحة الفضيل (١) وقد تقدمت في روايات خيار المجلس : وموثقة الحسن بن على بن فضال (٢) قال : «سمعت أبا الحسن على بن موسى الرضا (عليه‌السلام) يقول : صاحب الحيوان المشترى بالخيار ثلاثة أيام».

ورواية على بن أسباط (٣) عن ابى الحسن الرضا (عليه‌السلام) قال : «سمعته يقول : الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري» الحديث.

وصحيحة الحلبي المروية في الفقيه (٤) عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) قال : «في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري ، فهو بالخيار إن اشترط أو لم يشترط». ورواه الشيخ أيضا في الصحيح عن الحلبي مثله.

وصحيحة ابن رئاب (٥) عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) قال : «الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري اشترط أو لم يشترط» الحديث.

وفي الكفاية ادعى دلالة صحيحة زرارة (٦) وصحيحة محمد بن مسلم (٧) على هذا القول ـ فإن أراد بهما الروايتين الآتيتين ـ في أدلة المرتضى (رضى الله عنه) ـ فهما بالدلالة على خلاف ما يدعيه أشبه ، والا فليس في الباب سواهما ، وهذه روايات

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ١٧٠.

(٢) التهذيب ج ٧ ص ٦٧ الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الخيار.

(٣) التهذيب ج ٧ ص ٦٤ الكافي ج ٥ ص ٢١٦.

(٤) الفقيه ج ٣ ص ١٢٦ التهذيب ج ٧ ص ٢٤.

(٥) التهذيب ج ٧ ص ٢٤ الكافي ج ٥ ص ١٦٩.

(٦ و ٧) التهذيب ج ٧ ص ٢٣.

٢٠