الحدائق الناضرة - ج ١٧

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٧

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٨

وقد تقدمه في الحمل على ذلك شيخه المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد ، وتبعهما المحقق الشيخ حسن في كتاب المنتقى ، فقال بعد نقل صحيحة محمد بن مسلم : «وينبغي أن يكون وجه الجمع بين هذا وبين خبر علي بن جعفر المتضمن لكون الأضحى في غير منى ثلاثة أيام ارادة الفضيلة في اليوم والاجزاء في الزائد ، لا ما ذكره الشيخ من حمل هذا الخبر على إرادة الأيام التي لا يجوز فيها الصوم» انتهى.

أقول : ومما يدل على ما ذكروه (نور الله تعالى مراقدهم) ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم (١) عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم‌السلام) قال : «الأضحى ثلاثة أيام ، وأفضلها أولها». وبه يزول الاشكال المشار إليه آنفا.

وأما أن الذبح يجوز إلى تمام ذي الحجة وإن أثم بتأخيره فلم أقف فيه على خبر صريح إلا ما عرفته من كلام المحقق المشار إليه واستدلاله الذي اعتمد عليه ، مع أنه قد روى الكليني والشيخ في التهذيب عن أبي بصير (٢) عن أحدهما (عليهما‌السلام) قال : «سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال : بل يصوم ، فإن أيام الذبح قد مضت».

وحمله الشيخ في الاستبصار على من لم يجد الهدي ولا ثمنه وصام الثلاثة الأيام ثم وجد ثمن الهدي فعليه أن يصوم السبعة.

قال في الدروس : «ويشكل بأنه إحداث قول ثالث إلا أن يبنى على

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

٨١

جواز صيامه في أيام التشريق».

أقول : وفيه أيضا أن الشيخ نفسه قد روى هذه الرواية في التهذيب بسند آخر (١) وفيها : «عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي ولم يصم الثلاثة الأيام».

وهي صريحة في رد هذا الحمل وبطلانه.

وظاهر الصدوق في الفقيه الإفتاء بمضمون هذه الرواية ، حيث قال : «وإذا لم يصم الثلاثة الأيام فوجد بعد النفر ثمن الهدي فإنه يصوم الثلاثة الأيام ، لأن أيام الذبح قد مضت».

والمسألة لا تخلو من شوب الاشكال ، وسيأتي إنشاء الله تعالى ما ينتظم في سلك هذا المقال.

فائدتان

الأولى : قال العلامة في المنتهى بعد ذكر الكلام المتقدم نقله عنه : «فرع : الليالي المتخللة لأيام النحر قال أكثر فقهاء الجمهور إنه يجزئ فيها ذبح الهدي ، لأن هاتين الليلتين داخلتان في مدة الذبح ، فجاز الذبح فيها كالأيام ، احتجوا بقوله تعالى (٢) «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ» والليالي تدخل في اسم الأيام» ثم أجاب بالمنع من ذلك.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

(٢) سورة الحج : ٢٢ ـ الآية ٢٨.

٨٢

وظاهر شيخنا في الدروس الجواز ، حيث قال : «لو ذبح ليالي التشريق فالأشبه الجواز ، وإن منعناه فهو مقيد بالاختيار ، فيجوز مع الاضطرار ، نعم يكره اختيارا وكذا الأضحية».

أقول : والمسألة عندي محل توقف في حال الاختيار ، لعدم النص الوارد في ذلك.

الثانية :

روى الشيخ (رحمه‌الله) في الصحيح عن عبد الله بن سنان (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «لا بأس أن يرمي الخائف بالليل ويضحي ويفيض بالليل».

وروى الكليني في الصحيح أو الحسن عن زرارة ومحمد بن مسلم (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (عليه‌السلام) «في الخائف أنه لا بأس أن يضحى بالليل» الحديث.

أقول : ويستفاد منهما جواز تقديم الذبح على وقته ـ وهو يوم النحر ـ في مقام العذر عن الإتيان به في وقته. ومنهما يستفاد أيضا الجواز في الفائدة السابقة في مقام الاضطرار أيضا ، والله العالم.

الثانية عشر :

قد ذكر الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) أنه لا يجب بيع ثياب التجمل في الهدي إذا لم يجد ثمنه ، بل يقتصر على الصوم.

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ ـ ٢.

٨٣

واستدل عليه الشيخ في التهذيب بما رواه عن علي بن أسباط عن بعض أصحابه (١) عن أبي الحسن الرضا (عليه‌السلام) قال : «قلت له : رجل تمتع بالعمرة إلى الحج وفي عيبته ثياب إله أن يبيع من ثيابه شيئا ويشتري بدنة؟ قال : لا ، هذا يتزين به المؤمن ، يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئا».

قال في المدارك بعد نقل ذلك : «والرواية ضعيفة السند بالإرسال وغيره ، ولكن لا ريب في عدم وجوب بيع ما تدعو الضرورة إليه من ذلك وغيره».

وفيه (أولا) أن الطعن بضعف السند لا يقوم حجة على الشيخ وأمثاله ، كما عرفت في غير مقام مما تقدم.

و (ثانيا) أنه قد روى الشيخ في التهذيب عن أحمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي (٢) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن المتمتع يكون له فضول من الكسوة بعد الذي يحتاج إليه ، فتسوى تلك الفضول مائة درهم يكون ممن يجب عليه؟ فقال : له بد من كراء ونفقة؟ فقلت : له كراء وما يحتاج إليه بعد هذا الفضل من الكسوة ، قال : وأي شي‌ء كسوة بمأة درهم؟ هذا مما قال الله عزوجل (٣) : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ)». وطريق الشيخ إلى أحمد بن محمد بن عيسى في مشيخة الكتاب صحيح ، فتكون الرواية

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢ ـ ١.

(٣) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٦.

٨٤

صحيحة صريحة في المدعى.

بقي الكلام فيما لو باع والحال هذه من الثياب المذكورة واشترى هديا فهل يجزئ عنه؟ إشكال من أن ظاهر الخبرين المذكورين انتقال فرضه إلى الصيام في هذه الحال فلا يجزؤه ، لتعين الصوم عليه ، ومن انه يحتمل أن يكون ذلك على وجه الرخصة ونفي اللزوم ، قال الشيخ في التهذيب : «لا يلزمه بيعها ـ أي ثياب الزينة ـ في ثمن الهدي ، بل يجزوه الصوم» وهو ظاهر في الرخصة.

وقال في المدارك بعد قصره الحكم على ما تدعو الحاجة إليه باعتبار طعنه في الرواية ـ كما قدمنا نقله عنه ـ ما لفظه : «ولو باع شيئا من ذلك مع الحاجة إليه واشترى بثمنه هديا قيل أجزأ ، كما لو تبرع عليه متبرع بالهدي ، ويمكن المناقشة فيه بأن الآتي بذلك آت بغير ما هو فرضه ، إذ الفرض الإتيان بالبدل والحال هذه ، والحاقه بحال التبرع قياس مع الفارق».

أقول : بل الوجه في أحد طرفي الاشكال إنما هو ما ذكرناه من الاحتمال وهو مما لا مدفع له في هذا المجال ، والله العالم.

٨٥

المقام الثاني

في صفاته

والكلام فيها في موضعين :

الأول :

في ما يجب منها :

وهو ثلاثة ، الأول : الجنس ، ويجب أن يكون أحد النعم الثلاثة : الإبل والبقر والغنم إجماعا من العلماء ، ويدل عليه بعد الآية ـ وهي قوله عزوجل (١) «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ ، فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ» ـ عدة أخبار.

منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة بن أعين (٢) عن أبي جعفر (عليه‌السلام) «في المتمتع قال : عليه الهدي ، فقلت : وما الهدي؟ قال : أفضله بدنة وأوسطه بقرة وأخسه شاة».

وما رواه في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار (٣) قال : «قال

__________________

(١) سورة الحج : ٢٢ ـ الآية ٢٨.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥. راجع التعليقة (٢) من ص ٢٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

٨٦

أبو عبد الله (عليه‌السلام) إذا رميت الجمرة فاشتر هديك إن كان من البدن أو من البقر ، وإلا فاجعله كبشا سمينا فحلا ، فان لم تجده فموجوء من الضأن ، فان لم تجد فتيسا فحلا فان لم تجد فما تيسر عليك ، وعظم شعائر الله ، فان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ذبح عن أمهات المؤمنين بقرة بقرة ، ونحر بدنة».

وعن أبي بصير (١) قال : «سألته عن الأضاحي ، فقال : أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر ، وقال : ذو الأرحام ، وقال : ولا يضحى بثور ولا جمل».

وعن داود الرقي (٢) قال : «سألني بعض الخوارج عن هذه الآية «مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ... وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ» (٣) ما الذي أحل الله من ذلك وما الذي حرم؟ فلم يكن عندي فيه شي‌ء ، فدخلت على أبي عبد الله (عليه‌السلام) وأنا حاج فأخبرته بما كان ، فقال : إن الله عزوجل أحل في الأضحية بمنى الضأن والمعز الأهلية ، وحرم أن يضحي بالجبلية وأما قوله «وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ» فان الله تعالى أحل في الأضحية الإبل العرب ، وحرم فيها البخاتي وأحل البقر الأهلية أن يضحى بها ، وحرم الجبلية ، فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب ، فقال : هذا شي‌ء حملته الإبل من الحجاز».

وروى العياشي في تفسيره عن صفوان الجمال (٤) قال : «كان متجري

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥ ـ ٦.

(٣) سورة الأنعام : ٦ ـ الآية ١٤٣ و ١٤٤.

٨٧

إلى مصر وكان لي بها صديق من الخوارج ، فأتاني في وقت خروجي إلى الحج ، فقال لي : هل سمعت شيئا من جعفر بن محمد في قوله عزوجل : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) ، (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) أيما أحل وأيما حرم؟؟ فقلت : ما سمعت منه في هذا شيئا ، فقال لي : أنت على الخروج فأحب أن تسأله عن ذلك ، قال فحججت فدخلت على أبي عبد الله (عليه‌السلام) فسألته عن مسألة الخارجي ، فقال : حرم من الضأن ومن المعز الجبلية ، وأحل الأهلية ، وحرم من البقرة الجبلية ، ومن الإبل البخاتي يعني في الأضاحي ، قال : فلما انصرفت أخبرته ، فقال : أما أنه لو لا ما أهراق أبوه من الدماء ما اتخذت إماما غيره».

الثاني : السن ، قال في المنتهى : «ولا يجزئ في الهدي إلا الجذع من الضأن والثني من غيره ، والجذع من الضأن الذي له ستة أشهر ، وثني المعز والبقر ما له سنة ودخل في الثانية ، وثني الإبل ما له خمس سنين ودخل في السادسة».

وقال في الدروس : «ولا يجزئ غير الثني ، وهو من البقر والمعز ما دخل في الثانية ، ومن الإبل ما دخل في السادسة ، ومن الضأن ما كمل له سبعة أشهر ، وقيل ستة أشهر» وعلى هذا النحو عبائر جملة من الأصحاب.

أقول : أما أنه لا يجزى إلا هذه الأسنان من الجذع في الضأن والثني في غيره فهو مذهب كافة الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) وأكثر العامة كما ذكره في المنتهى.

ويدل عليه من الأخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان (١)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

٨٨

قال سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : يجزئ من الضأن الجذع ، ولا يجزئ من المعز إلا الثني». وفي الصحيح عن عيص بن القاسم (١) عن أبي عبد الله عن علي (عليهما‌السلام) «أنه كان يقول : الثنية من الإبل والثنية من البقر والثنية من المعز ، والجذعة من الضأن». وفي الصحيح عن حماد بن عثمان (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن أدنى ما يجزئ من أسنان الغنم في الهدي ، فقال : الجذع من الضأن ، قلت : فالمعز؟ قال : لا يجوز الجذع من المعز ، قلت : ولم؟ قال : لأن الجذع من الضأن يلقح ، والجذع من المعز لا يلقح».

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الإبل والبقر أيهما أفضل أن يضحي بها؟ قال : ذوات الأرحام ، وسألته عن أسنانها ، فقال : أما البقر فلا يضرك بأي أسنانها ضحيت ، وأما الإبل فلا يصلح إلا الثني فما فوق».

وفي الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار (٤) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) في حديث قال : «ويجزئ في المتعة الجذع من الضأن ، ولا يجزئ جذع من المعز».

وعن محمد بن حمران (٥) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «أسنان البقر تبيعها ومسنها في الذبح سواء». أقول : والتبيع هو ما دخل في الثانية.

وعن أبي بصير (٦) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) في حديث قال :

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الذبح الحديث ١ ـ ٤ ـ ٥ ـ ٦ ـ ٧ ـ ٨.

٨٩

«يصلح الجذع من الضأن ، وأما الماعز فلا يصلح».

وعن سلمة بن حفص (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «كان علي (عليه‌السلام) ـ الى أن قال ـ : وكان يقول : يجزئ من البدن الثني ، ومن المعز الثني ، ومن الضأن الجذع».

وأما أن الثني من أسنان الإبل والبقر والغنم والجذع من الضأن ما تقدم نقله عنهم فهو المشهور في كلامهم ، وقد تقدم في كتاب الزكاة (٢) ذكر الاختلاف في هذه الأسنان بين كلام الأصحاب وكلام أهل اللغة ، بل بين كلام أهل اللغة بعضهم مع بعض ، والواجب الرجوع إلى الاحتياط.

إلا أن الموجود في كتاب الفقه الرضوي هنا ما يدل على القول المشهور ، حيث قال (عليه‌السلام) (٣) : «ولا يجوز في الأضاحي من البدن إلا الثني ، وهو الذي تم له خمس سنين ودخل في السادسة ، ويجزئ من

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٩ عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام.

(٢) راجع ج ١٢ ص ٦٦ ـ ٦٨.

(٣) المستدرك ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢ والبحار ج ٩٩ ص ٢٩٠. وفيهما «ولا يجوز في الأضاحي من البدن إلا الثني ، وهو الذي تمت له سنة ويدخل في الثاني ، ومن الضأن الجذع لسنة» والموجود في فقه الرضا ص ٢٨ أيضا كذلك.

٩٠

المعز والبقر الثني ، وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية ، ومن الضأن الجذع لسنته».

وبهذه العبارة بعينها عبر الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وقال في باب الأضاحي : «ولا يجوز في الأضاحي من البدن إلا الثني» إلى آخر ما نقلناه من الكتاب ، وبذلك يظهر قوة القول المشهور ويتعين العمل به.

والمراد بقوله (عليه‌السلام) : «ومن الضأن الجذع لسنته» يعني بعد أن يجذع إلى تمام السنة ، فإذا كملت له السنة ودخل في غيرها خرج عن هذا الاسم إلى غيره ، وبذلك عبر جملة من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) كالمحقق في الشرائع.

الثالث : أن يكون تاما ، وهو يتضمن أمورا :

(منها) أن لا يكون أعور ولا أعرج بين العرج.

ويدل على ذلك ما رواه الصدوق والشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر (١) «أنه سأل أخاه موسى (عليه‌السلام) عن الرجل يشتري الأضحية عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها هل يجزئ عنه؟ قال : نعم إلا أن يكون هديا واجبا ، فإنه لا يجوز أن يكون ناقصا».

وما رواه في الكافي عن السكوني (٢) عن جعفر عن أبيه عن آبائه

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥ مع اختلاف يسير في اللفظ.

٩١

(عليهم‌السلام) قال : «قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : لا تضحي بالعرجاء ولا بالعجفاء ولا بالخرقاء ولا بالجذاء ولا بالعضباء».

أقول : العجفاء : المهزولة ، والخرقاء : المخروقة الأذن أو التي في أذنها ثقب مستدير ، والجذاء : المقطوعة ، والمراد هنا المقطوعة الاذن ، والعضباء : المكسورة القرن الداخل أو مشقوقة الاذن.

وما رواه في التهذيب عن السكوني (١) عن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم‌السلام) ورواه الصدوق مرسلا (٢) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : لا تضحي بالعرجاء بين عرجها ، ولا بالعوراء بين عورها ، ولا بالعجفاء ، ولا بالخرماء ، ولا بالجذاء ، ولا بالعضباء». وفي الفقيه «الجرباء» بدل «الخرماء» و «الجدعاء» مكان «الجذاء» و «الجدعاء» بالجيم والمهملتين : المقطوعة الأنف والاذن ، و «الخرماء» بالخاء المعجمة والراء : المثقوبة الاذن والمشقوقة.

وما رواه الشيخ في التهذيب مسندا عن شريح بن هاني (٣) عن علي (عليه‌السلام) والصدوق (رحمه‌الله) مرسلا (٤) عن علي (عليه‌السلام) قال : «أمرنا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في الأضاحي أن نستشرف العين والاذن ، ونهانا عن الخرقاء والشرقاء والمقابلة والمدابرة».

__________________

(١ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ ـ ٢.

(٢) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ وذكره في الفقيه ـ ج ٢ ص ٢٩٣ ـ الرقم ١٤٥٠.

(٤) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢ وذكره في الفقيه ـ ج ٢ ص ٢٩٣ ـ الرقم ١٤٤٩.

٩٢

قال في الوافي «نستشرف العين والاذن : أي نتفقدهما ونتأمل سلامتهما لئلا يكون فيهما نقص من عوار أو جدع من استشرفت الشي‌ء إذا وضعت يدك على حاجبك تنظر إليه حتى يستبين أو تطلبهما شريفتين بالتمام والسلامة ، والشرقاء بالقاف : مشقوقة الأذن طولا باثنتين ، والمقابلة والمدابرة : الشاة التي شق اذنها ثم يفتل ذلك معلقا فإن أقبل به فهو إقباله ، وإن أدبر به فادباره ، والجلدة المعلقة من الاذن هي الاقبالة والادبارة والشاة مقابلة ومدابرة» انتهى. وبنحو ذلك صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم).

قال في المدارك : «وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في العور بين كونه بينا كانخساف العين وغيره كحصول البياض عليها ، وبهذا التعميم صرح في المنتهى ، وأما العرج فاعتبر الأصحاب فيه كونه بينا ، كما ورد في رواية السكوني (١) وفسروا البين بأنه المتفاحش الذي يمنعها السير مع الغنم ومشاركتهن في العلف والمرعى ، فتهزل ، ومقتضى صحيحة علي بن جعفر (٢) عدم إجزاء الناقص من الهدي مطلقا» انتهى.

أقول : لا ريب أن صحيحة علي بن جعفر وإن دلت على ما ذكره ، لكن طريق الجمع بينها وبين رواية السكوني الثانية الدالة على تقييد العرج والعور بالبين تقييد الصحيحة المذكورة بها وحمل المطلق على المقيد ، كما هي القاعدة المطردة إلا أن مقتضى اصطلاحه الذي يعتمده أن الجمع بين الاخبار فرع تساويها في الصحة ، لكن يرد عليه الاستدلال هنا برواية السكوني ، ولعله لهذا أجمل في العبارة ، حيث اقتصر على مجرد نسبة ذلك إلى الصحيحة المذكورة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ ـ ١.

٩٣

إذا عرفت ذلك فاعلم أن مقتضى إطلاق صحيحة علي بن جعفر المتقدمة ـ أنه لو اشترى الهدي على أنه تام ثم ظهر النقصان لم يجزه ـ أعم من أن يكون ظهور النقصان بعد الذبح أو قبله ، قبل نقد الثمن أو بعده ، وكذلك أطلق جملة من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم)

قال في الشرائع : «ولو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم يجز».

قال شيخنا في المسالك : «لا فرق بين ظهور المخالفة قبل الذبح وبعده» وبنحو ذلك بل أصرح منه صرح في المدارك.

وقال في الدروس : «ولو ظن التمام فظهر النقص لم يجز».

وقال في المنتهى : «ولو اشترى على أنه تام فبان ناقصا لم يجز عنه ، لما تقدم في حديث علي بن جعفر (١)» وعلى هذا النحو كلامهم.

إلا أن المفهوم من كلام الشيخ في التهذيب الخلاف في المسألة ، حيث خص الحكم المذكور بما إذا كان قبل نقد الثمن ، قال في التهذيب : «إن من اشترى هديا فلم يعلم أن به عيبا حتى نقد ثمنه ثم وجد به عيبا فإنه يجزئ عنه».

واستدل على ذلك بما رواه عن عمران الحلبي (٢) في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «من اشترى هديا فلم يعلم أن به عيبا حتى نقد ثمنه ثم علم بعد فقد تم».

ثم قال : «ولا ينافي هذا الخبر ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

٩٤

عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) «في رجل اشترى هديا وكان به عيب عور أو غيره ، فقال : إن كان نقد ثمنه رده واشترى غيره». لأن هذا الخبر محمول على من اشترى ولم يعلم أن به عيبا ثم علم قبل أن ينقد الثمن عليه ثم نقد الثمن بعد ذلك ، فان عليه رد الهدي وأن يسترد الثمن ويشتري بدله ، ولا تنافي بين الخبرين».

وقال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : «هذا كلامه رحمه‌الله ولا بأس به». أقول : لا يخفى أن الشيخ (رحمه‌الله) إنما نقل رواية معاوية بن عمار من طريق محمد بن يعقوب ، والموجود في الكافي (٢) هكذا «فقال : إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه ، وإن لم يكن نقد ثمنه رده واشترى غيره» وعلى هذا فلا تنافي بين هذه الرواية وبين رواية عمران الحلبي المذكورة ليحتاج إلى الجمع بينهما بما ذكره ، وكأنه قد سقط من نسخة الكافي التي كانت عند الشيخ هذه الجملة المتوسطة ، أو انتقل نظره في حال النقل من «ثمنه» الأول إلى «ثمنه» الثاني من حيث الاستعجال ، وهو الظاهر كما وقع له أمثال ذلك في غير موضع.

وصاحب المدارك اعتمد على ما نقله الشيخ (رحمه‌الله) هنا من نقل رواية معاوية بن عمار بهذا المتن الذي ذكره ، ولم يراجع الكافي ، فنقل

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ والتهذيب ج ٥ ص ٢١٤ ـ الرقم ٧٢١ راجع الاستبصار ج ٢ ص ٢٦٩ ـ الرقم ٩٥٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ والكافي ج ٤ ص ٤٩٠.

٩٥

ذلك عنه في المدارك ونفى عنه البأس.

وربما وجد في بعض نسخ المدارك ما يؤذن بالعدول عما ذكره هنا والتنبيه على سهو الشيخ (رحمه‌الله تعالى) في ذلك ، إلا أن أكثر نسخ الكتاب على ما ذكرناه ، ولعله عدول منه (قدس‌سره) بعد أن خرجت نسخة الكتاب وانتشر نسخها.

وقد وقع لشيخنا الشهيد (رحمه‌الله) في الدروس مثل ما نقلناه عن المدارك من متابعة الشيخ في هذا السهو ، حيث قال : «وروى الحلبي إجزاء المعيب إذا لم يعلم بعيبه حتى نقد الثمن وروى معاوية عدم الاجزاء» انتهى.

وكيف كان فإنه لا يخفى صحة الخبرين المذكورين وصراحتهما وإن كان خبر معاوية بن عمار من قسم الحسن عندهم بإبراهيم بن هاشم الذي لا يقصر عن الصحيح عندهم وإن كان صحيحا عندنا ، وطريق الجمع بينهما وبين صحيحة علي بن جعفر المذكورة إما بتقييد إطلاق صحيحة علي بن جعفر بعدم نقد الثمن ، وإما بحملها على الهدي الواجب ، وحمل الروايتين المذكورتين على غيره.

والعجب من العلامة في المنتهى أنه نقل كلام الشيخ المذكور في فروع المسألة ولم ينكره ، ونقل في الفرع الذي بعده ما قدمنا نقله عنه من عدم الاجزاء استنادا إلى صحيحة علي بن جعفر ولم يتعرض للجواب عن كلام الشيخ ولا عن الرواية التي استدل بها ، وكذلك صاحب المدارك.

وبالجملة فطريق الاحتياط يقتضي الوقوف على ما أفتى به الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم).

و (منها) أن لا ينكسر قرنها الداخل ، وهو الأبيض الذي في وسط

٩٦

الخارج ، أما الخارج فلا اعتبار به.

ويدل على الأمرين المذكورين ما رواه الشيخ عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي جعفر عن علي عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) أنه قال : «في المقطوع القرن أو المكسور القرن إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس وإن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا».

ووصف في المدارك هذا السند بالصحة حيث أسند إلى الشيخ أنه روى هذه الرواية في الصحيح ، مع أن عليا المذكور في السند غير معلوم كما لا يخفى (٢).

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن وفي من لا يحضره الفقيه في الصحيح عن جميل (٣) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) «في الأضحية يكسر قرنها ، قال : إذا كان القرن الداخل صحيحا فهو يجزئ».

قال في الفقيه : «سمعت شيخنا محمد بن الحسن (رضي الله تعالى عنه) يقول : سمعت محمد بن الحسن الصفار (رضي الله تعالى عنه) يقول : إذا ذهب من القرن الداخل ثلثاه وبقي ثلثه فلا بأس أن يضحى به».

ورده جملة من متأخري الأصحاب لمخالفته مقتضى الروايتين المذكورتين.

قال في الدروس في عد ما لا يجزئ : «ولا مكسور القرن الداخل وإن بقي ثلثه ، خلافا للصفار».

و (منها) أن لا تكون مقطوعة الاذن ولو قليلا.

__________________

(١ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ ـ ١.

(٢) الموجود في التهذيب ج ٥ ص ٢١٣ ـ الرقم ٧١٧ «. عن أبي جعفر عن أيوب بن نوح.» ولكن في الوسائل في الباب المشار اليه آنفا «. عن أبي جعفر عن علي عن أيوب بن نوح.».

٩٧

ويدل عليه ما تقدم في روايتي السكوني (١) ورواية شريح بن هاني (٢) ويدل عليه أيضا

ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر (٣) بإسناده عن أحدهما (عليهما‌السلام) قال : «سئل عن الأضاحي إذا كانت الأذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة ، فقال : ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس».

وما رواه الكليني في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (٤) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الضحية تكون الأذن مشقوقة ، فقال : إن كان شقها وسما فلا بأس وإن كان شقا فلا يصلح».

وعن سلمة أبي حفص (٥) عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما‌السلام) قال : «كان علي (عليه‌السلام) يكره التشريم في الآذان والخرم ، ولا يرى بأسا إن كان ثقب في موضع المواسم».

والمستفاد من هذه الاخبار أنه لا بأس بالشق والثقب ما لم يوجب ذهاب شي‌ء منها.

وقد قطع الأصحاب باجزاء الجماء : وهي التي لم يخلق لها قرن والصمعاء :

وهي الفاقدة الاذن خلقة للأصل ، ولأن فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصا في قيمة الشاة ولا في لحمها ، وفي التعليل الثاني نظر ، لإتيان ذلك في مثقوبة الاذن ومشقوقها على وجه يذهب منها شي‌ء ، وهم لا يقولون به ، بل

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ و ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ ـ ٢ ـ ٣.

٩٨

الأظهر هو دخول هذه الشاة في عموم أخبار الهدي والأضحية من غير معارض يوجب الاستثناء ، ومرجعه إلى الأصل المذكور الذي هو بمعنى عموم الدليل لأنه أحد معاني الأصل كما تقدم في مقدمات الكتاب (١).

واستقرب العلامة في المنتهى إجزاء البتراء أيضا ، وهي المقطوعة الذنب ، قال في المدارك : «ولا بأس به».

أقول : ونفي البأس لا يخلو من بأس.

وقال في الدروس : «وتجزئ الجماء وهي الفاقدة القرن خلقة والصمعاء وهي الفاقدة الأذن خلقة أو صغيرتها على كراهة ، وفي إجزاء البتراء ـ وهي المقطوعة الذنب ـ قول» وظاهره التوقف في البتراء وهو في محله.

ثم إن الذي صرح به الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) في تفسير الصمعاء كما سمعت أنها هي الفاقدة الاذن أو صغيرتها ، والذي في كلام أهل اللغة إنما هو الثاني خاصة.

قال في القاموس : «الأصمع : الصغير الاذن».

وقال في النهاية الأثيرية : «الاصمع : الصغير الاذن من الناس وغيرهم ومنه حديث ابن عباس (٢) كان لا يرى بأسا أن يضحي بالصمعاء أي الصغيرة الأذنين».

وقال الفيومي في المصباح المنير : «الصمع : لصوق الأذنين وصغيرهما».

وأما إطلاقه على الفاقدة الأذنين فلم أقف عليه في شي‌ء منها ، ولم أعرف

__________________

(١) راجع ج ١ ص ٤١.

(٢) سنن البيهقي ـ ج ٩ ص ٢٧٦.

٩٩

لهم مستندا فيما ذكروه (رضوان الله تعالى عليهم).

و (منها) أن لا يكون خصيا فحلا على خلاف فيه ، فذهب الأكثر إلى عدم إجزائه ، بل ظاهر العلامة في التذكرة أنه قول علمائنا اجمع ، ونحوه في المنتهى ، ونقل في المختلف عن ابن أبي عقيل أنه يكره ، والمعتمد المشهور ، للأخبار الصحيحة الدالة على عدم الاجزاء إلا مع عدم غيره ، وبذلك صرح الشيخ (رحمه‌الله) أيضا ، حيث قال في النهاية : «لا يجوز في الهدي الخصى ، فمن ذبح خصياً وكان قادرا على أن يقيم بدله لم يجزه ذلك ، ووجب عليه الإعادة ، فان لم يتمكن من ذلك فقد أجزأ عنه».

ومن الاخبار المشار إليها ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن ابن الحجاج (١) قال : «سألت أبا إبراهيم (عليه‌السلام) عن الرجل يشتري الهدي فلما ذبحه إذا هو خصي مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصي لا يجوز في الهدي ، هل يجزوه أم يعيده؟ قال : لا يجزوه إلا أن يكون لا قوة به عليه».

وعنه في الصحيح أيضا (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يشتري الكبش فيجده خصيا مجبوبا ، قال : إن كان صاحبه موسرا فليشتر مكانه».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم (٣) عن أحدهما (عليهما‌السلام) «أنه سئل عن الأضحية فقال : أقرن فحل ـ إلى أن قال ـ : وسألته أيضحي بالخصي؟ فقال : لا».

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ ـ ٤ ـ ١.

١٠٠