الحدائق الناضرة - ج ١٧

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٧

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٨

الثالث :

لو أتى بالحلق قبل الرمي والذبح أو بينهما فالظاهر عدم التحلل إلا بكمال الثلاثة ، فإن تعليق التحلل على الحلق إنما وقع بناء على وجوب الترتيب كما قدمناه ووقوع الحلق أو التقصير آخر المناسك الثلاثة ، وعلى هذا بني الإطلاق في كلام الأصحاب وبعض الأخبار.

وفي صحيحة معاوية بن عمار (١) المتقدمة قال : «إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحل من كل شي‌ء». إلى آخره ، ونحوها صحيحة العلاء (٢) وهو مشعر بما قلنا.

الرابع :

ظاهر كلام جملة من الأصحاب ـ منهم العلامة في المنتهى والمحقق ـ أن التحلل الثاني يحصل بمجرد الطواف وإن لم يأت بالسعي معه.

قال في الدروس : «ولا يكفي الطواف خاصة على الأقوى» وهو مؤذن بالخلاف في المسألة ، والأصح التوقف في الإحلال على السعي ، لقوله (عليه‌السلام) في صحيحة معاوية بن عمار (٣) المتقدمة «فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل من كل شي‌ء أحرم منه إلا النساء».

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحلق والتقصير ـ الحديث ١ ـ ٥ ـ ١.

٢٦١

وفي صحيحة منصور بن حازم المتقدمة (١) قال : «لا حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم قد حل له كل شي‌ء إلا النساء».

وفي صحيحة أخرى لمعاوية بن عمار (٢) «ثم اخرج إلى الصفا فاصعد عليه ، واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ، ثم ائت المروة فاصعد عليها ، وطف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة ، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي‌ء أحرمت منه إلا النساء ، ثم ارجع إلى البيت وطف أسبوعا آخر ثم تصلي ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه‌السلام) ثم قد أحللت من كل شي‌ء وفرغت من حجك كله وكل شي‌ء أحرمت منه».

وبذلك يظهر أن التحليل إنما يحصل بمجموع الطواف والسعي.

بقي الكلام في أنه لو قدم الطواف والسعي المذكورين على أفعال الحج كما في المفرد والقارن مطلقا والمتمتع من الضرورة فهل يحصل الإحلال بذلك؟

قال في المدارك : «الأصح عدم حله بذلك ، بل يتوقف على الحلق المتأخر عن باقي المناسك ، تمسكا باستصحاب حكم الإحرام إلى أن يثبت المحلل ، والتفاتا إلى مكان كون المحلل هو المركب من الطواف والسعي وما قبلهما من الأفعال ، بمعنى كون السعي آخر العلة ، ثم نقل عن بعض الأصحاب أنه ذهب إلى حل الطيب بالطواف وإن تقدم ـ قال ـ : واستوجهه الشارح (قدس‌سره) وهو ضعيف».

أقول : ظاهر كلامه يؤذن بأن القائلين بالتحليل هنا إنما هو بالنسبة إلى الطيب لا مطلقا ، وظاهر كلام جده يؤذن بالعموم ، حيث قال : «أما

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحلق والتقصير ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ١.

٢٦٢

لو قدمهما كالمفرد والقارن مطلقا والمتمتع مع الاضطرار ففي حله من حين فعلهما وجهان ، أجودهما ذلك عملا بإطلاق النصوص» انتهى.

ثم أقول : لا يخفى أنه قد تقدمت الأخبار في مسألة جواز تقديم القارن والمفرد الطواف والسعي (١) دالة على أنهما يلبيان بعد الطواف والسعي لئلا يحلا ، وبذلك صرح جمهور الأصحاب.

ومنها صحيحة معاوية بن عمار أو حسنته (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال : نعم ما شاء ، ويجدد التلبية بعد الركعتين ، والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية». وقد تقدم تصريح الشيخ (رحمه‌الله تعالى) بأنهما لو لم يلبيا انقلب حجهما عمرة.

قال السيد السند (قدس‌سره) في المدارك في تلك المسألة بعد البحث فيها وإيراد بعض أخبارها ما صورته : «قال الشهيد في الشرح بعد أن أورد هذه الروايات : وبالجملة فدليل التحلل ظاهر ، والفتوى مشهورة ، والمعارض منتف وهو كذلك ، لكن ليس في الروايات دلالة على صيرورة الحجة مع التحلل عمرة كما ذكره الشيخ وأتباعه» انتهى.

وحينئذ فإذا ثبت بما ذكرناه أنه بالطواف يحصل التحلل وأنه يحتاج إلى التلبية لانعقاده فالخلاف في هذه المسألة كما نقلناه لا أعرف له وجها ، فإنه لا يخلو بعد طوافه إن كان قد جدد التلبية وربط الإحرام بها فلا معنى للقول بحل ما يحلله الطواف والسعي لو تأخرا من الطيب أو مطلقا

__________________

(١) راجع ج ١٤ ص ٣٧٦ و ٣٨٥ ـ ٣٨٧.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب أقسام الحج ـ الحديث ٢.

٢٦٣

كما هو القول الثاني ، وإن لم يجدد التلبية فقد أحل وبطل إحرامه وحجه وانقلب عمرة كما يقوله الشيخ ، فلا معنى لقول السيد (قدس‌سره) في ما قدمنا نقله عنه من أن الأصح عدم حله بذلك ، بل يتوقف على الحلق المتأخر» إلى آخر كلامه.

وبالجملة فإن هذا الخلاف إنما يتجه مع قطع النظر عن تلك المسألة وما وقع فيها من الأقوال والأخبار ، واما مع ملاحظتها فإنها تكون مبنية عليها وفرعا من فروعها ، كما عرفت.

الخامس :

قد عرفت أنه بالمحلل الثالث تحل له النساء ، وهو ظاهر في الرجل ومتفق عليه نصا (١) وفتوى.

وأما الصبي فالظاهر أنه في حكمه كما صرحوا به وإن لم يتعلق به تحريم ، حيث إنه غير مخاطب شرعا ، إلا أن الإحرام في حقه كالحدث في حال الصغر ، فإنه موجب للطهارة وإن تخلف أثره ، لفقد شرطه كالبلوغ أو وجود مانع كالحيض ، فمتى وجد شرطه وزال مانعه عمل عمله ، فكما أنه يحرم الصلاة على الصبي بعد البلوغ بالحدث السابق حتى يتطهر كذلك تحرم عليه النساء بعد البلوغ بالإحرام السابق حتى يأتي بطواف النساء.

وأما المرأة فلا إشكال في تحريم الرجال عليها بالإحرام ، لقوله

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحلق والتقصير ـ الحديث ١.

٢٦٤

عزوجل (١) «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ» والرفث الجماع بالنصوص والأخبار المتقدمة في محرمات الإحرام (٢).

والظاهر من كلام أكثر من وقفت عليه ممن صرح بالمسألة من الأصحاب أن طواف النساء هو المحلل لها كالرجل.

قال في الدروس بعد ذكر طواف النساء : «ولا تحل له النساء بدونه حتى العقد على الأقرب ، سواء كان المكلف به رجلا أو امرأة ، فيحرم عليها تمكين الزوج على الأصح» انتهى.

وقد تقدم في كلام ابن أبي عقيل أنه على تقدير الرواية الشاذة بزعمه ـ التي هي كما عرفت مستفيضة (٣) ـ يجب على المرأة كما يجب على الرجل ، وأنه لا يحل لها إلا به.

وهو أيضا صريح عبارة الشيخ على بن بابويه حيث قال : «ومتى لم يطف الرجل طواف النساء لم تحل النساء حتى يطوف ، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تجامع حتى تطوف طواف النساء ، إلا أن يكونا طافا طواف الوداع ، فهو طواف النساء».

قال العلامة في المختلف بعد نقله : «وفيه منع ، فان حملها على الرجل فقياس ، وإن استند إلى دليل فلا بد منه ، ولم نقف عليه» انتهى.

أقول : لا يخفى أن عبارة الشيخ المذكورة هنا مأخوذة من كتاب الفقه

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٧.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١ و ٤ و ٨ و ٩.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨٤ ـ من أبواب الطواف.

٢٦٥

الرضوي ، وهو المستند عنده وإن لم يصل هذا الكتاب إلى نظر شيخنا العلامة ولا غيره من المتأخرين ، كما أوضحناه في غير مقام مما تقدم.

قال (عليه‌السلام) في الكتاب المذكور (١) : «ومتى لم يطف الرجل طواف النساء لم تحل له النساء حتى يطوف ، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تجامع حتى تطوف طواف النساء». انتهى.

وظاهر العلامة في المختلف التوقف في ذلك ، حيث قال بعد نقل كلام الشيخ علي بن بابويه كما عرفت بعد كلام ابن أبي عقيل الذي قدمناه في صدر المسألة ما صورته : «المقام الثاني هل يحرم الرجال على النساء قبل أن يطفن طواف النساء؟ كلام ابن أبي عقيل يقتضي إيجاب ذلك على الرواية الشاذة عنده ، وذهب علي بن بابويه إلى ذلك أيضا ، وعندي فيه إشكال ظاهر لعدم الظفر بدليل عليه».

وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك الميل إلى كلامه في المختلف حيث قال بعد نقله ذلك عن المختلف «ووجه الاشكال ظاهر ، إذ ليس في النصوص ما يدل على حكم غير الرجل ـ ثم قال ـ ويمكن الاستدلال عليه بأن الإحرام قد حرم عليهن ذلك فيجب استصحابه إلى أن يثبت المزيل ، وهو غير متحقق قبل طواف النساء ، ويشكل بالأخبار (٢) الدالة على حل كل ما عدا الطيب والنساء والصيد بالحلق ، وما عدا النساء بالطواف ، فإنها متناولة للمرأة ، ومن جملة ذلك حل الرجال ، فالمسألة موضع إشكال» انتهى.

__________________

(١) المستدرك ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ و ١٤ ـ من أبواب الحلق والتقصير.

٢٦٦

واعترضه سبطه في المدارك بعد استدلاله على تحريم الرجال على النساء بآية (١) «فَلا رَفَثَ» فقال بعد نقل ملخص كلامه «وأقول : إنا قد بينا الدليل الدال بعمومه على التحريم ، مع أن أحكام النساء في مثل ذلك لا تذكر صريحا غالبا ، وإنما تذكر بالفحوى والكنايات ، كما وقع في الروايات المتضمنة لتحريم أصل الفعل عليهن ، وما اعتبره الشارح غير واضح ، فان الروايات المتضمنة لتلك الأحكام غير متناولة للنساء صريحا ، بل هي مختصة بالرجال ، وأحكام النساء إنما تستفاد من أدلة أخر ، كالإجماع على مساواتهن للرجال في ذلك» انتهى.

أقول : فيه أن ما ذكره من الدليل إشارة إلى الآية التي قدمها ، فقد أشار إليه جده في كلامه بقوله : «ويمكن الاستدلال عليه بأن الإحرام حرم عليهن ذلك فيجب استصحابه إلى أن يثبت المزيل» ولكنه اعترض هذا الدليل بالروايات الدالة على حل كل ما عدا الطيب والنساء والصيد للمحرم بعد الحلق والتقصير ، فإنها شاملة بإطلاقها أو عمومها للرجال والنساء ، ومن جملة ما يحرم على المرأة حال الإحرام الرجال ، فيحل لها بعد التقصير بموجب إطلاق هذه الأخبار.

وقوله في الجواب عن ذلك : «إن هذه الروايات غير متناولة للنساء صريحا» وإن كان كذلك لكنها متناولة لهن بالقرائن التي ذكرها من الإجماع ونحوه ، فإنه لا خلاف في حل جميع المحرمات على النساء بعد التقصير إلا ما ذكره من الصيد والطيب والنكاح على الخلاف المذكور وحينئذ فتكون هذه الروايات بمعونة ما ذكر شاملة لتحليل الرجال عليهن

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٧.

٢٦٧

هذا ما ذكروه (نور الله مراقدهم) في هذا المقام.

وأنت خبير بأنه قد تقدمت جملة من الأخبار في المسألة الثانية من المسائل الملحقة بالمطلب الأول من المقدمة الرابعة (١) صريحة الدلالة في توقف حل الرجال للمرأة على إتيانها بطواف النساء.

ومن تلك الاخبار ما رواه في الكافي عن العلاء بن صبيح وعبد الله بن الحجاج وعلي بن رئاب وعبد الله بن صالح (٢) كلهم يروونه عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها وبين التروية ، فإن طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة ، وإن لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت واحتشت وسعت بين الصفا والمروة ثم خرجت إلى منى ، فإذا قضت المناسك وزارت البيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها ، ثم طافت طوافا للحج ، ثم خرجت فسعت ، فإذا فعلت ذلك فقد أحلت من كل شي‌ء يحل منه المحرم إلا فراش زوجها ، فإذا طافت أسبوعا آخر حل لها فراش زوجها». ونحوها غيرها مما تقدم.

وبذلك يظهر صحة ما ذكره المتقدمون من الحكم المذكور ، وقد عرفت أيضا دلالة عبارة كتاب الفقه على ذلك. والأخبار المتقدمة الدالة على أنه بطواف النساء يحل للمحرم جميع ما حرمه الإحرام ، وهي شاملة بإطلاقها للرجال والنساء ، فيحكم باستصحاب التحريم حتى يثبت المحلل ، والله العالم.

السادس :

قالوا : لو قدم طواف النساء حيث يسوغ ذلك ففي حل النساء للرجل

__________________

(١) راجع ج ١٤ ص ٣٤٢ ـ ٣٤٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨٤ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ١.

٢٦٨

وحل الرجل للنساء بفعله أو توقف ذلك على الحلق أو التقصير ما تقدم في البحث من التنبيه عليه في الموضع الثالث (١).

أقول : وفيه ما قدمناه ذيل كلامهم في الموضع المشار إليه ، وقد تلخص مما تقدم أنه متى طاف الطوافين أعني طواف الزيارة وطواف النساء وسعى قبل الموقفين في موضع الجواز فليس إلا تحلل واحد ، وهو عقيب الحلق أو التقصير بمنى ، ولو كان المتقدم طواف الزيارة وسعيه خاصة كان له تحللان :

أحدهما عقيب الحلق مما عدا النساء ، والثاني بعد طواف النساء لهن ، فان قلنا إنه يتحلل من الطيب بطواف الزيارة وسعيه وإن تقدم ـ كما هو مختار شيخنا الشهيد الثاني ـ وكذلك لو قدم طواف النساء فإنه يتحلل به من النساء كانت المحللات ثلاثة مطلقا.

السابع :

يكره لبس المخيط بعد الحلق وتغطية الرأس حتى يطوف ويسعى ، ويكره الطيب للمتمتع حتى يطوف طواف النساء.

ويدل على الأول جملة من الأخبار : منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) أنه قال «في رجل كان متمتعا فوقف بعرفات وبالمشعر وذبح وحلق ، قال : لا يغطي رأسه حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة ، فان أبي (عليه‌السلام) كان يكره ذلك

__________________

(١) راجع ج ١٤ ص ٣٨٨.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الحلق والتقصير ـ الحديث ١.

٢٦٩

وينهى عنه ، فقلنا : فان كان فعل ، قال : ما ارى عليه شيئا ، وإن لم يفعل كان أحب الي».

وعن محمد بن مسلم في الصحيح (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل تمتع بالعمرة فوقف بعرفة ووقف بالمشعر ورمى الجمرة وذبح وحلق أيغطي رأسه؟ فقال : لا حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة ، فقيل له : فان كان فعل ، قال : ما أرى عليه شيئا».

وعن إدريس القمي في الصحيح (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : إن مولى لنا تمتع ، فلما حلق لبس الثياب قبل أن يزور البيت ، فقال : بئس ما صنع ، قلت : أعليه شي‌ء؟ قال : لا ، قلت : فإني رأيت ابن أبي السماك يسعى بين الصفا والمروة وعليه خفان وقباء ومنطقة ، فقال : بئس ما صنع ، قلت : أعليه شي‌ء؟ قال : لا».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج (٣) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته عن رجل رمى بالجمار وذبح وحلق رأسه أيلبس قميصا وقلنسوة قبل أن يزور البيت؟ قال : إن كان متمتعا فلا ، وإن كان مفردا للحج فنعم».

قال : «وقد روي (٤) انه يجوز أن يضع الحناء على رأسه ، إنما يكره السك وضربه ، إن الحناء ليس بطيب ، ويجوز أن يغطى رأسه ، لأن حلقه له أعظم من تغطيته إياه».

أقول : قد مضى معنى السك ، وأنه طيب معروف وضربه هنا بمعنى خلطه.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الحلق والتقصير ـ الحديث ٢ ـ ٣ ـ ٤ ـ ٥.

٢٧٠

وروى عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الاسناد عن محمد بن خالد الطيالسي عن إسماعيل بن عبد الخالق (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : ألبس قلنسوة إذا ذبحت وحلقت ، قال : أما المتمتع فلا ، وأما من أفرد الحج فنعم».

ويدل على الثاني ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل (٢) قال : «كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه‌السلام) هل يجوز للمحرم المتمتع أن يمس الطيب قبل أن يطوف طواف النساء؟ فقال : لا».

وحمله الشيخ على الكراهة. لما تقدم من حل الطيب بعد طواف الزيارة.

وفيه ما عرفت في ما تقدم من أن الجمع بين الأخبار بالاستحباب أو الكراهة من غير قرينة ظاهرة محل إشكال ، وقرائن الاستحباب في الحكم الأول ظاهرة من الأخبار المذكورة وأما في هذا الخبر فليس إلا مجرد النهي الذي هو حقيقة في التحريم ، فإخراجه عن حقيقته يحتاج إلى قرينة ، ومجرد اختلاف الأخبار ليس من قرائن المجاز ، إذ لعل للخبر وجها آخر غير ما ذكر من تقية ونحوها ، والله العالم.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الحلق والتقصير ـ الحديث ٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الحلق والتقصير ـ الحديث ١.

٢٧١

المقصد الرابع

في بقية المناسك

حيث إن الواجب على الحاج بعد قضاء مناسك يوم النحر المضي إلى مكة لطواف الزيارة والسعي وطواف النساء ثم الرجوع إلى منى والمبيت بها والإتيان ببقية المناسك إلى يوم النفر ثم وداع البيت والرجوع إلى أهله فالواجب بسط الكلام في هذه الأحكام في فصول :

الأول :

في المضي إلى مكة

وقد صرح الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) بأن الأفضل المضي إلى مكة للطواف والسعي ليومه ، فإن أخره فمن غده ، ويتأكد ذلك في حق المتمتع ، فإن أخره أثم ويجزؤه طوافه وسعيه ، ويجوز للقارن والمفرد تأخير ذلك طول ذي الحجة على كراهية.

فأما ما يدل على أن الأفضل في المضي للطواف يوم النحر وإلا فمن الغد فجملة من الأخبار.

٢٧٢

منها صحيحة معاوية بن عمار (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) «في زيارة البيت يوم النحر ، قال : زره ، فان شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد ، ولا تؤخر أن تزور من يومك ، فإنه يكره للمتمتع أن يؤخره ، وموسع للمفرد أن يؤخره» الحديث.

وصحيحة عمران الحلبي (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «ينبغي للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر أو من ليلته ، ولا يؤخر ذلك».

وصحيحة معاوية بن عمار (٣) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال يوم النحر أو من الغد ولا يؤخر ، والمفرد والقارن ليسا بسواء ، موسع عليهما».

قال في الوافي : «ليسا بسواء» جملة معترضة ، والمعنى أن المتمتع ليس كالمفرد والقارن.

وصحيحة محمد بن مسلم (٤) عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال : «سألته عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال يوم النحر».

وصحيحة منصور بن حازم (٥) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : لا يبيت المتمتع يوم النحر بمنى حتى يزور البيت».

وقال في كتاب الفقه الرضوي (٦) : «وزر البيت يوم النحر أو من الغد وإن أخرتها إلى آخر اليوم أجزأك».

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ١ ـ ٧ ـ ٨ ـ ٥.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ٦.

(٦) المستدرك ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ٣.

٢٧٣

وقد اختلف الأصحاب في التأخير عن الغد للمتمتع ، فقال الشيخ المفيد والسيد المرتضى وسلار : لا يجوز للمتمتع أن يؤخر الزيارة والطواف عن اليوم الثاني من النحر ، وبه قال العلامة في المنتهى والمحقق في الشرائع.

وقال الشيخ : «لا يؤخر المتمتع إلا لعذر ، فان كان مفردا أو قارنا جاز له أن يؤخر إلى أي وقت شاء».

وقال ابن إدريس : «يستحب أن لا يؤخر إلا لعذر ، فإن أخره لعذر زار البيت من الغد ، ويستحب له أن لا يؤخر طواف الحج وسعيه أكثر من ذلك ، فإن أخره فلا بأس عليه ، وله أن يأتي بالطواف والسعي طول ذي الحجة ، لأنه من شهور الحج ، وإنما تقديم ذلك على جهة التأكيد للمتمتع».

وكلام الشيخ في الاستبصار يشعر بالندب أيضا ، وإلى هذا القول مال كثير من المتأخرين منهم العلامة في المختلف والشهيدان في الدروس والمسالك والسيد السند في المدارك.

أقول : والذي وقفت عليه من أخبار المسألة زيادة على ما تقدم ما رواه الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن سنان (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «لا بأس أن يؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر».

وفي الصحيح عن عبد الله الحلبي (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح ، قال : لا بأس ، أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق ، ولكن لا يقرب النساء والطيب».

وفي الصحيح عن هشام بن سالم (٣) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام)

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ٩ ـ ٢ ـ ٣ والثاني عن عبيد الله الحلبي.

٢٧٤

قال : «لا بأس إن أخرت زيارة البيت إلى أن يذهب أيام التشريق ، إلا أنك لا تقرب النساء ولا الطيب».

وما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «لا بأس أن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر ، إنما يستحب تعجيل ذلك مخافة الأحداث والمعاريض».

وعن إسحاق بن عمار في الموثق (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن زيارة البيت تؤخر إلى اليوم الثالث ، قال تعجيلها أحب إلي ، وليس به بأس إن أخرته».

وما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر نقلا من نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الحلبي (٣) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته عن رجل أخر الزيارة إلى يوم النفر ، قال : لا بأس ، ولا يحل له النساء حتى يزور البيت ويطوف طواف النساء».

قال في المدارك بعد نقل جملة من هذه الأخبار : «وأجاب الأولون عن هذه الروايات بالحمل على المفرد والقارن ، وهو بعيد جدا ، بل

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ٩.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ١٠ وفيه «سألت أبا إبراهيم (عليه‌السلام).» كما في التهذيب ج ٥ ص ٢٥٠ ـ الرقم ٨٤٥ والاستبصار ج ٢ ص ٢٩١ ـ الرقم ١٠٣٣ والفقيه ـ ج ٢ ص ٢٤٤ ـ الرقم ١١٧٠.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ١١.

٢٧٥

الأجود حمل ما تضمن النهي عن التأخير على الكراهة ، كما يدل عليه قوله (عليه‌السلام) في صحيحة معاوية بن عمار (١) فإنه يكره للمتمتع أن يؤخر».

أقول : أما ما نقله عنهم من حمل الأخبار المذكورة واستبعده فهو في محله ، والعلامة في المنتهى انما استدل على جواز التأخير للقارن والمفرد إلى آخر ذي الحجة بهذه الروايات بناء على ما نقله عنهم من الحمل على هذين الفردين ، وبعده أظهر من أن يذكر.

وأما ما ذكره من حمل النهي عن التأخر عن اليوم الثاني على الكراهة مستندا الى قوله (عليه‌السلام) في صحيحة معاوية بن عمار (٢) : «فإنه يكره للمتمتع أن يؤخر». إنما يتم لو كانت الكراهة في عرفهم (عليهم‌السلام) بهذا المعنى الأصولي ، والمفهوم من أخبارهم هو استعمالها في التحريم في غير موضع ، وقد اعترف هو بذلك في غير موضع من شرحه.

على أن لقائل أن يقول : إن هذه الروايات كلها إنما اتفقت على التأخير إلى اليوم الثالث من النحر ، وربما أشعر بعضها بعدم التأخير بعد ذلك ، كقوله (عليه‌السلام) في صحيحة عبد الله بن سنان (٣) : «لا بأس أن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر». فإنه يشعر بحصول البأس بعد ذلك ، ومثلها صحيحة هشام بن سالم (٤) ورواية عبد الله بن سنان (٥).

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ٩ ـ ٣.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ٩ بسند الشيخ (قده).

٢٧٦

وبالجملة فغاية ما يستفاد من هذه الروايات هو أن غاية التأخير اليوم الثالث عشر ، والمدعى جواز التأخير طول ذي الحجة ، فالدليل غير منطبق على المدعى ، إلا أنه في المنتهى ـ بعد أن نسب إلى علمائنا عدم جواز التأخير عن اليوم الحادي عشر وأنه آخر وقته ـ نقل عن أبي حنيفة أن آخر وقته آخر أيام النحر ، وعن باقي الجمهور أنه لا تحديد لآخره ، فاحتمال خروج هذه الأخبار الأخيرة مخرج التقية غير بعيد ، لقول أبي حنيفة وأتباعه بمضمونها ، ومذهبه في وقته كان مشهورا ، والأخبار الأولة بعيدة عن التقية إذ لا قائل بها منهم.

وأما ما استدل به في المدارك على ما اختاره من القول المذكور بقوله عزوجل (١) «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ» وأن شهر ذي الحجة من أشهر الحج فيجوز إيقاع أفعاله فيه مطلقا الا ما أخرجه الدليل.

فلا يخفى ما فيه ، لما في الدليل المذكور من الإجمال المانع من الصلاحية للاستدلال ، فالاستدلال بأمثال هذه الأدلة مجازفة محضة ، إذ غاية ما يستفاد من الأخبار أن ذا الحجة إلى آخره من أشهر الحج باعتبار ما جوز الشارع فيه من الأفعال بعد مضي وقتها إلى آخره ، لا أنه متى وردت الأخبار بتوظيف بعض الأفعال في أيام مخصوصة جاز لنا أن تؤخرها إلى آخر ذي الحجة بناء على هذه الآية.

على أن الخصم يدعي ان هذا مما أخرجه الدليل كما اعترف به ، لأن الروايات الأولة قد دلت على أنه لا يجوز التأخير عن اليوم الثاني عشر ، والروايات الأخيرة غاية ما دلت عليه التأخير إلى اليوم الثالث عشر ،

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٧.

٢٧٧

فكيف يجوز الامتداد إلى أخر الشهر والحال هذه.

وبالجملة فالامتداد إلى آخر الشهر كما هو قول ابن إدريس ومن تبعه من الجماعة المذكورين لا أعرف له وجها وجيها.

وإنما يبقى الكلام في الجمع بين الأخبار الأولة الدالة على أنه لا يجوز التأخير عن اليوم الثاني مع الأخبار الأخيرة الدالة على جواز التأخير إلى اليوم الثالث عشر ، وقد عرفت أن احتمال التقية في الأخبار الأخيرة قائم ، واحتمال الرخصة أيضا ممكن.

ثم إنه بناء على تحريم التأخير عن اليوم الثاني فلو أخر صح طوافه وإن أثم ولا كفارة.

قال في المنتهى : «لو أخر المتمتع زيارة البيت عن اليوم الثاني من يوم النحر أثم ولا كفارة عليه ، وكان طوافه صحيحا» انتهى. ووجهه ظاهر فإن غاية ثمرة ، النهي التأثيم والنهي إنما توجه إلى أمر خارج عن العبادة وهو التأخير ، فلا يوجب بطلانها ، والأصل عدم الكفارة.

وأما ما يدل على جواز تأخير الزيارة للمفرد والقارن كما تقدم فقوله (عليه‌السلام) في صحيحة معاوية بن عمار (١) المتقدمة : «والمفرد والقارن ليسا بسواء ، موسع عليهما». والمعنى كما عرفت آنفا أن المتمتع لا يؤخر من الغد ، والمفرد والقارن موسع عليهما التأخير ، وأنهما ليسا كالمتمتع في عدم التأخير من الغد.

وإليه يشير قوله (عليه‌السلام) أيضا في صحيحة معاوية الاولى (٢) : «وموسع للمفرد أن يؤخره».

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ٨ ـ ١.

٢٧٨

ويستحب أمام دخول مكة ما تقدم في باب العمرة من الغسل لدخولها لطواف العمرة ، ويزيد هنا استحباب تقليم الأظفار وأخذ الشارب والدعاء إذا وقف على باب المسجد ، ويجزئ الغسل بمنى ، وقد تقدم الكلام في الغسل وما يجزئ من غسل اليوم ليومه والليل لليلته والانتقاض بالحدث ونحو ذلك في الباب المشار إليه (١).

فأما ما يدل هنا على استحباب هذه الأشياء فجملة من الأخبار (منها) ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «ثم احلق رأسك واغتسل وقلم أظفارك وخذ من شاربك وزر البيت» الحديث.

وعن عمران الحلبي في الصحيح (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) أتغتسل النساء إذا أتين البيت؟ فقال : نعم ، إن الله تعالى يقول (طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٤) وينبغي للعبد أن لا يدخل إلا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهر».

وما رواه في الكافي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٥) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يوم النحر يحلق رأسه ويقلم ، أظفاره ويأخذ من شاربه وأطراف لحيته».

__________________

(١) راجع ١٥ ص ١٤ ـ ١٨ وج ١٦ ص ٧٩.

(٢ و ٣ و ٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ٢ ـ ٣ ـ ١.

(٤) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٢٥.

٢٧٩

وما رواه الشيخ في الحسن عن حسين بن أبي العلاء (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته عن الغسل إذا زرت البيت من منى ، فقال : إني اغتسل بمنى ثم أزور البيت». ورواه الكليني عن الحسين بن أبي العلاء (٢) مثله.

وفي صحيحة معاوية بن عمار (٣) المتقدمة في صدر روايات أول الفصل بعد ذكر ما قدمناه منها «فإذا انتهيت إلى البيت يوم النحر فقمت على باب المسجد قلت : اللهم أعني على نسكك وسلمني له وسلمه لي ، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي وأن ترجعني بحاجتي اللهمّ إني عبدك ، والبلد بلدك ، والبيت بيتك ، جئت أطلب رحمتك ، وأوم طاعتك ، متبعا لأمرك راضيا بقدرك ، أسألك مسألة المضطر إليك ، المطيع لأمرك ، المشفق من عذابك ، الخائف لعقوبتك ، أن تبلغني عفوك ، وأن تجيرني من النار برحمتك ، ثم ائت الحجر الأسود فتستلمه وتقبله ، فان لم تستطع فاستلمه بيدك وقبل يدك ، وإن لم تستطع فاستقبله وكبر ، وقل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قدمت مكة» الحديث.

ثم إنه يأتي بالطواف والسعي ، وقد قدمنا في الباب الثاني في العمرة الكلام في الطواف والسعي مستوفى ، فلا ضرورة إلى إعادته.

بقي الكلام هنا في مسائل لم يسبق التعرض لها.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ١.

(٢) أشار إليه في الوسائل ـ في الباب ـ ٣ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ١ وذكره في الكافي ج ٤ ص ٥١١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب زيارة البيت ـ الحديث ١.

٢٨٠