الحدائق الناضرة - ج ١٧

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٧

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٨

«والرواية الأولى معتبرة الإسناد ، بل الظاهر أنها لا تقصر عن مرتبة الصحيح كما بيناه مرارا ، وأما الرواية الثانية فقاصرة من حيث السند ، لأن راويها غير موثق ، لكن ربما كان في رواية البزنطي عنه إشعار بمدحه ، لأنه ممن نقل الكشي إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه والإقرار له بالفقه. ـ ثم قال ـ : احتج ابن إدريس بأن الله تعالى نقلنا إلى الصوم مع عدم الوجدان ، والنقل إلى الثمن يحتاج إلى دليل شرعي ، وأجاب عنه في المنتهى بالمنع من عدم الوجدان ، قال : ومع ذلك فالدليل الشرعي ما بيناه من الحديثين ، فان زعم أنه لا يعمل بأخبار الآحاد فهو غلط ، إذ أكثر المسائل الشرعية مستفادة منها ، ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف ، والحق أن كلام ابن إدريس جيد على أصله. بل لو لا ما ذكرناه من قوة اسناد الروايتين لتعين المصير اليه» انتهى.

أقول : فيه (أولا) أن ما ذكره من أن الرواية الأولى معتبرة الإسناد ـ يعني باعتبار إبراهيم بن هاشم ـ وإن كان كذلك ، بل حديثه عندنا معدود في الصحيح بناء على الاصطلاح الغير الصحيح ، إلا أنه قد طعن فيه في غير موضع مما تقدم ، وقد بينا في شرحنا على الكتاب وفي هذا الكتاب أيضا أن هذا أحد المواضع التي حصل له فيها الاضطراب.

و (ثانيا) ما ذكره بالنسبة إلى الرواية الثانية من الاعتماد عليها ـ مع كون راويها غير موثق ـ بناء على رواية البزنطي عنه ، لأنه ممن نقل في حقه الإجماع المذكور فان اللازم من هذا الاعتماد على كل خبر ضعيف باصطلاحه إذا كان الراوي عن ذلك الرجل أحد الجماعة المذكورين وهو لا يقول به في غير هذا الموضع كما لا يخفى على من تصفح كتابه.

١٢١

وبالجملة فإن ما ذكره هنا خروج عن مقتضى اصطلاحه ، وتستر بما هو أوهن من بيت العنكبوت وأنه لأوهن البيوت.

و (ثالثا) أن ما طعن به على جواب العلامة في المنتهى عن دليل ابن إدريس ضعيف لا يعول عليه ، لأنه إن أراد بالتعسف فيه بالنظر إلى منع العلامة من عدم الوجدان فهو في غير محله ، لما قرره العلامة في صدر الكلام ، كما نقلناه عنه وأوضحناه ، وإن أراد باعتبار دعوى العلامة لوجود الدليل الشرعي الموجب للنقل إلى الثمن فهو قد وافق عليه ، حيث قال : «إن كلام ابن إدريس جيد لولا ما ذكرناه من قوة أسناد الروايتين» وإن أراد باعتبار تغليط ابن إدريس في عدم العمل بأخبار الآحاد فهو أيضا يوافق عليه ، وبالجملة فإن كلامه هنا غير ظاهر البيان ولا واضح البرهان

ثم إن العلامة في المختلف استدل لابن إدريس بما رواه أبو بصير (١) عن أحدهما (عليهما‌السلام) قال : «سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال : بل يصوم ، لأن أيام الذبح قد مضت».

ثم قال : «والجواب أن وجدان الهدي عبارة عن وجود عينه أو ثمنه ، والرواية بعد سلامة سندها محمولة على أنه إذا لم يجد الهدي ولا ثمنه فشرع في الصوم ثم وجد الهدي فإنه لا يجب عليه الهدي ، لما رواه حماد بن عثمان في الصحيح (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من منى ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١٢٢

قال : أجزأ صيامه» . » انتهى.

أقول : قد تقدم ما في هذا الجواب من الإشكال في المسألة الحادية عشر من المقام الأول (١) وعلى تقديره تحصل المعارضة بين هذه الرواية وبين الاخبار المتقدمة ، لأن ظاهر هذا الخبر بناء على بطلان التأويل المذكور هو أن الفرض ـ مع عدم وجدان العين وإن وجد الثمن ـ هو الصوم ، وأن أيام الذبح بعد يوم النفر قد مضت ، ومقتضى الأخبار المتقدمة امتداد وقت الذبح إلى آخر ذي الحجة ، فمتى كان الثمن موجودا فإنه يتربص به إلى آخر ذي الحجة إن كان جالسا ، وإن سافر أودعه عند من يذبح عنه في تلك المدة ، ولا طريق إلى الجمع بينهما بوجه ، وليس إلا الترجيح ، وهو في جانب تلك الروايات ، لكثرتها وصحة بعضها واعتضادها بعمل الطائفة قديما وحديثا عدا ابن إدريس والصدوق على ما تقدم نقله عنه ، والاحتياط مما لا ينبغي تركه في المقام.

ثم إنه لا يخفى ما في خبر أبي بصير من التأييد لما ذكرناه ، من أن المراد بمن لم يجد الهدي يعني من لم يجد عينه ولا ثمنه ، حيث إن السائل قال : «فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة» فإنه ظاهر في أن عدم الوجدان أولا لكل من العين والثمن والله العالم.

__________________

(١) راجع ص ٨١ و ٨٢.

١٢٣

المسألة الثانية

قد عرفت مما تقدم أنه لا خلاف بين العلماء كافة في أن الواجب على فاقد عين الهدي وثمنه هو الصيام والأصل فيه قوله عزوجل (١) «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ، تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ» والمراد بصوم الثلاثة في الحج في بقية أشهر الحج ، وهو شهر ذي الحجة كما أشير إليه في صحيحة رفاعة (٢) الآتية وغيرها.

قال في المنتهى : «ويستحب أن تكون الثلاثة في الحج : هي يوم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة. فيكون آخرها يوم عرفة ، ذهب إليه علماؤنا».

أقول : وتدل عليه جملة من الاخبار (منها) ما رواه في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار (٣) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته عن متمتع لم يجد هديا ، قال : يصوم ثلاثة أيام في الحج : يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، قال : قلت : فان فاته ذلك ، قال : يتسحر ليلة الحصبة ، ويصوم ذلك اليوم ويومين بعده ، قلت : فان لم يقم عليه جماله أيصومها في الطريق؟ قال : إن شاء صامها في الطريق وإن شاء إذا رجع إلى أهله».

أقول : حمل الشيخ جواز التأخير إلى الرجوع إلى أهله على ما إذا رجع

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٦.

(٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١٢٤

قبل انقضاء أيام ذي الحجة ، فإذا انقضت فلا يجوز له الا الدم كما يأتي

وعن رفاعة في الصحيح (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المتمتع لا يجد الهدي ، قال : يصوم قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، قلت : فإنه قدم يوم التروية ، قال : يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق ، قلت : لم يقم عليه جماله ، قال : يصوم يوم الحصبة وبعده يومين ، قال : قلت : وما الحصبة؟ قال : يوم نفره ، قلت : يصوم وهو مسافر؟ قال : نعم ، أليس هو يوم عرفة مسافرا؟! إنا أهل بيت نقول ذلك لقول الله عزوجل (٢) «فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ» يقول في ذي الحجة».

وما رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن حماد بن عيسى (٣) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : قال علي (عليه‌السلام): صيام ثلاثة أيام في الحج قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، فمن فاته ذلك فليتسحر ليلة الحصبة ـ يعني ليلة النفر ـ ويصبح صائما ويومين بعده ، وسبعة إذا رجع». ورواه الحميري في كتاب قرب الاسناد (٤) إلى قوله : «فليتسحر ليلة الحصبة ، وهي ليلة النفر».

وعن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح (٥) قال : «كنت قائما أصلي وأبو الحسن (عليه‌السلام) قاعد قدامي وأنا لا أعلم ، فجاء عباد

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٢) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١٤.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

١٢٥

البصري فسلم ثم جلس ، فقال له : يا أبا الحسن ما تقول في رجل تمتع ولم يكن له هدي؟ قال : يصوم الأيام التي قال الله تعالى ، قال : فجعلت أصغي إليهما ، فقال له عباد : وأي أيام هي؟ قال : قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، قال : فان فاته ذلك ، قال : يصوم صبيحة الحصبة ويومين بعد ذلك ، قال : أفلا تقول كما قال عبد الله بن الحسن ، قال : فأي شي‌ء؟ قال : قال : يصوم أيام التشريق ، قال : إن جعفرا كان يقول : إن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أمر بديلا ينادي أن هذه أيام أكل وشرب فلا يصومن أحد ، قال : يا أبا الحسن إن الله قال : فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ، قال : كان جعفر يقول : ذو الحجة كله من أشهر الحج».

وروى في الفقيه مرسلا (١) قال : «روي عن الأئمة (عليهم‌السلام) أن المتمتع إذا وجد الهدي ولم يجد الثمن صام ثلاثة أيام في الحج يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله ، تلك عشرة كاملة لجزاء الهدي ، فإن فاته صوم هذه الثلاثة الأيام تسحر ليلة الحصبة ـ وهي ليلة النفر ـ وأصبح صائما ، وصام يومين من بعد ، فان فاته صوم هذه الثلاثة الأيام حتى يخرج وليس له مقام صام الثلاثة في الطريق إن شاء ، وإن شاء صام العشرة في أهله ، ويفصل بين الثلاثة والسبعة بيوم ، وإن شاء صامها متتابعة» إلى آخره.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١٢. وفيه «روي عن النبي (ص) والأئمة (ع).» إلا أن الموجود في الفقيه ج ٢ ص ٣٠٢ «روي عن الأئمة (ع).».

١٢٦

وفي كتاب الفقه الرضوي (١) «وإذا عجزت عن الهدي ولم يمكنك صمت قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة وسبعة أيام إذا رجعت إلى أهلك ، فإن فاتك صوم هذه الثلاثة أيام صمت صبيحة ليلة الحصبة ، ويومين بعدها ، وإن وجدت ثمن الهدي». إلى آخر ما قدمناه في المسألة الأولى.

وروى العياشي في تفسيره عن ربعي بن عبد الله (٢) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن قول الله عزوجل (٣) «فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ» قال : يوم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، فمن فاته ذلك فليقض ذلك في بقية ذي الحجة ، فإن الله تعالى يقول في كتابه (٤) : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ)».

وعن عبد الرحمن بن محمد العرزمي (٥) عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي (عليهم‌السلام) «في صيام ثلاثة أيام في الحج ، قال : قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، فان فاته ذلك تسحر ليلة الحصبة».

وعن إبراهيم بن أبي يحيى (٦) عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي (عليهم‌السلام) قال : «يصوم المتمتع قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، فان فاته ذلك ولم يكن عنده دم صام إذا انقضت أيام التشريق

__________________

(١) ذكر صدره في المستدرك ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢ ووسطه في الباب ـ ٤٢ ـ منها ـ الحديث ٢ وذيله في الباب ـ ٣٩ ـ منها ـ الحديث ١.

(٢ و ٥ و ٦) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١٥ ـ ١٨ ـ ٢٠.

(٣ و ٤) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٦ ـ ١٩٧.

١٢٧

يتسحر ليلة الحصبة ثم يصبح صائما».

وأما ما رواه في الكافي عن أحمد بن عبد الله الكرخي (١) قال : «قلت للرضا (عليه‌السلام) : المتمتع يقدم وليس معه هدي أيصوم ما لم يجب عليه ، قال : يصبر إلى يوم النحر ، فان لم يصب فهو ممن لا يجد». فيمكن حمله على من توقع إمكان حصول الهدي أو الجواز.

وأما الحمل على من وجد الثمن كما ذكره في الوسائل فبعيد ، لأن من وجد الثمن حكمه التربص إلى آخر الشهر دون الصوم ، كما صرح به الأصحاب ودلت عليه أخبارهم.

وبالجملة فالخبر المذكور قاصر عن معارضة ما قدمناه من الأخبار ، فلا بد من ارتكاب تأويله وإن بعد وإلا فطرحه.

وتنقيح البحث في المسألة يتوقف على بيان أمور الأول المشهور بين الأصحاب ـ بل ادعى عليه ابن إدريس الإجماع ـ أنه لو لم يتفق له صوم قبل يوم التروية فإنه يقتصر على يوم التروية ويوم عرفة ثم يصوم الثالث بعد النفر ، ومرجعه إلى أن المرتبة الثانية بعد تعذر الصوم الأفضل الذي دلت عليه الاخبار المتقدمة هو أن يكون كذلك.

واستدل عليه الشيخ في التهذيب بما رواه عن عبد الرحمن بن الحجاج (٢) «في من صام يوم التروية ويوم عرفة ، قال : يجزؤه أن يصوم يوما آخر».

وما رواه في التهذيب والفقيه عن يحيى الأزرق (٣) عن أبي الحسن (عليه‌السلام) قال : «سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتعا وليس

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٦.

(٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ ـ ٢.

١٢٨

له هدي فصام يوم التروية ويوم عرفة ، قال : يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق» وزاد في الفقيه «بيوم».

أقول : لا يخفى أنه قد تقدم من الاخبار بإزاء هاتين الروايتين ما هو أصح سندا وأكثر عددا مما دل على أنه مع عدم التمكن من الصوم في تلك الأيام الثلاثة ـ وهي ما قبل التروية بيوم ثم يوم التروية ثم يوم عرفة ـ فإنه يؤخر الصوم إلى ليلة الحصبة.

ومنها صحيحة معاوية بن عمار (١) الأولى وصحيحة رفاعة (٢) وصحيحة حماد بن عيسى (٣) وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (٤) ونحوها من الروايات التي بعدها.

ويزيد ذلك تأكيدا أيضا ما رواه في الكافي في الصحيح عن العيص بن القاسم (٥) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته عن متمتع يدخل يوم التروية وليس معه هدي ، قال : لا يصوم ذلك اليوم ولا يوم عرفة ، ويتسحر ليلة الحصبة ويصبح صائما ، وهو يوم النفر ، ويصوم يومين بعده».

وما رواه في التهذيب عن إسحاق بن عمار في الموثق (٦) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «لا يصوم الثلاثة الأيام متفرقة».

وعن علي بن الفضل الواسطي (٧) قال : «سمعته يقول إذا صام المتمتع يومين لا يتابع الصوم اليوم الثالث فقد فاته صيام ثلاثة أيام في الحج ،

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤ ـ ١.

(٣ و ٦) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ ـ ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

(٥ و ٧) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥ ـ ٤.

١٢٩

فليصم بمكة ثلاثة أيام متتابعات ، فان لم يقدر ولم يقم عليه الجمال فليصمها في الطريق ، وإذا قدم إلى أهله صام عشرة أيام متتابعات».

والشيخ (رحمه‌الله) بناء على ما قدمنا من القول المتفق عليه بينهم حمل هذه الرواية على ما إذا كان اليومان اللذان صامهما غير يوم التروية ويوم عرفة ، فان من كان كذلك لا يعتد باليومين.

وعن عبد الرحمن بن الحجاج (١) عن أبي الحسن (عليه‌السلام) قال : «سأله عباد البصري عن متمتع لم يكن معه هدي قال : يصوم ثلاثة أيام قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، قال : فان فاته صوم هذه الأيام ، فقال : لا يصوم يوم التروية ولا يوم عرفة ، ولكن يصوم ثلاثة أيام متتابعات بعد أيام التشريق». وحمله الشيخ على نفي صوم أحد اليومين على الانفراد دون الجمع ، ولا يخفى ما فيه.

وبالجملة فإنهم قد اتفقوا على وجوب التتابع في هذه الثلاثة ، وعليه دلت جملة من الاخبار ، ولكنهم استثنوا هذه الصورة بهذين الخبرين ، فخصصوا بهما الإجماع وتلك الاخبار ، وهو جيد لو انحصرت المعارضة في تلك الاخبار والإجماع ، ولكن المعارض لهما أيضا جملة أخرى من الاخبار كما عرفت مما لا يقبل هذا الجمع ، ولا سيما النهي عن صومهما في صحيحة العيص (٢) ورواية عبد الرحمن بن الحجاج (٣).

وبذلك يظهر أن المسألة لا تخلو من شوب الاشكال ، والاحتياط فيها متحتم على كل حال ، وبنحو ذلك صرح السيد السند في المدارك أيضا ، وهو في محله والله العالم.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ ـ ٥ ـ ٣.

١٣٠

الثاني :

المشهور بين الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) أنه مع عدم إمكان صوم يوم التروية ويوم عرفة كما تقدم فإنه يجب عليه تأخير الصوم إلى بعد النفر ، ولا يجوز له الصوم في أيام التشريق ، ونقله في المختلف عن الشيخ في بعض كتبه وأبي الصلاح وابن البراج وابن حمزة.

وقال الشيخ في النهاية : «من فاته صوم الثلاثة الأيام قبل العيد فليصم يوم الحصبة ـ وهو يوم النفر ـ ويومين بعده» وكذا قال علي بن بابويه وابنه وابن إدريس.

وقال ابن الجنيد : «فان دخل يوم عرفة أو فاته صيام الثلاثة الأيام في الحج صام فيما بينه وبين آخر ذي الحجة وكان مباحا صيام أيام التشريق في السفر وفي أهله إذا لم يمكنه غير ذلك».

وقال في الخلاف : «لا يجوز صيام أيام التشريق في بدل الهدي في أكثر الروايات وعند المحققين من أصحابنا».

واستدل على القول الأول بالإجماع على تحريم صوم أيام التشريق في مكة والاخبار الكثيرة.

ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته عن رجل تمتع فلم يجد هديا ، قال :

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١٣١

فليصم ثلاثة أيام ليس فيها أيام التشريق ولكن يقيم بمكة حتى يصومها وسبعة إذا رجع إلى أهله وذكر حديث بديل بن ورقا».

وعن ابن مسكان في الصحيح (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل تمتع ولم يجد هديا قال : يصوم ثلاثة أيام ، قلت له : أفيها أيام التشريق؟ قال : لا ، ولكن يقيم بمكة حتى يصومها وسبعة إذا رجع إلى أهله ، فان لم يقم عليه أصحابه ولم يستطع المقام بمكة فليصم عشرة أيام إذا رجع إلى أهله ، ثم ذكر حديث بديل بن ورقاء».

وعن صفوان بن يحيى في الصحيح (٢) عن أبي الحسن (عليه‌السلام) قال : «قلت له : ذكر ابن السراج أنه كتب إليك يسألك عن متمتع لم يكن له هدي فأجبته في كتابك : يصوم ثلاثة أيام بمنى فان فاته ذلك صام صبيحة الحصباء ويومين بعد ذلك قال : اما أيام منى فإنها أيام أكل وشرب لا صيام فيها ، وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله».

قال في الوافي : «قوله : «وسبعة» عطف على صبيحة الحصباء» سواء ، كان من كلام الامام (عليه‌السلام) أو من كلام السائل ، وما بينهما معترض» انتهى.

أقول : ومرجعه إلى أن النهي عن الصوم أيام منى التي هي أيام أكل وشرب لا يستلزم النهي عن صوم يوم الحصبة ويومين بعده في هذه الصورة وإن كان هذا اليوم من جملة أيام التشريق ، فيكون كالمستثنى من ذلك.

قال في الفقيه (٣) في تتمة الرواية التي قدمناها عنه حيث قال : «روى عن الأئمة (عليهم‌السلام) أن المتمتع إذا وجد الهدي ـ إلى أن قال ـ :

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢ ـ ٣.

(٣) ج ٢ ص ٣٠٢ ـ الرقم ١٥٠٤.

١٣٢

ولا يجوز له أن يصوم أيام التشريق ، فإن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بعث بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق فأمره أن يتخلل الفساطيط وينادي في الناس أيام منى : ألا لا تصوموا فإنها أيام أكل وشرب وبمال (١) ومن جهل صيام ثلاثة أيام في الحج صامها بمكة إن أقام جماله ، وإن لم يقم صامها في الطريق أو المدينة إن شاء ، فإذا رجع إلى أهله صام سبعة أيام ، وإن مات قبل أن يرجع إلى أهله ويصوم السبعة فليس على وليه القضاء».

ويدل على قول ابن الجنيد ما رواه الشيخ في التهذيب عن إسحاق بن عمار (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) «أن عليا (عليه‌السلام) كان يقول : من فاته صيام الثلاثة الأيام التي في الحج فليصمها أيام التشريق ، فان ذلك جائز له».

وعن القداح (٣) عن جعفر عن أبيه (عليهما‌السلام) «أن عليا (عليه‌السلام) كان يقول : من فاته صيام الثلاثة الأيام في الحج ـ وهي قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ـ فليصم أيام التشريق ، فقد أذن له».

ويدل على القول الثالث ما قدمناه من الاخبار الصحيحة الصريحة المستفيضة ، والعلامة في المختلف لم يورد لهذا القول دليلا الا قوله في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (٤) عن أبي الحسن (عليه‌السلام): «فان فاته ذلك قال : يصوم صبيحة الحصبة ويومين بعد ذلك». ثم أجاب عنه بأنه يحتمل أنه أراد بصبيحة يوم الحصبة ثاني يومها.

__________________

(١) البعال : النكاح وملاعبة الرجل امرأته.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥.

١٣٣

ولا يخفى ما في هذا الجواب من البعد ، مضافا إلى الغفلة عن أدلة المسألة مع ما عرفت مما هي عليه من الصحة والصراحة والاستفاضة.

والتحقيق في المقام أنه لا منافاة بين هذه الاخبار ، إذ الظاهر من أخبار النهي عن صيام أيام التشريق هو النهي عن صيامها جميعا ، دون صيام اليوم الأخير في خصوص هذه الصورة.

ومما يدل على ذلك أن صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (١) المتقدمة قد صرحت بالأمر بصيام يوم الحصبة ويومين بعده لمن فاته صيام الثلاثة الموظفة فرجع له عباد السائل فقال له : «أفلا تقول بمقالة عبد الله بن الحسن» من صوم أيام التشريق؟ فأجابه (عليه‌السلام) بالحديث المنقول عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بتحريم صوم أيام التشريق ، فلو أريد بالحديث عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) صومها ولو على الوجه المذكور للزم التناقض في قوله (عليه‌السلام) ولانتهز الفرصة فيه عباد الذي هو من شياطين المخالفين وأعداء الدين ، وألزمه بالتناقض في كلامه في المسألة ، كما لا يخفى على من عرف حال الرجل ومعارضته لهم (عليهم‌السلام) في غير مقام.

ومثل هذا الخبر أيضا ما تقدم في المرسلة المنقولة عن الفقيه (٢) حيث صرح فيها بصوم يوم الحصبة ويومين بعده ثم ذكر بعد ذلك أنه لا يجوز له أن يصوم أيام التشريق ، ونحو ذلك صحيحة صفوان بن يحيى (٣) المتقدمة بالتقريب المذكور ذيلها ، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١٢ ـ ٣.

١٣٤

وأما ما استند إليه ابن الجنيد من خبري إسحاق بن عمار (١) والقداح (٢) فقد نسبهما الشيخ في التهذيبين إلى الشذوذ ثم إلى وهم الراويين وجواز أن يسمعا من عبد الله بن الحسن أو غيره من أهل البيت ، كما تقدم في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (٣) ثم إنهما إن سلما فلا يصلحان لمعارضة الأخبار المذكورة.

أقول : والأظهر حملهما على التقية ، واستصوبه في الوافي أيضا ، وهو جيد.

الثالث :

قال العلامة في المختلف : «هذه الثلاثة متتابعة إلا في موضع واحد ، وهو أنه إذا فاته قبل يوم التروية صام يوم التروية وعرفة ثم صام الثالث بعد أيام التشريق ، قاله ابن إدريس ، وقال ابن حمزة : لو صام قبل يوم التروية وخاف إن صام عرفة عجز عن الدعاء أفطر وصام بدله بعد انقضاء أيام التشريق ، ولا بأس بهذا القول ، احتج ابن إدريس بأن الأصل التتابع ، خرج عنه الصورة المجمع عليها ، فبقي الباقي على الوجوب ، احتج ابن حمزة بأن التشاغل بالدعاء أمر مطلوب بالشرع فساغ له الإفطار ، كما لو كان الفائت الأول» انتهى.

أقول : ما ذكره (قدس‌سره) من استثناء الصورة الأولى من وجوب التتابع المجمع عليه بينهم قد استندوا فيه إلى الإجماع والخبرين المتقدمين ،

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥ ـ ٦ ـ ٤.

١٣٥

وبهما خصصوا الأخبار الدالة على وجوب التتابع مطلقا والإجماع المدعى في المسألة وإن كان فيه ما عرفت.

أما استثناء الصورة الثانية التي ذكرها ابن حمزة ونفى عنها البأس فلا أعرف لاستثنائها دليلا يعتمد عليه ، والخروج عن الإجماع الدال على وجوب التتابع والاخبار الدالة عليه بمجرد هذا التعليل العليل مجازفة ظاهرة ، والخروج عن أمر واجب لمجرد أمر مستحب غير معقول كما لا يخفى.

قال في الدروس : «ولو أفطر عرفة لضعفه عن الدعاء وقد صام يومين قبله استأنف ، خلافا لابن حمزة» وهو جيد لما عرفت. وبالجملة فإن هذا القول بمحل من الضعف الذي لا يخفى.

الرابع :

الظاهر من الاخبار المتقدمة أن يوم الحصبة هو اليوم الثالث من أيام التشريق ، وقد ورد تفسيره في صحيحة رفاعة (١) المتقدمة بأنه يوم نفره ، يعني في النفر الثاني وفي صحيحة حماد بن عيسى (٢) «ليلة الحصبة ،. يعني ليلة النفر» ومثله في مرسلة الفقيه (٣).

وإنما سمي هذا اليوم يوم الحصبة لأن الحصبة الأبطح ، ومن السنة يوم النفر الثاني أن ينزل في الأبطح قليلا ، كما سيأتي إنشاء الله تعالى عند ذكر النفر الثاني.

__________________

(١ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ ـ ١٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

١٣٦

ونقل عن الشيخ (رحمه‌الله) في المبسوط أن ليلة الرابع ليلة التحصيب ، وحمله الأصحاب على أن مراده ليلة الرابع من يوم النحر لا الرابع عشر ، وهو جيد.

الخامس :

قال الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط : «قد وردت رخصة في جواز تقديم صوم الثلاثة من أول ذي الحجة».

وقال ابن إدريس : «وقد رويت رخصة في تقديم صوم الثلاثة الأيام من أول العشرة ، والأحوط الأول ـ ثم قال بعد ذلك ـ : إلا أن أصحابنا أجمعوا على أنه لا يجوز الصيام إلا يوم قبل يوم التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، وقبل ذلك لا يجوز».

وظاهر كلام الشيخ التوقف في المسألة ، وظاهر كلام ابن إدريس الميل إلى التحريم.

ونقل في المختلف عن شيخه جعفر بن سعيد (قدس‌سره) أنه أفتى بالجواز ، وهو صريح عبارته في الشرائع ، وقيده بالتلبس بالمتعة ، فقال : «ويجوز تقديمها من أول ذي الحجة بعد التلبس بالمتعة».

والظاهر أن هذا القول هو المشهور بين المتأخرين ، والأصل فيه ما رواه الشيخ والكليني عن زرارة (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «من لم يجد الهدي وأحب أن يصوم الثلاثة الأيام في أول العشر

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٨ و ٢.

١٣٧

فلا بأس بذلك».

ورده في المدارك بضعف السند باشتماله في التهذيب على أبان الأزرق ، وهو مجهول ، وفي الكافي على عبد الكريم بن عمرو ، وهو واقفي ، ثم قال : «والمسألة محل تردد».

أقول : لا وجه لهذا التردد بناء على هذا الاصطلاح الذي هو إلى الفساد أقرب من الصلاح ، بل الواجب عليه الحكم بعدم الجواز ، لعدم الدليل الشرعي كما صار إلى ذلك في مواضع من شرحه.

ثم إنه مما يؤيد جواز التقديم ما تقدم في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (١) من قول أبي الحسن (عليه‌السلام) لعباد لما قال له : يا أبا الحسن إن الله قال «فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ» فقال : «كان جعفر يقول : ذو الحجة كله من أشهر الحج».

وقال في الدروس : «ولتكن الثلاثة بعد التلبس بالحج ، وتجوز من أول ذي الحجة ، ويستحب فيه السابع وتالياه ولا يجب ، ونقل عن ابن إدريس أنه لا يجوز قبل هذه الثلاثة : وجوز بعضهم تقديمه في إحرام العمرة ، وهو بناء على وجوبه بها ، وفي الخلاف لا يجب الهدي قبل إحرام الحج بلا خلاف ، ويجوز الصوم قبل إحرام الحج ، وفيه إشكال» انتهى.

أقول : مقتضى قوله : «ولتكن الثلاثة بعد التلبس بالحج ، وتجوز من أول ذي الحجة» هو تقييد الجواز هنا بالتلبس بالحج ، فلا تجوز من أول ذي الحجة إلا لمن كان متلبسا بالحج في ذلك الوقت ، مع أن

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

١٣٨

الأفضل اتفاقا نصا (١) وفتوى هو أن يكون إحرام الحج يوم التروية ، مع ورود الرواية (٢) بالرخصة في التقديم مطلقا نعم يجب تقييده بالتلبس بالمتعة كما ذكره في الشرائع.

وبذلك يظهر لك أيضا عدم الحاجة إلى ما ذكره من البناء على وجوب الحج المندوب بالشروع في العمرة ، بمعنى أنه إن قلنا بوجوب الحج المندوب بالشروع في العمرة جاز تقديم الصوم في العمرة وإلا فلا ، فإنه لا حاجة تلجئ إليه ، لما عرفت من أن إحرام الحج على ما استفاضت به النصوص (٣) إنما هو يوم التروية ، فالتقديم الذي دلت عليه الرواية يتحتم أن يكون في العمرة ، وبه أيضا يندفع الإشكال الذي أورده على كلام الشيخ في الخلاف.

وقال في المنتهى : «ويجوز صوم الثلاثة قبل الإحرام بالحج وقد وردت رخصة في جواز صومها في أول العشر إذا تلبس بالمتعة» انتهى. وهو مؤيد لما اخترناه.

__________________

(١ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب أقسام الحج ـ الحديث ٤ و ١١ و ٣٠ والباب ـ ٣ ـ منها ـ الحديث ٤ والباب ـ ٥ ـ منها ـ الحديث ٣ والباب ـ ٨ ـ منها ـ الحديث ٢ والباب ٨٤ ـ من أبواب الطواف.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ـ الحديث ١.

١٣٩

السادس :

قد صرح الأصحاب بأنه يجوز صوم الثلاثة المذكورة طول ذي الحجة ، ولا يجوز صومها في غيره ، فلو خرج ذو الحجة ولم يصمها تعين الهدي ، وعلى كل من الحكمين اتفاق أصحابنا فيما اعلم.

ويدل على الأول ما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) أنه قال : «من لم يجد ثمن الهدي فأحب أن يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك». ونحوها رواية ربعي بن عبد الله (٢) المتقدمة نقلا من تفسير العياشي ، ومثلها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (٣) المتقدمة عن أبي الحسن (عليه‌السلام) مع عباد البصري.

وعلى الثاني ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن منصور (٤) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «من لم يصم في ذي الحجة حتى يهل هلال المحرم فعليه دم شاة ، وليس له صوم ، ويذبحه بمنى».

وما رواه الشيخ في الموثق عن منصور بن حازم (٥) قال : «قلت

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١٣ ـ ١٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

(٤) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ وذكره في التهذيب ج ٥ ص ٣٩ ـ الرقم ١١٦.

(٥) التهذيب ج ٤ ص ٢٣١ ـ الرقم ٦٨٠.

١٤٠