الحدائق الناضرة - ج ١٧

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٧

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٨

وفي الصحيح عنه أيضا (١) عن أحدهما (عليهما‌السلام) قال : «سألته عن الأضحية بالخصي ، فقال : لا».

وعن الحلبي في الصحيح (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصي ، وقال : الكبش السمين خير من الخصي ومن الأنثى ، وقال : سألته عن الخصي وعن الأنثى ، فقال : الأنثى أحب إلي من الخصي».

وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر (٣) في الصحيح قال : «سئل عن الخصي يضحى به فقال : إن كنتم تريدون اللحم فدونكم ، وقال : لا يضحى إلا بما عرف به».

وعن أبي بصير (٤) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) في حديث قال : «قلت : فالخصي يضحى به ، قال : لا إلا أن لا يكون غيره».

وروى الصدوق في الفقيه مرسلا (٥) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام): «الخصي لا يجزئ في الأضحية».

وفي كتاب عيون الأخبار بإسناده عن الفضل بن شاذان (٦) عن الرضا (عليه‌السلام) في كتابه إلى المأمون قال : «ولا يجوز أن يضحى بالخصي ، لأنه ناقص ، ويجوز الموجاء».

وفي كتاب قرب الاسناد بسنده عن عبد الله بن بكير (٧) «ان أبا عبد الله (عليه‌السلام) سئل أيضحى بالخصي؟ فقال : إن كنتم إنما تريدون اللحم فدونكم أو عليكم».

احتج لابن أبي عقيل في المختلف بقوله تعالى (٨) : «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ

__________________

(١ و ٢ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح الحديث ٢ ـ ٥ ـ ٨ ـ ٩ ـ ١٠ ـ ١١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٨) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٦.

١٠١

الْهَدْيِ» ولأنه أنفع للفقراء ، ثم أجاب عنه بالأخبار الصحيحة التي نقلها وإطلاق جملة من عبائر الأصحاب يدل على المنع وعدم الاجزاء مطلقا ، ولم أقف على من قيد بما قدمناه إلا على عبارة الشيخ المتقدمة ، ونحوها في الدروس ، واستظهره في المدارك ، ولا ريب فيه ، لما عرفت من الاخبار المتقدمة.

ويؤكده ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار (١) في حديث قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : اشتر فحلا سمينا للمتعة فان لم تجد فموجوءا ، فان لم تجد فمن فحولة المعز ، فان لم تجد فنعجة ، فان لم تجد فما استيسر من الهدي» الحديث.

و (منها) أن لا تكون مهزولة ، وهي التي ليس على كليتها شحم ، ولو اشتراها على أنها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت ، وكذا لو اشتراها على أنها مهزولة فخرجت سمينة ، اما لو اشتراها على أنها مهزولة فخرجت مهزولة لم تجز.

ومما يدل على هذه الأحكام المذكورة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم (٢) عن أحدهما (عليهما‌السلام) في حديث قال : «وإن اشترى أضحية وهو ينوي أنها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت عنه ، وان نواها مهزولة فخرجت سمينة أجزأت عنه ، وإن نواها مهزولة فخرجت مهزولة لم تجز عنه».

وعن منصور في الصحيح (٣) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «وإن اشترى الرجل هديا وهو يرى أنه سمين أجزأ عنه وإن لم يجده سمينا ، ومن اشترى هديا وهو يرى أنه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٧.

(٢ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١٠٢

وإن اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه».

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «إذا اشترى الرجل البدنة مهزولة فوجدها سمينة فقد أجزأت ، عنه وإن اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة فإنها لا تجزئ عنه».

وروى في الفقيه مرسلا (٢) قال : «قال علي (عليه‌السلام) إذا اشترى الرجل البدنة عجفاء فلا تجزئ عنه ، وإن اشتراها سمينة فوجدها عجفاء أجزأت عنه ، وإن اشتراها عجفاء فوجدها سمينة أجزأت عنه ، وفي هدي المتمتع مثل ذلك».

قال في الوافي : «قوله : «وفي هدي المتمتع مثل ذلك» يحتمل أن يكون من تمام الحديث وأن يكون من كلام صاحب الكتاب ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون بتقدير «قال» فيكون حديثا آخر ، وإن يكون فتو منه مستفادا من حديث آخر» انتهى.

وروى في الكافي في الصحيح عن العيص بن القاسم (٣) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) «في الهرم الذي قد وقعت ثناياه أنه لا بأس به في الأضاحي وإن اشتريته مهزولا فوجدته سمينا أجزأ ، وإن اشتريته مهزولا فخرج مهزولا فلا يجزئ».

__________________

(١ و ٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٨. وليس فيه قوله : «وإن اشتراها عجفا فوجدها سمينة أجزأت عنه» وكذلك في الفقيه ج ٢ ص ٢٩٧ ـ الرقم ١٤٧١.

١٠٣

قال : «وفي رواية أخرى (١) أن حد الهزال إذا لم يكن على كليته شي‌ء من الشحم».

وروى في الكافي والتهذيب عن الفضيل (٢) قال : «حججت بأهلي سنة فعزت الأضاحي فانطلقت فاشتريت شاتين بغلاء ، فلما ألقيت إهابهما ندمت ندامة شديدة لما رأيت بهما من الهزال فأتيته فأخبرته بذلك ، فقال لي : إن كان على كليتهما شي‌ء من الشحم أجزأنا».

قال في المدارك : «وفي طريق هذه الرواية ياسين الضرير ، وهو غير موثق ، ولو قيل بالرجوع في حد الهزال إلى العرف لم يكن بعيدا».

أقول : لا يخفى أن الرواية وإن كانت ضعيفة باصطلاحه إلا أنه لا راد لها من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) وقد تقدم منه قريبا أنه لا خروج عما عليه الأصحاب ، فلا وجه لردها بذلك بعد اتفاقهم على الحكم هذا مع ما بينا في غير موضع مما تقدم ما في الرجوع إلى العرف من الاشكال ، مضافا إلى عدم الدليل عليه في أمثال هذا المجال.

بقي الكلام في موضعين (أحدهما) أن يشتريها على أنها مهزولة ثم يذبحها فتظهر سمينة ، فإن المشهور الاجزاء كما قدمنا ذكره.

ونقل عن ابن أبي عقيل أنها لا تجزئ ، لأن ذبح ما يعتقد كونه مهزولا غير جائز ، فلا يمكن التقرب به إلى الله ، وإذا انتفت نية القربة

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٧.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣ عن الفضل ، إلا أن الموجود في الكافي ج ٤ ص ٤٩٢ والتهذيب ج ٥ ص ٢١٢ الرقم ٧١٤ عن الفضيل.

١٠٤

انتفى الاجزاء.

وأجيب عنه بالمنع من الصغرى ، إذ غاية ما يستفاد من الأدلة عدم إجزاء المهزول ، لا تحريم ذبح ما ظن كونه كذلك.

أقول : لا يخفى أن المتبادر من قوله (عليه‌السلام) في الروايات المتقدمة (١) : «إذا اشترى الهدي مهزولا فوجده سمينا». أن الوجدان إنما هو بعد الذبح الذي به يتحقق ذلك ، وبه يظهر ضعف هذا القول.

و (ثانيهما) أنه لو لم يجد إلا فاقد الشرائط فهل يكون مجزئا أو ينتقل إلى الصوم؟ قولان : وبالأول جزم الشهيدان ، لظاهر قوله (عليه‌السلام). فيما قدمناه من الأخبار (٢) : «فان لم يجد فما استيسر من الهدي». وبالثاني صرح المحقق الشيخ علي (رحمه‌الله) لأن فاقد الشرائط لما لم يكن مجزئا كان وجوده كعدمه.

ويمكن ترجيح الأول بالخبر المذكور ، وقوله : «لأن فاقد الشرائط وجوده كعدمه» ممنوع ، لأنه إنما يتم لو لم يأذن الشارع في غيره ، والاذن موجودة في فاقد الشرائط بالأخبار المشار إليها ، كما تقدم في صحيحة معاوية بن عمار أو حسنته (٣) وفي جملة من أخبار الخصي (٤) الاجتزاء به

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبح.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ و ٤ والباب ـ ١٠ ـ منها ـ الحديث ١٠ و ١١ والباب ـ ١٢ ـ منها ـ الحديث ٧.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٧.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤ والباب ـ ١٢ ـ منها ـ الحديث ٧ و ٨.

١٠٥

مع عدم إمكان الفحل.

وفي تفسير العياشي عن أبي بصير (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «إذا استمتعت بالعمرة إلى الحج فان عليك الهدي ، ما استيسر من الهدي ، اما جزور وإما بقرة وإما شاة ، فان لم تقدر فعليك الصيام كما قال الله تعالى» الحديث.

وعن معاوية بن عمار (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) في قوله تعالى : «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» (٣) قال : «ليكن كبشا سمينا ، فان لم يجد فعجلا من البقر ، والكبش أفضل فان لم يجد فموجوء من الضأن وإلا ما استيسر من الهدي : شاة».

إلا أن لقائل أن يقول : إن ظاهر سياق هذه الأخبار إنما هو بالنسبة إلى الأفضل فالأفضل من الأنعام الثلاثة مع استكمال الشرائط المذكورة ، وأنه يقتصر على الشاة التي هي أخسها إذا لم يتيسر سواها ، لا بالنسبة إلى ما اتصف بتلك الشرائط وما لم يتصف بها.

وبذلك يظهر قوة القول الثاني ، والمسألة لذلك لا تخلو من الاشكال ، والاحتياط مما لا ينبغي تركه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الذبح ـ ١٠.

(٣) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٦.

١٠٦

الموضع الثاني

في ما يستحب من صفاته

(فمنها) أن الأفضل من البدن والبقر الإناث ومن المعز والضأن الذكور.

ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار (١) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل والبقر ، وقد تجزي الذكورة من البدن ، والضحايا من الغنم الفحولة».

ورواه الشيخ المفيد في المقنعة مرسلا (٢) إلا أن فيه «وأفضل الضحايا من الغنم».

وهو واضح.

وعن عبد الله بن سنان في الصحيح (٣) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «تجوز ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجد الإناث ، والإناث أفضل». وقد تقدم في صحيحة محمد بن مسلم (٤) نحو ذلك.

وعن أبي بصير (٥) قال : «سألته عن الأضاحي ، فقال : أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر ، وقال : ذوات الأرحام ، ولا يضحى

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٢ و ٣ و ٥) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣. إلا أنه لم تتقدم هذه الصحيحة.

١٠٧

بثور ولا جمل».

وروى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الإبل والبقر أيهما أفضل أن يضحى به؟ قال : ذوات الأرحام» الحديث.

وعن الحسن بن عمارة (٢) عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال : «ضحى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بكبش أجذع أملح فحل سمين».

ويستفاد من رواية أبي بصير كراهة التضحية بالثور والجمل ، والأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) قد ذكروا هنا كراهة التضحية بالجاموس والثور والموجوء ، وهو مرضوض الخصيتين حتى تفسدا ، وهذا الخبر قد دل على الثور ، وأما الجاموس فلم أقف على ما يدل على كراهية التضحية به.

بل روى الشيخ في الصحيح عن علي بن الريان بن الصلت (٣) عن أبي الحسن الثالث (عليه‌السلام) قال : «كتبت إليه أسأله عن الجاموس كم يجزئ في الضحية ، فجاء في الجواب إن كان ذكرا فعن واحد ، وإن كان أنثى فعن سبعة». وهو كما ترى ظاهر في الجواز.

وأما الموجوء فإنهم استدلوا على الكراهة فيه بقوله (عليه‌السلام) في رواية معاوية بن عمار (٤) : «اشتر فحلا سمينا للمتعة ، فان لم تجد فموجوءا ، فان لم تجد فمن فحولة المعز ، فان لم تجد فما استيسر».

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٧.

١٠٨

وفي حسنة محمد بن مسلم (١) «والفحل من الضأن خير من الموجوء ، والموجوء خير من النعجة ، والنعجة خير من المعز».

وأنت خبير بأن غاية ما يستفاد من الخبرين المذكورين الترتيب في الفضل والاستحباب دون الكراهة ، وإلا لزم كراهة جملة من هذه الافراد المفضل غيرها عليها ، وليس كذلك.

ونقل في المختلف عن ابن إدريس أنه قال في الموجوء لا يجوز ، قال : «مع أنه قال بالجواز قبل ذلك» ونقل عن الشيخ أنه لا بأس به ، وهو الذي اختاره في الكتاب المذكور ، وعليه العمل.

و (منها) أن تكون سمينة تنظر في سواد وتبرك في سواد وتمشي في سواد ، والأصل في هذا الحكم جملة من الاخبار.

(منها) ما في صحيحة عبد الله بن سنان (٢) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يضحي بكبش أقرن فحل ينظر في سواد ويمشي في سواد».

و (منها) ما في صحيحة محمد بن مسلم (٣) عن أحدهما (عليهما‌السلام) قال : «إن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يضحي بكبش أقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد وينظر في سواد ، فان لم تجد من ذلك شيئا فالله أولى بالعذر».

وفي صحيحة الحلبي أو حسنته (٤) قال : «حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه‌السلام)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ ـ ٢ ـ ٥.

١٠٩

يقول : ضح بكبش أسود أقرن فحل ، فان لم تجد فأقرن فحل يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد».

وفي صحيحة محمد بن مسلم أو حسنته (١) قال : «سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) أين أراد إبراهيم (عليه‌السلام) أن يذبح ابنه؟ قال : على الجمرة الوسطى ، وسألته عن كبش إبراهيم ما كان لونه وأين نزل؟ قال : أملح ، وكان أقرن ، ونزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى ، وكان يمشي في سواد ، ويأكل في سواد ، وينظر ويبعر ويبول في سواد».

واختلف الأصحاب في تفسير ذلك ، فقال بعضهم : المراد بذلك كون هذه المواضع سوادا ، أي العين التي تنظر بها والقوائم التي يمشي عليها والبطن الذي يبرك عليه ، باعتبار زيادة «ويبرك في سواد» كما في عبائر بعض الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) ولم نقف عليه في الأخبار ، وهكذا سائر المواضع المذكورة ، ونقل هذا عن ابن إدريس.

وقيل : إن المراد أنه من عظمه ينظر في ظل شحمة ، ويمشي في فيئه ويبرك في ظل شحمة.

أقول : وهذا التفسير كناية عن المبالغة في السمن ، وهو الأنسب بسياق الروايات المذكورة ، ومعناه أنه يكون سمينا له ظل يمشي فيه ويأكل فيه وينظر فيه ، والمراد أنه يكون له ظل عظيم لا مطلق الظل ، فإنه لازم لكل ذي جسم كثيف.

وأما المشي فيه فليس بلازم ، وإنما هو من تتمة المبالغة في عظم الظل فإن المشي فيه حقيقة لا يتحقق إلا عند مسامتة الشمس لرأس الشخص ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٦.

١١٠

وحينئذ يتساوى الجسم الصغير والكبير في الظل باعتبار مطابقته له.

وقيل : إن السواد كناية عن المرعى والمنبت ، فإنه يطلق عليه ذلك لغة ، كما قيل أرض السواد لأرض العراق وقت الفتح ، لكثرة شجرها ونخلها وزرعها وقت التسمية ، ويكون المراد أن الهدي رعى ومشى ونظر وبرك وبعر في الخضرة والمرعى فسمن لذلك ، وهذا المعنى أظهر انطباقا بالأخبار المذكورة.

ونقل عن القطب الراوندي أنه قال : إن التفسيرات الثلاثة مروية عن أهل البيت (عليهم‌السلام) وبذلك صرح شيخنا الشهيد الثاني في المسالك.

والظاهر أنه تبع فيه ما نقل عن القطب الراوندي ، ويحتمل وقوفه على ما دل على ذلك من الاخبار. وفي الدروس نسب النقل إلى القطب الراوندي.

وهذا المعنى الثالث يرجع إلى الثاني ، وهو الكناية عن السمن ، وأما التفسير الأول فإنه يكون وصفا برأسه.

و (منها) أن يكون مما عرف به ، وهو الذي أحضر عرفة ، واستحباب ذلك هو المشهور بل قال في التذكرة : «بالإجماع على ذلك».

وقال شيخنا المفيد (عطر الله تعالى مرقده) في المقنعة : «لا يجوز أن يضحي إلا بما قد عرف به ، وهو الذي أحضر عشية عرفة بعرفة». وظاهر كلامه الوجوب ، لكن حمله في المنتهى على المبالغة في تأكد الاستحباب.

والأصل في هذه المسألة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر (١) قال : «سئل عن الخصي ـ إلى أن قال ـ : وقال : لا يضحي إلا بما قد عرف به».

وعن أبي بصير (٢) في الصحيح إليه وروايته لا تقصر عن الموثق عن

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١١١

أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «لا يضحي إلا بما قد عرف به».

وعن سعيد بن يسار في الصحيح (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : إنا نشتري الغنم بمنى ولسنا ندري عرف بها أم لا ، فقال : إنهم لا يكذبون لا عليك ضح بها».

وظاهر النهي في هذه الأخبار التحريم إلا أن الأصحاب حملوه على الكراهة لما رواه الشيخ والصدوق عن سعيد بن يسار (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن من اشترى شاة لم يعرف بها ، قال : لا بأس بها عرف بها أم لم يعرف».

وحمله الشيخ في التهذيب على ما إذا لم يعرف بها المشتري وذكر البائع أنه عرف بها ، فإنه يصدقه في ذلك ، ويجزى عنه ، واستند في هذا الحمل إلى صحيحة سعيد بن يسار المذكورة.

ويؤيده ما في رواية الصدوق لهذا الخبر في الفقيه من قوله : «ولم يعرف بها» بالواو.

وعدول الشيخ عن العمل بظاهر الخبر إلى تأويله بما ذكره يدل على اختياره لمذهب الشيخ المفيد ، مع أنهم لم ينقلوا ذلك عنه ، وكلامه كما ترى ظاهر في ذلك.

وكيف كان فالاحتياط ، مما لا ينبغي تركه ، فان مذهب الشيخين لا يخلو من قوة ، لما عرفت مما قدمناه في الجمع بين الاخبار بالكراهة والاستحباب.

ويكفي في ثبوت التعريف إخبار البائع من غير خلاف يعرف ، وعليه تدل صحيحة سعيد بن يسار المذكورة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

١١٢

و (منها) أن تنحر الإبل قائمة قد ربطت بين الخف والركبة ، ويطعنها من الجانب الأيمن.

ويدل على ذلك صحيحة عبد الله بن سنان (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) في قول الله عزوجل «فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ» (٢) قال : «ذلك حين تصف للنحر يربط يديها ما بين الخف إلى الركبة ، ووجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض».

ورواية أبي الصباح الكناني (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) كيف تنحر البدنة؟ فقال : تنحر وهي قائمة من قبل اليمين».

وقد روي ربط يدها اليسرى خاصة ، رواه في الكافي عن أبي خديجة (٤) قال : «رأيت أبا عبد الله (عليه‌السلام) وهو ينحر بدنته معقولة يدها اليسرى ، ثم يقوم على جانب يدها اليمنى ويقول : بسم الله والله أكبر ، اللهمّ هذا منك ولك ، اللهم تقبله مني ثم يطعن في لبتها ، ثم يخرج السكين بيده ، فإذا وجبت قطع موضع الذبح بيده».

والمراد بقولنا : «يطعنها من الجانب الأيمن» هو ما فسرته رواية أبي خديجة من أنه يقف من جانب يدها اليمنى وإليه أشار في رواية أبي الصباح الكناني (٥) بقوله (عليه‌السلام): «من قبل اليمين ويطعنها

__________________

(١ و ٣ و ٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ ـ ٢ ـ ٣.

(٢) سورة الحج : ٢٢ ـ الآية ٣٦.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢ وليس فيه «ويطعنها في موضع النحر وهو اللبة».

١١٣

في موضع النحر وهو اللبة».

ومما يدل على جواز النحر كيف اتفق ما رواه عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر (١) عن أخيه موسى (عليه‌السلام) قال : «سألته عن البدنة كيف ينحرها قائمة أو باركة؟ قال : يعقلها ، وإن شاء قائمة وإن شاء باركة».

و (منها) الدعاء حال النحر والذبح ، ويدل على ذلك ما تقدم في رواية أبي خديجة (٢).

وما رواه الكليني في الصحيح عن ابن أبي عمير وصفوان (٣) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة وانحره أو اذبحه ، وقل : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللهمّ منك ولك ، بسم الله والله أكبر اللهمّ تقبل مني ، ثم أمر السكين ، ولا تنخعها حتى تموت».

ورواه في الفقيه في الصحيح عن معاوية بن عمار (٤) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) مثله.

وقال في كتاب الفقه الرضوي (٥) : «فإذا أردت ذبحه أو نحره فقل :

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥ ـ ٣.

(٣) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١. وذكره في الكافي ـ ج ٤ ص ٤٩٨.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

(٥) المستدرك ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.

١١٤

وجهت وجهي ـ الدعاء إلى قوله ـ : وأنا من المسلمين ، اللهمّ هذا منك وبك ولك وإليك ، بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك وموسى كليمك ومحمد حبيبك (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ثم أمر السكين عليها ، ولا تنخعها حتى تموت».

و (منها) أن يتولى الذبح بنفسه إن أحسنه وإلا فليترك يده مع يد الذابح.

ويدل على الأول التأسي بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) والأئمة (عليهم‌السلام) فإن المروي عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أنه نحر هديه (١) بنفسه وقد تقدم في رواية أبي خديجة عن الصادق (عليه‌السلام) أنه نحر بدنته بنفسه (٢).

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (٣) قال : «لا يذبح ـ ورواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي (٤) عن الصادق (عليه‌السلام) قال : لا يذبح ـ لك اليهودي ولا النصراني أضحيتك ، فإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها ، ولتستقبل القبلة ، وتقول : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما ، اللهمّ منك ولك».

ويدل على الثاني ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار (٥)

__________________

(١) المستدرك ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٣.

(٣) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ وذكره في الكافي ـ ج ٤ ص ٤٩٧.

(٤ و ٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١١٥

عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) وفي الفقيه مرسلا (١) قال : «كان علي بن الحسين (عليهما‌السلام) يجعل السكين في يد الصبي ثم يقبض الرجل على يد الصبي فيذبح».

ومما يدل على ذبح الغير اختيارا وإن لم يضع يده معه ما قدمنا نقله عن الصدوق في مقدمات هذا الكتاب من ذبح النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) هديه وهدي علي (عليه‌السلام) بيده وافتخار علي (عليه‌السلام) على الصحابة بقوله : «من فيكم مثلي وأنا الذي ذبح رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) هديه بيده» (٢).

وقد تقدم في جملة من الأخبار الواردة في الإفاضة من المشعر ليلا (٣) ما يدل على النيابة في الذبح أيضا.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب أقسام الحج ـ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر ـ الحديث ٣ و ٤ و ٦ و ٧.

١١٦

المقام الثالث

في البدل

وفيه مسائل :

الأولى :

الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) في أن من لم يجد الهدي ولا قيمته فان فرضه ينتقل إلى الصيام. قال في المنتهى : «إذا لم يجد الهدي ولا ثمنه وجب عليه أن يصوم بدله عشرة أيام : ثلاثة أيام في الحج متتابعات ، وسبعة إذا رجع إلى أهله ، ولا خلاف في ذلك بين العلماء كافة» ثم استدل بالآية (١).

وإنما الخلاف في من وجد الثمن ولم يجد الهدي فالمشهور بين الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) ـ ومنهم الشيخان والصدوقان والمرتضى وأبو الصلاح وابن البراج وغيرهم ـ أن من فقد الهدي ووجد الثمن جعل الثمن أمانة عند رجل متى عزم السفر ، فيشتري له هديا ويذبحه عنه في ذي الحجة ، فإن تعذر ففي العام القابل في ذي الحجة إن لم يحج بنفسه فان لم يقدر على الهدي ولا على ثمنه انتقل إلى الصوم.

قال الصدوق : «قال أبي (رضي‌الله‌عنه) في رسالته إلي : إن

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٦.

١١٧

وجدت ثمن الهدي ولم تجد الهدي فخلف الثمن عند رجل من أهل مكة ليشتري لك في ذي الحجة ويذبحه عنك ، فان مضى ذو الحجة ولم يشتر أخر إلى قابل ذي الحجة ، فإن أيام الذبح قد مضت».

وقال ابن الجنيد : «ولو لم يجد الهدي إلى يوم النفر كان مخيرا بين أن ينظر أوسط ما وجد به في سنته هدي ، فيتصدق به بدلا منه ، وبين أن يصوم وبين أن يدع الثمن عند بعض أهل مكة يذبح عنه إلى آخر ذي الحجة ، فان لم يجد ذلك أخره إلى قابل أيام النحر» وظاهره التخيير بين الأمور المذكورة.

وقال ابن أبي عقيل : «المتمتع إذا لم يجد هديا فعليه صيام» وأطلق.

وقال ابن إدريس : «الأظهر والأصح أنه إذا لم يجد الهدي ووجد ثمنه لا يلزمه أن يخلفه ، بل الواجب عليه إذا عدم الهدي الصوم ، سواء وجد الثمن أو لم يجد».

والأصح القول المشهور ، ويدل عليه جملة من الاخبار التي هي المعتمد في الإيراد والإصدار.

و (منها) ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن حريز (١) عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) «في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم ، قال : يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه ، وهو يجزئ عنه ، فان مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل من ذي الحجة».

وما رواه في التهذيب عن النضر بن قرواش (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم يصبه ، وهو موسر حسن الحال ، وهو يضعف عن الصيام ، فما ينبغي

__________________

(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ ـ ٢.

١١٨

له أن يصنع؟ قال : يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكة إن كان يريد المضي إلى أهله ، وليذبح عنه في ذي الحجة ، فقلت : فإنه دفعه إلى من يذبحه عنه فلم يصب في ذي الحجة نسكا وأصابه بعد ذلك ، قال : لا يذبح عنه إلا في ذي الحجة ولو أخره إلى قابل».

وقال (عليه‌السلام) في كتاب الفقه الرضوي (١) : «وإن وجدت ثمن الهدي ولم تجد الهدي فخلف الثمن عند رجل من أهل مكة يشتري لك في ذي الحجة ويذبح عنك ، فان مضت ذو الحجة ولم يشتر لك أخرها إلى قابل ذي الحجة ، فإنها أيام الذبح». وهذه عين عبارة الشيخ علي بن بابويه المتقدمة بتغيير ما في آخرها.

احتج ابن إدريس بأن الله تعالى لم ينقلنا عند عدم الهدي إلا إلى الصوم ولم يجعل بينهما واسطة ، فمتى نقلنا إلى ما لم ينقلنا الله تعالى إليه يحتاج إلى دليل شرعي.

وادعى في السرائر أن الشيخ ذهب إلى هذا القول في جملة وعقوده في فصل في نزول منى وقضاء المناسك بها ، حيث نقل عنه أنه قال : «فهدي التمتع فرض مع القدرة ، ومع العجز فالصوم بدل منه».

أقول : لا يخفى أن هذه العبارة غير ظاهرة فيما ادعاه ، بل هي مجملة مطلقة كاجمال عبارة ابن أبي عقيل المتقدمة ، لاحتمال أن يريد القدرة عليه أو على ثمنه ، كما أن عدم الوجدان المترتب عليه الصوم في الآية محمول على ذلك بمعونة الأخبار المذكورة.

قال العلامة في المنتهى بعد ذكر مذهب الشيخين في المسألة ومذهب

__________________

(١) المستدرك ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١.

١١٩

ابن إدريس ما صورته : «لنا أن وجدان الثمن بمنزلة وجدان العين ، كوجدان ثمن الماء عنده ، مع أن النص ورد «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً» (١) وكذا وجدان ثمن الرقبة في العتق مع ورود النص بوجدان العين (٢) وما ذلك إلا أن التمكن يحصل باعتبار الثمن هناك ، ويصدق عليه أنه واجد للعين فكذا هنا ، ويدل عليه ما رواه الشيخ» ثم أورد الروايتين المتقدمتين.

ومرجع كلامه (قدس‌سره) إلى أن إطلاقات القرآن العزيز ومجملاته يرجع فيها إلى أخبارهم (عليهم‌السلام) لأن أحكام القرآن لا تؤخذ إلا عنهم ، ولما وردت الاخبار (٣) في المواضع الثلاثة بأن وجود الثمن في حكم وجود العين وجب حمل الوجدان في الآيات المذكورة نفيا أو إثباتا على الأعم من العين والثمن ، وهو كلام جيد متين وجوهر عزيز ثمين.

ثم قال (قدس‌سره) بعد نقل دليل ابن إدريس المتقدم وجوابه : «لا نسلم أن عدم الوجدان يصدق لمن وجد الثمن ، وقد بيناه في الكفارة والتيمم ، ومع ذلك فالدليل الشرعي ما بيناه من الحديثين ، فان زعم أنه لا يعمل بأخبار الآحاد فهو غلط ، إذ أكثر المسائل الشرعية مستفادة منها» انتهى. وهو جيد وجيه كما لا يخفى على الحاذق النبيه.

قال في المدارك بعد ذكر الخبرين المتقدمين حجة للقول المشهور ما صورته :

__________________

(١) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ٦.

(٢) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٩٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب التيمم والباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الذبح والباب ـ ١٧ ـ من كتاب الظهار والباب ـ ٢ ـ من أبواب الكفارات.

١٢٠