الحدائق الناضرة - ج ١٦

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

بالدعاء والتوبة والاستغفار. قال : وهذا يوهم وجوب هذه الأشياء. والحق ان الواجب النية والكون بها خاصة دون وجوب شي‌ء من الأذكار. وكذا قال في المشعر. وهو اختيار ابن البراج. لنا : الأصل براءة الذمة ، وما رواه عبد الله بن جذاعة الأزدي (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام): رجل وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس ، فبقي ينظر الى الناس ولا يدعو حتى أفاض الناس؟ قال : يجزئه وقوفه. ثم قال : أليس قد صلى بعرفات الظهر والعصر وقنت ودعا؟ قلت : بلى. قال : فعرفات كلها موقف ، وما قرب من الجبل فهو أفضل». وعن أبي يحيى زكريا الموصلي (٢) قال : «سألت العبد الصالح (عليه‌السلام) عن رجل وقف بالموقف فأتاه نعي أبيه أو نعي بعض ولد ، قبل ان يذكر الله بشي‌ء أو يدعو ، فاشتغل بالجزع والبكاء عن الدعاء ، ثم أفاض الناس. فقال : لا ارى عليه شيئا وقد أساء ، فليستغفر الله ، اما لو صبر واحتسب لأفاض من الموقف بحسنات أهل الموقف جميعا من غير ان ينقص من حسناتهم شي‌ء».

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٨٤ والوسائل الباب ١٦ من إحرام الحج والوقوف بعرفة. والسند في التهذيب والوافي باب (الوقوف بعرفات والدعاء عنده) هكذا : عن جعفر بن عامر بن عبد الله بن جذاعة الأزدي عن أبيه. وفي الوسائل عن جعفر بن عامر عن عبد الله بن جذاعة الأزدي عن أبيه.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٨٤ والوسائل الباب ١٦ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٤٠١

الفصل الثالث في الأحكام

وفيه مسائل :

الأولى ـ لا خلاف بين الأصحاب بل بين علماء الإسلام (١) في ان الوقوف بعرفة ركن من تركه عامدا فلا حج له.

ويدل عليه ما تقدم في جملة من الاخبار : ان أهل الأراك لا حج لهم (٢). وإذا بطل الحج بالوقوف في غير الموقف فبعدم الوقوف بالكلية بطريق أولى. فأما ما رواه الشيخ عن ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) ـ قال : «الوقوف بالمشعر فريضة ، والوقوف بعرفة سنة».

فقد رده المتأخرون بالطعن في السند بالإرسال ، وضعف المرسل.

وأجاب عنه الشيخ بحمل السنة على ما ثبت فرضه من جهة السنة دون النص بظاهر القرآن ، قال : وما عرف فرضه من جهة السنة جاز ان يطلق عليه الاسم بأنه سنة ، وقد بينا ذلك في غير موضع ، وليس كذلك الوقوف بالمشعر ، لان فرضه علم بظاهر القرآن ، قال الله تعالى (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) (٤) انتهى. وهو جيد.

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٤٢٨ طبع مطبعة المنار.

(٢) الوسائل الباب ١٠ و ١١ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٣) الوسائل الباب ١٩ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٤) سورة البقرة الآية ١٩٧.

٤٠٢

وقال في الدروس : ورواية ابن فضال ـ انه سنة ـ مزيفة بالإرسال. ومعارضة بالإجماع. ومأولة بالثبوت بالسنة.

وينبغي ان يعلم ان الركن منه هو المسمى خاصة ، وما عداه فيتصف بالوجوب ، ومن ثم صح حج المفيض قبل الغروب عمدا وان وجب عليه جبره بالبدنة أو الشاة على القولين المتقدمين. وصح ايضا حج من أخل به أول الوقت.

ولا يختص الركن بجزء معين منه بل الأمر الكلي ، كما قالوا في الركن الركوعي من انه المقارن للركوع.

الثانية ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بان الوقت الاختياري لوقوف عرفة من زوال الشمس الى الغروب ، من تركه عامدا فسد حجه ومن تركه ناسيا تداركه ما دام وقته باقيا ولو قبل طلوع الفجر من يوم النحر. ولو فاته اكتفى بالوقوف بالمشعر ، والوقت الاضطراري إلى طلوع الفجر من يوم النحر.

وتفصيل هذا الإجمال وما يتعلق به من الاستدلال يقع في مواضع.

فاما بيان ان الوقت الاختياري من زوال الشمس الى الغروب فقد تقدمت الأخبار الدالة عليه في بيان كيفية الوقوف (١).

واما أن من ترك الوقوف في هذا الوقت عامدا فسد حجه فقد تقدم بيانه في سابق هذه المسألة.

واما بيان الوقت الاضطراري وانه يجزئ لمن لم يدرك الاختياري فيدل عليه جملة من الاخبار :

منها : ما رواه الصدوق في الصحيح عن معاوية بن عمار والكليني

__________________

(١) ص ٣٨٠.

٤٠٣

في الصحيح أو الحسن عنه ايضا عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) في حديث قال : «وقال في رجل أدرك الامام وهو بجمع. فقال : ان ظن انه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها ، وان ظن انه لا يأتيها حتى يفيضوا فلا يأتها وليقم بجمع ، فقد تم حجه».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات. فقال : ان كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل ان يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات ، وان قدم وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام ، فان الله تعالى أعذر لعبده ، فقد تم حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل ان يفيض الناس ، فان لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج ، فليجعلها عمرة مفردة ، وعليه الحج من قابل».

وعن إدريس بن عبد الله (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل أدرك الناس بجمع وخشي ان مضى الى عرفات ان يفيض الناس من جمع قبل ان يدركها. فقال : ان ظن ان يدرك الناس بجمع قبل

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٨٤ والفروع ج ٤ ص ٤٧٦ والوسائل الباب ٢٢ من الوقوف بالمشعر. راجع التعليقة ١ على هذا الحديث في الطبعة الحديثة من الوسائل.

(٢ و ٣) التهذيب ج ٥ ص ٢٨٩ والوسائل الباب ٢٢ من الوقوف بالمشعر.

٤٠٤

طلوع الشمس فليأت عرفات فإن خشي أن لا يدرك جمعا فليقف بجمع ثم ليفض مع الناس ، فقد تم حجه».

وعن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في سفر ، فإذا شيخ كبير فقال : يا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ما تقول في رجل أدرك الإمام بجمع؟ فقال له : ان ظن انه يأتي عرفات فيقف قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها ، وان ظن انه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها ، وقد تم حجه».

واما انه لو فاته الوقوف الاضطراري اكتفى بالوقوف بالمشعر فقد دلت عليه الاخبار المذكورة.

بقي الكلام في ان الأصحاب (رضوان الله عليهم) استدلوا بهذه الروايات على ما قدمنا نقله عنهم من حكم الناسي ، وهي ـ كما ترى ـ لا تعرض فيها لذكر الناسي ولو بالإشارة فضلا عن التصريح ، وانما موردها ضيق الوقت على القادم للحج.

واما ما ذكره في المدارك بعد ان أورد عليهم نحو ما أوردناه ـ حيث قال : ويمكن استفادته من التعليل المستفاد من قوله (عليه‌السلام) في رواية الحلبي : «الله أعذر لعبده» فان النسيان من أقوى الأعذار. بل يمكن الاستدلال بذلك على عذر الجاهل ايضا كما هو ظاهر اختيار الشهيد في الدروس.

فهو محل نظر. وكأنه بناء منه على ما قدمنا نقله عنه في كتاب الصيام

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٢٩٠ والوسائل الباب ٢٢ من الوقوف بالمشعر.

٤٠٥

من دعواه ان النسيان من الله (تعالى). وقد بينا ثمة ضعفه ، وان النسيان انما هو من الشيطان كما تكررت به آيات القرآن. وبالجملة فإن الناسي من حيث حصول العلم له أولا فعروض النسيان له انما هو لإهماله التذكر وعدم الاعتناء بإجرائه على البال. ومن أجل ذلك يضعف القول بمعذوريته ، وان كان ظاهر كلامه هنا وكذا كلام غيره زيادة معذوريته على الجاهل. وهو غلط محض ، فإن الأخبار قد استفاضت بمعذورية الجاهل ولا سيما في باب الحج عموما وخصوصا. والوجه فيه ظاهر ، كما تقدم تحقيقه في غير مقام ولا سيما في مقدمات الكتاب ، وهم في أكثر المواضع انما استندوا في معذورية الناسي الى اخبار معذورية الجاهل ، فلو عكسوا لأصابوا.

وظاهر الاخبار المذكورة الاكتفاء في الوقوف الاضطراري بمسمى الكون بعرفة ، وبذلك صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) ايضا ، قال في المنتهى : لو لم يقف بعرفة نهارا ووقف بها ليلا أجزأه على ما بيناه ، وجاز له ان يدفع من عرفات اي وقت شاء بلا خلاف.

ونقل عن الشيخ في الخلاف انه أطلق ان وقت الوقوف بعرفة من الزوال يوم عرفة الى طلوع الفجر من يوم النحر. وحمله جملة من الأصحاب على ان مراده بيان مجموع وقتي الاختيار والاضطرار ، لا أن ذلك وقت اختياري لتصريحه في سائر كتبه بالتفصيل المذكور.

وحمله ابن إدريس على ان مراده الوقت الاختياري ، فاعترضه بان هذا القول مخالف لأقوال علمائنا وانما هو قول لبعض المخالفين (١) أورده الشيخ

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٤٣٣ و ٤٣٤ طبع مطبعة المنار.

٤٠٦

في كتابه إيرادا لا اعتقادا.

وقال العلامة في المختلف ـ ونعم ما قال ـ : والتحقيق ان النزاع هنا لفظي ، فإن الشيخ قصد الوقوف الشامل للاختياري وهو من زوال الشمس الى غروبها ، والاضطراري وهو من الزوال الى طلوع الفجر ، فتوهم ابن إدريس ان الشيخ قصد بذلك الوقت الاختياري ، فأخطأ في اعتقاده ونسب الشيخ الى تقليد بعض المخالفين ، مع ان الشيخ أعظم المجتهدين وكبيرهم. ولا ريب في تحريم التقليد للمحق من المجتهدين فكيف المخالف الذي يعتقد المقلد انه مخطئ ، وهل هذا الا جهالة منه واجتراء على الشيخ (رحمه‌الله).

ويستفاد من الاخبار المذكورة انه لا يجب عليه المضي الى عرفات في الصورة المذكورة إلا مع ظن إدراك اختياري المشعر ، فلو تردد في ذلك لم يجب عليه المضي واجتزأ باختياري المشعر ، وهو الظاهر ايضا من كلام الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) ونقل عن الشيخ انه احتمل وجوب المضي الى عرفات مع التردد تقديما للوجوب الحاضر. وضعفه ظاهر. ومنه يستفاد ايضا ان اختياري المشعر مقدم على اضطراري عرفة. وسيأتي تحقيق ذلك في المقام ان شاء الله تعالى.

الثالثة ـ اعلم ان أقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختياري والاضطراري ثمانية : أربعة مفردة ، وهي كل واحد من الاختياريين والاضطراريين ، وأربعة مركبة ، وهي الاختياريان والاضطراريان واختياري عرفة مع اضطراري المشعر وبالعكس. قالوا : وكلها مجزئة إلا اضطراري عرفة ، قولا واحدا كما نقله في الدروس وقد وقع الخلاف في اختياري عرفة ايضا ، وكذا في

٤٠٧

الاضطراريين ، وكذا في اضطراري المشعر وحده.

وتفصيل هذه الجملة يقع في مواضع الأول : ان يقال : اما الاختياريان واضطراري عرفة مع اختياري المشعر ، وكذا اختياري المشعر خاصة ، وكذا اختياري عرفة مع اضطراري المشعر ، فهي مجزئة قولا واحدا.

ويدل على الأول منها انه الحج المأمور به وقد اتى به ، وعلى الثاني والثالث الاخبار المتقدمة في المسألة الثانية (١).

وعلى الرابع ما رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : ما تقول في رجل أفاض من عرفات فأتى منى؟ قال : فليرجع فيأتي جمعا فيقف بها وان كان الناس قد أفاضوا من جمع».

وفي الموثق عن يونس بن يعقوب (٣) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام): رجل أفاض من عرفات بالمشعر. فلم يقف حتى انتهى الى منى ورمى الجمرة ولم يعلم حتى ارتفع النهار؟ قال : يرجع الى المشعر فيقف ثم يرجع فيرمي الجمرة».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «من أفاض من عرفات إلى منى فليرجع وليأت جمعا وليقف بها وان كان قد وجد الناس قد أفاضوا من جمع».

الثاني ـ اختياري عرفة خاصة ، والمشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم)

__________________

(١) ص ٤٠٤ و ٤٠٥.

(٢ و ٣) الفروع ج ٤ ص ٤٧٢ والوسائل الباب ٢١ من الوقوف بالمشعر.

(٤) الوسائل الباب ٤ و ٢١ من الوقوف بالمشعر.

٤٠٨

الاجتزاء به حتى انه ادعى في المسالك عدم الخلاف فيه ، حيث قال : انه لا خلاف في الاجتزاء بأحد الاختياريين. واعترضه سبطه في المدارك بأنه مشكل جدا ، لانتفاء ما يدل على الاجتزاء باختياري عرفة خاصة مع ان الخلاف في المسألة متحقق ، فإن العلامة في المنتهى صرح بعدم الاجتزاء بذلك ، وهذه عبارته : ولو أدرك أحد الموقفين اختيارا وفاته الآخر مطلقا فان كان الفائت هو عرفات فقد صح حجه لإدراك المشعر ، وان كان هو المشعر ففيه تردد. ونحوه قال في التذكرة ، فعلم من ذلك ان الاجتزاء بإدراك اختياري عرفة ليس إجماعيا كما ذكره الشارح وان المتجه فيه عدم الاجزاء لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ، وانتفاء ما يدل على الصحة مع هذا الإخلال. والله العالم بحقيقة الحال. انتهى.

أقول : روى الكليني في الصحيح أو الحسن عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) انه قال «في رجل لم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى اتى منى. فقال : ألم ير الناس لم يكونوا بمنى حين دخلها؟ قلت : فإنه جهل ذلك. قال : يرجع. قلت : ان ذلك قد فاته. قال : لا بأس».

وروى في التهذيب في الصحيح ايضا عن محمد بن يحيى الخثعمي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «في من جهل ولم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى اتى منى ، قال : يرجع. قلت : ان ذلك قد

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٤٧٣ والتهذيب ج ٥ ص ٢٩٣ والوسائل الباب ٢٥ من الوقوف بالمشعر راجع التعليقة ١ على الحديث في التهذيب.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٢٩٢ والوسائل الباب ٢٥ من الوقوف بالمشعر.

٤٠٩

فاته. قال : لا بأس به».

وهذان الخبران ظاهرا الدلالة على الاجتزاء باختياري عرفة ، والتقريب فيهما أن من الظاهر ان مروره بالمزدلفة والإتيان إلى منى انما هو من عرفات بعد الوقوف الاختياري بها ، والامام (عليه‌السلام) قد أمر بالرجوع إلى المزدلفة للوقوف بها ولو الاضطراري ، ولما أخبره السائل بفوات الوقت حكم بصحة الحج في الصورة المذكورة.

والشيخ (رحمه‌الله تعالى) حملهما في التهذيبين ـ بعد الطعن في الراوي بأنه عامي ، وانه رواه تارة بواسطة واخرى بدونها ـ على من وقف بالمزدلفة شيئا يسيرا دون الوقوف التام.

وما ادري ما الموجب لتأويلهما؟ سيما مع قولهم بالاجتزاء باختياري عرفة كما عرفت ، ودلالة الخبرين على ذلك من غير معارض في البين. والخبران ظاهران في ان ترك الوقوف كان عن جهل ، فلا يمكن حينئذ حملهما على ترك الوقوف عمدا ، ليكون ذلك موجبا لبطلان الحج كما ربما يتوهم. وبالجملة فإني لا اعرف وجها في ردهما والحال كما عرفت. وما ذكره من ان محمد بن يحيى الخثعمي عامي ، فلم يذكره إلا في هذا الموضع من الاستبصار ، واما في كتب الرجال فإنه لم يتعرض للقدح فيه بذلك. مع ان النجاشي قد وثقه ، فحديثه صحيح كما ذكرناه.

ولم أعثر على من تنبه لما قلناه من الاستدلال بالخبرين المذكورين على هذه الصورة مع ان دلالتهما ظاهرة بالتقريب المذكور.

وقال في الدروس ـ بعد ان اختار اجزاء الثمانية المتقدمة إلا الاضطراري الواحد منهما ، ونسب إجزاء اضطراري المشعر إلى رواية صحيحة ـ ما صورته

٤١٠

وخرج الفاضل وجها باجزاء اختياري المشعر وحده دون اختياري عرفة وحده ، ولعله لقول الصادق (عليه‌السلام) (١) : «الوقوف بالمشعر فريضة وبعرفة سنة». وقوله (عليه‌السلام) (٢) : «إذا فاتتك المزدلفة فاتك الحج». ويعارض بما اشتهر من قول النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله): «الحج عرفة» (٣). و «أصحاب الأراك لا حج لهم» (٤).

أقول : ومن هذا الكلام يظهر ان مستندهم في القول بالاجتزاء باختياري عرفة انما هو الخبر المذكور عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في الموضعين. ولا يخفى ما فيه من الإجمال الموجب لضعف الاستدلال. وما ذكرناه من الخبرين المتقدمين أظهر دلالة وأوضح مقالة.

الثالث ـ الاضطراريان ، والأظهر إدراك الحج بإدراكهما ، كما صرح به الشيخ في كتابي الاخبار ، واستقربه في المختلف واختاره المحقق في الشرائع ، والسيد السند في المدارك.

لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسن العطار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال : «إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٩ من إحرام الحج والوقوف بعرفة. واللفظ : «. والوقوف بعرفة سنة».

(٢) الوسائل الباب ٢٣ و ٢٥ من الوقوف بالمشعر واللفظ : «فقد فاتك الحج».

(٣) مستدرك الوسائل الباب ١٨ من إحرام الحج وسنن البيهقي ج ٥ ص ١٧٣.

(٤) الوسائل الباب ١٩ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٥) الوسائل الباب ٢٤ من الوقوف بالمشعر.

٤١١

فاقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع ووجدهم قد أفاضوا ، فليقف قليلا بالمشعر الحرام ، وليلحق الناس بمنى ، ولا شي‌ء عليه».

وهي صريحة الدلالة في إدراك الحج بإدراك الاضطراريين ، ولا ينافيها صحيحة حريز الآتية ونحوها من ما دل على فوات الحج بإدراك المشعر بعد طلوع الشمس ، لأنها محمولة على من لم يدرك عرفة بالمرة وانما أدرك اضطراري المشعر خاصة ، كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى.

ولا يخفى انه على القول بإدراك الحج بإدراك اضطراري المشعر خاصة يتعين القول بالصحة بإدراكهما معا بطريق اولى ، وانما تصير ثمرة الخلاف في هذا القول بناء على القول الآخر من عدم ادراك الحج في الصورة المذكورة.

ثم العجب من المحقق الشيخ حسن (قدس‌سره) في منسك الحج حيث قال بعد ذكر عدم الاجزاء في صورة اضطراري المشعر : ومثله القول في الثالث ، فان الخلاف فيه واقع ، وبالاجزاء حديث من مشهوري الصحيح واضح الدلالة ، الا ان الاعتماد على مثله في حكم مخالف للأصل مشكل. انتهى. وأشار بالثالث إلى صورة ادراك الاضطراريين. وبالحديث إلى صحيحة الحسن المذكورة ولا يخفى ما فيه من المجازفة بناء على اعتمادهم على القواعد الأصولية زيادة على الاخبار المعصومية ، فإن الأصل يجب الخروج عنه بالدليل ولا معارض له من الاخبار ، فيجب القول به على كل حال.

الرابع ـ اضطراري المشعر خاصة ، وقد اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في إدراك الحج بإدراكه وعدمه ، فالمشهور العدم ، بل ادعى عليه في المنتهى انه موضع وفاق ، وقال ابن الجنيد والمرتضى والصدوق في كتاب علل الشرائع والأحكام بالأول ، واختاره شيخنا الشهيد الثاني في المسالك وسبطه

٤١٢

السيد السند في المدارك.

قال (قدس‌سره) بعد نقل ذلك عن الجماعة المذكورين : وهو المعتمد لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن المغيرة (١) قال : «جاءنا رجل بمنى فقال اني لم أدرك الناس بالموقفين جميعا. فقال له عبد الله بن المغيرة : فلا حج لك. وسأل إسحاق بن عمار فلم يجبه فدخل إسحاق على أبي الحسن (عليه‌السلام) فسأله عن ذلك ، فقال : إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل ان تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج». وفي الحسن عن جميل عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «من أدرك المشعر الحرام يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج». وقد روى نحو هذه الرواية ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه بطريق صحيح عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «من أدرك الموقف بجمع يوم النحر من قبل ان تزول الشمس فقد أدرك الحج». وقال في كتاب علل الشرائع والأحكام (٤) : والذي افتى به واعتمده في هذا المعنى ما حدثنا به شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد (رضي الله تعالى عنه) قال حدثني محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه‌السلام)

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٢٩١ والوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

(٣) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٣ والوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

(٤) ص ٤٥١ طبعة النجف سنة ١٣٨٢ والوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

٤١٣

ونقل الرواية بعينها. وهذه الرواية مع صحتها واضحة الدلالة على المطلوب ، ويدل عليه ايضا ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن المغيرة عن إسحاق ابن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «من أدرك المشعر الحرام قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج». وفي الصحيح عن معاوية بن عمار (٢) قال : «قال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام) : إذا أدرك الزوال فقد أدرك الموقف». واستدل الشارح (قدس‌سره) على هذا القول بصحيحة عبد الله ابن مسكان عن الكاظم (عليه‌السلام) «إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل ان تزول الشمس فقد أدرك الحج» وتقدمه في ذلك الشيخ فخر الدين في شرح القواعد. ولم نقف على هذه الرواية في شي‌ء من الأصول ولا نقلها أحد غيرهما في ما اعلم. والظاهر انها رواية عبد الله بن المغيرة فوقع السهو في ذكر الأب. والعجب ان الكشي قال (٣) روى : ان عبد الله بن مسكان لم يسمع من الصادق (عليه‌السلام) الا حديث : «من أدرك المشعر فقد أدرك الحج». انتهى.

أقول : فيه انه وان دلت هذه الاخبار المذكورة على ما ادعاه من القول المذكور الا ان بإزائها أيضا ما يدل على القول المشهور ، فكان الواجب في مقام التحقيق ذكرها والجواب عنها بوجه يحسم مادة الاشكال والنزاع ، والا فإن المسألة تبقى في قالب التعويق الموجب لعدم الفائدة في ما ذكره والانتفاع.

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٣ والوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٣ والوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

(٣) الوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

٤١٤

ومن الاخبار المشار إليها ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل مفرد للحج فاته الموقفان جميعا. فقال : له الى طلوع الشمس من يوم النحر ، فان طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج ، ويجعلها عمرة ، وعليه الحج من قابل». والرواية مع صحة سندها صريحة الدلالة في القول المذكور.

ومن ما يدل على ذلك ايضا ظاهر صحيحة الحلبي المتقدمة في المسألة الثانية (٢) لقوله (عليه‌السلام) فيها : «وان قدم وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام ، فان الله تعالى أعذر لعبده ، فقد تم حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل ان يفيض الناس ، فان لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج ، فليجعلها عمرة مفردة ، وعليه الحج من قابل». والتقريب فيها ان الظاهر من قوله (عليه‌السلام) : «وان لم يدرك المشعر» يعني : على الوجه الذي ذكره أولا من كونه قبل طلوع الشمس وقبل ان يفيض الناس ، كما هو ظاهر السياق المتبادر من هذا الإطلاق. ونحوها أيضا صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة ثمة (٣) وقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لذلك الشيخ : «ان ظن انه يأتي عرفات فيقف قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها. الخبر». الا ان للاحتمال فيه مجالا.

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٢٩١ والوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٢٨٩ والوسائل الباب ٢٢ من الوقوف بالمشعر.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٢٩٠ والوسائل الباب ٢٢ من الوقوف بالمشعر.

٤١٥

ومن ما يدل على ذلك ما رواه الشيخ عن محمد بن سنان (١) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن الذي إذا أدركه الإنسان فقد أدرك الحج. فقال : إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج ولا عمرة له ، وان أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له ، فان شاء ان يقيم بمكة أقام وان شاء ان يرجع الى أهله رجع ، وعليه الحج من قابل».

وعن محمد بن فضيل (٢) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن الحد الذي إذا أدركه الرجل أدرك الحج. فقال : إذا اتى جمعا والناس في المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج ولا عمرة له ، وان لم يأت جمعا حتى تطلع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له ، فان شاء اقام وان شاء رجع ، وعليه الحج من قابل».

وعن إسحاق بن عبد الله (٣) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن رجل دخل مكة مفردا للحج فخشي ان يفوته الموقفان. فقال : له يومه الى طلوع الشمس من يوم النحر ، فإذا طلعت الشمس فليس له حج فقلت : كيف يصنع بإحرامه؟ فقال يأتي مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة. فقلت له : إذا صنع ذلك فما يصنع بعد؟ قال : ان شاء أقام بمكة وان شاء رجع الى الناس بمنى ، وليس منهم في شي‌ء ، وإن

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٢٩٠ والاستبصار ج ٢ ص ٣٠٣ و ٣٠٦ والوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٢٩١ والوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٢٩٠ والوسائل الباب ٢٣ من الوقوف بالمشعر.

٤١٦

شاء رجع الى اهله ، وعليه الحج من قابل».

فهذه جملة من الاخبار الدالة على القول المشهور كما ذكرنا. وهو وان أجاب عن بعضها بضعف السند بناء على اصطلاحه الغير المعتمد الا ان فيها الصحيح كما عرفت ، فيجب عليه التصدي للجواب عنه. والشيخ (رحمه‌الله) قد أجاب عن الروايات الأولى تارة بالحمل على إدراك الفضيلة والثواب دون ان تسقط عنه حجة الإسلام ، وتارة بتخصيصها بمن أدرك عرفات ثم جاء الى المشعر قبل الزوال. ولا يخفى ما فيهما من البعد عن سياق الأخبار المذكورة والحق ان الروايات من الطرفين صريحة في كل من القولين ، وما تكلفه المحقق الشيخ حسن (قدس‌سره) في المنتقى هنا ـ من الجمع بين الاخبار وارتكاب التأويل وان زاد في التطويل في جانب اخبار القول الغير المشهور ـ فهو لا يخلو من تكلف مع انه لا يجري في جميع أخبار المسألة كما لا يخفى على من تأمله.

وبالجملة فالمسألة عندي محل توقف واشكال. والله العالم بحقيقة الحال.

ثم ان ما ذكره (قدس‌سره) في الرواية المنقولة عن عبد الله بن مسكان عن الكاظم (عليه‌السلام) جيد ، فانا لم نقف عليها بعد التتبع في ما وصل إلينا من كتب الاخبار. واما رواية الكشي المذكورة فقد روى مثلها النجاشي في كتابه ، ولعل هذه الرواية كانت مشهورة على ألسنتهم وان لم تنقل في أصولهم ، أو انها لم تصل إلينا.

٤١٧

المقصد الثاني

في الوقوف بالمشعر :

ويسمى جمعا والمزدلفة ، قال في الصحاح : المشاعر : مواضع المناسك والمشعر الحرام أحد المشاعر ، وكسر الميم لغة. وقال ايضا : ويقال للمزدلفة : جمع ، لاجتماع الناس بها. وقال في القاموس : المشعر الحرام وتكسر ميمه : المزدلفة ، وعليه بناء اليوم. ووهم من ظنه جبلا بقرب ذلك البناء. وقال في كتاب مجمع البحرين بعد ذكر قوله (عزوجل) : (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) (١) : هو جبل بآخر مزدلفة واسمه : قزح ، ويسعى جمعا ومزدلفة والمشعر الحرام. والظاهر انه تبع في ذلك صاحب المصباح المنير فإنه يقتضي أثره غالبا حيث قال في الكتاب المذكور : والمشعر الحرام جبل بآخر مزدلفة واسمه قزح ، وميمه مفتوحة على المشهور وبعضهم يكسرها على التشبيه باسم الآلة. أقول : وهذا القول هو الذي أشار إليه في القاموس ونسب قائله الى الوهم. ونقل في الدروس عن الشيخ تفسيره بالجبل المذكور ، حيث قال في مسألة استحباب وطء الصرورة المشعر برجله : وقال ابن الجنيد : يطأ برجله أو بعيره. وقد قال الشيخ : هو قزح ، فيصعد عليه ويذكر الله تعالى عنده. ثم قال : والظاهر انه المسجد الموجود الآن. وسيأتي تتمة الكلام في ذلك ان شاء الله تعالى.

واما ما ورد في تعليل هذه الأسماء لهذا المكان فقد تقدم في الفائدة

__________________

(١) سورة البقرة الآية ١٩٧.

٤١٨

المنقولة في صدر المقصد الأول في حديث المحاسن من قول جبرئيل لإبراهيم (عليه‌السلام) : ازدلف الى المشعر الحرام. فسميت مزدلفة.

وروى ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال في حديث إبراهيم (عليه‌السلام): «ان جبرئيل انتهى به الى الموقف واقام به حتى غربت الشمس ، ثم أفاض به ، فقال : يا إبراهيم ازدلف الى المشعر الحرام. فسميت مزدلفة».

وروى في العلل (٢) عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سميت المزدلفة جمعا لأن آدم (عليه‌السلام) جمع فيها بين الصلاتين المغرب والعشاء».

وروى الصدوق مرسلا عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) والأئمة (عليهم‌السلام) (٣) «انه انما سميت المزدلفة جمعا لانه يجمع فيها بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين».

ومن ما روى في فضل هذا المكان ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار (٤) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : ما لله (عزوجل)

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من الوقوف بالمشعر عن علل الشرائع ص ٤٣٦ طبع النجف الأشرف ورواه في الفقيه ج ٢ ص ١٢٧ بطريق أخر باختلاف في اللفظ.

(٢) ص ٤٣٧ طبع النجف الأشرف والوسائل الباب ٦ من الوقوف بالمشعر.

(٣) الوسائل الباب ٦ من الوقوف بالمشعر.

(٤) الحديث أورده في المدارك بهذا اللفظ ايضا ، وفي الوسائل عن

٤١٩

منسك أحب الى الله تعالى من موضع المشعر ، وذلك انه يذل فيه كل جبار عنيد».

وكيف كان فالكلام في هذا المقصد يقع في مقامات ثلاثة.

الأول ـ في مقدمات الوقوف ، ومنها الإفاضة من عرفات بعد الغروب على سكينة ووقار وخشوع داعيا بما تقدم (١) نقله عن الصادق (عليه‌السلام) من الدعاء عند مغيب الشمس.

وروى الكليني والشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار (٢) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : ان المشركين كانوا يفيضون من قبل ان تغيب الشمس ، فخالفهم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فأفاض بعد غروب الشمس. قال : وقال أبو عبد الله (عليه‌السلام): إذا غربت الشمس فأفض مع الناس وعليك السكينة والوقار ، وأفض بالاستغفار. فان الله (عزوجل) يقول (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣) فإذا انتهيت الى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق فقل : اللهم ارحم موقفي وزد في عملي وسلم لي ديني وتقبل مناسكي.

__________________

العلل في الباب ١ من السعي هكذا : «من موضع السعي» وفي العلل ص ٤٣٣ من طبع النجف الأشرف باب (علة الهرولة بين الصفا والمروة) : «من موضع المسعى» ولم نقف على غير ذلك في مضانه.

(١) ص ٣٨٩.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٤٦٧ والتهذيب ج ٥ ص ١٨٦ و ١٨٧ والوسائل الباب ٢٢ من إحرام الحج والباب ١ من الوقوف بالمشعر.

(٣) سورة البقرة الآية ١٩٨.

٤٢٠