الحدائق الناضرة - ج ١٦

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

الحمرة من ههنا وأشار بيده الى المشرق والى مطلع الشمس».

وما رواه في الكافي عن يونس المذكور أيضا في الموثق (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : متى الإفاضة من عرفات؟ قال : إذا ذهبت الحمرة. يعنى من الجانب الشرقي».

وحيث ثبت ان الواجب الوقوف الى الغروب فلو أفاض قبل الغروب فان كان جاهلا أو ناسيا فلا شي‌ء عليه إجماعا منا ، كما ادعاه في التذكرة والمنتهى بل قال : انه قول كافة العلماء.

ويدل عليه ما رواه الشيخ في الحسن عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس؟ قال : ان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه ، وان كان متعمدا فعليه بدنة».

ووصف في المدارك هذه الرواية بالصحة مع طعنه في روايات مسمع في غير موضع بأنه غير موثق كما في مسألة كفارة من نظر الى امرأته فأمنى ، ومنها في كفارة من قبل امرأته. بل صرح في هذا الموضع بضعف روايته بسببه. وبالجملة فإن له فيه اضطرابا عظيما ، فتارة يصف روايته بالصحة كما هنا ، ومثله في كفارة القنفذ والضب واليربوع ، وتارة بالحسن وتارة بالضعف. والمعصوم من عصمه الله تعالى.

وان كان عامدا جبره ببدنة ، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما. ولا خلاف في صحة حجه وان وجب جبره ، وانما اختلف الأصحاب في ما يجب جبره به ، فالأشهر الأظهر وجوب جبره ببدنة.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٨١

ويدل عليه حسنة مسمع المتقدمة.

وصحيحة ضريس عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل ان تغيب الشمس. قال : عليه بدنة ينحرها يوم النحر فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في اهله».

ورواية الحسن بن محبوب عن رجل عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «في رجل أفاض من عرفات قبل ان تغرب الشمس؟ قال : عليه بدنة ، فان لم يقدر على بدنة صام ثمانية عشر يوما».

ونقل عن ابني بابويه ان الكفارة شاة. قال في المدارك ولم نقف لهما على مستند.

أقول : الظاهر ان مستندهما كتاب الفقه الرضوي حيث قال (عليه‌السلام) (٣) : «وإياك ان تفيض قبل الغروب فيلزمك دم». وقال ايضا (٤) بعد ذكر المشعر : «وإياك ان تفيض منها قبل طلوع الشمس ، ولا من عرفات قبل غروبها فيلزمك الدم».

والدم حيث يطلق في الاخبار وكلام الأصحاب فالمراد به دم شاة ، وينبهك على ذلك ان العلامة في المختلف نقل عن الشيخ في الخلاف انه قال : الأفضل ان يقف الى غروب الشمس في النهار ويدفع عن الموقف بعد غروبها ، فان دفع قبل الغروب لزمه دم. ثم اعترضه في موضعين من هذا الكلام : الأول : قوله : «الأفضل» فإنه يوهم جواز الإفاضة قبل الغروب مع انه لا خلاف بيننا انه يجب الوقوف الى الغروب ولا يجوز قبله ، والاخبار

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٢٣ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٣ و ٤) ص ٢٨.

٣٨٢

دالة على ذلك كما تقدم. الى ان قال : الثاني : انه أوجب الدم ، وقد عرفت ان الدم إذا أطلق حمل على أقل مراتبه وهو الشاة ، عملا بأصالة البراءة ، وقد بينا في المسألة السابقة ان الواجب بدنة ، خلافا لابني بابويه انتهى.

قالوا : ولو أفاض عامدا وعاد قبل الغروب لم يلزمه الجبر ، لأصالة البراءة ولانه لو لم يقف أولا ثم اتى قبل غروب الشمس ووقف حتى تغرب الشمس لم يجب عليه شي‌ء ، فكذا هنا. وحكى العلامة في المنتهى عن بعض العامة قولا باللزوم (١) لحصول الإفاضة المحرمة المقتضية للزوم الدم فلا يسقط الا بدليل. قال في المدارك : وهو غير بعيد وان كان الأقرب السقوط.

أقول : المسألة عندي محل توقف ، لفقد النص في المقام ، والتعليلات التي ذكروها عليلة لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية ، والقول العامي لا يخلو من قوة.

بقي الكلام في ان مورد رواية مسمع الجاهل والعامد. واما حكم الناسي فهو غير مذكور فيها ، والأصحاب قد أدرجوه في حكم الجاهل وجعلوا حكمه حكم الجاهل ، كما قدمنا نقله عنهم ، ودعوى الإجماع عليه. وكأنهم بنوا في ذلك على اشتراكهما في العذر وعدم توجه الخطاب. وفيه منع ظاهر فان المفهوم من تتبع الاخبار ان الجاهل أعذر ، وان الناسي بسبب تذكره أولا وعلمه سابقا لا يساوي الجاهل الذي لا علم له أصلا ، ولهذا استفاضت الاخبار بعدم وجوب قضاء الصلاة على جاهل النجاسة (٢) وتكاثرت بوجوب القضاء على الناسي ، حتى علل في بعضها بأنه عقوبة له لنسيانه وعدم

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٤١٤ و ٤١٥ طبع عام ١٣٦٨.

(٢) الوسائل الباب ٤٠ من النجاسات.

٣٨٣

تذكره (١) وبالجملة فإن الحكم بمساواتهما لا دليل عليه ان لم يكن الدليل قائما على خلافه. والله اعلم.

الموضع الثالث ـ من المستحبات الغسل بعد الزوال في هذا اليوم للوقوف ويدل عليه قوله (عليه‌السلام) في صحيحة معاوية بن عمار (٢) : «فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصل الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين فإنما تعجل العصر وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة».

وفي صحيحة الحلبي أو حسنته (٣) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام): الغسل يوم عرفة إذا زالت الشمس ، وتجمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين».

وفي صحيحة عمر بن يزيد (٤) قال : «إذا زاغت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية واغتسل وعليك بالتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح والثناء على الله. وصل الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين».

ومنها : الجمع بين الظهر والعصر ، وقد عرفت ذلك من الاخبار المذكورة ، ونحوها غيرها ايضا.

ومنها : الدعاء ولا سيما بالمأثور عن أهل العصمة (صلوات الله عليهم).

فروى ثقة الإسلام في الكافي في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٢ من النجاسات.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ٩ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ١٨٢ والوسائل الباب ٩ من إحرام الحج والوقوف بعرفة. والرواية عن أبي عبد الله (عليه‌السلام).

٣٨٤

عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) في حديث (١) قد تقدم صدره غير مرة قال (عليه‌السلام): «فإذا وقفت بعرفات فاحمد الله وهلله ومجده وأثن عليه وكبره (مائة مرة) واقرأ قل هو الله أحد (مائة مرة) وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت ، واجتهد فإنه يوم دعاء ومسألة ، وتعوذ بالله من الشيطان ، فان الشيطان لن يذهلك في موطن قط أحب إليه من ان يذهلك في ذلك الموطن ، وإياك ان تشتغل بالنظر الى الناس واقبل قبل نفسك ، وليكن في ما تقول : اللهم رب المشاعر كلها فك رقبتي من النار ، وأوسع علي من رزقك الحلال ، وادرأ عني شر فسقة الجن والانس ، اللهم لا تمكر بي ولا تخدعني ولا تستدرجني يا اسمع السامعين ويا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ويا ارحم الراحمين ، أسألك ان تصلي على محمد وآل محمد وان تفعل بي كذا وكذا. وليكن في ما تقول وأنت رافع يديك الى السماء : اللهم حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني والتي إن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني ، أسألك خلاص رقبتي من النار ، اللهم اني عبدك وملك يدك وناصيتي بيدك ، وأجلى بعلمك ، أسألك أن توفقني لما يرضيك عني ، وان تسلم مني مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم (عليه‌السلام) ودللت عليها نبيك محمدا (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وليكن في ما تقول : اللهم اجعلني ممن رضيت عمله وأطلت عمره وأحييته بعد الموت حياة طيبة». وروى الشيخ في التهذيب (٢) عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام)

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٤٦٣ و ٤٦٤ والوسائل الباب ١١ و ١٣ و ١٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) ج ٥ ص ١٨٢ والوسائل الباب ١٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٨٥

نحو ذلك وساق الحديث الى ان قال : «وليكن في ما تقول : اللهم اني عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك ، وارحم مسيري إليك من الفج العميق. وليكن فيما تقول : اللهم رب المشاعر كلها. ثم ساقه كما تقدم الى قوله ـ : ولا تستدرجني ـ ثم قال ـ : وتقول : اللهم إني أسألك بحولك وجودك وكرمك ومنك وفضلك يا اسمع السامعين ويا أبصر الناظرين. الحديث». كما تقدم الى آخره.

وروى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لعلي (عليه‌السلام) : الا أعلمك دعاء يوم عرفة وهو دعاء من كان قبلي من الأنبياء (عليهم‌السلام)؟ قال : تقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شي‌ء قدير ، اللهم لك الحمد كالذي تقول وخيرا من ما نقول وفوق ما يقول القائلون ، اللهم لك صلاتي ونسكي ، ومحياي ومماتي ، ولك براءتي (٢) وبك حولي ومنك قوتي ، اللهم إني أعوذ بك من الفقر ومن وساوس الصدور ومن شتات الأمر ومن عذاب القبر ، اللهم إني أسألك خير الرياح وأعوذ بك من شر ما تجي‌ء به الرياح وأسألك خير الليل وخير النهار ، اللهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي وبصري نورا ، وفي لحمي ودمي

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٨٣ والوسائل الباب ١٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) وفي بعض النسخ (تراثي) بدل (براءتي) ويرجع في تفسير الكلمتين الى بيان الوافي باب (الوقوف بعرفات والدعاء عنده).

٣٨٦

وعظامي وعروقي ومقعدي ومقامي ومدخلي ومخرجي نورا وأعظم لي نورا يا رب يوم ألقاك انك على كل شي‌ء قدير».

ورواه في الفقيه (١) عن معاوية بن عمار الى قوله : «وخير النهار». وقال (٢) : وفي رواية عبد الله بن سنان : «اللهم اجعل في قلبي نورا. الدعاء».

وروى في من لا يحضره الفقيه (٣) عن زرعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «إذا أتيت الموقف فاستقبل البيت وسبح الله (مائة مرة) وكبر الله (مائة مرة) وتقول : ما شاء الله ولا قوة إلا بالله (مائة مرة) وتقول : اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ويميت ويحيى وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شي‌ء قدير (مائة مرة) ثم تقرأ عشر آيات من أول سورة البقرة ، ثم تقرأ قل هو الله أحد (ثلاث مرات) وتقرأ آية الكرسي حتى تفرغ منها ، ثم تقرأ آية السخرة (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ... إلى قوله قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٤) ثم تقرأ قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس حتى تفرغ منهما ، ثم تحمد الله على كل نعمة أنعم عليك وتذكر النعمة واحدة واحدة ما أحصيت منها ، وتحمده على ما أنعم عليك

__________________

(١ و ٢) ج ٢ ص ٣٢٤ والوسائل الباب ١٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٣) ج ٢ ص ٣٢٢ و ٣٢٣ والوسائل الباب ١٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة ، والوافي باب (الوقوف بعرفات والدعاء عنده).

(٤) سورة الأعراف ، الآية ٥٤ و ٥٥ و ٥٦.

٣٨٧

من أهل ومال ، وتحمد الله على ما أبلاك ، وتقول : اللهم لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى بعدد ولا تكافأ بعمل ، وتحمده بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في القرآن ، وتسبحه بكل تسبيح ذكر به نفسه في القرآن ، وتكبره بكل تكبير كبر به نفسه في القرآن ، وتهلله بكل تهليل هلل به نفسه في القرآن ، وتصلي على محمد وآل محمد وتكثر منه وتجتهد فيه ، وتدعو الله بكل اسم سمى به نفسه في القرآن وبكل اسم تحسنه ، وتدعوه بأسمائه التي في آخر الحشر (١) وتقول : أسألك ـ يا الله يا رحمان بكل اسم هو لك ، وأسألك بقوتك وقدرتك وعزتك وبجميع ما أحاط به علمك وبجمعك وأركانك كلها ، وبحق رسولك (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وباسمك الأكبر الأكبر ، وباسمك العظيم الذي من دعاك به كان حقا عليك ان تجيبه ، وباسمك الأعظم الأعظم الذي من دعاك به كان حقا عليك ان لا ترده وان تعطيه ما سأل ـ ان تغفر لي جميع ذنوبي في جميع علمك في. وتسأل الله حاجتك كلها من الآخرة والدنيا ، وترغب إليه في الوفادة في المستقبل وفي كل عام ، وتسأل الله الجنة (سبعين مرة) وتتوب اليه (سبعين مرة). وليكن من دعائك : اللهم فكني من النار ، وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب ، وادرأ عني شر فسقة الجن والانس وشر فسقة العرب والعجم. فان نفد هذا الدعاء ولم تغرب الشمس فأعده من أوله الى آخره ولا تمل من الدعاء والتضرع والمسألة».

وروى في الكافي في الصحيح عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون القداح (٢)

__________________

(١) الآية ٢٢ و ٢٣ و ٢٤.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٤٦٤ والوسائل الباب ٢٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٨٨

قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وقف بعرفات ، فلما همت الشمس ان تغيب قبل ان تندفع قال : اللهم إني أعوذ بك من الفقر ومن تشتت الأمر ومن شر ما يحدث بالليل والنهار أمسى ظلمي مستجيرا بعفوك ، وأمسى خوفي مستجيرا بأمانك ، وأمسى ذلي مستجيرا بعزك ، وأمسى وجهي الفاني مستجيرا بوجهك الباقي ، يا خير من سئل ويا أجود من اعطى ، جللني برحمتك ، وألبسني عافيتك واصرف عني شر جميع خلقك. قال عبد الله بن ميمون : وسمعت أبي يقول : يا خير من سئل ، ويا أوسع من اعطى ، ويا ارحم من استرحم. ثم سل حاجتك».

أقول : لعل المراد بقوله : «سمعت أبي.» ان أباه روى الحديث بهذه الزيادة.

وروى الشيخ بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا غربت الشمس فقل : اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف وارزقنيه من قابل ابدا ما أبقيتني واقلبني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي مرحوما مغفورا لي بأفضل ما ينقلب به اليوم أحد من وفدك عليك ، وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة وبارك لي في ما ارجع اليه من أهل أو مال أو قليل أو كثير وبارك لهم في».

ورواه الصدوق (قدس‌سره) بإسناده عن زرعة (٢).

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٨٧ والوسائل الباب ٢٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ٣٢٥ والوسائل الباب ٢٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٨٩

ومن المستحب الدعاء في هذا اليوم ايضا بدعاء الحسين (عليه‌السلام) وهو مشهور (١) ودعاء ابنه زين العابدين (عليه‌السلام) في الصحيفة الكاملة (٢).

وقال شيخنا المفيد (عطر الله مرقده) في المقنعة (٣) بعد ذكر ما في رواية أبي بصير المتقدمة : «ثم يدعو بدعاء الموقف فيقول : لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك وعبادك الذي اصطفيته لرسالتك ، واجعله إلهي أول شافع وأول شفيع وأول قائل وأنجح سائل ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، أفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم انك تجيب المضطر إذا دعاك ، وتكشف السوء ، وتغيث المكروب وتشفي السقيم ، وتغني الفقير ، وتجبر الكسير ، وترحم الصغير وتعين الكبير ، وليس فوقك أمير أنت العلي الكبير يا مطلق المكبل الأسير ويا رازق الطفل الصغير ، ويا عصمة الخائف المستجير ، يا من لا شريك له ولا وزير ، اللهم إنك أقرب من دعى ، وأسرع من أجاب ، وأكرم من عفى ، وخير من اعطى ، وأوسع

__________________

(١) ويرويه المحدث الثقة الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان في اعمال يوم عرفة ص ٢٦١.

(٢) وهو الدعاء السابع والأربعون من الصحيفة السجادية.

(٣) ص ٦٤.

٣٩٠

من سئل ، رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما ، ليس كمثلك شي‌ء مسؤول ولا معط ، دعوتك فأجبتني ، وسألتك فاعطيتني ، وفرعت إليك فرحمتني ، وأسلمت لك نفسي فاغفر لي ذنوبي ولوالدي ولأهلي وولدي ولكل سبب ونسب في الإسلام لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم إني أسألك ـ بعظيم ما سألك به أحد من خلقك من كريم أسمائك وجميل ثنائك وخاصة آلائك ان تصلي على محمد وآل محمد ، وان تجعل عشيتي هذه أعظم عشية مرت علي منذ انزلتني الى الدنيا بركة ، في عصمة ديني ، وخاصة نفسي ، وقضاء حاجتي ، وتشفيعي في مسائلي ، وإتمام النعمة علي ، وصرف السوء عني وألبسني العافية ، وان تجعلني ممن نظرت إليه في هذه العشية برحمتك ، إنك جواد كريم. اللهم صل على محمد وآل محمد ، ولا تجعل هذه العشية آخر العهد مني حتى تبلغنيها من قابل مع حاج بيتك الحرام والزوار لقبر نبيك (عليه وآله السلام) في اعفى عافيتك ، وأتم نعمتك ، وأوسع رحمتك وأجزل قسمك ، وأسبغ رزقك ، وأفضل الرجاء ، وانا لك على أحسن الوفاء انك سميع الدعاء. اللهم صل على محمد وآل محمد ، واسمع دعائي ، وارحم تضرعي وتذللي واستكانتي وتوكلي عليك ، فانا لك سلم ، لا أرجو نجاحا ولا معافاة ولا تشريفا الا بك ومنك ، فامنن علي بتبليغي هذه العشية من قابل وانا معافى من كل مكروه ومحذور ومن جميع البوائق. واعني على طاعتك وطاعة أوليائك الذين اصطفيتهم من خلقك لخلقك ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وسلمني في ديني ، وامدد لي في أجلي ، وأصح لي جسمي ، يا من رحمني وأعطاني سؤلي ، فاغفر لي ذنبي انك على كل شي‌ء قدير اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتمم علي نعمتك في ما بقي من اجلي حتى تتوفاني وأنت عني راض. اللهم صل على محمد وآل محمد ، ولا تخرجني من ملة الإسلام ، فإني

٣٩١

اعتصمت بحبلك ، ولا تكلني إلى غيرك. اللهم صل على محمد وآل محمد ، وعلمني ما ينفعني ، واملأ قلبي علما وخوفا من سطوتك ونقمتك. اللهم إني أسألك ـ مسألة المضطر إليك ، المشفق من عذابك ، الخائف من عقوبتك ـ ان تغفر لي وتعيذني بعفوك وتحنن علي برحمتك ، وتجود علي بمغفرتك وتؤدي عني فريضتك ، وتغنيني بفضلك عن سؤال أحد من خلقك ، وان تجيرني من النار برحمتك. اللهم صل على محمد وآل محمد ، وافتح له فتحا يسيرا ، وانصره نصرا عزيزا ، واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا. اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأظهر حجته بوليك ، واحي سنته بظهوره ، حتى تستقيم بظهوره جميع عبادك وبلادك ، ولا يستخفي أحد بشي‌ء من الحق مخافة أحد من الخلق. اللهم إني أرغب إليك في دولته الشريفة الكريمة التي تعز بها الإسلام واهله وتذل بها الشرك واهله. اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والعابرين في سبيلك ، وارزقنا فيها كرامة الدنيا والآخرة. اللهم ما أنكرنا من الحق فعرفناه وما قصرنا عنه فبلغناه. اللهم صل على محمد وآل محمد ، واستجب لنا جميع ما دعوناك وسألناك. واجعلنا ممن يذكر فتنفعه الذكرى. وأعطني اللهم سؤلي في الدنيا والآخرة ، انك على كل شي‌ء قدير».

أقول قال الصدوق (قدس‌سره) في من لا يحضره الفقيه (١) ـ بعد ما أورد ما قدمناه قبل هذا الدعاء ـ ما صورته : وقد أخرجت دعاء جامعا لموقف عرفة في كتاب دعاء الموقف ، فمن أحب ان يدعو به دعا به ان شاء الله تعالى. انتهى. والظاهر انه أشار الى هذا الدعاء الذي ذكره شيخنا المذكور. والله العالم.

__________________

(١) ج ٢ ص ٣٢٤.

٣٩٢

ومنها : الدعاء للإخوان ، روى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن علي بن إبراهيم عن أبيه (١) قال : «رأيت عبد الله بن جندب بالموقف ، فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه ، ما زال مادا يديه الى السماء ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الأرض ، فلما انصرف الناس قلت : يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك. قال : والله ما دعوت إلا لإخواني وذلك لان أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه‌السلام) أخبرني انه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش : «ولك مائة ألف ضعف مثله» فكرهت ان ادع مائة ألف ضعف مضمونة لواحدة لا ادري تستجاب أم لا». ورواه الصدوق مرسلا نحوه (٢).

وعن ابن أبي عمير (٣) قال : «كان عيسى بن أعين إذا حج فصار الى الموقف اقبل على الدعاء لإخوانه حتى يفيض الناس. قال : قلت له : تنفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا صرت الى الموضع الذي تبث فيه الحوائج الى الله (عزوجل) أقبلت على الدعاء لإخوانك وتركت نفسك؟! قال : اني على ثقة من دعوة الملك لي وفي شك من الدعاء لنفسي».

وفي الموثق عن إبراهيم بن أبي البلاد أو عبد الله بن جندب (٤) قال : «كنت في الموقف فلما أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب فسلمت عليه ، وكان مصابا بإحدى عينيه ، وإذا عينه الصحيحة حمراء كأنها علقة دم ،

__________________

(١ و ٣ و ٤) الفروع ج ٤ ص ٤٦٥ والوسائل الباب ١٧ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ١٣٧ والوسائل الباب ١٧ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٩٣

فقلت له : قد أصبت بإحدى عينيك وانا والله مشفق على عينك الأخرى ، فلو قصرت من البكاء قليلا. قال : لا والله يا أبا محمد ما دعوت لنفسي اليوم بدعوة. فقلت : فلمن دعوت؟ فقال : دعوت لإخواني ، فإني سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : من دعا لأخيه بظهر الغيب وكل الله به ملكا يقول : «ولك مثلاه» فأردت ان أكون أنا أدعو لإخواني ويكون الملك يدعو لي ، لأني في شك من دعائي لنفسي ولست في شك من دعاء الملك لي».

ومنها : ان يضرب خباءه بنمرة ، لقوله (عليه‌السلام) في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة (١) : «فإذا انتهيت الى عرفات فاضرب خباءك بنمرة ، وهي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة ، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل. الحديث».

وفي صحيحته الأخرى الواردة في حج النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٢) «انه انتهى الى نمرة وهي بطن عرنة بحيال الأراك ، فضربت قبته وضرب الناس أخبيتهم عندها ، فلما زالت الشمس خرج رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ومعه فرسه وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد فوعظ الناس. الحديث». وقد تقدم في المقام (٣).

واستشكل في المسالك هنا بفوات جزء من الوقوف الواجب عند الزوال قال : والذي ينبغي انه لا تزول الشمس عليه الا بها. انتهى. وهو مبنى على

__________________

(١) ص ٣٧٥.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أقسام الحج.

(٣) ص ٣٧٥ وذكرنا هناك ان لفظ الكافي «قريش» بدل «فرسه».

٣٩٤

ما قدمنا نقله عنه وعن أمثاله من المتأخرين من إيجابهم الوقوف بعرفة من أول الزوال ومقارنة النية لأوله. وقد عرفت الكلام فيه في الموضع الأول مستوفى.

ومنها : سد الخلل بنفسه أو برحله ، لما تقدم

في صحيحة معاوية بن عمار (١) من قوله (عليه‌السلام): «فإذا رأيت خللا فسده بنفسك وراحلتك ، فان الله (عزوجل) يحب ان تسد تلك الخلال».

وربما علل استحباب سد الفرج الكائنة على الأرض بأنها إذا بقيت فربما يطمع أجنبي في دخولها ، فيشتغلون بالتحفظ منه عن الدعاء ، ويؤذيهم في شي‌ء من أمورهم.

واحتمل بعض الأصحاب (رضوان الله عليهم) كون متعلق الجار في «بنفسك وراحلتك» محذوفا صفة للخلل ، والمعنى انه يسد الخلل الكائن بنفسه وبرحله ، بأن يأكل ان كان جائعا ، ويشرب ان كان عطشانا ، وهكذا يصنع ببعيره ، ويزيل الشواغل المانعة من الإقبال والتوجه في الدعاء.

وهو معنى حسن في حد ذاته الا انه بعيد عن لفظ الخبر والمستفاد من غيره ، بل المراد انما هو الفرج الواقعة في الأرض.

كما يدل عليه صريحا ما رواه في الكافي عن سعيد بن يسار (٢) قال : «قال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام) عشية من العشيات ونحن بمنى ـ وهو يحثني على الحج ويرغبني فيه ـ : يا سعيد أيما عبد رزقه الله رزقا من رزقه

__________________

(١ و ٢) الفروع ج ٤ ص ٢٦٣ والوسائل الباب ١٣ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٩٥

فأخذ ذلك الرزق فأنفقه على نفسه وعلى عياله ، ثم أخرجهم قد ضحاهم بالشمس حتى يقدم بهم عشية عرفة الى الموقف فيقيل ، ألم تر فرجا تكون هناك فيها خلل وليس فيها أحد؟ فقلت : بلى جعلت فداك. فقال : يجي‌ء بهم قد ضحاهم حتى يشعب بهم تلك الفرج ، فيقول الله (تبارك وتعالى لا شريك له) : عبدي رزقته من رزقي فأخذ ذلك الرزق فأنفقه فضحى به نفسه وعياله ثم جاء بهم حتى شعب بهم هذه الفرجة التماس مغفرتي ، اغفر له ذنبه ، واكفه ما أهمه. وارزقه. الحديث».

قال في الوافي (١) بعد ذكر الخبر : «قد ضحاهم بالشمس» اي ابرزهم لحرها ، والضحى بالضم والقصر : الشمس. قوله : «ألم تر» جملة معترضة والتقدير فيقيل بهم حتى يشعب بهم تلك الفرج. والفرجة بالضم : الثلمة في الحائط ونحوه. والخلل : منفرج ما بين الشيئين. والشعب : الرتق والجمع والإصلاح ، يعني : عمر تلك المواضع بعبادته وعبادة أهل بيته وملأها بهم وسدها» انتهى.

ومنها : الوقوف بميسرة الجبل بعرفة ، فإنه الأفضل وان أجزأ الوقوف بأي موضع منها.

فروى في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «قف في ميسرة الجبل ، فان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وقف بعرفات في ميسرة الجبل ، فلما وقف جعل الناس

__________________

(١) باب (فضل الحج والعمرة وثوابهما).

(٢) الفروع ج ٤ ص ٤٦٣ والوسائل الباب ١١ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٩٦

يبتدرون أخفاف ناقته فيقفون الى جانبه ، فنحاها ، ففعلوا مثل ذلك ، فقال : ايها الناس انه ليس موضع أخفاف ناقتي الموقف ولكن هذا كله موقف. وأشار بيده الى الموقف. وقال : هذا كله موقف. وفعل مثل ذلك بالمزدلفة. الحديث».

وعن مسمع عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «عرفات كلها موقف ، وأفضل الموقف سفح الجبل. الى ان قال : وانتقل عن الهضبات واتق الأراك».

وعن محمد بن سماعة عن سماعة (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام): إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم فكيف يصنعون؟ فقال : يرتفعون إلى وادي محسر. قلت : فإذا كثروا بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال : يرتفعون إلى المأزمين. قلت : فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف يصنعون؟ قال : يرتفعون الى الجبل ويوقف في ميسرة الجبل ، فان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وقف بعرفات فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته. الحديث». كما تقدم في صحيحة معاوية بن عمار.

ومنها : القيام ، ذكره جملة من الأصحاب ، وعللوه بأنه أشق ، وأفضل

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٤٦٣ والوافي باب (حدود عرفات) والوسائل الباب ١١ من إحرام الحج والوقوف بعرفة. راجع التعليقة (٢) على هذا الحديث في الطبعة الحديثة من الوسائل.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٨٠ والوسائل الباب ١١ و ١٣ و ١٠ من إحرام الحج والوقوف بعرفة وفي النسخ المخطوطة والمطبوعة اسناد الرواية الى محمد بن سماعة.

٣٩٧

الأعمال أحمزها (١).

وقال الشيخ في الخلاف : يجوز الوقوف بعرفة راكبا وقائما سواء. وفي المبسوط القيام أفضل. قال في المختلف : وهو الحق ، لنا : انه أشق ، وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله): «أفضل الأعمال أحمزها» (٢). ثم نقل عن الشيخ في الخلاف انه قال في استدلاله : وايضا القيام أشق من الركوب ، فينبغي ان يكون أفضل.

وقال في المدارك بعد ان اختار ذلك وعلله بما ذكره الأصحاب أيضا : وينبغي ان يكون ذلك حيث لا ينافي الخشوع لشدة التعب ونحوه ، والا سقطت وظيفة القيام.

وقال في المدارك بعد ان نقل عن المصنف كراهة الركوب والقعود : لم أقف على رواية تتضمن النهي عن ذلك. نعم لا ريب انه خلاف الاولى ، لاستحباب القيام. وقال بعض العامة : ان الركوب أفضل من القيام ، لما رووه من ان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وقف راكبا (٣) وهو ضعيف. انتهى.

أقول : والمسألة عندي لا تخلو من شوب التردد ، فان ما ذكروه من استحباب القيام لم يرد في شي‌ء من اخبار عرفة على كثرتها واشتمالها على جملة من المندوبات ، مع ان هذا الحكم من أهمها لو كان كذلك. وما عللوه به

__________________

(١) في نهاية ابن الأثير مادة (حمز) : «في حديث ابن عباس : سئل رسول الله (ص) : اي الأعمال أفضل؟ فقال : أحمزها اي أقواها وأشدها». وفي مجمع البحرين ايضا نسبته الى حديث ابن عباس.

(٢) نفس المصدر.

(٣) المغني ج ٣ ص ٤٢٨ طبع مطبعة المنار.

٣٩٨

من الخبر لا يخلو من شي‌ء.

مع ان الظاهر من صحيحة معاوية بن عمار في حكاية وقوفه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (١) وقوله فيها : «فلما وقف جعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فيقفون الى جانبه ، فنحاها ، ففعلوا مثل ذلك». ان وقوفه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان على الناقة.

وأصرح منه وأظهر ما رواه عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الاسناد عن محمد بن عيسى عن حماد بن عيسى (٢) قال : «رأيت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه‌السلام) في الموقف على بغلة رافعا يده الى السماء عن يسار والى الموسم حتى انصرف ، وكان في موقف النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وظاهر كفيه الى السماء وهو يلوذ ساعة بعد ساعة بسبابتيه».

ومنها : عدم الوقوف في أعلى الجبل الا مع الضرورة. لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار (٣) قال : «سألت أبا إبراهيم (عليه‌السلام) عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب إليك أم على الأرض؟ فقال : على الأرض».

ونقل عن ابن البراج وابن إدريس أنهما حرما الوقوف على الجبل إلا لضرورة. ولم أقف لذلك على دليل سوى الرواية المذكورة.

وكيف كان فمع الضرورة كالزحام ونحوه تنتفي الكراهة أو التحريم.

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٩٩

لما تقدم في رواية محمد بن سماعة (١). وما رواه في الكافي عن سماعة (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : إذا ضاقت عرفة كيف يصنعون؟ قال : يرتفعون الى الجبل».

ومنها : الوقوف على طهارة ، لما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه‌السلام) (٣) قال : «سألته عن الرجل هل يصلح له ان يقف بعرفات على غير وضوء؟ قال : لا يصلح له الا وهو على وضوء».

وانما حملناه على الاستحباب لما تقدم في أحاديث السعي والطواف من ما يدل على جواز أداء المناسك بغير طهارة إلا الطواف.

وينبغي تقييد ذلك ايضا بما إذا لم يكن وقوفه على غسل والا فالغسل مجزئ عنه ، كما هو القول المختار من اجزاء الغسل مطلقا عن الوضوء ، كما تقدم تحقيقه في كتاب الطهارة.

الموضع الرابع ـ المشهور بين الأصحاب ان الدعاء يوم عرفة مستحب ، قال في المنتهى : وهذه الأدعية مستحبة وليست بواجبة إنما الواجب الوقوف ولا نعلم في ذلك خلافا. ثم أورد الخبرين الآتيين.

أقول : وربما أشعر كلام بعضهم بالوجوب ، ونقل في الدروس عن الحلبي انه أوجب الدعاء والاستغفار. وعن ابن زهرة إيجاب الذكر.

وقال في المختلف : قال أبو الصلاح : يلزم افتتاحه بالنية ، وقطع زمانه

__________________

(١) تقدم انها رواية محمد بن سماعة عن سماعة.

(٢) الوسائل الباب ١١ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٣) الوسائل الباب ٢٠ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٤٠٠