الحدائق الناضرة - ج ١٦

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

السعي ، لروايتي معاوية (١) وسعيد بن يسار (٢) وليس في رواية ابن مسكان (٣) سوى الجماع. انتهى.

أقول : اما ما ذكره من استحباب الاشتراط في إحرامها فيدل عليه ما رواه في الكافي عن فضيل بن يسار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «المعتمر عمرة مفردة يشترط على ربه أن يحله حيث حبسه. ومفرد الحج يشترط على ربه ان لم تكن حجة فعمرة».

واما التلفظ بها في الدعاء والتلبية فلم أقف فيه على نص في خصوص العمرة المفردة ، ولعله مأخوذ من نصوص التمتع فإنه المذكور فيها.

واما انه لو استطاع لها خاصة لم تجب. الى آخر ما ذكره في ذلك فهو أحد الأقوال في المسألة على ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني في المسالك وسبطه في المدارك.

وقيل انه لا يشترط في وجوبها الاستطاعة للحج معها بل لو استطاع إليها خاصة وجبت. وكذا الحج بطريق اولى ، واستجوده في المسالك.

وقال في المدارك : وهو أشهر الأقوال في المسألة وأجودها ، إذ ليس في ما وصل إلينا من الروايات دلالة على ارتباطها بالحج ، بل ولا دلالة على اعتبار

__________________

(١) الظاهر ان مراد الشهيد برواية معاوية هي التي نقلها المصنف عن الشهيد الثاني ص ٢٨٥ وأنكر وجودها وقد أوردنا في التعليقة (٥) هناك ما يرتبط بذلك فراجع.

(٢) تقدمت ص ٢٨٥.

(٣) تقدمت ص ٢٨٤.

(٤) الوسائل الباب ٢٣ من الإحرام.

٣٤١

وقوعها في السنة ، وانما المستفاد منها وجوبها خاصة.

أقول : وهو الظاهر من الاخبار التي قدمناها في صدر هذا المطلب ، ومنها : قول أبي عبد الله (عليه‌السلام) في صحيحة معاوية بن عمار (١) : «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع.». ونحوها صحيحة زرارة بن أعين المذكورة ثمة أيضا (٢) وغيرها.

وقيل ان كلا منهما لا يجب الا مع الاستطاعة للآخر.

قال في المسالك بعد نقل القولين المذكورين : وفصل ثالث فأوجب الحج مجردا عنها وشرط في وجوبها الاستطاعة للحج. وهو مختار الدروس.

ثم ان ما ذكره في المدارك ـ من انه ليس في ما وصل اليه من الروايات دلالة. من ما ينافيه ما قدمنا نقله في المسألة الرابعة (٣) من قول أبي عبد الله (عليه‌السلام) في المرسلة التي نقلها الشيخ عن أصحابنا وغيرهم : «ان المتمتع إذا فاتته عمرة المتعة اعتمر بعد الحج. الحديث». فان ظاهره ان محلها الموظف لها بعد الحج وان جاز تأخيره إلى أول المحرم كما دل عليه عجز الخبر. والوظائف الشرعية يجب الوقوف فيها على النقل ، والتجاوز الى غيره يحتاج الى دليل. فما ذكره في هذا المقام ـ وصرح به أيضا في موضع آخر من قوله : وقد قطع الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه يجب على القارن والمفرد تأخير العمرة عن الحج ، وفي استفادة ذلك من الاخبار نظر. انتهى ـ محل اشكال.

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٢٦٥ والوسائل الباب ١ من العمرة.

(٢) ص ٣١١.

(٣) ص ٣٢٥ و ٣٢٦.

٣٤٢

واما ما ذكره ـ من انه لا يدخل أفعالها في أفعال الحج ـ فوجهه ظاهر من ان العبادات مبنية على التوقيف ، وكل من الحج والعمرة نسك مستقل فإدخال أحدهما في الآخر بأن ينوي الحج قبل تحلله من العمرة أو العمرة قبل تحلله من الحج غير جائز عند علمائنا. وقد نقل شيخنا الشهيد الثاني في المسالك الإجماع على ذلك. ويدل عليه ظاهر قوله (عزوجل) : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) (١) وقد تقدم الخلاف في من لبى بالحج قبل ان يقصر من عمرته.

واما انه لا يكره إيقاعها في الأيام المذكورة فينافيه ما تقدم منه قبيل هذا الكلام من قوله : ووقت العمرة الواجبة بأصل الشرع عند الفراغ من الحج وانقضاء أيام التشريق ، لرواية معاوية بن عمار (٢) وقد تقدم إيضاح ذلك في المسألة الرابعة بما يؤذن بقوله بوجوب تأخيرها عن أيام التشريق ، كما هو ظاهر الرواية المذكورة. فكيف يتم ما ذكره هنا من انه لا يكره إيقاعها في أيام التشريق على إطلاقه. الا ان يخص بالواجبة ويكون الكلام هنا في المستحبة لمن لم يجب عليه الحج ، فإنه لا مانع من إيقاعها في هذه الأيام.

واما ان من ساق هديا فيها نحره قبل ان يحلق رأسه بالحزورة فهو مدلول بعض الاخبار ، والاخبار في المسألة مختلفة في ذلك. وسيأتي الكلام عليها ان شاء الله تعالى في محلها.

واما ما ذكره ـ من انه لو جامع فيها قبل السعي. الى آخره ـ

__________________

(١) سورة البقرة الآية ١٩٥.

(٢) تقدمت ص ٣٢٤ و ٣٢٥.

٣٤٣

فقد تقدم تحقيق القول فيه في الموضع السادس عشر من الفصل الثاني في كفارة الجماع من الباب الثاني (١) وكذا جماع المتمتع قبل السعي أو بعده قبل التقصير. وقد تقدم في الموضع المشار اليه ما يدل على بعض أحكامه وقد تقدم قريبا ايضا ما يدل على بعض.

واما حكم المرأة المطاوعة والمكرهة فهو وان لم أقف عليه في خصوص إحرام العمرة المفردة لكنه داخل في عموم الأخبار الدالة على جماع المحرم واما قوله ـ : ولو جامع بعد السعي. إلى قوله : وان كان بعد الحلق ـ فيحتمل ان يكون حكما مستقلا عن ما قبل ، ويكون إشارة الى ما تقدم في الموضع الثالث عشر من الفصل الثاني في كفارة الجماع من وجوب البدنة على المجامع بعد السعي. الا ان قوله : «وأن كان بعد الحلق» مشكل ، حيث انه بعد الحلق قد أحل فلا تلحقه الكفارة. ويحتمل ـ وهو الأنسب بصحة العبارة وان بعد من حيث نظم الكلام ـ رجوع ذلك الى الإكراه ، بمعنى انه يجب عليه الكفارة بالإكراه بعد السعي وان كان بعد الحلق ، يعني بعد إحلاله وإحرامها هي. ويحتمل ـ ولعله الأقرب ـ ان إيجابه البدنة انما هو من حيث عدم الإتيان بطواف النساء. الا اني لم أقف على مصرح به من الأصحاب (رضوان الله عليهم). وقد تقدم في الموضع المشار اليه آنفا ان وجوب البدنة في العمرة بعد السعي وقبل التقصير انما ثبت في عمرة التمتع دون المفردة. فليتأمل. والله العالم.

__________________

(١) ج ١٥ ص ٣٨٧ الموضع الثالث عشر.

٣٤٤

الباب الرابع

في الحج وفيه مقاصد :

المقصد الأول

في الوقوف بعرفات.

والبحث عن مقدماته وكيفيته وأحكامه يقع في فصول ثلاثة :

الفصل الأول في المقدمات ، وفيه مسائل :

المسألة الأولى ـ المشهور بين الأصحاب استحباب الإحرام للحج يوم التروية ، ونقل في المختلف عن ابن حمزة القول بالوجوب إذا أمكنه الإحلال والإحرام بالحج ولم يتضيق الوقت ، مستندا الى الأمر بالإحرام يوم التروية في جملة من الاخبار الآتية ، وحمله الأصحاب على الاستحباب ، استنادا الى اشتمال تلك الاخبار على جملة من المستحبات.

أقول : ومن ما يدل على جواز وقوعه في غير يوم التروية ما تقدم قريبا (١) في حديث أبي الحسن (عليه‌السلام) من انه دخل ليلة عرفة معتمرا فاتى بأفعال العمرة وأحل وجامع بعض جواريه ثم أهل بالحج وخرج الى منى.

__________________

(١) ص ٣٠٣.

٣٤٥

وما رواه الشيخ في التهذيب (١) في الصحيح عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابه عن أبي الحسن (عليه‌السلام) في حديث قال فيه : «وموسع للرجل أن يخرج إلى منى من وقت الزوال من يوم التروية الى ان يصبح حيث يعلم انه لا يفوته الموقف».

وفي الصحيح عن علي بن يقطين (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الذي يريد ان يتقدم فيه الذي ليس له وقت أول منه. قال : إذا زالت الشمس. وعن الذي يريد ان يتخلف بمكة عشية التروية ، إلى آية ساعة يسعه ان يتخلف؟ قال : ذلك موسع له حتى يصبح بمنى». ومعناه ان أول وقت الخروج إلى منى زوال الشمس من يوم التروية وآخره آخر ليلة عرفة بان يصبح في منى لا يتقدم على هذا ولا يتأخر عن هذا. هذا هو الأصل في أفضلية الوقت وان جاز التقديم والتأخير على خلاف الفضل ، ولذوي الأعذار كما سيأتي ان شاء الله تعالى.

والظاهر ان ما ذكره علماء الرجال من ان علي بن يقطين روى عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) حديثا واحدا هو هذا الحديث.

__________________

(١) ج ٥ ص ١٧٦ ، وقد اعتبر في الوافي باب (الخروج إلى منى) هذا الكلام من تتمة حديث البزنطي عن بعض أصحابه الذي أورده في الوسائل الباب ٣ من إحرام الحج والوقوف بعرفة ، ولم يعتبره من الحديث المزبور بل من كلام الشيخ (قدس‌سره) ، وقد جرى المصنف (قدس‌سره) على نهج الوافي حيث اعتبره من الحديث. وسيأتي منه نقل الحديث المذكور في المسألة الثالثة.

(٢) الوسائل الباب ٢ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٤٦

وهذه الاخبار ظاهرة في رد ما نقل عن ابن حمزة من القول بالوجوب في يوم التروية.

ثم ان من المستحب في هذا اليوم ايضا قبل الإحرام الغسل وقص الأظفار وطلي العانة ونتف الإبطين وأخذ الشارب.

ومن الاخبار في المقام ما رواه ثقة الإسلام في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا كان يوم التروية ان شاء الله ، فاغتسل ، والبس ثوبيك ، وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار ، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه‌السلام) أو في الحجر ، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ، ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة ، وأحرم بالحج ، ثم امض وعليك السكينة والوقار ، فإذا انتهيت الى الروحاء دون الردم فلب ، فإذا انتهيت الى الردم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى».

وما رواه في الكافي والتهذيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «إذا أردت أن تحرم يوم التروية فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم ، وخذ من شاربك ومن أظفارك ، واطل عانتك ان كان لك شعر ، وانتف إبطيك ، واغتسل ، والبس ثوبيك ، ثم ائت المسجد الحرام فصل فيه ست ركعات قبل ان تحرم ، وتدعو الله تعالى وتسأله العون ، وتقول :

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٤٥٤ والتهذيب ج ٥ ص ١٦٧ والوسائل الباب ١ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٤٥٤ والتهذيب ج ٥ ص ١٦٨ والوسائل الباب ٥٢ من الإحرام.

٣٤٧

اللهم اني أريد الحج فيسره لي وحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي. وتقول : أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي من النساء والطيب والثياب ، أريد بذلك وجهك والدار الآخرة ، وتحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي. ثم تلبي من المسجد الحرام كما لبيت حين أحرمت ، وتقول : لبيك بحجة تمامها وبلاغها عليك. فان قدرت ان يكون رواحك إلى منى زوال الشمس والا فمتى تيسر لك من يوم التروية».

وما رواه الشيخ في التهذيب عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة ، ثم صل ركعتين خلف المقام ، ثم أهل بالحج ، فان كنت ماشيا فلب عند المقام ، وان كنت راكبا فإذا نهض بك بعيرك ، وصل الظهر ان قدرت بمنى. واعلم انه واسع لك ان تحرم في دبر فريضة أو دبر نافلة أو ليل أو نهار».

وعن أيوب بن الحر عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «قلت له : انا قد اطلينا ونتفنا وقلمنا أظفارنا بالمدينة فما نصنع عند الحج؟ فقال : لا تطل ولا تنتف ولا تحرك شيئا».

وهذا الخبر حمله الشيخ في التهذيب (٣) على الحجة المفردة دون المتمتع بها قال : لان المفرد لا يجوز له شي‌ء من ذلك حتى يفرغ من مناسك يوم

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٦٩ والوسائل الباب ٤٦ و ١٥ و ١٨ من الإحرام والباب ٢ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) الوسائل الباب ٧ من الإحرام.

(٣) ج ٥ ص ١٦٨ والوسائل الباب ٧ من الإحرام.

٣٤٨

النحر ، وليس في الخبر انا قد فعلنا ذلك ونحن متمتعون غير مفردين. وفي الاستبصار حمله على الاخبار عن الجواز وان كان التنظيف أفضل. قال في الوافي : وهو الأظهر ، لأن المتبادر من قوله «عند الحج» الإحرام به فينبغي حمله على ما إذا كان قريب العهد بالاطلاء والنتف وكان أقل من خمسة عشر يوما الذي هو النصاب في ذلك. وهو جيد.

فائدة

روى الصدوق (قدس‌سره) في كتاب علل الشرائع والأحكام (١) في الحسن عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سألته لم سمي يوم التروية يوم التروية؟ قال : لأنه لم يكن بعرفات ماء وكانوا يستقون من مكة من الماء لريهم ، وكان بعضهم يقول لبعض ترويتم ترويتم : فسمي يوم التروية لذلك».

ورواه في المحاسن (٢) بالسند المذكور عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) هكذا : قال : «لأنه لم يكن بعرفات ماء وكان يستقون من مكة الماء لريهم ، وكان يقول بعضهم لبعض : ترويتم من الماء. فسميت التروية».

وروى في المحاسن (٣) أيضا في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سميت التروية لأن جبرئيل أتى

__________________

(١) ص ٤٣٥ الطبعة الحديثة.

(٢) ج ٢ ص ٣٣٦.

(٣) ج ٢ ص ٣٣٦ وفي الوسائل الباب ١٩ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٤٩

إبراهيم يوم التروية فقال : يا إبراهيم ارتو من الماء لك ولأهلك. ولم يكن بين مكة وعرفات ماء ، ثم مضى به الى الموقف فقال له : اعترف واعرف مناسكك. فلذلك سميت عرفة. ثم قال له : ازدلف الى المشعر الحرام فسميت المزدلفة».

وروى في الكافي (١) عن أبي بصير «انه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله (عليهما‌السلام) يذكران انه لما كان يوم التروية قال جبرئيل لإبراهيم تروه من الماء. فسميت التروية. ثم أتى منى فأباته بها. ثم غدا به الى عرفات فضرب خباءه بنمرة دون عرفة فبنى مسجدا بأحجار بيض ، وكان يعرف اثر مسجد إبراهيم حتى أدخل في هذا المسجد الذي بنمرة. الحديث». وهو طويل يتضمن قضية ذبح إسماعيل.

ونقل العلامة في المنتهى عن الجمهور (٢) وجها آخر ، وهو ان إبراهيم راي في تلك الليلة التي رأى فيها ذبح الولد رؤياه ، فأصبح يروى في نفسه أهو حلم أم من الله تعالى؟ فسمي يوم التروية ، فلما كانت ليلة عرفة راى ذلك ايضا فعرف انه من الله تعالى ، فسمى يوم عرفة.

الثانية ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) ـ بعد اتفاقهم على استحباب الإحرام أو وجوبه يوم التروية عند الزوال ـ في أفضلية الصلاة المكتوبة في المسجد ووقوع الإحرام في دبرها أو تأخيرها إلى منى ، فقال الشيخ في النهاية والمبسوط : وإذا أراد ان يحرم للحج فليكن ذلك عند زوال الشمس بعد ان يصلي الفرضين في مكة. وذهب الشيخ المفيد.

__________________

(١) ج ٤ ص ٢٠٧.

(٢) المغني ج ٣ ص ٤٠٤ طبع عام ١٣٦٨ والدر المنثور ج ٥ ص ٢٨٣.

٣٥٠

والسيد المرتضى إلى تأخير الفرضين إلى منى. ونقل في المختلف عن الشيخ علي بن الحسين بن بابويه انه قال : وإذا كان يوم التروية ، فاغتسل والبس ثياب إحرامك ، وايت المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار ، وصل عند المقام الظهر والعصر ، واعقد إحرامك في دبر العصر ، وان شئت في دبر الظهر ، بالحج مفردا. وقال ابن الجنيد : الأفضل ان يكون عقيب صلاة العصر المجموعة إلى الظهر ، ويصلي ركعتين عند المقام أو في الحجر ، وان صلى ست ركعات للإحرام كان أفضل ، وان صلى فريضة الظهر ثم أحرم في دبرها كان أفضل.

وظاهر هذه العبارات انه لا فرق في ذلك بين الامام وغيره. وقال الشيخ في التهذيب ان الخروج بعد الصلاة مختص بمن عدا الامام من الناس ، فاما الإمام نفسه فلا يجوز له ان يصلي الظهر والعصر يوم التروية إلا بمنى. وحمل العلامة في المنتهى عبارته بعدم الجواز على شدة الاستحباب. والى هذا القول ذهب أكثر المتأخرين ، والظاهر انه المشهور بينهم. واختار في المدارك التخيير لغير الامام بين الخروج قبل الصلاة أو بعدها ، واما الامام فيستحب له التقدم والخروج قبل الزوال وإيقاع الفرضين في منى. وهو جيد. وعليه تجتمع الاخبار.

فمن الأخبار الواردة في المقام ما تقدم من صحيحة معاوية بن عمار أو حسنته ، وهي دالة على استحباب الصلاة في المسجد ، لكنها مطلقة شاملة بإطلاقها للإمام وغيره ورواية عمر بن يزيد وظاهرها أفضلية التأخير إلى منى مطلقا.

٣٥١

ومنها : ما رواه في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار (١) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : إذا انتهيت إلى منى فقال : اللهم ان هذه منى وهي من ما مننت به علينا من المناسك ، فأسألك أن تمن علي بما مننت به على أنبيائك ، فإنما أنا عبدك وفي قبضتك. ثم تصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ، والامام يصلي بها الظهر لا يسعه الا ذلك. وموسع لك ان تصلي بغيرها ان لم تقدر ثم تدركهم بعرفات.».

وهذا الخبر ظاهر في استثناء الامام وانه لا يسعه إلا الصلاة بمنى ومفهومه ان غيره يسعه ذلك.

ووجه الجمع بين هذه الاخبار بالنسبة الى غير الامام هو التخيير.

والظاهر ان الشيخ المفيد والسيد المرتضى قد استندا في ما ذهبا اليه من تأخير الفريضة إلى منى إلى صحيحة معاوية بن عمار الثانية ، ورواية عمر ابن يزيد.

وقال في كتاب الفقه الرضوي (٢) : وإذا كان يوم التروية فاغتسل والبس ثوبيك اللذين للإحرام ، وايت المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار ، وصل عند المقام الظهر والعصر ، واعقد إحرامك دبر العصر ، وان شئت في دبر الظهر بالحج مفردا ، تقول : اللهم اني أريد ما أمرت به من الحج على كتابك وسنة نبيك (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فان عرض لي عرض

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٤٦١ والتهذيب ج ٥ ص ١٧٧ و ١٧٨ والوسائل الباب ٦ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) ص ٢٨.

٣٥٢

حبسني فحلني أنت حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي. ولب مثل ما لبيت في العمرة. الحديث. ومنه يعلم أن ما تقدم نقله عن الشيخ علي ابن بابويه فهو مأخوذ من الكتاب على ما تكرر في غير موضع من ما قدمنا.

ومن الأخبار الدالة على اختصاص الإمام بتأخير الصلاة إلى منى زيادة على ما عرفت في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن وفي من لا يحضره الفقيه في الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «على الامام أن يصلي الظهر بمنى ، ثم يبيت بها ويصبح حتى تطلع الشمس ، ثم يخرج إلى عرفات».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «ينبغي للإمام أن يصلي الظهر من يوم التروية بمنى ، ويبيت بها ويصبح حتى تطلع الشمس ، ثم يخرج».

وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (عليهما‌السلام) (٣) قال : «لا ينبغي للإمام أن يصلي الظهر يوم التروية إلا بمنى ويبيت بها إلى طلوع الشمس».

وعن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «على الامام أن يصلي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف ويصلي الظهر يوم النفر في المسجد الحرام».

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٤٦٠ والفقيه ج ٢ ص ٢٨٠ والوسائل الباب ٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٥٣

وما رواه في من لا يحضره الفقيه (١) في الصحيح عن محمد بن مسلم قال : «سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) هل صلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) الظهر بمنى يوم التروية؟ فقال : نعم ، والغداة بمنى يوم عرفة».

أقول : وهذه الأخبار كلها كما ترى ظاهرة الدلالة في الوجوب كما هو ظاهر كلام الشيخ المتقدم ، والأصحاب تأولوه بالحمل على شدة الاستحباب ولا يبعد أن مراد الشيخ إنما هو الوجوب حقيقة ، فإن ظاهر هذه الأخبار كلها يساعده. ولا ينافي ذلك لفظ «ينبغي ولا ينبغي» في الصحيحة جميل وصحيحة محمد بن مسلم ، فان استعمال ذلك في الوجوب والتحريم في الأخبار أكثر من أن يحصى كما تقدم بيانه. وليس في شي‌ء من هذه الأخبار أو غيرها ما يؤذن بجواز ذلك له في غير منى. فالقول بالوجوب ليس بالبعيد عملا بظاهرها كما لا يخفى.

أقول : والمراد بالإمام هنا هو من يجعله الخليفة واليا على الموسم لا الإمام حقيقة وإن كان منتحلا.

ويدل على ذلك ما رواه في الكافي (٢) عن حفص المؤذن قال : «حج إسماعيل بن علي بالناس سنة أربعين ومائة ، فسقط أبو عبد الله (عليه‌السلام) عن بغلته ، فوقف عليه إسماعيل ، فقال له أبو عبد الله (عليه‌السلام): سر فإن الإمام لا يقف».

الثالثة ـ ما تقدم من استحباب الخروج بعد الزوال من يوم التروية

__________________

(١) ج ٢ ص ٢٨٠ والتهذيب ج ٥ ص ١٧٧ والوسائل الباب ٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) الوسائل الباب ٥ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٣٥٤

مخصوص بغير ذوي الأعذار كما نبه عليه الأصحاب ودلت عليه الأخبار ، كالمريض والشيخ الكبير ونحوهما ممن يخاف الزحام فإنه يجوز لهم التعجيل رخصة من غير كراهة ، بل يستحب بيوم أو يومين أو ثلاثة.

ويدل على ذلك ما رواه ثقة الإسلام في الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا يخاف ضغاط الناس وزحامهم ، يحرم بالحج ويخرج إلى منى قبل يوم التروية؟ قال : نعم. قلت : يخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا ويتروح بذلك المكان؟ قال : لا. قلت : يعجل بيوم؟ قال : نعم قلت : بيومين؟ قال : نعم. قلت : ثلاثة؟ قال : نعم. قلت : أكثر من ذلك؟ قال : لا».

وروى في كتاب من لا يحضره الفقيه (٢) عن إسحاق بن عمار قال : «قلت لأبي الحسن (عليه‌السلام) : يتعجل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام وضغاط الناس؟ فقال : لا بأس» وقال في خبر آخر : «لا يتعجل بأكثر من ثلاثة أيام».

وروى الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٤٦٠ والوسائل الباب ٣ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) ج ٢ ص ٢٨٠ عن أبي عبد الله (ع). وفي الوسائل الباب ٣ من إحرام الحج والوقوف بعرفة ، والوافي باب (الخروج إلى منى) عن أبي الحسن (ع).

٣٥٥

أصحابه (١) قال : «قلت لأبي الحسن (عليه‌السلام) : يتعجل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام وضغاط الناس؟ فقال : لا بأس. الحديث». وقد تقدم تمامه في صدر المسألة الأولى.

الرابعة ـ ما تقدم من الأحكام في المسائل المتقدمة كله مختص بحج التمتع ، وأما الكلام في القارن والمفرد فلم يتعرض له أصحابنا في البحث.

قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ـ بعد نقل قول المصنف : فيستحب للمتمتع أن يخرج إلى عرفات يوم التروية ـ ما هذا نصه : خص المتمتع بالذكر لأن استحباب الإحرام يوم التروية موضع وفاق بين المسلمين. وأما القارن والمفرد فليس فيه تصريح من الأكثر ، وقد ذكر بعض الأصحاب أنه كذلك وهو ظاهر إطلاق بعضهم. وفي التذكرة نقل الحكم في المتمتع عن الجميع ثم نقل خلاف العامة في وقت إحرام الباقي هل هو كذلك أم في أول ذي الحجة (٢). انتهى.

أقول : وفي المنتهى نحو ما نقله في التذكرة ، فإنه قال بعد الكلام في المتمتع : أما المكي فذهب مالك إلى انه يستحب أن يهل بالحج من المسجد بهلال ذي الحجة ، وروى عن ابن عمر وابن عباس وطاوس وسعيد بن

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٧٦ والوسائل الباب ٣ من إحرام الحج والوقوف بعرفة. وقول المصنف «. الحديث» يبتنى على ان للحديث تتمة وقد بينا ما في ذلك في التعليقة ١ ص ٣٤٦.

(٢) راجع المغني ج ٣ ص ٤٠٤ طبع عام ١٣٦٨.

٣٥٦

جبير استحباب إحرامه يوم التروية أيضا ، وهو قول أحمد. (١) إلى أن قال (قدس‌سره) : ولا خلاف في انه لو أحرم المتمتع أو المكي قبل ذلك في أيام الحج فإنه يجزئه. انتهى.

أقول : المستفاد من الأخبار أن المفرد متى كان من أهل الأقطار مقيما بمكة وانتقل حكمه إليهم أو أراد الحج مفردا استحبابا ، فإنه يحرم بالحج من أول ذي الحجة إن كان صرورة ، وإن كان قد حج سابقا فمن اليوم الخامس من ذي الحجة ، وبعضها مطلق في الإحرام من أول الشهر ، وأنه يخرج الى التنعيم أو الجعرانة ويحرم منها لا من مكة.

وقد تقدمت الأخبار في ذلك في المقدمة الرابعة ، ولنشر هنا إلى بعضها :

فمنها : صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : اني أريد الجوار فكيف أصنع؟ فقال : إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجة فاخرج الى الجعرانة فأحرم منها بالحج. إلى أن قال : ثم قال : ان سفيان فقيهكم أتاني فقال : ما يحملك على أن تأمر أصحابك يأتون الجعرانة فيحرمون منها؟ فقلت له : هو وقت من مواقيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله). فقال : وأي وقت من مواقيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) هو؟ فقلت له : أحرم منها حين قسم غنائم حنين ومرجعه من

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٤٠٤ طبع عام ١٣٦٨.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٠٠ والوسائل الباب ٩ من أقسام الحج.

٣٥٧

الطائف. إلى أن قال : فقال : أما علمت أن أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) إنما أحرموا من المسجد. فقلت : إن أولئك كانوا متمتعين في أعناقهم الدماء وان هؤلاء قطنوا بمكة فصاروا كأنهم من أهل مكة وأهل مكة لا متعة لهم ، فأحببت أن يخرجوا من مكة الى بعض المواقيت وان يستغبوا به أياما. الحديث».

وعن صفوان عن أبي الفضل (١) قال : «كنت مجاورا بمكة ، فسألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) : من أين أحرم بالحج؟ فقال : من حيث أحرم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) من الجعرانة. فقلت : متى أخرج؟ قال : ان كنت صرورة فإذا مضى من ذي الحجة يوم ، وان كنت قد حججت قبل ذلك فإذا مضى من الشهر خمس».

وروى الشيخ المفيد في المقنعة مرسلا (٢) قال : قال (عليه‌السلام): «ينبغي للمجاور بمكة إذا كان صرورة وأراد الحج أن يخرج إلى خارج الحرم فيحرم من أول يوم من العشر ، وإن كان مجاورا وليس بصرورة فإنه يخرج أيضا من الحرم ويحرم في خمس تمضي من العشر».

وفي الصحيح إلى إبراهيم بن ميمون (٣) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) ان أصحابنا مجاورون بمكة وهم يسألوني لو قدمت عليهم كيف يصنعون؟ قال : قل لهم : إذا كان هلال ذي الحجة فليخرجوا إلى التنعيم فليحرموا

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٠٢ والوسائل الباب ٩ من أقسام الحج. وفي الخطية : «وفي الصحيح عن صفوان.».

(٢) ص ٧١ و ٧٢ والوسائل الباب ١٩ من المواقيت.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٤٤٦ والوسائل الباب ٩ من أقسام الحج.

٣٥٨

الحديث».

وفي موثقة سماعة (١) في من اعتمر في غير أشهر الحج واقام بمكة : «فإن هو أحب ان يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق أو يجاوز عسفان فيدخل متمتعا بعمرة إلى الحج ، فان هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها».

وهذه الأخبار كلها كما ترى ظاهرة الدلالة في أن الإحرام بالحجة المفردة للمجاور من خارج الحرم من هذه المواضع وانها ميقات له ، وان إحرامه من هلال ذي الحجة أو بعد مضي خمسة أيام منه.

ويفهم من بعض الاخبار ايضا انه يحرم يوم التروية أيضا.

وهو ما رواه في الكافي عن سماعة في الموثق عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «المجاور بمكة إذا دخلها بعمرة في غير أشهر الحج : في رجب أو شعبان أو شهر رمضان أو غير ذلك من الشهور إلا أشهر الحج ، فإن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة ، من دخلها بعمرة في غير أشهر الحج ثم أراد ان يحرم ، فليخرج إلى الجعرانة فيحرم منها ثم يأتي مكة ، ولا يقطع التلبية حتى ينظر الى البيت ، ثم يطوف بالبيت ويصلي الركعتين عند مقام إبراهيم (عليه‌السلام) ثم يخرج الى الصفا والمروة فيطوف بينهما ، ثم يقصر ويحل ، ثم يعقد التلبية يوم التروية».

والتقريب فيها ان هذه العمرة الثانية المشار إليها بقوله : «ثم أراد ان يحرم.» لا يجوز ان تكون عمرة تمتع لوجوب الإتيان بها من الميقات

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٧٤ والوسائل الباب ١٠ من أقسام الحج.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أقسام الحج.

٣٥٩

كما أشارت إليه موثقة سماعة المتقدمة وصرح به غيرها ، وهي اتفاق الأصحاب بل هي عمرة مفردة ، فالحج المشار اليه بقوله : «ثم يعقد التلبية يوم التروية» حج إفراد البتة. وقد صرح بأنه يعقد إحرامه يوم التروية ، وهو ظاهر في كونه من مكة أيضا واما غيره من أقسام المفردين فلا ريب في ان إحرامهم من مكة للأخبار المستفيضة بان من كان منزله دون الميقات إلى مكة فإن ميقاته منزله. واما انه اي يوم فلم أقف فيه على نص صريح كما اعترفوا به في ما قدمنا نقله عنهم ، ولكن أحدا منهم لم ينبه على هذا الفرد الذي ذكرناه أيضا.

الخامسة ـ الظاهر انه لا خلاف في ان إحرام الحج من مكة وانها ميقات حج التمتع ، وان اي موضع أحرم فيه منها فهو مجزئ.

ويدل عليه ما رواه في الكافي والتهذيب في الصحيح عن صفوان عن أبي أحمد عمرو بن حريث الصيرفي (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) من أين أهل بالحج؟ فقال : ان شئت من رحلك وان شئت من الكعبة وان شئت من الطريق». إلا ان في التهذيب (٢) «وهو بمكة» بعد قوله : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام» وفيه «من المسجد» عوض قوله «من الكعبة».

وقد وقع الاتفاق أيضا على أفضليته من المسجد ، وانما الخلاف في أفضلية أي موضع منه.

ومن ما يدل على حصول الفضيلة من المسجد في أي جزء منه ما تقدم

__________________

(١) الوسائل الباب ٢١ من المواقيت.

(٢) ج ٥ ص ١٦٦ و ٤٧٧ والوسائل الباب ٢١ من المواقيت.

٣٦٠