الحدائق الناضرة - ج ١٦

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

لكل عشرة أيام عمرة».

وما رواه عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الاسناد (١) عن احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا (عليه‌السلام) انه قال : «لكل شهر عمرة».

أقول : لا يخفى ان أكثر هذه الروايات يدل على القول الثالث. وقد تقدم أيضا جملة من الاخبار في الموضع السادس عشر من الفصل الثاني في كفارة الجماع من الباب الثاني (٢) صريحة الدلالة في ذلك. نعم يبقى الكلام في ما دل على العشرة وهو رواية علي بن أبي حمزة ، واحتمل المحدث الكاشاني في الوافي حملها على المتكرر دخوله من خارج ، كما تشعر به رواية صاحب الكافي لهذه الرواية كما قدمناه. وهو غير بعيد. وعلى كل تقدير فالعمل على هذه الروايات الكثيرة أظهر.

واما ما دل على مذهب ابن ابي عقيل من صحاح الحلبي وحريز وزرارة فقد حملها الشيخ ومن تبعه من الأصحاب على عمرة التمتع. وهو في مقام الجمع غير بعيد. واحتمل المحدث المتقدم ذكره حملها على التقية (٣) مستندا الى الأخبار الدالة على الشهر ، وانه مذهب علي (عليه‌السلام) وما رواه الصدوق عن ابن بكير عن زرارة (٤) قال : «سمعت أبا جعفر (عليه‌السلام) يقول : من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب أو

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من العمرة.

(٢) ج ١٥ ص ٣٨٨ و ٣٨٩ في الموضع الثالث عشر.

(٣) سيأتي في التعليقة ١ ص ٣٢٢ ما يوضح ذلك.

(٤) الفقيه ج ٢ ص ٢٠٣ والوسائل الباب ٥ من أقسام الحج.

٣٢١

كره الا من اعتمر في عامه ذلك أو ساق الهدى وأشعره وقلده». فان بناء استثناء المعتمر على عدم جواز عمرتين في عام واحد ، حيث انه متى قلنا بذلك وقد اتى بعمرة سابقة في عامه ذلك ، لم يحل بطوافه وسعيه ، لعدم صحة وقوع العمرة منه.

أقول : المفهوم من المنتهى ان جمهور العامة على اعتبار الشهر كما عليه جملة من أصحابنا ، وقال : وكره العمرة في السنة مرتين الحسن البصري وابن سيرين ومالك والنخعي (١) والمنقول عنهم ـ كما ترى ـ القول بالكراهة والروايات دالة على التحريم. وبه قال ابن أبي عقيل. فلا يتم ما ذكره من الحمل على التقية.

وكيف كان فالأظهر هو ما دلت عليه جملة روايات الشهر.

__________________

(١) قال ابن حزم في المحلى ج ٧ ص ٦٨ طبع عام ١٣٤٩ : واما العمرة فنحب الإكثار منها لما ذكرنا من فضلها. واما العمرة فاننا روينا من طريق مجاهد قال علي بن أبي طالب : في كل شهر عمرة. وعن القاسم ابن محمد انه كره عمرتين في شهر واحد. وعن عائشة أنها اعتمرت ثلاث مرات في عام واحد. وعن سعيد بن جبير والحسن البصري ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي كراهة العمرة أكثر من مرة في السنة وهو قول مالك. وقال ابن قدامة في المغني ج ٣ ص ٢٢٦ طبع عام ١٣٦٨ : وكره العمرة في السنة مرتين الحسن وابن سيرين ومالك. وقال النخعي : ما كانوا يعتمرون في السنة إلا مرة ولأن النبي (ص) لم يفعله. وقال ابن قدامة أيضا في نفس الصفحة : قال علي (رض) : في كل شهر مرة. وقال أحمد في رواية الأثرم : ان شاء اعتمر في كل شهر.

٣٢٢

واما ما ذهب اليه المرتضى وابن إدريس ومن تبعهما فالظاهر انه ضعيف

اما ما استند اليه المرتضى فخبر عامي (١) كما نقله في المنتهى ، مع انه لا دلالة فيه على التقدير ولا عدمه كما ذكره في المختلف.

قال في المختلف ـ ونعم ما قال ـ : واما احتجاج ابن إدريس فضعيف جدا ، إذ ليس فيه سوى التشنيع على الشيخ ، والحكم بإسناد هذا المطلوب الى اخبار الآحاد وذلك ليس حجة. وقول السيد المرتضى لا حجة فيه ، واستدلاله غير ناهض وحكمه (عليه‌السلام) ـ بأن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ـ لا دلالة فيه على التقدير ولا على عدمه. مع ان أصحابنا (رحمهم‌الله) نصوا على ان المفسد للعمرة يجب عليه الكفارة وقضاؤها في الشهر الداخل. ولو كان كل وقت صالحا للعمرة لما انتظر في القضاء الى الشهر الداخل. وايضا حكموا على الخارج من مكة بعد الاعتمار بأنه إذا دخل مكة في ذلك الشهر اجتزأ بعمرته ، ولو دخل في غيره وجبت عليه عمرة أخرى ، ويتمتع بالأخيرة وكل ذلك يدل على اعتبار الشهر بين العمرتين. انتهى. وهو جيد.

المسألة الرابعة المشهور بين الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) بل ربما ادعى عليه الإجماع وجوب الفورية بالعمرة. وهو في عمرة التمتع ظاهر ، لوجوب الفورية بالحج وهي مقدمة عليه. واما في العمرة المبتولة فيمكن الاستدلال عليه بالأخبار الدالة على مساواتها للحج في كيفية الوجوب. وقد تقدمت في صدر المطلب (٢).

__________________

(١) تقدم ان الصدوق يرويه في الفقيه عن الرضا (ع) كما في الوسائل الباب ٣ من العمرة.

(٢) ص ٣١٠ و ٣١١.

٣٢٣

الا ان كلامهم في هذا الباب لا يخلو من نوع تشويش واضطراب ، فإنهم قد نصوا على الفورية كما سمعت ، قال في المنتهى : وهي واجبة على الفور كالحج. وقال المحقق في كتاب العمرة من الشرائع : ووجوب العمرة على الفور. ويؤكده أيضا نصهم على ان محلها بعد الفراغ من الحج. قال في الشرائع من كتاب الحج بعد ذكر حج الافراد : وعليه عمرة مفردة بعد الحج والإحلال منه. ثم نصوا على انه يجوز وقوعها في غير أشهر الحج. ومرادهم العمرة التي يجب الإتيان بها بعد الحج لا العمرة المطلقة ليمكن بذلك رفع التنافي.

قال في المدارك بعد نقل عبارة المحقق من الشرائع في كتاب الحج بما ذكرناه : اي ويجوز وقوع العمرة المفردة التي يجب الإتيان بها بعد الحج في غير أشهر الحج. وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب. بل قال في المنتهى : والعمرة المبتولة تجوز في جميع أيام السنة ، ولا نعرف فيه خلافا. ويدل عليه إطلاق الأمر بالعمرة من الكتاب والسنة الخالي من التقييد. انتهى.

وقال الشهيد في الدروس : ووقت العمرة الواجبة بأصل الشرع عند الفراغ من الحج وانقضاء أيام التشريق ، لرواية معاوية بن عمار (١) السالفة أو في استقبال المحرم. وليس هذا القدر منافيا للفورية وقيل يؤخرها عن الحج حتى يمكن الموسى من الرأس. انتهى.

وظاهر كلامه وجوب تأخيرها بعد الحج الى انقضاء أيام لتشريق ، كما نقل عن جمع من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) :

لصحيحة معاوية بن عمار المتضمنة للنهي عن عمرة التحلل في أيام

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٧ من الوقوف بالمشعر.

٣٢٤

التشريق ، وهي ما رواه في الصحيح (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : رجل جاء حاجا ففاته الحج ولم يكن طاف؟ قال يقيم مع الناس حراما أيام التشريق ، ولا عمرة فيها ، فإذا انقضت طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل ، وعليه الحج من قابل ، يحرم من حيث أحرم». قالوا : فغيرها اولى.

وفي دلالتها على الوجوب سيما بالتقريب المذكور إشكال.

الا انه يمكن الاستعانة على ذلك بما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسن بن محبوب عن داود بن كثير الرقي (٢) قال : «كنت مع أبي عبد الله (عليه‌السلام) بمنى إذ دخل عليه رجل فقال : قدم اليوم قوم قد فاتهم الحج. فقال : نسأل الله العافية. ثم قال : أرى عليهم ان يهريق كل واحد منهم دم شاة ويحلون ، وعليهم الحج من قابل ان انصرفوا الى بلادهم وان أقاموا حتى تمضي أيام التشريق بمكة ثم خرجوا الى بعض مواقيت أهل مكة فأحرموا منه واعتمروا فليس عليهم الحج من قابل».

والتقريب فيه انه يفهم من الخبرين المذكورين ان العمرة كيف كانت لا تقع في أيام التشريق.

واما ما ذكره من التأخير إلى استقبال المحرم فيدل عليه ما ذكره الشيخ (رحمه‌الله تعالى) (٣) قال : وقد روى أصحابنا وغيرهم عن ابي عبد الله (عليه‌السلام)

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٧ من الوقوف بالمشعر.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٤٧٥ والفقيه ج ٢ ص ٢٨٤ والتهذيب ج ٥ ص ٢٩٥ والوسائل الباب ٢٧ من الوقوف بالمشعر.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٤٣٨ والوسائل الباب ٢١ من أقسام الحج. ولم

٣٢٥

«ان المتمتع إذا فاتته عمرة المتعة اعتمر بعد الحج ، وهو الذي أمر به رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) عائشة. الى ان قال : وقالوا : قال أبو عبد الله (عليه‌السلام): المتمتع إذا فاتته عمرة المتعة أقام إلى هلال المحرم واعتمر ، فأجزأت عنه مكان عمرة المتعة».

ثم العجب من قوله (قدس‌سره) بعد ذلك : وليس هذا القدر منافيا للفورية. وكيف لا يكون منافيا للفورية وظاهرهم تفسيرها بالإتيان به بعد الحج ، والمتبادر منها هي البعدية القريبة الموجبة للاتصال. على ان شيخنا الشهيد الثاني (عطر الله تعالى مرقده) قد أورد على جواز التأخير إلى المحرم اشكالا بوجوب إيقاع الحج والعمرة في عام واحد ، قال : الا ان يراد بالعام اثنا عشر شهرا ، ومبدأها زمان التلبس بالحج.

واما ما ذكره ـ من نقل القول بالتأخير حتى يمكن الموسى من الرأس ـ فهو إشارة الى ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المعتمر بعد الحج قال : إذا أمكن الموسى من رأسه فحسن». وظاهرها ان الإتيان بها بعد الإحلال لا قبله. ولا دلالة فيها على التوقيت. ومن يعمل على هذا الاصطلاح المحدث يتعين عنده الوقوف على هذه الصحيحة ، ومن لا يعمل به فالجمع عنده بين هذه الصحيحة وبين ما دل على التأخير الى بعد أيام التشريق لا يخلو من اشكال قال في المدارك : وبالجملة فلم نقف في هذه المسألة على رواية معتبرة تقتضي التوقيت ، لكن مقتضى وجوب الفورية التأثيم بالتأخير ، وهو لا ينافي

__________________

يذكر المروي عنه في الحكم الأول.

(١) الوسائل الباب ٨ من العمرة.

٣٢٦

وقوعها في جميع أيام السنة كما قطع به الأصحاب (رضوان الله عليهم).

أقول : متى ثبت الدليل على الفورية ، والعبادات توقيفية ، يجب الوقوف فيها على ما رسمه صاحب الشرع وقتا وكمية وكيفية ، فإن كان ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) لا عن دليل فهو خروج عن ما رسمه صاحب الشريعة فلا يكون مجزئا ولا صحيحا ، وان كان عن دليل فقد تصادم الدليلان في المسألة وعظم الإشكال ، الا ان يترجح أحدهما بما يوجب العمل به وطرح الآخر. فما ذكره (قدس‌سره) لا اعرف له على إطلاقه وجها وجيها.

وبالجملة فإن كلامهم في هذه المسألة غير منقح ولا واضح ، والأدلة فيها كما عرفت. والله العالم.

المسألة الخامسة ـ ميقات العمرة هو ميقات الحج لمن كان خارجا عن حدود المواقيت المتقدمة إذا قصد مكة ، واما غيره ممن كان داخلا بينها وبين مكة أو من أهل مكة أو مجاورا بمكة وأراد العمرة فإنه يخرج إلى أدنى الحل ، وأفضله من أحد المواقيت التي وقتها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ثمة ، وهي الحديبية وجعرانة وعسفان والتنعيم.

وظاهر الدروس الترتيب بينها في الفضل ، حيث قال : وأفضله الجعرانة لإحرام النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) منها ، ثم التنعيم ، لأمره بذلك ، ثم الحديبية ، لاهتمامه بها.

أقول : الظاهر ان إحرامه يومئذ من الجعرانة انما هو من حيث كونها في طريقه بعد رجوعه من الطائف إلى مكة ، فلا يدل على خصوصية توجب الفضل على غيرها. وقد أهل أيضا من عسفان في بعض عمره ، كما يأتي في الأخبار ان شاء الله تعالى في المقام.

٣٢٧

ومن الاخبار المتعلقة بهذا المقام ما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل بن دراج (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المرأة الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية. قال : تمضى كما هي الى عرفات فتجعلها حجة ، ثم تقيم حتى تطهر ، وتخرج الى التنعيم فتجعلها عمرة» قال ابن أبي عمير : «كما صنعت عائشة».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) في حديث قال فيه : «واعتمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ثلاث عمر متفرقات ، كلها في ذي القعدة : عمرة أهل فيها من عسفان وهي عمرة الحديبية ، وعمرة القضاء أهل فيها من الجحفة ، وعمرة أهل فيها من الجعرانة ، وهي بعد ان رجع من الطائف من غزاة حنين».

وروى هذه الرواية في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «اعتمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ثلاث عمر متفرقات : عمرة ذي القعدة أهل من عسفان وهي عمرة الحديبية وعمرة أهل من الجحفة وهي عمرة القضاء ، وعمرة من الجعرانة بعد ما رجع من الطائف من غزوة حنين».

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٩٠ والوسائل الباب ٢١ من أقسام الحج.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ٢٧٥ والوسائل الباب ٢٢ من المواقيت والباب ٢ من العمرة. والظاهر انها مرسلة وليست من رواية عبد الله بن سنان. ارجع الى الوافي باب (جواز افراد العمرة في أشهر الحج) والوسائل البابين المتقدمين.

(٣) الفروع ج ٤ ص ٢٥١ والوسائل الباب ٢ من العمرة.

٣٢٨

وفي صحيحة معاوية بن عمار الطويلة المتقدمة في المطلب الأول من المقدمة الرابعة (١) المتضمنة لسياق حجه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال «انه لما قالت له عائشة : يا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أترجع نساؤك بحجة وعمرة معا وارجع بحجة؟ أنه أقام بالأبطح وبعث بها عبد الرحمن بن أبي بكر الى التنعيم وأهلت بعمرة. الحديث».

وفي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) لما قال له سفيان : ما يحملك على ان تأمر أصحابك يأتون الجعرانة فيحرمون منها؟ فقلت له : هو وقت من مواقيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فقال : واي وقت من مواقيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) هو؟ فقلت له : أحرم منها حين قسم غنائم حنين ومرجعه من الطائف. الحديث.

وفي صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «من أراد ان يخرج من مكة ليعتمر اعتمر من الجعرانة أو الحديبية أو ما أشبهها».

واما ما يدل على الإحرام من المواقيت الستة المشهورة لمن كان خارجا فهو ما تقدم من انه لا يجوز لأحد قاصد إلى مكة ان يجاوز هذه المواقيت الا محرما. وقد تقدمت الأخبار بذلك في المقصد الثالث من الباب الثاني في الإحرام (٤).

__________________

(١) ج ١٤ ص ٣١٥ الى ٣١٩.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٠٠ والوسائل الباب ٩ من أقسام الحج.

(٣) الوسائل الباب ٢٢ من المواقيت.

(٤) ج ١٥ ص ١٢٣.

٣٢٩

المسألة السادسة ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) بان جميع أوقات السنة صالح للعمرة المبتولة ، وان أفضلها رجب.

ومن الاخبار الواردة في المقام ما رواه في الكافي عن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «المعتمر يعتمر في أي شهور السنة شاء ، وأفضل العمرة عمرة رجب».

وروى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (٢) في حديث قال : «وأفضل العمرة عمرة رجب».

وروى الصدوق في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) «انه سئل أي العمرة أفضل : عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال : لا بل عمرة في رجب أفضل».

أقول : ويكفي في كونها رجبية حصول الإهلال بها في رجب وان وقعت الأفعال في شعبان.

روى ذلك ثقة الإسلام في الكافي في الصحيح عن أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) في حديث قال : «اني كنت أخرج لليلة أو ليلتين تبقيان من رجب ، فتقول أم فروة : أي أبه إن عمرتنا شعبانية فأقول لها : أي بنية انها في ما أهللت وليس في ما أحللت». وعن عيسى الفراء عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال : «إذا

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٥) الوسائل الباب ٣ من العمرة.

(٤) الوسائل الباب ٣ من العمرة. إلا ان هذا الحديث في الفروع ج ٤ ص ٢٩٣ يرويه معاوية بن عمار كما في الوافي باب (أصناف الحج والعمرة وأفضلهما) ولم نقف على روايته في الفروع في مظانه عن الخزاز.

٣٣٠

أهل بالعمرة في رجب وأحل في غيره كانت عمرته لرجب وإذا أهل في غير رجب وطاف في رجب فعمرته لرجب».

وروى الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا أحرمت وعليك من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبية».

المسألة السابعة ـ قد قدمنا ان هذه العمرة واجبة مفروضة على الخلق كوجوب الحج. ويجب ان يعلم ان من تمتع بالعمرة إلى الحج سقط عنه فرض وجوبها.

ويدل على ذلك ما رواه ثقة الإسلام في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «إذا استمتع الرجل بالعمرة فقد قضى ما عليه من فريضة العمرة».

وعن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) في حديث «قلت : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج أيجزئ ذلك عنه؟ قال : نعم».

وعن احمد بن محمد بن أبي نصر (٤) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن العمرة أواجبة هي؟ قال : نعم. قلت : فمن تمتع يجزى عنه؟ قال : نعم».

وروى الشيخ في الموثق عن يعقوب بن شعيب (٥) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : قول الله عزوجل : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من العمرة.

(٢ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ٥ من العمرة.

(٣) الوسائل الباب ١ و ٥ من العمرة.

٣٣١

لِلّهِ) (١) يكفى الرجل إذا تمتع بالعمرة إلى الحج مكان تلك العمرة المفردة؟ قال : كذلك أمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أصحابه».

وروى الصدوق (قدس‌سره) عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «العمرة مفروضة مثل الحج ، فإذا أدى المتعة فقد أدى العمرة المفروضة» (٣). ومن اعتمر في أشهر الحج عمرة مفردة فإن شاء ذهب حيث شاء وان شاء دخل بها في الحج وجعلها عمرة تمتع.

المسألة الثامنة ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) ان صفة العمرة المفردة هو انه إذا دخل مكة ، طاف بالبيت طوافا واحدا وصلى ركعتيه ثم سعى بين الصفا والمروة ، ثم قصر ان شاء لو حلق ، ثم طاف طواف النساء ، وقد أحل من كل شي‌ء أحرم منه.

ونقل في المختلف عن أبي الصلاح تقديم طواف النساء على الحلق أو التقصير ، حيث قال ثم يدخل المسجد ، فيطوف بالبيت ، ويسعى بين الصفا والمروة ، ثم يرجع الى البيت فيطوف طوافا آخر ، وهو طواف النساء ثم يحلق رأسه.

وعن ابن أبي عقيل انه قال في وصف العمرة المفردة : فإذا طاف بالبيت وصلى خلف المقام وسعى بين الصفا والمروة ، قصر أو حلق ، وان شاء خرج وان شاء اقام. ولم يذكر طواف النساء وظاهره موافق لما تقدم نقله عن الجعفي والصدوق من انه ليس في العمرة المبتولة طواف النساء.

__________________

(١) سورة البقرة الآية ١٥.

(٢) الوسائل الباب ١ و ٥ من العمرة.

(٣) إلى هنا تنتهي ألفاظ الرواية في كتب الحديث.

٣٣٢

وقد تقدم الكلام في ذلك في المسألة الثانية.

بقي الكلام هنا في ما ذكره أبو الصلاح من تقديم طواف النساء على الحلق والتقصير.

والذي يدل على القول المشهور من تأخر طواف النساء رواية إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة (١) في المسألة المذكورة. ومثلها صحيحة عبد الله بن سنان المنقولة ثمة أيضا (٢).

ويؤيده أيضا قوله (عليه‌السلام) في صحيحة معاوية بن عمار (٣) المتقدمة ثمة أيضا : «المعتمر عمرة مفردة إذا فرغ من طواف الفريضة وصلاة الركعتين خلف المقام والسعي بين الصفا والمروة حلق أو قصر».

والتقريب انه رتب الحلق أو التقصير على الفراغ من هذه الأشياء خاصة ، فهو يدل على متابعته لها وانه بعدها بلا فصل.

المسألة التاسعة ـ المعروف من كلام الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) ان من دخل مكة بعمرة مفردة في غير أشهر الحج فليس له ان يتمتع بها وان كان في أشهر الحج فان له ان يتمتع بها ، وان شاء ذهب حيث شاء والأفضل ان يقيم حتى يحج ويجعلها متعة. ونقل عن ابن البراج ان من اعتمر بعمرة غير متمتع بها الى الحج في شمور الحج ثم أقام بمكة إلى ان أدرك يوم التروية ، فعليه ان يحرم بالحج ويخرج إلى منى ويفعل ما يفعله الحاج ، ويصير بذلك متمتعا. ومن دخل مكة بعمرة مفردة في أشهر الحج جاز له ان يقضيها ويخرج الى اي موضع شاء ما لم يدركه يوم التروية.

__________________

(١) ص ٣١٣.

(٢) ص ٣١٦.

(٣) الوسائل الباب ٥ من التقصير.

٣٣٣

أقول : والذي وقفت عليه من الاخبار في هذه المسألة ما رواه في الكافي عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحج ثم يرجع الى اهله». وهذا الخبر دال بإطلاقه على القول المشهور الا ان يقوم دليل على التقييد.

وفي الصحيح عن إبراهيم بن عمر اليماني عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «انه سئل عن رجل خرج في أشهر الحج معتمرا ثم رجع الى بلاده. قال : لا بأس ، وان حج من عامه ذلك وأفرد الحج فليس عليه دم ، فان الحسين بن علي (عليهما‌السلام) خرج قبل التروية بيوم الى العراق وقد كان دخل معتمرا». وفي التهذيب (٣) «خرج يوم التروية» وهو الأصح كما في الحديث الآتي.

وعن معاوية بن عمار (٤) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام): من اين افترق المتمتع والمعتمر؟ فقال : ان المتمتع مرتبط بالحج والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء. وقد اعتمر الحسين (عليه‌السلام) في ذي الحجة ثم راح يوم التروية إلى العراق والناس يروحون إلى منى. ولا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج».

أقول : والظاهر من استدلاله (عليه‌السلام) بخروج الحسين (صلوات الله عليه) يوم التروية بعد اعتماره في أشهر الحج هو جواز الخروج قبل ذلك بطريق اولى. وهو ظاهر في الرد على ما نقل عن ابن البراج.

__________________

(١ و ٤) الوسائل الباب ٧ من العمرة.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٥٣٥ والوسائل الباب ٧ من العمرة.

(٣) ج ٥ ص ٤٣٦.

٣٣٤

وما ادعاه بعض المحققين من ان خروج الحسين (عليه‌السلام) للضرورة فلا يكون حجة في الدلالة على جواز الخروج مطلقا ينافيه استدلاله (عليه‌السلام) بذلك ، وذلك فإن القائل بالقول المشهور لم يستدل بخروج الحسين (عليه‌السلام) في ذلك اليوم حتى انه يرد عليه ما ذكره ، بل انما استدل بقوله (عليه‌السلام) في الخبر الأول : «لا بأس» وفي الحديث الثاني «ذهب حيث شاء» ثم استدل (عليه‌السلام) على الحكم المذكور بفعل الحسين. والاعتراض بما ذكره هذا المحقق يرجع في الحقيقة إلى الاعتراض على الامام (عليه‌السلام) في هذين الخبرين ، وهو أظهر في البطلان من ان يحتاج الى بيان.

وبالجملة فإن الخبرين ظاهران في ان المعتمر عمرة مفردة في أشهر الحج له الخروج اي وقت شاء.

وأظهر منهما في ذلك ما رواه الشيخ في الحسن عن نجية عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا دخل المعتمر مكة غير متمتع ، فطاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة ، وصلى الركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه‌السلام) فليلحق بأهله ان شاء. وقال : إنما أنزلت العمرة المفردة والمتعة لأن المتعة دخلت في الحج ولم تدخل العمرة المفردة في الحج».

وظاهر الخبر المذكور عدم جواز الدخول في حج التمتع بالعمرة المفردة وان كانت في أشهر الحج. ولهذا حمله الشيخ على العمرة المفردة في غير أشهر الحج ومنها :

ما رواه الصدوق في الموثق عن سماعة بن مهران عن

__________________

(١) الوسائل الباب ٥ من العمرة.

٣٣٥

أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) انه قال : «من حج معتمرا في شوال ومن نيته ان يعتمر ويرجع الى بلاده فلا بأس بذلك. وان هو أقام إلى الحج فهو متمتع ، لأن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة ، فمن اعتمر فيهن واقام إلى الحج فهي متعة ، ومن رجع الى بلاده ولم يقم الى الحج فهي عمرة. وان اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحج فليس بمتمتع وانما هو مجاور أفرد العمرة ، فإن هو أحب ان يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق أو يجاوز عسفان فيدخل متمتعا بعمرة إلى الحج ، فان هو أحب ان يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها».

أقول : ربما يتوهم من هذه الرواية الدلالة على ما ذهب اليه ابن البراج بان يقال : المعنى فيها انه بعد اعتماره ان انصرف الى بلاده فلا بأس ، وان أقام إلى الحج ـ أي إلى يوم الحج وهو يوم التروية الذي يخرجون فيه الى الحج ـ فهو متمتع لا يجوز له الخروج بعد ذلك. والظاهر انه ليس المعنى في الخبر ذلك ، بل المراد انما هو انه ان أراد الذهاب بعد عمرته فلا بأس ، وان لم يرد الذهاب بل أراد الحج فليحج متمتعا. فظاهر الخبر تعين التمتع في ما لو أراد الحج والحال هذه ، من حيث ان العمرة وان كانت انما وقعت أولا بنية الافراد الا انها من حيث الوقوع في أشهر الحج صارت مرتبطة بالحج متى قصده واراده. والذي يظهر من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) ان الحج متعة انما هو على جهة الأفضلية والاستحباب

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٧٤ والوسائل الباب ١٠ من أقسام الحج والباب ٧ من العمرة.

٣٣٦

ولعله نظر الى ان العمرة أولا انما كانت عمرة مفردة فهو مخير في الحج حينئذ لكنه متى اختار التمتع كان له الاكتفاء بتلك العمرة. والذي يظهر لي من الخبر هو ما ذكرته.

ومنها : ما رواه الصدوق (قدس‌سره) في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «من اعتمر عمرة مفردة فله ان يخرج إلى أهله متى شاء الا ان يدركه خروج الناس يوم التروية».

أقول : وهذه الرواية ظاهرة في ما نقل عن ابن البراج.

وما رواه الشيخ عن موسى بن القاسم (٢) قال : أخبرني بعض أصحابنا : «انه سأل أبا جعفر (عليه‌السلام) في عشر من شوال ، فقال : اني أريد ان أفرد عمرة هذا الشهر. فقال له : أنت مرتهن بالحج. فقال له الرجل : ان المدينة منزلي ومكة منزلي ولي بينهما أهل وبينهما أموال؟ فقال له : أنت مرتهن بالحج. فقال له الرجل : فإن لي ضياعا حول مكة واحتاج الى الخروج إليها؟ فقال : تخرج حلالا وترجع حلالا الى الحج».

أقول : حمله في التهذيبين على من دخل لعمرة التمتع ثم أراد إفرادها وفي الاستبصار جوز حمله على الاستحباب.

ثم أقول : لا يخفى ان هذا الخبر لا يوافق ما ذكره ابن البراج ، لتخصيصه وجوب الحج بدخول يوم التروية عليه في مكة ، والا فيجوز له الخروج قبل ذلك. وهذا الخبر دل على انه يجب عليه حج التمتع وان

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من العمرة.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٤٣٦ و ٤٣٧ والوسائل الباب ٢٢ من أقسام الحج والباب ٧ من العمرة.

٣٣٧

أحرم في شوال وانه ليس له الخروج بعد دخوله بعمرته. فهو حينئذ غير معمول عليه اتفاقا ، مع رد الأخبار المتقدمة له ، ولا سيما قوله (عليه‌السلام) في آخر رواية معاوية بن عمار : «ولا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج».

ومنها : ما رواه الشيخ في التهذيب (١) في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «من دخل مكة معتمرا مفردا للعمرة فقضى عمرته ثم خرج كان ذلك له ، وان أقام الى ان يدركه الحج كانت عمرته متعة. وقال : ليس تكون متعة إلا في أشهر الحج».

أقول : وظاهر هذه الرواية وان أوهم ما نقل عن ابن البراج الا انه يمكن حملها على انه أقام إلى الحج وعزم عليه وكانت إقامته لأجل الحج فليتمتع. وهي ظاهرة ايضا في ما قدمناه من تعين التمتع في الصورة المذكورة ومنها :

رواية عمر بن يزيد ايضا عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «من دخل مكة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجة فليس له ان يخرج حتى يحج مع الناس».

وحملها الشيخ على من اعتمر عمرة التمتع. وهو ممكن من حيث إطلاق العمرة فيها ، الا انه بالنظر الى غيرها من ما صرح فيه بالمفردة وان الحكم فيها ما ذكر في هذه الرواية يمكن حمل إطلاقها على تلك الروايات المذكورة

ومنها : ما رواه الشيخ عن علي (٣) قال : «سأله أبو بصير وانا حاضر عن من أهل بالعمرة في أشهر الحج ، إله ان يرجع؟ قال : ليس في أشهر

__________________

(١) الوسائل الباب ١٥ من أقسام الحج والباب ٧ من العمرة.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ٧ من العمرة.

٣٣٨

الحج عمرة يرجع منها إلى اهله ، ولكنه يحتبس بمكة حتى يقضى حجه لأنه إنما أحرم لذلك». والظاهر حمله على عمرة التمتع ، كما قدمنا بيانه في التتمة التي في آخر المطلب الثاني. ويدل عليه قوله في آخر الرواية : «لأنه إنما أحرم لذلك».

ومنها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن شعيب (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المعتمر في أشهر الحج. قال : هي متعة» ،.

وما رواه الصدوق (قدس‌سره) في الفقيه في الصحيح عن عبد الله بن سنان (٢) «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المملوك يكون في الظهر يرعى وهو يرضى ان يعتمر ثم يخرج. فقال : ان كان اعتمر في ذي القعدة فحسن ، وان كان في ذي الحجة فلا يصلح الا الحج».

وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «العمرة في العشر متعة».

أقول : قد دلت صحيحة يعقوب بن شعيب على ما دلت عليه مرسلة موسى بن القاسم المتقدمة من ان من اعتمر في أشهر الحج فليتمتع. وظاهر صحيحة عبد الله بن سنان تخصيص ذلك بذي الحجة ، واما لو كان في ذي القعدة فلا بأس ان يخرج. ومثلها رواية عمر بن يزيد بالتقريب المذكور في ذيلها. وظاهر رواية عبد الرحمن تخصيص ذلك بعشر ذي الحجة وظاهر صحيحتي عمر بن يزيد المتقدمتين تخصيص ذلك بإدراك يوم التروية

__________________

(١) الوسائل الباب ١٥ من أقسام الحج والباب ٧ من العمرة.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ٧ من العمرة.

٣٣٩

المعبر عنه في الثانية بأن يدركه الحج. وهذه مراتب قد ترتبت في هذه الروايات للأمر بالحج تمتعا لمن اعتمر مفردا في أشهر الحج. وابن البراج إنما أخذ بالمرتبة الأخيرة. والروايات المتقدمة ـ كما عرفت ـ ظاهرة الدلالة في ان له الرجوع مطلقا. ولا يحضرني وجه لهذا الاختلاف. والحكم فيه مرجأ إليهم (عليهم‌السلام). والله العالم.

المسألة العاشرة ـ قال في الدروس : ويستحب الاشتراط في إحرامها ، والتلفظ بها في دعائه أمام الإحرام ، وفي التلبية. ولو استطاع لها خاصة لم تجب. وان استطاع للحج مفردا دونها فالأقرب الوجوب. ثم تراعى الاستطاعة لها. ولا يدخل أفعالها في أفعال الحج. ولا يكره إيقاعها في يوم عرفة ولا يوم النحر ولا أيام التشريق. ولو ساق فيها هديا نحره قبل ان يحلق رأسه بالحزورة على الأفضل. ولو جامع فيها قبل السعي عالما عامدا فسدت ووجبت عليه بدنة ، وقضاؤها في زمان يصح فيه الاتباع بين العمرتين. وعلى المرأة المطاوعة مثله. ولو أكرهها تحمل البدنة. ولو جامع بعد السعي فالظاهر وجوب البدنة وان كان بعد الحلق. ولو جامع في المتمتع بها قبل السعي ، فسدت ، وسرى الفساد الى الحج في احتمال. ولو كان بعده قبل التقصير ، فجزور ان كان موسرا ، وبقرة ان كان متوسطا ، وشاة ان كان معسرا. وقال الحسن : بدنة. وقال سلار : بقرة. وأطلقا. وعلى المطاوعة مثله. ولو أكرهها تحمل. ولو قبلها قبل التقصير فشاة. فلو ظن إتمام السعي فجامع أو قصر أو قلم أظفاره ، كان عليه بقرة ، وإتمام

٣٤٠