الحدائق الناضرة - ج ١٦

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

مائة مائة ، والوقوف بقدر قراءة سورة البقرة.

ويدل على ذلك ما رواه في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) في حديث قال : «فاصعد على الصفا حتى تنظر الى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود ، فاحمد الله (عزوجل) وأثن عليه ، ثم اذكر من الآية وبلائه وحسن ما صنع إليك ما قدرت على ذكره ، ثم كبر الله (تعالى) سبعا واحمده سبعا ، وهلله سبعا ، وقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، وهو حي لا يموت وهو على كل شي‌ء قدير (ثلاث مرات) ، ثم صل على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وقل : الله أكبر الحمد لله على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا ، والحمد لله الحي القيوم والحمد لله الحي الدائم (ثلاث مرات) ، وقل : اشهد ان لا إله إلا الله ، واشهد ان محمدا عبده ورسوله ، لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون (ثلاث مرات) اللهم إني أسألك العفو والعافية واليقين في الدنيا والآخرة (ثلاث مرات) اللهم (آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ) (ثلاث مرات) ثم كبر الله مائة مرة ، وهلله مائة مرة ، واحمده مائة مرة ، وسبحه مائة مرة ، وتقول : لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده ، فلن الملك وله الحمد وحده وحده ، اللهم بارك لي في الموت وفي ما بعد الموت ، اللهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته ، اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل الا ظلك. وأكثر من ان تستودع ربك دينك ونفسك وأهلك. ثم تقول : استودع الله

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٣١ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٥ و ١٤٦ والوسائل الباب ٣ و ٦ و ٤ من السعي.

٢٦١

الرحمن الرحيم الذي لا تضيع ودائعه ديني ونفسي وأهلي ، اللهم استعملني على كتابك وسنة نبيك (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وتوفني على ملته وأعذني من الفتنة. ثم تكبر ثلاثا ثم تعيدها مرتين ثم تكبر واحدة ثم تعيدها ، فان لم تستطع هذا فبعضه. وقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يقف على الصفا بقدر ما يقرأ سورة البقرة مترسلا».

قال في المدارك : والظاهر ان المراد بقوله : «فاصعد على الصفا حتى تنظر الى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود فاحمد الله.» الأمر بالصعود والنظر الى البيت واستقبال الركن لا الصعود الى ان يرى البيت لأن رؤية البيت لا تتوقف على الصعود ، ولصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (١) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن النساء يطفن على الإبل والدواب أيجزئهن ان يقفن تحت الصفا والمروة؟ فقال : نعم بحيث يرين البيت». وبما ذكرناه افتى الشيخ في النهاية ، فقال : إذا صعد على الصفا نظر الى البيت واستقبل الركن الذي فيه الحجر وحمد الله (تعالى). وذكر الشارح ان المستحب الصعود على الصفا بحيث يرى البيت ، وان ذلك يحصل بالدرجة الرابعة. وهو غير واضح. انتهى.

أقول : ويؤيد ما ذكره (قدس‌سره) من استحباب رؤية البيت والنظر إليه مرفوعة علي بن النعمان الآتية :

وروى في الكافي (٢) عن علي بن النعمان يرفعه قال : «كان

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من السعي.

(٢) ج ٤ ص ٤٣٢ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٧ والوسائل الباب ٤ من السعي.

٢٦٢

أمير المؤمنين (عليه‌السلام) إذا صعد الصفا استقبل الكعبة ثم رفع يديه ثم يقول : اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته قط ، فان عدت فعد علي بالمغفرة فإنك أنت الغفور الرحيم ، اللهم افعل بي ما أنت أهله ، فإنك ان تفعل بي ما أنت أهله ترحمني ، وان تعذبني فأنت غني عن عذابي وانا محتاج الى رحمتك ، فيا من انا محتاج الى رحمته ارحمني ، اللهم لا تفعل بي ما أنا أهله فإنك ان تفعل بي ما أنا أهله تعذبني ولن تظلمني ، أصبحت اتقي عدلك ولا أخاف جورك ، فيا من هو عدل لا يجور ارحمني».

قال في الوافي (١) بعد نقل هذا الخبر : قال في القاموس : قط تختص بالنفي ماضيا والعامة تقول : «لا افعله قط» وهو لحن ، وفي مواضع من البخاري جاء بعد المثبت : منها ـ في صلاة الكسوف (٢) «أطول صلاة صليتها قط» وأثبته ابن مالك في الشواهد لغة ، قال : وهي من ما خفي على كثير من النحاة أقول : فلأمير المؤمنين (عليه‌السلام) أسوة بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في استعمالها بعد المثبت ، وهما أفصح الناس (صلوات الله عليهما) (٣).

والظاهر انه لو لم يتمكن من الإطالة والإتيان بالموظف اتى بما يتيسر له

__________________

(١) باب (الخروج الى الصفا والوقوف عليه).

(٢) اللفظ في القاموس كما حكاه في الوافي ، وفي البخاري باب (الذكر في الكسوف) ج ٢ ص ٤٦ و ٤٧ هكذا : «خسفت الشمس فقام النبي (ص) فزعا يخشى ان تكون الساعة فاتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله» وفي عبارة القاموس الاستشهاد بما رواه أبو داود في السنن ـ ج ١ ص ٤١ مع حاشية عون المعبود ـ : «توضأ ثلاثا قط».

(٣) انتهى كلام صاحب الوافي.

٢٦٣

ويدل على ذلك ما رواه في الكافي في الصحيح عن جميل (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : هل من دعاء موقت أقوله على الصفا والمروة؟ فقال : تقول إذا صعدت على الصفا : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، وهو على كل شي‌ء قدير. ثلاث مرات».

وعن محمد بن عمر بن يزيد عن بعض أصحابه (٢) قال : «كنت وراء ابي الحسن موسى (عليه‌السلام) على الصفا أو على المروة وهو لا يزيد على حرفين : اللهم إني أسألك حسن الظن بك على كل حال وصدق النية في التوكل عليك».

وعن ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٣) قال : «ليس على الصفا شي‌ء موقت».

وقد روى ان طول الوقوف على الصفا يوجب زيادة المال ، رواه في الكافي عن الحسن بن علي بن الوليد رفعه عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «من أراد ان يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا والمروة».

وروى في التهذيب عن حماد المنقري (٥) قال : «قال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام): ان أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا».

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٣٢ والوسائل الباب ٥ من السعي.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٣٣ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٨ والوسائل الباب ٥ من السعي.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ٥ من السعي.

٢٦٤

المطلب الثاني في الكيفية

وهي تشتمل على الواجب والمستحب ، فالواجب أربعة :

أحدها ـ النية ، والأمر فيها عندنا سهل. قالوا : ويجب ان تكون مقارنة للحركة.

ولا يجب الصعود على الصفا إجماعا كما نقله في التذكرة ، وفي المنتهى انه قول أكثر أهل العلم كافة (١) الا من شذ ممن لا يعتد به. والظاهر انه أشار به الى بعض العامة. وعلله في التذكرة بأن السعي بين الصفا والمروة يتحقق بدون ذلك ، بان يلصق عقبيه بالصفا فإذا عاد ألصق أصابعه بموضع العقب. ويدل على ما ذكره صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المتقدمة (٢) المتضمنة لطواف النساء على الدواب وانه يجزئهن ان يقفن تحت الصفا والمروة.

وقال الشهيد (قدس‌سره) في الدروس : ان الاحتياط الترقي إلى الدرج وتكفي الرابعة. قال في المدارك : ولا ريب في أولوية ما ذكره خصوصا مع استحضار النية الى ان يتجاوز الدرج.

أقول : المفهوم من الاخبار ان الأمر أوسع من ذلك ، فإن السعي على الإبل الذي دلت عليه الاخبار ، وان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يسعى على ناقته (٣) لا يتفق فيه هذا التضييق من جعل عقبه ملصقة بالصفا في

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٤٠٤ طبع مطبعة المنار.

(٢) ص ٢٦٢.

(٣) الوسائل الباب ٨١ من الطواف والباب ١٦ من السعي. واللفظ :

«طاف على راحلته. وسعى عليها بين الصفا والمروة».

٢٦٥

الابتداء وأصابعه يلصقها بالصفا موضع العقب بعد العود فضلا عن ركوب الدرج ، بل يكفى فيه الأمر العرفي ، فإنه يصدق بالقرب من الصفا والمروة وان كان بدون هذا الوجه الذي ذكروه. وقوله في المدارك : «خصوصا مع استحضار النية الى ان يتجاوز الدرج» من ما ينبه على ان مرادهم بالنية انما هو الحديث النفسي والتصوير الفكري كما تقدم تحقيقه ، وبينا انه ليس هو النية حقيقة.

وثانيها وثالثها ـ البدأة بالصفا والختم بالمروة ، وهو قول كافة أهل العلم من الخاصة والعامة (١) والنصوص به مستفيضة (٢) وستأتي جملة منها في الباب ، ومنها ـ قوله (عليه‌السلام) في موثقة معاوية بن عمار (٣) : «تبدأ بالصفا وتختم بالمروة ثم قصر. الحديث». ومنها ـ صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة (٤) المتضمنة ان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال حين فرغ من طوافه وركعتيه : ابدأوا بما بدأ الله به من إتيان الصفا. الحديث.

ويدل على ذلك الأخبار الدالة على ان من بدأ بالمروة أعاد عامدا كان أو ناسيا أو جاهلا (٥) وما ذلك الا لعدم إتيانه بالمأمور به على وجهه.

ومن الاخبار في ذلك ما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٤٠٦ طبع مطبعة المنار.

(٢) الوسائل الباب ٦ و ١٠ من السعي.

(٣) الوسائل الباب ٦ من السعي.

(٤) ص ٢٦٠.

(٥) الوسائل الباب ١٠ من السعي.

٢٦٦

معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة».

وعن معاوية بن عمار في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) في حديث قال : «وان بدأ بالمروة فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا».

وعن علي بن أبي حمزة (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا. قال : يعيد ، الا ترى انه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء. أراد ان يعيد الوضوء».

وعن علي الصائغ (٤) قال : «سئل أبو عبد الله (عليه‌السلام) وانا حاضر عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا. قال : يعيد ، الا ترى انه لو بدأ بشماله قبل يمينه كان عليه ان يبدأ بيمينه ثم يعيد على شماله».

ورابعها ـ ان يسعى سبعا يحسب ذهابه شوطا وعوده آخر ، وهو قول علمائنا اجمع كما ذكره في المنتهى ، بل قول كافة أهل العلم الا من شذ منهم كما نقله في المنتهى.

وعليه تدل الأخبار ، ومنها ـ ما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) انه قال :

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ١٠ من السعي.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من السعي. وفي التعليقة (٢) في الكافي ج ٤ ص ٤٢٦ قوله : «أراد ان يعيد الوضوء» من كلام الراوي.

(٤) الوسائل الباب ١٠ من السعي.

(٥) الكافي ج ٤ ص ٤٣٤ و ٤٣٥ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٨ والوسائل الباب ٦ من السعي.

٢٦٧

«وطف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة».

وما رواه في الصحيح عن هشام بن سالم (١) قال : «سعيت بين الصفا والمروة انا وعبيد الله بن راشد ، فقلت له : تحفظ علي. فجعل يعد ذاهبا وجائيا شوطا واحدا فبلغ مثل ذلك ، فقلت له : كيف تعد؟ قال : ذاهبا وجائيا شوطا واحدا. فأتممنا أربعة عشر شوطا ، فذكرنا ذلك لأبي عبد الله (عليه‌السلام) فقال : قد زادوا على ما عليهم ليس عليهم شي‌ء».

ويجب في السعي الذهاب في الطريق المعهود ، فلو اقتحم المسجد الحرام ثم خرج من باب آخر لم يجزئ. قال في الدروس : وكذا لو سلك سوق الليل قالوا : ومن الواجبات ايضا استقبال المطلوب بوجهه ، فلو مشى القهقرى لم يجزئ لأنه خلاف المعهود. وهو جيد.

وانها ها شيخنا الشهيد في الدروس إلى عشرة ، وهو الستة المذكورة هنا ، والمقارنة لوقوفه على الصفا في أي جزء منه ، ووقوعه بعد الطواف ، فلو وقع قبله بطل مطلقا الا طواف النساء وعند الضرورة ، وإكمال الشوط وهو من الصفا إلى المروة ، فلو نقص من المسافة شي‌ء بطل وان قل ، وعدم الزيادة على السبعة ، فلو زاد عمدا بطل ، ولو كان ناسيا تخير بين القطع وإكمال أسبوعين ، والموالاة المعتبرة في الطواف عند المفيد وسلار والحلبي ، وظاهر الأكثر والاخبار البناء مطلقا. وظاهر كلامه عد البدأة بالصفا والختم بالمروة واحدا لا اثنين كما ذكرناه ، فلا يتوهم المنافاة في ما نقلناه عنه.

واما ما يستحب فيه فأربعة ايضا أحدها ـ ان يكون ماشيا فلو سعى راكبا جاز.

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من السعي.

٢٦٨

ويدل عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المتقدمة قريبا (١) وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار (٢) قال : «قلت له : المرأة تسعى بين الصفا والمروة على دابة أو على بعير؟ فقال : لا بأس بذلك قال : وسالته عن الرجل يفعل ذلك. قال : لا بأس به ، والمشي أفضل».

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «سالته عن السعي بين الصفا والمروة على الدابة. قال : نعم ، وعلى المحمل».

وعن حجاج الخشاب (٤) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يسأل زرارة فقال : اسعيت بين الصفا والمروة؟ فقال : نعم. قال : وضعفت؟ قال : لا والله لقد قويت. قال : فان خشيت الضعف فاركب فإنه أقوى لك على الدعاء».

ويستفاد من هذا الخبر أفضلية الركوب مع الضعف بالمشي عن الدعاء وان كان مكروها بدون ذلك ، كما تقدم في صحيحة معاوية بن عمار ، فلا منافاة بين الخبرين.

وروى الصدوق (قدس‌سره) في الصحيح عن محمد بن مسلم (٥). قال : «سمعت أبا جعفر (عليه‌السلام) يقول : حدثني ابي ان رسول الله

__________________

(١) ص ٢٦٢.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ٢٥٧ والتهذيب ج ٥ ص ١٥٥ والوسائل الباب ١٦ من السعي.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من السعي.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ١٦ من السعي.

٢٦٩

(صلى‌الله‌عليه‌وآله) طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجنه ، وسعى عليها بين الصفا والمروة».

وثانيها وثالثها ورابعها ـ المشي طرفيه ، والهرولة ما بين المنارة وزقاق العطارين والدعاء حالته.

ويدل على ذلك ما رواه الكليني (قدس‌سره) في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «انحدر من الصفا ماشيا إلى المروة وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المنارة وهي طرف المسعى ، فاسع مل‌ء فروجك ، وقل : بسم الله والله أكبر ، وصلى الله على محمد وأهل بيته ، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عن ما تعلم وأنت الأعز الأكرم. حتى تبلغ المنارة الأخرى ، فإذا جاوزتها فقل : يا ذا المن والفضل والكرم والنعماء والجود والوقار حتى تأتي المروة ، فاصعد عليها حتى يبدو لك البيت ، واصنع عليها كما صنعت على الصفا وطف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة».

قوله (عليه‌السلام) : «فاسع مل‌ء فروجك» جمع فرج وهو ما بين الرجلين ، يقال للفرس : ملأ فرجه وفروجه إذا عدا وأسرع ، ومنه سمى فرج الرجل والمرأة ، لأنه ما بين الرجلين.

وروى الشيخ (قده) في الموثق عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «ثم انحدر ماشيا وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المنارة ـ وهي

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٣٤ و ٤٣٥ والوسائل الباب ٦ من السعي.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٤٨ والوسائل الباب ٦ من السعي.

٢٧٠

طرف المسعى ـ فاسع مل‌ء فروجك ، وقل : بسم الله والله أكبر ، وصلى الله على محمد وآله ، وقل : اللهم اغفر وارحم واعف عن ما تعلم انك أنت الأعز الأكرم. حتى تبلغ المنارة الأخرى. قال : وكان المسعى أوسع من ما هو اليوم ولكن الناس ضيقوه. ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المروة ، فاصعد عليها حتى يبدو لك البيت فاصنع عليها كما صنعت على الصفا. ثم طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة. ثم قص من رأسك. الحديث». وسيأتي تمامه ان شاء الله تعالى.

وروى في الكافي والتهذيب في الموثق عن سماعة (١) قال : «سالته عن السعي بين الصفا والمروة. قال : إذا انتهيت الى الدار التي على يمينك عند أول الوادي فاسع حتى تنتهي إلى أول زقاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي إلى المروة ، فإذا انتهيت اليه فكف عن السعي وامش مشيا ، وإذا جئت من عند المروة فابدأ من عند الزقاق الذي وصفت لك ، فإذا انتهيت الى الباب الذي من قبل الصفا بعد ما تجاوز الوادي فاكفف عن السعي وامش مشيا وانما السعي على الرجال وليس على النساء سعي».

أقول : المراد بالسعي الهرولة وهو الإسراع في السير دون العدو وهو المشار إليه في الخبرين المتقدمين بقوله : «فاسع مل‌ء فروجك».

وروى في الكافي (٢) عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه (عليهما‌السلام)

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٣٤ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٨ والوسائل الباب ٦ من السعي.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٣٤ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٩ والوسائل الباب ٦ من السعي. راجع التعاليق في التهذيب الطبع الحديث.

٢٧١

قال : «كان ابي يسعى بين الصفا والمروة ما بين باب ابن عباد الى ان يرفع قدميه من المسيل لا يبلغ زقاق آل ابي حسين».

وعن علي بن أسباط عن مولى لأبي عبد الله (عليه‌السلام) من أهل المدينة (١) قال : «رأيت أبا الحسن (عليه‌السلام) يبتدئ بالسعي من دار القاضي المخزومي ويمضى كما هو الى زقاق العطارين».

فروع

الأول ـ قال الشيخ (قدس‌سره) : لو نسي الرمل حال السعي حتى يجوز موضعه وذكر ، فليرجع القهقرى الى المكان الذي يرمل فيه.

أقول : ويدل عليه ما رواه الشيخ والصدوق مرسلا عن ابي عبد الله وابي الحسن (عليهما‌السلام) (٢) انهما قالا : «من سها عن السعي حتى يصير من السعي على بعضه أو كله ثم ذكر ، فلا يصرف وجهه منصرفا ولكن يرجع القهقرى الى المكان الذي يجب فيه السعي».

ولو تركه اختيارا فلا شي‌ء عليه ، ويدل عليه ما رواه في الكافي عن سعيد الأعرج في الصحيح (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة. قال : لا شي‌ء عليه».

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من السعي.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ٣٠٨ والتهذيب ج ٥ ص ٤٥٣ والوسائل الباب ٩ من السعي.

(٣) الوسائل الباب ٩ من السعي.

٢٧٢

الثاني ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه يجوز الجلوس في أثناء السعي للراحة.

وعليه تدل صحيحة الحلبي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة أيستريح؟ قال : نعم ان شاء جلس على الصفا والمروة وبينهما فيجلس».

وصحيحة علي بن رئاب (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : الرجل يعيي في الطواف ، إله أن يستريح؟ قال : نعم يستريح ثم يقوم فيبني على طوافه ، في فريضة أو غيرها. ويفعل ذلك في سعيه وجميع مناسكه».

ونقل عن الحلبيين انهما منعا من الجلوس بين الصفا والمروة إلا مع الإعياء والجهد.

ويدل على ما ذكراه ما رواه الصدوق في الصحيح عن عبد الرحمن بن ابي عبد الله عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «لا يجلس بين الصفا والمروة الا من جهد».

قال في المدارك ـ بعد ان استدل للقول المشهور بالروايتين وأورد هذه الرواية دليلا لهما ـ ما لفظه : والجواب بالحمل على الكراهة جمعا بين الأدلة. انتهى.

أقول : اما صحيحة علي بن رئاب المذكورة فإنها ان لم تدل على ما ذكراه فلا تدل على خلافه ، لأن السؤال وقع فيها عن الرجل يعيي في الطواف

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٤٣٧ والتهذيب ج ٥ ص ١٥٦ والوسائل الباب ٢٠ من السعي.

(٢) الوسائل الباب ٤٦ من الطواف.

(٣) الوسائل الباب ٢٠ من السعي.

٢٧٣

أو السعي ، وهذه هي الصورة التي جوزا فيها الاستراحة. وأما صحيحة الحلبي فهي مطلقة يمكن تقييد إطلاقها بهاتين الصحيحتين الظاهرتين في مذهبهما وبالجملة فمذهبهما لا يخلو من قوة ، لما عرفت. والاحتياط يقتضي ترك الاستراحة إلا مع الإعياء والجهد. والله العالم.

الثالث ـ قال في المنتهى : ليس على النساء رمل ، ولا صعود على الصفا ولا على المروة ، لأن في ذلك ضررا عليهن من حيث مزاحمة الرجال. ولأن ترك ذلك كله استر لهن فكان اولى من فعله.

أقول : لا يخفى ما في هذه التعليلات العليلة من عدم الصلوح لتأسيس الأحكام الشرعية ، ولا يخفى أن مزاحمة الرجال في الطواف أعظم والأولى في الاستدلال على عدم استحباب الرمل لهن ما تقدم في موثقة سماعة من قوله (عليه‌السلام): «وانما السعي على الرجال وليس على النساء سعي». فإن السعي في الخبر المذكور كما عرفت عبارة عن الرمل ، وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) في حديث قال : «ليس على النساء سعي بين الصفا والمروة ، يعني : الهرولة». وفي رواية فضالة بن أيوب عن من حدثه عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) : «ان الله وضع عن النساء أربعا. وعد منهن السعي بين الصفا والمروة».

وروى الصدوق (قدس‌سره) مرسلا (٣) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام)

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من الطواف والباب ٢١ من السعي.

(٢) الوسائل الباب ٣٨ من الإحرام والباب ٢١ من السعي.

(٣) الوسائل الباب ٢١ من السعي. راجع الحديث ٥ من الباب ٤١ من مقدمات الطواف وتعليقته في الوسائل الحديثة.

٢٧٤

ليس على النساء أذان. الى ان قال : ولا الهرولة بين الصفا والمروة». الى غير ذلك من الأخبار.

واما الصعود على الصفا فالأخبار الواردة به وان كان موردها الرجال كسائر الأحكام الا انه لا يظهر منها الاختصاص بهم ليكون ذلك ساقطا عن النساء.

الرابع ـ لو سعى راكبا استحب له ان يحرك دابته شيئا. ويدل عليه صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «ليس على الراكب سعى ولكن ليسرع شيئا».

(المطلب الثالث)

في الأحكام وفيه مسائل :

المسألة الأولى ـ السعي ركن فمن تركه عامدا بطل حجه ، وهو مجمع عليه بين علمائنا كما حكاه في التذكرة والمنتهى. ويدل عليه جملة من الاخبار :

فأما ما يدل على وجوبه وفرضه فهو ما رواه في الكافي (٢) في الحسن عن الحسن بن علي الصيرفي عن بعض أصحابنا قال : «سئل أبو عبد الله (عليه‌السلام) عن السعي بين الصفا والمروة فريضة أو سنة؟ فقال : فريضة. قلت : أو ليس إنما قال الله (عزوجل): (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من السعي.

(٢) ج ٤ ص ٤٣٥ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٩ والوسائل الباب ١ من السعي.

٢٧٥

يَطَّوَّفَ بِهِما) (١) قال : كان ذلك في عمرة القضاء ، ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) شرط عليهم ان يرفعوا الأصنام عن الصفا والمروة ، فتشاغل رجل وترك السعي حتى انقضت الأيام وأعيدت الأصنام فجاءوا اليه فقالوا : يا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان فلانا لم يسع بين الصفا والمروة وقد أعيدت الأصنام ، فأنزل الله (عزوجل) (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) (٢) اي : وعليهما الأصنام».

قال في الوافي (٣) : بيان : يعني : شرط على المشركين ان يرفعوا أصنامهم التي كانت على الصفا والمروة حتى تنقضي أيام المناسك ثم يعيدوها فتشاغل رجل من المسلمين عن السعي ففاته السعي حتى انقضت الأيام وأعيدت الأصنام فزعم المسلمون عدم جواز السعي حال كون الأصنام على الصفا والمروة.

وعن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) في حديث قال : «السعي بين الصفا والمروة فريضة». وروى الصدوق (قدس‌سره) في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) في حديث قصر الصلاة «قال (عليه‌السلام) : أو ليس قال الله (عزوجل): (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ

__________________

(١ و ٢) سورة البقرة الآية ١٥٨.

(٣) باب (السعي بين الصفا والمروة).

(٤) الوسائل الباب ١ من السعي.

(٥) الفقيه ج ١ ص ٢٧٨ و ٢٧٩ والوسائل الباب ١ من السعي.

٢٧٦

أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) (١) الا ترون ان الطواف بهما واجب مفروض ، لأن الله (عزوجل) قد ذكره في كتابه وصنعه نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله».

واما ما يدل على بطلان الحج بتركه عمدا فهو ما رواه ثقة الإسلام في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «في رجل ترك السعي متعمدا؟ قال : عليه الحج من قابل».

وفي الصحيح ايضا عنه (٣) قال : «قال أبو عبد الله : (عليه‌السلام) من ترك السعي متعمدا فعليه الحج من قابل».

وعنه أيضا في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) في حديث انه قال «في رجل ترك السعي متعمدا؟ قال : لا حج له».

وإطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في الوجوب والابطال بين كون السعي في الحج أو العمرة.

هذا في ما لو تركه عامدا ، اما لو كان ناسيا وجب عليه الإتيان به بعد الذكر فان خرج عاد اليه وان تعذر استناب فيه.

اما وجوب الإتيان به بعد الذكر والعود اليه مع الإمكان فظاهر ، لتوقف الامتثال والخروج عن عهدة الخطاب عليه.

ويدل عليه ايضا ما رواه الكليني في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال : «قلت : فرجل نسي السعي بين الصفا والمروة؟ قال : يعيد السعي. قلت : فاته ذلك حتى خرج؟

__________________

(١) سورة البقرة الآية ١٥٨.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ٧ من السعي.

(٥) الكافي ج ٤ ص ٤٨٤ والوسائل الباب ٨ من السعي.

٢٧٧

قال : يرجع فيعيد السعي ، ان هذا ليس كرمي الجمار ان الرمي سنة والسعي بين الصفا والمروة فريضة».

ورواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن معاوية بن عمار ايضا (١) وزاد في آخره : «وقال في رجل ترك السعي متعمدا؟ قال : لا حج له».

واما الاستنابة فيه فلما رواه الشيخ (قدس‌سره) في التهذيب عن الشحام عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة حتى يرجع الى أهله. فقال : يطاف عنه». والرواية وان كانت مطلقة الا ان طريق الجمع بينها وبين صحيحة معاوية المتقدمة حمل تلك على إمكان الرجوع وهذه على تعذره.

ومثل هذه الرواية أيضا ما رواه الصدوق (قدس‌سره) في الصحيح عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما‌السلام) (٣) قال : «سالته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة. قال : يطاف عنه».

المسألة الثانية ـ المعروف من مذهب الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه لا يجوز في السعي الزيادة على السبعة متعمدا فلو زاد كذلك بطل طوافه.

ويدل عليه ما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن صفوان عن عبد الله بن محمد عن أبي الحسن (عليه‌السلام) (٤) قال : «الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة فإذا زدت عليها فعليك الإعادة

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٥٠ والوسائل الباب ٨ والباب ٧ من السعي الرقم ٣.

(٢) الوسائل الباب ٨ من السعي.

(٣) الوسائل الباب ٨ من السعي عن الفقيه والتهذيب.

(٤) الوسائل الباب ١٢ من السعي.

٢٧٨

وكذا السعي».

وما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «ان طاف الرجل بين الصفا والمروة تسعة أشواط فليسع على واحد وليطرح ثمانية ، وان طاف بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فليطرحها وليستأنف السعي. الحديث».

أقول : وفقه هذا الحديث انه إذا طاف تسعة عامدا ـ كما هو المفروض ـ فقد بطلت السبعة بالزيادة عليها شوطا ثامنا ، والشوط الثامن لا يمكن ان يعتد به لبدء سعي جديد ، لأن ابتداءه يكون من المروة فيبطل ايضا ، واما التاسع فهو لخروجه عن الأشواط الباطلة وكون مبدأه من الصفا يمكن ان يعتد به ويبنى عليه سعيا جديدا ، ولهذا قال : «فليسع على واحد وليطرح ثمانية» ، وان طاف ثمانية خاصة فقد عرفت الوجه في بطلان الجميع ، فلهذا أمر في آخر الخبر بان يطرحها ويستأنف. فالخبر ـ كما ترى ـ ظاهر الدلالة في الإبطال بالزيادة على السبعة ، وهو صحيح السند.

وبذلك يظهر ما في كلام السيد السند (قدس‌سره) في المدارك ، حيث انه لم يورد دليلا على الحكم المذكور إلا رواية عبد الله بن محمد المذكورة واعترضها بأنها ضعيفة السند باشتراك الراوي بين الثقة وغيره. ويمكن دفعه (أولا) بأن الراوي عنه وهو صفوان ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه والسند الى صفوان صحيح ، فيكون الحديث صحيحا وان ضعف المروي عنه. و (ثانيا) بان ضعفها مجبور بعمل الأصحاب (رضوان الله عليهم) بها ، إذ لا مخالف في الحكم كما اعترف به في صدر

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من السعي.

٢٧٩

كلامه ، فقال بعد نقل عبارة المصنف الدالة على الإبطال بالزيادة عمدا : هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم). هذا مع تسليم العمل بهذا الاصطلاح وقطع النظر عن الصحيحة التي أوردناها ، والا فلا يبقى للتردد مجال في المقام.

هذا مع كون الزيادة عمدا اما لو كانت سهوا فقد ذكر الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه يتخير بين إلغاء الزائد والاعتبار بالسبعة وبين إكمال أسبوعين فيكون الثاني مستحبا.

اما الأول فيدل عليه ما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح عن عبد الرحمن ابن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه‌السلام) (١) «عن رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط ، ما عليه؟ فقال : ان كان خطأ طرح واحدا واعتد بسبعة». قال في الفقيه (٢) : وفي رواية محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما‌السلام) قال : «يضيف إليها ستة».

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن جميل بن دراج (٣) قال : «حججنا ونحن صرورة فسعينا بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا ، فسألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن ذلك ، فقال : لا بأس سبعة لك وسبعة تطرح».

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٣٦ والفقيه ج ٢ ص ٢٥٧ والتهذيب ج ٥ ص ١٥٢ و ٤٧٢ والوسائل الباب ١٣ من السعي.

(٢) ج ٢ ص ٢٥٧ والوسائل الباب ١٣ من السعي.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من السعي.

٢٨٠