الحدائق الناضرة - ج ١٦

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

وقال في كتاب الفقه (١) : ومتى حاضت المرأة في الطواف خرجت من المسجد فان كانت طافت ثلاثة أشواط فعليها ان تعيد ، وان كانت طافت أربعة أقامت على مكانها ، فإذا طهرت بنت وقضت ما بقي عليها. ولا تجوز على المسجد حتى تتيمم وتخرج منه. وكذلك الرجل إذا أصابته علة وهو في الطواف لم يقدر على إتمامه ، خرج وأعاد بعد ذلك طوافه ما لم يجز نصفه ، فان جاوز نصفه فعليه ان يبنى على ما طاف. انتهى.

أقول : وهذه الاخبار كلها ـ ما عدا صحيحة محمد بن مسلم التي استند إليها الصدوق ـ صريحة الدلالة واضحة المقالة في ان البناء انما هو بعد تجاوز النصف ، والشيخ (قدس‌سره) حمل صحيحة محمد بن مسلم على طواف النافلة جمعا بين الاخبار. وهو جيد. وما استند اليه الصدوق (قدس‌سره) ـ من ان حديث إبراهيم بن إسحاق الذي ذكره إسناده منقطع ـ مردود بان الشيخ كما ذكرناه رواه متصلا وبين الواسطة وهي سعيد الأعرج ، فزال به الانقطاع الذي طعن به. وبالجملة فإن ما ذهب اليه (قدس‌سره) ضعيف ، للزوم طرح هذه الاخبار لو عملنا بخبره ، ومتى عملنا بهذه الاخبار فالوجه في خبره ما ذكره الشيخ (قدس‌سره).

أقول : ومن ما يؤيد أخبار القول المشهور ايضا ما رواه في الكافي والشيخ في التهذيب في الصحيح عن ابن مسكان عن إسحاق بياع اللؤلؤ عن من سمع أبا عبد الله (عليه‌السلام) (٢) يقول : «المرأة المتمتعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم رأت الدم فمتعتها تامة» وزاد في التهذيب : «وتقضى

__________________

(١) ص ٣٠.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٤٩ والتهذيب ج ٥ ص ٣٩٣ والوسائل الباب ٨٦ من الطواف.

٢٤١

ما فاتها من الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ، وتخرج إلى منى قبل ان تطوف الطواف الآخر».

أقول : الظاهر ان المراد بالطواف الآخر قضاء ما بقي من الطواف الذي قطعته بعد الخروج إلى منى متى كان الحيض باقيا. وقد تقدم لنا تحقيق زائد على ما ذكرناه في هذه المسألة في أبحاث المقدمة الرابعة فليراجع.

المسألة العاشرة ـ قال الشيخ (قدس‌سره) في النهاية : لا يجوز للرجل ان يطوف وعليه برطلة. وقال في التهذيب : يكره للرجل ان يطوف وعليه برطلة وقال ابن إدريس انه مكروه في طواف الحج محرم في طواف العمرة ، والى هذا القول مال أكثر المتأخرين ، قالوا : لأنه في طواف العمرة قد غطى رأسه وهو محرم ، وفي طواف الحج لا مانع من تغطيته فلا موجب للتحريم. والبرطلة على ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) بضم الباء الموحدة وإسكان الراء وضم الطاء المهملة وتشديد اللام المفتوحة : قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما. وفي كتاب مجمع البحرين : البرطلة بالضم : قلنسوة ، وربما تشدد. وفيه دلالة على ورودها بالتخفيف ايضا.

والأصل في هذه المسألة ما رواه في الكافي (١) عن زياد بن يحيى الحنظلي عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «لا تطوفن بالبيت وعليك برطلة».

وعن يزيد بن خليفة (٢) قال : رءاني أبو عبد الله (عليه‌السلام) أطوف حول الكعبة وعلي برطلة ، فقال لي بعد ذلك : قد رأيتك تطوف حول الكعبة وعليك برطلة ، لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود». ورواه الصدوق

__________________

(١) ج ٤ ص ٤٢٧ والوسائل الباب ٦٧ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٣٤ والوسائل الباب ٦٧ من الطواف.

٢٤٢

(قدس‌سره) أيضا (١).

أقول : أما ما ذكره ابن إدريس (قدس‌سره) من التحريم في طواف العمرة للعلة التي ذكروها فهي لا تختص بالبرطلة ، والنهي عن لبسها قد ظهر وجهه من هذا الخبر الأخير. وهو مشعر بالكراهة. وظاهر الخبر المذكور كراهة لبسها مطلقا ، حيث علل ذلك بكونها من زي اليهود. وأظهر منه صحيحة هشام بن الحكم أو حسنته المروية في الكافي (٢) عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) «انه كره لباس البرطلة».

المسألة الحادية عشرة ـ المريض لا يسقط عنه الطواف بل يطاف به ان أمكن والا طيف عنه.

ويدل على الحكم الأول ما رواه في الكافي (٣) عن الربيع بن خيثم قال : «شهدت أبا عبد الله (عليه‌السلام) وهو يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض ، فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه على الأرض فأدخل يده في كوة المحمل حتى يجرها على الأرض ، ثم يقول : ارفعوني. فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط قلت له : جعلت فداك يا ابن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان هذا يشق عليك. فقال : اني سمعت الله (عزوجل) يقول (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) (٤) فقلت : منافع

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٥٥ والوسائل الباب ٦٧ من الطواف.

(٢) الفروع ج ٢ ص ٢١٣ والوسائل الباب ٤٢ من لباس المصلي و ٣١ من أحكام الملابس.

(٣) ج ٤ ص ٤٢٢ والتهذيب ج ٥ ص ١٢٢ والوسائل الباب ٤٧ من الطواف الرقم ٨. لاحظ التعليقة في الوسائل الحديثة.

(٤) سورة الحج الآية ٢٨.

٢٤٣

الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال : الكل».

وروى في من لا يحضره الفقيه (١) عن ابي بصير «ان أبا عبد الله (عليه‌السلام) مرض فأمر غلمانه ان يحملوه ويطوفوا به ، فأمرهم أن يخطوا برجله الأرض حتى تمس الأرض قدماه في الطواف».

وروى في التهذيب (٢) في الصحيح عن صفوان بن يحيى قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن الرجل المريض يقدم مكة ، فلا يستطيع ان يطوف بالبيت ولا يأتي بين الصفا والمروة. قال : يطاف به محمولا يخطو الأرض برجليه حتى تمس الأرض قدميه في الطواف ، ثم يوقف به في أصل الصفا والمروة إذا كان معتلا».

وعن حريز في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «سألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه؟ قال : فقال : نعم إذا كان لا يستطيع».

ويدل على الحكم الثاني ما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) انه قال : «المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما».

وفي الصحيح عن حريز عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال : «المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف عنه».

وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٦)

__________________

(١) ج ٢ ص ٢٥١ والوسائل الباب ٤٧ من الطواف.

(٢) ج ٥ ص ١٢٣ والوسائل الباب ٤٧ من الطواف.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ١٢٣ والوسائل الباب ٤٧ من الطواف.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ٤٩ من الطواف.

(٦) الكافي ج ٤ ص ٤٢٢ والوسائل الباب ٤٩ من الطواف الرقم ٣.

٢٤٤

قال : «المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما الجمار».

وعن حبيب الخثعمي في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «أمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان يطاف عن المبطون والكسير».

وعن يونس بن عبد الرحمن البجليّ (٢) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) ـ أو كتبت اليه ـ عن سعيد بن يسار انه سقط من جمله فلا يستمسك بطنه أطوف عنه وأسعى؟ قال : لا ولكن دعه فإن بري‌ء قضى هو وإلا فاقض أنت عنه».

وبالجملة فالطواف عنه دائر مدار عدم إمكان الطواف به بعد التربص لبرؤه ان لم يضق الوقت عن ذلك ، وعدم إمكان الطواف به اما لكونه لا يستمسك طهارته أو كونه مغلوبا عليه أو نحو ذلك.

ولا يجوز الطواف عن الغير بغير علة مع حضوره. ويدل عليه ما رواه في الكافي (٣) في الصحيح أو الحسن عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : «كنت الى جنب ابي عبد الله (عليه‌السلام) وعنده ابنه عبد الله وابنه الذي يليه ، فقال له رجل : أصلحك الله يطوف الرجل عن الرجل وهو مقيم بمكة ليس به علة؟ فقال : لا لو كان ذلك يجوز لأمرت ابني فلانا فطاف عني. سمى الأصغر وهما يسمعان».

المسألة الثانية عشرة ـ قال الشيخ (قدس‌سره) : من نذر ان يطوف على اربع كان عليه ان يطوف طوافين : أسبوعا ليديه وأسبوعا لرجليه. وقال ابن إدريس : لا ينعقد هذا النذر. وقال في الشرائع بعد نقل القولين

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٢٤ والوسائل الباب ٤٩ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٢٤ والوسائل الباب ٤٥ من الطواف.

(٣) ج ٤ ص ٤٢٢ و ٤٢٣ والوسائل الباب ٥١ من الطواف.

٢٤٥

المذكورين وربما قيل بالأول إذا كان الناذر امرأة اقتصارا على مورد النقل. وقال في المنتهى : الذي ينبغي الاعتماد عليه بطلان النذر في حق الرجل والتوقف في حق المرأة ، فإن صح سند الخبرين قيل بموجبهما والا بطل كالرجل.

احتج الشيخ (قدس‌سره) بما رواه عن السكوني عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في امرأة نذرت ان تطوف على اربع. قال : تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها».

وعن ابي الجهم عن ابي عبد الله عن أبيه عن آبائه عن علي (عليهم‌السلام) (٢) انه قال «في امرأة نذرت ان تطوف على اربع. قال : تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها».

احتج ابن إدريس ومن اقتفاه من المتأخرين بأن النذر المذكور غير منعقد لكونه غير مشروع ، ومن شرط انعقاد النذر ان يكون مشروعا قبل النذر ، وبموجب ذلك يجب الحكم ببطلانه والمتأخرون العاملون بهذا الاصطلاح المحدث ، لما كان النذر كما ذكره ابن إدريس والخبران ضعيفان باصطلاحهم ـ فلا يصلحان لتخصيص القاعدة المذكورة ـ اطرحوهما. واما من لا يرى العمل بالاصطلاح المذكور فإنه يخصص القاعدة المذكورة بهما وهو المختار ، كما خصصت بالإحرام قبل الميقات لمن نذره ، للأخبار الواردة

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٣٠ والتهذيب ج ٥ ص ١٣٥ والفقيه ج ٢ ص ٣٠٨ والوسائل الباب ٧٠ من الطواف.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٢٩ والتهذيب ج ٥ ص ١٣٥ والوسائل الباب ٧٠ من الطواف.

٢٤٦

بذلك (١) فكذا هنا للخبرين المذكورين. نعم تلك الأخبار الواردة بالإحرام قبل الميقات فيها ما هو صحيح باصطلاحهم دون هذه ، ولذا قال بذلك الأكثر منهم ، وابن إدريس أيضا ثمة كما تقدم ذكره في موضعه.

قال في الدروس : لو عجز إلا عن المشي على الأربع فالأشبه فعله ، ويمكن ترجيح الركوب لثبوت التعبد به اختيارا ، قال في المدارك بعد نقله عنه : ولا ريب في ترجيح الركوب وان لم يثبت التعبد به اختيارا ، لتعينه في حق المعذور قطعا.

أقول : ما ذكره جيد ، الا انه يحتمل بناء على العمل بالروايتين المذكورتين الاجتزاء بالطواف على اربع ، لدلالتهما على انعقاد نذره ، غاية الأمر انه مع القدرة على المشي أوجب عليه طوافين ماشيا : أحدهما ليديه والآخر لرجليه ، ففيهما دلالة على مشروعية الطواف على اربع مع تعذر المشي في الجملة. والاحتياط في الجمع بين الطواف على اربع والطواف راكبا. والله العالم.

المسألة الثالثة عشرة ـ الظاهر انه لا خلاف في انه لو حمل محرم محرما فطاف به ونوى كل منهما الطواف أجزأ.

وعلى ذلك تدل جملة من الأخبار : منها : ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن والشيخ في التهذيب في الصحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «في المرأة تطوف بالصبي وتسعى به ، هل يجزئ ذلك عنها وعن الصبي؟ فقال : نعم».

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من المواقيت.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٢٩ والتهذيب ج ٥ ص ١٢٥ والوسائل الباب ٥ من الطواف.

٢٤٧

وما رواه في التهذيب (١) في الصحيح عن الهيثم بن عروة التميمي عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «قلت له : اني حملت امرأتي ثم طفت بها وكانت مريضة ، وقلت له : اني طفت بها بالبيت في طواف الفريضة وبالصفا والمروة واحتسبت بذلك لنفسي فهل يجزئني؟ قال : نعم».

وعن محمد بن الهيثم التميمي عن أبيه (٢) قال : «حججت بامرأتي وكانت قد أقعدت بضع عشرة سنة ، قال : فلما كان في الليل وضعتها في شق محمل وحملتها انا بجانب المحمل والخادم بالجانب الآخر ، قال : فطفت بها طواف الفريضة وبين الصفا والمروة ، واعتددت به انا لنفسي ، ثم لقيت أبا عبد الله (عليه‌السلام) فوصفت له ما صنعته ، فقال : قد أجزأ عنك».

وما رواه في الكافي ومن لا يحضره الفقيه في الصحيح عن هيثم التميمي (٣) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : رجل كانت معه صاحبة لا تستطيع القيام على رجلها فحملها زوجها في محمل فطاف بها طواف الفريضة بالبيت وبالصفا والمروة ، أيجزئه ذلك الطواف عن نفسه طوافه بها؟ فقال : ايها الله إذا».

قال في الوافي بعد نقل هذا الخبر : هذه الكلمة وجدت في الكافي والفقيه بهذه الصورة ، ولعل الصواب في كتابتها «اي ها الله ذا» والمراد : نعم والله يجزئه هذا. قال في الصحاح : «ها» للتنبيه وقد يقسم بها كما يقال : «لا ها الله ما فعلت» معناه «لا والله» أبدلت الهاء من الواو ، وان شئت حذفت الألف التي بعد الهاء وان شئت أثبت ، وقولهم : «لا ها الله ذا» أصله

__________________

(١) ج ٥ ص ١٢٥ والوسائل الباب ٥٠ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٢٩٨ والوسائل الباب ٥٠ من الطواف.

(٣) الكافي ج ٤ ص ٤٢٨ والفقيه ج ٢ ص ٢٥٤ والوسائل الباب ٥٠ من الطواف.

٢٤٨

«لا والله هذا» ففرقت بين «ها» و «ذا» وجعلت الاسم بينهما وجررته بحرف التنبيه ، والتقدير «لا والله ما فعلت هذا» فحذف واختصر لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم ، وقدم «ها» كما قدم في قولهم «ها هو ذا وها انا ذا» وقال الرضي : ويفصل بين اسم الإشارة وبين «ها» بالقسم نحو «ها الله ذا» قال : ويجب جر لفظة «الله» لنيابة «ها» عن الجار. وقال في القاموس : «ها» للتنبيه ، وتدخل على اسم الله في القسم عند حذف الحرف يقال «ها الله» بقطع الهمزة ووصلها وكلاهما مع إثبات ألفها وحذفها. قيل : ويحتمل ان يكون «ايها» كلمة واحدة ، قال في الغريبين : «ايها» تصديق وارتضاء كأنه قال : صدقت. أقول : ويشكل حينئذ تصحيح ما بعدها ، والظاهر ان وصلها تصحيف. وكذلك «إذا» في مكان «ذا» وربما يوجد في بعض النسخ «اذن» بالنون ويمكن تصحيحها بأن «إذن» هو «إذ» الظرفية والتنوين فيه عوض عن المضاف اليه ، فيصير المعنى هكذا : نعم والله يجزئه إذا كان كذا. وبهذا تصحح «إذا» أيضا. والاخبار الآتية كلها تعطى الاجزاء انتهى. وانما أطلنا بنقله لما يتضمنه من التنبيه على فائدة لطيفة.

المسألة الرابعة عشرة ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه لا بأس بأن يعول الرجل على غيره في إحصاء عدد الطواف.

ويدل على ذلك ما رواه الشيخ والصدوق في الصحيح عن سعيد الأعرج (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الطواف أيكتفى الرجل بإحصاء صاحبه؟ فقال : نعم».

وروى الصدوق (قدس‌سره) بإسناده عن ابن مسكان عن الهذيل عن ابي عبد الله

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٢٧ والتهذيب ج ٥ ص ١٣٤ والفقيه ج ٢ ص ٢٥٥ والوسائل الباب ٦٦ من الطواف.

٢٤٩

(عليه‌السلام) (١) «في الرجل يتكل على عدد صاحبته في الطواف أيجزئه عنهما وعن الصبي؟ فقال : نعم ، الا ترى أنك تأتم بالإمام إذا صليت خلفه ، فهو مثله» قال في الوافي : «عنهما» بدل من البارز في «يجزئه» وانما أبدل عنه ليعطف عليه «وعن الصبي».

ولو اختلفوا انفرد كل واحد بحكم نفسه. ويدل على ذلك ما رواه في الكافي ومن لا يحضره الفقيه في الصحيح عن صفوان (٢) قال : «سألته عن ثلاثة دخلوا في الطواف فقال واحد منهم لصاحبه : تحفظوا الطواف. فلما ظنوا انهم قد فرغوا قال واحد : معي سبعة أشواط وقال الآخر : معي ستة أشواط. وقال الثالث : معي خمسة أشواط. قال : ان شكوا كلهم فليستأنفوا ، وان لم يشكوا وعلم كل واحد ما في يده فليبنوا». ومعناه ان ما يذكره كل واحد منهم من العدد الذي معه ، ان كان عن يقين منه بنى عليه وصح طوافه ان كان ما في يده تمام العدد الواجب والا أتمه ، وان كان عن شك أعاد.

وقد تقدمت جملة من الأحكام المتعلقة بالطواف في المقدمات من الباب الأول فلا وجه لإعادتها.

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٥٤ و ٢٥٥ والوسائل الباب ٦٦ من الطواف ، والوافي باب (الاتكال على الغير في الطواف).

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٢٩ والتهذيب ج ٥ ص ١٣٤ و ٤٦٩ والوسائل الباب ٦٦ من الطواف والوافي باب (الاتكال على الغير في الطواف) ولم يرد في الفقيه.

٢٥٠

خاتمة

تشتمل على جملة من نوادر الطواف :

روى المشايخ الثلاثة «عطر الله تعالى مراقدهم» في الصحيح عن معاوية ابن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «يستحب ان تطوف ثلاثمائة وستين أسبوعا عدد أيام السنة ، فان لم تستطع فثلاثمائة وستين شوطا ، فان لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف».

ومقتضى استحباب ثلاثمائة وستين شوطا ان يكون الطواف الأخير عشرة أشواط. وقد قطع الأصحاب (رضوان الله عليهم) هنا بعدم الكراهة ، لظاهر النص المذكور. ونقل العلامة في المختلف عن ابن زهرة انه يستحب زيادة أربعة أشواط ليصير الأخير طوافا كاملا ، حذرا من كراهة القران ، وليوافق عدد أيام السنة الشمسية. ونفى عنه البأس في المختلف ، ولا ريب في حصول البأس فيه ، لخروجه عن مقتضى الخبر المذكور على ان القران المختلف في كراهته وتحريمه انما هو الإتيان بأسبوع كامل مع الطواف الأول ـ كما دلت عليه الاخبار المذكورة ثمة ـ لا مجرد زيادة شوط أو شوطين مثلا.

وفي كتاب الفقه الرضوي (٢) : ويستحب ان يطوف الرجل بمقامه بمكة ثلاثمائة وستين أسبوعا بعدد أيام السنة ، فان لم يقدر عليه طاف ثلاثمائة وستين شوطا.

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٢٩ والتهذيب ج ٥ ص ١٣٥ و ٤٧١ والفقيه ج ٢ ص ٢٥٥ والوسائل الباب ٧ من الطواف.

(٢) ص ٢٧.

٢٥١

وروى الشيخ في التهذيب (١) عن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «يستحب ان يطاف بالبيت عدد أيام السنة ، كل أسبوع لسبعة أيام فذلك اثنان وخمسون أسبوعا».

أقول : ظاهر هذا الخبر لا يخلو من الإشكال لأنه بمقتضى ما تقدم من ان عدد السنة ثلاثمائة وستون يوما فمتى طاف لكل يوم شوطا يكون عدد الأسابيع أحدا وخمسين أسبوعا وزيادة ثلاثة أشواط. اللهم الا ان يحمل على ما ذكروه من عدد السنة الشمسية كما تقدم ، فيصير مؤيدا لما نقل عن ابن زهرة. ولا يخلو من بعد.

وروى في الكافي (٢) عن علي بن ميمون الصائغ قال : «قدم رجل على علي بن الحسين (عليهما‌السلام) فقال : قدمت حاجا؟ فقال : نعم. فقال : أتدري ما للحاج؟ قال : لا. قال : من قدم حاجا وطاف بالبيت وصلى ركعتين كتب الله له سبعين ألف حسنة ، ومحا عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين ألف درجة ، وشفعه في سبعين ألف حاجة ، وكتب له عتق سبعين ألف رقبة قيمة كل رقبة عشرة آلاف درهم». ورواه في من لا يحضره الفقيه (٣) مرسلا عنه (عليه‌السلام).

وروى في التهذيب عن ابان بن تغلب عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) في حديث انه قال : «يا لبان هل تدري ما ثواب من طاف بهذا البيت أسبوعا؟ فقلت : لا والله ما ادري. قال : يكتب له ستة آلاف حسنة ، وتمحى

__________________

(١) ج ٥ ص ٤٧١ والوسائل الباب ٧ من الطواف.

(٢) ج ٤ ص ٤١١ والوسائل الباب ٤ من الطواف.

(٣) ج ٢ ص ١٣٣ و ١٣٤ والوسائل الباب ٤ من الطواف.

(٤) الوسائل الباب ٤ من الطواف.

٢٥٢

عنه ستة آلاف سيئة ، وترفع له ستة آلاف درجة» قال : وروى إسحاق ابن عمار : وتقضى له ستة آلاف حاجة.

وروى في الكافي في الموثق عن إسحاق بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «كان ابي يقول : من طاف بهذا البيت أسبوعا وصلى ركعتين في أي جوانب المسجد شاء كتب الله له ستة آلاف حسنة ، ومحا عنه ستة آلاف سيئة ، ورفع له ستة آلاف درجة ، وقضى له ستة آلاف حاجة ، فما عجل منها فبرحمة الله وما أخر منها فشوقا إلى دعائه».

وروى في الكافي ومن لا يحضره الفقيه في الصحيح عن هشام بن الحكم عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «من اقام بمكة سنة فالطواف أفضل له من الصلاة ، ومن اقام سنتين خلط من ذا ومن ذا ، ومن اقام ثلاث سنين كانت الصلاة أفضل له من الطواف».

ورواه في التهذيب (٣) في الصحيح عن حفص بن البختري وحماد وهشام بن الحكم عنه (عليه‌السلام). وروى في الكافي (٤) في الصحيح أو الحسن عن حريز عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «الطواف لغير أهل مكة أفضل من الصلاة ، والصلاة لأهل مكة أفضل».

وروى في التهذيب (٥) في الصحيح عن حريز قال : «سألت

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من الطواف.

(٢) الوسائل الباب ٩ من الطواف.

(٣) ج ٥ ص ٤٤٧ والوسائل الباب ٩ من الطواف.

(٤) ج ٤ ص ٤١٢ والوسائل الباب ٩ من الطواف. راجع التعليقة في الوسائل الحديثة.

(٥) ج ٥ ص ٤٤٦ والوسائل الباب ٩ من الطواف.

٢٥٣

أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الطواف لغير أهل مكة ممن جاور بها أفضل أو الصلاة؟ فقال : الطواف للمجاورين أفضل ، والصلاة لأهل مكة والقاطنين بها أفضل من الطواف».

أقول : ويمكن ان يستنبط من حديث هشام المتقدم بمعونة هذين الخبرين المذكورين بعده ان حكم المجاور انما ينتقل الى أهل مكة ويصير حكمه حكمهم في السنة الثالثة. وقد تقدم اختلاف الاخبار في ذلك.

وروى في الكافي (١) عن ابن القداح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «طواف قبل الحج أفضل من سبعين طوافا بعد الحج». أقول : الظاهر ان المراد الطواف في عشر ذي الحجة قبل الحج كما ينبه عليه الخبر الآتي.

وعن ابن ابي عمير عن بعض أصحابه (٢) قال : «طواف في العشر أفضل من سبعين طوافا في الحج». أقول : وذلك لما لهذه العشرة عند الله (عزوجل) من الفضل والمزية.

وروى في الكافي ومن لا يحضره الفقيه (٣) قال : «سأل أبان أبا عبد الله (عليه‌السلام) : أكان لرسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) طواف يعرف به؟ فقال : كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يطوف بالليل والنهار عشرة أسابيع : ثلاثة أول الليل وثلاثة آخر الليل واثنين إذا أصبح واثنين بعد الظهر ، وكان في ما بين ذلك راحته».

وعن حماد بن عيسى عن من أخبره عن العبد الصالح (عليه‌السلام) (٤)

__________________

(١) ج ٤ ص ٤١٢ والوسائل الباب ١٠ من الطواف.

(٢) الوسائل الباب ٨ من الطواف.

(٣) الوسائل الباب ٦ من الطواف.

(٤) الكافي ج ٤ ص ٤١٢ والوسائل الباب ٥ من الطواف.

٢٥٤

قال : «دخلت عليه يوما وانا أريد أن أسأله عن مسائل كثيرة ، فلما رأيته عظم علي كلامه ، فقلت له : ناولني يدك أو رجلك اقبلها. الخبر». وقد تقدم في الفصل الثاني من المقام الثاني في كيفية الطواف (١).

وعن زياد القندي (٢) قال : «قلت لأبي الحسن (عليه‌السلام): جعلت فداك إني أكون في المسجد الحرام وانظر الى الناس يطوفون بالبيت وانا قاعد فاغتم لذلك. فقال : يا زياد لا عليك ، فان المؤمن إذا خرج من بيته يؤم الحج لا يزال في طواف وسعي حتى يرجع».

أقول : لعل الرجل المذكور كان له عذر عن الطواف فيغتم لذلك فسلاه (عليه‌السلام) بما ذكره.

وروى في الكافي ومن لا يحضره الفقيه مرسلا عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «دع الطواف وأنت تشتهيه».

وروى في الكافي عن رفاعة (٤) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يطوف بالبيت ويسعى أيتطوع بالطواف قبل ان يقصر؟ قال : ما يعجبني».

وروى في التهذيب عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال : «لا يطوف المعتمر بالبيت بعد طواف الفريضة حتى يقصر».

وفي الكافي عن ابي بصير (٦) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) من وصل أبا أو ذا

__________________

(١) ص ١٢٤ و ١٢٥.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٢٨ والوسائل الباب ٣٨ من وجوب الحج وشرائطه.

(٣) الوسائل الباب ٤٦ من الطواف.

(٤) الوسائل الباب ٨٣ من الطواف.

(٥) الوسائل الباب ٨٣ من الطواف والباب ٩ من التقصير.

(٦) الوسائل الباب ١٨ من النيابة في الحج والباب ٥١ من الطواف.

٢٥٥

قرابة له فطاف عنه كان له اجره كاملا ، وللذي طاف عنه مثل اجره ، ويفضل هو بصلته إياه بطواف آخر.».

وفي الكافي عن الحسن بن صالح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «سمعت أبا جعفر (عليه‌السلام) يحدث عطاء قال : كان طول سفينة نوح الف ومأتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع وطولها في السماء مأتي ذراع ، وطافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة سبعة أشواط ثم استوت على الجودي».

البحث الثالث في السعي

والكلام في مقدماته وكيفيته وأحكامه يقتضي بسطه في مطالب ثلاثة :

الأول ـ في المقدماتوهي عشرة ، وكلها مندوبة منها الطهارة ، واستحبابها هو الأشهر الأظهر ، وأسنده في المنتهى الى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماع عليه ، بل قال : وهو قول عامة أهل العلم. ونقل عن ابن ابي عقيل انه قال : لا يجوز الطواف والسعي بين الصفا والمروة إلا بطهارة.

ويدل على القول المشهور أصالة البراءة من ما لم يقم على وجوبه دليل.

وما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «لا بأس ان تقضى المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف ، فان فيه صلاة ، والوضوء أفضل على كل حال».

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٥٤ والاستبصار ج ٢ ص ٢٤١ والفقيه ج ٢ ص ٢٥٠ والوسائل الباب ٥ من الوضوء والباب ٣٨ من الطواف والباب ١٥ من السعي.

٢٥٦

وفي الصحيح عن رفاعة بن موسى (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام): أشهد شيئا من المناسك وانا على غير وضوء؟ قال : نعم الا الطواف بالبيت ، فان فيه صلاة».

وعن زيد الشحام عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة على غير وضوء. فقال : لا بأس».

وفي الصحيح عن معاوية بن عمار (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل ان تسعى. قال : تسعى. قال : وسالته عن امرأة طافت بين الصفا والمروة فحاضت بينهما. قال : تتم سعيها».

وما رواه الصدوق (قدس‌سره) في الحسن عن صفوان عن يحيى الأزرق (٤) قال : «قلت لأبي الحسن (عليه‌السلام) : الرجل يسعى بين الصفا والمروة ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يبول ، أيتم سعيه بغير وضوء؟ قال : لا بأس ، ولو أتم نسكه بوضوء كان أحب الي».

ويدل على ما ذهب اليه ابن ابي عقيل ما رواه الكليني (قدس‌سره) في الموثق عن ابن فضال (٥) قال : «قال أبو الحسن (عليه‌السلام): لا تطوف ولا تسعى الا على وضوء».

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ١٥ من السعي.

(٣) الوسائل الباب ٨٩ من الطواف والباب ١٥ من السعي.

(٤) الفقيه ج ٢ ص ٢٥٠ والكافي ج ٤ ص ٤٣٨ والتهذيب ج ٥ ص ١٥٤ والوسائل الباب ١٥ من السعي.

(٥) الكافي ج ٤ ص ٤٣٨ والتهذيب ج ٥ ص ١٥٤ والوسائل الباب ١٥ من السعي.

٢٥٧

وعن الحلبي في الصحيح (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المرأة تطوف بين الصفا والمروة وهي حائض. قال : لا ان الله (عزوجل) يقول (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ)» (٢).

وروى علي بن جعفر في كتابه عن أخيه (عليه‌السلام) (٣) قال : «سألته عن الرجل يصلح أن يقتضي شيئا من المناسك وهو على غير وضوء قال : لا يصلح الا على وضوء».

والجواب : الحمل على الاستحباب كما تضمنته جملة من الاخبار المتقدمة.

ومنها ـ استلام الحجر ، والشرب من زمزم ، والصب على الجسد من مائها من الدلو المقابل للحجر.

ويدل على هذه الجملة جملة من الاخبار : منها ـ صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «إذا فرغت من الركعتين فات الحجر الأسود فقبله واستلمه أو أشر إليه ، فإنه لا بد من ذلك. وقال : ان قدرت ان تشرب من ماء زمزم قبل ان تخرج الى الصفا فافعل. وتقول حين تشرب : اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وسقم. قال : وبلغنا ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال حين نظر الى زمزم : لولا أن أشق على أمتي لأخذت منه ذنوبا أو ذنوبين».

__________________

(١) الوسائل الباب ٨٧ من الطواف والباب ١٥ من السعي. راجع التعليقة في الوسائل الحديثة.

(٢) سورة البقرة الآية ١٥٨.

(٣) الوسائل الباب ١٥ من السعي.

(٤) الوسائل الباب ٢ من السعي.

٢٥٨

قال في الوافي (١) : الذنوب بفتح المعجمة : الدلو الملأى ماء ، والمراد بأخذها أما استعمالها جميعا في الشرب والصب أو استصحابها معه الى بلده.

وعن الحلبي في الصحيح أو الحسن عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «إذا فرغ الرجل من طوافه وصلى ركعتين ، فليأت زمزم وليستق منها ذنوبا أو ذنوبين ، وليشرب منه ، وليصب على رأسه وظهره وبطنه ، ويقول : اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وسقم. ثم يعود الى الحجر الأسود».

وروى الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن ابن ابي عمير عن حفص بن البختري عن ابي الحسن (عليه‌السلام) وابن ابي عمير عن حماد عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «يستحب ان تستقي من ماء زمزم دلوا أو دلوين فتشرب منه وتصب على رأسك وجسدك ، وليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر».

ومنها ـ الخروج الى الصفا من الباب المقابل للحجر على سكينة ووقار. ويدل عليه ما رواه في الكافي (٤) في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن عبد الحميد بن سعيد قال : «سألت أبا إبراهيم (عليه‌السلام) عن باب الصفا ، قلت : ان أصحابنا قد اختلفوا فيه ، بعضهم يقول الذي يلي

__________________

(١) باب (استلام الحجر والشرب من زمزم).

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٣٠ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٤ والوسائل الباب ٢ من السعي.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ١٤٥ والوسائل الباب ٢ من السعي.

(٤) ج ٤ ص ٤٣٢ والوسائل الباب ٣ من السعي.

٢٥٩

السقاية ، وبعضهم يقول الذي يلي الحجر. فقال : هو الذي يلي الحجر ، والذي يلي السقاية محدث صنعه داود أو فتحه داود». ورواه الصدوق (قدس‌سره) بإسناده عن صفوان (١).

وعن معاوية بن عمار في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) حين فرغ من طوافه وركعتيه قال : ابدأوا بما بدأ الله (عزوجل) به من إتيان الصفا ، ان الله (عزوجل) يقول (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) (٣) قال أبو عبد الله (عليه‌السلام): ثم اخرج الى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي وعليك السكينة والوقار. الحديث».

قال في المدارك : واعلم ان الباب الذي خرج منه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قد صار الآن في داخل المسجد باعتبار توسعته. لكن قال الشهيد (قدس‌سره) في الدروس : انه معلم بأسطوانتين معروفتين فليخرج من بينهما. قال والظاهر استحباب الخروج من الباب الموازي لهما. انتهى. ونحو ذلك قال في المسالك.

ومنها ـ استحباب الصعود على الصفا حتى يرى البيت ، واستقبال الركن الذي فيه الحجر ، والدعاء بالمأثور ، والتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٥٦ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٥ والوسائل الباب ٣ من السعي.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٣١ والتهذيب ج ٥ ص ١٤٥ و ١٤٦ والوسائل الباب ٣ و ٦ و ٤ من السعي.

(٣) سورة البقرة الآية ١٥٨.

٢٦٠