الحدائق الناضرة - ج ١٦

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

ثم اشتكى أعاد الطواف ، يعني : الفريضة».

وعن إسحاق بن عمار عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (١) «في رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتل علة لا يقدر معها على إتمام الطواف؟ فقال : ان كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه ، وان كان طاف ثلاثة أشواط ولا يقدر على الطواف فان هذا من ما غلب الله عليه ، فلا بأس بأن يؤخر الطواف يوما أو يومين ، فان خلته العلة عاد فطاف أسبوعا ، وان طالت علته أمر من يطوف عنه أسبوعا ، ويصلي هو ركعتين ، ويسعى عنه ، وقد خرج من إحرامه. وكذلك يفعل في السعي وفي رمي الجمار».

قال في المدارك ـ بعد الاستدلال على ما ذكره المصنف من التفصيل برواية إسحاق بن عمار ، وان هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) ـ ما صورته : ويتوجه على هذه الرواية (أولا) الطعن من حيث السند بان من جملة رجالها اللؤلؤي ، ونقل الشيخ عن ابن بابويه انه ضعفه. وان راويها وهو إسحاق بن عمار قيل انه فطحي. و (ثانيا) انها معارضة بما رواه الكليني في الحسن عن الحلبي. ثم ساق الرواية الاولى ، ثم قال : والمسألة محل تردد ، ولعل الاستئناف مطلقا اولى. انتهى.

أقول : اما ما طعن به من حيث الاسناد فقد تقدم الجواب عنه مرارا. واما من حيث المعارضة برواية الحلبي فغاية ما يلزم ان رواية الحلبي هنا مطلقة بالنسبة إلى ترتب الإعادة على الأشواط التي هي أعم

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤١٤ ، والتهذيب ج ٥ ص ١٢٤ ، والوسائل الباب ٤٥ من الطواف.

٢٢١

من تجاوز النصف وعدمه ، والواجب تقييد هذا الإطلاق برواية إسحاق بن عمار وما دلت عليه من التفصيل. وحينئذ فهذان الخبران ظاهران في ما ذكره الأصحاب من التفصيل. فلا إشكال في هذه الصورة.

الخامس ـ في من قطعه لحدث ، ويدل عليه ما رواه في الكافي (١) في الصحيح أو الحسن عن ابن ابي عمير عن بعض أصحابنا عن أحدهما (عليهما‌السلام) «في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه؟ قال : يخرج فيتوضأ ، فإن كان جاز النصف بنى على طوافه ، وان كان أقل من النصف أعاد الطواف». ورواه الشيخ (قدس‌سره) في التهذيب (٢) في الصحيح عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما (عليهما‌السلام) مثله. وهذا الخبر ايضا ظاهر في التفصيل المذكور فلا اشكال.

وقال في كتاب الفقه الرضوي (٣) بعد ذكر الحائض في أثناء الطواف وانها تبنى بعد تجاوز النصف لا قبله : وكذلك الرجل إذا أصابته علة وهو في الطواف لم يقدر على إتمامه خرج وأعاد بعد ذلك طوافه ما لم يجز نصفه فان جاز نصفه فعليه ان يبنى على ما طاف. انتهى.

أقول : والمراد من العلة بالنسبة الى الرجل هو ما تضمنه هذا الموضع وما قبله من المرض والحدث. فالخبر المذكور دليل لهذين الموضعين. وفيه إشارة الى عدم البناء في غيرهما وإلا لعده (عليه‌السلام) في عدادهما كما لا يخفى.

__________________

(١) ج ٤ ص ٤١٤ ، والوسائل الباب ٤٠ من الطواف.

(٢) ج ٥ ص ١١٨.

(٣) ص ٣٠.

٢٢٢

السادس ـ لو دخل في السعي فذكر أنه لم يتم طوافه ، فالمشهور انه ان تجاوز النصف رجع فأتم طوافه ثم أتم سعيه. ولم أقف لهذا التفصيل في هذه المسألة على مستند.

وأطلق الشيخ (قدس‌سره) على ما نقل عنه ، والمحقق في النافع والعلامة في المنتهى وجملة من كتبه إتمام الطواف من غير فرق بين تجاوز النصف وعدمه.

واستدلوا على ذلك بموثقة إسحاق بن عمار المتقدمة في الموضع الأول ومقتضاها البناء مطلقا وان لم يتجاوز النصف.

ومن ما يؤكد ذلك ما اشتملت عليه زيادة على ما قدمناه منها حيث قال (١) : «قلت : فإنه بدأ بالصفا والمروة قبل ان يبدأ بالبيت؟ فقال : يأتي البيت فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة. قلت : فما الفرق بين هذين؟ قال : لان هذا قد دخل في شي‌ء من الطواف وهذا لم يدخل في شي‌ء منه». وهو ظاهر ـ كما ترى ـ في انه يكفي في البناء الإتيان بشي‌ء من الطواف. وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر. والله العالم.

تنبيه

المفهوم من كلام شيخنا الشهيد في الدروس ان مبنى هذا التفصيل في هذه المواضع على وجوب الموالاة في الطواف ، قال (قدس‌سره) في تعداد واجبات

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٢١ ، والتهذيب ج ٥ ص ١٣٠ ، والفقيه ج ٢ ص ٢٥٢ ، والوسائل الباب ٦٣ من الطواف.

٢٢٣

الطواف : وحادي عشرها الموالاة فيه ، فلو قطعه في أثنائه ولما يطف أربعة أشواط أعاد ، سواء كان لحدث أو خبث أو دخول البيت أو صلاة فريضة على الأصح أو نافلة أو لحاجة له أو لغيره أم لا. اما النافلة فيبني فيها مطلقا ، وجوز الحلبي البناء على شوط إذا قطعه لصلاة فريضة. وهو نادر كما ندر فتوى النافع بذلك ، وإضافته الوتر. وانما يباح القطع لفريضة أو نافلة يخاف فوتها ، أو دخول البيت ، أو ضرورة ، أو قضاء حاجة مؤمن. ثم إذا عاد بنى من موضع القطع. ولو شك فيه أخذ بالاحتياط. انتهى كلامه (زيد مقامه).

وفيه نظر من وجوه : الأول ـ ان ما ادعاه من وجوب الموالاة لم نقف له على دليل إلا ما ذكره في المدارك من التأسي ، وقد بينا ما فيه آنفا. وليس بعد ذلك إلا مجرد الشهرة بينهم ، وإلا فالأخبار خالية منه بل صريحة في رده ، كما عرفت من إطلاق روايتي أبان بن تغلب وسكين ابن عمار وصحيحة صفوان وغيرها من الروايات المتقدمة.

الثاني ـ ان ما ذكره من التفصيل في هذه المواضع قد عرفت ان الاخبار في أكثرها لا تساعد عليه كما أوضحناه ، والذي يدل منها على ذلك انما هو في صورتي القطع للمرض والحدث حسبما بيناه.

الثالث ـ ان ما ذكره ـ من عد الخبث في عداد هذه المذكورات وانه يجري فيه هذا التفصيل ـ من ما ترده الأخبار الواردة في المسألة :

ومنها : ما رواه الصدوق (قدس‌سره) عن حماد بن عثمان عن حبيب ابن مظاهر (١) قال : «ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا واحدا فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه ، فخرجت فغسلته ثم جئت فابتدأت

__________________

(١) ارجع الى التعليقة ٤ ص ١٩٨.

٢٢٤

الطواف. فذكرت ذلك لأبي عبد الله (عليه‌السلام) فقال : بئسما صنعت كان ينبغي لك ان تبني على ما طفت. ثم قال : اما انه ليس عليك شي‌ء».

وعن يونس بن يعقوب (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام): رأيت في ثوبي شيئا من دم وانا أطوف؟ قال : فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله ثم عد فابن على طوافك».

فالأولى صريحة في وجوب البناء قبل النصف ، والثانية دالة على ذلك بإطلاقها.

الرابع ـ ان ما عده من صلاة الفريضة وان هذا التفصيل يجري فيها من ما لا تساعده الأخبار ولا كلام غيره من الأصحاب (رضوان الله عليهم)

اما الأخبار فمنها : صحيحة عبد الله بن سنان (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل كان في طواف النساء فأقيمت الصلاة. قال : يصلي معهم الفريضة فإذا فرغ بنى من حيث قطع».

وحسنة هشام عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) انه قال : «في رجل كان في طواف فريضة فأدركته صلاة فريضة. قال : يقطع طوافه ويصلي الفريضة ثم يعود فيتم ما بقي عليه من طوافه».

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه‌السلام) (٤)

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٢ من الطواف.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤١٥ والتهذيب ج ٥ ص ١٢١ والفقيه ج ٢ ص ٢٤٧ والوسائل الباب ٤٣ من الطواف.

(٣) الكافي ج ٤ ص ٤١٥ والتهذيب ج ٥ ص ١٢١ والوسائل الباب ٤٣ من الطواف.

(٤) الكافي ج ٤ ص ٤١٥ والتهذيب ج ٥ ص ١٢٢ والفقيه ج ٢ ص ٢٤٧ والوسائل الباب ٤٤ من الطواف.

٢٢٥

قال : «سألته عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه بعضه فيطلع الفجر ، فيخرج من الطواف الى الحجر أو الى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر ، ثم يرجع الى مكانه فيتم طوافه ، افترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر وان أسفر بعض الاسفار؟ قال : ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ذلك ثم أتم الطواف بعد».

وهذه الأخبار كلها ـ كما ترى ـ مطلقة في جواز القطع للصلاة والبناء بعد الفراغ أعم من ان يكون قبل النصف أو بعده ، والخبران الأولان صريحان في الطواف الواجب ، والثالث دال على ذلك بإطلاقه. وبذلك يظهر ان ما نقله عن الحلبي من البناء على شوط إذا قطعه لصلاة الفريضة لا بعد فيه ، لدلالة إطلاق هذه الأخبار عليه.

واما كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) فقد اعترف بتصريح المحقق في النافع بذلك وان نسبه الى الندرة ، حيث صرح بجواز القطع للفريضة والبناء وان لم يبلغ النصف. وهذا هو ظاهر كلام العلامة في المنتهى ، حيث قال : ولو دخل عليه وقت فريضة وهو يطوف قطع الطواف وابتدأ بالفريضة ثم عاد فيتم طوافه من حيث قطع. وهو قول العلماء الا مالكا فإنه قال يمضي في طوافه من حيث قطع. وهو قول العلماء الا مالكا فإنه قال يمضي في طوافه ولا يقطعه الا ان يخاف ان يضر بوقت الصلاة (١) انتهى. وهو ظاهر ـ كما ترى ـ في التعميم ، فإن إطلاق كلامه يقتضي عدم الفرق بين تجاوز النصف وعدمه. ونحوه كلامه في غيره وغيره في غيره.

الخامس ـ ان ما طعن به على المحقق ـ في إضافة الوتر إلى الصلاة الواجبة وانه يقطع لأجلها الطواف ونسبته له إلى الندرة ـ مردود بما قدمناه من دلالة صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج على ذلك ، فالرد لهذا القول رد

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٤١٣ طبع مطبعة المنار.

٢٢٦

للرواية ، مع انها لا معارض لها. وهو من ما لا يقول به محصل.

السادس ـ ان ما ذكره ـ من انه انما يباح القطع «يعني : بعد النصف» للفريضة أو نافلة يخاف فوتها أو دخول البيت. الى آخره ـ مدخول بأن الأخبار الواردة في جميع هذه الصورة لا دلالة لها على التفصيل الذي ادعاه سوى أخبار صورتي المرض والحدث ، بل ظاهر صحيحة حفص بن البختري كما عرفت آنفا تحريم القطع لدخول البيت مطلقا وان كان بعد النصف. وبالجملة فإن كلامه (قدس‌سره) في هذا المقام لا ينطبق على ما نقلناه من اخبارهم (عليهم‌السلام) بل هي ظاهرة في رده كما لا يخفى على ذوي الأفهام.

فوائد : الأولى ـ قال في المدارك ـ في شرح قول المصنف (قدس‌سره) : السادسة من نقص من طوافه ، فان جاوز النصف رجع فأتم ، وان كان دون ذلك استأنف ـ ما لفظه : لا يخفى ان النقص المقتضى لوجوب الاستيناف انما يتحقق مع فوات الموالاة والا وجب الإتمام قولا واحدا. انتهى.

أقول : فيه (أولا) ان هذه الموالاة المدعاة في كلامهم لم يقم عليها دليل بل الأخبار ـ كما أشرنا إليه آنفا ـ ظاهرة في عدم وجوبها. و (ثانيا) ان اخبار هذه المسألة وهي المتقدمة في الموضع الأول ، منها ما هو مطلق كصحيحة الحسن بن عطية وصحيحة الحلبي ، وتقييدهما يحتاج الى دليل ، ومنها ما هو صريح في عدم وجوب الموالاة وهي موثقة إسحاق بن عمار الدالة على أن من طاف بالبيت ثم خرج الى الصفا والمروة وطاف بهما ثم ذكر نقصان طوافه (١) فإنه لا ريب في فوات الموالاة بهذه المدة ، مع انه (عليه‌السلام) امره بالبناء على ما طافه ولم يأمره بالاستئناف.

الثانية ـ قال ايضا : وذكر الشارح وغيره ان المراد بمجاوزة النصف

__________________

(١) ص ٢١٣.

٢٢٧

إتمام الأربع لا مطلق المجاوزة. وما وقفت عليه في هذه المسألة من النص خال من هذا اللفظ فضلا عن تفسيره. انتهى.

أقول : لا يخفى انه لم يرد التفصيل الذي ذكروه بالمجاوزة وعدمها إلا في رواية إسحاق بن عمار المتقدمة في الموضع الرابع ، ومرسلة ابن ابي عمير المتقدمة في الموضع الخامس ، والاولى دلت على صحة الطواف إذا طاف أربعة وانه يأمر من يطوف عنه ثلاثة ، والثانية دلت على انه ان كان جاز النصف يبنى على طوافه ، وان كان أقل من النصف أعاد الطواف.

والجمع بين الخبرين يقتضي حمل الجواز عن النصف على إتمام الأربعة كما تضمنه الخبر الأول. فالحكم بصحة الطواف مع إتمام الأربعة لا ريب فيه ، وان كان أقل من ذلك فله مراتب : أحدها ـ ان يكون على النصف الحقيقي ، الثانية ـ ان ينقص عنه ، الثالثة ـ ان يزيد على وجه لا يتم شوطا والخبر انما دل على الإعادة في الثانية ، وحكم المرتبتين الباقيتين غير معلوم من الخبر والاحتياط يقتضي الإعادة وعدم البناء فيهما وتخصيص البناء بإكمال الأربعة.

الثالثة ـ ظاهر الاخبار وكلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه يجب حفظ الموضع الذي يقطع منه في الصورة التي يجوز القطع فيها ليكمل منه بعد العود. والظاهر ان الوجه في المحافظة عليه خوف الزيادة والنقصان في الطواف.

وجوز العلامة في المنتهى البناء على الطواف السابق من الحجر وان وقع القطع في أثناء الشوط ، بل جعل ذلك أحوط من البناء من موضع القطع قال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : وهو صريح في عدم تأثير مثل هذه الزيادة. ولا بأس به. انتهى.

أقول : لا اعرف لنفيه البأس عن ذلك وجها مع تكاثر النصوص بالأمر

٢٢٨

بالبناء من موضع القطع وعدم وجود ما يعارضها في المقام ، فمن ذلك ما تقدم في الموضع الثالث من الروايات الدالة على انه يبنى على طوافه. وأصرح منها رواية أبي غرة (١) وقوله فيها : «واحفظه من حيث تقطع حتى تعود الى الموضع الذي قطعت منه فتبني عليه». ورواية أبي الفرج ، وقوله فيها : «احفظ مكانك ثم اذهب فعده ثم ارجع فأتم طوافك». ورواية يونس بن يعقوب ، وقوله فيها : «فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله ثم عد فابن على طوافك». والخروج عن مقتضى هذه الأوامر من غير دليل شرعي مشكل. وبذلك يظهر ان ما ذكره من ان الاحتياط في الإعادة من الحجر انما هو ضد الاحتياط. والله العالم.

المسألة الثامنة ـ لو شك في عدد الطواف فههنا صور : الاولى ـ أن يشك في عدده بعد الانصراف منه. والظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في انه لا يلتفت. ويدل عليه مضافا الى الأصل عموم قوله (عليه‌السلام) (٢) في صحيحة زرارة : «إذا خرجت من شي‌ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي‌ء».

الثانية ـ ان يكون في الأثناء ويكون الشك في الزيادة. والظاهر انه لا خلاف في انه يقطع طوافه ولا شي‌ء عليه. وعلله في المنتهى بأنه متيقن الإتيان بالسبع ويشك في الزائد والأصل عدمه. انتهى.

والأظهر الاستدلال عليه بما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن الحلبي (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل طاف

__________________

(١) ص ٢٢٠ و ٢٢٥.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من الخلل الواقع في الصلاة.

(٣) الوسائل الباب ٣٥ من الطواف.

٢٢٩

بالبيت طواف الفريضة فلم يدر أسبعة طاف أم ثمانية. فقال : اما السبعة فقد استيقن وانما وقع وهمه على الثامن فليصل ركعتين».

وعن الحلبي في الموثق عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «قلت له : رجل طاف فلم يدر أسبعة طاف أم ثمانية؟ قال : يصلي ركعتين».

وما نقله ابن إدريس في مستطرفات السرائر من نوادر احمد بن محمد ابن ابي نصر البزنطي عن جميل (٢) «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل طاف فلم يدر سبعا طاف أم ثمانيا. قال : يصلي ركعتين».

قال في المسالك : انما يقطع مع شك الزيادة إذا كان على منتهى الشوط واما لو كان في أثنائه بطل طوافه ، لتردده بين محذورين : الإكمال المحتمل للزيادة عمدا والقطع المحتمل للنقيصة.

قال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : ويتوجه عليه منع احتمال تأثير الزيادة كما سيجي‌ء في مسألة الشك في النقصان. انتهى.

أقول : مورد روايات المسألة هو وقوع الشك بعد إتمام الشوط المشكوك في كونه ثامنا أو سابعا ، وانه يبنى على السبعة ولا يلتفت الى الشك ، اما لو كان في الأثناء قبل الإتمام فيحتمل ان يكون الحكم فيه ما ذكره في المسالك من بطلان الطواف ، لما ذكره ، ويحتمل الإتمام والبناء على السبعة كما ذكره في المدارك ليحصل يقين السبعة. وما ذكره من منع تأثير احتمال الزيادة ـ كما سيجي‌ء في الشك في النقصان ـ انما يتم بناء على ما اختاره في المسألة المذكورة من البناء على الأقل والإتمام. وسيظهر لك ـ ان شاء الله تعالى ـ انه لا دليل عليه ، بل الأدلة واضحة في رد وضعفه مصرحة بوجوب

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٥ من الطواف.

(٢) الوسائل الباب ٣٥ من الطواف.

٢٣٠

الإعادة في الصورة المشار إليها. وبه يظهر قوة ما ذكره جده (قدس‌سره) فان الظاهر انه لا وجه للحكم بالإبطال في صورة الشك في النقيصة دون الإتمام إلا من حيث احتمال الزيادة الموجبة للبطلان ، ومقتضى قوله (عليه‌السلام) في صحيحة الحلبي ـ : «اما السبعة فقد استيقن وانما وقع وهمه على الثامن» ـ انه لو قطع قبل إتمام الشوط المشكوك فيه لم يحصل يقين السبعة ، لاحتمال ان يكون هو السابع.

الثالثة ـ ان يكون الشك في الأثناء أيضا ولكن في النقصان. والمشهور انه يستأنف في الفريضة.

قال في المختلف : اختلف الشيخان في حكم الشك في نقصان الطواف فقال الشيخ (قدس‌سره) : لو شك في طواف الفريضة هل طاف ستة أو سبعة؟ فإن انصرف لم يلتفت ، وان كان في حال الطواف وجب عليه الإعادة. وكذلك لو شك في ما نقص عن الستة. وقال المفيد (قدس‌سره) من طاف بالبيت فلم يدر ستا طاف أم سبعا فليطف طوافا آخر ليستيقن انه طاف سبعا. واختار الأول ابن البراج ، وبه قال الصدوق (قدس‌سره) في كتاب المقنع ومن لا يحضره الفقيه وابن إدريس ، وبالثاني قال الشيخ علي بن بابويه في رسالته وأبو الصلاح ، وهو قول ابن الجنيد أيضا ، فإنه قال : وإذا شك في إتمام طوافه تممه حتى يخرج منه على يقين ، وسواء كان شكه في شوط أو بعضه ، وان تجاوز الطواف إلى الصلاة والى السعي ثم شك فلا شي‌ء عليه ، وان كان في طواف الفريضة كان الاحتياط خروجه منه على يقين من غير زيادة ولا نقصان ، وان كان في النافلة بنى على الأقل. ثم قال (قدس‌سره) في

٢٣١

المختلف : والمعتمد الأول ، ثم ساق الكلام في الاستدلال عليه.

أقول : والمعتمد عندي هو القول للأول ، والسيد السند في المدارك قد اختار القول الثاني ، وهو مذهب الشيخ المفيد والشيخ علي بن الحسين بن بابويه ونحن ننقل كلامه (قدس‌سره) ونبين ما فيه ، ومنه يظهر لك رجحان ما رجحناه وقوة ما اخترناه.

قال (قدس‌سره) بعد نقل القول الثاني عن الجماعة المشار إليهم في كتاب المختلف : وهو المعتمد ، لنا : الأصل ، وما رواه الكليني (قدس‌سره) في الصحيح عن منصور بن حازم (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة. قال : فليعد طوافه. قلت : ففاته؟ فقال : ما ارى عليه شيئا. والإعادة أحب الي وأفضل». وما رواه الشيخ في الصحيح ايضا عن منصور بن حازم (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : اني طفت فلم أدر ستة طفت أم سبعة فطفت طوافا آخر. فقال : هلا استأنفت؟ قلت : قد طفت وذهبت قال : ليس عليك شي‌ء». وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن رفاعة عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) انه قال «في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة. قال : يبنى على يقينه». والبناء على اليقين هو البناء على الأقل. احتج الشيخ (قدس‌سره) بما

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤١٦ والوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١١٠ والوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

(٣) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٩ والوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

٢٣٢

رواه عن محمد بن مسلم (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل طاف بالبيت فلم يدر أستة طاف أو سبعة طواف فريضة. قال : فليعد طوافه. قيل : انه قد خرج وفاته ذلك؟ قال : ليس عليه شي‌ء». وعن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «في رجل لم يدر أستة طاف أو سبعة. قال : يستقبل». وعن حنان بن سدير (٣) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : ما تقول في رجل طاف فأوهم ، فقال : اني طفت أربعة وقال : طفت ثلاثة؟ فقال أبو عبد الله (عليه‌السلام): اي الطوافين طواف نافلة أم طواف فريضة؟ ثم قال : ان كان طواف فريضة فليلق ما في يديه وليستأنف ، وان كان طواف نافلة واستيقن الثلاث وهو في شك من الرابع انه طاف فليبن على الثالث فإنه يجوز له». والجواب عن هذه الروايات : (أولا) بالطعن في السند ، بان في طريق الأولى عبد الرحمن بن سيابة وهو مجهول ، وفي طريق الثانية النخعي وهو مشترك وراوي الثالثة وهو حنان بن سدير قال الشيخ (قدس‌سره) انه واقفي. (وثانيا) بإمكان الحمل على الاستحباب كما يدل عليه قوله في صحيحة منصور : «والإعادة أحب الى وأفضل» وكيف كان فينبغي القطع بعدم وجوب العود لاستدراك الطواف مع عدم الاستئناف كما تضمنته الأخبار المستفيضة. انتهى كلامه (زيد مقامه).

وفيه نظر من وجوه : الأول ـ ان ما استدل به من صحيحة منصور فهي بالدلالة على القول الأول أشبه ، إذ أقصى ما تدل عليه انه لا شي‌ء عليه بعد

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١١٠ والوسائل الباب ٢٣ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١١٠ والوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ١١١ والوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

٢٣٣

الذهاب. وهذا من ما لا نزاع فيه كما أشار إليه في آخر كلامه من قوله : «وكيف كان فينبغي القطع بعدم وجوب العود. الى آخره» ومحل الخلاف انما هو مع الحضور هل يجب عليه الاستئناف كما هو القول الأول أو البناء على الأقل كما اختاره؟ والامام (عليه‌السلام) في هذه الرواية لما أخبره الراوي بأنه طاف طوافا آخر أنكر عليه بقوله : «هلا استأنفت» يعني : ان الحكم الشرعي في هذه الصورة هو الاستئناف ، غاية الأمر انه لما أخبره بأنه طاف وذهب وفات محل الاستئناف قال : «ليس عليك شي‌ء». وقد عرفت انه مع الذهاب لا نزاع في المسألة ، فقوله : «ليس عليك شي‌ء» لا دلالة فيه على ما ادعاه كما هو واضح. ومن ثم استدل العلامة (قدس‌سره) في المنتهى بهذه الصحيحة على القول المشهور. وهو الحق الواضح الظهور كما أوضحناه وبيناه بما لا يشوبه شائبة القصور.

الثاني ـ ان ما استدل به من صحيحة رفاعة فإن فيه ان صورة ما في كتاب من لا يحضره الفقيه (١) هكذا : وروى عنه رفاعة انه قال : «في رجل لا يدرى ستة طاف أو سبعة. قال : يبنى على يقينه. وسئل عن رجل لا يدرى ثلاثة طاف أو أربعة. قال : طواف نافلة أو فريضة؟ قال : أجبني فيهما جميعا. قال : ان كان طواف نافلة فابن على ما شئت ، وان كان طواف فريضة فأعد الطواف ، فان طفت بالبيت طواف الفريضة ولم تدر ستة طفت أو سبعة فأعد طوافك. فان خرجت وفاتك ذلك فليس عليك شي‌ء». والمحدث الكاشاني في الوافي قد أورد هذه الجملة كما نقلناه ، وقال بعد ذلك : بيان : قوله : «يبنى على يقينه» محمول على طواف النافلة كما يظهر من آخر الحديث. وظاهره ان الجميع حديث واحد رواه رفاعة. وصاحب

__________________

(١) ج ٢ ص ٢٤٩ والوسائل الباب ٢٣ من الطواف.

٢٣٤

الوسائل أورده كذلك ايضا الى قوله : «وان كان طواف فريضة فأعد الطواف» ولم يذكر ما بعده. والظاهر انه فهم ان هذه الزيادة من كلام الصدوق (قدس‌سره) وذكر انه في المقنع روى قوله : «وسئل عن رجل. الى أخر ما ذكره» مرسلا. والظاهر انه لأجل ذلك حكم بكون هذه الزيادة من كلامه لا من الخبر. وظاهره ان قوله : «وسئل.» غير داخل في خبر رفاعة. والشيخ الحسن في المنتقى نقل حديث رفاعة حسبما نقله السيد هنا وقال بعده : قلت : وجه الجمع بين هذا الحديث والذي قبله ان يحمل هذا على إرادة النافلة كما وقع التصريح به في جملة من الاخبار الضعيفة. انتهى. وكيف كان فالواجب حمل هذا الخبر على ما ذكروه من النافلة كما سيظهر لك ان شاء الله تعالى.

الثالث ـ ما طعن به على رواية محمد بن مسلم ـ بان في طريقها عبد الرحمن ابن سيابة وهو مجهول ـ فالجواب عنه ما افاده الشيخ حسن (قدس‌سره) في كتاب المنتقى حيث قال بعد ذكر الخبر المذكور : هذا هو الموضع الذي ذكرناه في مقدمة الكتاب انه اتفق فيه تفسير عبد الرحمن بابن سيابة ، ولا يرتاب الممارس في انه من الأغلاط الفاحشة وانما هو ابن ابي نجران لان ابن سيابة من رجال الصادق (عليه‌السلام) فقط ، إذ لم يذكر في أصحاب أحد ممن بعده ولا توجد له رواية عن غيره ، وموسى بن القاسم من أصحاب الرضا والجواد (عليهما‌السلام) فكيف يتصور روايته عنه ، واما عبد الرحمن بن ابي نجران فهو من رجال الرضا والجواد (عليهما‌السلام) ورواية موسى بن القاسم عنه معروفة مبينة في عدة مواضع ، وروايته هو عن حماد بن عيسى شائعة وقد مضى منها اسناد عن قريب. وبالجملة فهذا عند المستحضر من أهل الممارسة غني عن البيان. انتهى. والمحقق المذكور

٢٣٥

عد الرواية في (صحي) وهو الصحيح عنده. هذا مع الإغماض عن المناقشة في هذا الطعن ، لما عرفت في غير موضع من ما تقدم. وبالجملة فالخبر المذكور صحيح صريح في المراد.

الرابع ـ ما طعن به في رواية معاوية بن عمار فإنه مع تسليم ما جرى عليه من هذا الاصطلاح فهذا الخبر وان رواه الشيخ (قدس‌سره) في التهذيب (١) بهذا السند الذي فيه النخعي الا ان ثقة الإسلام رواه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابي عمير عن حماد عن الحلبي عنه (عليه‌السلام) (٢) وهذا السند وان كان حسنا بإبراهيم بن هاشم الا انه ذكر في غير موضع من شرحه انه لا يقصر عن الصحيح ، فقال في شرح قول المصنف في قطع الطواف لدخول البيت بعد نقل حسنة أبان بإبراهيم : فان دخولها في قسم الحسن بواسطة إبراهيم بن هاشم ، وقد عرفت ان روايته لا تقصر عن الصحيح كما بيناه مرارا. انتهى. أقول : وقد خالفه ايضا مرارا كما أوضحناه في شرحنا على الكتاب من كتاب الطهارة والصلاة وحينئذ فتكون الرواية لما ذكره هنا معتمدة حسنة كالصحيح عنده ، فيجب العمل بها وينتفي تطرق الطعن إليها.

الخامس ـ ان ما ادعاه ـ بعد طعنه في الاخبار المذكورة ـ من حملها على الاستحباب ففيه :

(أولا) : ما قدمنا في غير موضع من انه وان اشتهر هذا الجمع بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) الا انه لا دليل عليه من سنة ولا كتاب. وقد تقدم الكلام في ذلك موضحا منقحا بما يغني عن الإعادة في الباب.

__________________

(١) ج ٥ ص ١١٠ والوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤١٦ والوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

٢٣٦

و (ثانيا) : انك قد عرفت بما حققناه وتبينت بما أوضحناه انه لا دليل على ما ادعاه من القول المذكور بالكلية ليحتاج إلى تأويل هذه الاخبار ، فإنه ليس إلا صحيحة رفاعة المجملة ، والجمع بينها وبين هذه الاخبار الصحاح الصراح في وجوب الإعادة يقتضي حملها على النافلة كما عرفت وتعرف.

السادس ـ ان من الاخبار الدالة على القول المشهور زيادة على ما تقدم ما رواه ثقة الإسلام في الصحيح عن منصور بن حازم (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر أستة طاف أم سبعة. قال : فليعد طوافه. قلت : ففاته؟ قال : ما ارى عليه شيئا والإعادة أحب الي وأفضل».

وما توهمه في المدارك وقدمنا نقله عنه ـ من دلالة هذه الرواية على استحباب الإعادة حيث جعلها مستندا لحمله الأخبار المتقدمة على الاستحباب ـ ضعيف ، لأن الإعادة التي جعلها (عليه‌السلام) أحب وأفضل انما هي بعد المفارقة ان امكنه ذلك لا الإعادة مع الحضور ، فإنه (عليه‌السلام) بعد سؤال السائل أوجب عليه الإعادة ، فلما أخبر السائل بأنه فاته ذلك يعني بمفارقة ذلك المكان قال : «ما ارى عليه شيئا» وهذا مثل غيره من اخبار المسألة الدالة على انه مع المفارقة لا يجب عليه العود والإعادة ، الا انه في هذا الخبر جعل الإعادة مع الإمكان أفضل.

وما رواه أيضا في الصحيح عن معاوية بن عمار (٢) قال : «سالته عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة. قال :

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤١٦ والوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

٢٣٧

يستقبل قلت : ففاته ذلك؟ قال : ليس عليه شي‌ء».

وعن ابي بصير (١) قال : «قلت : رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية؟ قال يعيد طوافه حتى يحفظ. الحديث».

وعن ابي بصير (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل شك في طواف الفريضة. قال : يعيد كلما شك. قلت : جعلت فداك شك في طواف النافلة؟ قال : «يبنى على الأقل».

وما رواه الشيخ (قدس‌سره) في التهذيب (٣) عن احمد بن عمر المرهبي عن ابي الحسن الثاني (عليه‌السلام) قال : «قلت : رجل شك في طوافه فلم يدر أستة طاف أم سبعة؟ قال : ان كان في فريضة أعاد كل ما شك فيه ، وان كان في نافلة بنى على ما هو أقل».

وبالجملة فإنه لا دليل لهذا القول الثاني في الاخبار التي وصلت إلينا الا انه مذكور في كتاب الفقه الرضوي (٤) حيث قال (عليه‌السلام): «وان شككت فلم تدر سبعة طفت أم ثمانية وأنت في الطواف فابن على السبعة وأسقط واحدا واقطعه ، وان لم تدر ستة طفت أم سبعة فأتمها بواحدة». وهو ظاهر الدلالة على القول المذكور.

وهذا هو مستند الشيخ علي بن بابويه كما عرفت من ما تقدم في غير موضع ، ولو نقلت عبارته في الرسالة لعرفت انها عين عبارة الكتاب المذكور.

هذا كله في الشك في الفريضة ، واما في النافلة فإنه يبنى على الأقل

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

(٣) ج ٥ ص ١١٠ والوسائل الباب ٣٣ من الطواف.

(٤) ص ٢٧ و ٢٨.

٢٣٨

استحبابا وان تخير ، كما يدل عليه الخبر المتقدم نقله (١) عن الصدوق (قدس‌سره) في من لا يحضره الفقيه عن رفاعة كما هو أحد الاحتمالين المتقدمين ، أو هو خبر مرسل مستقل كما هو الاحتمال الآخر. ونحوه من الاخبار المتقدمة.

المسألة التاسعة ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) أنه انه إذا حاضت المرأة في أثناء الطواف قطعته وانصرفت ، فان كان ما طافته أكثر من النصف بنت عليه متى طهرت ، وان كان أقل استأنفت. واليه ذهب الشيخان والشيخ علي بن بابويه ، ولابنه قولان : هذا أحدهما ذكره في المقنع ثم قال فيه (٢) وروى : انه ان كانت طافت ثلاثة أشواط أو أقل ثم رأت الدم حفظت مكانها ، فإذا طهرت طافت منه وأعدت بما مضى. والثاني في كتاب من لا يحضره الفقيه (٣) قال : وروى حريز عن محمد بن مسلم قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقل من ذلك ثم رأت دما قال : تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى». وروى العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما‌السلام) مثله. قال : وبهذا الحديث افتى دون الحديث الذي رواه ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق عن من سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت. قال : تتم طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامة ، ولها ان تطوف بين الصفا والمروة لأنها زادت على النصف ، وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج ، وان هي لم

__________________

(١) ص ٢٣٤.

(٢) ص ٢٢ الطبع القديم.

(٣) ج ٢ ص ٢٤١ والوسائل الباب ٨٥ من الطواف.

٢٣٩

تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج ، فإن أقام بها جمالها بعد الحج فلتخرج إلى الجعرانة أو الى التنعيم فلتعتمر. قال : لأن هذا الحديث إسناده منقطع والحديث الأول رخصة ورحمة وإسناده متصل. انتهى.

أقول : والذي وقفت عليه من الاخبار في هذه المسألة زيادة على هذين الخبرين ما رواه في الكافي (١) عن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بين الصفا والمروة فجازت النصف فعلمت ذلك الموضع ، فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علمته ، فإن هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من اوله».

وعن احمد بن عمر الحلال عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (٢) قال : «سالته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثم اعتلت. قال : إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بالصفا والمروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت ، فإذا قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من اوله».

وما رواه الشيخ في التهذيب (٣) عن ابن مسكان عن إبراهيم بن أبي إسحاق عن سعيد الأعرج قال : «سئل أبو عبد الله (عليه‌السلام) عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت. قال : تتم طوافها فليس عليها غيره ومتعتها تامة ، فلها ان تطوف بين الصفا والمروة ، وذلك لأنها زادت على النصف ، وقد مضت متعتها ولتستأنف بعد الحج».

__________________

(١) ج ٤ ص ٤٤٨ والوسائل الباب ٨٥ من الطواف.

(٢) الوسائل الباب ٨٥ من الطواف.

(٣) ج ٥ ص ٣٩٣ والوسائل الباب ٨٦ من الطواف.

٢٤٠