الحدائق الناضرة - ج ١٦

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

أحدهما (عليهما‌السلام) (١) قال : «ان في كتاب علي (عليه‌السلام): إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستيقن ثمانية أضاف إليها ستا. وكذا إذا استيقن انه سعى ثمانية أضاف إليها ستا».

وعن معاوية بن وهب في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «ان عليا (عليه‌السلام) طاف ثمانية فزاد ستة ثم ركع اربع ركعات».

وفي الصحيح عن زرارة عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٣) قال : «ان عليا (عليه‌السلام) طاف طواف الفريضة ثمانية ، فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليها ستا ، ثم صلى ركعتين خلف المقام ، ثم خرج الى الصفا والمروة ، فلما فرغ من السعى بينهما رجع فصلى الركعتين اللتين ترك في المقام الأول».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما‌السلام) (٤) قال : «سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية. قال : يضيف إليها ستة».

وعن رفاعة (٥) في الصحيح قال : «كان علي (عليه‌السلام) يقول : إذا طاف ثمانية فليتم أربعة عشر. قلت : يصلي اربع ركعات؟ قال : يصلي ركعتين».

وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٦)

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٥٢ ، والوسائل الباب ٣٤ من الطواف.

(٢ و ٣ و ٥ و ٦) التهذيب ج ٥ ص ١١٢ ، والوسائل الباب ٣٤ من الطواف.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ١١١ ، والوسائل الباب ٣٤ من الطواف.

٢٠١

قال : «سمعته يقول : من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطا ثم ليصل ركعتين».

ومن اخبار المسألة أيضا ما رواه في الفقيه (١) عن علي بن أبي حمزة عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «سئل وانا حاضر عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط. فقال : نافلة أو فريضة؟ فقال : فريضة.

قال : يضيف إليها ستة فإذا فرغ صلى ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه‌السلام) ثم خرج الى الصفا والمروة فطاف بينهما ، فإذا فرغ صلى ركعتين أخراوين ، فكان طواف نافلة وطواف فريضة».

وما رواه الشيخ (قدس‌سره) عن ابي كهمس (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط. قال : ان كان ذكر قبل ان يأتي الركن فليقطعه. وقد أجزأ عنه ، وان لم يذكر حتى بلغه فليتم أربعة عشر شوطا ، وليصل اربع ركعات».

وروى ابن إدريس في مستطرفات السرائر نقلا من نوادر احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي عن جميل (٣) «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن من طاف ثمانية أشواط وهو يرى أنها سبعة. قال : فقال : ان في كتاب علي (عليه‌السلام) : انه إذا طاف ثمانية أشواط يضم إليها ستة أشواط ثم يصلي الركعات بعد. قال : وسئل عن الركعات كيف يصليهن أو يجمعهن أو ما ذا؟ قال : يصلي ركعتين للفريضة ثم يخرج

__________________

(١) ج ٢ ص ٢٤٨ ، والتهذيب ج ٥ ص ٤٦٩ ، والوسائل الباب ٣٤ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١١٣ عن الكليني ، والوسائل الباب ٣٤ من الطواف.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من الطواف.

٢٠٢

الى الصفا والمروة ، فإذا رجع من طوافه بينهما رجع فصلى ركعتين للأسبوع الآخر».

وروى الشيخ المفيد (قدس‌سره) في المقنعة مرسلا (١) قال : «قال (عليه‌السلام) : من طاف بالبيت ثمانية أشواط ناسيا ثم علم بعد ذلك فليضف إليها ستة أشواط».

وفي كتاب الفقه الرضوي (٢) قال : «فان سهوت فطفت طواف الفريضة ثمانية أشواط فزد عليها ستة أشواط ، وصل عند مقام إبراهيم (عليه‌السلام) ركعتي الطواف ، ثم اسع بين الصفا والمروة ، ثم تأتي المقام فصل خلفه ركعتي الطواف. واعلم ان الفريضة هو الطواف الثاني ، والركعتين الأولتين لطواف الفريضة ، والركعتين الآخرتين للطواف الأول ، والطواف الأول تطوع».

أقول : وهذه الرواية هي التي أشار إليها الصدوق في الفقيه (٣) بقوله : «وفي خبر آخر.» كما قدمنا نقله عنه.

ومن ما يدل على ما قدمنا نقله عن المقنع ما رواه في الكافي (٤) عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن سماعة عن ابي بصير قال : «قلت : رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية؟ قال : يعيد طوافه حتى يحفظ. قلت : فإنه طاف وهو متطوع ثماني مرات وهو ناس؟ قال : فليتمه طوافين

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من الطواف.

(٢) ص ٢٧.

(٣) ج ٢ ص ٢٤٨ ، والوسائل الباب ٣٤ من الطواف الرقم ١٤.

(٤) ج ٤ ص ٤١٧ ، والوسائل الباب ٣٣ و ٣٤ من الطواف.

٢٠٣

ثم يصلي اربع ركعات. فأما الفريضة فليعد حتى يتم سبعة أشواط».

ورجال هذا الخبر ليس فيهم عندي من ربما يتوقف في شأنه سوى إسماعيل بن مرار ، حيث انه لم يذكر في كتب الرجال بمدح ولا قدح ، إلا ان إكثار إبراهيم بن هاشم الجليل القدر الرواية عنه من ما يشهد بحسن حاله والاعتماد على روايته. واما أبو بصير فإنه وان كان مشتركا إلا ان الأظهر عندي جلالة يحيى بن القاسم وان كانوا يعدون حديثه في الموثق أو الضعيف ، وقد عد حديثه في الصحيح الفاضل الخراساني في الذخيرة ، وبين في ذلك فصلا طويلا في كتاب الطهارة في باب غسل الجنابة. والرواية بناء على اصطلاحهم معتبرة الاسناد.

وما رواه في الكافي وكذا في التهذيب في الصحيح الى ابي بصير (١) ـ وقد عرفت الحال فيه ـ قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض. قال : يعيد حتى يثبته» كذا في الكافي (٢) وفي التهذيب (٣) «حتى يستتمه».

والعلامة في المختلف قد نقل هذه الرواية دليلا للقول المذكور ووصفها بالصحة أيضا ، ثم أجاب عنها بالحمل على حال العمد. أقول : ولهذا ان الأصحاب نظموها في سلك الأدلة الدالة على بطلان الطواف مع تعمد الزيادة ، كما قدمنا نقله عنهم في تلك المسألة. ولا ريب ان هذا الاحتمال وان تم في هذه الرواية إلا انه لا يتم في الرواية الأولى ، فإنها ظاهرة في ان تلك الزيادة وقعت سهوا ، لترتب التفصيل في الجواب على السؤال عن الناسي. والحق ان الخبرين من باب واحد

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من الطواف.

(٢) ج ٤ ص ٤١٧.

(٣) ج ٥ ص ١١١.

٢٠٤

وانهما من اخبار الزيادة سهوا لا عمدا. وهما ظاهران في الدلالة على هذا القول.

ثم أقول : ويدل على هذا القول ايضا ما تضمن من الاخبار المتقدمة صلاة ركعتين خاصة ، مثل صحيحة رفاعة وصحيحة عبد الله بن سنان ، والتقريب فيها ان الطواف الأول صار باطلا باعتبار الزيادة وان كانت سهوا كما عرفت ، وان الشوط الثامن قد اعتد به من الطواف الواجب المأمور به بعد بطلان الأول ، وهاتان الركعتان له.

واما ما ذكره في التهذيب في تأويل خبر رفاعة ـ من حمل صلاة الركعتين فيه على انه يقدمهما قبل السعي ثم يصلي ركعتين بعده ايضا لما مر ـ ففيه ان السائل سأله عن الصلاة هل هي أربع ركعات أو ركعتان؟ فأجاب بأنها ركعتان. ولو كان الأمر كما تأوله لأجاب بالأربع ثم التفريق كما زعمه. وبالجملة فإن ما ذكره في غاية البعد عن لفظ الخبر.

ولم أر من تنبه لفهم ما ذكرته من هذا المعنى سوى المحدث الكاشاني في الوافي ، حيث قال ـ في الجمع بين اخبار الركعتين والأربع ـ ما لفظه : لا تنافي بين هذه الاخبار ، لان الطائف في هذه الصور مخير بين الاقتصار على الركعتين ليكون الطواف الثاني إعادة للفريضة والأول ملقى وبين الأربع ركعات موصولة أو مفصولة ليكون أحد الطوافين نافلة. انتهى وحاصله الجمع ـ بين ما يدل على البطلان والإعادة كما ذهب إليه في المقنع ، وبين ما يدل على القول المشهور من اضافة طواف آخر مع صحة الطواف الأول ـ بالتخيير بين الأمرين ، بمعنى انه ان شاء نوى إبطال الطواف الأول واعتد بالشوط الزائد وأضاف إليه ستة أخرى ، وان شاء اعتد به ونوى طوافا آخر.

وتنقيح البحث في المقام يتوقف على رسم فوائد الاولى ـ انه على

٢٠٥

تقدير الاعتداد بالطواف الأول كما هو المشهور هل تكون الفريضة هي الأول أو الثاني؟

قال في المدارك : نص العلامة (قدس‌سره) في المنتهى وغيره على ان الإكمال مع الزيادة على سبيل الاستحباب ، ومقتضاه ان الطواف الأول هو طواف الفريضة. ونقل عن ابن الجنيد وعلي بن بابويه انهما حكما بكون الفريضة هو الثاني ، وفي رواية زرارة (١) المتقدمة دلالة عليه. وقال الصدوق في من لا يحضره الفقيه (٢) بعد ان أورد رواية أبي أيوب المتقدمة : وفي خبر آخر : «ان الفريضة هي الطواف الثاني والركعتان الأوليان لطواف الفريضة والركعتان الأخريان والطواف الأول تطوع». ولم نقف على هذه الرواية مسندة. ولعله أشار بها الى رواية زرارة (٣) وعلى هذا فيكون الإتمام واجبا. انتهى.

أقول : اما ما ذكره ـ من دلالة رواية زرارة المتقدمة (٤) على ان الفريضة هو الثاني بالنظر الى قوله فيها : «فترك سبعة وبنى على واحد» ـ فهو جيد. إلا ان ما ذكره من انه لعلها ان تكون معتمد الصدوق في ما ذكره فليس كذلك كما سيظهر لك. واما ما ذكره من انه لم يقف على الخبر الذي نقله الصدوق (قدس‌سره) فقد عرفت ان ما نقله الصدوق انما هو متن عبارة كتاب الفقه الرضوي بتغيير ما ، لكنه معذور حيث لم يصل الكتاب المذكور اليه ولا الى غيره من المتأخرين.

وبالجملة فالروايات المتقدمة الدالة على الاعتداد بالطواف الأول كلها مجملة في كون الفريضة الأول أو الثاني ، ولا صراحة في شي‌ء منها سوى

__________________

(١ و ٣ و ٤) تقدمت ص ٢٠١.

(٢) ج ٢ ص ٢٤٨ ، والوسائل الباب ٣٤ من الطواف.

٢٠٦

رواية كتاب الفقه ، وظاهر صحيحة زرارة ، وعليهما يحمل إطلاق تلك الاخبار بناء على هذا القول. ومن ذلك يظهر لك صحة ما اشتملت عليه رواية أبي بصير المتقدمة من وجوب الإعادة ، فإن الأخبار متى اجتمعت على ان الفريضة هو الطواف الثاني وانه يجب إتمامه لكونه هو الفريضة فقد ثبت وجوب الإعادة المذكورة في ذينك الخبرين ، وليس ذلك إلا من حيث الزيادة المذكورة في الطواف الأول وان كانت سهوا. والبناء على الشوط الثامن لا ينافي الإعادة ، إذ المراد بالإعادة هو إلغاء السبعة الاولى والإتيان بسبعة اخرى سواها. وهو حاصل بما ذكرناه. وبه يظهر قوة ما ذهب إليه في المقنع.

بقي الكلام في ان الطواف الأول هل يكون باطلا ـ كما هو ظاهر كلامه في المقنع ـ أم صحيحا كما هو ظاهر المشهور؟ وقد عرفت الكلام فيه آنفا ، فان مقتضى الجمع بين الاخبار التخيير في الاعتداد به وجعله نافلة فيصلي له ركعتين ، أو إبطاله وعدم الصلاة له.

الثانية ـ قد أشرنا في ما تقدم الى ان المحقق الأردبيلي (قدس‌سره) قد استند في القول بجواز الزيادة على الطواف الواجب عمدا إلى جملة من روايات هذه المسألة ، ووعدنا بالكلام عليه في هذا المقام ، فنقول : قال (عطر الله مرقده) ـ بعد ذكر نحو ما قدمنا نقله عن المدارك في تلك المسألة ، واحتمال حمل الإعادة في رواية أبي بصير التي استدل بها الأصحاب (رضوان الله عليهم) على الاستحباب ـ ما ملخصه : ويدل على عدم البطلان والتحريم والحمل المذكور صحيحة محمد بن مسلم ، ثم ساق الرواية كما قدمنا ، ثم عطف عليها صحيحة رفاعة ، وحمل ذكر الركعتين فيها على ما قدمنا نقله عن الشيخ (قدس‌سره) قال : وظاهرهما عام

٢٠٧

وترك التفصيل قرينة العموم. ثم أورد صحيحة زرارة وصحيحة معاوية بن وهب ، ثم قال : وهما كالصريحتين في ان الزيادة عمدا وانه جائز ، لعدم جواز ان يسهو (عليه‌السلام) في الفريضة وزيادته ما لا يجوز زيادته عمدا. انتهى.

أقول : فيه (أولا) انه لا يخفى ان كل من كان عالما بان الطواف المأمور به شرعا انما هو سبعة أشواط خاصة ـ كما عليه الاتفاق نصا وفتوى ـ فإنه بحسب الغالب بل المتحتم من ذوي الديانة والتقوى ان لا يأتي بثمانية أشواط إلا عن سهو ونسيان وربما اتى به عن جهل ، وإلا فالعالم بذلك لا يتعمد زيادة شوط عبثا ، ولا سيما مثل الامام (عليه‌السلام) حتى انه بعد ذلك يضيف إليه ستة وجوبا أو استحبابا بناء على زيادة هذا الواحد ، بل كان ينبغي ان يطوف طوافين متصلين أربعة عشر شوطا متصلة ، لا انه يزيد شوطا عمدا على هذا الطواف المتقدم لأجل ان يزيد عليه ستة بعد ذلك ، فإن زيادة هذه الستة إنما استند الى البناء على هذا الشوط الزائد وتتميمه طوافا آخر. وتوهم ذلك مجرد سفسطة وخيال ضعيف. وهذه السؤالات في هذه الاخبار انما تكاثرت بالنسبة الى من زاد هذا الشوط ناسيا ، فأجابوا بأنه يضيف إليه ستة. وكذلك فعل علي (عليه‌السلام) على تقدير تسليم صحته. وبالجملة فإنه مع علمه بان الطواف سبعة لا غير ، وان من زاد عليه شوطا وجب عليه أو استحب له إتمام طواف آخر ، فلا معنى لان يزيد هذا الشوط عمدا لأجل أن يجب عليه أو يستحب له إتمام طواف آخر بل ينبغي ان يزيد طوافا آخر من أول الأمر ويقرن بينهما.

و (ثانيا) ان مقتضى ما ذكره من جواز تعمد ذلك هو جواز القران في الفريضة عمدا ، وقد بينا سابقا ان الظاهر من الاخبار تحريمه

٢٠٨

في الفريضة. ومع التنزل عن ذلك فلا أقل من القول بالكراهة. ومن البعيد بل الأبعد تكاثر هذه الاخبار في أمر مكروه.

و (ثالثا) ان جملة من اخبار المسألة قد صرحت بكون هذه الزيادة عن سهو ونسيان ، وان هذا الحكم انما ترتب على كونها عن سهو مثل صحيحة عبد الله بن سنان ، ورواية أبي كهمس ، وصحيحة جميل المنقولة في السرائر المرتب عليها حديث كتاب علي (عليه‌السلام) ، ومرسلة الشيخ المفيد (قدس‌سره) في المقنعة ، ورواية كتاب الفقه الرضوي (١). وحينئذ فيجب حمل ما أطلق من الاخبار على هذه الروايات المذكورة ، كما هو القاعدة المشهورة والضابطة الغير المنكورة.

و (رابعا) ان تعلقه بزيادة أمير المؤمنين (عليه‌السلام) المروية في حديثي معاوية بن وهب وزرارة ـ مستندا إلى انه لا يجوز السهو عليه وانهما لذلك كالصريحين في جواز الزيادة عمدا ـ فيه أن مجرد عدم تجويز السهو عليه لا يستلزم ما ذكره ، لما عرفت فيه من الفساد. ولجواز خروج هاتين الروايتين مخرج التقية في النقل. ومثلهما غير عزيز في الاخبار. ومثلهما الخبر المروي (٢) «انه صلى جنبا ناسيا فأمر مناديه بعد الصلاة ان ينادى في الناس بقضاء صلاتهم وانه صلى بهم جنبا». ومثله غيره ، ولا محمل له إلا التقية. وسبيل هذين الخبرين سبيل هذا الخبر.

واما ما ذكره في المدارك في هذا المقام من ما يعطي الجمود على ظاهر هذين الخبرين في جواز السهو عليه ـ مستندا الى مذهب ابن بابويه وشيخه ، حيث قال بعد نقل صحيحة زرارة : ومقتضى الرواية وقوع السهو من

__________________

(١) ص ٢٠١ و ٢٠٢ و ٢٠٣.

(٢) الوسائل الباب ٣٦ من صلاة الجماعة.

٢٠٩

الإمام (عليه‌السلام) وقد قطع ابن بابويه بإمكانه ، ونقل عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد انه كان يقول : أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله). انتهى. وظاهره الميل الى ما ذكره ابن بابويه هنا لأجل التوصل الى العمل بالرواية المذكورة ـ ففيه ان كلام الصدوق (قدس‌سره) وشيخه لا عموم فيه لجميع المعصومين (عليهم‌السلام) وانما هو مخصوص بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله). ثم لا مطلقا ايضا بل مخصوص بالصلاة والنوم كما هو مورد تلك الاخبار. وان سهوه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في ذينك الموضعين كان من الله (تعالى) لمصلحة في ذلك ، فدعوى العموم ـ كما يفهم من كلامه وكلام غيره ـ ليس في محله. ومنه يظهر انه لا يجوز العمل بظاهر هذه الاخبار بل الواجب حملها على التقية كما ذكرناه ، وبه يزول الاشكال. والله العالم.

الثالثة ـ قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه انما يثبت إكمال الأسبوعين إذا لم يذكر حتى يبلغ الركن ، فان ذكر قبل ذلك وجب القطع. واستدل عليه الشيخ برواية أبي كهمس المتقدمة (١).

قال في المدارك بعد نقل هذه الرواية : وهذه الرواية معارضة بما رواه الشيخ عن موسى بن القاسم. ثم أورد صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة (٢) وقال بعدها : وقال الشيخ في الاستبصار : ان هذا الخبر مجمل ورواية أبي كهمس مفصلة ، والحكم بالمفصل اولى منه بالمجمل. وهو جيد لو تكافأ السندان ، لكن الرواية الأولى ضعيفة الاسناد وهذه الرواية

__________________

(١) ص ٢٠٢.

(٢) ص ٢٠١.

٢١٠

معتبرة الإسناد. انتهى.

أقول : هذه الرواية وان كانت معتبرة الإسناد كما ذكر إلا ان ما اشتملت عليه مخالف لأخبار المسألة كملا ، فإنها قد اتفقت على ان البناء على الشوط الزائد وإتمامه بستة انما هو مع إتمام الشوط وحصول الذكر بعد تمامه ، حيث ان الحكم فيها ترتب على حصول الثمانية كملا وان السهو انما عرض بعد تمام الثمانية ، وظاهر هذه الرواية هو حصول الوهم قبل إكمال الثمانية. مع احتمال حمل الوهم فيها على الشك أيضا ، فإن إطلاقه عليه في الاخبار غير عزيز ، وحينئذ فكيف يمكن العمل عليها؟ على ان المعارضة لا تختص برواية أبي كهمس كما توهمه ، بل جميع روايات المسألة معارضة لها كما عرفت ، ولكن هذه عادته (طاب ثراه) من التهالك على الأسانيد ولا ينظر الى ما في متن الخبر من العلل الموجبة لرده ، كما نبهنا عليه في غير موضع من شرحنا على الكتاب.

الرابعة ـ قد صرح شيخنا الشهيد الثاني (قدس‌سره) في المسالك بأن النية الواقعة بعد الذكر تؤثر في الشوط المتقدم ، كنية العدول في الصلاة بالنسبة إلى تأثيرها في ما سبق. انتهى. وهو جيد. ومنه أيضا تأثير نية الصوم لما تقدم من النهار لو أصبح مفطرا ثم عزم على الصوم قبل الظهر أو بعده ، كما تقدم في كتاب الصوم ، فان صومه صحيح اتفاقا.

الخامسة ـ قد صرحت رواية جميل المذكورة المنقولة في مستطرفات السرائر ـ وكذا كلامه (عليه‌السلام) في كتاب الفقه ـ بأنه يصلي ركعتي طواف الفريضة أولا وصلاة النافلة بعد السعي. وهو المشهور في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) كما قدمنا ذكره ، وصحيحة زرارة

٢١١

وكذا رواية علي بن أبي حمزة قد صرحتا بالتفريق ايضا لكن من غير تعيين لركعتي الفريضة ، ورواية أبي أيوب وكذا صحيحة معاوية بن وهب ورواية أبي كهمس (١) قد صرحت بالأربع من غير تعرض للتفريق فضلا عن بيان الفريضة منهما. والظاهر حمل مطلق هذه الاخبار على مقيدها في ذلك. إلا انه قد صرح في المدارك بأن تأخير ركعتي طواف النافلة الى أن يأتي بالسعي انما هو على سبيل الأفضلية ، قال : لإطلاق الأمر بصلاة الأربع في رواية أبي أيوب ، ولعدم وجوب المبادرة بالسعي. وفيه ما عرفت من انه يمكن تقييد هذا الإطلاق بالروايات الدالة على التفريق وهي الأكثر ، وان كان بعضها قد عين ان صلاة الفريضة هي الاولى وصلاة النافلة هي التي بعد السعي ، وبعضها لم يعين فيه ذلك ، وهذا هو مقتضى القاعدة المقررة عندهم المرتبطة بدلالة جملة من الاخبار. واما العمل بإطلاق تلك الروايات ـ وحمل ما دل على تقديم ركعتي الفريضة على السعي وتأخير ركعتي النافلة عنه على الاستحباب ـ فهو وان جروا عليه في جملة من الأبواب إلا انه لا مستند له من سنة ولا كتاب ، كما تقدم بيانه.

المسألة السابعة ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه لو نقص عدد طوافه ، أو قطعه لدخول البيت أو لحاجة أو لمرض أو لحدث ، أو دخل في السعي فذكر انه لم يتم طوافه ، فان تجاوز النصف رجع فأتم ، ولو عاد إلى أهله استناب ، ولو كان دون النصف استأنف.

وتفصيل هذه الجملة يقع في مواضع الأول ـ في من نقص عدد طوافه ، والمشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) هو ما قدمناه

__________________

(١) ص ٢٠٠ و ٢٠١ و ٢٠٢.

٢١٢

من انه ان تجاوز النصف رجع وأتم ، ولو عاد إلى أهله استناب ، ولو كان دونه استأنف.

ولم أقف له على دليل في الاخبار ، والموجود فيها من ما يتعلق بذلك ما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن الحسن بن عطية (١) قال : «سأله سليمان بن خالد وانا معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : وكيف طاف ستة أشواط؟ قال : استقبل الحجر وقال الله أكبر ، وعقدا واحدا. فقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : يطوف شوطا. فقال سليمان : فإنه فاته ذلك حتى اتى أهله؟ قال : يأمر من يطوف عنه».

وفي الصحيح عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «قلت : رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر؟ قال : يعيد ذلك الشوط».

وروى المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) في الصحيح عن صفوان ابن يحيى عن إسحاق بن عمار (٣) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : رجل طاف بالبيت ثم خرج الى الصفا فطاف بين الصفا والمروة ، فبينما هو يطوف إذ ذكر انه قد ترك بعض طوافه بالبيت؟ قال : يرجع الى البيت فيتم طوافه ، ثم يرجع الى الصفا والمروة

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٠٩ ، والكافي ج ٤ ص ٤١٨ ، والفقيه ج ٢ ص ٢٤٨ ، والوسائل الباب ٣٢ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٠٩ ، والوسائل الباب ٣١ من الطواف.

(٣) الكافي ج ٤ ص ٤١٨ ، والتهذيب ج ٥ ص ١٠٩ و ١١٠ عن الكليني ، والفقيه ج ٢ ص ٢٤٨ ، والوسائل الباب ٣٢ من الطواف.

٢١٣

فيتم ما بقي».

وهذه الروايات ـ كما ترى ـ لا اشعار فيها بما ذكروه من التفصيل

والمنقول عن الشيخ (قدس‌سره) في التهذيب (١) انه قال : ومن طاف بالبيت ستة أشواط وانصرف فليضف إليها شوطا آخر ولا شي‌ء عليه ، فان لم يذكر حتى يرجع الى أهله أمر من يطوف عنه. وهو ظاهر في البناء مع الإخلال بالشوط الواحد كما هو المذكور في صحيحة الحسن بن عطية المذكورة. وربما أشعر التخصيص بذكر الشوط الواحد ان حكم ما زاد عليه خلاف ذلك.

قال في المدارك بعد ذكر نحو ذلك : والمعتمد البناء ان كان المنقوص شوطا واحدا وكان النقص على وجه الجهل أو النسيان ، والاستئناف في غيره مطلقا. لنا على البناء في الأول وجواز الاستنابة مع تعذر العود : ما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن الحسن بن عطية. وساق الرواية المتقدمة ثم ساق صحيحة الحلبي ، ثم قال : ولنا على الاستئناف في الثاني : فوات الموالاة المعتبرة بدليل التأسي ، والاخبار الكثيرة كصحيحة الحلبي. ثم ساق الرواية الآتية ـ ان شاء الله تعالى ـ في قطع الطواف لدخول البيت الدالة على قطع الطواف بعد ثلاثة أشواط وامره (عليه‌السلام) بالإعادة ، ثم صحيحة البختري الواردة أيضا في قطع الطواف لدخول البيت ، ثم حسنة الحلبي الواردة في من اشتكى وقد طاف أشواطا ، حيث أمر (عليه‌السلام) بالإعادة في الجميع.

أقول : اما ما ذكره ـ من البناء في الشوط الواحد مع الجهل أو النسيان ـ فهو جيد ، لما عرفته من الاخبار ، وظاهرها ان الترك كان على أحد الوجهين المذكورين. وبهذا القيد صرح العلامة في جملة من كتبه ، وهو ظاهر كلام غيره ايضا.

__________________

(١) ج ٥ ص ١٠٩.

٢١٤

واما ما ذكره ـ من الإعادة في ما عدا ذلك ـ فلا اعرف له وجها وجيها ، اما ما احتج به من فوات الموالاة بدليل التأسي فهو ضعيف ، إذ التأسي ـ كما صرح به المحققون في الأصول وصرح به هو أيضا في مواضع من شرحه وان خالفه في مواضع أخر ـ لا يصلح للدلالة على الوجوب ، فان فعلهم (عليهم‌السلام) أعم من ذلك ، نعم هو دليل على الرجحان في الجملة. وهو ظاهر.

واما الاخبار المذكورة فموردها غير محل البحث ، لان الظاهر من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) ان ما ذكرناه من هذه المواضع المشار إليها في صدر المسألة متغايرة لا يدخل بعضها تحت بعض ، فان الظاهر من قولهم ـ : من نقص طوافه ، ثم عطفهم عليه من قطع طوافه لدخول البيت ، وهكذا ـ ان كلا منها غير الآخر ، فالمراد ممن نقص طوافه انه فعل ذلك لا لغرض من الأغراض ، بل اما ان يكون تعمد ترك بعض طوافه أو سها عنه أو جهله. وكذا الأخبار المذكورة ، فإن الظاهر منها ايضا ذلك. وحينئذ فالاستدلال بهذه الأخبار الواردة في قطع الطواف لدخول البيت أو لمرض أو نحو ذلك ليس في محله ، بل هذه مسائل على حدة يأتي الكلام فيها ان شاء الله تعالى.

وأعجب من ذلك ان المحقق الأردبيلي استدل على ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) في هذه المسألة بهذه الأخبار الواردة في قطع الطواف لدخول البيت ونحوها من الاخبار الواردة في قطعه لعيادة المريض ونحو ذلك.

وبالجملة فإن المسألة عندي محل إشكال ، فإني لا اعرف لهذا الحكم دليلا سوى الروايات التي تقدمت ، وهي قاصرة عن افادة

٢١٥

التفصيل الذي ذكروه.

بقي الكلام في الرواية الثالثة (١) حيث تضمنت ترك بعض طوافه وهو مجمل ، وقد أمر (عليه‌السلام) بالبناء فيها ، والحمل على ما ذكر في تلك الرواية من الشوط الواحد غير بعيد. إلا ان الظاهر ان مورد هذه الرواية خارج عن ما نحن فيه. وسيأتي الكلام فيها ان شاء الله (تعالى) قريبا. والله العالم.

الثاني ـ في من قطعه لدخول البيت فإنه يجب عليه ما تقدم من التفصيل بتجاوز النصف وعدمه. والاشكال فيه كما في سابقه ، فاني لم أقف في الاخبار هنا ايضا على ما يدل على ذلك.

ومنها : صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثم وجد من البيت خلوة فدخله ، كيف يصنع؟ قال : يعيد طوافه ، وخالف السنة».

وصحيحة حفص بن البختري عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) «في من كان يطوف بالبيت فيعرض له دخول الكعبة فدخلها؟ قال يستقبل طوافه».

وصحيحة ابن مسكان (٤) قال : «حدثني من سأله عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة ثلاثة أشواط ثم وجد خلوة من البيت فدخله قال : نقض طوافه وخالف السنة ، فليعد».

ورواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر نقلا من نوادر البزنطي

__________________

(١) ص ٢١٣ الرقم ٣.

(٢ و ٤) التهذيب ج ٥ ص ١١٨ ، والوسائل الباب ٤١ من الطواف.

(٣) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٧ ، والوسائل الباب ٤١ من الطواف.

٢١٦

عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) مثله (١).

وموثقة عمران الحلبي (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط من الفريضة ثم وجد خلوة من البيت فدخله. قال : يقضي طوافه ، وقد خالف السنة ، فليعد طوافه».

وهذه الروايات ـ كما ترى ـ لا اشارة فيها فضلا عن التصريح للتفصيل الذي ذكروه ، بل ظاهر صحيحة حفص بن البختري وجوب الإعادة متى قطعه لدخول البيت مطلقا. والى العمل بها مال في المدارك فاختار بطلان الطواف بقطعه لدخول الكعبة مطلقا بلغ النصف أو لم يبلغ. وهو جيد.

الثالث ـ في من قطعه لحاجة ، والروايات في هذا الموضع مختلفة.

فمنها : صحيحة أبان بن تغلب عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) «في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة؟ فقال : ان كان طواف نافلة بنى عليه ، وان كان طواف فريضة لم يبن عليه».

وروى ابن بابويه في الصحيح عن صفوان الجمال (٤) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : الرجل يأتي أخاه وهو في الطواف؟ فقال : يخرج معه في حاجته ثم يرجع ويبني على طوافه».

__________________

(١) الوسائل الباب ٤١ من الطواف.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤١٤ ، والوسائل الباب ٤١ من الطواف.

(٣) الكافي ج ٤ ص ٤١٣ ، والتهذيب ج ٥ ص ١١٩ ، والوسائل الباب ٤١ من الطواف.

(٤) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٨ ، والوسائل الباب ٤٢ من الطواف.

٢١٧

وذكر ابن بابويه (١) ان في نوادر ابن ابي عمير عن بعض أصحابنا عن أحدهما (عليهما‌السلام) انه قال «في الرجل يطوف فتعرض له الحاجة؟ قال : لا بأس بأن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف. وإذا أراد ان يستريح في طوافه ويقعد فلا بأس به. فإذا رجع بنى على طوافه وان كان أقل من النصف».

وروى الشيخ في الصحيح عن النخعي وجميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما (عليهما‌السلام) (٢) قال «في الرجل يطوف ثم تعرض له الحاجة؟ قال : لا بأس ان يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف. وان أراد ان يستريح ويقعد فلا بأس بذلك. فإذا رجع بنى على طوافه وان كان نافلة بنى على الشوط والشوطين. وان كان طواف فريضة ثم خرج في حاجة مع رجل لم يبن ولا في حاجة نفسه».

وروى الشيخ (قدس‌سره) في التهذيب (٣) عن ابان بن تغلب قال : «كنت مع ابي عبد الله (عليه‌السلام) في الطواف فجاءني رجل من إخواني فسألني ان امشي معه في حاجة ، ففطن بي أبو عبد الله (عليه‌السلام) فقال : يا ابان من هذا الرجل؟ قلت : رجل من مواليك سألني ان اذهب معه في حاجته. فقال : يا ابان اقطع طوافك وانطلق معه في حاجته فاقضها له. فقلت : اني لم أتم طوافي. قال : أحص ما طفت وانطلق معه في حاجته. فقلت : وان كان في فريضة قال : نعم وان كان في فريضة. قال : يا ابان وهل تدري ما ثواب

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٧ ، والوسائل الباب ٤١ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٢٠ و ١٢١ ، والوسائل الباب ٤١ من الطواف.

(٣) ج ٥ ص ١٢٠ ، والوسائل الباب ٤١ من الطواف.

٢١٨

من طاف بهذا البيت أسبوعا؟ فقلت : لا والله ما ادري. قال : تكتب له ستة آلاف حسنة وتمحى عنه ستة آلاف سيئة وترفع له ستة آلاف درجة ـ قال : وروى إسحاق بن عمار : وتقضى له ستة آلاف حاجة ـ ولقضاء حاجة مؤمن خير من طواف وطواف ، حتى عد عشرة أسابيع. فقلت له : جعلت فداك أفريضة أم نافلة؟ فقال : يا أبان إنما يسأل الله العباد عن الفرائض لا عن النوافل».

وروى في الكافي (١) عن سكين بن عمار عن رجل من أصحابنا يكنى أبا أحمد قال : «كنت مع ابي عبد الله (عليه‌السلام) في الطواف ـ ويده في يدي أو يدي في يده ـ إذ عرض لي رجل له الي حاجة أومأت إليه بيدي فقلت له : كما أنت حتى افرغ من طوافي. فقال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام) : ما هذا؟ فقلت : أصلحك الله رجل جاءني في حاجة فقال لي : أمسلم هو؟ قلت : نعم. فقال لي : اذهب معه في حاجته. فقلت له : أصلحك الله فاقطع الطواف؟ قال : نعم. قلت : وان كنت في المفروض؟ قال : نعم وان كنت في المفروض. قال : وقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : من مشى مع أخيه المسلم في حاجة كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة».

أقول : قد دلت صحيحة أبان بن تغلب ومرسلة النخعي وجميل على انه يبني على الشوط والشوطين في طواف النافلة ولا يبني في طواف الفريضة ، ورواية أبان بن تغلب ومرسلة سكين على جواز قطع الطواف والبناء مطلقا. ويعضدهما إطلاق مرسلة ابن ابي عمير وصحيحة صفوان الجمال. ووجه الجمع بينها يقتضي تخصيص إطلاق هذه الروايات

__________________

(١) ج ٤ ص ٤١٤ و ٤١٥ ، والتهذيب ج ٥ ص ١١٩ ، والوسائل الباب ٤٢ من الطواف.

٢١٩

بالخبرين المذكورين ، بمعنى انه يبني في الفريضة متى قطع للحاجة إلا في ما إذا قطع على شوط أو شوطين فإنه يعيد.

أقول : ومن اخبار المسألة أيضا ما رواه في الكافي (١) عن ابي عزة قال : «مر بي أبو عبد الله (عليه‌السلام) وانا في الشوط الخامس من الطواف ، فقال لي : انطلق حتى نعود ههنا رجلا. فقلت له : انما انا في خمسة أشواط فأتم أسبوعي. قال : اقطعه واحفظه من حيث تقطع حتى تعود الى الموضع الذي قطعت منه فتبني عليه».

وما رواه في التهذيب (٢) عن ابي الفرج قال : «طفت مع ابي عبد الله (عليه‌السلام) خمسة أشواط ، ثم قلت : اني أريد أن أعود مريضا. فقال : احفظ مكانك ثم اذهب فعده ثم ارجع فأتم طوافك».

والأمر في هذين الخبرين سهل ، لأنهما ان حملا على الفريضة فلا إشكال في جواز البناء ، وان حملا على النافلة فالحكم أظهر ، للاتفاق نصا وفتوى على جواز البناء على ما دون النصف.

وكيف كان فهذه الاخبار على كثرتها لا تعرض فيها لما ذكروه من التفصيل بوجه ، ولو كان الحكم مبنيا عليه لصرحوا به ولو بالإشارة إليه.

الرابع ـ في من قطعه لمرض ، والذي وقفت عليه من الاخبار في هذه الصورة ما رواه في الكافي (٣) في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «إذا طاف الرجل بالبيت أشواطا

__________________

(١) ج ٤ ص ٤١٤ ، والوسائل الباب ٤١ من الطواف.

(٢) ج ٥ ص ١١٩ ، والوسائل الباب ٤١ من الطواف.

(٣) ج ٤ ص ٤١٤ ، والوسائل الباب ٤٥ من الطواف.

٢٢٠