الحدائق الناضرة - ج ١٦

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن ـ والشيخ في الصحيح ـ عن الحسن بن عطية (١) قال : «سألته سليمان بن خالد وانا معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط. قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : وكيف طاف ستة أشواط؟ قال : استقبل الحجر ، وقال : الله أكبر ، وعقد واحدا. فقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : يطوف شوطا. فقال سليمان : فإنه فاته ذلك حتى اتى أهله؟ قال : يأمر من يطوف عنه».

والمشهور بين المتأخرين ـ والظاهر ان أولهم العلامة (قدس‌سره) وتبعه من تأخر عنه ـ في كيفية الابتداء بالحجر الأسود جعل أول جزء من الحجر محاذيا لأول جزء من مقاديم البدن ، بحيث يمر عليه بجميع بدنه بعد النية علما أو ظنا.

قال في المدارك بعد نقل ذلك عنهم : وهو أحوط ، لكن في تعينه نظر ، لصدق الابتداء بالحجر عرفا بدون ذلك. ولخلو الاخبار من هذا التكليف مع استفاضتها في هذا الباب واشتمالها على تفاصيل مسائل الحج الواجبة والمندوبة. بل ربما ظهر من طواف النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) على ناقته (٢) خلاف ذلك. انتهى.

وهو جيد. إلا ان قوله أولا : «وهو أحوط» لا وجه له ، بل هو الى الوسواس أقرب منه الى الاحتياط ، لما ذكره من الوجوه المذكورة ، ولا سيما حديث طوافه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) على ناقته كما

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤١٨ ، والتهذيب ج ٥ ص ١٠٩ ، والوسائل الباب ٣٢ من الطواف.

(٢) الوسائل الباب ٨١ من الطواف الرقم ٢.

١٠١

في رواية محمد بن مسلم (١) : «واستلم الحجر بمحجنه». معتضدا ذلك بأصالة العدم. وبالجملة فإنا لا نعرف لهم دليلا سوى ما يدعونه من الاحتياط ، والاحتياط انما يكون في مقام اختلاف الأدلة لا مجرد القول من غير دليل بل ظهور الدليل في خلافه.

واعتبروا ـ بناء على ما قدمنا نقله عنهم ـ محاذاة الحجر في آخر شوط على نحو ما تقدم في الابتداء ، ليكمل الشوط من غير زيادة ولا نقصان. والكلام فيه كما تقدم من عدم ظهور الدليل على ما ذكروه بل ظهوره في خلافه. والظاهر الاكتفاء بجوازه بنية ان ما زاد على الشوط لا يكون جزء من الطواف.

ورابعها ـ ان يطوف على يساره. يعني : ان يجعل البيت على يساره حال الطواف ، فلو استقبله بوجهه أو استدبره أو جعله على يمينه في حال الطواف ولو في خطوة ، بطل طوافه ، ووجب عليه الإعادة.

واستدل عليه في المنتهى بأن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) طاف كذلك وقال : «خذوا عني مناسككم» (٢). ومرجع استدلاله (قدس‌سره) إلى التأسي. وبذلك صرح في المفاتيح تبعا للقوم ، فقال في تعداد واجبات الطواف : وان يجعل البيت على يساره بلا خلاف ، للتأسي. مع انهم قد صرحوا في الأصول بأن التأسي لا يصلح ان يكون دليلا للوجوب ، لان فعلهم (عليهم‌السلام) كذلك أعم من الوجوب والاستحباب ، وكانوا ملازمين على المستحبات كالواجبات.

__________________

(١) الوسائل الباب ٨١ من الطواف الرقم ٢.

(٢) المغني ج ٣ ص ٣٤٤ و ٣٧٧ طبع مطبعة العاصمة ، وتيسير الوصول ج ١ ص ٢٩٦.

١٠٢

وأكثر أصحابنا ذكروا الحكم ولم يذكروا عليه دليلا ، ولا ناقشوا في عدم الدليل ، كما في المدارك ، مع ما علم من عادته من ذكر الأدلة ومناقشته في الحكم مع عدم وجود الدليل ، وكأن ذلك مسلم بينهم للاتفاق على الحكم المذكور.

والذي وقفت عليه من الاخبار من ما يفهم منه ذلك وان لم يكن على جهة التصريح ما رواه في الكافي في الصحيح عن عبد الله بن سنان (١) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : إذا كنت في الطواف السابع فأت المتعوذ ـ وهو إذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب ـ فقل : اللهم. الى ان قال : ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر فاختم به».

وعن معاوية بن عمار في الصحيح (٢) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة ـ وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل ـ فابسط يديك على البيت. الى ان قال : ثم ائت الحجر الأسود».

وما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «ثم تطوف بالبيت سبعة أشواط. الى ان قال : فإذا انتهيت إلى مؤخر الكعبة ـ وهو المستجار دون الركن اليماني بقليل ـ في الشوط السابع ، فابسط يديك على الأرض وألصق خدك وبطنك بالبيت ، ثم قل : اللهم. الى ان قال : ثم استقبل الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود فاختم به».

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٢٦ من الطواف.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ١٠٤ و ١٠٥ ، والوسائل الباب ٢٦ من الطواف.

١٠٣

والتقريب في هذه الاخبار ان استحباب الوقوف في هذه الأماكن الثلاثة في الشوط السابع واستلامها على هذا الترتيب لا يتم إلا مع جعل البيت على اليسار في حال الطواف كما لا يخفى.

وخامسها ـ ان يدخل الحجر في الطواف ، وهو من ما لا خلاف فيه بين الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم).

ويدل عليه جملة من الاخبار : منها : ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن ـ وفي من لا يحضره الفقيه في الصحيح ـ عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود» وزاد في الكافي (٢) «إلى الحجر الأسود».

وما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «قلت له : رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر؟ قال : يعيد ذلك الشوط».

ورواه الصدوق عن عبد الله بن مسكان عن الحلبي أيضا في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «قلت له : رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر ، كيف يصنع؟ قال : يعيد الطواف الواحد».

وما رواه في الكافي (٥) في الصحيح أو الحسن عن حفص بن البختري

__________________

(١) الوسائل الباب ٣١ من الطواف.

(٢) ج ٤ ص ٤١٩ ، والوسائل الباب ٣١ من الطواف.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ١٠٩ ، والوسائل الباب ٣١ من الطواف.

(٤) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٩ ، والوسائل الباب ٣١ من الطواف.

(٥) ج ٤ ص ٤١٩ ، والوسائل الباب ٣١ من الطواف. واللفظ في الوسائل يختلف عن اللفظ الوارد في الكافي والوافي والحدائق ، وقد اختمل في الوافي باب (إخراج الحجر من الطواف) سقوط شي‌ء من لفظ الحديث ، وقد وجه الساقط بما يرجع الى اللفظ الوارد في الوسائل ، فليراجع.

١٠٤

عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) «في الرجل يطوف بالبيت؟ قال : يقضي ما اختصر من طوافه». وقوله : «يطوف بالبيت» اي وحده من غير إدخال الحجر في الطواف.

وربما ظهر من هذه الاخبار ونحوها ان الحجر من البيت ، ونقل في الدروس ان المشهور كونه من البيت. ولعل مستندهم هذه الاخبار وإلا فانا لم نقف على خبر يدل على ذلك ، بل انما دل جملة من الاخبار على خلافه :

مثل ما رواه في الكافي (١) عن معاوية بن عمار في الصحيح قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الحجر ، أمن البيت هو أو فيه شي‌ء من البيت؟ فقال : لا ولا قلامة ظفر ولكن إسماعيل دفن امه فيه فكره أن توطأ فجعل عليه حجرا. وفيه قبور أنبياء».

وعن زرارة في الموثق عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن الحجر هل فيه شي‌ء من البيت؟ فقال : لا ولا قلامة ظفر».

وعن ابي بكر الحضرمي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «ان إسماعيل دفن امه في الحجر وحجر عليها لئلا يوطأ قبر أم إسماعيل في الحجر».

__________________

(١) ج ٤ ص ٢١٠ ، والوسائل الباب ٣٠ من الطواف.

(٢) الوسائل الباب ٥٤ من أحكام المساجد.

(٣) الكافي ج ٤ ص ٢١٠ ، والوسائل الباب ٣٠ من الطواف.

١٠٥

وروى في كتاب من لا يحضره الفقيه (١) مرسلا عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) والأئمة (عليهم‌السلام) قال : وصار الناس يطوفون حول الحجر ولا يطوفون فيه ، لأن أم إسماعيل دفنت في الحجر ففيه قبرها فطيف كذلك لئلا يوطأ قبرها. قال : وروى : ان فيه قبور الأنبياء (عليهم‌السلام). وما في الحجر شي‌ء من البيت ولا قلامة ظفر.

ويمكن ان يكون مستند المشهور ما نقل عن العلامة في التذكرة (٢) : ان البيت كان لاصقا بالأرض وله بابان شرقي وغربي ، فهدمه السيل قبل مبعث النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بعشر سنين ، وأعادت قريش عمارته على الهيئة التي هو عليها اليوم ، وقصرت الأموال الطيبة والهدايا والنذور عن عمارته ، فتركوا من جانب الحجر بعض البيت ، وخلفوا الركنين الشاميين من قواعد إبراهيم (عليه‌السلام) وضيقوا عرض الجدار من الركن الأسود إلى الشامي الذي يليه ، فبقي من الأساس شبه الدكان مرتفعا ، وهو الذي يسمى الشاذروان. انتهى.

وما ذكره (قدس‌سره) في قصة بناء الكعبة على هذه الكيفية لم يرد في شي‌ء من الاخبار الواصلة إلينا في الأصول الأربعة وغيرها.

وقد رويت في كيفية بناء قريش لها روايات عديدة ، إلا انها خالية من ذلك ، ومنها : ما رواه في الكافي (٣) عن علي وغيره بأسانيد مختلفة رفعوه ، قالوا : انما هدمت قريش الكعبة لأن السيل كان يأتيهم من أعلى مكة فيدخلها ، فانصدعت وسرق من الكعبة غزال من ذهب

__________________

(١) ج ٢ ص ١٢٥ و ١٢٦ ، والوسائل الباب ٣٠ من الطواف.

(٢) ج ١ المسألة الاولى من كيفية الطواف.

(٣) ج ٤ ص ٢١٧ ، والوسائل الباب ١١ من مقدمات الطواف.

١٠٦

رجلاه من جوهر ، وكان حائطها قصيرا ، وكان ذلك قبل مبعث النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بثلاثين سنة ، فأرادت قريش ان يهدموا الكعبة ويبنوها ويزيدوا في عرضها ، ثم أشفقوا من ذلك وخافوا ان وضعوا فيها المعاول ان تنزل عليهم عقوبة ، فقال الوليد بن المغيرة : دعوني ابدأ فان كان لله رضى لم يصبني شي‌ء وان كان غير ذلك كففنا. فصعد على الكعبة وحرك منه حجرا فخرجت عليه حية وانكسفت الشمس فلما رأوا ذلك بكوا وتضرعوا وقالوا : اللهم انا لا نريد إلا الإصلاح فغابت عنهم الحية ، فهدموه ونحوا حجارته حوله حتى بلغوا القواعد التي وضعها إبراهيم (عليه‌السلام) ، فلما أرادوا أن يزيدوا في عرضه وحركوا القواعد التي وضعها إبراهيم (عليه‌السلام) أصابتهم زلزلة شديدة وظلمة فكفوا عنه. وكان بنيان إبراهيم (عليه‌السلام) الطول ثلاثون ذراعا والعرض اثنان وعشرون ذراعا والسمك تسعة أذرع ، فقالت قريش نزيد في سمكها ، فبنوها فلما بلغ البناء الى موضع الحجر الأسود تشاجرت قريش في وضعه ، فقال كل قبيلة ، نحن اولى به فنحن نضعه. فلما كثر بينهم تراضوا بقضاء من يدخل من باب بني شيبة فطلع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فقالوا : هذا الأمين قد جاء فحكموه ، فبسط رداءه ـ وقال بعضهم : كساء طاروني كان له ـ ووضع الحجر فيه ، ثم قال : يأتي من كل ربع من قريش رجل. فكانوا عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، والأسود بن المطلب من بني أسد بن عبد العزى ، وأبو حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم ، وقيس بن عدي من بني سهم. فرفعوه ووضعه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في موضعه. الحديث. ونحوه غيره وان كان أخصر.

١٠٧

وكلها ظاهرة في ان البناء وقع على الأساس القديم الذي كان من زمان إبراهيم (عليه‌السلام) لا انهم نقصوا منه بحيث خرج منه شي‌ء في الحجر.

ويحتمل ان يكون ما نقله في التذكرة من طرق العامة ، فإنهم رووا (١) : «أن عائشة قالت : نذرت أن أصلي ركعتين في البيت. فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : صلى في الحجر ، فان فيه ستة أذرع من البيت».

وبالجملة فالظاهر من أخبارنا خروجه كملا عن البيت ، وما ذكروه من هذا القول المشهور لا نعرف له مستندا.

ثم ان ظاهر صحيحة الحلبي المتقدمة برواية الشيخين المذكورين ـ وكذا صحيحة حفص بن البختري أو حسنته ـ هو اعادة ما اختصره خاصة من واحد أو أكثر دون اعادة الطواف من رأس. ونقل في المدارك انه روى نحوه في الصحيح عن الحسن بن عطية عن الصادق (عليه‌السلام). ولم أقف على هذه الرواية في ما حضرني من كتب الاخبار.

ولا تكفي الإعادة من موضع دخول الحجر بان يتم الشوط من ذلك المكان ، بل تجب الإعادة من الحجر الأسود.

ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ (قدس‌سره) عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن سفيان (٢) قال : «كتبت الى ابي الحسن الرضا (عليه‌السلام): امرأة طافت طواف الحج ، فلما كانت في الشوط السابع اختصرت وطافت في الحجر وصلت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ، ثم أتت منى.

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٣٤٤ طبع مطبعة العاصمة. وليس فيه لفظ «ركعتين» وسنن البيهقي ج ٥ ص ٨٩. ويستفاد منهما بالمعنى.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٩ ، والوسائل الباب ٣١ من الطواف.

١٠٨

فكتب (عليه‌السلام) : تعيد» ،. فإنه يجب حمل إطلاقه على ما فصلته الروايات المتقدمة من اعادة ما اختصرته خاصة. والله العالم.

وسادسها ـ ان يكمله سبعا ، وهو إجماعي نصا وفتوى.

ومن الاخبار الصريحة في ذلك ما تقدم في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة قريبا (١) من قوله فيها : «ثم تطوف بالبيت سبعة أشواط. الحديث».

وما رواه الصدوق (قدس‌سره) في كتاب من لا يحضره الفقيه (٢) بإسناده عن حماد بن عمرو وانس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم‌السلام) في وصية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لعلي (عليه‌السلام) قال : «يا علي ان عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله (عزوجل) في الإسلام : حرم نساء الآباء على الأبناء. الى ان قال : ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسن لهم عبد المطلب سبعة أشواط ، فأجرى الله (عزوجل) ذلك في الإسلام».

وما رواه في كتاب العلل والأحكام (٣) بسنده عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين (عليه‌السلام) قال : «قلت : لأي علة صار الطواف سبعة أشواط؟ فقال ان الله (تعالى) قال للملائكة (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٤) فردوا عليه وقالوا (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ). (٥) فقال (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٦). وكان لا يحجبهم

__________________

(١) ص ١٠٣.

(٢) ج ٤ ص ٢٦٤ ، والوسائل الباب ١٩ من الطواف.

(٣) ص ٤٠٦ طبع النجف الأشرف ، والوسائل الباب ١٩ من الطواف.

(٤ و ٥ و ٦) سورة البقرة ، الآية ٣٠.

١٠٩

عن نوره ، فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام ، فلاذوا بالعرش سبعة آلاف سنة ، فرحمهم وتاب عليهم ، وجعل لهم البيت المعمور في السماء الرابعة ، وجعله مثابة ، وجعل لهم البيت الحرام تحت البيت المعمور ، وجعله مثابة للناس وأمنا. فصار الطواف سبعة أشواط واجبا على العباد لكل ألف سنة شوطا واحدا».

وعن ابي خديجة (١) : «أنه سمع أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول في حديث : ان الله أمر آدم (عليه‌السلام) ان يأتي هذا البيت فيطوف به أسبوعا ويأتي منى وعرفة فيقضي مناسكه كلها ، فاتى هذا البيت فطاف به أسبوعا واتى مناسكه فقضاها كما امره الله ، فقبل منه التوبة وغفر له. قال : فجعل طواف آدم (عليه‌السلام) لما طافت الملائكة بالعرش سبع سنين ، فقال جبرئيل (عليه‌السلام) : هنيئا لك يا آدم لقد طفت بهذا البيت قبلك بثلاثة آلاف سنة».

واما الاخبار الدالة على ذلك ضمنا فهي أكثر من ان يأتي عليها قلم الإحصاء في المقام ، وستمر بك ان شاء الله (تعالى) متفرقة في جملة من الأحكام.

وسابعها ـ ان يكون بين البيت والمقام ، وهو الأظهر الأشهر بين علمائنا الأعلام (رفع الله ـ تعالى ـ قدرهم في دار المقام).

ويدل عليه ما رواه ثقة الإسلام عن محمد بن مسلم (٢) قال : «سألته عن حد الطواف بالبيت الذي من خرج منه لم يكن طائفا بالبيت. قال : كان الناس على عهد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يطوفون

__________________

(١) العلل ص ٤٠٧ طبع النجف ، والوسائل الباب ١٩ من الطواف.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤١٣ ، والوسائل الباب ٢٨ من الطواف.

١١٠

بالبيت والمقام وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام وبين البيت ، فكان الحد موضع المقام اليوم ، فمن جازه فليس بطائف. والحد قبل اليوم واليوم واحد ، قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلها ، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت ، بمنزلة من طاف بالمسجد ، لانه طاف في غير حد ، ولا طواف له».

إلا انه روى الصدوق (قدس‌سره) في الصحيح عن ابان عن محمد الحلبي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الطواف خلف المقام. قال : ما أحب ذلك ، وما ارى به بأسا ، فلا تفعله إلا ان لا تجد منه بدا».

ويمكن انه بهذه الرواية أخذ ابن الجنيد ، حيث نقل عنه انه جوز الطواف خارج المقام عند الضرورة.

وظاهر هذه الرواية هو الجواز على كراهة وان الكراهة تندفع بالضرورة. فما ذكره بعض الأصحاب (رضوان الله عليهم) هنا ـ من الجمع بينها وبين الرواية السابقة بالحمل على الضرورة ، بمعنى انه يحرم الخروج عن المقام إلا مع ضرورة الزحام ونحوه ـ ليس بجيد ، لان ظاهرها الجواز على كراهة ، والضرورة إنما تنتج زوال الكراهة لا التحريم.

وربما فهم من إيراد الصدوق (قدس‌سره) لها الإفتاء بمضمونها ، فيكون قولا آخر في المسألة أيضا. وبذلك يعظم الإشكال في المسألة.

وبالجملة فإن ظاهر كلام الأكثر هو تحريم الخروج عن الحد المتقدم مطلقا ، عملا برواية محمد بن مسلم المتقدمة. والمنقول عن ابن الجنيد

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٩ والوسائل الباب ٢٨ من الطواف. لاحظ الاستدراكات.

١١١

هو جواز الخروج مع الضرورة. وظاهر صحيحة الحلبي ـ وهو ظاهر الصدوق (قدس‌سره) ـ هو جواز الخروج على كراهة إلا مع الضرورة. فالضرورة على قول ابن الجنيد موجبة لزوال التحريم ، وعلى ظاهر الرواية وظاهر الصدوق موجبة لزوال الكراهة ، والجمع بين الخبرين بما تقدم قد عرفت ما فيه. وظاهر العلامة في المنتهى والمختلف حمل صحيحة الحلبي على الضرورة كما هو مذهب ابن الجنيد. وفيه ما عرفت. والمسألة لا تخلو من شوب الاشكال ، لعدم وجه يحضرني الآن في الجمع بين الخبرين المذكورين. والاحتياط لا يخفى.

وثامنها ـ خروجه بجميع بدنه حال الطواف عن البيت ، فلو مشى على شاذروانه ـ وهو الخارج عن أساسه ـ بطل طوافه من غير خلاف يعرف ، لعدم صدق الطواف به. ولو كان يمس الجدار بيده أو بدنه وهو خارج عنه حال مشيه ، فقيل بالبطلان وهو خيرة العلامة (قدس‌سره في التذكرة والشهيد (قدس‌سره) في الدروس ، لان من مسه على هذا الوجه يكون بعض بدنه في البيت ، فلا يتحقق الخروج عنه الذي هو شرط في صحة الطواف به. وقيل بالجواز وهو ظاهر اختياره في القواعد ، وجعله في التذكرة وجها للشافعية (١). واستدل عليه بان من هذا شأنه يصدق عليه انه طاف بالبيت ، لان معظم بدنه خارج عنه. ثم أجاب عنه بالمنع من ذلك ، لان بعض بدنه في البيت ، كما لو وضع احدى رجليه اختيارا على الشاذروان. والمسألة محل توقف. والاحتياط في القول الأول.

وظاهر الأصحاب (رضوان الله عليهم) ان الشاذروان محيط بالبيت.

__________________

(١) المجموع للنووي الشافعي ج ٨ ص ٢٤.

١١٢

كما هو الظاهر لمن شاهد البيت. والمفهوم من كلام العلامة (قدس‌سره) في التذكرة ـ كما تقدم ـ انه من الركن الشامي إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود. والعمل بالأول أحوط.

فوائد

الأولى ـ قد قطع الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) بأنه يجب مراعاة قدر ما بين البيت والمقام من جميع الجهات. ثم صرحوا بأنه يجب ان تحسب المسافة من جهة الحجر من خارجه ، بان ينزل منزلة البيت وان كان خارجا من البيت ، لوجوب إدخاله في الطواف ، فلا يكون محسوبا من المسافة. واحتمل شيخنا في المسالك احتسابه منها على القول بخروجه وان لم يجز سلوكه.

أقول : اما الحكم الأول فلا ريب فيه ، لما عرفت من دلالة رواية محمد بن مسلم عليه. واما الثاني فلا يخلو من الإشكال ، لان مقتضى ما صرحوا به أولا ـ وهو مدلول الرواية المذكورة ـ أن المسافة المعتبرة من البيت الى المقام معتبرة من جميع الجهات ، ومن جملتها جهة الحجر. ويؤكده قوله (عليه‌السلام) في الرواية المذكورة : «فكان الحد موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطائف ، والحد قبل اليوم واليوم واحد ، قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلها فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت. الى آخره». وهو ـ كما ترى ـ صريح في ان من تباعد من جميع نواحي البيت بأزيد من هذه المسافة المعتبرة من البيت الى المقام كان طائفا بغير البيت ، وهذا ظاهر في جهة الحجر وغيرها. فالاستثناء

١١٣

في هذه الجهة يحتاج الى دليل ، ومجرد وجوب إدخاله في الطواف لا يستلزم ذلك. وبالجملة فإن ما ذكره شيخنا المشار اليه من الاحتمال لا يبعد تعينه. والمسألة في غاية الاشكال ، والاحتياط يقتضي المحافظة تمام المحافظة على عدم البعد عن الحجر على وجه يلزم منه الخروج عن تلك المسافة.

الثانية ـ قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بان المقام حقيقة هو العمود من الصخر الذي كان إبراهيم (عليه‌السلام) يصعد عليه عند بناء البيت ، وعليه اليوم بناء ، ويطلق على جميعه مع ما في داخله المقام عرفا ، وربما استعمله الفقهاء في بعض عباراتهم. وعباراتهم هنا وكذا النصوص مطلقة في كون الطواف بين البيت والمقام فهل المراد بالمقام هنا هو الصخر المذكور أم المجموع من الحائط وما فيه؟ قالوا : كل محتمل وان كان الاستعمال الشرعي في الثاني أقوى. أقول : لا ريب في ضعف الاحتمال الآخر ، فإنه متى كان المقام حقيقة انما هو الصخر المذكور فالإطلاق على البناء انما وقع مجازا بحسب العرف ، والأحكام انما تترتب على المعنى الحقيقي كما لا يخفى ، والاحتمال الآخر لا وجه له بالكلية.

الثالثة ـ المستفاد من رواية محمد بن مسلم المتقدمة ان المقام الذي هو عمود الصخر قد غير عن ما كان عليه في عهد النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وان الحكم في الطواف منوط بمحله الآن.

ويدل على الثاني أيضا صحيحة إبراهيم بن ابي محمود (١) قال : «قلت للرضا (عليه‌السلام) : أصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث

__________________

(١) الوسائل الباب ٧١ من الطواف.

١١٤

هو الساعة أو حيث كان على عهد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله)؟ قال حيث هو الساعة».

وروى الصدوق في الصحيح عن زرارة بن أعين (١) «انه قال لأبي جعفر (عليه‌السلام) : قد أدركت الحسين (عليه‌السلام)؟ قال : نعم اذكر وانا معه في المسجد الحرام وقد دخل فيه السيل والناس يتخوفون على المقام ، يخرج الخارج فيقول : قد ذهب به السيل. ويدخل الداخل فيقول : هو مكانه. قال : فقال : يا فلان ما يصنع هؤلاء؟ فقلت : أصلحك الله (تعالى) يخافون ان يكون السيل قد ذهب بالمقام. قال : ان الله (عزوجل) قد جعله علما لم يكن ليذهب به فاستقروا. وكان موضع المقام الذي وضعه إبراهيم (عليه‌السلام) عند جدار البيت ، فلم يزل هناك حتى حوله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم ، فلما فتح النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مكة رده الى الموضع الذي وضعه إبراهيم ، فلم يزل هناك الى ان ولي عمر ، فسأل الناس من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام؟ فقال له رجل : انا قد كنت أخذت مقداره بنسع (٢) فهو عندي. فقال : ائتني به. فأتاه فقاسه ثم رده الى ذلك المكان».

أقول : ظاهر هذا الخبر لا يخلو من اشكال ، لأنه ربما يفهم من قوله (عليه‌السلام) : «ان الله (تعالى) قد جعله علما لم يكن ليذهب به» انه باعتبار جعله في هذا المكان علامة للطواف لم يكن ليذهب به.

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ١٥٨ ، والوافي باب (قصة هدم الكعبة وبنائها ووضع الحجر والمقام).

(٢) النسع بالكسر : سير ينسج عريضا ليشد به الرحل.

١١٥

وهذا هو الظاهر من كلام جملة من أصحابنا ، حيث أوردوا هذا الخبر في هذا المقام مؤكدين به لرواية محمد بن مسلم وصحيحة إبراهيم بن ابي محمود ، كما في المدارك وشرح الإرشاد للمحقق الأردبيلي (قدس‌سره). وربما يشعر بان ما فعلته الجاهلية وفعله عمر احياء لسنتهم كان أصوب من ما فعله إبراهيم (عليه‌السلام) ورسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بعده ، حيث ان الله (تعالى) جعله في هذا المكان علما. وهو مشكل. والظاهر عندي من معنى كلامه (عليه‌السلام) انما هو الإشارة إلى قوله (تعالى) : «فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ ... الآية» (١) بمعنى ان وجود هذا الحجر الذي قام عليه إبراهيم (عليه‌السلام) في البيت من آياته (عزوجل) لا باعتبار هذه المكان ، وإلا فهذا المكان حد للطواف وضع فيه الحجر أم لم يوضع ، كما في زمانه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) حسبما دلت عليه رواية محمد بن مسلم. والمراد بكونه آية من حيث تأثير قدم إبراهيم (عليه‌السلام) فيه ، فهو آية بينة وعلامة واضحة على قدرة الله (تعالى). وبهذا الوجه ايضا يصح ان يكون علما كما ذكره (عليه‌السلام). وبذلك يظهر انه لا وجه لا يراد هذه الرواية في هذا المقام. والله العالم.

الفصل الثاني

في المندوب وهو أمور :

منها : انه يستحب الوقوف عند الحجر الأسود ، وحمد الله (تعالى) والثناء عليه ، والصلاة على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، ورفع اليدين

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ٩٦.

١١٦

بالدعاء ، واستلام الحجر وتقبيله ، فان لم يمكن مسح عليه بيده ، فان لم يمكن أشار اليه. والدعاء بما يأتي.

ويدل على هذه الجملة ما رواه الشيخ (قدس‌سره) في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا دنوت من الحجر الأسود ، فارفع يديك ، واحمد الله (تعالى) وأثن عليه وصل على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) واسأل الله ان يتقبل منك. ثم استلم الحجر وقبله ، فان لم تستطع ان تقبله فاستلمه بيدك ، فان لم تستطع ان تستلمه بيدك فأشر اليه ، وقل : اللهم أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ، اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك (صلى‌الله‌عليه‌وآله) اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله ، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت وباللات والعزى وعبادة الشيطان وعبادة كل ند يدعى من دون الله (تعالى). فان لم تستطع ان تقول هذا كله فبعضه ، وقل : اللهم إليك بسطت يدي وفي ما عندك عظمت رغبتي فاقبل سبحتي واغفر لي وارحمني ، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة».

قال في الكافي (٢) : وفي رواية أبي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «إذا دخلت المسجد الحرام فامش حتى تدنو من الحجر الأسود فتستقبله ، وتقول : الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٠١ و ١٠٢ عن الكليني ، والوسائل الباب ١٢ من الطواف.

(٢) ج ٤ ص ٤٠٣ ، والتهذيب ج ٥ ص ١٠٢ ، والوسائل الباب ١٢ من الطواف.

١١٧

هدانا الله ، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، أكبر من خلقه ، وأكبر ممن أخشى واحذر ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت ويميت ويحيى بيده الخير وهو على كل شي‌ء قدير. وتصلي على النبي وآل النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وتسلم على المرسلين كما فعلت حين دخلت المسجد. ثم تقول : اللهم اني أومن بوعدك واوفي بعهدك. ثم ذكر كما ذكر معاوية». قوله : «كما فعلت حين دخلت المسجد» إشارة الى ما قدمناه في رواية أبي بصير في آخر البحث من مقدمات الطواف.

فائدة

استلام الحجر : لمسه اما بالتقبيل أو باليد أو نحو ذلك ، قال في القاموس : استلم الحجر : لمسه إما بالقبلة أو اليد. واما ما ورد في صحيحة يعقوب بن شعيب المروية في الكافي (١) ـ قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن استلام الركن. قال : استلامه ان تلصق بطنك به ، والمسح ان تمسحه بيدك». ـ فالظاهر حملها على أخص أفراده ، فإن صحيحة معاوية المذكورة قد صرحت بحصول الاستلام بالمس باليد. قال المرتضى (رضي‌الله‌عنه) : الاستلام : مس السلام بيده. وقيل انه مأخوذ من السلام ، بمعنى أنه يحيي نفسه عن الحجر ، إذ ليس الحجر ممن يحييه ، وهذا كما يقال : اختدم ، إذا لم يكن له خادم سوى نفسه. وقال في كتاب المصباح المنير : واستلأمت الحجر ، قال ابن السكيت : همزته العرب على غير قياس والأصل استلمت ، لانه من السلام وهي

__________________

(١) ج ٤ ص ٤٠٤ ، والوسائل الباب ١٥ و ٢٢ من الطواف.

١١٨

الحجارة. وقال ابن الأعرابي : الاستلام أصله مهموز من الملاءمة وهي الاجتماع. وحكى الجوهري القولين. انتهى. ونقل في التذكرة عن ثعلب انه حكى في الاستلام الهمز وفسره بأنه اتخذه جنة وسلاحا من اللامة وهي الدرع. ومن اخبار المسألة

ما رواه في الكافي (١) في الصحيح أو الحسن عن حريز عن من ذكره عن ابي جعفر (عليه‌السلام) قال : «إذا دخلت المسجد الحرام وحاذيت الحجر الأسود فقل : اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد ان محمدا عبده ورسوله ، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت وباللات والعزى وبعبادة الشيطان وبعبادة كل ند يدعى من دون الله. ثم ادن من الحجر واستلمه بيمينك. ثم تقول : بسم الله والله أكبر اللهم أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي عندك بالموافاة».

وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : ما أقول إذا استقبلت الحجر؟ فقال : كبر وصل على محمد وآله. قال : وسمعته إذا اتى الحجر يقول : الله أكبر السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله».

والاخبار الدالة على استحباب استلام الحجر مع الإمكان كثيرة (٣) إلا انه قد استثنى من هذا الحكم النساء فلا يستحب لهن :

__________________

(١) ج ٤ ص ٤٠٣ و ٤٠٤ ، والوسائل الباب ١٢ من الطواف.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٠٧ ، والوسائل الباب ٢١ من الطواف.

(٣) الوسائل الباب ١٣ و ١٦ من الطواف.

١١٩

لما رواه في الكافي (١) عن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «ليس على النساء جهر بالتلبية ، ولا استلام الحجر ، ولا دخول البيت ، ولا سعى بين الصفا والمروة ، يعني : الهرولة».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «انما الاستلام على الرجل وليس على النساء بمفروض».

وعن فضالة بن أيوب في الصحيح عن من حدثه عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «ان الله وضع عن النساء أربعا ، وعد منها الاستلام».

وروى الصدوق (قدس‌سره) في من لا يحضره الفقيه (٤) في حديث وصية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لعلي (عليه‌السلام) قال : «يا علي ليس على النساء جمعة. الى ان قال : ولا استلام الحجر».

وبإسناده عن ابي سعيد المكاري عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال : «ان الله (تعالى) وضع عن النساء أربعا ، وعد منهن استلام الحجر الأسود».

قال (٦) : وقال الصادق (عليه‌السلام): «ليس على النساء أذان. الى ان قال : ولا استلام الحجر. الحديث».

__________________

(١) ج ٤ ص ٤٠٥ ، والوسائل الباب ١٨ من الطواف.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٤٦٨ و ٤٦٩ ، والوسائل الباب ١٨ من الطواف.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٩٣ ، والوسائل الباب ٣٨ من الإحرام ، والباب ١٨ من الطواف.

(٤) ج ٤ ص ٢٦٣ ، والوسائل الباب ١٨ من الطواف.

(٥) الفقيه ج ٢ ص ٢١٠ ، والوسائل الباب ٣٨ من الإحرام والباب ١٨ من الطواف.

(٦) الفقيه ج ١ ص ١٩٤ ، والوسائل الباب ١٨ من الطواف.

١٢٠