الحدائق الناضرة - ج ١٥

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٥

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

ويمكن الحمل على حال الوضوء ، لما سيأتي ان شاء الله ـ تعالى ـ في المقام.

وهذه الرواية رواها في الوافي (١) بهذا الوجه الذي نقلناه ، والموجود في كتب الحديث (٢) : «عن جعفر بن بشير والمفضل بن عمر» فيكون الحديث صحيحا ، لعطف المفضل على جعفر بن بشير. ولكنه لا يخلو من اشكال ـ كما نبه عليه جملة من المحدثين ـ لان جعفر بن بشير من أصحاب الرضا (عليه‌السلام) فتبعد روايته عن الصادق (عليه‌السلام). واحتمل بعض سقوط الواسطة ، وبعض التحريف في الإتيان بالواو عوض «عن». والظاهر ان ما ذكره في الوافي اجتهاد منه ، كما هي عادته في تصحيح الاخبار متنا وسندا بما ادى اليه فكره.

هذا كله في ما لو كان المس في غير الوضوء ، اما لو كان فيه فالمشهور انه لا شي‌ء عليه.

ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن الهيثم بن عروة التميمي (٣) قال : «سأل رجل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم يريد إسباغ الوضوء ، فتسقط من لحيته الشعرة أو الشعرتان. فقال : ليس بشي‌ء (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)» (٤).

وألحق الشهيد في الدروس بالوضوء الغسل ايضا. قال في المدارك : وهو حسن. بل مقتضى التعليل إلحاق إزالة النجاسة والحك الضروري به ايضا. انتهى.

ونقل في الدروس عن الشيخ المفيد : انه أوجب الكف في السقوط

__________________

(١) باب (الحجامة وازالة الشعر والظفر للمحرم).

(٢ و ٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٣٩ ، والوسائل الباب ١٦ من بقية كفارات الإحرام.

(٤) سورة الحج ، الآية ٧٨.

٥٢١

بالوضوء ، قال : ولو كثر الساقط من شعره فشاة. ولم نقف على دليله ونقل عن سلار : ان في القليل كفا وفي الكثير شاة. وأطلق. ونقل عن الحلبي : في قص الشارب وحلق العامة والإبطين شاة.

السابعة ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) بان في نتف الإبط إطعام ثلاثة مساكين ، وفي نتفهما معا شاة.

واستدلوا على الحكم الأول بما رواه الشيخ عن عبد الله بن جبلة عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) : «في محرم نتف إبطه؟ قال : يطعم ثلاثة مساكين».

وعلى الثاني بما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «إذا نتف الرجل إبطيه بعد الإحرام فعليه دم».

وناقش في المدارك في الحكم الأول من حيث ضعف الرواية بان في طريقها عبد الله بن هلال ، وهو مجهول ، وراويها وهو عبد الله بن جبلة واقفي ، فإن مقتضى صحيحة زرارة (٣) قال : «سمعت أبا جعفر (عليه‌السلام) يقول : من حلق رأسه أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي‌ء عليه ، ومن فعله متعمدا فعليه دم» (٤).

أقول : اما المناقشة الأولى فهي جيدة على أصوله ولا ثمرة لها

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ١١ من بقية كفارات الإحرام.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٣٩ ، والوسائل الباب ١٠ من بقية كفارات الإحرام.

(٤) هكذا وردت العبارة في النسخ ، ومن الواضح انها غير تامة. واللفظ الوارد في المدارك بعد تضعيف رواية عبد الله بن جبلة هو هكذا : «فلو قيل بوجوب الدم في نتف الإبط الواحد لصحيحة زرارة المتقدمة لم يكن بعيدا».

٥٢٢

عندنا. ويمكن الجمع بحمل الصحيحة المذكورة على الإبطين بإرادة الجنس من المفرد المذكور فيها ، فتكون منطبقة مع صحيحة حريز على معنى واحد. إلا ان المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحرفي الوسائل (١) نقل ان الصدوق روى ايضا صحيحة حريز بلفظ : «إبطه» بدون تثنية. ويشكل ذلك بخلو القول المشهور من الدليل ، إذ المستند في وجوب الشاة في الإبطين انما هو صحيحة حريز المذكورة كما عرفت وعلى هذه الرواية فيشكل الحكم في المقام.

وكيف كان فالاحتياط في الدم بنتف الإبط ، لما عرفت.

الثامنة ـ اختلف كلام الشيخ (قدس‌سره) في المحرم هل له ان يحلق رأس المحل؟ فجوزه في الخلاف ، ولا ضمان. وقال في التهذيب : لا يجوز له ذلك.

واحتج في الخلاف بأن الأصل براءة الذمة ، ولم يوجد دليل على الشغل.

واحتج في التهذيب بما رواه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «لا يأخذ الحرام من شعر الحلال».

الفصل الثاني ـ في إخراج الدم ، وقد اختلف الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) في ذلك. ويجب ان يعلم ـ أولا ـ ان أصل الخلاف في المسألة بين المتقدمين انما هو في الحجامة ، كما نقل العلامة في المختلف ، حيث قال : للشيخ في الحجامة قولان : أحدهما ـ التحريم

__________________

(١) الباب ١١ من بقية كفارات الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٦٣ من تروك الإحرام. واللفظ كما في الوسائل.

٥٢٣

إلا مع الحاجة. وبه قال شيخنا المفيد والسيد المرتضى وسلار وابن البراج وأبو الصلاح وابن إدريس ، وهو الظاهر من كلام ابن بابويه وابن الجنيد. والثاني ـ انه مكروه. ذكره في الخلاف ، وبه قال ابن حمزة. ثم قال : والأقرب الأول. وجملة من المتأخرين قد أجروا الخلاف أيضا في إخراج الدم ولو بحك جلده أو بالسواك أو نحو ذلك. وبذلك يظهر لك ان ما ذكره في المدارك ـ بعد ذكر المصنف إخراج الدم بهذه الوجوه بقوله : «القول بالتحريم في الجميع للشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، والمرتضى ، وابن إدريس. ثم نقل القول بالكراهة عن الشيخ في الخلاف ، وجمع من الأصحاب ـ ليس من ما ينبغي. ثم ان ممن اختار القول بالكراهة أيضا المحقق في الشرائع والسيد السند في المدارك.

ويدل على القول الأول ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم يحتجم؟ قال : لا ، إلا ان لا يجد بدا فليحتجم ، ولا يحلق مكان المحاجم».

وعن زرارة في القوى عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٢) قال : «لا يحتجم المحرم إلا ان يخاف على نفسه ان لا يستطيع الصلاة».

وما رواه الشيخ عن الحسن الصيقل عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٣) «عن المحرم يحتجم؟ قال : لا ، إلا ان يخاف التلف ولا يستطيع الصلاة. وقال : إذا آذاه الدم فلا بأس به ويحتجم ، ولا يحلق الشعر».

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ٦٢ من تروك الإحرام.

٥٢٤

وما رواه في الفقيه (١) قال : «سأل ذريح أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم يحتجم؟ فقال : نعم إذا خشي الدم».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم كيف يحك رأسه؟ قال : بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر».

وعن عمر بن يزيد عن ابى عبد الله (عليه‌السلام). الرواية المتقدمة في الفصل الأول (٣) حيث قال فيها : «ويحك الجسد ما لم يدمه».

وفي الصحيح عن الحلبي (٤) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم يستاك؟ قال : نعم ، ولا يدمي».

وما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى (عليه‌السلام) (٥) قال : «سألته عن المحرم هل يصلح له ان يستاك؟ قال : لا بأس ، ولا ينبغي ان يدمي فمه». ولفظ : «لا ينبغي» في الاخبار بمعنى التحريم شائع ، كما نبهنا عليه في غير موضع من ما تقدم.

واما ما يدل على القول الثاني فصحيحة حريز عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٦) قال : «لا بأس ان يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر».

قال في الفقيه (٧) : واحتجم الحسن بن علي (عليهما‌السلام) وهو محرم.

وصحيحة معاوية بن عمار (٨) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : المحرم يستاك؟ قال : نعم. قلت : فإن أدمى يستاك؟

__________________

(١ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ٦٢ من تروك الإحرام.

(٢ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ٧٣ من تروك الإحرام.

(٣) ص ٥١٢.

(٨) الفروع ج ٤ ص ٣٦٦ ، والفقيه ج ٢ ص ٢٢٢ ، والوسائل الباب ٩٢ من تروك الإحرام.

٥٢٥

قال : نعم ، هو من السنة».

وعن معاوية بن عمار في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن المحرم يعصر الدمل ، ويربط عليه الخرقة؟ فقال : لا بأس».

وما رواه في الكافي في الموثق عن عمار الساباطي عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن المحرم يكون به الجرب فيؤذيه. قال : يحكه ، فان سال منه الدم فلا بأس».

وبهذه الأخبار أخذ صاحب المدارك ، ومثله صاحب الذخيرة ، وجمع بينها وبين الاخبار المتقدمة بحمل النهي في الاخبار المتقدمة على الكراهة.

وأنت خبير بما فيه ، كما أشرنا إليه في غير موضع من ما تقدم. على نه انما يتم القول بالكراهة لو لم يمكن هنا وجه آخر للجمع بين الاخبار المذكورة مع انه ليس كذلك ، فان الظاهر في الجمع انما هو حمل هذه الاخبار على الضرورة ، فإن هذه الاخبار مطلقة والاخبار الأول مفصلة بين الاختيار فيحرم والاضطرار فيجوز. والقاعدة تقتضي حمل المجمل على المفصل. فالقول بالكراهة ـ كما صار اليه ـ ضعيف.

واما ما اعتضد به في المدارك من رواية يونس بن يعقوب (٣) ـ قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم يحتجم؟ قال : لا أحبه». قال : فان لفظ : «لا أحبه» ظاهر في الكرامة ـ

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٥٩ ، والفقيه ج ٢ ص ٢٢٢ ، والوسائل الباب ٧٠ من تروك الإحرام رقم ٥ و ١.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٦٧ ، والوسائل الباب ٧١ من تروك الإحرام.

(٣) الوسائل الباب ٦٢ من تروك الإحرام.

٥٢٦

ففيه : ان لفظ : «لا أحبه» وان كان في العرف كما ذكره إلا انه في الاخبار قد استعمل بمعنى التحريم كثيرا ، وقد حققنا سابقا ان هذا من جملة الألفاظ المتشابهة في الاخبار التي لا يجوز حملها على أحد المعنيين إلا بالقرينة.

ثم ان الظاهر من كلام الأصحاب انه على تقدير التحريم فليس فيه إلا مجرد الإثم ، ولا كفارة. وحكى الشهيد في الدروس عن بعض أصحاب المناسك : انه جعل فدية إخراج الدم شاة. وعن الحلبي : انه جعل في حك الجسم حتى يدمي إطعام مسكين.

واعلم ان الخلاف في المسألة بالتحريم والكراهة انما هو عند عدم الضرورة ، وإلا فمعها لا خلاف في الجواز ، كما ذكره

في التذكرة ، وبه صرحت الأخبار المتقدمة ، وعلى تجتمع الاخبار كملا كما ذكرناه.

ويؤيده ما رواه الصدوق عن الحسن الصيقل (١) «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم يؤذيه ضرسه ، أيقلعه؟ فقال : نعم لا بأس به».

ونقل في المدارك عن ابن الجنيد والصدوق : انه لا بأس بقلع الضرس مع الحاجة ، ولم يوجبا به شيئا. ونقل عن الشيخ : ان في قلع الضرس شاة ، استنادا الى ما رواه في التهذيب (٢) عن محمد بن عيسى عن عدة من أصحابنا عن رجل من أهل خراسان : «ان مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شي‌ء : محرم قلع ضرسه. فكتب : يهريق دما». وفيه : ـ مع إرساله ـ ان المكتوب اليه غير معلوم

__________________

(١) الوسائل الباب ٩٥ من تروك الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ١٩ من بقية كفارات الإحرام.

٥٢٧

والاستناد الى ما هذا شأنه وإثبات حكم شرعي به مشكل.

الصنف الخامس عشر والسادس عشر ـ قلع الشجر وقلم الأظفار.

والكلام هنا يقع في مقامين الأول ـ في قلع الشجر ، الظاهر انه لا خلاف بين أصحابنا (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) في انه يحرم على المحرم قطع شجر الحرم ، والحشيش النابت فيه ، عدا ما يأتي استثناؤه في المقام ان شاء الله (تعالى).

وعليه تدل جملة من الاخبار : منها ـ ما رواه الصدوق في الصحيح عن حريز عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) انه قال : «كل شي‌ء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت أو غرسته».

وما رواه الكليني في الحسن عن حريز عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «كل شي‌ء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن شجرة أصلها في الحرم وفرعها في الحل.

فقال : حرم فرعها لمكان أصلها. قال : قلت : فإن أصلها في الحل وفرعها في الحرم؟ فقال : حرم أصلها لمكان فرعها».

ورواه ابن بابويه والكليني في الصحيح نحوا منه (٤). وما رواه الصدوق عن سليمان بن خالد في الصحيح أو الحسن (٥) «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يقطع من الأراك

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ١٦٦ ، والوسائل الباب ٨٦ من تروك الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٨٦ من تروك الإحرام.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ٩٠ من تروك الإحرام.

(٥) الفقيه ج ٢ ص ١٦٦ ، والوسائل الباب ١٨ من بقية كفارات الإحرام.

٥٢٨

الذي بمكة. قال : عليه ثمنه يتصدق به. ولا ينزع من شجر مكة شيئا إلا النخل وشجر الفواكه». ورواه الشيخ عن سليمان بن خالد في الموثق بأدنى تفاوت في المتن (١).

وما رواه الكليني في الحسن أو الصحيح عن حريز عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «لما قدم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة. فساق الحديث الى ان قال نقلا عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : ألا ان الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، فهي حرام بحرام الله الى يوم القيامة ، لا ينفر صيدها ، ولا يعضد شجرها ، ولا يختلى خلاها ، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد. فقال العباس : يا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) إلا الإذخر ، فإنه للقبر والبيوت. فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : إلا الإذخر».

قال الجوهري : الخلى مقصورا : الحشيش اليابس (٣) الواحدة خلاة تقول : «خليت الخلى واختليته» اي جززته وقطعته. وقال في القاموس : الخلى مقصورا : الرطب من النبات ، واحدة خلاة ، أو كل بقلة قلعتها. وفي النهاية : الخلى مقصورا : النبات الرقيق ما دام رطبا ، واختلاؤه قطعه.

وما رواه الشيخ في الموثق عن زرارة (٤) قال : «سمعت أبا جعفر (عليه‌السلام) يقول : حرم الله حرمه بريدا في بريد : ان يختلى

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٧٩ و ٣٨٠ ، والوسائل الباب ١٨ من بقية كفارات الإحرام.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٢٢٥ ، والوسائل الباب ٨٨ من تروك الإحرام.

(٣) ارجع الى الاستدراكات.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٣٨١ ، والوسائل الباب ٨٧ من تروك الإحرام.

٥٢٩

خلاه ، أو يعضد شجره ، إلا الإذخر ، أو يصاد طيره. وحرم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) المدينة ما بين لابتيها : صيدها ، وحرم ما حولها بريدا في بريد : ان يختلى خلاها ، أو يعضد شجرها ، إلا عودي الناضح».

وما رواه الكليني عن زرارة في الموثق (١) قال : «سمعت أبا جعفر (عليه‌السلام) يقول : حرم الله (تعالى) حرمه : أن يختلى خلاه ، أو يعضد شجره ، إلا الإذخر ، أو يصاد طيره».

وما رواه الشيخ عن جميل بن دراج في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «رءاني علي بن الحسين (عليه‌السلام) وانا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى ، فقال : يا بنى ان هذا لا يقلع».

وما رواه الصدوق عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (عليهما‌السلام) (٣) قال : «قلت : المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟ قال : نعم. قلت : فمن الحرم؟ قال : لا».

وما رواه الكليني عن عبد الكريم عن من ذكره عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «لا ينزع من شجر مكة إلا النخل وشجر الفاكهة».

وما رواه الصدوق عن منصور بن حازم (٥) «انه سأل أبا عبد الله

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٢٢٥ ، والوسائل الباب ٨٧ من تروك الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٨٦ من تروك الإحرام.

(٣) الوسائل الباب ٨٥ من تروك الإحرام.

(٤) الفروع ج ٤ ص ٢٣٠ ، والوسائل الباب ٨٧ من تروك الإحرام.

(٥) الوسائل الباب ١٨ من بقية كفارات الإحرام.

٥٣٠

(عليه‌السلام) عن الأراك يكون في الحرم فاقطعه. قال : عليك فداؤه».

واما ما رواه الشيخ عن محمد بن حمران في الصحيح ـ (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن النبت الذي في أرض الحرم ، أينزع؟ فقال : اما شي‌ء تأكله الإبل فليس به بأس ان تنزعه». ـ

فقد أجاب عنه الشيخ (رحمه‌الله) بأنه لا بأس ان تنزعه الإبل لانه يخلى عنها ترعى كيف شاءت. واستشهد بما رواه عن حريز في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «يخلى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء».

إذا عرفت ذلك فاعلم انه قد اختلف الأصحاب في كفارة قلع الشجر ، فقال الشيخ في الخلاف والمبسوط : في الشجرة الكبيرة بقرة ، وفي الصغيرة شاة ، وفي الأغصان قيمته. وقال ابن الجنيد : وان قلع المحرم أو المحل من شجر الحرم شيئا فعليه قيمة ثمنه. وقال أبو الصلاح : في قطع بعض شجر الحرم من أصله دم شاة ، ولقطع بعضها أو اختلاء خلاها ما تيسر من الصدقة. وقال ابن البراج : في ما يجب فيه بقرة ، أو يقلع شيئا من شجر الحرم الذي لم يغرسه هو في ملكه ولا نبت في داره بعد بنائه لها. ولم يفصل بين الكبيرة والصغيرة. وقال ابن حمزة : والبقرة تلزم بصيد بقرة الوحش وقلع شجر الحرم ثم قال : تجب شاة بقلع شجر صفير من الحرم. وقال ابن إدريس : الأخبار واردة عن الأئمة (عليهم‌السلام) بالمنع من قلع شجر الحرم وقطعه ، ولم يتعرض فيها الكفارة لا في الصغيرة ولا في الكبيرة. قال

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٨٩ من تروك الإحرام.

٥٣١

في المختلف : وهذا قول يشعر بسقوط الكفارة. وظاهر المشهور بين المتأخرين القول الأول. وتردد المحقق في الشرائع فيه.

قال في المدارك بعد نقل عبارة المصنف الموافقة لمذهب الشيخ ، وتردده في ذلك : هذا الحكم ذكره الشيخ وجمع من الأصحاب ، واحتج عليه في الخلاف بإجماع الفرقة والاحتياط. واستدل عليه في المنتهى بما رواه الشيخ عن موسى بن القاسم (١) قال : روى أصحابنا عن أحدهما (عليهما‌السلام) انه قال : «إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم لم تنزع ، فإن أراد نزعها نزعها وكفر بذبح بقرة يتصدق بلحمها على المساكين». وهذه الرواية ـ مع ضعفها بالإرسال ، وكونها متروكة الظاهر ـ لا تدل على وجوب الشاة في الشجرة الصغيرة ، ولا على حكم الأبعاض. وقال ابن الجنيد. ثم ساق عبارته المتقدمة. ونقل انه قواه في المختلف ، واستدل عليه برواية سليمان بن خالد عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن رجل قلع من الأراك الذي بمكة. قال : عليه ثمنه». ثم قال : وهذه الرواية ضعيفة السند أيضا فإن من جملة رجالها الطاطري ، وقال النجاشي : انه كان من وجوه الواقفية وشيوخهم. ومن هنا يظهر ان المتجه سقوط الكفارة بذلك مطلقا كما اختاره ابن إدريس ، وان كان اتباع المنقول أحوط. انتهى.

أقول : فيه (أولا) : ما عرفت سابقا في غير موضع من ان الطعن

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٨١ ، والوسائل الباب ١٨ من بقية كفارات الإحرام.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٧٩ و ٣٨٠ ، والوسائل الباب ١٨ من بقية كفارات الإحرام.

٥٣٢

في الاخبار بضعف السند لا يقوم حجة على المتقدمين.

و (ثانيا) : ان طعنه في رواية سليمان بن خالد بما ذكره متجه بناء على نقله الرواية من التهذيب ، فإنها فيه مروية في الموثق الذي يعده في الضعيف ، ولكنها في الفقيه ـ كما قدمنا ذكره ـ صحيحة أو حسنة بإبراهيم بن هاشم ، الذي قد اعتمد حديثه في غير موضع من شرحه ، وان ناقض نفسه فيه أيضا في بعض المواضع ، إلا ان الاتفاق بين أصحاب هذا الاصطلاح على قبول روايته ، وان عدوها في الحسن ، بل عدها في الصحيح جملة من المحققين.

و (ثالثا) : انه قد روى الصدوق ايضا عن منصور بن حازم ـ وطريقه إليه في المشيخة صحيح على ما صرح به العلامة في الخلاصة ـ عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) «انه سأله عن الأراك يكون في الحرم فاقطعه. قال : عليك فداؤه». وهي مطابقة لصحيحة سليمان المذكورة أو حسنته. والمراد بالفداء في رواية منصور هو الثمن المذكور في رواية سليمان بن خالد. وبذلك يظهر ضعف ما اختاره من سقوط الكفارة مطلقا.

وبالجملة فإن الذي وقفت عليه من روايات المسألة هو ما ذكرت ، ومقتضاها وجوب البقرة في نزع الشجرة صغيرة كانت أو كبيرة ، والفدية في غيره من الأراك ونحوه.

أقول : وفي هذا المقام فوائد الأولى ـ يستفاد من صحيحة سليمان ابن خالد وموثقته ومرسلة عبد الكريم استثناء النخل وشجر الفواكه من هذا الحكم. والظاهر انه لا خلاف فيه ، وهو من جملة ما استثناه

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ١٦٦ ، والوسائل الباب ١٨ من بقية كفارات الإحرام.

٥٣٣

الأصحاب ، سواء أنبته الله (تعالى) أو الآدمي ، لإطلاق النص المذكور. وظاهر المنتهى انه اتفاقي. لكن المذكور في كلامهم شجر الفواكه ، حيث عدوه من الأربعة المستثناة في كلامهم. والظاهر ان مرادهم ما يعم النخل. وكيف كان فحيث دل النص عليه يجب استثناؤه.

الثانية ـ الإذخر ، وظاهر المنتهى والتذكرة الإجماع على جواز قطعه وهو من جملة الأربعة المستثناة عندهم. ويدل عليه استثناء الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بالتماس العباس في صحيحة حريز أو حسنته المتقدمة ، ومثلها موثقة زرارة المتقدمة أيضا ، ورواية زرارة الآتية (١).

الثالثة ـ قد دلت صحيحة حريز ـ وهي الاولى من الاخبار المتقدمة ـ على استثناء ما أنبته الإنسان أو غرسه من البقول والزروع والرياحين والشجر ، ولم يذكره الأصحاب من جملة الأربعة التي صرحوا باستثنائها. والرواية المذكورة صحيحة صريحة في استثنائه ، فلا بأس باستثنائه.

الرابعة ـ قد دلت موثقة زرارة على استثناء عودي الناضح ، وهما عودا المحالة المذكورة في جملة الأربعة التي استثناها الأصحاب. والمحالة بفتح الميم : البكرة العظيمة التي يستقى بها ، قاله الجوهري. والمراد العودان اللذان تجعل عليهما المحالة ليستقى بها.

ويدل على ذلك ايضا ما رواه الشيخ بسند فيه إرسال عن زرارة عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٢) قال : «رخص رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في قطع عودي المحالة ـ وهي البكرة التي يستقى بها ـ من شجر الحرم ، والإذخر».

__________________

(١ و ٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٨١ ، والوسائل الباب ٨٧ من تروك الإحرام.

٥٣٤

الخامسة ـ قد استثنى الأصحاب أيضا في جملة الأربعة التي ذكروها ما ينبت في ملك الإنسان.

واستدلوا على ذلك بما رواه حماد بن عثمان في القوى عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) «في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم؟ فقال : ان بنى المنزل والشجرة فيه فليس له ان يقلعها ، وان كانت نبتت في منزله وهو له فليقلعها».

وروى الشيخ عن حماد بن عثمان (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يقلع الشجرة من مضربه أو داره في الحرم. فقال : ان كانت الشجرة لم تزل قبل ان يبني الدار أو يتخذ المضرب فليس له ان يقلعها ، وان كانت طرية عليها فله قلعها».

وعليه يحمل ما رواه في الكافي عن إسحاق بن يزيد (٣) قال : «قلت لأبي جعفر (عليه‌السلام) : الرجل يدخل مكة فيقطع من شجرها؟ قال : اقطع ما كان داخلا عليك ، ولا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك».

والمستفاد من هذه الروايات انه ان سبق الملك للأرض على نبت الشجرة جاز قلعها وإلا فلا.

والظاهر ان ذكر المنزل في الاخبار خرج مخرج التمثيل.

السادسة ـ قال في المدارك : ولا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش ، للأصل. ولانه ميت فلم تبق له حرمة. ولان الخلى المحرم جزه الرطب من النبات لا مطلق النبات.

أقول : فيه : ان ظاهر الاخبار المتقدمة شمول الحكم لليابس والرطب

__________________

(١ و ٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٨٠ ، والوسائل الباب ٨٧ من تروك الإحرام.

(٣) الفروع ج ٤ ص ٢٣١ ، والوسائل الباب ٨٧ من تروك الإحرام.

٥٣٥

من الشجر والحشيش ، وبه يجب الخروج عن حكم الأصل. واما ما ذكره ـ من ان الخلى هو الرطب من النبات ـ فهو مسلم بناء على ما نقله من عبارة القاموس ، حيث انه فسره بذلك ، واما عبارة الصحاح التي قدمنا ذكرها فقد فسره فيها باليابس (١) وقال في كتاب مجمع البحرين في ما اوله الخاء المعجمة : لا يختلى خلاها بضم الخاء وفتح اللام ، اي لا يجز نبتها الرقيق ولا يقطع ما دام رطبا ، وإذا يبس فهو حشيش. وظاهر هذا الكلام ان إطلاق الخلى عليه انما هو ما دام رطبا وإذا يبس يسمى حشيشا. وحينئذ فالحشيش هو اليابس ، مع انه قد دلت صحيحة جميل بن دراج وصحيحة محمد بن مسلم المتقدمتان على تحريم نزع الحشيش. ومع الإغماض عن ما ذكرناه فلا أقل من ان يكون الحشيش شاملا للرطب واليابس ، فإطلاق التحريم في الصحيحتين المذكورتين شامل للفردين. وبذلك قال الشيخ ـ على ما ذكره في المختلف ـ حيث نقل عنه انه قال : حشيش الحرم ممنوع من قلعه ، فان قلعه أو شيئا منه لزمته قيمته. ولا بأس ان تخلي الإبل ترعى. وقال ابن الجنيد : فاما الرعي فيه فمن ما لا اختاره ، لان البعير ربما جذب النبت من أصله. فأما ما حصده الإنسان منه وبقي أصله في الأرض فلا بأس به. أقول : إطلاق صحيحة حريز المتقدمة ـ الدالة على انه يخلى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء ، ومثلها صحيحة محمد بن حمران ـ يدفع ما ذكره من منع الرعي. ومع تسليم ان الخلى عبارة عن الرطب خاصة فتخصيص الخلى بالذكر لا يدل على عدم شمول الحكم لغيره. ومع تسليمه فإنه مخصوص بالحشيش ولا دليل على ذلك في الشجر.

__________________

(١) ارجع الى الاستدراكات.

٥٣٦

واما التعليل بأنه ميت فهو تعليل عليل ميت.

السابعة ـ مقتضى موثقة زرارة المتقدمة تحريم صيد حرم المدينة وشجره. وهو قول الشيخ (قدس‌سره). وقيل بالكراهة ، للأصل. وظاهر الخبر المذكور يوجب الخروج عن هذا الأصل.

الثامنة ـ قال في المدارك : واعلم ان قطع شجر الحرم كما يحرم على المحرم يحرم على المحل ايضا ، كما صرح به الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) ودلت عليه النصوص. وحينئذ فكان المناسب ان لا يجعل ذلك من تروك الإحرام بل يجعل مسألة برأسها كما فعل في الدروس. انتهى. وهو جيد.

أقول : والظاهر ان حكم الحشيش ايضا كذلك. وانه يحل للمحرم قطع الشجر وقلع الحشيش في غير الحرم ، بلا خلاف ولا إشكال في ذلك.

التاسعة ـ قطع العلامة في التذكرة بجواز قطع ما انكسر ولم يبن ، معللا بأنه قد تلف فهو بمنزلة الميت والظفر المنكسر. أقول : وهو لا يخلو من شوب الاشكال.

وجواز أخذ الكمأة ، معللا بأنه لا أصل له فهو كالثمرة الموضوعة على الأرض. أقول : وهو جيد ، فان ظاهر الاخبار المتقدمة التخصيص بالشجر والحشيش ونحوهما من ما لا يتناول ذلك.

ونقل الإجماع على جواز الانتفاع بالغصن المنكسر والورق الساقط إذا كان ذلك بغير فعل الآدمي ، لتناول النهي ما يقطع وهذا لم يقطع. أقول : وهو جيد.

واستقرب الجواز إذا كان بفعل الآدمي ، لأنه بعد القطع يكون

٥٣٧

كاليابس. وتحريم الفعل لا ينافي جواز استعماله. ونسب المنع الى بعض العامة ، قياسا على الصيد يذبحه المحرم (١). ورده ، بان الصيد يعتبر في ذبحه الأهلية. أقول : وهو كذلك.

المقام الثاني ـ في قلم الأظفار ، وفي المنتهى والتذكرة ان على تحريمه إجماع فقهاء الأمصار.

ومستنده أخبار عديدة : منها : ما تقدم في صدر الروايات المنقولة في مسألة إزالة الشعر (٢) من صحيحة زرارة المتضمنة لان من قلم أظفاره متعمدا فعليه دم.

وما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٣) قال : «من قلم أظافيره ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي‌ء عليه ، ومن فعله متعمدا فعليه دم».

وما رواه في الكافي في الموثق عن إسحاق بن عمار (٤) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن رجل نسي ان يقلم أظفاره عند إحرامه. قال : يدعها. قلت : فان رجلا من أصحابنا أفتاه بأن يقلم أظفاره ويعيد إحرامه ، ففعل؟ قال : عليه دم يهريقه». وروى الصدوق عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (عليه‌السلام) (٥) نحوا منه.

وما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن ابى الحسن (عليه‌السلام) (٦) قال : «سألته عن رجل أحرم فنسي ان يقلم أظفاره.

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٣١٦ طبع مطبعة العاصمة.

(٢) ص ٥١١.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من بقية كفارات الإحرام.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ١٣ من بقية كفارات الإحرام.

(٦) التهذيب ج ٥ ص ٣١٤ ، والوسائل الباب ٧٧ من تروك الإحرام.

٥٣٨

قال : فقال : يدعها. قال : قلت : انها طوال؟ قال : وان كانت. قلت : فان رجلا أفتاه أن يقلمها وان يغتسل ويعيد إحرامه ، ففعل؟ قال : عليه دم».

الى غير ذلك من الاخبار الآتية ونحوها.

والمستفاد من هذه الاخبار ترتب الحكم على القلم الذي هو عبارة عن مطلق الإزالة والقطع ، وجملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) انما عبروا في المقام بالقص ، وهو أخص حيث انه عبارة عن القطع بالمقص.

ولو انكسر ظفره وتأذى به فله إزالته ـ بلا خلاف كما نقله في التذكرة ـ وعليه الفدية.

ويدل على الحكمين المذكورين ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن الرجل المحرم تطول أظفاره. قال : لا يقص شيئا منها ان استطاع ، فان كانت تؤذيه فليقصها ، وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام».

ورواه في الفقيه (٢) في الصحيح عن معاوية بن عمار ، والكليني عنه في الصحيح أو الحسن (٣) وفيهما. «سألته عن المحرم تطول أظفاره أو ينكسر بعضها ، فيؤذيه ذلك. قال. الحديث».

واستشكل العلامة الفداء في الصورة المذكورة. والنص يدفعه.

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣١٤ ، والوسائل الباب ٧٧ من تروك الإحرام.

(٢) ج ٢ ص ٢٢٨ ، والوسائل الباب ١٢ من بقية كفارات الإحرام.

(٣) الفروع ج ٤ ص ٣٦٠ ، والوسائل الباب ١٢ من بقية كفارات الإحرام.

٥٣٩

واما ما يلزم من الفدية في ذلك فالمشهور بين الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) ان في تقليم كل ظفر مدا من طعام ، فان قلم أظفار يديه جميعا كان عليه دم شاة ، وكذا في أظفار رجليه ، فان قلم أظفار يديه ورجليه فدمان ان تعدد المجلس وان اتحد فدم واحد. ونقله في المختلف عن الشيخين والسيد المرتضى والصدوق وابن البراج وسلار وابن إدريس. وعن ابن ابي عقيل : ان من انكسر ظفره وهو محرم فلا يقصه ، فان فعل فعليه ان يطعم مسكينا في يده. وقال ابن الجنيد : من قص ظفرا كان عليه مد أو قيمته ، وفي الظفرين مدان أو قيمتهما ، فان قص خمسة أظافير من يد واحدة أو زاد على ذلك كان عليه دم ان كان في مجلس واحد ، فان فرق بين يديه ورجليه كان عليه ليديه دم ورجليه دم. وعن ابى الصلاح : في قص ظفر كف من طعام ، وفي أظفار إحدى يديه صاع ، وفي أظفار كلتيهما دم شاة ، وكذلك حكم أظفار رجليه ، وان قص أظفار يديه ورجليه في مجلس واحد فعليه دم واحد.

أقول : والذي وقفت عليه من اخبار المسألة ما رواه الصدوق في الصحيح عن الحسن بن محبوب عن ابن مهزيار عن ابي بصير (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل قلم ظفرا من أظافيره وهو محرم. قال : عليه مد من طعام حتى يبلغ عشرة ، فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة. قلت : فان قلم أظافير يديه ورجليه جميعا؟ فقال : ان كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم ، وان كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان».

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٢٧ ، والوسائل ١٢ من بقية كفارات الإحرام.

٥٤٠