الحدائق الناضرة - ج ١٥

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٥

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر (١) ـ قال : «سألت أخي (عليه‌السلام) : أظلل وانا محرم؟ فقال : نعم ، وعليك الكفارة. قال : فرأيت عليا إذا قدم مكة ينحر بدنة لكفارة الظل». ـ فيجب تقييده بالأخبار المستفيضة المتقدمة ، وحمله على الضرورة. وحمل جملة من الأصحاب البدنة هنا على الاستحباب ، لما تقدم من ان الواجب شاة. ونحرها بمكة محمول على كون التظليل في إحرام العمرة ، ومنى على ما كان في إحرام الحج ، كما تقدم ويأتي ان شاء الله (تعالى).

ومن الغريب ما وقع لصاحب الوافي في هذا الخبر ، حيث انه قال بعد ذكره (٢) : بيان : يعني : «علي» أبا الحسن الرضا (عليه‌السلام). والظاهر ان السبب فيه ان النسخة التي نقل منها الخبر كان فيها لفظ «عليه‌السلام» في الخبر بعد ذكر «علي» فحمل «عليا» في الخبر على الرضا (عليه‌السلام). وهو غفلة ظاهرة ، فان المراد : «علي» إنما هو علي بن جعفر السائل عن هذه المسألة ، والقائل هو موسى ابن القاسم الراوي عن علي. ولفظ «عليه‌السلام» ليس في شي‌ء من كتب الاخبار.

والظاهر ان مستند ابن ابي عقيل ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «قال الله ـ تعالى ـ في

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من بقية كفارات الإحرام ،.

(٢) باب (تغطية الرأس والوجه والظلال والاحتباء والارتماس للمحرم).

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٣٣ و ٣٣٤ ، والوسائل الباب ١٤ من بقية كفارات الإحرام.

٤٨١

كتابه (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (١) فمن عرض له أذى أو وجع ، فتعاطى ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا ، فالصيام ثلاثة أيام ، والصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام ، والنسك : شاة يذبحها فيأكل ويطعم. وانما عليه واحد من ذلك».

والجواب عنها : ان ما قدمناه من الاخبار وارد في خصوص التظليل ودلالة هذا الخبر عليه انما هي بطريق الإطلاق ، فيحمل على ما عداه جمعا.

واما ما نقل عن الصدوق فالظاهر ان مستنده ما رواه في الكافي عن علي بن أبي حمزة عن ابي بصير (٢) قال : «سألته عن المرأة يضرب عليها الظلال وهي محرمة؟ قال : نعم. قلت : فالرجل يضرب عليه الظلال وهو محرم؟ قال : نعم إذا كانت به شقيقة ، ويتصدق بمد لكل يوم». ورواه الصدوق ايضا بسنده عن علي بن أبي حمزة مثله (٣). وحمل المد هنا على حال الضرورة والعجز عن الشاة.

وكيف كان فهذه الرواية قاصرة عن معارضة ما قدمناه من الاخبار فالعمل على المشهور. والله العالم.

الثانية ـ ظاهر الروايات المتقدمة عدم تكرر الفدية بتكرار التظليل في النسك الواحد. وقوى شيخنا الشهيد الثاني إلحاق المختار به. والأصل يعضده ، وعدم الدليل على التكرر يسعده.

نعم الظاهر تكرره بتكرر النسك ، لما رواه الشيخ عن ابي علي بن

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٩٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ٦ من بقية كفارات الإحرام.

٤٨٢

راشد (١) قال : «قلت له (عليه‌السلام) : جعلت فداك انه يشتد على كشف الظلال في الإحرام ، لأني محرور يشتد علي حر الشمس؟ فقال : ظلل ، وأرق دما. فقلت له : دما أو دمين؟ قال : للعمرة؟ قلت : انا نحرم بالعمرة وندخل مكة فنحل ونحرم بالحج. قال : فارق دمين».

وما رواه في الكافي (٢) عن ابي علي بن راشد قال : «سألته عن محرم ظلل في عمرته. قال : يجب عليه دم. قال : وان خرج الى مكة وظلل وجب عليه ايضا دم لعمرته ودم لحجته».

الثالثة ـ لو زامل الرجل الصحيح عليلا أو امرأة ، اختص التظليل بالعليل أو المرأة دونه ، من غير خلاف يعرف.

وتدل عليه الاخبار المستفيضة المتقدمة من تحريم التظليل للرجل الصحيح. وخصوص ما تقدم في الاخبار التي قدمناها من صحيحة علي ابن مهزيار عن بكر (٣) قال : «كتبت الى ابي جعفر الثاني (عليه‌السلام). الحديث».

واما ما رواه الشيخ عن العباس بن معروف عن بعض أصحابنا عن الرضا (عليه‌السلام) (٤) ـ قال : «سألته عن المحرم له زميل فاعتل فظلل على رأسه ، إله أن يستظل؟ قال : نعم». ـ

فأجاب عنه الشيخ باحتمال عود الضمير في : «إله أن يستظل» الى المريض الذي قد ظلل. وهو جيد. على ان هذه الرواية لا تبلغ حجة في معارضة ما قدمناه من الاخبار وغيرها أيضا.

الرابعة ـ قد صرح شيخنا الشهيد الثاني (نور الله ـ تعالى ـ مرقده

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٧ من بقية كفارات الإحرام.

(٣) ص ١٧٢.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٣١١ ، والوسائل الباب ٦٨ من تروك الإحرام.

٤٨٣

ومضجعه) وغيره بان التظليل انما يحرم حالة الركوب ، فلو مشى تحت الظلال ـ كما لو مشى تحت الجمل والمحمل ـ جاز.

ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع (١) قال : «كتبت الى الرضا (عليه‌السلام) : هل يجوز للمحرم ان يمشى تحت ظل المحمل؟ فكتب : نعم». وبها يخصص إطلاق جملة من الاخبار المتقدمة الدالة على تحريم التظليل مطلقا.

وقال العلامة في المنتهى : انه يجوز للمحرم ان يمشي تحت الظلال وان يستظل بثوب ينصبه إذا كان سائرا أو نازلا ، لكن لا يجعله فوق رأسه سائرا خاصة ، لضرورة وغير ضرورة ، عند جميع أهل العلم.

وظاهر هذا الكلام تحريم الاستظلال في حال المشي بجعل الثوب على رأسه سائرا. والظاهر ان صحيحة ابن بزيع المذكورة لا تنافي ذلك ، فان المتبادر من المشي في ظل المحمل كون المحمل في أحد الجانبين لا على رأسه.

ويؤيده أيضا ما تقدم في صحيحة إسماعيل بن عبد الخالق عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته : هل يستتر المحرم من الشمس؟ فقال : لا».

ودعوى ان المتبادر منها الاستتار حال الركوب ـ كما ذكر في المدارك ـ بعيد. وأكثر الأخبار المتقدمة شاملة بإطلاقها للراكب الماشي ، والحكم فيها وقع معلقا على المحرم مطلقا ، والحج كما يكون راكبا يكون ماشيا.

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٥١ ، والوسائل الباب ٦٧ من تروك الإحرام.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣١٠ ، والوسائل الباب ٦٤ من تروك الإحرام.

٤٨٤

وبالجملة فالظاهر الاقتصار على مورد الصحيحة المذكورة ، وتخصيص الاخبار بخصوص ما اشتملت عليه ، ولا سيما مع تأيده بالاحتياط.

والظاهر ان ما ذكرناه هو مراد شيخنا الشهيد الثاني في ما قدمنا نقله عنه ، لا العموم لما فوق الرأس ، كما يشير اليه تمثيله ، ويشير إليه أيضا ظاهر كلامه في الروضة أيضا ، حيث قال : فلا يحرم ـ يعني : التظليل ـ نازلا إجماعا ، ولا ماشيا إذا مر تحت المحمل ونحوه.

فما ذكره في المدارك من ان المسألة محل تردد ـ فالظاهر انه لا وجه له.

الخامسة ـ قال شيخنا الشهيد (عطر الله مرقده) في الدروس : فرع ، هل التحريم في الظل لفوات الضحى أو لمكان الستر؟ فيه نظر ، لقوله (عليه‌السلام) (١) : «اضح لمن أحرمت له». والفائدة في من جلس في المحمل بارزا للشمس ، وفي من تظلل به وليس فيه. وفي الخلاف : لا خلاف ان للمحرم الاستظلال بثوب ينصبه ما لم يمسه فوق رأسه. وقضيته اعتبار المعنى الثاني. انتهى.

أقول : ظاهره (قدس‌سره) التردد في هذا المقام ، ولا اعرف له وجها إلا دعوى الشيخ في الخلاف الإجماع على ما نقله عنه.

وأنت خبير بان الظاهر من الاخبار المتقدمة هو المعنى الأول ، وقد تكرر فيها الأمر بقوله : «اضح لمن أحرمت له» كما في رواية عثمان ، وصحيحة عبد الله بن المغيرة أو حسنته (٢) ومثله في روايات العامة (٣).

قال في النهاية الأثيرية : «وضحا ظله» اى مات ، يقال :

__________________

(١) الوسائل الباب ٦١ و ٦٤ من تروك الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٦٤ من تروك الإحرام.

(٣) سنن البيهقي ج ٥ ص ٧٠. وارجع الى الاستدراكات.

٤٨٥

«ضحا الظل» إذا صار شمسا ، فإذا صار ظل الإنسان شمسا فقد بطل صاحبه ومنه حديث الاستسقاء : «اللهم ضاحت بلادنا وأغبرت أرضنا» اي برزت للشمس وظهرت ، لعدم النبات فيها ، وهي «فاعلت» من «ضحى» مثل «رامت» من «رمى» وأصلها «ضاحيت» ومنه حديث ابن عمر (١) : «رأى محرما قد استظل ، فقال : اضح لمن أحرمت له».

أي أظهر واعتزل الكن والظل ، يقال : «ضحيت للشمس وضحيت اضحى فيهما» إذا برزت لها وظهرت. قال الجوهري : يرويه المحدثون «اضح» بفتح الالف وكسر الحاء وإنما هو بالعكس. انتهى. ونقل في الوافي عن الأصمعي إنما هو بكسر الالف وفتح الحاء من «ضحيت اضحى» لأنه إنما أمره بالبروز للشمس. ومنه قوله تعالى (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) (٢). انتهى. وبذلك يظهر لك قوة ما ذكرناه.

ويؤيده أيضا ما علل به في جملة من الاخبار (٣) من ان الشمس تغيب بذنوب المحرمين ، يعني : بسبب بروزهم لها وصبرهم على حرارتها فلو جاز ان يستظل بالثوب على رأسه ما لم يمسه ـ كما نقله عن الخلاف ـ لم يكن لهذا التعليل وجه.

ويؤيده أيضا النهي عن الاستتار عن الشمس في صحيحة إسماعيل ابن عبد الخالق وصحيحة سعيد الأعرج (٤). ومجرد النهي في بعض الاخبار عن الكنيسة أو المحمل المظلل أو نحوهما لا يقتضي كون العلة

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٥ ص ٧٠.

(٢) سورة طه ، الآية ١١٩.

(٣) الوسائل الباب ٦٤ من تروك الإحرام.

(٤) ص ٤٧١ و ٤٨٤.

٤٨٦

في التحريم هو الاستتار ، حتى انه لو لم يستتر بهذه الأشياء فلا يضره الاستظلال بغيرها من ما لا يوجب الاستتار. واما المشي في ظلال المحمل ونحوه فإنما قلنا به من حيث النص ، وإلا فعموم الاخبار المشار إليها يشمله.

ويوضح ما قلناه ـ زيادة على ما تقدم ـ ما رواه في الكافي (١) في الصحيح الى المعلى بن خنيس عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «لا يستتر المحرم من الشمس بثوب ، ولا بأس ان يستر بعضه ببعض».

وبذلك يظهر لك ان ما ذكره الشيخ (رحمه‌الله تعالى) وتردد فيه شيخنا المشار اليه لا اعرف له وجها ، بل ظاهر الاخبار يأباه.

السادسة ـ قد تقدم في صحيحة سعيد الأعرج النهي عن ان يستتر المحرم بيده أو بعود. ولعله محمول على الفضل والاستحباب ، لما ورد في الاخبار الكثيرة من جواز ذلك :

ومنها ـ حديث محمد بن الفضيل وبشر بن إسماعيل المتقدم (٢) الدال على ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) تؤذيه الشمس فيستر جسده بعضه ببعض ، وربما ستر وجهه بيده.

ومثله ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «لا بأس ان يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر الشمس ، ولا بأس ان يستر بعض جسده ببعض». ورواية المعلى بن خنيس المتقدمة في سابق هذه الفائدة.

واما ما رواه الصدوق عن عبد الله بن سنان (٤) ـ قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : لأبي ، وشكى اليه حر الشمس

__________________

(١ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ٦٧ من تروك الإحرام.

(٢) ص ٤٧٣.

٤٨٧

وهو محرم وهو يتأذى به ، فقال : ترى ان استتر بطرف ثوبي؟ قال : لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك». ـ

فهو محمول على الضرورة كما هو ظاهر السياق. وقوله : «رأسك» الظاهر انه بدل من الكاف في قوله : «يصبك» وفي بعض النسخ : «يصب رأسك».

السابعة ـ الظاهر انه لا يضر الخشب الباقية في المحمل والعمارية ونحوها بعد رفع الظلال ، لما رواه الفاضل الطبرسي في الاحتجاج (١) في التوقيعات الخارجة الى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري : «انه كتب الى صاحب الزمان (عليه‌السلام) : يسأله عن المحرم يرفع الظلال ، هل يرفع خشب العمارية أو الكنيسة ، ويرفع الجناحين أم لا؟ فكتب (عليه‌السلام) إليه في الجواب : لا شي‌ء عليه في تركه رفع الخشب». ورواه الشيخ في كتاب الغيبة مثله (٢).

واما ما تقدم (٣) من رواية القاسم الصيقل ـ الدالة على ان أبا جعفر (عليه‌السلام) كان يأمر بقلع القبة والحاجبين ـ فالظاهر حمله على الفضل والاستحباب ، كما يعطيه سياق الخبر.

والظاهر ان «الحاجبين» في هذا الخبر وقع تصحيف «الجناحين» كما في الخبر الأول.

الثامنة ـ الظاهر انه لا خلاف ولا إشكال في جواز تظليل النساء والصبيان كما تقدم في جملة من الاخبار السابقة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٦٧ من تروك الإحرام.

(٣) ص ٤٧٢.

٤٨٨

ويزيده تأكيدا ما رواه في الكافي (١) في الحسن عن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) قال : «لا بأس بالقبة على النساء والصبيان وهم محرمون».

المقام الثاني ـ في تغطية الرأس للرجل ، والحكم من ما لا خلاف فيه ، قال العلامة في المنتهى : ويحرم على الرجل حال الإحرام تغطية رأسه. وهو قول علماء الأمصار ، ولا نعلم فيه خلافا.

والأصل فيه الأخبار الكثيرة : ومنها ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة (٢) قال : «قلت لأبي جعفر (عليه‌السلام) : الرجل المحرم يريد ان ينام ، يغطى وجهه من الذباب؟ قال : نعم ، ولا يخمر رأسه».

وفي الصحيح عن حريز (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن محرم غطى رأسه ناسيا. فقال : يلقى القناع عن رأسه ، ويلبي ، ولا شي‌ء عليه».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي (٤) «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم يغطى رأسه ناسيا أو نائما. قال : يلبي إذا ذكر».

وما رواه في الكافي في الصحيح عن عبد الرحمن (٥) ـ والظاهر انه ابن الحجاج ـ قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن المحرم يجد

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٥١ و ٣٥٢ ، والوسائل الباب ٦٥ من تروك الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٥٥ و ٥٩ من تروك الإحرام.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ٥٥ من تروك الإحرام.

٤٨٩

البرد في أذنيه ، يغطيهما؟ قال : لا».

وعن زرارة (١) قال : «سألته عن المحرم ، أيتغطى؟ قال : اما من الحر والبرد فلا».

وفي الحسن عن عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه (عليهما‌السلام) (٢) قال : «المحرمة لا تتنقب ، لأن إحرام المرأة في وجهها ، وإحرام الرجل في رأسه».

وما رواه الحميري في كتاب قرب الاسناد (٣) عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم‌السلام) قال : «المحرم يغطى وجهه عند النوم والغبار الى طرار شعره».

أقول : طرار شعره اي منتهى شعره ، وهو القصاص الذي هو منتهى حد الوجه من الأعلى. وفي اللغة : ان طرة الوادي والنهر : شفيره ، وطرة كل شي‌ء : طرفه.

وتنقيح الكلام في المقام يتوقف على بيان أمور :

الأول ـ قال السيد السند في المدارك : لو ستر رأسه بيده أو ببعض أعضائه فالأظهر جوازه ، كما اختاره العلامة في المنتهى ، واستشكله في التحرير ، وجعل في الدروس تركه اولى. ويدل على الجواز ـ مضافا الى الأصل ، وعدم صدق الستر ، ووجوب مسح الرأس في الوضوء المقتضى لستره باليد في الجملة ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «لا بأس

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٤ من تروك الإحرام.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ٥٥ من تروك الإحرام.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٣٠٨ والوسائل الباب ٦٧ من تروك الإحرام.

٤٩٠

ان يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر الشمس. وقال : لا بأس ان يستر بعض جسده ببعض». انتهى.

وكتب عليه بعض مشايخنا المعاصرين في حواشي الكتاب : أقول : لا دلالة لصحيحة معاوية بن عمار على جواز ستر الرأس من المحرم بيده ، كما زعم الشارح وفاقا للعلامة ، إذ أقصى ما تدل عليه جواز وضع المحرم ذراعه على وجهه ، ومعلوم ان هذا القدر لا يستلزم ستر الرأس قطعا ، بل ولا أبعاضه. مع ان الصحيح من المذهب جواز تغطية الرأس كما ستعلمه. والحاصل ان الخبر لا دلالة له على المدعى بوجه ، وقد اعترف بذلك في الدروس. والعجب من السيد (قدس‌سره) حيث وافق العلامة على هذا الاحتجاج. ومن هنا يظهر ان استشكال العلامة الحكم في التحرير في محله.

ثم كتب (قدس‌سره) في حاشية اخرى : أقول : روى ابن بابويه في الفقيه (١) في القوى عن سعيد الأعرج : «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم ، يستتر من الشمس بعود أو بيده؟ فقال : لا ، إلا من علة». وهو صريح في عدم الجواز إلا مع الضرورة. ولعله منشأ استشكال العلامة في التحرير للحكم ، وحكم الشهيد في الدروس بأولوية تركه. ويؤيده ما رواه أيضا في الفقيه (٢) عن سماعة : «انه سأله عن المحرمة ، تلبس الحرير؟ فقال : لا يصلح ان تلبس حريرا محضا لا خلط فيه ، فاما الخز والعلم في الثوب فلا بأس ان تلبسه وهي محرمة. وان مر بها رجل استترت منه بثوبها ، ولا تستتر بيدها

__________________

(١) ج ٢ ص ٢٢٧ ، والوسائل الباب ٦٧ من تروك الإحرام.

(٢) ج ٢ ص ٢٢٠ ، والوسائل الباب ٣٣ من الإحرام.

٤٩١

من الشمس». وحينئذ يظهر ان ما ذكره (قدس‌سره) من الجواز تعويلا على صحيحة معاوية بن عمار لا يخلو من نظر ، إذ ليست صريحة في المطلوب. انتهى كلامه (قدس‌سره).

وهو محل نظر من وجوه : الأول ـ ان قوله : «إذ أقصى ما تدل عليه جواز وضع المحرم ذراعه على وجهه. الى آخره» ليس في محله ، فان الظاهر ان موضع الاستدلال منها إنما هو قوله : «لا بأس ان يستر بعض جسده ببعض» فإنه دال بإطلاقه على المدعى كما لا يخفى ونحوه في ذلك ما قدمناه من رواية محمد بن الفضيل وبشر بن إسماعيل ورواية المعلى بن خنيس.

الثاني ـ قوله : «ان الصحيح من المذهب جواز تغطية الرأس» فإنه غفلة ظاهرة ، إذ لا خلاف في الحكم كما عرفت ، والاخبار به ـ كما سمعت ـ متظافرة.

الثالث ـ ان ما استند اليه من رواية سعيد الأعرج مردود بما عرفت من معارضتها بما هو أكثر عددا وأصرح دلالة ، فلا بد من تأويلها ، كما قدمنا ذكره من الحمل على الفضل والاستحباب. وعلى ذلك تحمل أيضا رواية سماعة المذكورة ، جمعا بين الاخبار.

الثاني ـ ظاهر الأصحاب القطع بوجوب شاة متى غطى رأسه بثوب أو طينه بطين ، أو ارتمس في الماء ، أو حمل ما يستره. وظاهر العلامة في المنتهى والتذكرة انه إجماع. ولعله الحجة ، فإنا لم نقف في الاخبار على ما يدل على ذلك. وبذلك ايضا اعترف في المدارك. والأصحاب ـ حتى العلامة في المنتهى ـ ذكروا الحكم ولم ينقلوا عليه دليلا ، وكأن مستندهم إنما هو الإجماع.

٤٩٢

إلا انه قد روى الشيخ في الصحيح عن الحلبي (١) قال : «المحرم إذا غطى رأسه فليطعم مسكينا في يده».

وظاهر هذه الرواية ان الواجب في تغطية الرأس عمدا إعطاء مسكين ، لانه مع النسيان لا شي‌ء فيه ، كما تقدم في صحيحة حريز.

وبهذا الخبر أفتى في الوسائل (٢) فقال : «ان المحرم إذا غطى رأسه عمدا لزمه طرح الغطاء وإطعام مسكين ، وان كان ناسيا لزمه طرح الغطاء خاصة ، واستحب له تجديد التلبية» ثم أورد صحيحة الحلبي المذكورة وصحيحة حريز المتقدمة المشار إليها. إلا ان صاحب الوافي إنما نقل صحيحة الحلبي المذكورة بلفظ «وجهه» عوض قوله «رأسه» (٣) ولعل نسخ التهذيب كانت مختلفة في ذلك. وسيأتي ما يؤيد ان المذكور فيها هو لفظ الوجه.

ثم انه على تقدير كون الفدية شاة أو إطعام مسكين ، فهل تتكرر بتكرر الفعل؟ قولان ، واستقرب الشهيد التعدد مع الاختيار دون الاضطرار ، وحكم الشهيد الثاني بعدم التعدد مع الاضطرار ، وكذا مع الاختيار إذ اتحدا المجلس ، واستوجه التعدد مع اختلافه. ولا أعرف لشي‌ء من هذه الأقوال مستندا ، سيما مع كون أصل المسألة خاليا من الدليل على ما يدعونه. وقضية الأصل تقتضي العدم مطلقا.

الثالث ـ قد صرح العلامة ومن تأخر عنه بأنه لا فرق في التحريم

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٠٨ ، والوسائل الباب ٥٥ من تروك الإحرام ، والباب ٥ من بقية كفارات الإحرام. وسيأتي ص ٤٩٧.

(٢) ج ٩ ص ٢٩ رقم ٥ الطبع الحديث.

(٣) وكذلك التهذيب والوسائل الباب ٥٥ من تروك الإحرام.

٤٩٣

بين ان يغطي رأسه بالمعتاد كالعمامة والقلنسوة ، أو بغيره حتى الطين والحناء وحمل متاع يستره.

واعترضهم في المدارك بأنه غير واضح ، قال : لأن المنهي عنه في الروايات المعتبرة تخمير الرأس ، ووضع القناع عليه ، والستر بالثوب لا مطلق الستر. مع ان النهي لو تعلق به لوجب حمله على ما هو المتعارف منه ، وهو الستر بالمعتاد. إلا ان المصير الى ما ذكروه أحوط. انتهى. وهو جيد.

إلا ان ما يأتي من الاخبار الدالة على النهى عن الارتماس تحت الماء ربما يؤيد ما ذكروه. ولكنه إنما يتم لو كان المنع من ذلك من حيث هذه الحيثية ، وهو غير ظاهر من الاخبار المذكورة ، فلعله من جملة محرمات الإحرام كغيره.

ثم نقل عن التذكرة انه لو توسد بوسادة فلا بأس. وكذلك لو توسد بعمامة مكورة ، لأن المتوسط يطلق عليه عرفا انه مكشوف الرأس. ثم قال : وهو حسن :

أقول : لو استلزم التوسد التغطية للزم منه تحريم النوم عليه مضطجعا ، إذ لا بد من وقوع جزء من رأسه على الأرض أو غيرها من ما يجعله تحت رأسه. وهو باطل قطعا.

الرابع ـ قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) بان الرأس هنا عبارة عن منابت الشعر خاصة حقيقة أو حكما. وظاهرهم خروج الأذنين منه.

قال في المسالك : الظاهر ان الرأس هنا اسم لمنابت الشعر حقيقة أو حكما ، فالاذنان ليستا منه ، خلافا للتحرير. انتهى.

٤٩٤

وظاهر العلامة في المنتهى التوقف ، حيث نقل في المسألة قولين للعامة الجواز والمنع (١) ، ولم يتعرض لغير ذلك. ونقل عن العلامة حديثا عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٢) قال : «الأذنان من الرأس».

ويمكن الاستدلال لما ذهب إليه في التحرير برواية عبد الرحمن المتقدمة (٣) الدالة على السؤال عن المحرم يجد البرد في أذنيه ، يغطيهما؟ قال : لا.

الخامس ـ ظاهر الأصحاب (رضوان الله عليهم) عدم الفرق في التحريم بين تغطية الرأس كلا أو بعضا.

واستدل عليه في المنتهى بأن النهي عن إدخال الشي‌ء في الوجود يستلزم النهي عن إدخال أبعاضه. ولهذا لما حرم الله (تعالى) حلق الرأس تناول التحريم حلق بعضه.

وفيه تأمل ، لعدم دليل على ما ادعاه من اللزوم. وما استند اليه من الحلق فإنما هو من حيث الإطلاق الشامل للكل والبعض.

والأجود الاستدلال على ذلك بصحيحة عبد الله بن سنان (٤) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول لأبي ، وشكى اليه حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به ، وقال : ترى ان استتر بطرف ثوبي؟ قال : لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك». والتقريب فيه ان إطلاق النهي عن اصابة الثوب الرأس الصادق ولو ببعضه يقتضي ذلك.

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٢٩٢ طبع مطبعة العاصمة.

(٢) سنن ابن ماجة ج ١ ص ١٦٨.

(٣) ص ٤٨٩ رقم ٥.

(٤) الفقيه ج ٢ ص ٢٢٧ ، والوسائل الباب ٦٧ من بقية كفارات الإحرام.

٤٩٥

واستثنى من ذلك عصام القربة. وعليه تدل صحيحة محمد بن مسلم (١) «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم ، يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى؟ فقال : نعم».

والعصابة عند الحاجة إليها. وعليه تدل صحيحة معاوية بن وهب عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «لا بأس بأن يعصب المحرم رأسه من الصداع».

السادس ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) جواز تغطية الرجل وجهه ، بل قال في التذكرة : انه قول علمائنا اجمع. ونقل في الدروس عن ابن ابي عقيل انه منع من ذلك وجعل كفارته إطعام مسكين في يده. وقال الشيخ في التهذيب : فأما تغطية الوجه فيجوز مع الاختيار غير انه تلزمه الكفارة ، ومتى لم ينو الكفارة لم يجز ذلك.

أقول : ويدل على القول المشهور ما تقدم من صحيحة زرارة ، وما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة (٣) قال : «قلت لأبي جعفر (عليه‌السلام) : المحرم يقع الذباب على وجهه حين يريد النوم فيمنعه من النوم ، أيغطي وجهه إذا أراد ان ينام؟ قال : نعم».

ورواية الحميري المتقدمة (٤) وما رواه الحميري أيضا في كتاب قرب الاسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٢١ ، والوسائل الباب ٥٧ من تروك الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٥٦ و ٧٠ من تروك الإحرام.

(٣) الوسائل الباب ٥٥ من تروك الإحرام رقم ٥ و ٧ عن التهذيب والفقيه.

(٤) الوسائل الباب ٥٩ من تروك الإحرام.

٤٩٦

السلام) قال : «سألته عن المحرم هل يصلح له ان يطرح الثوب على وجهه من الذباب وينام؟ قال : لا بأس».

وما رواه في الكافي عن عبد الملك القمي (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : المحرم يتوضأ ثم يجلل وجهه بالمنديل يخمره كله؟ قال : لا بأس».

وتؤيده حسنة عبد الله بن ميمون المتقدمة.

احتج الشيخ في التهذيب ـ على ما ذهب اليه من لزوم الكفارة بذلك ـ بما رواه في الصحيح عن الحلبي (٢) قال : «المحرم إذا غطى وجهه فليطعم مسكينا في يده. قال : ولا بأس ان ينام المحرم على وجهه على راحلته».

وأجيب عن الرواية بالحمل على الاستحباب ، قال في المدارك : وهو غير بعيد ، لإطلاق الإذن بالتغطية في الاخبار الكثيرة ، ولو كانت الكفارة واجبة لذكرت في مقام البيان. ولا ريب ان التكفير اولى وأحوط. انتهى.

أقول : فيه ما عرفت في غير مقام من ما تقدم من ان الحمل على الاستحباب مجاز لا يصار اليه إلا مع القرينة ، واختلاف الاخبار ليس من قرائن المجاز. مع ان القاعدة المشهورة تقتضي حمل إطلاق الاخبار المذكورة على هذه الرواية ، وغاية ما يلزم بناء على ما ذكره هو تأخير البيان عن وقت الخطاب ، وهو جائز عندهم. مع ان دعوى ان المقام مقام بيان الكفارة ممنوعة ، بل المقام مقام بيان مطلق الجواز

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٤٩ ، والوسائل الباب ٥٩ من تروك الإحرام.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٠٨ ، والوسائل الباب ٥٥ و ٦٠ من تروك الإحرام والباب ٥ من بقية كفارات الإحرام. وتقدم ص ٤٩٣.

٤٩٧

فلا ينافيه التقييد بخبر الكفارة المذكور.

السابع ـ نقل الشهيد في الدروس عن الشيخ في المبسوط ان فدية تغطية المرأة وجهها شاة. وقال الحلبي : لكل يوم شاة ، ولو اضطرت فشاة لجميع المدة. وكذا قال في تغطية الرأس. ولم أقف لشي‌ء من هذين القولين على دليل ، كما عرفت في مسألة تغطية الرجل رأسه. وظاهر الشهيد ـ حيث اقتصر على مجرد نقل القولين المذكورين ـ التوقف في المسألة.

الثامن ـ ظاهر الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) الاتفاق على عدم جواز الارتماس في الماء على وجه يعلو الماء رأسه ، قالوا : لأنه في حكم تغطية الرأس.

أقول : ويدل على المنع من الارتماس جملة من الاخبار :

منها ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «سمعته يقول : لا تمس الريحان وأنت محرم. الى ان قال : ولا ترتمس في ماء تدخل فيه رأسك».

وعن حريز في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) في حديث قال : «ولا يرتمس المحرم في الماء ، ولا الصائم».

وما رواه في الكافي في الصحيح عن يعقوب بن شعيب عن ابي عبد الله

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٨ من تروك الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٣ من ما يمسك عنه الصائم ، والباب ٥٨ من تروك الإحرام.

٤٩٨

(عليه‌السلام) (١) قال : «لا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم».

وروى عن حريز عن من أخبره عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «لا يرتمس المحرم في الماء».

وما رواه عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الاسناد عن إسماعيل بن عبد الخالق (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام): هل يدخل الصائم رأسه في الماء؟ قال : لا ، ولا المحرم. وقال : مررت ببركة بني فلان وفيها قوم محرمون يترامسون ، فوقفت عليهم فقلت لهم : انكم تصنعون ما لا يحل لكم».

أقول : والارتماس الممنوع منه أعم من ان يكون بدخوله ببدنه كملا تحت الماء أو بإدخال رأسه خاصة ، كما تقدم في ارتماس الصائم. والى الثاني تشير صحيحة عبد الله بن سنان.

والظاهر ان رأس المحرم هنا كرأس الصائم ، وقد تقدم في كتاب الصوم انه ما فوق الرقبة.

والمنع في الاخبار إنما تعلق بالارتماس ، فلا بأس بالصب على الرأس ، وان يفيض عليه الماء في غسل وغيره. والظاهر انه لا خلاف فيه.

وتدل عليه جملة من الاخبار ، كصحيحة حريز عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «إذا اغتسل المحرم من الجنابة صب على رأسه الماء ، يميز الشعر بأنامله بعضه عن بعض».

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من ما يمسك عنه الصائم ، والباب ٥٨ من تروك الإحرام.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ٥٨ من تروك الإحرام.

(٤) الوسائل الباب ٧٥ من تروك الإحرام.

٤٩٩

وما رواه الشيخ عن يعقوب بن شعيب في الصحيح (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم ، يغتسل؟ فقال : نعم يفيض الماء على رأسه ، ولا يدلكه».

الى غير ذلك من الاخبار.

الصنف الحادي عشر والثاني عشر ـ الادهان ، وقتل هوام الجسد ، فالكلام هنا يقع في مقامين :

الأول في الادهان ، وينبغي ان يعلم ان الادهان على قسمين : مطيبة وغير مطيبة.

فاما القسم الأول فالظاهر انه لا خلاف في تحريمه على المحرم ، إلا ما ينقل عن الشيخ في الجمل من القول بالكراهة. وهو ضعيف. وقال العلامة في المنتهى : انه قول عامة أهل العلم ، وتجب فيه الفدية إجماعا.

وهل يحرم استعماله قبل الإحرام إذا علم بقاء رائحته إلى وقت الإحرام أم لا؟ قولان ، والمشهور التحريم ، ونقل عن ابن حمزة القول بالكراهة.

والظاهر الأول ، للنهي عنه في عدة روايات : منها ـ ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «لا تدهن حين تريد ان تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر ، من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم. وادهن بما شئت من

__________________

(١) الوسائل الباب ٧٥ من تروك الإحرام.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٢٩ ، والوسائل الباب ٢٩ من تروك الإحرام.

٥٠٠