الحدائق الناضرة - ج ١٥

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٥

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

قال : «ليس للمحرم ان يتزوج ولا يزوج ، فان تزوج أو زوج محلا فتزويجه باطل».

وما رواه الكليني في الحسن عن معاوية بن عمار (١) قال : «المحرم لا يتزوج ولا يزوج ، فان فعل فنكاحه باطل».

وما رواه الكليني والشيخ عن ابي بصير (٢) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : للمحرم ان يطلق ولا يتزوج».

وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «ليس للمحرم ان يتزوج ولا يزوج محلا ، فان تزوج أو زوج فتزويجه باطل.

وان رجلا من الأنصار تزوج وهو محرم فأبطل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) نكاحه».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «سمعته يقول : ليس ينبغي للمحرم ان يتزوج ولا يزوج محلا». ولفظ : «ليس ينبغي» هنا بمعنى التحريم ـ كما هو الشائع في الأخبار ـ بقرينة الأخبار المتقدمة.

وفي الصحيح عن محمد بن قيس عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٥)

__________________

(١) الفروع ج ١ ص ٢٦٧ الطبع القديم ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٣٠ والوسائل الباب ١٤ من تروك الإحرام.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٧٢ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٨٣ ، والوسائل الباب ١٧ من تروك الإحرام.

(٣) الفقيه ج ٢ ص ٢٣٠ ، والوسائل الباب ١٤ من تروك الإحرام.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٣٣٠ ، والوسائل الباب ١٤ من تروك الإحرام.

(٥) التهذيب ج ٥ ص ٣٣٠ ، والوسائل الباب ١٥ من تروك الإحرام.

٣٤١

قال : «قضى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل ان يحل ، فقضى ان يخلي سبيلها ، ولم يجعل نكاحه شيئا حتى يحل ، فإذا أحل خطبها ان شاء ، فان شاء أهلها زوجوه ، وان شاءوا لم يزوجوه».

والمستفاد من هذه الرواية انها بالعقد لا تحرم مؤبدا. وحملها الشيخ على الجاهل جمعا بينها وبين ما رواه عن أديم بن الحر الخزاعي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «ان المحرم إذا تزوج وهو محرم فرق بينهما ، ولا يتعاودان ابدا».

وفي الموثق عن ابن بكير عن إبراهيم بن الحسن عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «ان المحرم إذا تزوج وهو محرم فرق بينهما ثم لا يتعاودان ابدا». ورواه الكليني في الموثق عن ابن بكير عن إبراهيم ابن الحسن مثله (٣).

وما ذكره الشيخ (قدس‌سره) من الجمع جيد ، ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عن زرارة وداود بن سرحان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) في حديث قال فيه : «والمحرم إذا تزوج وهو يعلم انه حرام عليه لم تحل له ابدا».

ويحتمل الجمع ايضا بحمل الروايتين الأخيرتين على الدخول والرواية الأولى على عدم الدخول.

ومثل هاتين الروايتين ما رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه (٥)

__________________

(١ و ٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٢٩ ، والوسائل الباب ١٥ من تروك الإحرام.

(٣) الفروع ج ٤ ص ٣٧٢ ، والوسائل الباب ١٥ من تروك الإحرام.

(٤) الوسائل الباب ٣١ من ما يحرم بالمصاهرة.

(٥) ج ٢ ص ٢٣١ ، والوسائل الباب ١٥ من تروك الإحرام.

٣٤٢

قال : «وقال ـ يعني : أبا عبد الله (عليه‌السلام) ـ من تزوج امرأة في إحرامه فرق بينهما ولم تحل له ابدا». قال (١) : وفي رواية سماعة : «لها المهر ان كان دخل بها».

وبالجملة فالحكم بما ذكره الشيخ من ما لا اشكال فيه.

ونقل في المنتهى إجماع الفرقة على الحكمين المذكورين ، يعني : حكم الجاهل والعامد ، وأسنده في التذكرة إلى علمائنا.

واما ما ذكره في المدارك ـ حيث قال بعد نقل صحيحة محمد بن قيس : ومقتضى الرواية انها لا تحرم مؤبدا بالعقد. وحملها الشيخ على الجاهل ، جمعا بينها وبين خبرين ضعيفين وردا بالتحريم المؤبد بذلك مطلقا. وحملا على العالم. وهو مشكل. لكن ظاهر المنتهى ان الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ، فإن تم فهو الحجة ، وإلا فللنظر فيه مجال ـ

فهو ضعيف لا يلتفت اليه وسخيف لا يعرج عليه. وقد صرح في غير موضع من شرحه ـ بعد إيراد الأخبار الضعيفة بزعمه ، ونقله اتفاق الأصحاب على القول بها ـ انه لا معدل عن ما عليه الأصحاب. بل وافقهم في مواضع لا دليل فيها بالكلية ، كما نبهنا عليه في غير موضع من شرحنا على الكتاب المذكور. على انك قد عرفت في غير موضع من ما قدمنا ان هذا الطعن لا يقوم حجة على المتقدمين الذين لا اثر لهذا الاصطلاح عندهم. مضافا الى ما ذكرناه من وجود المستند لهذا الجمع الذي ذكره الشيخ (رحمه‌الله).

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٣١ ، والوسائل الباب ١٥ من تروك الإحرام.

٣٤٣

الثانية ـ لا خلاف أيضا في تحريم النظر بشهوة ، والتقبيل ، والمس كذلك.

ويدل عليه جملة من الاخبار : منها ـ

ما رواه ثقة الإسلام (قدس‌سره) في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن محرم نظر الى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم. قال : لا شي‌ء عليه ، ولكن ليغتسل ويستغفر ربه. وان حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى فلا شي‌ء عليه ، وان حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو أمذى فعليه دم. وقال في المحرم ينظر إلى امرأته وينزلها بشهوة حتى ينزل. قال : عليه بدنة».

وعن الحلبي في الصحيح أو الحسن عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته. قال : نعم يصلح عليها خمارها ويصلح عليها ثوبها ومحملها. قلت : أفيمسها وهي محرمة؟ قال : نعم. قلت : المحرم يضع يده بشهوة؟ قال : يهريق دم شاة. قلت : فان قبل؟ قال : هذا أشد ينحر بدنة».

ورواية محمد بن مسلم (٣) «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يحمل امرأته أو يمسها فأمنى أو أمذى. فقال : ان حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو لم يمن ، أو أمذى أو لم يمذ ، فعليه دم شاة

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٧٥ ، والوسائل الباب ١٧ من كفارات الاستمتاع.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٧٥ ، والوسائل الباب ١٧ و ١٨ من كفارات الاستمتاع.

(٣) الفقيه ج ٢ ص ٢١٤ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٢٦ ، والوسائل الباب ١٧ من كفارات الاستمتاع.

٣٤٤

يهريقه ، وان حملها أو مسها بغير شهوة فليس عليه شي‌ء ، أمنى أو لم يمن ، أمذى أو لم يمذ».

وعن ابي بصير في الموثق (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل نظر الى ساق امرأة فأمنى. قال : ان كان موسرا فعلية بدنة ، وان كان بين ذلك فبقرة ، وان كان فقيرا فشاة. أما اني لم اجعل ذلك عليه من أجل الماء ولكن من أجل أنه نظر الى ما لا يحل له». ورواه الشيخ في الموثق والصدوق مثله (٢).

وعن علي بن أبي حمزة عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (٣) قال : «سألته عن رجل قبل امرأته وهو محرم. قال : عليه بدنة وان لم ينزل وليس له ان يأكل منها».

وروى الشيخ عن العلاء بن الفضيل (٤) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل وامرأة تمتعا جميعا فقصرت امرأته ولم يقصر فقبلها. قال : يهريق دما ، وان كانا لم يقصرا جميعا فعلى كل واحد منهما ان يهريق دما».

وهذه الاخبار وان كانت ما بين مطلق ومقيد بالشهوة إلا انه يجب حمل مطلقها في ذلك على مقيدها ، فمتى كان النظر أو المس أو التقبيل

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٧٧ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الاستمتاع.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٢٥ ، والفقيه ج ٢ ص ٢١٣ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الاستمتاع.

(٣) الفروع ج ٤ ص ٣٧٦ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٢٧ ، والوسائل الباب ١٨ من كفارات الاستمتاع.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٤٧٣ ، والوسائل الباب ١٨ من كفارات الاستمتاع.

٣٤٥

بشهوة ترتب عليه الكفارة ، وإلا فلا.

واما ما رواه الشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) : «في محرم نظر الى امرأته بشهوة فأمنى. قال : ليس عليه شي‌ء». فقد أجاب عنه الشيخ بالحمل على حال السهو دون حال العمد. ولا بأس به.

واما ما رواه الكليني والشيخ عن مسمع ابي سيار في الحسن (٢) ـ قال : «قال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام) : يا أبا سيار ان حال المحرم ضيقة ، فمن قبل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ، ومن قبل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ، ويستغفر ربه ، ومن مس امرأته بيده وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة ، ومن نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور ، ومن مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شي‌ء عليه». ـ فقد حمله بعض الأصحاب على الاستحباب.

ويؤيده ما رواه الكليني عن الحسين بن حماد (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم يقبل امه. قال : لا بأس هذه قبلة رحمة ، إنما تكره قبلة الشهوة». والمراد بالكراهة هنا التحريم كما تقدم.

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٢٧ ، والوسائل الباب ١٧ من كفارات الاستمتاع.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٧٦ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٢٦ ، والوسائل الباب ١٢ من تروك الإحرام ، والباب ١٨ من كفارات الاستمتاع.

(٣) الفروع ج ٤ ص ٣٧٧ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٢٨ ، والوسائل الباب ١٨ من كفارات الاستمتاع.

٣٤٦

وقد خص التحريم بالشهوة ، كما هو ظاهر الروايات المتقدمة ، وهذه الرواية صريحة في كون التقبيل على غير شهوة ، فوجوب الدم فيها مشكل ، ولا بد من ارتكاب جادة التأويل فيها ، وان كان الاحتياط يقتضي الكف عن التقبيل مطلقا. إلا انه سيأتي في المقام الثاني ان شاء الله (تعالى) فتوى جملة من الأصحاب بمضمون الخبر المذكور.

قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بعد قول المصنف : «ونظرا بشهوة» ما لفظه : لا فرق في ذلك بين الزوجة والأجنبية ، بالنسبة إلى النظرة الاولى ان جوزناها ، والنظر إلى المخطوبة ، وإلا فالحكم مخصوص بالزوجة.

قال في المدارك بعد نقل ذلك : وكأن وجه الاختصاص عموم تحريم النظر إلى الأجنبية على هذا التقدير وعدم اختصاصه بحال الشهوة. وهو جيد. إلا ان ذلك لا ينافي اختصاص التحريم الإحرامي بما كان بالشهوة كما أطلقه المصنف. انتهى.

أقول : الظاهر ان كلامه (قدس‌سره) هنا لا يخلو من خدش ، فإنه متى قيل بتحريم النظر إلى الأجنبية مطلقا ، في أول نظرة أو غيرها ، من محل كان النظر أو محرم ، فالتفصيل بالنسبة إلى المحرم ـ بين ما إذا كان نظره بشهوة فيحرم أو لا بشهوة فيحل ـ لا معنى له ، لان المدعى عموم التحريم للمحرم وغيره ، فكيف يتم ما ادعاه من اختصاص التحريم الإحرامي بما إذا كان بشهوة؟ وبالجملة فإني لا اعرف لهذا الكلام وجه استقامة وان تبعه من تبعه فيه.

الثالثة ـ الشهادة على النكاح وإقامتها ، والحكم في الموضعين من ما ظاهرهم الاتفاق عليه.

٣٤٧

اما الأول فينبغي ان يعلم انه لا فرق في تحريم الشهادة بين ان تكون لمحل أو محرم كما صرحوا به.

والأصل في هذه المسألة ما رواه الكليني والشيخ (عطر الله ـ تعالى ـ مرقديهما) عن الحسن بن علي في الموثق عن بعض أصحابنا عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب ولا يشهد النكاح ، وان نكح فنكاحه باطل». وليس في التهذيب (٢) «ولا يخطب».

وروى الشيخ عن عثمان بن عيسى عن ابن أبي شجرة عن من ذكره عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) : «في المحرم يشهد على نكاح محلين؟ قال : لا يشهد. ثم قال : يجوز للمحرم ان يشير بصيد على محل».

قال الشيخ (قدس‌سره) : قوله : «يجوز للمحرم ان يشير بصيد على محل» إنكار وتنبيه على انه إذا لم يجز ذلك فكذلك لا تجوز الشهادة على عقد المحلين.

قال في المدارك بعد إيراد الخبرين المذكورين : وفي الروايتين قصور من حيث السند ، إلا ان الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب.

أقول : انظر الى تستره (قدس‌سره) في الخروج عن جادة اصطلاحه فان حكمه في هذه المسألة بما ذكره إنما هو من حيث كون ذلك مقطوعا به في كلام الأصحاب ، وحينئذ فإذا كان قطع الأصحاب واتفاقهم

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٧٢ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٣٠ ، والوسائل الباب ١٤ من تروك الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من تروك الإحرام.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣١٥ ، والوسائل الباب ١ و ١٤ من تروك الإحرام.

٣٤٨

على الحكم حجة شرعية ، فما باله يناقش في ذلك في مثل هذه المسألة في مواضع من شرحه؟ ومنها ـ ما تقدم قريبا في صدر المسألة من كون تزويج المحرم عالما عامدا موجبا للتحريم المؤبد. فإن قيل : الفرق بين المسألتين ظاهر ، حيث انه لا معارض لاتفاق الأصحاب هنا بخلاف المسألة المتقدمة ، فإن ظاهر صحيحة محمد بن قيس عدم التحريم مطلقا ، وهو خلاف ما صرح به الأصحاب من التفصيل بالعامد والجاهل. قلنا : ان كان اتفاق الأصحاب على الحكم وقطعهم به حجة شرعية ـ يمكن الاعتماد عليها في إثبات الأحكام ، كما هو ظاهر كلامه في هذا المقام ـ فالواجب عليه الجمع بين الرواية المذكورة وبين كلامهم ، لانه يصير من قبيل تعارض الدليلين في الحكم ، وإلا فلا معنى لكلامه هنا بالمرة.

ثم انه (قدس‌سره) قال : وينبغي قصر الحكم على حضور العقد لأجل الشهادة ، فلو اتفق حضوره لا لأجل الشهادة لم يكن محرما ، ولا يبطل العقد بشهادة المحرم له قطعا ، لان النكاح عندنا لا تعتبر فيه الشهادة. انتهى. وهو جيد.

واما الثاني ـ وهو الإقامة ـ فالمشهور عموم التحريم لما لو تحملها محلا أو محرما ، خلافا للشيخ حيث قيد تحريم إقامة شهادة النكاح على المحرم بما إذا تحملها وهو محرم. ونقل بعض الأصحاب عن بعضهم انه حكم بخطإ هذه النسبة ، وان المنسوب الى الشيخ إنما هو عدم اعتبار الشهادة إذا تحملها محرما. واستوجه العلامة في التذكرة اختصاص التحريم بعقد وقع بين محرمين أو محل ومحرم. وحكى عنه ولده في شرح القواعد انه قال : ان ذلك هو المقصود من كلام الأصحاب. وظاهر كلام

٣٤٩

الأصحاب عموم الحكم بالنسبة إلى العقد الواقع بين محلين أو محرمين أو بالتفريق ، إلا ان الفاضل المذكور حكى عن والده ما عرفت.

وكيف كان فالحكم وان كان من ما ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه إلا انى لم أقف له على دليل.

وبذلك اعترف في المدارك ايضا حيث قال بعد ذكر القول المشهور من عموم المنع : ودليله غير واضح. وقال بعد نقل كلام فخر المحققين المتقدم : ولا بأس به قصرا لما خالف الأصل على موضع الوفاق ان تم ، وإلا اتجه عدم التحريم مطلقا.

ثم قال : وكيف كان فإنما يحرم على المحرم الإقامة إذا لم يترتب على تركها محرم ، فلو خاف به وقوع الزنا المحرم وجب عليه تنبيه الحاكم على ان عنده شهادة لتوقف الحكم على إحلاله ، ولو لم يندفع إلا بالشهادة وجب إقامتها قطعا. انتهى.

وفي وجوب ما أوجبه في الموضعين اشكال ، لعدم الدليل الواضح عليه ، إلا ان يدعى الاستناد في ذلك الى الأدلة العامة من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والتعاون على البر والتقوى ، ونحو ذلك

فروع

الأول ـ إذا وكل في حال الإحرام فأوقع ، فإن كان قبل إحلال الموكل بطل ، وان كان بعده صح. اما صحة العقد بعد الإحلال فللأصل السالم من المعارض ، واما البطلان قبل الإحلال فهو ظاهر الأصحاب من غير خلاف يعرف ، بل قال في المنتهى : ولو وكل محل مخلا في التزويج ، فعقد له الوكيل بعد إحرام الموكل ، لم يصح النكاح سواء حضره الموكل أو لم يحضره ، وسواء علم الوكيل أو لم يعلم.

٣٥٠

واستدل عليه بان الوكيل نائب عن الموكل ، فكان الفعل في الحقيقة مستندا اليه وهو محرم. انتهى. والمسألة لا تخلو من الاشكال ، لعدم الظفر بنص في المقام.

الثاني ـ الظاهر انه لا خلاف في جواز الطلاق للمحرم ، وجواز مراجعة المطلقة ، وشراء الإماء في حال الإحرام.

اما الأول فيدل عليه ـ مضافا الى الأصل السالم عن المعارض ـ صحيحة أبي بصير (١) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : المحرم يطلق ولا يتزوج». رواها المشايخ الثلاثة (نور الله ـ تعالى ـ مراقدهم) في أصولهم (٢).

وروى في الكافي عن حماد بن عثمان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «سألته عن المحرم يطلق؟ قال : نعم».

واما الثاني فللأصل السالم عن المعارض ، حيث ان مورد الأخبار النهي عن النكاح ، والمراجعة ليست ابتداء نكاح ، فلا يشمله النهي المذكور ، لأن المطلقة رجعية في حكم الزوجة. ولا فرق في ذلك بين المطلقة تبرعا والمختلعة إذا رجعت في البذل.

واما الثالث فيدل على جوازه ـ مضافا الى الأصل السالم عن المعارض ـ صحيحة سعد بن سعد عن ابي الحسن الرضا (عليه‌السلام) (٤) قال :

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من تروك الإحرام.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٧٢ ، والفقيه ج ٢ ص ٢٣١ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٨٣.

(٣) الفروع ج ٤ ص ٣٧٣ ، والوسائل الباب ١٧ من تروك الإحرام.

(٤) الفروع ج ٤ ص ٣٧٣ ، والفقيه ج ٢ ص ٣٠٨ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٣١ ، والوسائل الباب ١٦ من تروك الإحرام.

٣٥١

«سألته عن المحرم يشتري الجواري ويبيع؟ قال : نعم».

وإطلاق النص المذكور ـ وكذا كلام الأصحاب في هذا الباب ـ يقتضي عدم الفرق في شراء الإماء بين ان يقصد بذلك الخدمة أو التسري. وهو كذلك ، وان حرمت المباشرة.

وقال شيخنا الشهيد الثاني (طاب ثراه) في المسالك : فلو قصد المباشرة عند عقد الشراء في حال الإحرام حرم ، وهل يبطل الشراء؟ فيه وجه ، منشأه النهي عنه ، والأقوى العدم ، لانه عقد لا عبادة.

وقال سبطه السيد السند في المدارك بعد نقل ذلك عنه : قلت : لا ريب في عدم البطلان ، بل الظاهر عدم تحريم الشراء أيضا ، لأنه ليس منهيا عنه بخصوصه ، ولا علة في المحرم اعني : المباشرة ، فلا يكون تحريمها مستلزما لتحريمه ، كما هو واضح. انتهى. وهو جيد.

الثالث ـ الظاهر انه لا خلاف ولا إشكال في انه متى اتفق الزوجان على وقوع العقد في حال الإحرام بطل ، وسقط المهر قبل الدخول ، سواء كانا عالمين أو جاهلين أو بالتفريق. ويدل عليه عموم الأخبار المتقدمة (١) الدالة على بطلان النكاح في حال الإحرام. وان دخل بها وهي جاهلة ثبت لها المهر بما استحل من فرجها ، وفرق بينهما مؤبدا مع العلم ، ومع الجهل الى ان يحصل الإحلال كما تقدم.

وانما الإشكال في ما إذا اختلفا فادعى أحدهما انه وقع العقد في حال الإحرام وأنكر الآخر فادعى وقوعه في حال الإحلال.

وقد حكم الأكثر من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بان القول قول مدعى الصحة بيمينه ، بمعنى وقوعه في حال الإحلال.

__________________

(١) ص ٣٤٠ الى ٣٤٣.

٣٥٢

واحتجوا على ذلك بوجهين : أحدهما ـ حمل أفعال المسلمين على الصحة. وثانيهما ـ انهما اتفقا على حصول أركان العقد واختلفا في أمر زائد على ذلك ، وهو وقوعه في حال الإحرام ، والأصل عدمه.

وأورد على الأول (أولا) : انه لم يثبت دليل واضح على ان كل فعل صدر عن المسلم لا بد من حمله على الصحة ، بمعنى استتباع الآثار الشرعية ، نعم هو من المقدمات الشائعة بين الفقهاء والدائرة على ألسنتهم ، فإن كانت هذه المقدمة إجماعية فذلك ، وإلا فللنظر فيها مجال.

أقول : ويمكن الاستدلال على ذلك بالحديث المشهور (١) : «احمل أخاك المؤمن على سبعين محملا من الخير. الحديث».

وقولهم (عليهم‌السلام) (٢) : «كذب سمعك وبصرك عن أخيك». وما رواه في الكافي (٣) عن الحسين بن المختار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في كلام له : ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه ، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوء وأنت تجد لها في الخير محملا».

__________________

(١) لم نقف على هذا الحديث بعد الفحص عنه في مظانه. ولعل وصفه بالشهرة إشارة إلى انه مشهور على الألسنة وليس له وجود في كتب الحديث. نعم في البحار ج ١٥ قسم العشرة ص ١٧٠ من الطبع القديم عن مصباح الشريعة عن ابي بن كعب : «إذا رأيتم أحد إخوانكم في خصلة تستنكرونها منه فتأولوا لها سبعين تأويلا ...». وارجع الى الاستدراكات.

(٢) الوسائل الباب ١٥٧ من أحكام العشرة رقم ٤.

(٣) الأصول ج ٢ ص ٣٦٢ ، والوسائل الباب ١٦١ من أحكام العشرة.

٣٥٣

ونحو ذلك من الاخبار الدالة على حسن الظن بالمؤمن.

و (ثانيا) : ان هذا التوجيه إنما يتم إذا كان المدعي لوقوع العقد في حال الإحرام عالما بفساد ذلك ، اما مع اعترافهما بالجهل فلا وجه للحمل على الصحة.

وعلى الثاني ان كلا منهما يدعى وصفا زائدا على أركان العقد ينكره الآخر ، فترجيح أحدهما على الآخر يحتاج الى مرجح.

ثم انه لو كان المدعي لوقوع العقد في حال الإحرام هو الزوج والمنكر المرأة ، فإن كان النزاع بعد الدخول وجب المسمى بأجمعه قولا واحدا ، وان كان قبل الدخول فقيل بتصنيف المهر بذلك ، ونقل عن الشيخ (رحمه‌الله تعالى) ومن تبعه ، لاعترافه بما يمنع من الوطء ، قال في الشرائع : ولو قيل لها المهر كله كان حسنا. واستصحه في المدارك ، قال : لثبوته بالعقد ، وتنصيفه بالمفارقة قبل الدخول على خلاف الأصل ، فيقتصر فيه على موضع النص والوفاق وهو الطلاق ، ولا يلحق به ما أشبهه لبطلان القياس.

ثم قال : وقد قطع الأصحاب بأن قبول قول مدعى الصحة بيمينه انما هو بحسب الظاهر وإلا فيجب على كل واحد منهما في ما بينه وبين الله (تعالى) فعل ما هو حكمه في نفس الأمر ، فإن كان المدعي للصحة هو الزوج ثبت النكاح ظاهرا ، وحرم عليه التزويج بأختها ، ووجب عليه نفقتها ، والمبيت عندها ، ويجب عليها في ما بينها وبين الله (تعالى) ان تعمل بما تعلم انه الحق بحسب الإمكان ولو بالهرب واستدعاء الفراق ، وليس لها المطالبة بشي‌ء من حقوق الزوجية ، ولا بالمهر قبل الدخول اما بعده فتطالب بأقل الأمرين من المسمى ومهر المثل مع جهلها.

٣٥٤

وان كان المدعى للصحة هو المرأة انعكست الأحكام المذكورة ، فلها المطالبة بالنفقة والمهر وسائر حقوق الزوجية ، ولا يحل لها التزويج بغيره ، ولا الأفعال المتوقفة على اذنه بدون اذنه. ونص شيخنا الشهيد الثاني على انه يجوز له بحسب الظاهر التزويج بأختها وخامسة ونحو ذلك من لوازم الفساد ، لأنها كالأجنبية بحسب دعواه.

ثم قال (قدس‌سره) : وانما جمعنا بين هذه الأحكام المتنافية ـ مع ان اجتماعها في الواقع ممتنع ـ جمعا بين الحقين المبنيين على المضايقة المحضة ، وعملا في كل سبب بمقتضاه حيث يمكن.

أقول : والمسألة وان كانت عارية من النص إلا ان ما ذكروه من هذه الأحكام هو المطابق للقواعد والأصول الشرعية. واليه يشير بعض الاخبار التي لا يحضرني الآن موضعها. والله العالم.

الفصل الثاني في الكفارة ، وفيه مسائل الأولى ـ من جامع أمته أو زوجته قبلا أو دبرا محرما بحج أو عمرة ، واجب أو ندب ، عامدا عالما بالتحريم ، قبل المشعر ، فسد حجه ، وعليه إتمامه ، ويلزمه بدنة ، والحج من قابل ، والافتراق إذا بلغا الموضع الذي وقعت فيه الخطيئة بمصاحبة ثالث الى ان يفرغا.

وتفصيل هذه الجملة يقع في مواضع الأول ـ لا خلاف بين الأصحاب في ان الجماع في الفرج في الصورة المذكورة مع العلم والعمد موجب لفساد الحج ، وإتمامه ، والبدنة ، والحج من قابل.

ويدل عليه ـ مضافا الى الاتفاق ـ روايات : منها ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣١٨ ، والوسائل الباب ٣ من كفارات الاستمتاع وستأتي ص ٣٥٨.

٣٥٥

السلام) عن رجل محرم وقع على اهله. فقال : ان كان جاهلا فليس عليه شي‌ء ، وان لم يكن جاهلا فان عليه ان يسوق بدنة ، ويفرق بينهما حتى يقضيا المناسك ويرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا وعليهما الحج من قابل».

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن على المشهور عن زرارة (١) قال : «سألته عن محرم غشي امرأته وهي محرمة. فقال جاهلين أو عالمين؟ قلت : أجبني عن الوجهين جميعا. قال : ان كانا جاهلين استغفرا ربهما ومضيا على حجهما وليس عليهما شي‌ء ، وان كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه ، وعليهما بدنة ، وعليهما الحج من قابل ، فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرق بينهما حتى يقضيا نسكهما ويرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا. قلت : فأي الحجتين لهما؟ قال : الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا ، والأخرى عليهما عقوبة».

وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «في المحرم يقع على اهله؟ قال : ان كان أفضى إليها فعليه بدنة والحج من قابل ، وان لم يكن أفضى إليها فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل. قال : وسألته عن رجل وقع على امرأته وهو محرم. قال : ان كان جاهلا فليس عليه شي‌ء ، وان لم يكن جاهلا فعليه سوق بدنة

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٧٣ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣١٧ ، والوسائل الباب ٣ من كفارات الاستمتاع.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٧٣ و ٣٧٤. والوسائل الباب ٧ و ٣ من كفارات الاستمتاع.

٣٥٦

وعليه الحج من قابل ، فإذا انتهى الى المكان الذي وقع بها فرق محملاهما فلم يجتمعا في خباء واحد ـ إلا ان يكون معهما غيرهما ـ حتى يبلغ الهدي محله».

وعن زرارة (١) قال : «قلت لأبي جعفر (عليه‌السلام) : رجل وقع على اهله وهو محرم؟ قال : أجاهل أو عالم؟ قال : قلت : جاهل قال : يستغفر الله ولا يعود ولا شي‌ء عليه».

وعن علي بن أبي حمزة (٢) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن محرم واقع اهله. فقال : قد اتى عظيما. قلت : قد ابتلى. فقال : استكرهها فعليه أو لم يستكرهها؟ قلت : أفتني فيهما جميعا.

فقال : ان كان استكرهها فعليه بدنتان ، وان لم يكن استكرهها فعليه بدنة وعليها بدنة ، ويفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا إلى مكة ، وعليهما الحج من قابل لا بد منه. قال : قلت : فإذا انتهيا إلى مكة فهي امرأته كما كانت؟ فقال : نعم هي امرأته كما هي. فإذا انتهيا الى المكان الذي كان منهما ما كان افترقا حتى يحلا ، فإذا أحلا فقد انقضى عنهما. ان ابى كان يقول ذلك».

قال في الكافي (٣) : وفي رواية أخرى : «فان لم يقدر على بدنة فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد ، فان لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوما وعليها ايضا كمثله ان لم يكن استكرهها».

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٧٤ ، والوسائل الباب ٢ من كفارات الاستمتاع.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٧٤ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣١٧ ، والوسائل الباب ٤ من كفارات الاستمتاع.

(٣) الفروع ج ٤ ص ٣٧٤ ، والوسائل الباب ٤ من كفارات الاستمتاع.

٣٥٧

وفي الصحيح عن سليمان بن خالد عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن رجل باشر امرأته وهما محرمان ، ما عليهما؟ فقال : ان كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما الهدي جميعا ، ويفرق بينهما حتى يفرغا من المناسك ، وحتى يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا ، وان كانت المرأة لم تعن بشهوة واستكرهها صاحبها فليس عليها شي‌ء».

وما رواه الصدوق في الفقيه (٢) مرسلا قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) : ان وقعت على أهلك بعد ما تعقد الإحرام وقبل ان تلبي فلا شي‌ء عليك ، وان جامعت وأنت محرم قبل ان تقف بالمشعر فعليك بدنة والحج من قابل ، وان جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة وليس عليك الحج من قابل ، وان كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي‌ء عليك».

وما رواه في التهذيب (٣) في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل محرم وقع على اهله. فقال : ان كان جاهلا فليس عليه شي‌ء ، وان لم يكن جاهلا فان عليه ان يسوق بدنة ، ويفرق بينهما حتى يقضيا المناسك ويرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا ، وعليهما الحج من قابل».

وعن معاوية بن عمار في الصحيح (٤) قال : «سألت أبا عبد الله

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٧٥ ، والوسائل الباب ٤ من كفارات الاستمتاع.

(٢) ج ٢ ص ٢١٣ ، والوسائل الباب ١ و ٦ و ٢ من كفارات الاستمتاع.

(٣) ج ٥ ص ٣١٨ ، والوسائل الباب ٣ من كفارات الاستمتاع. وتقدمت ص ٣٥٥.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٣١٨ ، والوسائل الباب ٧ من كفارات الاستمتاع.

٣٥٨

(عليه‌السلام) عن رجل محرم وقع على أهله في ما دون الفرج. قال : عليه بدنة وليس عليه الحج من قابل ، وان كانت المرأة تابعته على الجماع فعليها مثل ما عليه ، وان كان استكرهها فعليه بدنتان ، وعليهما الحج من قابل. آخر الخبر».

وبهذا الاسناد عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة أو قبل ان يأتي المزدلفة فعليه الحج من قابل».

وفي الكافي نحوه (٢). وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) : «في المحرم يقع على اهله؟ قال : يفرق بينهما ولا يجتمعان في خباء ـ إلا ان يكون معهما غيرهما ـ حتى يبلغ الهدي محله».

وقال في كتاب الفقه الرضوي (٤) : «والرفث : الجماع ، فان جامعت وأنت محرم في الفرج فعليك بدنة والحج من قابل ، ويجب ان يفرق بينك وبين أهلك حتى تؤدى المناسك ثم تجتمعان ، فإذا حججتما من قابل وبلغتما الموضع الذي واقعتها فرق بينكما حتى تقضيا المناسك ثم تجتمعان ، فإن أخذتما على غير الطريق الذي كنتما أخذتما فيه العام الأول لم يفرق بينكما. وتلزم المرأة بدنة إذا جامعها الرجل فإن أكرهها لزمه بدنتان ولم يلزم المرأة شي‌ء ، فان كان الرجل جامعها

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣١٩ ، والوسائل الباب ٣ و ٦ من كفارات الاستمتاع.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٧٩ ، والوسائل الباب ٣ من كفارات الاستمتاع.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣١٩ ، والوسائل الباب ٣ من كفارات الاستمتاع.

(٤) ص ٢٧.

٣٥٩

دون الفرج فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل ، فان كان الرجل جامعها بعد وقوفه بالمشعر فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل».

وروى ابن إدريس في مستطرفات السرائر (١) نقلا من نوادر احمد ابن محمد بن ابي نصر عن عبد الكريم عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر (عليه‌السلام) في حديث قال : «قلت له : أرأيت من ابتلى بالرفث ـ والرفث هو الجماع ـ ما عليه؟ قال : يسوق الهدي ، ويفرق بينه وبين اهله حتى يقضيا المناسك ، وحتى يعودا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا. فقلت : أرأيت إن أرادا أن يرجعا في غير ذلك الطريق؟ قال : فليجتمعا إذا قضيا المناسك».

الثاني ـ قد عرفت اتفاق الأصحاب والاخبار المذكورة في ان الجماع في الفرج عالما عامدا موجب للبدنة واعادة الحج ، وانما الخلاف في انه هل الأولى حجة الإسلام والثانية عقوبة أو بالعكس؟ فذهب الشيخ إلى الأول ، ويظهر من المحقق في النافع الميل اليه ، وذهب ابن إدريس الى أن حجة الإسلام هي الثانية دون الاولى ، واختاره العلامة في المنتهى.

والظاهر هو ما ذهب اليه الشيخ ، لحسنة زرارة أو صحيحته المتقدمة (٢) ولا يضر إضمارها كما نبهوا عليه في غير موضع ، سيما إذا كان المضمر مثل زرارة.

قال العلامة في المنتهى : والأقوى عندي قول ابن إدريس ، لأن الأولى فسدت فلا يخرج بها عن عهدة التكليف ، ووجوب المضي فيها

__________________

(١) ص ٤٦٦ ، والوسائل الباب ٣ من كفارات الاستمتاع.

(٢) ص ٣٥٦.

٣٦٠