الحدائق الناضرة - ج ١٥

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٥

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

وظاهر الرواية حصول القتل بالضرب على الأرض ، كما ذكرنا في صدر المسألة. وعبائر الأصحاب في هذا المقام لا تخلو من القصور حيث انهم صرحوا بأنه لو ضرب بطير على الأرض فدم وقيمتان. وهو أعم من ان يكون قتله أم لا ، استند قتله الى الضرب بالأرض أم الى سبب آخر. والحكم في الرواية مبني على القتل المستند الى الضرب على الأرض ، فلو ضرب به الأرض ثم قتله بسبب آخر ، فالظاهر خروجه عن مورد النص.

السادسة ـ من شرب لبن ظبية في الحرم لزمه دم وقيمة اللبن ، ذكره الشيخ وجمع من الأصحاب.

واستدلوا عليه بما رواه الشيخ في التهذيب عن يزيد بن عبد الملك عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) : «في رجل مر وهو محرم في الحرم ، فأخذ عنز ظبية فاحتلبها وشرب لبنها؟ قال : عليه دم وجزاء في الحرم ثمن اللبن».

ومورد الرواية حلب الظبية ثم شرب لبنها ، وعباراتهم في المقام ـ كما نقلناه ـ خالية من ذكر الحلب مرتبة على مجرد الشرب ، وهو خروج عن موضع النص.

ورد الرواية في المدارك بضعف السند ، لجهالة الراوي ، وبان من جملة رجالها صالح بن عقبة ، وقيل : انه كان كذابا غاليا لا يلتفت اليه. ثم قال : والمتجه اطراح هذه الرواية لضعفها ، والاقتصار على وجوب القيمة في الجميع ، لانه على هذا التقدير يكون من ما لا نص فيه

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٧١ و ٤٦٦ ، والفروع ج ٤ ص ٣٩٥ ، والوسائل الباب ٤٤ و ٥٤ من كفارات الصيد.

٢٨١

وفيه (أولا) : ما عرفت آنفا. و (ثانيا) : ان ضعفها بناء على هذا الاصطلاح المحدث مجبور بعمل الأصحاب بها ، فإنه لا راد لها في ما اعلم. وهذه قاعدة كلية عندهم ، وقد وافقهم عليها في غير موضع. و (ثالثا) : ان ما اختاره ـ من الاقتصار على وجوب القيمة بناء على طرح الرواية ـ مبني على كون الاجزاء مضمونة كالجميع ، وهو قد ناقش فيه سابقا. و (رابعا) : ان صالح بن عقبة مشترك بين صالح بن عقبة بن خالد الأسدي ، الذي ذكروا ان له كتابا يرويه عن محمد ابن إسماعيل عن محمد بن أيوب عنه (عليه‌السلام) وبين صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان ، وهذا هو الذي طعنوا عليه بما ذكره ، وهو في الرواية غير متعين للحمل عليه ، بل ربما يبعد إرادته ، لأنهم ذكروا انه روى عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) وروايته هنا عنه (عليه‌السلام) بالواسطة ، فهو الى الحمل على الآخر أقرب.

وفي انسحاب الحكم الى غير الظبية من بقرة الوحش ونحوها وجهان ، أظهرها العدم.

المقام الثاني في اليد ، وفيه أيضا مسائل الاولى ـ لو أحرم ومعه صيد ، زال ملكه عنه ، ووجب إرساله. وهو مقطوع به في كلام الأصحاب ، وأسنده في المنتهى الى علمائنا ، مؤذنا بدعوى الإجماع عليه. ونقل عن ابن الجنيد انه قال : ولا استحب ان يحرم وفي يده صيد.

واستدل على المشهور بما رواه الشيخ عن ابي سعيد المكاري عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «لا يحرم أحد ومعه شي‌ء

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٦٢ ، والوسائل الباب ٣٤ من كفارات الصيد.

٢٨٢

من الصيد حتى يخرجه من ملكه ، فإن أدخله الحرم وجب عليه ان يخليه».

وعن بكير بن أعين في الحسن (١) قال : «سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) عن رجل أصاب ظبيا فادخله الحرم ، فمات الظبي في الحرم. فقال : ان كان حين ادخله خلى سبيله فلا شي‌ء عليه ، وان كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء».

وأنت خبير بأنه لا دلالة في شي‌ء من هذين الخبرين على المدعى بوجه ، اما الأول فإن غاية ما يدل عليه انه يجب إخراجه عن ملكه ، والمدعى خروجه عن ملكه بمجرد الإحرام ، وأحدهما غير الآخر. واما الثاني فغاية ما يدل عليه وجوب الفداء بإمساكه بعد إدخاله الحرم حتى مات.

وقد تقدم تحقيق الكلام في هذه المسألة بجميع شقوقها مستوفى في آخر البحث الأول.

ثم انهم قد صرحوا هنا بأنه لو لم يرسله ومات ضمنه ، وظاهرهم انه لو مات بعد الإحرام ضمنه ، والمستفاد من الاخبار ان الضمان إنما هو بعد إدخاله الحرم وإمساكه لا بعد الإحرام ، لحسنة بكير المذكورة هنا وغيرها من ما تقدم في البحث الأول.

قالوا : وينبغي تقييد وجوب الإرسال بما إذا تمكن من إرساله ، اما لو لم يتمكن وتلف قبل إمكانه ، فالظاهر انه لا ضمان.

قالوا : ولو لم يرسله حتى أحل فلا شي‌ء عليه سوى الإثم. وفي

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٦٢ ، والفروع ج ٤ ص ٢٣٨ ، والوسائل الباب ٣٦ من كفارات الصيد.

٢٨٣

وجوب الإرسال بعد الإحلال قولان.

ولو ادخله الحرم ثم أخرجه ، قيل : وجب إعادته اليه ، لأنه قد صار من صيد الحرم.

ونوقش في تعميم هذا الحكم بالنسبة الى ما عدا الطير ، لاختصاص الروايات المتضمنة لوجوب الإعادة بالطير.

المسألة الثانية ـ لو اجتمع محرم ومحل أو محرمان على صيد ، فأمسك أحدهما وذبح الآخر ، فههنا صور أحدها ـ ان يكون الذابح والممسك محرمين في الحل ، ولا ريب في وجوب الفداء على الذابح كما تقدمت الروايات به صريحة. واما الممسك فلما سيأتي من وجوب الفداء بالدلالة ، فبالإمساك الذي هو اعانة بطريق اولى. وثانيها ـ ان يكون الذابح محرما في الحل والممسك محلا ، والضمان على المحرم خاصة ، والمحل في الحل لا يلزمه شي‌ء ، لأنه لم يهتك حرمه الإحرام ولا حرمة الحرم. وثالثها ـ العكس ، والضمان على الممسك بالتقريب المتقدم. ورابعها ـ الصورة الأولى بعينها في الحرم ، وفيه تضاعف الفداء الذي هو عبارة عن المثل المنصوص في الآية (١) والاخبار والقيمة على كل منهما. وخامسها ـ الصورة الثانية وكون ذلك في الحرم ، وفيه تضاعف الفدية على الذابح خاصة ، والمحل ليس عليه إلا القيمة. وسادسها ـ الصورة الثالثة وكون ذلك في الحرم ، والحكم فيها ظاهر من سابقتها كما لا يخفى.

المسألة الثالثة ـ إذا ذبح المحرم صيدا كان ميتة ، ويحرم على المحل ، وقيل : لا يحرم عليه. وقد تقدم الكلام في ذلك في المسألة

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٩٥.

٢٨٤

الخامسة من البحث الأول فليراجع.

المقام الثالث في التسبيب ، وفيه مسائل الاولى ـ من أغلق على حمام من حمام الحرم وفراخ وبيض ، ضمن بالإغلاق ، فإن زال السبب وأرسلها سليمة سقط الضمان ، ولو هلكت ضمن الحمامة بشاة ، والفرخ بحمل ، والبيضة بدرهم ، ان كان محرما ، وان كان محلا ، ففي الحمامة درهم ، وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيضة ربع درهم. وقيل : يستقر الضمان بنفس الأغلاق.

والأول مذهب جمع من الأصحاب : منهم : الفاضلان والشهيد في الدروس. والثاني قول الشيخ (رحمه‌الله) وعليه يدل ظاهر الخبر الوارد في المسألة ، وهو ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب (١) بسند لا يبعد ان يكون موثقا ، قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل أغلق بابه على حمام من حمام الحرم ، وفراخ ، وبيض. فقال : ان كان أغلق عليها قبل ان يحرم ، فان عليه لكل طير درهما ، ولكل فرخ نصف درهم ، ولكل بيضة ربع درهم ، وان كان أغلق عليها بعد ما أحرم ، فإن عليه لكل طائر شاة ، ولكل فرخ حملا ، وان لم يكن تحرك فدرهم ، وللبيض نصف درهم». وظاهر الرواية ـ كما ترى ـ ظاهر في القول الثاني.

والأولون انما نزلوها على ما إذا هلكت بالإغلاق ، بناء على انه قبل التلف مخاطب بالإطلاق لا بالفداء ولا بالقيمة.

وفيه : انه لا مانع من مخاطبته بالإطلاق مع إيجاب هذه الأشياء

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٠ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الصيد.

٢٨٥

عليه ـ لما فعله من حبسها وتعريضها للهلاك ـ إذا اقتضاه النص ودل عليه. ويؤيده أن حمام الحرم موجب للفداء والقيمة وان كان بالإغلاق ، كما صرح به العلامة في المنتهى وغيره.

واحتمال حمل الأغلاق في الرواية على ما كان في غير الحرم بعيد عن ظاهر الرواية ، واقتضاء ثبوت القيمة على غير المحرم ثبوت القيمة والفداء على المحرم ، فكيف يوجب هنا الفدية خاصة في الحرم على المحرم؟

إلا ان يقال بوجوب الفداء خاصة على المحرم في الحرم في هذا النوع من الإتلاف وان وجب التضاعف في غيره. والظاهر بعده.

قيل : ويمكن تنزيل الرواية على ما إذا جهل حال الحمام وبيضه وفرخه بعد الأغلاق. ويمنع مساواة فدائه لفداء الإتلاف ، لانتفاء الدليل عليه.

أقول : وفي هذه المسألة روايات أخر لم يتعرض لها الأصحاب :

منها ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن إبراهيم بن عمر اليماني وسليمان ابن خالد (١) قالا : «قلنا لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : رجل أغلق بابه على طائر؟ فقال : ان كان أغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة وان كان أغلق الباب قبل ان يحرم فعليه ثمنه».

والصدوق روى هذه الرواية عن سليمان بن خالد (٢) إلا ان فيها «أغلق بابه على طير فمات».

وهي منطبقة على القول الأول ظاهرة فيه واما على رواية الشيخ فيصير سبيلها سبيل الرواية المتقدمة في الاشكال والاحتمال.

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٠ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الصيد.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ١٦٧ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الصيد.

٢٨٦

وكيف كان فإنه يظهر لك ما في كلامه في المدارك ، حيث قال في آخر البحث : «إلا ان ذلك كله موقوف على صحة السند» فان فيه ما يشير الى رد الرواية وما ذكر فيها من البحث من حيث ضعف السند ، وهذه الرواية ـ كما ترى ـ صحيحة السند برواية الشيخين المذكورين. وهي وان لم تتضمن إلا الحمام فقط ، إلا ان الحكم في فراخها وبيضها معلوم من حكمها.

ومنها ـ ما رواه ثقة الإسلام والشيخ (رحمهما‌الله تعالى) عن زياد ابى الحسن الواسطي عن أبي إبراهيم (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن قوم اقفلوا على طير من حمام الحرم الباب فمات. قال : عليهم بقيمة كل طير درهم ، يعلف به حمام الحرم».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) : «في رجل أغلق باب بيت على طير من حمام الحرم فمات. قال : يتصدق بدرهم ، أو يطعم به حمام الحرم».

والخبران محمولان على من فعل ذلك محلا.

وربما يفهم من هذين الخبرين ـ بانضمامهما إلى رواية الصدوق عن سليمان بن خالد المتقدمة ـ ما أشرنا إليه سابقا من اختصاص هذا النوع من الإتلاف بهذا الحكم ، ويحمل إطلاق رواية يونس بن يعقوب وصحيحة سليمان بن خالد برواية الشيخ على ذلك. والاحتياط لا يخفى

الثانية ـ لو نفر حمام الحرم فشاة ، فان لم يرجع فعليه لكل واحدة

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٢٣٤ و ٢٣٥ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٥٠ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الصيد ، والوافي باب (حكم صيد الحرم).

(٢) الفقيه ج ٢ ص ١٦٧ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الصيد.

٢٨٧

شاة ، نقله العلامة في المختلف عن الشيخين وعلي بن الحسين بن بابويه وابن البرج وسلار وابن إدريس وابن حمزة ، قال : وقال ابن الجنيد : ومن نفر طيور الحرم كان عليه لكل طائر ربع قيمته. ثم قال : والظاهر ان مقصوده بذلك إذا رجعت ، إذ مع عدم الرجوع يكون كالمتلف ، فيجب عليه عن كل واحدة شاة. ثم نقل عن الشيخ (رحمه‌الله) ـ حيث حكى كلام المفيد : ان من نفر حمام الحرم فعليه دم شاة إذا رجعت ، فان لم ترجع فعليه لكل طائر شاة ـ انه قال : هذا قد ذكره علي بن الحسين بن بابويه في رسالته ، ولم أجد به حديثا مسندا

أقول : لا يخفى ان ما ذكره الشيخ علي بن الحسين بن بابويه هنا إنما أخذه من كتاب الفقه الرضوي ، وهو مستنده في هذا الحكم وغيره من ما عرفت وستعرف ان شاء الله (تعالى) حيث قال (عليه‌السلام) في الكتاب المذكور (١) : «وان نفرت حمام الحرم فرجعت فعليك في كلها شاة ، وان لم ترها رجعت فعليك لكل طير دم شاة». والعلامة لو نقل صورة عبارته لرأيت هذه العبارة بعينها ، لكنه نقل القول عنه مجملا.

والظاهر ان الشيخ المفيد ومن تبعه إنما تبعوا الشيخ المذكور في ذلك ، لما ذكره شيخنا الشهيد في الذكرى من ان المتقدمين إذا اعوزتهم النصوص رجعوا الى فتاوى علي بن الحسين بن بابويه (رضى الله عنهم جميعا).

والعجب من صاحب المدارك حيث خص ذلك القول بعد نقل عبارة المحقق بالشيخ المفيد ، ثم نقل كلام الشيخ في التهذيب الدال

__________________

(١) ص ٢٩.

٢٨٨

على انه لم يجد به حديثا مسندا ، والقول بذلك كما نقله في المختلف مشهور عن جماعة من المتقدمين كما عرفت.

ثم ان إطلاق التنفير في الخبر المذكور شامل لما لو لم يخرج من الحرم ، وقيده الشهيد في بعض تحقيقاته بما لو تجاوز الحرم. وإطلاق الخبر شامل لما لو كان المنفر محرما أو محلا.

واحتمل بعض الأصحاب وجوب الفداء والقيمة إذا كان محرما في الحرم.

قال في المدارك : وهو بعيد جدا ، اما مع العود فواضح ، واما مع عدمه فلان مثل ذلك لا يعد إتلافا.

قيل : ولو كان المنفر حمامة واحدة ففي وجوب الشاة مع العود وعدمه وجهان ، يبتنيان على ان الحمام اسم جنس أو جمع ، فعلى الأول يتعلق الحكم بالواحدة ، دون الثاني. واستقرب العلامة في القواعد وجماعة عدم وجوب الشاة في تنفير الواحدة مع العود ، حذرا من لزوم تساوي حالتي العود وعدمه ، مع ان مقتضى أصل الحكم الفرق بينهما.

قالوا : ولو كان المنفر جماعة ففي تعدد الفداء عليهم أو اشتراكهم فيه ـ خصوصا مع كون فعل كل واحد لا يوجب النفور ـ وجهان. وكذا الوجهان في إلحاق غير الحمام به.

قال في المدارك بعد ذكر جملة من هذه الفروع : والكلام في فروع هذه المسألة قليل الفائدة ، لعدم ثبوت مستند الحكم من أصله ، كما اعترف به الشيخ وغيره. والمطابق للقواعد عدم وجوب شي‌ء مع العود ، ولزوم فدية التلف على الوجه المقرر في حكم الإحرام والحرم مع عدمه

٢٨٩

ان نزلنا التنفير مع عدم العود منزلة الإتلاف ، وإلا اتجه السقوط مطلقا. انتهى.

أقول : فيه : ان المستند معلوم من ما ذكرنا ، وان خفي عليه وعلى أمثاله من الأصحاب ، كما أشرنا إليه في غير باب من الأبواب ، إلا ان ما ذكروه من الفروع ـ كما هي عادتهم في جميع المسائل المنصوصة ـ لا يخلو أكثره من الإشكال.

الثالثة ـ إذا رمى اثنان فأصاب أحدهما وأخطأ الآخر ، وجب الفداء على كل واحد منهما على المشهور ، اما المصيب فلإصابته ، واما المخطئ فلجرأته.

والأصل في ذلك صحيحة ضريس بن أعين (١) قال : «سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) عن رجلين محرمين ، رميا صيدا فأصابه أحدهما. قال : على كل واحد منهما الفداء».

ورواية إدريس بن عبد الله (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن محرمين يرميان صيدا فأصابه أحدهما ، الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما؟ قال : عليهما جميعا ، يفدي كل واحد منهما على حدته».

وقال ابن إدريس : لا يجب على المخطئ شي‌ء ، إلا ان يدل ، فيجب للدلالة لا للرمي. والروايتان المذكورتان حجة عليه.

قيل : ولو تعدد الرماة ففي تعدى الحكم الى الجميع أوجه ، أوجهها لزوم فداء واحد لجميع من أخطأ.

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٢ ، والوسائل الباب ٢٠ من كفارات الصيد.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٥١ ، والوسائل الباب ٢٠ من كفارات الصيد.

٢٩٠

والأظهر عدم تعدي هذا الحكم الى المحلين إذا رميا الصيد في الحرم بالنسبة إلى القيمة ، قصرا لما خالف الأصل على موضع النص والوفاق

الرابعة ـ إذا أوقد جماعة محرمون نارا ، فوقع فيها صيد ، لزم كل واحد منهم فداء ، إذا قصدوا بذلك الاصطياد ، وإلا فداء واحد والأصل في ذلك ما رواه ثقة الإسلام في الصحيح عن ابي ولاد (١) قال : «خرجنا ستة نفر من أصحابنا إلى مكة ، فأوقدنا نارا عظيمة في بعض المنازل ، أردنا أن نطرح عليها لحما نكببه ، وكنا محرمين ، فمر بها طائر صاف مثل حمامة أو شبهها ، فاحترقت جناحاه فسقط في النار فمات ، فاغتممنا لذلك ، فدخلت على ابي عبد الله (عليه‌السلام) بمكة فأخبرته وسألته ، فقال : عليكم فداء واحد ، دم شاة ، تشتركون فيه جميعا ، لان ذلك كان منكم على غير تعمد ، ولو كان ذلك منكم تعمدا ليقع فيها الصيد فوقع ، ألزمت كل رجل منكم دم شاة. قال أبو ولاد : وكان ذلك منا قبل ان ندخل الحرم».

ومورد الرواية الطير ، وان ذلك كان منهم بعد الإحرام وقبل دخول الحرم. والمحقق في المعتبر عبر بالصيد ، وظاهره انه أعم من الطائر وغيره. ولا بأس به ، لقوله (عليه‌السلام) : «ليقع فيها الصيد» وألحق جمع من الأصحاب بذلك المحل في الحرم بالنسبة إلى لزوم القيمة ، وصرحوا باجتماع الأمرين على المحرم في الحرم. قال في المدارك : وهو جيد مع القصد بذلك الى الاصطياد ، اما بدونه فمشكل ، لانتفاء النص. وهو جيد.

وقيل : ولو اختلفوا في القصد وعدمه ، بان قصد بعض درن بعض ،

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٩٢ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٥٢ ، والوسائل الباب ١٩ من كفارات الصيد.

٢٩١

اختص كل بحكمه ، فيجب على كل من القاصدين فداء ، وعلى جملة الغير القاصدين فداء واحد. قيل : ولو كان غير القاصد واحدا فإشكال ينشأ من مساواته للقاصد ، مع انه أخف منه حكما. واحتمل الشهيد في الدروس مع اختلافهم في القصد ان يجب على من لم يقصد ما كان يلزمه مع عدم قصد الجميع ، فلو كانا اثنين مختلفين ، فعلى القاصد شاة ، وعلى الآخر نصفها ، لو كان الواقع كالحمامة. قال في المدارك : وهو حسن.

وجميع هذه التفريعات لا تخلو من الإشكال.

الخامسة ـ لا خلاف بين الأصحاب في ان من دل على صيد فقتل ، فإنه يضمنه.

وعلى ذلك تدل جملة من الاخبار : منها ـ ما رواه ثقة الإسلام في الصحيح عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «لا نستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام ، ولا وأنت حلال في الحرم ، ولا تدلن عليه محلا ولا محرما فيصطاده ، ولا تشر اليه فيستحل من أجلك ، فإن فيه فداء لمن تعمده».

وروى في الكافي والتهذيب في الصحيح عن منصور بن حازم عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «المحرم لا يدل على الصيد ، فان دل عليه فقتل فعليه الفداء». ورواه الشيخ في موضع من التهذيب (٣) بغير لفظ : «قتل».

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ١ من تروك الإحرام ، والباب ١٧ من كفارات الصيد.

(٣) ج ٥ ص ٣١٥ ، وأورده أيضا ص ٤٦٧.

٢٩٢

وظاهر الخبرين المذكورين ان الضمان إنما يترتب على الدلالة إذا حصل الإتلاف ، وهو الذي صرح به جمهور الأصحاب. وعن ابن البراج إطلاق الحكم ، قال في المختلف : وقال ابن البراج : من دل على صيد فعليه الفداء. ولم يقيد بالقتل ، فان قصد الإطلاق فهو ممنوع. لنا : انه مع عدم القتل لم يحصل على الصيد جناية مباشرة ولا مسببة فلا ضمان. احتج بما رواه منصور بن حازم عن الصادق (عليه‌السلام). ثم ساق الرواية بهذه الكيفية : «فإن دل فعليه الفداء» والجواب : الرواية محمولة على ما قيدناه. انتهى.

أقول : لا حاجة الى التقييد ، فإن الرواية ـ كما في الكافي والتهذيب كما عرفت ـ مشتملة على القتل ، وسقوطه من هذه الرواية المذكورة إنما حصل من قلم الشيخ (رحمه‌الله) كما لا يخفى على من أحاط خبرا بما وقع له في التهذيب من السهو في المتون والأسانيد بما يضيق عن نشره نطاق البيان.

وقد قطع الأصحاب أيضا بضمان المحل في الحرم بالدلالة ، وبه صرحت صحيحة الحلبي المذكورة.

اما المحل في الحل فالظاهر انه لا يلزمه شي‌ء ، سواء كان المدلول محرما أو محلا في الحرم ، وان أثم بذلك. ونقل عن العلامة في المنتهى انه احتمل الضمان على هذا التقدير ايضا.

قال في المدارك : واعلم ان صور المسألة ترتقي إلى اثنتين وثلاثين صورة ، لأن الدال والمدلول اما ان يكونا محلين أو محرمين أو بالتفريق وعلى كل تقدير فاما ان يكونا في الحل أو في الحرم أو بالتفريق ، فهذه ست عشرة صورة ، وعلى كل تقدير فاما ان يكون الصيد في الحل أو في الحرم ، وأحكامها تعلم من ما ذكرناه. انتهى.

٢٩٣

السادسة ـ قالوا : لو وقع الصيد في الشبكة فأراد تخليصه فهلك أو عاب ضمنه. ولم أقف لهم في هذا الحكم على مستند. ولعل مستنده هو الإجماع ، كما يفهم من المنتهى على ما نقله عنه المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد ، حيث قال : واما دليل ضمان المخلص وكفارته لعله الإجماع المفهوم من المنتهى ، حيث ما نقل الخلاف إلا عن العامة (١) قال المصنف في المنتهى : لو خلص صيدا من سبع أو شبكة أو أخذه ليخلص من رجله خيطا ونحوه ، فتلف بذلك ، كان عليه الضمان. الى قوله : لنا : عموم الأدلة الواردة بوجوب الجزاء. ثم قال المحقق المذكور : الإجماع غير ظاهر ، والعموم لا تظهر دلالته والأصل دليل قوي ، والظاهر ان فعله إحسان ومشروع ، ولا سبيل على المحسنين (٢) انتهى. وهو جيد. وبنحو ذلك صرح في المسالك.

وعلى منوالهما نسج السيد السند في المدارك فقال بعد نقل عبارة المصنف الدالة على الضمان : هذا الحكم مشكل على إطلاقه ، وينبغي القطع بعدم الضمان مع انتفاء التعدي والتفريط ، لان تخليصه على هذا الوجه مباح ، بل إحسان محض ، وما على المحسنين من سبيل (٣) ومثله ما لو خلص الصيد من فم هرة أو سبع أو من شق جدار ، أو أخذه ليداويه ويتعهده ، فمات في يده. انتهى.

وظاهر العلامة في التذكرة التوقف في ذلك. واستشكله في القواعد أيضا.

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٤٥٢ طبع مطبعة العاصمة.

(٢) لقوله تعالى في سورة التوبة ، الآية ٩١ (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ).

(٣) سورة التوبة ، الآية ٩١.

٢٩٤

وقيل في وجه الاشكال : ان منشأه ، من تعارض العموم الدال على ان من اثبت يده على صيد ضمنه ، ومن قوله (عزوجل) (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (١) والتخليص إحسان محض.

قال المحقق الشيخ علي في الشرح : الضمان أحوط ، وان كان العدم قويا ، لعموم قوله (تعالى) (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (٢). ولا يعارض بعموم الضمان بإثبات اليد على الصيد ، لان الترجيح للأول بالأصل ، وباذن الشارع بهذا الفعل. انتهى.

وبالجملة فالظاهر العدم حتى يقوم الدليل الصحيح الصريح.

السابعة ـ قالوا : إذا أغرى كلبه بصيد فقتله ضمن ، لانه سبب في إتلافه. والحق العلامة (قدس‌سره) بالإغراء بالصيد حل المحرم رباط الكلب عند معاينة الصيد ، لانه يصيد بطبعه عند المعاينة ، فيكون سببا في إتلافه. واستحسنه في المدارك. ولو أغراه عابثا من غير معاينة صيد ، واتفق خروج الصيد ، ففي الضمان وعدمه تردد ، ينشأ من عدم قصد الصيد ، ومن حصول التلف بسببه ، وعدم تأثير الجهالة في ذلك ، لان الصيد يضمن مع الجهل.

الثامنة ـ قالوا : لو أمسك المحرم صيدا له طفل فمات الطفل ضمن لانه سبب في الإتلاف ، وهو أقوى من الدلالة المقتضية للضمان بالنص الصحيح المتقدم. واما الصيد الممسك ، فان تلف بالإمساك ايضا ضمنه ، وإلا فلا. وكذا يضمن الطفل المحل لو كان الإمساك في الحل والطفل في الحرم. أما الأم لو ماتت فلا ، لانه ليس محرما ولا جنايته في الحرم. ولو انعكس الفرض بأن أمسك الأم محلا في الحرم والطفل في الحل ،

__________________

(١ و ٢) سورة التوبة ، الآية ٩١.

٢٩٥

ففي ضمان الطفل إشكال ، ينشأ من كونه في الحل فلا يكون مضمونا ومن كون الإتلاف بسبب صدر في الحرم ، كما ورد في الرمي في الحرم الصيد في الحل ، من «ان الآفة جاءت من قبل الحرم» (١). وقوى شيخنا الشهيد الثاني : الثاني.

التاسعة ـ قالوا : إذا رمى المحرم صيدا فاضطرب ، فقتل فرخا أو صيدا آخر ، كان عليه فداء الجميع ، اما ضمان الصيد المرمي فواضح ، واما ضمان الآخرين فلمكان السببية كالدلالة. ولا فرق في ذلك بين المحرم في الحل والمحل في الحرم ومن جميع الوصفين ، فيلحق كل واحد ما يلزمه شرعا.

العاشرة ـ قالوا : السائق يضمن ما تجنيه دابته ، وكذا الراكب إذا وقف بها ، وإذا سار ضمن ما تجنيه بيديها. وإطلاق ضمان السائق والراكب في حال الوقوف ما تجنيه الدابة يشمل ما تجنيه بيديها أو رجليها أو رأسها. ومقتضى تخصيص ضمان الراكب إذا كان سائرا بما تجنيه بيديها يقتضي عدم ضمان ما تجنيه برأسها أو رجليها. والحق العلامة هنا الرأس باليدين ، واقتصر على سقوط ضمان جناية الرجلين خاصة. واستدل عليه بما روى عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٢) «الرجل جبار» يعني : هدر. قال في المدارك : ولم أقف في هذا التفصيل على رواية من طرق الأصحاب ، إلا ان حكمها في مطلق الجناية كذلك. انتهى.

أقول : والذي وقفت عليه من الاخبار من ما يتعلق بهذه المسألة

__________________

(١) ص ٣٠٧.

(٢) سنن البيهقي ج ٨ ص ٣٤٣.

٢٩٦

ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابي الصباح الكناني (١) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : ما وطأته أو وطأه بعيرك أو دابتك وأنت محرم فعليك فداؤه».

وهي ـ كما ترى ـ مطلقة في ضمان ما تطأه الدابة ، من غير فرق بين اليدين والرجلين ، ولا حال الوقوف والسير.

وذكر العلامة في المنتهى : ان الدابة لو انقلبت فأتلفت صيدا يضمنه ، لانتفاء اليد والحال هذه. ولقول النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٢) : «العجماء جبار».

واحتمل في المدارك قويا عدم الضمان إذا أتلفت شيئا وهي سائبة للرعي أو الاستراحة ، للأصل. وانتفاء اليد. وعدم العموم في الخبرين المتقدمين. وتردد فيه في الذخيرة ، نظرا الى عموم الروايتين السابقتين بحسب ظاهر اللفظ. وتبادر الدابة التي ركب عليها. أقول : لا يخفى ضعف الوجه الأول من وجهي التردد.

ومورد الرواية ضمان المحرم ، اما المحل في الحرم فلم أقف على ما يدل على حكمه ، إلا ان الأصحاب قاطعون بان ما يضمنه المحرم يضمنه المحل في الحرم ، ويتضاعف الجزاء عند الاجتماع.

البحث الرابع في صيد الحرم

وفيه مسائل الأولى ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٥ ، والوسائل الباب ٢٣ و ٥٣ من كفارات الصيد.

(٢) الوسائل الباب ٣٢ من موجبات الضمان من كتاب الديات.

٢٩٧

عليهم) بأنه يحرم من الصيد على المحل في الحرم ما يحرم على المحرم في الحل ، والظاهر انه مجمع عليهم بينهم ، كما حكاه في المنتهى.

ويدل عليه جملة من الروايات ، ومنها ـ ما رواه الكليني في الصحيح عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «لا تستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام ، ولا وأنت حلال في الحرم».

وقد تقدم في المسألة السادسة من البحث الأول جملة من الاخبار الدالة على ذلك.

ويجوز للمحل في الحرم قتل القمل والبراغيث والبق والنمل ، إجماعا على ما نقله في المدارك.

ويدل عليه ما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) انه قال : «لا بأس بقتل النمل والبق في الحرم. وقال : لا بأس بقتل القملة في الحرم وغيره».

وفي التهذيب (٣) بهذا الاسناد عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) قال : «لا بأس بقتل القمل والبق في الحرم».

وما رواه في الفقيه (٤) عن حنان بن سدير عن ابي جعفر (عليه

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من تروك الإحرام ، والباب ١٣ و ١٧ من كفارات الصيد.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٦٦ ، والفقيه ج ٢ ص ١٧٢ ، والوسائل الباب ٨٤ من تروك الإحرام.

(٣) ج ١ ص ٥٥٢ الطبع القديم وج ٥ ص ٣٦٦ الطبع الحديث ، والوسائل الباب ٨٤ من تروك الإحرام ، والوافي باب (حكم صيد الحرم).

(٤) ج ٢ ص ٢٣١ و ٢٣٢ ، والوسائل الباب ٨١ من تروك الإحرام.

٢٩٨

السلام) قال : «أمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بقتل الفأرة في الحرم ، والأفعى ، والعقرب ، والغراب الأبقع ، يرميه فإن أصبته فأبعده الله. وكان يسمى الفأرة : الفويسقة. وقال : انها توهي السقاء وتضرم البيت على اهله».

وما رواه الكليني عن زرارة عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «لا بأس بقتل البرغوث والقملة والبقة في الحرم».

وحينئذ فمن قتل صيدا في الحرم كان عليه فداؤه محلا كان القاتل أو محرما ، إلا ان البحث هنا بالنسبة إلى المحل ، والمراد بالفداء بالنسبة إليه هو القيمة. وقد تقدم في جملة من الاخبار ان الجناية من حيث الإحرام خاصة موجبة للجزاء والفدية ، كل بحسبه ، كما تقدم في نوعي ما لكفارته بدل على الخصوص ، وما لا بدل له على الخصوص ، من البحث الثاني ، والجناية من حيث الحرم موجبة للقيمة ومتى اجتمع السببان اجتمع الأمران المترتبان على كل منهما.

ومن الاخبار الواردة في المقام حسنة معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «ان أصبت الصيد وأنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف عليك ، وان أصبته وأنت حلال في الحرم فقيمة واحدة وان أصبته وأنت حرام في الحل فإنما عليك فداء واحد».

وحسنة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) انه قال : «فان قتلها ـ يعني : الحمامة ـ في الحرم وليس بمحرم فعليه ثمنها».

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٦٤ ، والوسائل الباب ٧٩ و ٨٤ من تروك الإحرام.

(٢ و ٣) الفروع ج ٤ ص ٣٩٥ ، والوسائل الباب ٤٤ من كفارات الصيد.

٢٩٩

وصحيحة زرارة عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا أصاب المحرم في الحرم حمامة الى ان يبلغ الظبي ، فعليه دم يهريقه ، ويتصدق بمثل ثمنه ، فإن أصاب منه وهو حلال ، فعليه ان يتصدق بمثل ثمنه».

والاخبار بذلك كثيرة جدا ، وقد تقدمت في تضاعيف الأبحاث المتقدمة.

وحكى العلامة في المختلف عن الشيخ قولان بان من ذبح الصيد في الحرم وهو محل كان عليه دم. وهو شاذ مردود بالاخبار.

ولو اشترك في قتل الصيد في الحرم جماعة من المحلين ، قيل : على كل واحد منهم قيمة الصيد. وتردد فيه المحقق.

وذكر في المسالك : ان منشأ التردد ، من ان المقتول واحد فيجب له فداء واحد على الجميع ، وأصالة البراءة من الزائد ، خرج منها قتل الجماعة المحرمين للصيد ، فتبقى معمولا بها في ما عداها ، ومن اشتراك المحلين والمحرمين في العلة ، وهي الإقدام على قتل الصيد ، خصوصا إذا كان فعل كل واحد ملفا. وهذا هو الأقوى. انتهى.

واعترضه سبطه السيد السند في المدارك بأنه لا يخفى ضعف الوجه الثاني من وجهي التردد ، فإنه لا يخرج عن القياس. وهو جيد. ثم نقل عن الشيخ (رحمه‌الله تعالى) انه قوى لزوم الجميع جزاء واحد ، لأصالة البراءة من الزائد. ثم قال : وهو متجه. انتهى. وهو كذلك

الثانية ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) في حكم رمي الصيد في الحل وهو يؤم الحرم ، فقيل بالتحريم ، ذهب اليه

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ١٦٧ ، والوسائل الباب ١١ و ٤٤ من كفارات الصيد.

٣٠٠