الحدائق الناضرة - ج ١٥

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٥

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

إذا عرفت ذلك فاعلم ان الواجب على المحرم في قتل الحمام شاة لكل حمامة ، والظاهر انه لا خلاف فيه ، بل قال في المنتهى : انه قول علمائنا اجمع.

ويدل عليه مضافا الى الاتفاق المذكور ـ روايات عديدة : منها ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (١) انه قال : «في محرم ذبح طيرا : ان عليه دم شاة يهريقه فان كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن».

وما رواه الكليني والشيخ عن حريز في الحسن على المشهور والصحيح عندي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة ، وان قتل فراخه ففيه حمل ، وان وطئ البيض فعليه درهم».

وعن ابي بصير في الموثق عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «سألته عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم. فقال : عليه شاة. قلت : فان قتلها في جوف الحرم؟ قال : عليه شاة وقيمة الحمامة. قلت : فان قتلها في الحرم وهو حلال؟ قال : عليه ثمنها ، ليس عليه غيره. قلت : فمن قتل فرخا من فراخ الحمام وهو محرم؟ قال : عليه حمل».

وعن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال :

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٩ من كفارات الصيد.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٧ ، والوسائل الباب ٩ و ١٠ و ١١ من كفارات الصيد.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٧ ، والوسائل الباب ٩ من كفارات الصيد.

٢٢١

«سمعته يقول في حمام مكة الأهلي غير حمام الحرم : من ذبح منه طيرا وهو غير محرم فعليه ان يتصدق ، وان كان محرما فشاة عن كل طير». وروى الكليني في الموثق عن ابي بصير نحوه (١) إلا ان فيه : «فعليه ان يتصدق بصدقة أفضل من ثمنه».

وما رواه الكليني عن ابي الصباح الكناني عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «في الحمامة وأشباهها إذا قتلها المحرم شاة ، وان كان فراخا فعدلها من الحملان».

ولو قتل فرخا من فروخ الحمام فعليه حمل ، وهو بالتحريك من أولاد الضأن ما له أربعة أشهر فصاعدا ، على ما فسره جماعة من الأصحاب.

وفي المصباح المنير : والحمل بفتحتين : ولد الضأن في السنة الاولى والجمع حملان. وفي كتاب مجمع البحرين : والحمل محركة : الخروف إذا بلغ ستة أشهر. وقيل : هو ولد الضأن الجذع فما دونه ، والجمع حملان وأحمال. وفي القاموس : الحمل محركة : الخروف أو الجذع من أولاد الضأن فما دونه. ولا يخفى ما بين هذه الأقوال من التصادم والأخذ بالأحوط ـ وهو ما وقع اتفاق كلام الكل عليه ـ من ما لا ينبغي تركه.

ويدل على وجوب الحمل هنا ما تقدم من صحيحة حريز أو حسنته وموثقة أبي بصير ، ورواية أبي الصباح.

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من كفارات الصيد رقم ٥. والراوي هو (عبد الله ابن سنان).

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٨٩ ، والوسائل الباب ٩ من كفارات الصيد.

٢٢٢

وما رواه الكليني عن ابي بصير (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل قتل فرخا وهو محرم في غير الحرم. فقال : عليه حمل وليس عليه قيمته ، لانه ليس في الحرم».

وتدل عليه صحيحة زرارة ورواية أبي بصير الآتيتان في مسألة اجتماع الفداء والقيمة على المحرم في الحرم (٢).

وذهب بعض الأصحاب إلى الاكتفاء هنا بالجدي ، لصحيحة عبد الله ابن سنان المتقدمة. ولا بأس به.

والجدي ـ على ما ذكره في المدارك وغيره ـ : من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر ، مثل الحمل في كلامهم من أولاد الضأن. وفي مجمع البحرين انه من أولاد المعز ما بلغ ستة أشهر إلى سبعة ، والجمع جداء وأجدي مثل دلاء وأدلي. وفي المصباح عن ابن الأنباري انه قال : الجدي هو الذكر من أولاد المعز والأنثى عناق. وقيده بعضهم بكونه في السنة الأولى. انتهى.

وفي بيض الحمام ان تحرك الفرخ فحمل وإلا فدرهم.

اما الحكم الأول فقد ذكره الشيخ وأكثر الأصحاب.

واستدلوا عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر (٣) قال : «سألت أخي موسى (عليه‌السلام) عن رجل كسر بيض الحمام وفي البيض فراخ قد تحرك. فقال : عليه ان يتصدق عن كل فرخ قد تحرك بشاة ، ويتصدق بلحومها ان كان محرما ، وان كان الفرخ

__________________

(٢) ٢٣١.

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٩٠ ، والوسائل الباب ٩ من كفارات الصيد.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٨ ، والوسائل الباب ٩ و ٢٦ من كفارات الصيد.

٢٢٣

لم يتحرك تصدق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم». وأورد عليه ان الرواية تتضمن التصدق بشاة لا الحمل.

أقول : يمكن ان يستدل على وجوب الحمل هنا بما رواه في التهذيب عن يونس بن يعقوب (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل أغلق بابه على حمام من حمام الحرم وفراخ وبيض. فقال : ان كان أغلق عليها قبل ان يحرم ، فان عليه لكل طير درهما ، ولكل فرخ نصف درهم ، والبيض لكل بيضة ربع درهم ، وان كان أغلق عليها بعد ما أحرم ، فإن عليه لكل طائر شاة ، ولكل فرخ حملا وان لم يكن تحرك فدرهم ، وللبيض نصف درهم». ، فان ظاهرها ان الحمل في الفرخ سواء كان خارجا عن البيضة أو فيها مع حياته. إلا ان مورد الرواية هنا في الحرم.

واستدل الشيخ على ذلك ايضا بما رواه عن الحلبي عبيد الله في الصحيح (٢) قال : «حرك الغلام مكتلا فكسر بيضتين في الحرم ، فسألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) فقال : جديان أو حملان». بحملها على ما إذا كان في البيض فرخ قد تحرك ، حسبما ورد في صحيحة عبد الله ابن سنان في الفرخ من التخيير بين الفردين.

وبالجملة فإن ما ذهب اليه الشيخ لا يخلو من قرب.

واما الحكم الثاني فتدل عليه رواية حريز المتقدمة ، وما رواه الشيخ في الصحيح عنه ايضا عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «وان وطئ

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٠ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الصيد.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٨ ، والوسائل الباب ٢٦ من كفارات الصيد.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٦ ، والوسائل الباب ٩ من كفارات الصيد.

٢٢٤

المحرم بيضة وكسرها فعليه درهم ، كل هذا يتصدق به بمكة ومنى ، وهو قول الله (تعالى) (تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ)» (١).

بقي الكلام في ان صحيحة علي بن جعفر دلت على ان عليه القيمة وبه افتى الشيخ (رحمه‌الله) ومن تبعه. والمستفاد من روايتي حريز المذكورتين ان عليه عن كل بيضة درهما. ولعل وجه الجمع ان تحمل على ان القيمة في ذلك الوقت درهم ، أو التخيير بين الأمرين. والأحوط التصدق بأكثر الأمرين كما ذكره في المنتهى.

وتنقيح البحث في المقام يتوقف على رسم مسائل :

الأولى ـ ينبغي ان يعلم ان ما ذكرناه من أحكام الحمام وفرخه وبيضه مخصوص بما إذا فعل ذلك محرما في الحل ، اما لو فعله المحل في الحرم ، فان عليه في كل حمامة درهم ، ولكل فرخ نصف درهم ، ولكل بيضة ربع درهم

ويدل على ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن حفص بن البختري ـ والكليني عنه بإسنادين ، أحدهما من الصحيح أو الحسن بإبراهيم ابن هاشم ـ عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «في الحمامة درهم ، وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيض ربع درهم».

وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج (٣) قال : «قال

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٩٤.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٥ ، والفروع ج ٤ ص ٢٣٤. والوسائل الباب ١٠ من كفارات الصيد.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من كفارات الصيد. والحديث للصدوق في الفقيه ج ٢ ص ١٧١ و ١٧٢.

٢٢٥

أبو عبد الله (عليه‌السلام) : في قيمة الحمامة درهم ، وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيض ربع درهم».

وما رواه الكليني في الصحيح عن صفوان عن ابي الحسن الرضا (عليه‌السلام) (١) قال : «من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه القيمة ، والقيمة درهم يشتري به علفا لحمام الحرم».

وما رواه في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن رجل اهدى له حمام أهلي جي‌ء به وهو في الحرم. فقال : ان هو أصاب منه شيئا فليتصدق بثمنه نحوا من ما كان يسوى في القيمة». ورواه الشيخ في التهذيب (٣) وكذا الصدوق في الفقيه (٤) إلا انه قال في آخره : «فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه».

وعن حماد بن عثمان (٥) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام): رجل أصاب طيرين : واحد من حمام الحرم والآخر من حمام غير الحرم؟ قال : يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم ، ويتصدق بجزاء الآخر».

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٢٣٣ ، والوسائل الباب ١٠ و ٢٢ من كفارات الصيد.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٢٣٢ ، والوسائل الباب ١٢ من كفارات الصيد ، والوافي باب (حكم صيد الحرم).

(٣) ج ٥ ص ٣٤٧ ، والوسائل الباب ١٢ من كفارات الصيد ملحق رقم ٣.

(٤) ج ٢ ص ١٦٨ ، والوسائل الباب ١٢ من كفارات الصيد رقم ٣.

(٥) الفروع ج ٤ ص ٣٩٠ و ٣٩١ ، والوسائل الباب ٢٢ من كفارات الصيد.

٢٢٦

وما رواه الشيخ والصدوق عن محمد بن الفضيل عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو غير محرم. قال : عليه قيمتها وهو درهم ، يتصدق به أو يشتري به طعاما لحمام الحرم. وان قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) : «في رجل أغلق باب بيت على طير من حمام الحرم فمات؟ قال : يتصدق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم (٣) قال : «حدثني صاحب لنا ثقة ، قال : كنت أمشي في بعض طرق مكة فلقيني إنسان فقال لي : اذبح لنا هذين الطيرين. فذبحتهما ناسيا وانا حلال ، ثم سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) فقال : عليك الثمن».

وما رواه الشيخ والصدوق في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج (٤) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن فرخين مسرولين ذبحتهما وانا بمكة. فقال لي : لم ذبحتهما؟ فقلت : جاءتني بهما جارية من أهل مكة فسألتني أن أذبحهما ، فظننت أني بالكوفة ولم اذكر اني

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٥ ، والفقيه ج ٢ ص ١٦٧ ، والوسائل الباب ١٠ و ١١ من كفارات الصيد.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ١٦٧ ، والوسائل الباب ١٦ و ٢٢ من كفارات الصيد.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٦ ، والوسائل الباب ١٠ من كفارات الصيد.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٦ ، والفقيه ج ٢ ص ١٧١ ، والفروع ج ٤ ص ٢٣٧ ، والوسائل الباب ١٠ من كفارات الصيد.

٢٢٧

بالحرم. فقال : عليك قيمتهما. قلت : كم قيمتهما؟ قال : درهم ، وهو خير منهما» وفي رواية الشيخ : «خير من ثمنهما».

والمفهوم من ضم هذه الاخبار بعضها الى بعض ـ ونحوها من ما يأتي في المقام ايضا ان شاء الله (تعالى) ـ هو الاجتزاء بالدرهم مطلقا ، وان المراد بالقيمة في ما أطلق فيه القيمة هو الدرهم. واما الحمل على ان القيمة في ذلك الوقت كان درهما فالظاهر بعده. بل ربما أشعرت صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المذكورة بأن جعل القيمة درهما إنما هو نوع احتياط في القيمة ، وإلا فربما كانت انقص من ذلك ، كما يومي اليه قوله : «والدرهم خير منهما ، أو خير من ثمنهما» كما في الرواية الأخرى. ومن ما يومئ الى ذلك ايضا ما في صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) : «في حمام مكة ، قال : من ذبح طيرا منه وهو غير محرم فعليه ان يتصدق بصدقة أفضل من ثمنه». فان الظاهر ان المراد بالصدقة هو الدرهم الذي قد ورد في هذه الاخبار ، الدال بعضها على انه خير منهما أو خير من ثمنهما.

وقال العلامة في المنتهى : ان الأحوط وجوب أكثر الأمرين من الدرهم والقيمة. قال في المدارك بعد نقل ذلك : وهو كذلك ، وان كان المتجه اعتبار القيمة مطلقا. أقول : بل الظاهر ان المتجه اعتبار الدرهم مطلقا ، حملا لمطلق الاخبار على مقيدها بالتقريب الذي ذكرناه.

ونقل عن المحقق الشيخ علي (رحمه‌الله) انه استشكل في اجزاء

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من كفارات الصيد رقم ٥.

٢٢٨

الدرهم مطلقا ، فقال : ان اجزاء الدرهم في الحمام مطلقا وان كان مملوكا في غاية الإشكال ، لأن المحل إذا قتل المملوك في غير الحرم تلزمه القيمة السوقية بالغة ما بلغت ، فكيف يجزئ الأنقص في الحرم؟ وأجاب عنه في المسالك ـ ونحوه في المدارك ـ بان هذا الاشكال انما يتجه إذا قلنا ان فداء المملوك لمالكه ، لكن سيأتي ـ ان شاء الله (تعالى) ـ ان الأظهر كون الفداء لله (تعالى) وللمالك القيمة السوقية ، فلا بعد في ان يجب لله (تعالى) في حمام الحرم أقل من القيمة مع وجوبها للمالك. انتهى. وهو جيد.

بقي هنا شي‌ء ، وهو انه قد روى الشيخ عن يزيد بن خليفة (١) قال : «سئل أبو عبد الله (عليه‌السلام) وانا عنده ، فقال له رجل : ان غلامي طرح مكتلا في منزلي ، وفيه بيضتان من طير حمام الحرم. فقال : عليه قيمة البيضتين يعلف به حمام الحرم ، وقيمة البيضتين وقيمة الطير سواء».

وما رواه في الكافي والتهذيب عن يزيد بن خليفة (٢) قال : «كان في جانب بيتي مكتل كان فيه بيضتان من حمام الحرم ، فذهب الغلام يكب المكتل وهو لا يعلم ان فيه بيضتين ، فكسرهما ، فخرجت فلقيت عبد الله بن الحسن فذكرت ذلك له ، فقال : تصدق بكفين من دقيق. قال : ثم لقيت أبا عبد الله (عليه‌السلام) بعد فأخبرته ، فقال : ثمن طيرين تطعم به حمام الحرم. فلقيت عبد الله بن الحسن فأخبرته فقال : صدق (عليه‌السلام) حدث به ، فإنما أخذه عن آبائه عليهم‌السلام».

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٧ ، والوسائل الباب ٢٦ من كفارات الصيد.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٢٣٦ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٥٧ ، والوسائل الباب ٢٦ من كفارات الصيد ، والوافي باب (حكم صيد الحرم).

٢٢٩

وروى الشيخ في التهذيب في الصحيح عن عبيد الله الحلبي (١) قال : «حرك الغلام مكتلا فكسر بيضتين في الحرم ، فسألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) فقال : جديان أو حملان».

وهذه الاخبار ـ كما ترى ـ منافية لما تقدم في صحيحتي حفص بن البختري وعبد الرحمن بن الحجاج ، والجواب عنهما : اما عن صحيحة الحلبي فما تقدم من حمل الشيخ لها على ما إذا كان في البيض فرخ. واما الروايتان الأولتان فظاهرهما ان في البيضتين ما في الطير سواء ، وهو القيمة أو الدرهم. ولا اعلم بذلك قائلا ، مع مخالفتهما للأخبار الكثيرة من الدلالة على الفرق بين الطير والبيض ، وان ما في البيض من الجزاء أقل من ما في الطير. والكلام فيهما مرجأ الى قائلهما.

الثانية ـ لو فعله المحرم في الحرم اجتمع عليه الأمران المتقدمان فيجتمع عليه في قتل الحمامة الشاة والدرهم ، وفي قتل الفرخ الحمل ونصف الدرهم ، وفي البيضة درهم وربع ، وإنما اجتمعا عليه لانه هتك حرمة الإحرام والحرم معا ، فوجب عليه موجب كل منهما هذا هو المشهور.

ويدل عليه من الاخبار ما رواه الكليني في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «ان قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة ، وثمن الحمامة درهم أو شبهه ، يتصدق به أو يطعمه حمام مكة ، فإن قتلها في الحرم وليس بمحرم فعليه ثمنها».

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٨ ، والوسائل الباب ٢٦ من كفارات الصيد.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٩٥ ، والوسائل الباب ١١ من كفارات الصيد.

٢٣٠

وما تقدم في رواية محمد بن الفضيل (١) وقوله (عليه‌السلام) فيها : «وان قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة ، وقيمة الحمامة».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٢) قال : «إذا أصاب المحرم في الحرم حمامة الى ان يبلغ الظبي فعليه دم يهريقه ، ويتصدق بمثل ثمنه أيضا ، فإن أصاب منه وهو حلال فعليه ان يتصدق بمثل ثمنه».

وما رواه الشيخ في التهذيب في الموثق عن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «سألته عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم. قال : فقال : عليه شاة. قلت : فان قتلها في جوف الحرم؟ قال : عليه شاة ، وقيمة الحمامة. قلت : فان قتلها في الحرم وهو حلال؟ قال : عليه ثمنها ، ليس عليه غيره. قلت : فمن قتل فرخا من فراخ الحمام وهو محرم؟ قال : عليه حمل».

وما رواه الصدوق عن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) : «في رجل قتل طيرا من طيور الحرم وهو محرم في الحرم؟ فقال : عليه شاة ، وقيمة الحمامة درهم ، يعلف به حمام الحرم ، وان كان فرخا فعليه حمل ، وقيمة الفرخ نصف درهم ، يعلف به حمام الحرم».

ونقل عن ابن ابي عقيل ان من قتل حمامة في الحرم وهو محرم فعليه شاة. وعن ابن الجنيد ان المحرم في الحرم يجب عليه الفداء

__________________

(١) ص ٢٢٧.

(٢) الفقيه ج ٢ ص ١٦٧ ، والوسائل الباب ١١ من كفارات الصيد.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٧ ، والوسائل الباب ٩ و ١٠ و ١١ من كفارات الصيد.

(٤) الفقيه ج ٢ ص ١٧١ ، والوسائل الباب ١١ من كفارات الصيد.

٢٣١

مضاعفا. وهو أحد قولي السيد المرتضى. وجعله أبو الصلاح رواية. والقول الآخر : يجب عليه الفداء والقيمة أو القيمة مضاعفة.

ويمكن ان يستدل لمن قال بوجوب مضاعفة الفداء بما رواه الكليني في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «ان أصبت الصيد وأنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف عليك ، وان أصبته وأنت حلال في الحرم فقيمة واحدة ، وان أصبته وأنت حرام في الحل فإنما عليك فداء واحد».

وما رواه الشيخ في الموثق عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) في حديث قال : «وان أصبته وأنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفا».

واحتمال حملهما على ما هو المشهور غير بعيد ، فان باب التجوز واسع ، وإطلاق الفداء على القيمة غير مستبعد. وبذلك يجمع بين هذين الخبرين المذكورين وما تقدم من الاخبار.

واما القولان الآخران فلم نقف لهما على دليل. بقي في المقام انه

قد روى في الكافي عن الحارث بن المغيرة عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «سئل عن رجل أكل بيض حمام الحرم وهو محرم. قال : عليه لكل بيضة دم ، وعليه ثمنها سدس أو ربع الدرهم ، الوهم من صالح (٤) ثم قال : ان الدماء لزمته لا كله

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٩٥ ، والوسائل الباب ٤٤ من كفارات الصيد.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٧٠ ، والوسائل الباب ٣١ من كفارات الصيد.

(٣) الفروع ج ٤ ص ٣٩٥ ، والوسائل الباب ١٠ و ٤٤ من كفارات الصيد.

(٤) وهو صالح بن عقبة الذي يروي هذا الحديث عن الحارث بن المغيرة.

٢٣٢

وهو محرم ، وان الجزاء لزمه لأخذه بيض حمام الحرم». مع ان مقتضى ما تقدم ان في البيض في هذه الصورة درهما وربعا. ويمكن ان يقال : ان ما تقدم مخصوص بالإفساد والكسر ، كما هو ظاهر تلك الاخبار ، واما الأكل ففيه زيادة جزاء ، ولا يبعد زيادة الجزاء والفدية فيه ، كما يدل عليه قوله (عليه‌السلام) : «ان الدماء لزمته لا كله وهو محرم»

الثالثة ـ قد اختلف الأصحاب في حكم تضاعف الفدية والقيمة في الصيد للمحرم في الحرم ، فنقل العلامة في المختلف عن الشيخ في النهاية والمبسوط والتهذيب : القول بوجوب التضعيف ما لم يبلغ بدنة ، فإذا بلغ ذلك لم يجب عليه غير ذلك. وبه قال المحقق. ونقل عن ابن إدريس : القول بالتضاعف مطلقا ، قال : وباقي أصحابنا أطلق القول بالتضعيف.

احتج الشيخ بما رواه عن الحسن بن علي بن فضال عن رجل سماه عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) «في الصيد يضاعفه ما بينه وبين البدنة ، فإذا بلغ البدنة فليس عليه التضعيف». وربما ردت الرواية بضعف السند. وفيه ان هذا لا يقوم حجة على الشيخ ونحوه ممن لا يرى العمل بهذا الاصطلاح.

أقول : ويدل عليه ما رواه في الكافي بسند صحيح الى الحسن بن علي ـ والظاهر انه ابن فضال ـ عن بعض رجاله عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «انما يكون الجزاء مضاعفا في ما دون البدنة حتى يبلغ البدنة ، فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف ، لأنه أعظم

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٧٢ ، والوسائل الباب ٤٦ من كفارات الصيد.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٩٥ ، والوسائل الباب ٤٦ من كفارات الصيد.

٢٣٣

ما يكون ، قال الله (عزوجل) (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)» (١).

قال في المختلف : والأصل يناسب ما ذهب اليه الشيخ ، والاحتياط ما ذهب اليه ابن إدريس. وكذا عموم رواية معاوية بن عمار عن الصادق (عليه‌السلام) (٢) إلا ان في طريقها إبراهيم بن ابي سماك ، ولا يحضرني الآن حاله ، فان كان ثقة فالعمل بعموم الرواية ـ وهو قوله (عليه‌السلام) : «وان أصبته وأنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفا» ـ اولى. انتهى.

أقول : قد تقدم ان معاوية بن عمار قد روى ما ذكره بالسند الذي أشار اليه ، ورواه ايضا بسند صحيح أو حسن لا يقصر عن الصحيح (٣) إلا انه مطلق يجب تقييده بما ذكرناه من الروايتين الصريحتين في عدم التضعيف مع وصول الفدية إلى البدنة. نعم من يعمل على هذا الاصطلاح المحدث فله ان يقف على عموم روايتي معاوية ابن عمار ، ويرد الخبرين المذكورين بضعف السند.

الرابعة ـ المستفاد من إطلاق عبارات جملة من الأصحاب في صورة ما إذا كسر بيضة وهو محل في الحرم ان عليه ربع القيمة ، سواء تحرك الفرخ فيها أم لا. وهو ظاهر إطلاق صحيحتي حفص بن البختري وعبد الرحمن بن الحجاج المتقدمتين. وعلى هذا فالحكم بالحمل في صورة تحرك الفرخ مخصوص بالمحرم في الحل كما تقدم.

__________________

(١) سورة الحج ، الآية ٣٤.

(٢) الوسائل الباب ٣١ من كفارات الصيد رقم ٥.

(٣) الوسائل الباب ٤٤ من كفارات الصيد رقم ٥.

٢٣٤

وظاهر عبارة المحقق في الشرائع العموم ، حيث قال : وفي بيضها إذا تحرك الفرخ حمل ، وقبل التحرك على المحرم درهم ، وعلى المحل ربع درهم ، ولو كان محرما في الحرم لزمه درهم وربع. ونحوه العلامة في المنتهى والقواعد. ومقتضى تفصيله قبل التحرك بين ما إذا كان محلا في الحرم أو محرما في الحل أو محرما في الحرم وإجماله بعد التحرك هو وجوب الحمل مع التحرك في الصور الثلاث.

والى ذلك مال في المدارك ، استنادا إلى إطلاق صحيحة علي بن جعفر المتقدمة ، وصحيحة الحلبي المتقدمة أيضا ، المتضمنة لكسر البيضتين في المكتل ، وامره (عليه‌السلام) بجديين أو حملين ، بحمل الرواية المذكورة على ما إذا كان في البيض فرخ قد تحرك ، كما قدمنا ذكره وموردها ـ كما هو ظاهرها ـ هو المحل في الحرم.

وظاهر شيخنا الشهيد الثاني ـ وقبله الشهيد في الدروس ـ ان حكم البيض بعد تحرك الفرخ تابع للفرخ. ومقتضاه اختصاص وجوب الحمل بما إذا أصاب البيض وقد تحرك فيه الفرخ وهو محرم في الحل ، فإنه في هذه الصورة لو أصاب الفرخ فإنه يجب عليه الحمل كما تقدم ، اما لو اصابه وهو محل في الحرم فليس عليه إلا نصف درهم ، الذي هو الواجب في الفرخ في الصورة المذكورة.

قال (قدس‌سره) في المسالك بعد ذكر عبارة المصنف المتقدم ذكرها : تفصيله حكم البيض قبل تحرك الفرخ بالحرم وغيره ، وإطلاق حكمه بعد التحرك ، يقتضي استواء الأقسام الثلاثة فيه. والحق ان ما ذكره حكم المحرم في الحل ، فلو كان محلا في الحرم فنصف درهم ويجتمع الأمران على المحرم في الحرم ، وبالجملة فحكمه حكم الفرخ. وممن صرح بذلك الشهيد في الدروس. انتهى.

٢٣٥

وأنت خبير بان مقتضى ما دلت عليه عبارة المحقق واختاره في المدارك هو انه في صورة ما إذا أصاب المحل فرخا في الحرم ، فإنه ليس عليه إلا نصف الدرهم ، كما صرح به هو وغيره ، وهو مقتضى الصحيحتين المتقدمتين ، وفي هذه الصورة لو أصاب البيض وقد تحرك فيه الفرخ ، فان عليه حملا. وهو بظاهره من ما يدل على زيادة البيض الذي فيه فرخ على الفرخ بهذا المقدار من نصف الدرهم الى الحمل. وهو من ما يستبعد بحسب القواعد ، كما صرح به هو وغيره في ما تقدم من مسألة بيض القطاة إذا تحرك فيها الفرخ ، حيث أوجب الشيخ فيها مخاضا من الغنم ، فاستشكله هو وغيره بان القطاة إذا كان الجزاء فيها إنما هو حمل ، فكيف يكون الجزاء في بيضها شاة؟ فيكون الجزاء في البيض أكثر من الجزاء في البائض. والأمر هنا كذلك ، فإذا قام هذا الاستبعاد في تلك المسألة ـ مع وجود الرواية الصريحة بما ذكره الشيخ كما قدمناه ـ فهنا بطريق اولى.

والظاهر ان مستند الشهيدين في ما ذهبا اليه هو ان ما دلت عليه صحيحتا حفص وعبد الرحمن (١) ـ من ان في الفرخ نصف درهم ـ شامل للفرخ الذي تحرك في البيضة ، وربع الدرهم مختص بالبيضة الخالية من ذلك. وعلى هذا فيحمل إطلاق صحيحة علي بن جعفر (٢) على الصورة الاولى ، وهو المحرم في الحل كما قدمناه. واما صحيحة الحلبي (٣) فليس فيها تصريح ولا ظهور في كون البيض فيه فرخ قد تحرك ، وانما هذا تأويل من الشيخ (رحمه‌الله) فلا حجة فيها في التحقيق.

وبالجملة فإن المسألة لا تخلو من شوب الاشكال.

__________________

(١) ص ٢٢٥.

(٢) ص ٢٢٣.

(٣) ص ٢٣٠.

٢٣٦

الخامسة ـ الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في تحريم ذبح الحمام الأهلي ـ يعني : المملوك ـ في الحرم ، كما انه يحرم ذبح حمام الحرم الذي هو غير مملوك.

ويدل على ذلك جملة من الاخبار المتقدمة في مسألة تحريم ما ذبحه المحل في الحرم :

ومنها ـ ما رواه الصدوق في الصحيح عن شهاب بن عبد ربه (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : اني أتسحّر بفراخ اوتى بها من غير مكة ، فتذبح في الحرم فأتسحر بها؟ فقال : بئس السحور سحورك ، اما علمت ان ما دخلت به الحرم حيا فقد حرم عليك ذبحه وإمساكه؟».

وفي صحيحة معاوية بن عمار (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن طائر أهلي ادخل الحرم حيا. فقال : لا يمس ، لان الله (تعالى) يقول (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)» (٣).

الى غير ذلك من الاخبار المستفيضة المتقدم كثير منها ثمة.

وقد صرح المحقق الشيخ علي بأنه لا يتصور ملك الصيد في الحرم إلا في القماري والدباسي ، لجواز شرائهما وإخراجهما.

أقول : كلامه (قدس‌سره) هذا مبني على ما هو المشهور من عدم دخول الصيد ـ وان كان أهليا ـ في الملك إذا كان في الحرم ، كما قدمنا نقله عنهم ، واما على مذهب المحقق في النافع من دخوله في الملك

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ١٧٠ ، والوسائل الباب ١٢ من كفارات الصيد.

(٢) الوسائل الباب ١٢ و ٣٦ من كفارات الصيد عن التهذيب والفقيه.

(٣) سورة آل عمران ، الآية ٩٦.

٢٣٧

وان وجب عليه إرساله فلا. ويأتي على المشهور انه لا يتصور وجود الحمام المملوك في الحرم ، وعلى مذهب المحقق في النافع انه يتصور الملك ولكن يجب عليه الإرسال. وما ذكره ـ من ثبوت الملك في القماري والدباسي من الجهة التي ذكرها ـ فقد بينا في ما سبق انه لا دليل على ذلك ، فيكون حكمهما حكم غيرهما من افراد الطير.

إذا عرفت ذلك فاعلم انه قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه يستوي الحمام الأهلي والحرمي في القيمة ، قال في المنتهى : انا لا نعرف فيه خلافا إلا عن داود ، حيث قال : لاجزاء في صيد الحرم (١).

ويدل على ذلك جملة من الاخبار المتقدمة ، والمفهوم منها ان ما يجب عليه من القيمة في الحمام الحرمي يتخير بين الصدقة به وبين ان يشتري به علفا لحمام الحرم ، وأفضله القمح المفسر بالحنطة.

ومن الاخبار في ذلك صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «ان قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة ، وثمن الحمامة درهم أو شبهه ، يتصدق به أو يطعمه حمام مكة».

ومن الاخبار زيادة على ما تقدم ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن زياد الواسطي (٣) قال : «سألت أبا الحسن (عليه‌السلام) عن قوم أغلقوا الباب على حمام من حمام الحرم. فقال : عليهم قيمة كل طائر درهم ، يشتري به علفا لحمام الحرم».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤)

__________________

(١) المغني ج ٣ ص ٣١١ طبع مطبعة العاصمة.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٩٥ ، والوسائل الباب ١١ من كفارات الصيد.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٥٠ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الصيد.

(٤) الفقيه ج ٢ ص ١٦٧ ، والوسائل الباب ١٦ من كفارات الصيد.

٢٣٨

«في رجل أغلق باب بيت على طير من حمام الحرم فمات؟ قال : يتصدق بدرهم ، أو يطعم به حمام الحرم».

واما الحمام الأهلي فالصدقة ، روى حماد بن عثمان (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : رجل أصاب طيرين : واحد من حمام الحرم ، والآخر من حمام غير الحرم؟ قال : يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا ، فيطعمه حمام الحرم ، ويتصدق بجزاء الآخر».

قال في المدارك : والمراد بالقيمة هنا ما قابل الفداء ، وهي المقدرة في الاخبار بالدرهم ونصفه وربعه. قال : وذكر الشارح (قدس‌سره) ان المراد بالقيمة هنا ما يعم الدرهم والفداء. وهو غير واضح. انتهى وهو جيد. ثم قال في المدارك ايضا : ولو أتلف الحمام الأهلي المملوك بغير اذن مالكه اجتمع على متلفه القيمة لحمام الحرم ، وقيمة أخرى للمالك ، كما صرح به العلامة ومن تأخر عنه.

القسم الثاني ـ القطا والحجل والدراج ، وفي كل واحد منها حمل قد فطم ورعى ، وهو مذهب الأصحاب (رضوان الله ـ تعالى ـ عليهم) لا يعرف فيه خلاف.

واستدل عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «وجدنا في كتاب علي (عليه‌السلام) : في القطاة إذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٩٠ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٥٣ ، والوسائل الباب ٢٢ من كفارات الصيد.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٤ ، والوسائل الباب ٥ من كفارات الصيد.

٢٣٩

وأكل من الشجر».

وعن سليمان بن خالد عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (١) قال : «في كتاب على (عليه‌السلام) : من أصاب قطاة أو حجلة أو دراجة أو نظيرهن فعليه دم».

ويدل على ذلك ايضا ما رواه الكليني في الصحيح عن ابن ابي نصر عن المفضل بن صالح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «إذا قتل المحرم قطاة فعليه حمل قد فطم من اللبن ورعى من الشجر».

وقيل عليه : ان الرواية الاولى ـ وكذا الثالثة ـ مختصة بالقطاة ، ومدلول الثانية أعم من المدعي.

أقول : الرواية الثانية وان كانت مجملة ، باعتبار الدم الذي هو أعم من الحمل وغيره ، إلا ان الروايتين الأخيرتين قد صرحتا بان الواجب في القطاة حمل بالوصف المذكور ، فيجب حمل الدم بالنسبة إلى القطا عليه ، وينسحب ذلك الى الفردين الأخيرين كما لا يخفى.

وذكر شيخنا الشهيد الثاني ان المراد بقوله : «قد فطم ورعى» انه قد آن وقت فطامه ورعيه وان لم يكونا قد حصلا بالفعل. وفيه انه خروج عن ظاهر النص بغير ضرورة تدعو الى ذلك.

قال في المدارك : وأورد هنا اشكال ، وهو ان في بيض كل واحدة من هذه بعد تحرك الفرخ مخاضا من الغنم ، وهي ما من شأنها أن تكون حاملا ، فكيف يجب في فرخ البيضة مخاض وفي الطائر حمل؟

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٩٠ ، والتهذيب ج ٥ ص ٣٤٤. والوسائل الباب ٥ من كفارات الصيد.

(٢) الفروع ج ٤ ص ٣٨٩ ، والوسائل الباب ٥ من كفارات الصيد.

٢٤٠