الحدائق الناضرة - ج ١٥

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٥

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

إلا ان استعماله في الاخبار بمعنى التحريم كثير ، وهو الأنسب بالحمل على باقي روايات المسألة الآتية.

لا يقال : ان الحمل على التحريم يوجب القول بتحريم الإخراج من المدينة أيضا مع انه لا قائل به.

قلنا : هذا إنما يتجه على القول بالمنع من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، وهو وان كان المشهور بينهم إلا ان المفهوم من الاخبار جوازه ، كما نبهنا عليه في محل أليق.

ونقل عن ابن إدريس القول بالمنع من ذلك ، وقربه العلامة في المختلف ، ونقل ايضا عن ابنه فخر الدين ، واليه ذهب السيد السند في المدارك.

وهو المعتمد ، للأخبار الكثيرة الدالة على عدم جواز إخراج الصيد من مكة طيرا كان أو غيره :

ومنها ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر (١) قال : «سألت أخي موسى (عليه‌السلام) عن رجل أخرج حمامة من حمام الحرم إلى الكوفة أو غيرها. قال : عليه ان يردها ، فان ماتت فعليه ثمنها يتصدق به».

وعن يونس بن يعقوب في الموثق (٢) قال : «أرسلت الى ابي الحسن

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من كفارات الصيد.

(٢) هذا الحديث بهذا اللفظ رواه الكليني في الفروع ج ٤ ص ٢٣٥ ، والصدوق في الفقيه ج ٢ ص ١٦٨ ، واما الشيخ فرواه في التهذيب ج ٥ ص ٣٤٩ ، بلفظ أوجز ، ونقلهما في الوسائل الباب ١٤ من كفارات الصيد رقم ٩ و ٤.

١٦١

(عليه‌السلام) ان اخالي اشترى حماما من المدينة فذهبنا بها الى مكة ، فاعتمرنا وأقمنا إلى الحج ، ثم أخرجنا الحمام معنا من مكة إلى الكوفة فعلينا في ذلك شي‌ء؟ فقال للرسول : اني أظنهن كن فرهة. قل له : يذبح مكان كل طير شاة».

قال في الوافي (١) : «كن فرهة» اى بالغة حد الفراهة ، وهي الحذاقة يعني بها : استقلالهن بالطيران.

أقول : لعل الأظهر حمله على «فره» بالكسر ، يعني : أشر وبطر كما قيل في قراءة : «فرهين» من قوله (عزوجل) (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) (٢) فإنه مشتق من «فره» بالكسر بمعنى : اشر وبطر. والظاهر هنا حمل الخبر عليه ، بمعنى ان قصدهم من استصحاب الحمام الأشر والبطر واللهو واللعب.

وما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة (٣) : «انه سأل أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل اخرج طيرا من مكة إلى الكوفة. قال : يرده إلى مكة».

وما رواه الشيخ عن يعقوب بن يزيد عن بعض رجاله عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «إذا أدخلت الطير المدينة فجائز لك ان تخجه منها ما أدخلت ، وإذا أدخلت مكة فليس لك ان تخرجه».

__________________

(١) باب (حكم صيد الحرم).

(٢) سورة الشعراء ، الآية ١٤٩.

(٣) الفقيه ج ٢ ص ١٧١ ، والوسائل الباب ١٤ من كفارات الصيد.

(٤) الوسائل الباب ١٤ من كفارات الصيد.

١٦٢

وما رواه الكليني في الكافي عن زرارة عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن رجل خرج بطير من مكة إلى الكوفة. قال : يرده إلى مكة». وعن علي بن جعفر عن أخيه (عليه‌السلام) مثله (٢) وزاد : «فان مات تصدق بثمنه».

ويدل على خصوص القماري ما رواه في الكافي (٣) عن مثنى قال : «خرجنا إلى مكة فاصطاد النساء قمرية من قماري أمج حيث بلغنا البريد ، فنتفت النساء جناحها ثم دخلوا بها مكة ، فدخل أبو بصير علي ابي عبد الله (عليه‌السلام) فأخبره ، فقال : تنظرون امرأة لا بأس بها فتعطونها الطير تعلفه وتمسكه ، حتى إذا استوى جناحاه خلته».

ويؤيد ذلك جملة من الاخبار الدالة على ان من أصاب طيرا في الحرم ، فان كان مستوي الجناحين خلى عنه ، وإلا نتفه وأطعمه وسقاه فإذا استوى جناحاه خلى عنه ، وان كان مسافرا أودعه عند أمين ودفع اليه ما يحتاج اليه من الطعام ، حتى يستوي جناحاه فيخلي عنه (٤) والروايات الدالة على انه لا يجوز التعرض لما في الحرم (٥) لقوله (عزوجل) : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٦).

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٢٣٤ ، والوسائل الباب ١٤ من كفارات الصيد.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من كفارات الصيد.

(٣) ج ٤ ص ٢٣٧ ، والوافي باب (حكم صيد الحرم) ، والوسائل الباب ١٢ من كفارات الصيد.

(٤) الوسائل الباب ١٢ من كفارات الصيد.

(٥) الوسائل الباب ٨٨ من تروك الإحرام ، والباب ١٢ و ١٣ و ٣٦ من كفارات الصيد.

(٦) سورة آل عمران ، الآية ٩٦.

١٦٣

الحادية عشرة ـ الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب في انه متى اضطر المحرم إلى أكل الصيد اكله وفداه ، قال العلامة في المنتهى : ويباح أكل الصيد للمحرم في حال الضرورة ، يأكل منه بقدر ما يأكل من الميتة من ما يمسك به الرمق ويحفظ به الحياة لا غير ، ولا يجوز له الشبع ولا التجاوز عن ذلك ، ولا نعلم فيه خلافا.

ويدل عليه جملة من العمومات الدالة على وجوب دفع الضرر عن النفس من الكتاب (١) والسنة (٢) وتحليل المحرمات في مقام الضرورة (٣) وخصوص جملة من الروايات الآتية الدالة على انه يأكل الصيد ويفدي (٤).

__________________

(١) كقوله تعالى في سورة البقرة ، الآية ١٩١ «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» وقوله تعالى في سورة آل عمران ، الآية ٢٧ «وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْ‌ءٍ إِلّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً».

(٢) كالاحاديث الواردة في وجوب التيمم عند خوف الضرر من استعمال الماء ، والأحاديث الواردة في وجوب الإفطار عند خوف الضرر من الصوم والأحاديث الواردة في وجوب التقية عند خوف الضرر من العدو. ارجع الى باب ٢ و ٥ من التيمم ، والباب ١٨ و ٢٠ ممن يصح منه الصوم من كتاب الصوم ، والباب ٢٤ و ٢٥ و ٢٧ من الأمر والنهي من كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(٣) كقوله تعالى في سورة الانعام ، الآية ١١٩ «وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ» وكقوله تعالى في سورة البقرة ، الآية ١٧٣ : «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» وكما في الوسائل في الباب ١ من القيام في الصلاة رقم ٦ و ٧ ، والباب ٧ من القيام في الصلاة رقم ١.

(٤) الوسائل الباب ٤٣ من كفارات الصيد.

١٦٤

إنما الخلاف في ما إذا كان عنده ميتة وصيد ، فمن أيهما يجوز الأكل؟

قال الشيخ : يأكل الصيد ويفديه ، ولا يأكل الميتة ، فان لم يتمكن من الفداء جاز له ان يأكل الميتة. وكذا قال ابن البراج.

وقال الشيخ المفيد : من اضطر الى صيد وميتة فليأكل الصيد ويفديه ، ولا يأكل الميتة. وأطلق. وكذا قال السيد المرتضى في الجمل والانتصار ، وسلار.

وقال الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه : وإذا اضطر المحرم الى صيد وميتة فإنه يأكل الصيد ويفدي ، وان أكل الميتة فلا بأس. إلا ان أبا الحسن الثاني (عليه‌السلام) : قال : «يذبح الصيد ويأكله ويفدي أحب الي من الميتة» (١). وقال في المقنع (٢) : فإذا اضطر المحرم إلى أكل صيد وميتة فإنه يأكل الصيد ويفدي. وقد روى في حديث آخر : انه يأكل الميتة ،. لأنها قد أحلت له ولم يحل له الصيد وقال ابن الجنيد : وإذا اضطر المحرم المطيق للفداء إلى الميتة والصيد أكل الصيد وفداه ، وان كان في الوقت من لا يطيق الجزاء أكل الميتة التي كان مباحا أكلها بالذكاة. فان لم يكن كذلك أكل الصيد.

وقال ابن إدريس : اختلف أصحابنا في ذلك ، واختلفت الاخبار ، فبعض قال : يأكل الميتة. وبعض قال : يأكل الصيد ويفديه. وكل منهما أطلق مقالته. وبعض قال : لا يخلو الصيد ، اما ان يكون حيا أو لا ، فان كان حيا فلا يجوز له ذبحه

__________________

(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٣٥ ، والوسائل الباب ٤٣ من كفارات الصيد.

(٢) المختلف ج ٢ ص ١٠٩. وليس في المقنع المطبوع ص ٢١ قوله : «وقد روى ...» وكذا في مستدرك الوسائل الباب ٣٠ من كفارات الصيد.

١٦٥

بل يأكل الميتة ، لأنه إذا ذبحه صار ميتة بغير خلاف ، فاما ان كان مذبوحا ، فلا يخلو ذابحه ، اما ان يكون محرما أو محلا ، فان كان محرما فلا فرق بينه وبين الميتة ، وان كان ذابحه محلا ، فان ذبحه في الحرم فهو ميتة أيضا ، وان ذبحه في الحل ، فان كان المحرم المضطر قادرا على الفداء أكل الصيد ولم يأكل الميتة ، وان كان غير قادر على فدائه أكل الميتة. قال : وهذا الذي يقوى في نفسي ، لأن الأدلة تعضده وأصول المذهب تؤيده ، وهو الذي اختاره شيخنا في استبصاره. وذكر في نهايته أنه يأكل الصيد ويفديه ولا يأكل الميتة. ثم رجع (١) عن ما قواه وقال : والأقوى عندي أنه يأكل الميتة على كل حال ، لانه مضطر إليها ولا عليه في أكلها كفارة ، ولحم الصيد ممنوع منه لأجل الإحرام على كل حال ، لأن الأصل براءة الذمة من الكفارة.

أقول : وظاهره هو أكل الميتة إلا في تلك الصورة الخاصة ، وهو ما إذا ذبحه المحل في الحل وكان المضطر إلى أكله قادرا على الفداء. ثم ان ما يدل عليه كلامه ـ من كون مذبوح المحرم ميتة مطلقا ـ منظور فيه بما عرفت في المسألة السادسة من القول بحله على المحل في الصورة المذكورة ، ودلالة جملة من الاخبار الصحاح على ذلك. وحينئذ ففي شموله لمحل البحث تأمل.

ثم انه لا يخفى ان الأصل في اختلاف هذه الأقوال هو اختلاف الأخبار الواردة في المسألة :

ومنها ـ ما رواه ثقة الإسلام في الكافي في الصحيح عن بكير وزرارة

__________________

(١) يعني : ابن إدريس.

١٦٦

عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) : «في رجل اضطر إلى ميتة وصيد وهو محرم؟ قال : يأكل الصيد ويفدي».

وعن الحلبي في الصحيح عندي عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد ، أيهما يأكل؟ قال : يأكل من الصيد ، أليس هو بالخيار ان يأكل من ماله؟ قلت : بلى. قال : إنما عليه الفداء فليأكل وليفده».

وعن يونس بن يعقوب في الموثق (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المضطر إلى الميتة وهو يجد الصيد. قال : يأكل الصيد. قلت : ان الله قد أحل له الميتة إذا اضطر إليها ولم يحل له الصيد؟ قال : تأكل من مالك أحب إليك أو ميتة؟ قلت : من مالي قال : هو مالك لان عليك فداءه. قلت : فان لم يكن عندي مال؟ قال : تقضيه إذا رجعت الى مالك».

وما رواه الشيخ عن منصور بن حازم (٤) قال : «سألته عن محرم اضطر إلى أكل الصيد والميتة. قال : أيهما أحب إليك ان تأكل؟ قلت : الميتة ، لأن الصيد محرم على المحرم. فقال : أيهما أحب إليك

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٨٣ ، والوسائل الباب ٤٣ من كفارات الصيد والوافي باب (المحرم يضطر الى الصيد والميتة).

(٢ و ٣) الفروع ج ١ ص ٢٧٠ الطبع القديم وج ٤ ص ٣٨٣ الطبع الحديث ، والوسائل الباب ٤٣ من كفارات الصيد ، والوافي باب (المحرم يضطر الى الصيد والميتة).

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٣٦٨ ، والاستبصار ج ٢ ص ٢٠٩ ، والوسائل الباب ٤٣ من كفارات الصيد.

١٦٧

ان تأكل من مالك أو الميتة؟ قلت : آكل من مالي. قال : فكل الصيد وافده».

وما رواه الصدوق في كتاب العلل في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن المحرم إذا اضطر إلى أكل صيد وميتة ، وقلت : ان الله (عزوجل) حرم الصيد وأحل الميتة. قال : يأكل ويفديه ، فإنما يأكل ماله».

وعن أبي أيوب في الصحيح (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل اضطر وهو محرم الى صيد وميتة ، من أيهما يأكل؟ قال : يأكل من الصيد. قلت : فان الله قد حرمه عليه وأحل له الميتة؟ قال : يأكل ويفدي ، فإنما يأكل من ماله».

وعن منصور بن حازم في الموثق (٣) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : محرم اضطر الى صيد والى ميتة ، من أيهما يأكل؟ قال : يأكل من الصيد. قلت : أليس قد أحل الله الميتة لمن اضطر إليها؟ قال : بلى ولكن يفدي ، ألا ترى انه انما يأكل من ماله ، فيأكل الصيد وعليه فداؤه». قال (٤) : وقد روى انه يأكل من الميتة ، لأنها أحلت له ولم يحل له الصيد.

أقول : وهذه الروايات مع صحة أسانيد أكثرها صريحة في مذهب الشيخ المفيد (قدس الله سره) ومن تبعه.

ومنها ـ ما رواه الشيخ في الموثق عن إسحاق عن جعفر عن أبيه (عليهما‌السلام) (٥) : «ان عليا (صلوات الله عليه وعلى أولاده) كان

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ٤٣ من كفارات الصيد.

١٦٨

يقول : إذا اضطر المحرم الى الصيد والى الميتة فليأكل الميتة التي أحل الله له».

وعن عبد الغفار الجازي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن المحرم إذا اضطر إلى ميتة فوجدها ووجد صيدا. فقال : يأكل الميتة ويترك الصيد».

هذا ما وقفت عليه من روايات المسألة.

والشيخ (رحمه‌الله) قد تأول رواية إسحاق بعد نقلها بأنه ليس في الخبر انه إذا اضطر الى الصيد والميتة ، وهو قادر عليهما متمكن من تناولهما. وإذا لم يكن ذلك في ظاهره حملناه على من لا يجد الصيد ولا يتمكن من الوصول اليه ويتمكن من الميتة. انتهى. ولا يخفى ما فيه. وقال بعد نقل خبر عبد الغفار : يحتمل ان يكون المراد بهذا الخبر من لا يتمكن من الفداء ولا يقدر عليه ، فإنه يجوز له والحال على ما وصفناه ان يأكل الميتة. ويحتمل ان يكون المراد به إذا وجد الصيد وهو غير مذبوح فإنه يأكل الميتة ويخلي سبيل الصيد.

والتأويلان ـ كما ترى ـ على غاية من البعد. والأظهر عندي هو حمل الخبرين المذكورين على التقية كما احتمله في الاستبصار ، فإن ذلك منقول عن جملة من رؤوس المخالفين ، مثل أبي حنيفة والحسن البصري والثوري ومحمد بن الحسن ومالك واحمد (٢) كما ذكره في المنتهى. ومن ذلك يظهر ان الحق في المسألة هو ما ذهب اليه شيخنا

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٣ من كفارات الصيد.

(٢) المغني ج ٣ ص ٣١٤ و ٣١٥ وج ٩ ص ٤١٨ ، والبحر الرائق ج ٣ ص ٣٦.

١٦٩

المفيد والسيد المرتضى ، وهو مختار جمع من الأصحاب.

الثانية عشرة ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه لا يدخل في ملك المحرم شي‌ء من الصيد باصطياد ولا ابتياع ولا هبة ولا ميراث إذا كان معه ، اما لو كان بعيدا فإنه لا يخرج عن ملكه.

قال في المنتهى : لو صاد صيدا لم يملكه بالإجماع. ثم قال : اما لو كان الصيد في منزله فإنه يجوز ذلك ولا يزول ملكه عنه. ونقل في المختلف عن الشيخ (رحمه‌الله) انه قال : إذا انتقل الصيد اليه بالميراث لا يملكه ويكون باقيا على ملك الميت الى ان يحل ، فإذا أحل ملكه. ثم قال : ويقوى في نفسي انه ان كان حاضرا معه فإنه ينتقل اليه ويزول ملكه عنه ، وان كان في بلده يبقى في ملكه. ثم قال (رحمه‌الله) : وفي الانتقال إليه الذي قواه الشيخ اشكال. لنا ـ قوله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (١).

أقول : اما الحكم الأول فاستدل عليه بقوله (عزوجل) (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (٢) كما سمعته من كلام العلامة ، والمراد وجوه الانتفاعات به ، فيخرج عن المالية بالإضافة اليه. والظاهر ضعفه.

واستدل العلامة في المنتهى على ما قدمنا نقله عنه ببعض الروايات المتقدمة الدالة على ان من ادخل الحرم صيدا فإنه لا يجوز له إمساكه (٣) ولا يخفى ما فيه : اما (أولا) فلأنها أخص من المدعى. واما (ثانيا) فلان وجوب تخليته لا يدل على زوال الملك عنه ، فإنه

__________________

(١ و ٢) سورة المائدة ، الآية ٩٦.

(٣) الوسائل الباب ٣٦ من كفارات الصيد.

١٧٠

يجوز ان يبقى على ملكه وان وجب عليه إرساله وتخليته وحرم عليه إمساكه.

ونقل عن الشيخ (رحمه‌الله) انه حكم بدخوله في الملك وان وجب إرساله ، كما في صيد الحرم. قال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : ولا يخلو من قوة.

أقول : لا يخفى ان الاخبار التي قدمناها في سابق هذه المسألة صريحة الدلالة واضحة المقالة في الملك ، فإنه في غير خبر منها قد علل الأكل من الصيد وترجيحه على الميتة بأنه إنما يأكل من ماله وظاهرها ان الملك عليه باق وان وجب إرساله في غير الضرورة الموجبة لأكله. ولم أقف على من تنبه للاستدلال بها على هذا الحكم ، وهي صريحة فيه كما ترى.

نعم روى الشيخ بسنده عن ابي سعيد المكاري عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «لا يحرم أحد ومعه شي‌ء من الصيد حتى يخرجه من ملكه ، فإن أدخله الحرم وجب عليه ان يخليه».

إلا ان غاية ما تدل عليه هو المنع من الإحرام حتى يخرج الصيد عن ملكه ، ولا دلالة فيها على انه يخرج الصيد عن ملك المحرم بمجرد الإحرام ، وان كان فيها نوع اشعار بذلك ، إلا انه غير ملتفت اليه بعد ما عرفت من صراحة الروايات المشار إليها في ما ذكرناه.

واما الحكم الثاني فيدل عليه ما رواه الصدوق في الصحيح عن محمد بن مسلم (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٦٢ ، والوسائل الباب ٣٤ من كفارات الصيد.

(٢) الوسائل الباب ٣٤ من كفارات الصيد.

١٧١

الرجل يحرم وعنده في أهله صيد اما وحش واما طير. قال : لا بأس».

وما رواه ثقة الإسلام والشيخ في الصحيح عن جميل (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : الصيد يكون عند الرجل من الوحش في اهله ومن الطير ، يحرم وهو في منزله؟ قال : وما به بأس لا يضره».

والظاهر ان الحكم المذكور لا خلاف فيه.

ثم انه صرح جملة منهم أيضا بأن الصيد في الحرم لا يدخل في ملك المحل ولا المحرم ، وقيل انه مذهب الأكثر. ومال المحقق في النافع الى وجوب الإرسال خاصة ، قال : وهل يملك المحل صيدا في الحرم؟ الأشبه انه يملك ويجب إرسال ما يكون معه. وحكى فخر المحققين هذا القول عن الشيخ ايضا.

واستدل على القول المشهور بصحيحة معاوية بن عمار (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن طائر أهلي ادخل الحرم حيا فقال : لا يمس ، لان الله (عزوجل) يقول (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)» (٣). ونحوها غيرها من ما تقدم ودل على تخلية سبيل ما ادخل الحرم من الصيد.

وأنت خبير بان المستفاد منها انما هو وجوب إرساله وتخلية سبيله كما ذكره في النافع ، لا زوال الملك. وإطلاق الروايات التي أشرنا

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من كفارات الصيد.

(٢) الوسائل الباب ١٢ و ٣٦ من كفارات الصيد.

(٣) سورة آل عمران ، الآية ٩٦.

١٧٢

إليها آنفا شاملة لهذه الصورة أيضا. فيكون الأظهر هو ما ذكره المحقق ونقل عن الشيخ (رحمه‌الله).

البحث الثاني

في الكفارات

وينبغي ان يعلم ان ما تتعلق به الكفارة نوعان الأول ـ ما لكفارته بدل على الخصوص ، وهو كل ما له مثل من النعم ، والأصل في هذا النوع قوله (عزوجل) (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) (١) والمتبادر من المماثلة هو المشابهة في الصورة ، كما في النعامة ، فإنها تشابه البدنة ، وبقرة الوحش ، فإنها تشابه البقرة الأهلية ، والظبي يشابه الشاة. إلا انه لا يطرد كليا ، فإنهم عدوا من هذا القبيل البيض وجعلوه من قبيل ذوات الأمثال ، ولعل الحكم مبني على الأغلب. والأمر هين بعد وضوح الحكم والمأخذ.

وكيف كان فقد ذكروا أن أفراد هذا النوع خمسة :

الأول ـ النعامة ، وفي قتلها بدنة بإجماع أصحابنا (رضوان الله عليهم) وأكثر العامة (٢).

ويدل عليه من الاخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٩٥.

(٢) المهذب للشيرازي الشافعي ج ١ ص ٢١٦ ، والمجموع للنووي شرح المهذب ج ٧ ص ٤٢١ الطبع الثاني ، وفتح القدير لابن همام الحنفي ج ٣ ص ٢٦٠.

١٧٣

ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) انه قال «في قول الله (عزوجل): (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) (٢) قال : في النعامة بدنة ، وفي حمار وحش بقرة ، وفي الضبي شاة ، وفي البقرة بقرة».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن محمد بن مسلم وزرارة عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) : «في محرم قتل نعامة؟ قال : عليه بدنة ، فان لم يجد فإطعام ستين مسكينا ، فان كانت قيمة البدنة أكثر من إطعام ستين مسكينا لم يزد على إطعام ستين مسكينا ، وان كانت قيمة البدنة أقل من إطعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة».

وما رواه ثقة الإسلام عن يعقوب بن شعيب في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «قلت له : المحرم يقتل نعامة؟ قال : عليه بدنة من الإبل. قلت : يقتل حمار وحش؟ قال : عليه بدنة. قلت : فالبقرة؟ قال : بقرة».

وما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد في الصحيح (٥) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : في الظبي شاة ، وفي البقرة بقرة ، وفي الحمار بدنة ، وفي النعامة بدنة ، وفي ما سوى ذلك قيمته».

وما رواه في الكافي عن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٦) قال : «سألته عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش. قال : عليه بدنة. قلت : فان لم يقدر على بدنة؟ قال : فليطعم ستين مسكينا. قلت : فان لم يقدر على ان يتصدق؟ قال : فليصم ثمانية عشر يوما.

__________________

(١ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ١ من كفارات الصيد.

(٢) سورة المائدة ، الآية ٩٥.

(٣ و ٦) الوسائل الباب ٢ من كفارات الصيد.

١٧٤

والصدقة مد على كل مسكين».

وهل المراد بالبدنة هي الأنثى فالواجب انما هو هي أو ما يشمل الذكر فالواجب أحدهما؟ قولان ، منشأهما اختلاف أهل اللغة في ذلك ، فظاهر الصحاح ـ على ما نقله عنه في المدارك ـ اختصاص البدنة بالناقة ، وظاهره الميل الى ذلك. وظاهر عبارة القاموس إطلاقها على الذكر والأنثى ، حيث قال : والبدنة محركة : من الإبل والبقر ـ كالأضحية من الغنم ـ تهدى الى مكة ، للذكر والأنثى. وقال في كتاب المصباح المنير : قالوا : وإذا أطلقت البدنة في الفروع فالمراد البعير ذكرا كان أو أنثى. وربما أشعرت هذه العبارة بأن هذا الإطلاق ليس من جهة الوضع اللغوي وانما هو اصطلاح المتشرعة. وقال الشيخ فخر الدين بن طريح في مجمع البحرين بعد ذكر البدنة : وانما سميت بذلك لعظم بدنها وسمنها ، وتقع على الجمل والناقة عند جمهور أهل اللغة وبعض الفقهاء. وبذلك يظهر ان الحكم لا يخلو من اشكال.

ثم ان ظاهر عبارة القاموس إطلاق البدنة على البقر ايضا ، وبه صرح في كتاب شمس العلوم ، فقال : والبدنة : الناقة والبقرة تنحر بمكة. انتهى. وهو أشد إشكالا.

إلا ان ظاهر صحيحة يعقوب بن شعيب كون البدنة هنا من الإبل فلا اشكال. قال الفيومي في كتاب المصباح المنير (١) : والبدنة قالوا : هي ناقة أو بقرة ، وزاد الأزهري : أو بعير ذكر. قال : ولا تقع البدنة على الشاة. وقال بعض الأئمة : البدنة هي الإبل خاصة. ويدل عليه قوله

__________________

(١) مادة (بدن).

١٧٥

تعالى «فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها» (١) سميت بذلك لعظم بدنها. وإنما ألحقت البقرة بالإبل بالسنة ، وهو قوله (عليه‌السلام): «تجزئ البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة» (٢). ففرق الحديث بينهما بالعطف ، إذ لو كانت البدنة في الوضع تطلق على البقرة لما ساغ عطفها ، لان المعطوف غير المعطوف عليه. انتهى.

أقول : ويؤيد ذلك ما وقع في جملة من اخبار المسألة من إطلاق البدنة في مقابلة البقرة ، كما في صحيحة حريز المتقدمة ، حيث أوجب في النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة ، ونحوها غيرها.

ونقل عن بعض الأصحاب ان البدنة هي الأنثى التي كمل لها خمس سنين ودخلت في السادسة.

والقول بشمولها للذكر منقول عن الشيخ وجماعة ، واستدلوا عليه بما رواه الشيخ عن ابي الصباح (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن قول الله (عزوجل) في الصيد (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) (٤) قال : في الظبي شاة ، وفي حمار وحش بقرة ، وفي النعامة جزور». والجزور يشمل الأنثى والذكر :

قال في المصباح المنير : والجزور من الإبل خاصة يقع على الذكر والأنثى. وفي القاموس : الجزور : البعير أو خاص بالناقة المجزورة.

__________________

(١) سورة الحج ، الآية ٣٦.

(٢) ارجع الى تتمة الكلام في المصباح فإنه يذكر الحديث ، والى المغني لابن قدامة الحنبلي ج ٣ ص ٥٥١ ، وسنن البيهقي ج ٥ ص ٢٣٤.

(٣) الوسائل الباب ١ من كفارات الصيد.

(٤) سورة المائدة ، الآية ٩٥.

١٧٦

والبعير من ما يطلق على الذكر والأنثى.

ويظهر من العلامة في التذكرة والمنتهى : ان البدنة والجزور بمعنى واحد ، حيث قال في التذكرة : يجب في النعامة بدنة عند علمائنا اجمع ، فمن قتل نعامة وهو محرم وجب عليه جزور. ونحوه في المنتهى ايضا. وهو ظاهر في موافقة الشيخ (رحمه‌الله).

وبالجملة فقول الشيخ لا يخلو من قوة ، للرواية المذكورة ، وان كان الاحتياط في جانب القول الآخر.

ونقل عن العلامة في التذكرة انه اعتبر المماثلة بين الصيد وفدائه ففي الصغير من الإبل ما في سنه ، وفي الكبير كذلك ، وفي الأنثى أنثى ، وفي الذكر ذكر. ولم نقف له على دليل ، بل إطلاق الاخبار الواردة في المسألة يدفعه.

تنبيهات

الأول ـ اختلف الأصحاب في ما لو لم يجد بدنة على أقوال : أحدها ـ القول بأنه لو لم يجد قوم الجزاء وفض ثمنه على الحنطة ، وتصدق به على كل مسكين نصف صاع ، فان زاد ذلك على إطعام ستين مسكينا لم يلزمه أكثر منه ، وان كان أقل منه فقد أجزأه. وهو قول الشيخ ، وبه قال ابن إدريس وابن البراج ، وهو المشهور بين المتأخرين. وثانيها ـ انه لو لم يجد البدنة فقيمتها ، فان لم يجد فض القيمة على البر ، وصام لكل نصف صاع يوما. وبه قال أبو الصلاح. وظاهره انه يتصدق بالقيمة ، فان لم يجد القيمة فضها على البر ، وصام عن كل نصف صاع يوما. وثالثها ـ انه لو لم يجد فإطعام ستين مسكينا

١٧٧

وبه قال ابن بابويه وابن ابي عقيل والشيخ المفيد والسيد المرتضى وسلار.

والذي وقفت عليه من الاخبار المتعلقة بهذه المسألة هو ما رواه ثقة الإسلام والشيخ في الصحيح عن ابي عبيدة عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد ، قوم جزاؤه من النعم دراهم ، ثم قومت الدراهم طعاما ، لكل مسكين نصف صاع ، فان لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما». ونحوها صحيحة محمد بن مسلم وزرارة المتقدمة في صدر البحث.

وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٢) قال : «سألته عن قوله (عزوجل) (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) (٣) قال : عدل الهدى ما بلغ يتصدق به ، فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما».

وما رواه ثقة الإسلام في الصحيح عن جميل عن بعض أصحابنا عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) : «في محرم قتل نعامة؟ قال : عليه بدنة ، فان لم يجد فإطعام ستين مسكينا. وقال : ان كان قيمة البدنة أكثر من إطعام ستين مسكينا لم يزد على إطعام ستين مسكينا ،

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من كفارات الصيد ، والوافي باب (كفارة ما أصاب المحرم من الوحش).

(٢ و ٤) الوسائل الباب ٢ من كفارات الصيد.

(٣) سورة المائدة ، الآية ٩٥.

١٧٨

وان كان قيمة البدنة أقل من إطعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة».

وروى العياشي في تفسيره عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن قول الله (تعالى) في من قتل صيدا متعمدا وهو محرم (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ، يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ ، أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ ، أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) (٢) ما هو؟ قال : ينظر إلى الذي عليه بجزاء ما قتل ، فاما ان يهديه ، واما ان يقوم فيشتري به طعاما فيطعمه المساكين ، يطعم كل مسكين مدا ، واما ان ينظركم يبلغ عدد ذلك من المساكين فيصوم مكان كل مسكين يوما».

وقد تقدم في صدر كتاب الصوم (٣) حديث الزهري عن علي بن الحسين (عليه‌السلام) وفيه : «أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال : قلت : لا أدرى. قال : يقوم الصيد قيمة عدل ، ثم تفض تلك القيمة على البر ، ثم يكال ذلك البر أصواعا ، فيصوم لكل نصف صاع يوما». ونحوه في حديث كتاب الفقه الرضوي (٤) المتقدم ثمة أيضا.

وهذه الروايات ظاهرة في القول الأول.

ومنها ـ ما رواه ثقة الإسلام في الكافي عن ابي بصير عن ابي عبد الله

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من كفارات الصيد.

(٢) سورة المائدة ، الآية ٩٥.

(٣) ج ١٣ ص ٣ ، والوسائل الباب ١ من بقية الصوم الواجب.

(٤) ص ٢٣.

١٧٩

(عليه‌السلام) ـ ورواه الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن مسكان عن ابي بصير (١) وهو ليث المرادي بقرينة عبد الله بن مسكان ـ قال : «سألته عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش. قال : عليه بدنة. قلت : فان لم يقدر على بدنة؟ قال : فليطعم ستين مسكينا. قلت : فان لم يقدر على ان يتصدق؟ قال : فليصم ثمانية عشر يوما. والصدقة مد على كل مسكين. الحديث».

وما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح (٢) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) : من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل ، فان لم يجد ما يشتري به بدنة فأراد أن يتصدق فعليه ان يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا ، فان لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما ، مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام. الحديث».

وفي حديث الجواد (عليه‌السلام) مع يحيى بن أكثم القاضي المروي في جملة من الأصول المعتمدة التي من جملتها كتاب تحف العقول للحسن بن علي بن شعبة (٣) والمنقول هنا من عبارته قال (عليه‌السلام): «وان كان من الوحش فعليه في حمار وحش بدنة وكذلك في النعامة بدنة ، فان لم يقدر فإطعام ستين مسكينا ، فان لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما. الحديث».

وروى الثقة الجليل على بن جعفر (رضي‌الله‌عنه) في كتابه عن

__________________

(١) الفروع ج ٤ ص ٣٨٥ ، والفقيه ج ٢ ص ٢٣٣ ، والوسائل الباب ٢ من كفارات الصيد.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٣٤٣ ، والوسائل الباب ٢ من كفارات الصيد.

(٣) الوسائل الباب ٣ من كفارات الصيد.

١٨٠