الحدائق الناضرة - ج ١٤

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٩٦

بك حب جاحك كح بي

بي كودكءاكح هج

وقال ايضا بعضهم في ذلك :

محرم ثاني عشرية اجتنب

واجتنب العاشر من شهر صفر

ومن ربيع رابعا وثامن

عشري أخيه وجمادى في الأثر

ومن جمادى وكذا من رجب

كلاهما فاجتنب الثاني عشر

والسادس العشرين من شعبان مع

رابع عشري رمضان الأغر

وثانيا من شهر شوال ومن

ذي القعدة الثامن والعشرين ذر

وثامنا من شهر ذي الحجة لا

يشكر بالأعمال فيها من شكر

فصل

ويكره السفر والقمر في العقرب لما رواه الصدوق بإسناده عن محمد بن حمران عن أبيه عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى».

ورواه الكليني عن محمد بن حمران عن أبيه عنه (عليه‌السلام) مثله (٢) ورواه البرقي في المحاسن مثله (٣).

فصل

ويستحب الوصية عند ارادة السفر لما رواه ثقة الإسلام في الصحيح عن ابن ابى عمير عن بعض رجاله عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٤) قال : «من ركب راحلة فليوص».

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ١١ من آداب السفر.

(٤) الوسائل الباب ١٣ من آداب السفر.

٤١

ورواه الشيخ مسندا والصدوق مرسلا (١) إلا انه قال «من ركب زاملة».

قال الصدوق والشيخ (رحمهما الله تعالى) : ليس هذا نهيا عن ركوب الزاملة بل ترغيب في الوصية لما لم يؤمن من الخطر.

ويستحب الغسل للسفر والدعاء على ما رواه السيد الزاهد العابد رضي الدين ابن طاوس في كتاب الأمان من إخطار الاسفار والأزمان (٢) وهو ان يقول : بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والصادقين عن الله صلوات الله عليهم أجمعين ، اللهم طهر به قلبي واشرح به صدري ونور به قبري ، اللهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا وشفاء من كل داء وآفة وعاهة وسوء ومن ما أخاف واحذر ، وطهر قلبي وجوارحي وعظامي ودمي وشعري وبشري ومخي وعصبي وما الأرض مني ، اللهم اجعله لي شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي. إليك يا رب العالمين انك على كل شي‌ء قدير.

فصل

ويستحب ايضا توديع العيال بان يصلي ركعتين ويدعو بعدهما :

روى الكليني في الكافي بسنده عن السكوني عن ابي عبد الله عن آبائه (عليهم‌السلام) (٣) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج الى سفر يقول : اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي. إلا أعطاه الله (عزوجل) ما سأل». ورواه الصدوق (قدس‌سره) مرسلا (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من آداب السفر.

(٢) ص ٢٠ وفي الوسائل الباب ١٣ من آداب السفر.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ١٨ من آداب السفر.

٤٢

وروى في الكافي أيضا بسنده الى بريد بن معاوية العجلي (١) قال : «كان أبو جعفر عليه‌السلام إذا أراد سفرا جمع عياله في بيت ثم قال : اللهم إني أستودعك الغداة نفسي ومالي وأهلي وولدي الشاهد منا والغائب اللهم احفظنا واحفظ علينا اللهم اجعلنا في جوارك اللهم لا تسلبنا نعمتك ولا تغير ما بنا من عافيتك وفضلك». ورواه البرقي في المحاسن مثله (٢).

وروى السيد رضي الدين ابن طاوس في كتاب الأمان (٣) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «ما استخلف العبد في أهله من خليفة إذا هو شد ثياب سفره خيرا من اربع ركعات يصليهن في بيته ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ، يقول اللهم إني أتقرب إليك بهن فاجعلهن خليفتي في أهلي ومالي». وروى ايضا (٤) انه يقرأ في الركعتين في الأولى بالحمد وقل هو الله أحد وفي الثانية بعد الحمد إنا أنزلناه في ليلة القدر.

فصل

ويستحب امام التوجه الصدقة وفي جملة من الاخبار أنها دافعة لشر الأيام النحسة التي نهى عن السفر فيها متى اضطر الى السفر فيها :

كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (٥) قال : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : تصدق واخرج أي يوم شئت».

وصحيحة حماد بن عثمان (٦) قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أيكره السفر

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ١٨ من آداب السفر.

(٤) الأمان ص ٢٧.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ١٥ من آداب السفر.

٤٣

في شي‌ء من الأيام المكروهة مثل الأربعاء وغيره؟ فقال : افتتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بدا لك ، واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدا لك».

وصحيحة ابن ابى عمير (١) قال : «كنت انظر في النجوم وأعرفها واعرف الطالع فيدخلني من ذلك شي‌ء فشكوت ذلك الى ابى الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام فقال إذا وقع في نفسك شي‌ء فتصدق على أول مسكين ثم امض فإن الله تعالى يدفع عنك».

ورواية محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام (٢) قال : «كان علي بن الحسين عليه‌السلام إذا أراد الخروج الى بعض أمواله اشترى السلامة من الله (عزوجل) بما تيسر له ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب».

ورواية عبد الله بن سليمان عن أحدهما (عليهما‌السلام) (٣) قال : «كان ابى إذا خرج يوم الأربعاء من آخر الشهر وفي يوم يكرهه الناس من محاق أو غيره تصدق بصدقة ثم خرج».

ويستحب ان يقال عند الصدقة (٤) : اللهم اني اشتريت بهذه الصدقة سلامتي وسلامة سفري وما معي اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل.

فصل

ويستحب ان يصحب معه في سفره عصا من اللوز المر :

روى الصدوق (عطر الله مرقده) في الفقيه مرسلا (٥) قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من خرج في سفر ومعه عصا

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ١٥ من آداب السفر.

(٤) الأمان ص ٢٥.

(٥) الوسائل الباب ١٦ من آداب السفر.

٤٤

لوز مر وتلا هذه الآية (وَلَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ). الى قوله (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (١) آمنه الله تعالى من كل سبع ضار ومن كل لص عاد ومن كل ذات حمة حتى يرجع الى اهله ومنزله وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات يستغفرون له حتى يرجع ويضعها».

قال (٢) وقال عليه‌السلام : من أراد ان تطوى له الأرض فليتخذ النقد من العصا. والنقد عصا لوز مر.

ورواه في كتاب ثواب الأعمال (٣) مسندا وزاد فيه قال : «وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه ينفي الفقر ولا يجاوره شيطان» (٤).

قال (٥) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مرض آدم عليه‌السلام مرضا شديدا واصابته وحشة فشكي ذلك الى جبرئيل عليه‌السلام فقال : اقطع واحدة منه وضمها الى صدرك ففعل ذلك فاذهب عنه الوحشة.

بل روى استحباب صحبتها في الحضر ايضا كما يظهر من حديث مرض آدم عليه‌السلام وحديث ان صحبتها تنفي الفقر ولا يجاوره شيطان.

ويؤيده قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) على ما رواه في الفقيه : «تعصوا فإنها من سنن إخواني النبيين وكانت بنو إسرائيل الصغار والكبار يمشون على العصا حتى لا يختالوا في مشيهم».

__________________

(١) سورة القصص الآية ٢٢ الى ٢٨.

(٢ و ٣ و ٥) الوسائل الباب ١٦ من آداب السفر.

(٤) هذه الزيادة رواها أيضا في الفقيه ج ٢ ص ١٧٦ ونقلها في الوسائل الباب ١٧ من آداب السفر. إلا ان ظاهرها عدم الاختصاص بالسفر.

(٦) الوسائل الباب ١٧ من آداب السفر.

٤٥

فصل

ويستحب التحنك ايضا لما روي عن الكاظم عليه‌السلام (١) قال : «انا ضامن لمن خرج يريد سفرا معتما تحت حنكه ثلاثا : ان لا يصيبه السرق والغرق والحرق».

وعن عمار الساباطي عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٢) انه قال : «من خرج في سفر فلم يدر العمامة تحت حنكه فاصابه ألم لا دواء له فلا يلومن إلا نفسه».

وفي الفقيه (٣) قال الصادق عليه‌السلام : «ضمنت لمن خرج من بيته معتما ان يرجع اليه سالما».

وروى الكليني (قدس‌سره) عن علي بن الحكم رفعه الى ابى عبد الله عليه‌السلام (٤) قال : «من خرج من منزله معتما تحت حنكه يريد سفرا لم يصبه في سفره سرق ولا حرق ولا مكروه».

وفي خبر آخر عن الرضا عليه‌السلام (٥) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لو ان رجلا خرج من منزله يوم السبت معتما بعمامة بيضاء قد حنكها تحت حنكه ثم اتى إلى جبل ليزيله عن مكانه لازاله عن مكانه».

فصل

في ما يفعله المسافر على باب داره إذا توجه الى السفر :

روى ثقة الإسلام في الكافي بسنده عن صباح الحذاء عن ابى الحسن

__________________

(١ و ٥) الوسائل الباب ٥٩ من آداب السفر.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ٢٦ من لباس المصلي.

٤٦

(عليه‌السلام) (١) قال : «لو كان الرجل منكم إذا أراد سفرا قام على باب داره تلقاء وجهه الذي يتوجه له فقرأ الحمد امامه وعن يمينه وعن شماله والمعوذتين امامه وعن يمينه وعن شماله ، وقل هو الله أحد امامه وعن يمينه وعن شماله ، وآية الكرسي امامه وعن يمينه وعن شماله ثم قال : «اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل» لحفظه الله وحفظ ما معه وبلغه وبلغ ما معه وسلمه وسلم ما معه ، اما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه».

وروى في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «إذا خرجت من منزلك فقل : بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أسألك خير ما خرجت له وأعوذ بك من شر ما خرجت له ، اللهم أوسع علي من فضلك وأتمم علي نعمتك واستعملني في طاعتك واجعل رغبتي في ما عندك وتوفني على ملتك وملة رسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وروى فيه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «إذا خرجت من بيتك تريد الحج والعمرة ان شاء الله تعالى فادع دعاء الفرج وهو : لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين. ثم قل : اللهم كن لي جارا من كل جبار عنيد ومن كل شيطان رجيم. ثم قل : بسم الله دخلت وبسم الله خرجت وفي سبيل الله ، اللهم إني أقدم بين يدي نسياني وعجلتي بسم الله وما شاء الله في سفري هذا ذكرته أو نسيته ، اللهم أنت المستعان على الأمور كلها وأنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ،

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ١٩ من آداب السفر.

٤٧

اللهم هون علينا سفرنا واطو لنا الأرض وسيرنا فيها بطاعتك وطاعة رسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم أصلح لنا ظهرنا وبارك لنا في ما رزقتنا وقنا عذاب النار ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والولد ، اللهم أنت عضدي وناصري بك أحل وبك أسير ، اللهم إني أسألك في سفري هذا السرور والعمل لما يرضيك عني ، اللهم اقطع عني بعده ومشقته واصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم انى عبدك وهذا حملانك والوجه وجهك والسفر إليك وقد اطلعت على ما لم يطلع عليه أحد غيرك فاجعل سفري هذا كفارة لما قبله من ذنوبي وكن عونا لي عليه واكفني وعثه ومشقته ولقني من القول والعمل رضاك فإنما أنا عبدك وبك ولك. الحديث».

وروى الصدوق بإسناده عن علي بن أسباط عن ابى الحسن الرضا (عليه‌السلام) (١) قال قال لي : «إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل : «بسم الله آمنت بالله توكلت على الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله» (٢) فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها وتقول ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل على الله وقال : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله».

وروى ايضا بإسناده عن ابى بصير عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (٣) قال : «من قال حين يخرج من باب داره ـ أعوذ بالله من ما عاذت منه ملائكة الله من شر هذا اليوم ومن شر الشياطين ومن شر نصب من لأولياء الله ومن شر الجن والإنس

__________________

(١ و ٣) الوسائل الباب ١٩ من آداب السفر.

(٢) قال في الوافي بعد نقل الخبر في باب (القول عند الخروج) من كتاب الحج والعمرة : فتلقاه اي تلقى من قال هذا القول. وفي الكلام التفات أو حذف وتقدير فان من قال ذلك تلقاه. انتهى.

٤٨

ومن شر السباع والهوام ومن شر ركوب المحارم كلها ، أجير نفسي بالله من كل شر ـ غفر الله له وتاب عليه وكفاه المهم وحجزه عن السوء وعصمه من الشر».

فصل

في ما يقوله عند الركوب

روى ثقة الإسلام في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (١) في حديث قال : «فإذا جعلت رجلك في الركاب فقل : بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله والله أكبر. فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك فقل : الحمد لله الذي هدانا للإسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله سبحان الله «سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ» (٢) والحمد لله رب العالمين اللهم أنت الحامل على الظهر والمستعان على الأمر ، اللهم بلغنا بلاغا يبلغ الى خير بلاغا يبلغ الى رضوانك ومغفرتك ، اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا حافظ غيرك».

وروى فيه عن إبراهيم بن عبد الحميد عن ابى الحسن عليه‌السلام (٣) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا ركب الرجل الدابة فسمى ردفه ملك يحفظه حتى ينزل ، وان ركب ولم يسم ردفه شيطان فيقول له تغن فان قال لا أحسن قال له تمن فلا يتمنى حتى ينزل. وقال : من قال إذا ركب الدابة ـ : بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله «الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٠ من آداب السفر. وهو تتمة الحديث.

(٢) الزخرف الآية ١٣ و ١٤.

(٣) الوسائل الباب ٢٠ من آداب السفر.

٤٩

اللهُ ... الآية» (١) (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ) (٢) ـ حفظت له نفسه ودابته حتى ينزل».

وروى الصدوق (رحمه‌الله تعالى) في الفقيه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة (٣) قال : «أمسكت لأمير المؤمنين عليه‌السلام الركاب وهو يريد ان يركب فرفع رأسه ثم تبسم فقلت : يا أمير المؤمنين عليه‌السلام رأيتك رفعت رأسك وتبسمت؟ فقال : نعم يا أصبغ أمسكت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما أمسكت لي فرفع رأسه وتبسم فسألته كما سألتني وسأخبرك كما أخبرني : أمسكت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الشهباء فرفع رأسه الى السماء وتبسم فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت؟ فقال : يا علي عليه‌السلام انه ليس من أحد يركب الدابة فيذكر ما أنعم الله به عليه ثم يقرأ آية السخرة (٤) ثم يقول : «استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، اللهم اغفر لي ذنوبي انه لا يغفر الذنوب إلا أنت» إلا قال السيد الكريم يا ملائكتي عبدي يعلم انه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا اني قد غفرت له ذنوبه».

وقال الصدوق (قدس‌سره) (٥) : وكان الصادق عليه‌السلام إذا وضع رجله في الركاب يقول (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ) (٦) ويسبح الله (سبعا) ويحمد الله (سبعا) ويهلل الله (سبعا).

وروى الشيخ أبو علي في كتاب المجالس بسنده عن علي بن ربيعة الأسدي (٧) قال : «ركب علي بن أبي طالب عليه‌السلام فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم

__________________

(١) سورة الأعراف الآية ٤٣.

(٢ و ٤ و ٦) سورة الزخرف الآية ١٣.

(٣ و ٥ و ٧) الوسائل الباب ٢٠ من آداب السفر.

٥٠

الله. فلما استوى على الدابة قال : الحمد لله الذي أكرمنا وحملنا في البر والبحر ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا «سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ» (١) ثم سبح الله تعالى (ثلاثا) وحمد الله تعالى (ثلاثا) ثم قال : رب اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم قال : كذا فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وانا رديفه».

وروى الطبرسي في كتاب مكارم الأخلاق عن زين العابدين عليه‌السلام (٢) قال : «لو حج رجل ماشيا وقرأ «إنا أنزلناه» ما وجد ألم المشي. وقال : ما قرأ أحد «إنا أنزلناه» حين يركب دابته إلا نزل منها سالما مغفورا له ، ولقارئها أثقل على الدواب من الحديد» قال : وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «لو كان شي‌ء يسبق القدر لقلت قارئ «إنا أنزلناه» حين يسافر أو يخرج من منزله سيرجع».

فصل

في ما يستحب صحبته من الزاد في السفر ولا سيما سفر الحج :

روى الصدوق (عطر الله مرقده) مرسلا (٣) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من شرف الرجل ان يطيب زاده إذا خرج في سفر».

ورواه في الكافي عن السكوني عن ابي عبد الله عليه‌السلام عن آبائه (عليهم‌السلام) عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٤).

وروى في الفقيه (٥) قال : «قال الصادق عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) سورة الزخرف الآية ١٣.

(٢) الوسائل الباب ٢٤ من آداب السفر.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ٤٢ من آداب السفر.

(٥) الوسائل الباب ٤٠ من آداب السفر.

٥١

إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوقوا فيها».

أقول : السفرة لغة : طعام المسافر كما ذكره في القاموس ، ومنه سميت السفرة ، والمراد بالتنوق المبالغة في تجويده وحسنه.

وروى في الفقيه (١) قال : «كان علي بن الحسين عليه‌السلام إذا سافر إلى مكة إلى الحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر والسويق المحمص والمحلى». والمحمص يعني المشوي على النار ، والمحلى الذي يجعل فيه الحلو.

وروى الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن ابى يعفور عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٢) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من نفقة أحب الى الله (عزوجل) من نفقة قصد ، ويبغض الإسراف إلا في حج أو عمرة». ورواه في كتاب المحاسن مثله (٣).

قال بعض المحدثين : لعل المراد بالإسراف الزيادة في التوسع لا ما يوجب إتلافا

وروى مرسلا (٤) قال : «قال الصادق عليه‌السلام في حديث : ان من المروة في السفر كثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك».

نعم روى كراهة ذلك في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام :

فروى في الفقيه (٥) قال : «قال الصادق عليه‌السلام لبعض أصحابه : تأتون قبر ابي عبد الله عليه‌السلام؟ فقال له نعم. قال تتخذون لذلك سفرة؟ قال نعم. قال اما لو أتيتم قبور آبائكم وأمهاتكم لم تفعلوا ذلك. قال قلت فأي شي‌ء نأكل؟ قال الخبز باللبن».

قال (٦) وفي خبر آخر : «قال الصادق عليه‌السلام : بلغني ان قوما إذا زاروا

__________________

(١ و ٤) الوسائل الباب ٤٢ من آداب السفر.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ٣٥ من آداب السفر.

(٥) ج ٢ ص ١٨٤ وفي الوسائل الباب ٧٧ من المزار.

(٦) الوسائل الباب ٤١ من آداب السفر.

٥٢

الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والأخبصة وأشباهه ، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا».

أقول : الجداء جمع جدي وهو الذكر من أولاد المعز إذا بلغ ستة أشهر.

أقول : لا يبعد ان يقال ان الظاهر ان خطابهم (عليهم‌السلام) في هذه الاخبار إنما هو لأهل العراق ، وحينئذ فيكون الحكم مختصا بمن كان مثل أهل الحلة وبغداد والمشهد ونحوها من البلدان القريبة فإنه يكره لهم التنوق في الزاد وحمل الأخبصة واتخاذ اللحوم ونحو ذلك وانهم يقتصرون على الخبز واللبن ، واما أصحاب البلدان البعيدة من أصفهان وخراسان وما بينهما ونحوهما فيشكل ذلك ، ولم اسمع عن أحد من علمائنا من أصحاب هذه البلدان انه كره ذلك واستعمل الخبز واللبن خاصة ، والظاهر هو بقاء حكمهم على حكم السفر المطلق سيما ان قصد سفرهم ليس لخصوص زيارة الحسين عليه‌السلام التي هي مورد هذه الاخبار بل لقصد زيارة أئمة العراق (عليهم‌السلام) كملا ، فالظاهر ان الخطاب في هذه الاخبار لا يتوجه إليهم.

فصل

ويستحب اتخاذ الرفقة في السفر وتكره الوحدة :

روى ثقة الإسلام في الكافي والصدوق في الفقيه مسندا في الأول مرسلا في الثاني عن السكوني عن جعفر عن آبائه (عليهم‌السلام) (١) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الرفيق ثم الطريق».

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٠ من آداب السفر. واللفظ : «الرفيق ثم السفر» كما في الخطية. وما في المتن يوافق رواية المحاسن كما في الوسائل في نفس الباب.

٥٣

وروى في الفقيه عن السندي عن خالد عن ابي عبد الله عليه‌السلام (١) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إلا أنبئكم بشر الناس؟ قالوا بلى يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من سافر وحده ومنع رفده وضرب عبده».

وروى الشيخان المتقدمان في كتابيهما مسندا في الكافي مرسلا في الفقيه عن ابي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده (عليهم‌السلام) في وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام (٢) : «لا تخرج في سفر وحدك فان الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ، يا علي ان الرجل إذا سافر وحده فهو غاو والاثنان غاويان والثلاثة نفر» وروى بعضهم : «سفر».

وروى في الفقيه عن إبراهيم بن عبد الحميد عن ابي الحسن موسى عليه‌السلام (٣) قال : «لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة : الآكل زاده وحده والنائم في بيت وحده والراكب في الفلاة وحده».

وروى فيه عن ابى خديجة عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٤) قال : «البائت في البيت وحده شيطان والاثنان لمة والثلاثة أنس». قيل : اللمعة بالضم والتشديد الصاحب أو الأصحاب في السفر ، قال في النهاية : ومنه الحديث : «لا تسافروا حتى تصيبوا لمة». اي رفقة.

وروى الشيخان المتقدمان في كتابيهما (٥) عن إسماعيل بن جابر قال :

__________________

(١ و ٣) الوسائل الباب ٣٠ من آداب السفر.

(٢) الروضة ص ٣٠٣ والفقيه ج ٢ ص ١٨١ وفي الوسائل الباب ٣٠ من آداب السفر.

(٤) الوسائل الباب ٢٠ من أحكام المساكن.

(٥) الروضة ٣٠٢ والفقيه ج ٢ ص ١٨٢ ، وفي الوسائل الباب ٣٠ من آداب السفر.

٥٤

«كنت عند ابى عبد الله عليه‌السلام بمكة إذ جاءه رجل من المدينة فقال له : من صحبت؟ فقال : ما صحبت أحدا. فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : اما لو كنت تقدمت إليك لأحسنت أدبك. ثم قال : واحد شيطان واثنان شيطانان وثلاثة صحب وأربعة رفقاء».

قيل : يعني ان الانفراد والذهاب في الأرض على سبيل الوحدة فعل الشيطان أو شي‌ء يحمله عليه الشيطان ، وكذلك الاثنان.

وروى في الفقيه (١) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أحب الصحابة الى الله (عزوجل) أربعة ، وما زاد قوم على سبعة إذا كثر لغطهم». قيل : اللغط بالغين المعجمة والطاء المهملة محركة : أصوات مبهمة لا تفهم.

أقول : والظاهر ان المراد من الخبر انما هو اللغو الذي لا يترتب عليه فائدة ، وهو قريب من المعنى الأصلي باعتبار عدم ترتب الفائدة عليه.

وروى في الفقيه (٢) عن سليمان بن جعفر الجعفري عن ابى الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : «من خرج وحده في سفر فليقل : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم آنس وحشتي واعني على وحدتي واد غيبتي».

فصل

ويستحب توديع المسافر وتشييعه وإعانته :

قال في الفقيه (٣) : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ودع المؤمنين قال : زودكم الله التقوى ووجهكم الى كل خير وقضى لكم كل حاجة وسلم لكم دينكم ودنياكم

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من آداب السفر.

(٢) ج ٢ ص ١٨١ وفي الوسائل الباب ٢٥ من آداب السفر.

(٣) الوسائل الباب ٢٩ من آداب السفر.

٥٥

وردكم سالمين الى سالمين».

قال (١) وفي خبر آخر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ودع مسافرا أخذ بيده ثم قال : أحسن الله لك الصحابة وأكمل لك المعونة وسهل لك الحزونة وقرب لك البعيد وكفاك المهم وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك ووجهك لكل خير ، عليك بتقوى الله ، واستودع الله نفسك ، سر على بركة الله عزوجل».

وقال في الفقيه (٢) : لما شيع أمير المؤمنين عليه‌السلام أبا ذر (رحمة الله عليه) وشيعه الحسن والحسين (عليهما‌السلام) وعقيل بن ابى طالب وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ودعوا أخاكم فإنه لا بد للشاخص أن يمضي وللمشيع من ان يرجع. فتكلم كل رجل منهم على حياله. الحديث.

وروى في الفقيه (٣) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة ، واجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم ، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم».

وروى في الفقيه (٤) قال : «قال الباقر عليه‌السلام : من خلف حاجا في أهله بخير كان له كاجره حتى كأنه يستلم الأحجار».

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٩ من آداب السفر.

(٢) ج ٢ ص ١٨٠ وفي الوسائل الباب ٢٨ من آداب السفر.

(٣) ج ٢ ص ١٩٢ وفي الوسائل الباب ٤٦ من آداب السفر.

(٤) ج ٢ ص ١٤٦ و ١٤٧ في ذيل الحديث ٩٦ ، وفي الوافي باب توديع المسافر وإعانته من كتاب الحج.

٥٦

فصل

في ما ينبغي للمسافر حال سفره من الأخلاق

روى ثقة الإسلام في الكافي والصدوق في الفقيه عن صفوان الجمال عن ابى عبد الله عليه‌السلام (١) قال : «كان ابى يقول : ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال : خلق يخالق به من صحبه ، وحلم يملك به غضبه ، وورع يحجزه عن محارم الله عزوجل».

وروى في الكافي في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام (٢) قال : «ما يعبأ من يسلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث خصال : ورع يحجزه عن معاصي الله ، وحلم يملك به غضبه ، وحسن الصحابة لمن صحبه».

وروى في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار (٣) قال : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : وطن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت في حسن خلقك ، وكف لسانك واكظم غيظك وأقل لغوك وتفرش عفوك وتسخر نفسك».

وروى الشيخان المتقدمان بسنديهما عن حماد بن عيسى عن ابي عبد الله عليه‌السلام (٤) قال : «قال لقمان لابنه : يا بني إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم ، وأكثر التبسم في وجوههم ، وكن كريما على زادك بينهم وإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم. واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد. وإذا استشهدوك على

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ٢ من أحكام العشرة.

(٤) الروضة ص ٣٤٨ والفقيه ج ٢ ص ١٩٤ ، وفي الوسائل الباب ٥٢ من آداب السفر.

٥٧

الحق فاشهد لهم. واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك ، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة. وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم. واسمع لمن هو أكبر منك سنا. وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل «نعم» ولا تقل «لا» فان «لا» عي ولؤم. وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا. وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه ، فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا ان تروا ما لا أرى ، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب. يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي‌ء صلها واسترح منها فإنها دين. وصل في جماعة ولو على رأس زج. ولا تنامن على دابتك فان ذلك سريع في دبرها ، وليس ذلك من فعل الحكماء ، إلا ان تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل. وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك. وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا ، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل ان تجلس. وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الأرض. وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الأرض التي حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة. وان استطعت ان لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل. وعليك بقراءة كتاب الله (عزوجل) ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا ، وعليك بالدعاء ما دمت خاليا. وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره. وإياك ورفع الصوت في مسيرك».

٥٨

أقول : وما يتعلق بالسفر من الأحكام كثير من أراد الزيادة على ما ذكرناه فليطلبه من مظانه وفي ما ذكرناه كفاية ان شاء الله تعالى.

المقدمة الثالثة في الشرائط

وحيث كان الحج من ما ينقسم باعتبار من يقع منه ـ الى حجة الإسلام وما يجب بالنذر وشبهه وما يقع على جهة النيابة ، ولكل منها شرائط وأحكام ـ فالكلام في هذه المقدمة يقع في مقاصد ثلاثة :

المقصد الأول في حج الإسلام

وشرائط وجوبه ـ على ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) ـ خمسة : الأول ـ كمال العقل فلا يجب على الصبي ولا على المجنون وهو قول كافة العلماء ، ويدل عليه حديث : «رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق» (١).

ولو حجا أو حج عنهما لم يجزئهما بعد الكمال ، وهو من ما لا خلاف فيه ايضا كما نقله العلامة في المنتهى.

ويدل عليه أخبار كثيرة : منها ـ ما رواه الصدوق في الصحيح عن صفوان عن إسحاق بن عمار (٢) قال : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن ابن عشر سنين يحج؟ قال : عليه حجة الإسلام إذا احتلم ، وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت».

وما رواه الكليني والشيخ عنه عن مسمع بن عبد الملك عن ابي عبد الله

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من مقدمة العبادات ، وسنن البيهقي ج ٨ ص ٢٦٤.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من وجوب الحج وشرائطه.

٥٩

عليه‌السلام (١) قال : «ولو ان غلاما حج عشر حجج ثم احتلم كان عليه فريضة الإسلام».

وما رواه في الكافي والفقيه عن شهاب (٢) قال : «سألته عن ابن عشر سنين يحج؟ قال : عليه حجة الإسلام إذا احتلم ، وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت».

بقي الكلام هنا في مسائل :

الاولى ـ لو دخل الصبي أو المجنون في الحج تطوعا ثم كمل في أثناء الحج فان كان في أثناء الوقوف بالمشعر (٣) أتم تطوعا ولم يجزئه عن حجة الإسلام قولا واحدا كما نقله في التذكرة.

قالوا : لأن الأصل عدم اجزاء المندوب عن الواجب. وفيه ما فيه. بل لعدم الدليل على ذلك ، والأصل بقاؤه تحت عهدة التكليف متى حصلت الاستطاعة حتى يقوم الدليل على الاسقاط.

وان كان قبل الوقوف بالمشعر فالمشهور انه يدرك الحج بذلك ويجزئه عن حجة الإسلام ، وذكره الشيخ وأكثر الأصحاب ، ونقل فيه العلامة في التذكرة الإجماع.

واستدل عليه بالروايات الآتية في العبد الدالة على اجزاء حجه إذا أدرك المشعر معتقا (٤).

واستدل عليه أيضا في المنتهى ـ بعد التردد ـ بأنه زمان يصح إنشاء الحج فيه

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من وجوب الحج وشرائطه.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من وجوب الحج وشرائطه. ولم نجده في الفقيه.

(٣) في النسخة الخطية هكذا : «فان كان بعد الوقوف بالمشعر أتم تطوعا ...».

(٤) الوسائل الباب ١٧ من وجوب الحج وشرائطه.

٦٠