شرح كتاب سيبويه - ج ٥

أبي سعيد السّيرافي الحسن بن عبدالله بن المرزبان

شرح كتاب سيبويه - ج ٥

المؤلف:

أبي سعيد السّيرافي الحسن بن عبدالله بن المرزبان


المحقق: أحمد حسن مهدلي و علي سيّد علي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5251-0

الصفحات: ٤٨٨

إطاع يقال أسطاع بقطع الألف وزيادة الهاء في إهراق والسين في أسطاع ؛ إنما هي عوض من ذهاب عين الفعل منها ونقلها إلى ما قبلها ، وذلك أن الأصل في إراق وأطاع أروق وأطوع فأعلت الواو وألقيت حركتها على ما قبلها ؛ فكان زيادة الهاء والسين عوضا من ذلك ، وأما قوله : " كما جعلوا ياء أينق وألف يمان عوضا".

يعني أن الأصل في أينق أنوق لأنه جمع ناقة والأصل في ناقة نوقة فجمع على أفعل ، ثم استثقل الضم على الواو فحذفت الواو وعوض منها الياء في أينق ؛ فإن قال قائل فهلا عوضت الياء في موضع الواو قيل له لو عوضت الياء في موضع الواو فقالوا أنيق جاز أن يتوهم متوهم أن الياء ليست بعوض ، وأن الألف في ناقة بدل من الياء ، وأن الأصل نيقة وعوضوها في غير موضعها ليزول ذلك التوهم وأما ألف يمان فالأصل فيه يمني لأنه منسوب إلى اليمن فأبدلوا ألف يمان من إحدى الياءين ، ومنهم من يقول يماني ، ومن قال ذلك فإنما نسب إلى منسوب كأن نسبنا مكانا إلى اليمن فقلنا يمان ، ثم نسبنا إلى يمان فقلنا يماني كما لو نسبنا إلى صحار فقلنا صحاري ، ومن العوض للمحذوف قولهم ارمه وعه الأصل ارمي وعي فحذفت الياء للجزم فعوضت الياء التي حذفت للجزم غير أن الهاء في عه وما كان مثله نحو قه ، وما أشبه ذلك لازمة عوضا لأن الفعل يبقى على حرف واحد بعد سقوط الياء للجزم ، ولا يجوز النطق بحرف واحد لأنه من الابتداء بمتحرك والوقف على ساكن فجعلوا الهاء عوضا لأن ما في عه وبابه لما ذكرناه ، وإما ارمه وما كان أكثر من حرفين فالهاء غير لازمة كقولك ارمه ، وإن شئنا ارم إذ لم يعوض.

هذا باب ما لحقته الزوائد من بنات الثلاثة

وألحق ببنات الأربعة حتى صارت على مثال دحرج بزيادة حروف مختلفة فيها ؛ وهي فعلل بزيادة حرف من جنس لام الفعل كقولك شملل وجلبب ، ومعنى شملل أخذ من النخل بعد لقاطه ما يبقى من ثمره ، وجلبب ألبسته الجلباب وهو القميص ، وفوعل كقولك حوقل وصومع ؛ إذ طول البناء أو غيره على هيئة الصومعة ، وفيعل نحو بيطر وهينم ، ومعناه تكلم كلاما خفيا وتقول جهور وهرول ومعناه أسرع وفعلى سلقى وجعبى ومعناه صرع يقال سلقيته سلقاة وجعوبته جعباة وفنعل قلنسته إذا ألبسته القلنسوة ؛ فهذه الأبنية الستة ملحقة بدحرج ودخلت هذه الزيادة عليها للإلحاق ، وليست هذه الزيادات بمنزلة الهمزة في أفعل والألف في قاتل وزيادة إحدى العينين في فعل ، وذلك أن مصادر تلك الأفعال الستة كمصدر دحرج وبابه تقول حوقل حوقلة وحيقا لا كقولك سرهف سرهفة

١٨١

وسرهافا ، وكذلك سلقى سلقاه كقولك دحرج دحرجة وأصل سلقاه سلقية ولكنك قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وليست مصادر هذه الأفعال الثلاثة الآخر ، كذلك لأنك تقول أكرم إكراما وأكسّر تكسيرا وقاتل مقاتلة فتبين الفصل بينهما إن شاء الله ، وقد تلحق التاء هذه الأفعال الملحقة فتصير بمنزلة تدحرج كقولك تشيطن وتجعبي كما تقول تدحرج ، وليست بمنزلة تعالج وتكسر لأن تعالج وتكسر غير ملحقين بدحرج ، ولحقت التاء تشيطن وجعبى وهما ملحقان ، وقد ألحق أيضا بتدحرج تمفعل بزيادة الميم فقالوا تمسكن وتمدرع ، ولم ترد هذه الميم للإلحاق إلا مع التاء لأنه لم يسمع مسكن ولا مدرع ، وقد ألحق أيضا من بنات الثلاثة ببنات الأربعة بناءان آخران وهما اقعنلل بزيادة حرف من موضع لام الفعل وافعلي بزيادة ياء بعد الألف وذلك قولك اقعنسس وافعنجج واسلنقى واحرنبى معنى اقعنسس ثبت وتمكن قال الشاعر :

تقاعس المجد بنا فاقعنسسا

ومعنى أفعجج ضخم واسترخى ووخم والعفنج المسترخي ، واستلقى نام على ظهره ، وأحربني إذا انتفش ، ويقال للديك إذا انتفش احربني ، وكذلك الغضبان إذا غضب ، وألحقت هذه الأفعال باحرنجم واخرنطم ، وفي احرنجم زائدان الألف والنون والباقي منها وهو أربعة أحرف الحاء والراء والجيم والميم أصول ، والذي في اقعنسس واسلنقى من الحروف الأصلية ثلاثة قعس وسلق وزيد على قعس سين أخرى ، وعلى سلقي ياء فصار بمنزلة حرجم ، ثم زيد عليهما ما زيد على حرجم من ألف الوصل والنون فصارا قعنس واحرنبى فالحرف الذي ألحق قعنسس واحرنبى باحرنجم إنما هو السين الثانية في اقعنسس ، والباء في احرنبي ، وأما النون وألف الوصل فليستا للإلحاق لأنهما زائدتان في ذوات الأربعة ، والثلاثة جميعا.

قال سيبويه بعد ذكره اقعنسس وأحرنبى : " فكما لحقا ببنات الأربعة وليس فيهما إلا زيادة واحدة" ، كذلك زيد فيهما ما يزاد في بنات الأربعة ، وذلك نحو اخرنطم واحرنجم أما قوله : " فكما لحقا ببنات الأربعة وليس فيهما إلا زيادة واحدة".

يعني أن التاء قد تزاد في ذوات الثلاثة لتلحق الأربعة كقولك سلقي زيد على سلق الياء فلحق بدحرج ، وكذلك زيد مثل لام الفعل على جلب وشمل فصار جلبب وشملل فلحق بدحرج فقد لحق ذوات الثلاثة بزيادة حرف من غيرها وبزيادة حرف من جنس

١٨٢

لام الفعل بدحرج ، وليس في دحرج زيادة فلذلك لحق اقعنسس واحرنبي باحرنجم واخرنطم وفيهما زائدتان وهما الألف والنون فقد صار ذوات تلحق الرباعي الذي لا زائد فيه وهو لحاق سلقي بدحرج ، ويلحق بالرباعي الذي النون فيه كلحاق اقعنسس واحرنبى باحرنجم ، وفي احرنجم زائدان وليس في دحرج زائد قال : " ولم ترد هذه النون في هذه الأشياء إلا فيما كانت الزيادة فيه من موضع اللام إذا كانت الياء آخرة زائدة لأن النون ها هنا تقع بين حرفين من نفس الحرف كما يقع في احرنجم ونحوه".

يعني لم تزد هذه النون في فعل فيه ألف وصل إلا في هذا البناء ، ولا يكون هذا البناء من ذوات الثلاثة إلا ما زيد على موضع لامه مثله أو زيد فيه بعد اللام ياء.

وقوله" لأن النون ها هنا تقع بين حرفين".

يعني : أن الإلحاق باحرنجم إنما وقع بزيادة حرف بعد لام الثلاثي الذي به يلحق إما من جنسه وإما باقعنسس واحرنبى من قبل أن النون هي الزائدة بعد عين الفعل فلو جعلوا الحرف الذي جيء به الإلحاق بعد عين الفعل ، أو قبلها لتوالي زائدين ألا ترى أنا لو جعلنا الباء التي في احرنبي بعد النون وجب أن نقول أحرنبيت فيجتمع النون والياء وهما زائدان. فيخالف ما لحق به لأن النون في احرنجم وقعت بين حرفين أصليين وهما الراء والجيم ، وكذلك لو جعلنا الياء قبل النون لتوالي زائدين لأنا كنا نقول احينرب ولو جعلناها قبل الحاء ايحنرب ، فخرجت عن الحروف الملحقة لأنها لا تقع أولا ، وقد يقع الإلحاق في غير هذا البناء بعد عين الفعل وقبلها كقولك كوثر وجوهر قال : " وإذا ألحقوها في البقية توالت زائدتان مخالفة احرنجم ففرق بينهما ، كذلك فهذا جميع ما ألحق من بنات الثلاثة ببنات الأربعة مزيدة أو غير مزيدة".

يعني : لو ألحقوا الزيادة الملحقة اقعنسس واحرنبى في غير موضعهما بعد لام الفعل لتوالى زائدين يعني النون والحرف المزيد ؛ ففرق بين النون والحرف المزيد لذلك.

وقوله : " وهذا بجميع ما ألحق من بنات الثلاثة ببنات الأربعة مزيدا وغير مزيد".

يعني : بالمزيد ما ألحق من بنات الثلاثة ببنات الأربعة لحاق اقعنسس واحرنبى باحرنجم واخرنظم ، ويعني بغير المزيد لحاق سيلقى وكوثر بدحرج وجعفر.

قال : " وقد بين شركة الزوائد وغير ذلك شركتهما في الأسماء والأفعال من بنات الثلاثة".

١٨٣

يعني : أن الحروف الزوائد قد يشتركن في وقوعهن موقعا واحدا كما أن الياء والواو والألف قد اشتركن في وقوعهن موقعا واحدا ؛ أي قولك بهلول وحلتيت وشملال قال ولا تلحق الياء رابعة ها هنا ، ولا الميم فيقال" بهليل" ولا الميم فيقال" بهلمل" فالفاء والواو والألف قد اشتركن في لحاقهن رابعا فيما ذكرنا ، ولم يشاركن غيرهن من الحروف في ذلك ، وتقول أفكل فتلحق الهمزة زائدة أولا ولا تلحق الواو زائدة أولا ؛ فقد بين أن الحروف الزوائد قد تشترك في موضع وتختلف في موضع فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.

هذا باب من بنات الأربعة

في الأسماء والصفات غير مزيدة وما لحقتها من بنات الثلاثة بالزيادة كما لحقتها في الفعل أعلم أن هذا الباب يشتمل على الأبنية الرباعية الأصلية التي ذكرناها قبل ؛ وهي خمسة أبنية فعلل وفعلل وفعلل وفعلل وفعل غير مضاعف ، ويشتمل على ما لحق بهذه من الثلاثة ، فأما فعلل فلحق به من الثلاثي ثمانية أبنية وهي فوعل نحو حوقل وفيعل نحو زينب ، وفعول نحو جدول وفعلل بتضعيف لام الفعل كقولك مهدد وفعلى كقولك علقى وفعلن كقولك وعشن وفعلته كقولك سنبتة وفنعل كقولك عنسل وقد بينا فيما مضى أن هذه الحروف زوائد بما ذكرناه من الاشتقاق ، وأما سنبتة فالدليل على زيادة التاء فيها أن سنبة في معناها يقال مرت عليه سنية من الدهر ، وسبتة من الدهر ، وأما فعلل وهو نحو ترتم وحبرج فلحق به بناء واحد وهو فعلل بتكرير لام الفعل كقولك قعدد ودخلل ، وهذا الذي ذكره سيبويه وما زاد عليه وقد ألحقوا به بناء آخر غير الذي قال ، وهو فعلم بزيادة الميم في آخره كقولك زرقم وستهم وإما فعلل نحو زبرج فما ذكر سيبويه شيئا الحق به ، وقال غيره قد ألحق به بزيادة الميم دلقم ؛ وهي الناقة المسنة التي تكسرت أسنانها من الكبر وسال لعابها وهو مأخوذ من الدلق ، وهو خروج الشيء عن وعائه ومستقرة ، ويقال سيف دلوق إذا كان لا يستقر في غمده ، فلسيلان لعابها ، وإنها لا يستقر في فيها قيل ولقم وإما فعلل فنحو درهم فالذي ألحق به فيما ذكر سيبويه بناء واحد وهو فعيل بزيادة الياء بعد عين الفعل كقولك عثير وحذيم ، وأما فعل غير مضاف نحو قمطر وصغفل فالذي ألحق به بناء واحد بتضعيف اللام ، وبناء بزيادة ياء ، فإما الذي بتضعيف اللام فقولهم خدب ، وإما البناء الذي بزيادة الياء فقولهم جيفس ؛ فإن قال قائل فلم جعلتم خدبا ملحقا بقطر ولم تجعلوا معدا ملحقا بجعفر ، قيل له لأنها بحذاء الطاء من قمطر والطاء ساكنة والدال بحذاء الميم والميم مفتوحة والدال مفتوحة ، وأما معد فلو جعلناه على فعلل لوجب

١٨٤

أنا نقول معدد ليكون على نظم حركاته فإذا جعلت معد فعلل ، فقد حركت العين من معد ؛ وهي ساكنة من فعلل والدال الأولى ساكنة والذي بحذائها من فعلل اللام الأولى وهي متحركة ؛ فعلم أن معدد غير ملحق بجعفر إذ كان الملحق والملحق به نظم متحركاتهما وسكونهما وسواكنهما واحد ؛ فهذه أبنية الرباعي الأصول لا غير.

قال سيبويه : " وليس في الكلام فعلل إلا أن يكون محذوفا من مثال فعالل لأنه ليس حرف في الكلام يتوالى فيه أربع متحركات ، وذلك علبط إنما حذفت الألف من علابط وعرتن وجندل ليست من أصول الأبنية في الرباعي لأنهن مخففات عن غيرهن ، واستدل على ذلك أيضا بتوالي أربع متحركات فيهن ، وليس ذلك في شيء من الأبنية تفسير الغريب من الباب سلهب وطلحم طويلان شجعم من صفات الحيات وهو الضخم".

قال الشاعر :

قد سالم الحيّات منه القدما

الأفعوان الشّجاع الشّجعما

وقال غير سيبويه الميم في شجعم زائدة لأنه مأخوذ من الشجاعة ، وحطه سيبويه مع سلهب وخلجم ، وكأنه في مذهبه حروفه أصلية كلها جدول فهو والواو وزائدة ، ومهدد اسم امرأة ، وإحدى الدالين زائدة ، وعلقى نبت والترتم ما يبقى على المائدة من الطعام ، وكذلك ما يبقى على القصارة.

قال الشاعر :

لا تحسبن طعان قيس بالقنا

وضرابها بالبيض حسر الترتم

والبرثن برثن السبع والطائر والحبرج ، والجرشع من الخيل العظيم البطن ، والبصع الصغير الرأس الصلب ، والكندر الشديد من الحمير وغيرها ، وكذلك الكنيدر والكدرر والكنادر ، وقد جعل كندرا فعللا لأنه جاء به مع الجرشع ، ولقائل عندي أن يقول أنه فنعلل لأنهم يقولون كدر في معناه ؛ فتسقط النون والزبرج السحاب الأحمر ، والزبرج الذهب والزبرج زينة الدنيا ، الجفرد نبت ، العنقص المرأة الذميمة الخفيفة ، والحزمل الحمقاء ورجل زهلق سريع ، وكذلك حمار زهلق والقلعم ، وهو فيما زعم أبو عمر الجرمي من أسماء الرجال ومثله الدرقم ، وهو الساقط ، والهبلع الأكول ، والهجرج الطويل المضطربة والفطحل ، قال أبو عبيدة الفطحل زمن كانت الحجارة رطبة ، وكذلك تقول العرب أن الحجارة كانت رطبة.

١٨٥

قال رؤبة :

فقلت لو عمّرت عمر الحسل

أو عمر نوح زمن الفطحل

والصتعل تمر يحلب عليه لبن والهدمل من الرمل المستوي ، والهدمل بلد ، والهزبر من صفة الأسد ، والسبطر الطويل ، وعلابط وعلبط الغليظ من اللبن ، قال الراجز :

ما راعني إلا جناح هابطا

على البيوت قوطت العلابطا

والقوط القطيع من الغنم ، وإنما أراد القطيع الضخم ، والعجلط والعجالط والعكلط اللبن الخاثر ، والدودم والدوادم قال أبو عبيدة صمغ ، وقال بعضهم صمغ السمر والعرنتن نبات والجندل والجنادل ؛ وهو جمع الجندل وهو الصخر ، ومثله ذلاذل وذلذل ؛ وهو ما تخرق من أسفل القميص فناس من نواحيه ناس بالشيء إذا تعلق واضطرب.

هذا باب ألحقته الزوائد من بنات الأربعة غير الفعل

اعلم أن هذا الباب يشتمل على ما لحقته الزوائد من بنات الأربعة ، وكانت الزوائد التي لحقته تنقسم قسمين : أحدهما ملحق بذوات الخمسة ، والآخر غير ملحق بها ، فإما الملحق بها فهو ما كان على خمسة أحرف فيها زائد واحد ، وكان نظم سواكنه ومتحركاته على نظم سواكن ما لحق به ، ومتحركاته ، ولم يكن الزائد الذي فيه واو مضموم ما قبلها ولا ياء مكسور ، ما قبلها ، ولا الفاء ، وذلك نحو عميثل ملحق بسفرجل بزيادة الباء عليها ، وجحنفل ملحق به بزيادة النون.

وفردوس ملحق بجردجل بزيادة الواو ، وأنت تقف على الملحق من هذا الباب باستقرائه وتأمل كلام سيبويه ، وقياسه بأيسر الفكر إن شاء الله ، وأما غير الملحق فهو ما لم يكن على نظم متحركات بنات الخمسة وسواكنها وعدتها ، وكان فيها ياء مكسور ما قبلها أو مضموم ما قبلها ، أو ألف نحو عنقود وقربوس وقمحدوة ، وما أشبه ذلك ، وقد يتفق في ذوات الأربعة التي لحقتها الزوائد في الملحق منها وغير الملحق. أن يشاركها ذوات الثلاثة في البناء الذي بنيت عليه بزائد ، ومثلها من زوائد الثلاثة قلنسوة والنون في قلنسوة زائدة إلا أنها قد جعلت بمنزلة الحاء في قحدوة ، والحاء أصلية ، وذكر سيبويه المنجنون ببناءين مختلفين ؛ فقال في موضع من هذا الباب فعللول ، وقال بعده بقليل فعنلول فجعل النون الأولى زائدة ، فإما القول الأول فيوجب أن يكون من ذوات الأربعة لأن الميم أصلية ، والميم الأولى أصلية ، والجيم وإحدى

١٨٦

النونين الأخريين ، ويقضي على إحدى النونين الأخريين بالزيادة بسبب تكريرها في موضع لام الفعل على ما تقدم من جعل النون زائدة ؛ فهو من ذوات الثلاثة ، وإحدى النونين الأخريين زائدة لا محالة ؛ لأنهما قد تكررتا في محل في موضع لام الفعل ، ومن جعل الأولى أصلية جمعه على مناجين ، وكذلك تجمعه عامة العرب ، ومن جعلها زائدة جمعها على مجانين ، وهذان الوجهان من زيادة النون الأولى وغيرها قد ذكرهما الفراء على النحو الذي ذكره سيبويه ، وذكر فعنليل ؛ فقال منجنيق فجعل الميم أصلية والنون زائدة ، فأما جعله النون زائدة فلأنهم يجمعون المنجنيق على مجانيق ؛ فعلم أن النون زائدة ، فلما صح أن النون زائدة جعلت الميم أصلية لئلا يجتمع زائدان في أول الاسم.

وبهذا احتج بعض أصحابنا وقال بعض أهل العلم غير سيبويه أن النون الأولى والميم زائدتان ، وذكر أن من العرب من يقول جنقناهم إذا رميناهم بالمنجنيق. وقد خبرنا أبو بكر بن دريد عن أبي عبيدة أنه حكي بعض العرب أنه قال مازلنا بخنق ووزنها على هذا القول نفعل ، وذلك الفراء جنقناهم فزعم أنه مولد قال ، ولم أر أن الميم تزاد على نحو هذا ، وهذا يقوي أن الميم أصلية والنون زائدة.

قال سيبويه في أول هذا الباب : " اعلم أنه لا يلحق ذوات الأربعة شيء من الزوائد أولا الأسماء من أفعالهن ؛ فإنها بمنزلة أفعلت يلحقها الميم أولا".

يعني أن كل اسم وجد في أوله ميم وهمزة وبعدها أربعة أحرف أصول ؛ فإن الهمزة والميم يقضى عليهما بأنهما أصلان ، إلا أن تلحق الميم اسم فاعل جري على فعله كقولك دحرج وسرهف ؛ فهو مدحرج ومسرهف ، ولو وجدت الميم والهمزة في أول اسم وبعدهما ثلاثة أحرف يقضي عليهما بالزيادة ، إلا أن يقوم دليل يبين أنهما أصلان كالهمزة في أفكل والميم في تعقل ، وهذا أصل كبير من أصول التصريف ومعرفة الزوائد ، وكذلك قال النحويون في الهمزة في إبراهيم وإسماعيل أصلية لأن بعدها أربعة أحرف هي أصول ، وهي في إبراهيم الباء والراء والهاء والميم ، وفي إسمعيل السين والميم والعين واللام والهمزة والهمزة في الياس ، وفي أيدع زائدة لأن بعدها ثلاثة أحرف هي أصول فأما اليأس ؛ فبعد الهمزة للام والياء والسين والألف زائدة ؛ فقضي على الهمزة بالزيادة والياء بمنزلة الميم ، والهمزة إذا وجدت في أول اسم وبعدها ثلاثة أحرف أصول قضي عليها بالزيادة ، فمن ذلك يعقوب ويسروع ويرمع يقضى على الياء بالزيادة ، ولأن بعدها ثلاثة أحرف أصلية لأن العين والقاف والباء في يعقوب أصلية والواو زائدة ، وكذلك الواو زائدة في يسروع ،

١٨٧

وإذا كانت بعد الياء أربعة أحرف أصلية كقولهم يستعور السين والتاء والعين والراء أصليات ؛ وهي أربعة أحرف بعد الياء قضي على الياء بأنها أصلية على ما بينا فيستعور فعللول والياء أصلية ، وهو اسم موضع وقوله : " بمنزلة افعلت تلحقها الميم".

يعني : أن دحرج يلحقها الميم في اسم الفاعل كما يلحق كرمت.

قال : " فأما بنات الأربعة فكل شيء جاء منه على مثال سفرجل فهو ملحق ببنات الخمسة لأنك لو أكرهتها حتى تكون فعلا لاتفقا ، وإن كان الفعل لا تكون بنات الخمسة ولكنه تمثيل كما مثلت في باب التحقير ؛ إلا أن يلحقها الألف ألف عذافر وألف سرداح فإنما هذه كالياء بعد الكسرة ، والواو بعد الضمة" يعني أن كل شيء من بنات الأربعة زيد عليه حرف ؛ فصار على مثال الخمسة في نضد سواكنه ومتحركاته ؛ فهو ملحق بالخمسة على ما بينا.

ومعنى قوله : " لأنك لو أكرهتها حتى تكون فعلا" يعني لو شئت منها فعلا لكان سبيل ذلك الفعل كسبيل الذي يمكن بناؤه من سفرجل ، وإن كان لا يبنى منه فإن قال قائل فكيف يكون الفعل الذي يمكن بناؤه من سفرجل على الإكراه الذي ذكر سيبويه ، وإن كان لا يبنى منه. قيل له تقول سفرجل يسفرجل يشبهه تدحرج يتدحرج ، لأن تدحرج على خمسة أحرف ، وسفرجل على خمسة أحرف.

كما أنهم لو قالوا في جمع سفرجل وتصغيره على تمام حروفه لقلنا في الجمع سفارجل وفي التصغير سفيرجل تشبيها بصناديق وصنيديق لأن صندوقا على خمسة أحرف ، كما أن سفرجلا على خمسة أحرف ، ولا يسقط من سفرجل شيء كما لم يسقط من صندوق ، ويسكن الحرف الرابع منه في الجمع كما سكن من صندوق فهذا تمثيل أن لو بني منه فعل أو جمع لعمل على هذا ، فإذا وجدنا مثل مجنفل وحبنطي وأردنا أن نكرهه على بناء الفعل صار على مثال سفرجل ؛ فعلم أن جحنفل وحبنطى وما جري مجراها بمنزلة سفرجل ، وملحق به.

ومعنى قوله" أن يلحقها الألف ألف عذافر" قد بينا أن كل شيء فيه ألف أو ياء مكسور ما قبلها أو واو مضموم ما قبلها إنه ليس بملحق ففرافد وسرداح من ذلك ، وكذلك قنديل وزنبور لأن الياء والواو فيهما بمنزلة الألف حبوكر وحبوكري الداهية ،

١٨٨

فدوكس على ما ذكره أحمد بن يحيى في تفسير الأبنية الشديد.

وقال أبو بكر بن دريد : هو الغليظ الجافي ، وهو أيضا حي من تغلب بن وائل وصنوبر شجر والسرومط كساء يستظل به كالخباء ، وقال بعضهم كساء يلف فيه وطب اللبن أو غيره من الإزقاق ، وفي كتاب أبي عمر السرومط الطويل وأظنه غلطا والعشوزن الشديد والعرومط الطويل ، حبوتن موضع عبوثران ، ويقال عبيثران وهو نبت ، والكنهور السحاب العظام واحدها كنهورة ، بكهور ملك الهند ، يقال لكل ملك عظيم بكهور ، قندويل عظيم الرأس وهو مأخوذ من القندل ، والقندل العظيم الرأس والهندويل الضخم والشخوط والسرحوب الطويلان ، والقرضوب الفقي ، والبهلول السيد الضحاك والزرجون الخمر سميت بذلك لأنها في لون الذهب ، وأصلها من الفارسية ذرجون ذرذهب وجون اللون.

وقال أبو عمر الجرمي : هو صبغ أحمر وقرقوس قاع أملس ، وقلمون مطارف كثيرة الألوان ، وحلكوك أسوة شديد السواد ، ويقال أيضا حلكوك ، فردوس روضة والحرزون قال أبو عمر الجرمي دابة ، وفي تفسير الأبنية لثعلب عطاية ، والعلطرس قال أبو عمر الناقة الخيار الفارهة ، وقال بعضهم المرأة الحسناء والمعنيان يتقاربان ، والعذيوط الذي يحدث إذا دنا من امرأته ، والخيتحور الداهية وقال بعضهم.

ما يغر ويخدع قال الشاعر :

كل أنثى وإن بدا لك منها

آية الحب حبها خيتحور

الخيسفوج شجرة ، عيسجور الشديد من الإبل يخربوت ناقة فارهة حندقوق طويل مضطرب وقال بعضهم ، وهو شبه المجنون لإفراط طوله واضطرابه ، وأما هذا الذي تسميه العامة الحندقوق فهو عند العرب يسمى الزرق سميدع سيد العميثل الجلد النشيط الحفيتا القصير الحنيتل العريقصان ويخفف فيقال العرقصان دابة ويتكلم بالحذف ، والإثبات البرطيل حجارة دقاق تكون نحو ذراع ، كندير اسم رجل الشنظير السيئ الخلق ، الحرنبيش الخبيثة من الأفاعي ، واليهميم الذي يزبد ويهمهم ، والزحليل السريع ، والصهميم الشديد ، والخنذيذ الخصي والغرنيق الرفيع السيد ، والجمع الغرانقة دابة ، والبلهنية العيش الذي لا كدر فيه كنابيل اسم أرض وهي معرفة ، عرطيل طويل وقالوا غليظ ، حلقويز ثقيل ، ويقال عجوز كبيرة فيها بقية وغلفقيق داهية ، ويقال سريع ، وقمطرير شديد فنشليل قاله أبو عمر الجرمي هو معرفة البرمة ، وحكى عن الأصمعي عن خلف الأحمر أنه قال أغتا هي

١٨٩

أعجمية ، وإنما هي كفجلان فأعربته العرب ، وهذا التفسير ليس بمشاكل لما قال سيبويه لأنه ذكر فعلليل ؛ فقال بعد ذكره أمثلته ولا نعلمه جاء اسما ؛ فقد جعله صفة فيحتاج إلى طلب شيء يكون فنشليل نعتا له عفشليل الجافي ، وقد وجدنا أحرفا من هذا البناء غير نعت من ذلك قولهم ما يملك خريصيصا وفرنسيسا ؛ أي شيئا وبرقعيد اسم موضع يقال كساء عفشليل إذا كان جافيا ، ويقال للضبع عفشليل لجفائها برائل عرف كل شيء برائله ، ويقال برأل الديك إذا أنفش برائله ، وجعله سيبويه فعالل وجعل الهمزة أصلية لأنه ليس على زيادتها دليل ، وقال بعضهم هي زائدة ، واستدلوا على ذلك بالنظير لأن حطائط الهمزة فيه زائدة الجحادب ضرب من الجراد عتائد موضع ، فرافص من صفات الأسد ، الشديد القرافر الغليظ الشديد الدواسر الغليظ الجانب القراشب جمع قرشب وهو الحسن ، ويقال خاصة للقراة الحسن قرشب ، غرانيق جمع غرنوق ، وهو طائر ، السرداح الأرض الواسعة ، ويقال لكل ضخم أيضا سرداح ، والحملاق ما ظهر من الغين مما تواريه الأجفان ، السنغاف أعلى الشيء ، وهلباج الأحمق الكثير العيوب من الرجال.

قال سيبويه : " ولا يعلم في الكلام على مثال فعلال لا المضاعف من بنات الأربعة" يعني ما تكرر فيه لفظ فاء الفعل وعينه كقولك زلزال وجرجار ، وما أشبه ذلك وذكر غيره حرفا على فعلال غير مضاعف ، وهو خزعال يقال ناقة هاخزعال ؛ وهو سوء مشي من داء البرناسا والبرنساء الناس يقال" ما أدري أي البرناسا" هو" أي الناس هو" الغرناس ما يشخص من الجبل قال الهذلي :

في رأس شاهقة ابنو بها خصر

دون السّماء له في الجو فرناس

والفرناس أيضا شيء يلف عليه الصوف والقطن ثم يغزل ، حبركي قصير الظهر وطويل الرجل هذا قول أبي عمر الجرمي ، وفي تفسير الأبنية لثعلب الطويل الظهر القصير الرجلين ، وحبركي أيضا القراد جلعبي شديد غليظ ، قال أبو عمر الجرمي سألت الأصمعي ، فقال هو الممتلئ غضبا أو بطنه ؛ وهو مشتق من حبط بطته إذا امتلأ وعظم ، الحضبار الضخم ، محنبار وهو الضخم أيضا ، وفرنداد موضع ، جبار فرخ الحباري ومثله الجنبر ، طرماح طويل وفي تفسير ثعلب متكبر ، شقراق طائر شنقار خفيف جلباب وما رأيت أحدا فسره وأظنه يريد به الجلباب ؛ وهو القميص ، عقرباء معفوفة اسم بلدة ، وكذلك حرملا اسم بلد ، طرمسا شديدة الظلمة ، وقد جعلها سيبويه صفة فينبغي على

١٩٠

قوله أن يقال" ظلمة طرمساء" ؛ أي شديدة حتى يكون صفة ، والجلخطاء من الأرض الحزن منها يقال تركته بجلخطاء من الأرض أي بحزن ، غليظ الجربياء الريح الشمال الباردة ، العقربان الذكر من العقارب ، ويقال هو دخال الأذن ، وقردمان قال أبو عمر هو القباء المحشو ، وحكي عن أبي عبيدة أنه قال أصلها فارسية ، ولكنها أعربت قال بعضهم هو اسم للحديد ، وما يعمل منه وهو بالفارسية كردماني أي عمل وبقي ، وقال بعضهم هو اسم لبلد يعمل فيه السلاح ، عرقصان حكي عن أبي زياد أنه قال هو الخندقوق ، رقرقان وهو البراق الذي يترقرق والدحمسان وهو الرجل الأدم السمين ، والعردمان الشديد الغليظ الرقبة ، والحندمان وهو اسم قبيلة ويقال الخندمان ، حدرحان قصير شعشعان طويل خفيف ، ححجب حي من الأمصار وقرقري موضع وفرتن أمة ، وهي أيضا اسم امرأة واسم قصر ، والقهقري الرجوع إلى خلف والخيزلي مشية ، ويقال الخوزلي والخيزري والخوزري في هذا المعنى وذكر سيبويه هندباء في أسماء ، وفي موضع آخر هندبا بفتح الدال مقصور وممدود وهو اسم هذه البقلة ، وفسر أبو عمر الجرمي هندبا فقال هو الرجل الخفيف في الحاجة ، ويقال أن هذا تصحيف من أبي عمر من جهتين إحداهما أن سيبويه قال هندبا اسم ، وعلى تفسير أبي عمر يجب أن يكون نعتا والجهة الأخرى أن الخفيف في الحاجة يقال له مندباء مأخوذ من رجل ندب ، وهو الخفيف في الحاجة ، وهو مفعلا ، من ذلك الهربذي مشية والصحيح فيما ذكره في الهندبا أن يكون الموضع الأول هندباء ممدود ، والموضع الثاني هندبا مقصور ؛ لأنه جاء بعد ذلك بهربذي فجعله بناء آخر ، وهو فعللي ، سطري مشية فيها تبختر وضبغطي وضبغطري شيء يفزع به ، خنعبة الناقة الغزيرة اللبن كنهبل ضرب من الشجر حزنبل قصير وحزنبل نبات أيضا عبنقس سيئ الخلق قال الراجز :

ولو أراد خلقا عبنقسا

أقرة النّاس ولو تعجسا

فلنفس هجين من طرفيه قال أبو عمر الذي أبواه هجينان قال الراجز :

العبد والهجين والقلنفس

ثلاثة فأيهم تلمّس

وفي تفسير الأبنية لثعلب القلنفس في الجاهلية ولد الزنا ، وفي الإسلام مولى معرب وفي تفسيره أيضا القلنفس ناقة شديدة فإن قال قائل لم جعل سيبويه النون في حزنبل وعبنقس زائدة وقد يمكن أن يكون على وزن سفرجل ، وليس على زيادة النون دلالة من اشتقاق ولا غيره قيل له قد كثرت زيادة النون ؛ إذا وقعت ثالثة ساكنة فيما عرف بالاشتقاق نحو النون في حبنطي ، وما أشبه ذلك فحمل ما لم يعرف له اشتقاق على ما

١٩١

عرف اشتقاقه جحنفل غليظ الشفة عفنجج جلف جاف قال الراجز :

جلف إذا ساق بنا عفنججا

والضفندد الضخم الذي لا غناء عنده قال الراجز :

إني على ما كان من تحددي

ودقة في عظم ساقي ويدي

أروي على ذي العكف الصفنددي

أروي أي أشد عليه بالرواء في السفر ، والرواء الحبل يشد به العكمان ، والقنفخر بكسر القاف ، وبضمها الفارة في نوعه ، وقد ذكرناه فيما تقدم إن شاء الله تعالى.

هذا باب لحاق التضعيف فيه لازم كما ذكرت لك في بنات الثلاثة

اعلم أن هذا الباب يشتمل على ذوات الأربعة التي لحق عينها تضعيف ، أو لحق عينها تضعيف أو لحق لامها ، فمنه ما يلحق بذوات الخمسة لاستواء نظم السواكن والحركات ، وليس فيه شيء يفسر سوى غريبه فمن ذلك علكة.

قال أبو عمر الجرمي وثعلب في تفسير الأبنية هو الغليظ ، ويروى عن أبي العباس المبرد أنه قال العلكد والعلكاء في معنى واحد وهي العجوز المسنة ، وأنشد عن التوزي عن أبي زيد وعلكد ختلتها كالخف الخنلة ما بين السرة والركبة والهلقس الشديد من الجمال والناس والشنعم بالعين غير المعجمة ذكره سيبويه ولم يعرفه أحد ، ولكن قال أبو العباس ثعلب يقال رحم رجل شعم أي عريض قال فأظن شنعم منه كما قالوا في شجم شنجم ، وهذا الذي قال أبو العباس يخالف غرض سيبويه لأن الباب إنما يذكر فيه ذوات الأربعة التي لحقها حرف من جنس عينه أو لامه ، وإذا جعلنا أصله شقم فقد جعلناه من ذوات الثلاثة ، الهمقع نبت قال أبو عمر الجرمي هو ثمر القضب قال الفراء قد كنت سمعت أنه نبت فقال لي أبو شنبل الهمقع والهمقعة الأحمق والحمقاء ، وما يوجبه كلام سيبويه أنه نبت أو ثمرة ، وأنه ليس بالأحمق ؛ لأنه يقال هو اسم الزملق ، قال أبو عمر الذي ينزل قبل أن يجامع قال ثعلب في تفسير الأبنية الدملص والزملق الذي ينسل من القوم يخرج من بينهم ، الضمخر الضخم العظيم من الإبل والرجال ، والشمخر المتعظم ، الزنجس الضخم والهنفرج الاختلاط الشفلخ ثمر الكبر على كلام سيبويه لأنه جعله اسما ، والشفلخ في باب الصفة الغليظ الشفتين ، العدبس الضخم ، العملس الخفيف ، ويقال للذئب عملس من أجل ذلك ، العجفس الضخم الثقيل البطيء ، الصفرق قال ثعلب في الأبنية هو نبت والزمرد

١٩٢

معروف والزونك والزوزنك والزونكى كله القصير قال الراجز :

وزوجها زونزك زونزى

يفزع إن خوّف بالضّبغطى (١)

العطود يقال سفر عطود إذا كان طويلا ، سبهلل الفارع ، ويقال الضلال ابن السبهل لما لا يحصل ، ومثله في المثال ، والمعنى جميعا السبغلل والصمحدد مثله في المعالي ومعناه الخالص من الشيء يقال شربنا صمحدة ؛ أي خالصة ، القفعدد القصير في تفسير الأبنية لثعلب العربد حية بفتح ، ولا ضرر لها ، ومنه سمي المعربد ، وقال ثعلب حية خفيفة ، القرشب المسن القهقب الضخم ، القسقم الضخم ، وكذلك قسحب الطرطب الهرشف الشديد الشرب ، وقال بعضهم خرقة ينشف بها الماء من الحوض قال الراجز :

ربّ عجوز رأسها كالقفّه

تحمل جفا معها هرشفّه (٢)

الغلود الشديد.

هذا باب تمثيل الفعل من بنات الأربعة

مزيدا وغير مزيد فإذا كان غير مزيد فإنه لا يكون إلا على مثال فعلل ، اعلم أن هذا الباب غرض سيبويه فيه تبيين الفعل الذي فيه أربعة أحرف أصلية ؛ وهو على ضربين أحدهما ليس فيه زائد وهو دحرج وسرهف وما أشبه ذلك ، والثاني فيه زيادة وهو ثلاثة أبنية أحدها تفعلل مثل تدحرج بزيادة التاء وحدها ، والثاني فعلل نحو افعلل واطمأن والثالث افعنلل نحو اجرنجم واخرنطم فمعنى قوله مزيدا يعني هذه الثلاثة الأبنية ، وغير مزيد يعني دحرج وسرهف وما أشبه ذلك ، وقد ذكرنا هذه الأبنية مستقصاه فيما تقدم.

هذا باب تمثيل ما بنت العرب من الأسماء والصفات من بنات الخمسة

وليس لبنات الخمسة فعل كما أنه لا يكسر للجمع لأنها بلغت أكثر الغاية ؛ مما ليس فيه زيادة فاستثقلوا أن تلزمهم الزوائد فيها لأنها إذا كانت فعلا فلابد من لزوم الزيادة.

اعلم أن هذا الباب يشتمل على أبنية الخماسية ؛ وهي أربعة أبنية ، وقد ذكرناها فعلل سفرجل وفعلل نحو قزعمل وفعلل نحو قهلبس.

قال سيبويه : " ولا يكون من هذا فعل استثقالا لا أن تلزم الزيادة".

يعني : أنك لو صرفت من ذلك فعلا لزمك أن تجعل فيه علامة الاستقبال في أوله ،

__________________

(١) تاج العروس ١٩ / ٤٤٣ ، المخصص ٤ / ٤٩٥.

(٢) تاج العروس ٢٣ / ٨٩ ، جمهرة اللغة ٢ / ١١٥٢ ، المخصص ٢ / ٤٦٤.

١٩٣

وضمائر الفاعلين في آخره ، وتجعل في اسم الفاعل الميم ؛ فتكثر حروفه فيستثقل ، وقد يلحق بالخمسة ذوات الثلاثة على ضربين أحدهما أن يلحق ذو الثلاثة بالخمسة بزيادتين يلحقانه معا فيصير لا حقا بالخمسة ، والآخر أن يلحق ذو الثلاثة بذوات الأربعة بزيادة ، ثم تلحق زيادة أخرى فتلحقه بذوات الخمسة ، فأما ما لحق من ذوات الثلاثة ، وذوات الخمسة في أول أمره فهو ما لم أسقطت أحد زائديه لم يكن الباقي من حروفه على مثال ما يلحق بالأربعة كصمحمح وعثوثل لحقت عثوثل بسفرجل بزيادة الواو وإحدى التاءين ، ولو أسقطنا الواو يعني عثعثل فيلحق عينان من مثال الفعل ، وليس في شيء من الملحق زيادة عين على عين غير مدغم ، وأما ما يلحق بالرباعي فهو ما يزاد عليه من جنس لامه ، أو في وضع اللام ، ثم يزاد عليه من جنس لامه أو في موضع اللام ، ثم يزاد عليه حرف آخر ، وذلك قولك عفنجج وحبنطى كان الفعول ، ودخلت على عنجج وحبنط وعنجج وحبنط قد يكون مثله ملحقا به وعثوثل كقولك قردد ، وعلقي تفسير الغريب منه الشمردل الطويل كفعلل وجنعدل غليظ شديد همرجل خفيف سريع عثوثل ؛ وهو الضخم المسترخي القهبلس العظيم من الكمر الجمحرش العجوز المسنة.

قال الراجز :

قد قرنوني بعجوز جحمرش

كإنما دلالها على الفرش (١)

من آخر الليل كلاب تهترش

صهصلة صخابة حادة الصوت.

قال سيبويه : " همرش" ملحق بقهبلس بزيادة عين الفعل منه وهو الميم فمثاله على ما قال فعلل وخالفه الأخفش ؛ فقال همرش هو فعللل في الأصل غير ملحق بشيء ، وليس فيه حرف زائد ، وهذه الميم المشددة هي في الأصل نون وميم أدغمت النون في الميم ، وكان الأصل هنمرش ، وإذا صغر قال هنيمر فيحذف الشين كما يقول في تصغير قهبلس قهيبل ، واستدل الأخفش على ذلك بأن قال لم نجد في بنات الأربعة شيئا على هذا المثال يعني شيئا ملحقا به فحملناه على ذوات الخمسة ، وليس الأمر على ما قاله الأخفش لأنا قد وجدنا في كلامهم جروقمروش ، وهو ملحق بجحمرش بزيادة الواو ومعناه إذا كبر الجرو وخدش ؛ فإن قال قائل فما تقول في ميم همقع قيل له هما ميمان لأن همّع لو جعلنا إحدى

__________________

(١) لسان العرب ٤ / ١٢٤ ، الحيوان ٧ / ١٦١.

١٩٤

ميميه نونا لكان خارجا على أمثلة ذوات الخمسة الأصلية فلم يحتج إلى أن يجعل أصله نونا لتلحقه بذوات الخمسة ، وإذا صغرت همرش على قول سيبويه قلت هميرش لأن إحدى الميمين عنده زائدة ؛ فهي أولى بالحذف ، وقد أجاز الأخفش تصغيره على هذا الوجه فإن قال قائل لم لم تبين النون في همرش على مذهب النون كما بينت في أنملة ، قيل له إنما أدغمت في همرش لزوال اللبس بينت في أنمله لو لم يبينوها في أنملة لقالوا أملة فالتبس بفعله مثل بقم وبابه ، وليس لهم مثال يلتبس به لو أدغم ألا ترى أنهم قالوا أنملة فبينوا ، وقالوا أمححي الكتاب فإذا أدغموا لزال اللبس ؛ إذ قد علم أنه على انفعل ، وليس له مثال يلتبس به في هذا الموضع ، ولم يقولوا انمحى ، ومعنى هموش عجوز مسنة ، وفي كتاب العين الرباعي من الهاء همرش جحمرش ، وهذا يدل على أن الخليل جعل الميم مضاعفة ولم يقدر نونا وقال :

إنّ الكلاب تحترش

في بطن أم الهمّرش

قبعثن الضخم من الإبل قد عمل يقال ما أعطاني قد عمله أي ما أعطاني شيئا ، ويقال للناقة الشديدة قذعملة ، وقذعميل القرطعب يقال ما في السماء قرطعب ولا قرطعبة أي سحاب ، وقال ثعلب قرطعب دابة شديدة جردحل ضخم شديد حقرقر قصير هردحل قصير عريض العقنقل الرمل المعوج.

هذا باب ما لحقته الزيادة من بنات الخمسة

كلام سيبويه في هذا الباب مفهوم ، وفيه أحرف من الغريب نفسرها ، فمن ذلك السلسبيل اللين الذي لا خشونة فيه ، والخندريس من أسماء الخمر والعندليب ، ويقال العندليب طائر صغير والعرب تقول وهو يصيد ما بين الكركي إلى العندليب دردبيس الداهية والدردبيس العجوز المسنة قال الراجز :

عجيز لطعاء دردربيس

أحسن منها منظرا إبليس (١)

والدردبيس خرزة تحبب المرأة إلى زوجها عندهم علطميس وفي كتاب سيبويه في موضع علطميس عرطبيس ، وفسره بعضهم الشابة وفيه نظر قذعميل في معنى قذعمل ، وقد مضى التفسير وخزعبيل الباطل من كلام ومزاح خنفبيل شديد بلعبيس الأعاجيب درخميل ودرخمين داهية والدرخمين الضخم من الإبل وغيرها قال الراجز :

__________________

(١) تاج العروس ١٦ / ٦٣ ، جمهرة اللغة ٢ / ٩١٦.

١٩٥

أنقب عبرعانة درخمين

عضرفوط دابة ، قرطبوش داهية ، قرطيوس ناقة عظيمة شديدة ، يستعور بلد بالحجاز ، ويقال ذهب في اليستعور أي ذهب في الباطل قال الشاعر :

أطعت الآمرين بصرم سلمى

فطاروا في عضاه اليستعور (١)

وهو في هذا الموضع يحتمل الأمرين ، قبعثري جمل ضخم شديد ، ملزز كثير الوبر ضبغطري شديد.

هذا باب ما أعرب من الأعجمية

اعلم أن هذا الباب يشتمل على ثلاثة أوجه ؛ فوجه منها غيرت حروفه أو حركاته ، وألحق بأبنية العرب ، ووجه غيرت حروفه ولم يلحق بأبنية كلامهم ووجه لم تغير حروفه ، ولم يزل بناؤه ، وكان لفظه في العربية كلفظه في الأعجمية ، فأما ما غيرت حروفه أو حركاته ، وألحق ببناء العرب ؛ فنحو درهم وبهجر وبهرج ألحق بهجرع وجعفر وغير ذلك مما ذكره سيبويه ، وأما ما غيرت حروفه ولم يلحق بأبنيتهم فأبريسم وإسماعيل وسراويل والأصل فيهن السين ، وفيروز وفاؤه بين الفاء والباء وليس فيه باء وأصل قهرمان بالفارسية كهرمان بالكاف ، وأما ما يغير منه شيء فنحو خراسان ، وخرم موضع والكركم ومعناه الزعفران والكركمان الرزق. قال الراجز :

كل امرئ ميسّر لشأنه

لرزق الغادي وكركمانه

قال سيبويه عقيب ذكره ما غيرته العرب من أبنية كلام العرب وحركاته : " وإنما دعاهم إلى ذلك أن الأعجمية يغيرها دخولها العربية بإبدال حروفها ؛ فحملهم هذا التغيير على أن أبدلوا وغيروا الحركة كما يغيرون في الإضافة إذا قالوا هني نحو زباني وثقفي" يعني أنهم يغيرون كلام العرب في أبنيته وحركاته كما جاز أن يغيروا حروفه ؛ لأنه قد يكون في حروفهم ما ليس مثله في حروف كلام العرب فيغيرونه إلى أقرب الحروف منه وأشبهها به ، فمن حيث جاز لهم تغيير الحروف جاز لهم تغيير الأبنية ، وكما يغيرون في النسبة كقولهم زباني في النسبة إلى زبنية ، وثقفي في النسبة إلى ثقيف ، وكما قالوا دهري وسهلي في النسبة إلى الدهر والسهل.

__________________

(١) قائل البيت عروة بن الورد انظر جمهرة اللغة ٢ / ١٢٢٢.

١٩٦

وقال سيبويه في آخر هذا الباب" وربما غيروا الحرف الذي ليس من حروفهم ولم يغيروه عن بنائه في الفارسية نحو فرند وبقم وآجر وجربز يعني غيروا لفظ الحرف فجعلوه فاء محضة أو ياء محضة ، وأصلها ليس كذلك ثم لم يجعلوه على شيء من أمثلتهم.

هذا باب اطراد الإبدال في الفارسية

اعلم أن العرب تبدل من كلام العجم ، وذلك في عشرة أحرف ؛ وهي الجيم والكاف والباء والفاء والقاف والسين والشين والعين واللام والزاي ، وهذه الحروف تنقسم قسمين أحدهما يطرد إبداله ، والآخر لا يطرد إبداله ؛ فأما ما يطرد فخمسة أحرف الجيم والكاف والباء والفاء والقاف ، وأما ما لا يطرد إبداله فخمسة أحرف السين والعين والشين واللام والزاي ، فأما الجيم والكاف فتبدلان من الحرف الذي بين الجيم والكاف فربما كان البدل من ذلك الجيم ، وربما كان الكاف ، فأما قولك جورب وجزبر والآجر ، وأما الكاف فقولك كربج وكوشج ، وربما أبدلوا من ذلك قافا كقولهم قربق وكيلقة ، ويبدلون الجيم من الهاء في آخر الكلمة كقولهم في الحق موزج وكوسج وفالوزج ، وإنما أبدلوا من الهاء جيما لأن ما كان آخره هاء في كلام الفرس إذا وقفوا جعلوه هاء وإذا وصلوا جعلوه ياء والياء من مخرج الجيم ؛ فجعلته العرب جيما من أجل الياء التي تنقلب إليه في الوصل ألا ترى أنهم يبدلون من الياء جيما في الوقف في قولهم علج وبرنج في موضع علي وبرني ، وربما قلبوا الجيم قافا فقالوا فالوذق وفالوزج وكربج وكربق.

قال الشاعر :

ما شربت بعد طويّ القربق

من قطرة غير النّجاء الأدفق (١)

وأما الباء والفاء فيبدلان من الحروف الياء والقاف فربما جعلوه باء ، وربما جعلوه فاء ؛ فأما ما جعل فاء فقولهم فندق وفرند ، وأما الباء فقولهم برند بالباء ، وأما السين فيبدلونها من السين كقولهم ابريسم ، وأصله بالشين في كلام العجم ، وكذلك إسماعيل اسماول وربما أبدلت الشين من السين لاجتماعهما في الهمس والانسلال ومثله سراويل وأصله شروال والعين في إسماعيل بدل من الواو في اسماول ، وإنما أبدلوا العين من هذه الواو لأن هذه الواو في لغتهم بين الهمزة والواو فكأنها بدل من الهمزة لقربها منها ، وأما ما أبدل

__________________

(١) كتاب سيبويه ٤ / ٣٠٦ ، لسان العرب ١٠ / ٣٢٠.

١٩٧

من اللام فقولهم فقشليل ومعناه المعرفة وأصلة في لغتهم كفجليز فجعلوا الزاي لاما ، واتبعوه اللام الأولى وجعلوا الكاف قافا ، وجعلوا الجيم شينا ، وذلك لأنها ليست بالجيم المحضة في لغتهم ، وإنما هي بين الجيم والشين ، وأما الزاي فقولهم في النسب إلى الري رازي وإلى مرو مروزي ، وذلك لأن النسبة في لغتهم إلى هاتين المدينتين بالجيم كقولهم مروجي وراجي.

هذا باب ما تجعله زائدا

من حروف الزوائد وما تجعله من نفس الحرف اعلم أنا قد ذكرنا جملة الطرق التي يعلم الحرف الزائد في ابتداء تفسير التصريف من هذا الكتاب ، ولكنا نذكر ما اعتاص من لفظه في هذا الباب فنفسره ونتبع ما أغفلناه هناك فنستقصيه ها هنا إن شاء الله تعالى.

قال سيبويه : " فالهمزة إذا لحقت أولا رابعة فصاعدا فهي مزيدة أبدا عندهم ألا ترى أنك لو سميت رجلا بأفكل وأيدع لم تصرفه ، وأنت لا تشتق ما تذهب فيه الألف" يعني : أن الهمزة إذا دخلت في أول الكلام ، وبعدها ثلاثة أحرف حكم عليها بأنها زائدة نحو أحمر وأشهب ، وكذلك إذا دخلت أولا وبعدها أكثر من ثلاثة أحرف غير أن فيما بعدها زوائد ، وقد عرفت وتبقى منها ثلاثة أحرف أصول نحو أفحاض وأسحلان يحكم على الهمزة الأولى بالزيادة ، ومعنى قوله" رابعة فصاعدا" يعني رابعة في العدد فصاعدا فإن قال قائل ليس من قولك إذا دخلت على اسم أولا وبعدها أربعة أحرف أصلية قضي عليها بأنها أصلية ، ولم يحكم عليها بالزيادة كالهمزة في إبراهيم وإسماعيل ، وما أشبه ذلك قيل له نعم فإن قال فإذا كان كذلك فلم جعل الهمزة مزيدة أبدا إذا لحقت رابعة فصاعدا قيل له يعني بقوله فصاعدا في العدد ، ويكون شرط الزيادة لا يكون بعدها أربعة أحرف أصول.

ومعنى قوله" ألا ترى أنك لو سميت بأفكل ، وأبدع لم تصرفه" يعني أن الهمزة في أفكل وأيدع قد قضي عليها بالزيادة لما ذكرناه من كثرة زيادة الهمزة في مثل هذا الموضع بالاشتقاق ، وأفكل وأيدع لا اشتقاق لهما فحملا على ما له اشتقاق فلما حملا على ما عرف زيادته صار بمنزلة المشتق ؛ فإذا سمي رجل بأفكل وأيدع لم ينصرف لاجتماع علتين فيهما ، وهما التعريف ووزن الفعل لأنهما على وزن أفعل مثل أذهب.

١٩٨

قال سيبويه : " ومما يقوى أنها زائدة أنها لم تجئ ولا في الفعل فتكون عندهم بمنزلة رحرح فترك صرف العرب لها وتركها أولا زائدة والحالة التي وصفت في الفعل يقوي إنها زائدة" يعني : أن الهمزة في أفكل وأيدع يقوي أنها زائدة أنا لم نر في كلام العرب فعلا في أوله همزة ، وبعدها ثلاثة أحرف على قولهم رجل مالوق إذا كان به أولق وهو جنون وإنما صار مالوق أبين في الاستبدال لأن التي تجوز أن تكون ولق وقلبت الواو همزة لانضمامها مثل قوله" إذا الرسل أقتت" في معنى وقتت قال وكذلك الأرطى.

يعني أن الهمزة فيه أصلية لأنك تقول أديم ما روط وزنه مفعول والهمزة فاء الفعل والألف التي في آخره زائدة ، ولو كانت الهمزة زائدة لوجب أن تكون الألف منقلبة من ياء أصلية أو واو فكان يلزم أن يقال في مفعول مرطي ، أو مرطو كما يقال مرمي ومغزو ، وعن أبي عمر الجرمي قد حكي أديم مرطي فمن قال ذلك جعل الهمزة زائدة والياء أصلية.

قال : " والأمر لأنه صفة فيه مثل ما قبله" يعني أن الهمزة في أمر غير زائدة لأنه صفة والصفة تجيء على فعل وفعلة ، كقولك مررت بنحل يصح ورجل امعة ، ولا يجيء على أفعل فلو جعلنا الهمزة زائدة صار على أفعل صفة ، وليس ذلك في الكلام قال أمرؤ القيس :

ولست بذي رثية أمر

إذا قيد مستكرها أصحبا (١)

قال سيبويه : " ومنبج الميم منزلة الألف" يعني : أنه يقضي على الميم بالزيادة إذا وجدت في أول اسم وبعدها ثلاثة أحرف أصلية بمنزلة الهمزة لكثرة دخولها ذلك كالميم في معقل ومحرن ومنجل ، وما أشبه ذلك فمنبج لم يعرف له اشتقاق فحمل على نظائره نحوه مضرب ومسجد وما أشبه ذلك.

قال : " فأما المغري فالميم من نفس الحرف لأنك تقول مغر ، ولو كانت زائدة لقلت غرا" يعني : أنهم لما قالوا مغر علم أن الميم أصلية لأنه لا يجوز أن تكون كلمة على ثلاثة أحرف ، وأولها ميم زائدة ومغر على فعل ولو كانت الميم زائدة في مغري ، ثم بنينا منه فعل لقلنا غرا ، وكذلك الميم في مغر أصلية بقولهم تمعدد الرجل إذا ذهب مذهب

__________________

(١) الديوان ٤٨ ، مقاييس اللغة ١ / ١٣٨ ، أساس البلاغة ١ / ٣٤٨.

١٩٩

معدو تمعدد تفعلل ، ولو كانت الميم زائدة كان تمعدد على وزن تفعل ، ولا يعرف تمفعل إلا في قولهم تمسكن من المسكنة وتمدرع من المدرعة ، وتمندل من المنديل ، والأجود في هذه الأحرف تسكن وتدرع ، وتندل ، قال : فأما منجنيق والميم فيه من نفس الحرف لأنك إن جعلت النون من نفس الحرف فالزيادة لا تلحق بنات الأربعة أولا ، وإن كانت النون زائدة فلا تزاد لأنه لا ينتقي في الأسماء ولا في الصفات التي ليست على الأفعال المزيدة في أولها حرفان زائدان متواليان قد كنا بينا إن النون منجنيق زائدة ، وأن الميم أصلية فيما سلف من التفسير.

فأما سيبويه فإنه قصد أن يبين أن الميم في منجنيق زائدة ، فقال الدليل على زيادتها أن النون لا تخلو من أن تكون أصلية أو زائدة ؛ فإن كانت أصلية فبعد الميم أربعة أحرف وهي النون الأولى والجيم والنون والقاف ، وإذا دخلت الميم على أربعة أحرف أصلية لا يحكم عليها بالزيادة كالهمزة إذا دخلت على أربعة أحرف لا يحكم عليها بالزيادة ، وإن كانت النون زائدة قضي أيضا على الميم أنها أصلية لأنه لا يجتمع في أول الأسماء والصفات حرفان زائدان إلا أن يكون من أسماء الفاعلين التي تجري على الأفعال كقولنا منطلق به ومستغفر ؛ لأنه جار على انطلق واستغفر ثم قال : " ولو لم يكن في هذا لأن الهمزة التي هي نظيرتها لم تقع بعدها الزيادة لكانت حجة" يعني : أنه لو لم يكن في هذا من الحجة إلا أن الهمزة التي هي نظيرة الميم في زيادتها لم توجد زيادة وبعدها حرف زائد ؛ لكان حجة على أن النون لما كانت زائدة لم يخل أن تكون الميم زائدة.

قال : " فإنما منجنيق بمنزلة عنتريس ومنجنون بمنزلة عرطليل" يعني : أن منجنيق فنعليل ، والنون الأولى فيه زائدة بمنزلة عنتريس ، والنون في عنتريس زائدة لأنه مأخوذ من العترسة ؛ وهي الشدة والعنتريس الشديد والنون الأولى في منجنون أصلية فهي بمنزلة الراء من عرطليل ، ووزنه فعلليل ، والعرطليل والعرطل الطويل ، وقد ذكرنا تفسير منجنون ومنجنيق فيما مضى مستقصى.

قال : " وكذلك ميم ماحج ومهدد" وهما أصليتان ملحقتان بجعفر ، والدليل على أنهما أصليتان أنهما لو كانتا زائدتين لقيل ماج ومهدكما قيل مدد ومغر إلا أنه قد جاء باجج اسم موضع ، وكان ينبغي أن يكون يبنج وهو يفعل فجاء على الأصل كما قالوا قود

٢٠٠