الحدائق الناضرة - ج ١١

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١١

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٠

انما يقتضي عدم وجوب الترتيب ، فإن إطلاقها دال على وجوب قضاء ما لزمه من نفسه وما لزمه من غيره وأما انه يرتب بينهما فلا يفهم ذلك منها بوجه. وأما الثالث فالظاهر التخيير لعدم الدليل على رجحان واحد من الاحتمالين المذكورين في كلامه.

السادسة ـ قال في الذكرى : لو مات هذا الولي فالأقرب أن وليه لا يتحملها لقضية الأصل والاقتصار على المتيقن سواء تركها عمدا أو لعذر. انتهى.

أقول : من المحتمل قريبا القول بوجوب التحمل لظاهر الأخبار المتقدمة ، فإن قوله في صحيحة حفص (١) «في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام؟ قال يقضى عنه أولى الناس به». شامل لما لو كانت تلك الصلاة التي في ذمته وعليه من فوائت صلاته ومما لزمه تحمله عن غيره ، ونحوها مرسلة ابن ابى عمير (٢) ونحوها الروايات الدالة على الصوم ، فان الجميع ظاهر في العموم لصدق كونه عليه.

السابعة ـ قال في الذكرى : الأقرب انه ليس له الاستئجار لمخاطبته بها والصلاة لا تقبل التحمل عن الحي. ويمكن الجواز لما يأتي ان شاء الله تعالى في الصوم ولان الفرض فعلها عن الميت. فان قلنا بجوازه وتبرع بها متبرع أجزأت أيضا. انتهى أقول : قد تقدم في الرواية الحادية عشرة ما يدل على جواز الحج والصلاة والصدقة عن الأحياء والأموات من القرابة والأصحاب ، والسيد ابن طاوس (قدس‌سره) تأوله في الحي بما يصح فيه النيابة من الصلوات ، والظاهر ان مراده مثل ركعتي الطواف نيابة وصلاة الزيارة نيابة دون ما عدا ذلك ، وهو ظاهر كلمة الأصحاب في هذا الباب.

ويعضده ما في الحديث العشرين حيث «سأله السائل عن الرجل يريد ان يجعل اعماله من الصلاة والبر والخير أثلاثا له ولأبويه وكان أحدهما حيا والآخر

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أحكام شهر رمضان ، وفي الفروع ج ١ ص ١٩٦ والوسائل والوافي باب (من مات وعليه صيام) «أولى الناس بميراثه» :.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من قضاء الصلوات.

٦١

ميتا؟ فكتب اليه : أما الميت فحسن جائز وأما الحي فلا إلا البر والصلة» وهو ظاهر بل صريح في عدم جواز الصلاة عن الحي وجوبا أو استحبابا ، لأنه إنما رخص له في الحي بالبر والصلة دون الصلاة التي هي مذكورة معهما في السؤال ، ومن ذلك يظهر ان الأقرب عدم صحة الاستئجار من الولي.

وأما ما علل به إمكان الجواز ـ من حصول ذلك في الصوم وكون الفرض فعلها عن الميت ـ ففيه ما ذكره السيد السند (قدس‌سره) في المدارك في مسألة الصوم بعد أن نقل عن جده انه لو تبرع بعض بالقضاء سقط عن الولي ، وان وجه السقوط حصول المقتضى وهو براءة الذمة ، حيث قال : ويتوجه عليه ان الوجوب تعلق بالولي وسقوطه بفعل غيره يحتاج الى دليل ، ومن ثم ذهب ابن إدريس والعلامة في المنتهى الى عدم الاجتزاء بفعل المتبرع وان وقع باذن من تعلق به الوجوب لأصالة عدم سقوط الفرض عن المكلف بفعل غيره. وقوته ظاهرة. انتهى وهو جيد. والله العالم بحقائق أحكامه و

أولياؤه القائمون بمعالم حلاله وحرامه.

المقصد الثاني في صلاة الجماعة

وفضلها عظيم وثوابها جسيم وقد ورد فيها عنهم (عليهم‌السلام) من ضروب التأكيدات ما كاد يلحقها بالواجبات :

روى الشيخ عن عبد الله بن ابى يعفور عن ابى عبد الله عليه‌السلام (١) قال : «هم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بإحراق قوم في منازلهم كانوا يصلون في منازلهم ولا يصلون الجماعة ، فأتاه رجل أعمى فقال يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انى ضرير البصر وربما اسمع النداء ولا أجد من يقودني إلى الجماعة والصلاة معك؟ فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شد من منزلك الى المسجد حبلا واحضر الجماعة».

وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٢) قال : «سمعته

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٢ من صلاة الجماعة.

٦٢

يقول : ان أناسا كانوا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابطأوا عن الصلاة في المسجد فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد ان نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم فتوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم».

وروى في الفقيه مرسلا (١) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقوم : لتحضرن المسجد أو لأحرقن عليكم منازلكم».

وروى الشيخ بسند معتبر عن عبد الله بن ابى يعفور عن ابى عبد الله عليه‌السلام في حديث العدالة الطويل المتقدم في باب صلاة الجمعة (٢) قال عليه‌السلام : «والساتر لجميع عيوبه ـ حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وغيبته ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس ـ التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهم وحافظ على مواقيتهن بحضور جماعة المسلمين وان لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا من علة ، وذلك ان الصلاة ستر وكفارة للذنوب ولولا ذلك لم يكن لأحد أن يشهد على أحد بالصلاح. لان من لم يصل فلا صلاح له بين المسلمين لان الحكم جرى فيه من الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحرق في جوف بيته ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا صلاة لمن لا يصلى في المسجد مع المسلمين إلا من علة. وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا غيبة إلا لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا ، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجبت على المسلمين غيبته وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه ، وإذا رفع الى امام المسلمين أنذره وحذره فان حضر جماعة المسلمين وإلا أحرق عليه بيته.».

وعن عبد الله بن سنان في الصحيح (٣) قال : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذ بأربع وعشرين درجة». أقول : الفذ بالفاء والذال المعجمة : الفرد.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من صلاة الجماعة.

(٢) ج ١٠ ص ٢٥.

(٣) الوسائل الباب ١ من صلاة الجماعة. وفي التهذيب باب فضل الجماعة «الفرد» نعم في الوافي باب فضل الجماعة كما هنا ، واللفظ في الجميع هكذا «تفضل على كل صلاة.».

٦٣

وعن زرارة في الحسن (١) قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما يروى الناس ان الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين صلاة؟ فقال صدقوا. فقلت الرجلان يكونان جماعة؟ فقال نعم ويقوم الرجل عن يمين الامام».

وفي كتاب المجالس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة».

وقال الصدوق : قال ابى (قدس‌سره) في رسالته الى (٣) صلاة الرجل في جماعة تفضل على صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين درجة في الجنة.

وقال عليه‌السلام في كتاب الفقه الرضوي (٤) «وصلاة واحدة في جماعة بخمس وعشرين صلاة من غير جماعة ، وترفع له في الجنة خمس وعشرون درجة».

وروى في كتاب المجالس في خبر الأعمش (٥) قال : «قال الصادق عليه‌السلام فضل الجماعة على الفرد بأربع وعشرين». ونحوه في كتاب العيون (٦) في ما كتبه الرضا عليه‌السلام للمأمون.

أقول : ما دل من هذه الأخبار على أربع وعشرين درجة فالمراد به بيان الفضل الذي به يحصل الزيادة وما دل على خمس وعشرين فالمراد به التفضل مع إضافة الأصل.

وعن محمد بن عمارة (٧) قال : «أرسلت الى ابى الحسن الرضا عليه‌السلام أسأله عن الرجل يصلى المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل أو صلاته في جماعة؟ فقال

__________________

(١) الوسائل الباب ١ و ٤ من صلاة الجماعة.

(٢) لم نقف على رواية المجالس عن النبي «ص» بهذا المضمون ، نعم في الوسائل الباب ١ من صلاة الجماعة عن الخصال عن النبي «ص» اللفظ المذكور ، وقد نقله في البحار ج ١٨ الصلاة ص ٦١٣ عن الخصال.

(٣) الفقيه ج ١ ص ٢٤٥ وليس فيه نسبة الى أبيه.

(٤) ص ١٤.

(٥) البحار ج ١٨ الصلاة ٦١٣ عن الخصال.

(٦) الوسائل الباب ١ من صلاة الجماعة.

(٧) الوسائل الباب ٣٣ من أحكام المساجد.

٦٤

الصلاة في جماعة أفضل».

قيل : ويستفاد من هذه الرواية ان الصلاة في جماعة أفضل من ألف صلاة ، لأن الصلاة في مسجد الكوفة أفضل من ألف صلاة على ما دل عليه بعض الروايات.

أقول : ما ذكره جيد إلا انه قد روى ابن قولويه في كتاب كامل الزيارات قال حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن احمد بن الحسين العسكري عن الحسن بن على بن مهزيار عن أبيه عن الحسن بن سعيد عن محمد بن سنان (١) قال : «سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : الصلاة في مسجد الكوفة فردا أفضل من سبعين صلاة في غيره جماعة». وهو كما ترى ظاهر المنافاة للخبر الأول ، ولا يحضرني الآن وجه جمع بينهما.

وروى الشيخ في الصحيح أو الحسن عن زرارة والفضيل (٢) قالا : «قلنا له الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال الصلاة فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنها سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له».

وروى الكليني والشيخ عنه بإسنادين أحدهما من الصحاح أو الحسان عن زرارة (٣) قال : «كنت جالسا عند ابى جعفر عليه‌السلام ذات يوم إذ جاءه رجل فدخل عليه فقال له جعلت فداك انى رجل جار مسجد لقومي فإذا انا لم أصل معهم ووقعوا في وقالوا هو كذا وكذا؟ فقال اما لئن قلت ذلك لقد قال أمير المؤمنين عليه‌السلام من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له. فخرج الرجل فقال له لا تدع الصلاة معهم وخلف كل امام. فلما خرج قلت له جعلت فداك كبر على قولك لهذا الرجل حين استفتاك فان لم يكونوا مؤمنين؟ قال فضحك عليه‌السلام فقال ما أراك بعد إلا ههنا يا زرارة فأي علة تريد من أنه لا يؤتم به؟ ثم قال يا زرارة أما تراني قلت صلوا في

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٣ من أحكام المساجد.

(٢) الوسائل الباب ١ من صلاة الجماعة.

(٣) الوسائل الباب ٥ من صلاة الجماعة.

٦٥

مساجدكم وصلوا مع أئمتكم». قال في الوافي في ذيل هذا الخبر : لعله عليه‌السلام اتقى الرجل أن يروى ذلك عنه عليه‌السلام وصرح بالحق مع زرارة.

وروى الصدوق في المجالس وفي ثواب الأعمال والبرقي في المحاسن بأسانيدهم عن ميمون القداح عن الصادق عن آبائه (عليهم‌السلام) (١) قال : «اشترط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على جيران المسجد شهود الصلاة وقال لينتهين أقوام لا يشهدون الصلاة أو لآمرن مؤذنا يؤذن ثم يقيم ثم آمر رجلا من أهل بيتي وهو على عليه‌السلام فليحرقن على أقوام بيوتهم بحزم الحطب لأنهم لا يأتون الصلاة».

وروى الشيخ (قدس‌سره) في كتاب المجالس بسنده عن زريق الخلقاني (٢) قال : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول رفع الى أمير المؤمنين عليه‌السلام بالكوفة ان قوما من جيران المسجد لا يشهدون الصلاة جماعة في المسجد فقال عليه‌السلام ليحضرن معنا صلاتنا جماعة أو ليتحولن عنا ولا يجاورونا ولا نجاورهم».

وبهذا الاسناد عن زريق عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٣) «ان أمير المؤمنين عليه‌السلام بلغه ان قوما لا يحضرون الصلاة في المسجد فحطب عليه‌السلام فقال ان قوما لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يشاورونا ولا يناكحونا ولا يأخذوا من فيئنا شيئا أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة ، وانى لا وشك ان آمر لهم بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون ، قال فامتنع المسلمون من مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا الجماعة مع المسلمين».

وروى شيخنا الشهيد الثاني (عطر الله مرقده) في شرح الإرشاد عن كتاب الامام والمأموم للشيخ ابى محمد جعفر بن أحمد القمي بإسناده المتصل الى ابى سعيد الخدري (٤) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاني جبرئيل مع سبعين الف ملك بعد صلاة الظهر فقال يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ان ربك يقرئك السلام

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ٢ من أحكام المساجد.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ١ من صلاة الجماعة.

٦٦

واهدى إليك هديتين لم يهدهما إلى نبي قبلك. قلت وما تلك الهديتان؟ قال الوتر ثلاث ركعات والصلوات الخمس في جماعة. قلت يا جبرئيل وما لا متى في الجماعة؟ قال يا محمد إذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين صلاة ، وإذا كانوا ثلاثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة ، وإذا كانوا أربعة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفا ومائتي صلاة ، وإذا كانوا خمسة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفين وأربعمائة صلاة ، وإذا كانوا ستة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة ، وإذا كانوا سبعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف وستمائة صلاة ، وإذا كانوا ثمانية كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر ألفا ومائتي صلاة ، وإذا كانوا تسعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وثلاثين ألفا وأربعمائة صلاة ، وإذا كانوا عشرة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة سبعين ألفا وألفين وثمانمائة صلاة ، فإذا زادوا على العشرة فلو صارت بحار السماوات والأرض كلها مدادا والأشجار أقلاما والثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة ، يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير له من ستين ألف حجة وعمرة وخير من الدنيا وما فيها سبعين ألف مرة ، وركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من مائة ألف دينار يتصدق بها على المساكين ، وسجدة يسجدها المؤمن مع الإمام في جماعة خير له من عتق مائة رقبة».

وروى في جامع الأخبار عن أبي سلمة عن ابى سعيد الخدري مثله (١) الى قوله : «يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله تكبيرة يدركها المؤمن خير له من سبعين حجة وألف عمرة سوى الفريضة» يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ركعة يصليها المؤمن مع الامام خير له من ان يتصدق بمائة ألف دينار على المساكين ، وسجدة يسجدها خير له من عبادة سنة ، وركعة يركعها المؤمن مع الامام خير له من مائة رقبة يعتقها في سبيل الله ، يا محمد

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ١ من صلاة الجماعة.

٦٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله من أحب الجماعة أحبه الله والملائكة أجمعون».

قال شيخنا المجلسي في البحار ذيل هذا الخبر : بناء أكثر المثوبات وزيادتها في زيادة الاعداد على التضعيف إلا الأول والثامن والتاسع فإن التسعة على هذا الحساب ينبغي أن يكون ثوابها ثمانية وثلاثين ألفا وأربعمائة والعشرة سبعين ألفا وستة آلاف وثمانمائة ، ولعله من الرواة أو النساخ. انتهى.

وقال شيخنا الشهيد الثاني في كتاب الروضة : الجماعة مستحبة في الفريضة متأكدة في اليومية حتى ان الصلاة الواحدة منها تعدل خمسا أو سبعا وعشرين مع غير العالم ومعه ألفا ، ولو وقعت في المسجد تضاعف بمضروب عدده في عددها : ففي الجامع مع غير العالم ألفان وسبعمائة ومعه مائة ألف. قال وروى ان ذلك مع اتحاد المأموم فلو تعدد تضاعف في كل واحد بقدر المجموع (١).

وروى الشهيد في النقلية عن الصادق عليه‌السلام (٢) «الصلاة خلف العالم بألف ركعة وخلف القرشي بمائة وخلف العربي خمسون وخلف المولى خمس وعشرون».

قال الشهيد الثاني في شرحها : المراد بالقرشي المنسوب الى النضر بن كنانة جد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والسادات الاشراف أجل هذه الطائفة ، والعربي المنسوب الى العرب يقابل العجم وهو المنسوب الى غير العرب مطلقا ، والمولى يطلق على معان كثيرة والمراد هنا غير العربي بقرينة ما قبله ، وكثيرا ما يطلقون المولى على غير العربي وان كان حر الأصل. انتهى.

وروى زيد النرسي في كتابه عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٣) قال : «ان قوما جلسوا عن حضور الجماعة فهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يشعل النار في دورهم حتى خرجوا

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من صلاة الجماعة ، وتتمة العبارة هكذا «بقدر المجموع في سابقة الى العشرة ثم لا يحصيه إلا الله تعالى».

(٢) مستدرك الوسائل الباب ٢٣ من صلاة الجماعة.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ٢ من صلاة الجماعة.

٦٨

وحضروا الجماعة مع المسلمين».

قال شيخنا المجلسي المتقدم ذكره (طيب الله مرقده) في الكتاب المذكور ذيل هذا الخبر : ظاهر هذا الخبر وأمثاله وجوب الجماعة في اليومية ولم ينقل عن أحد من علمائنا القول به ، وخالف فيه أكثر العامة (١) فقال بعضهم فرض على الكفاية في الصلوات الخمس ، وقال آخرون انها فرض على الأعيان. وقال بعضهم انها شرط في الصلاة تبطل بفواتها ، ولذا أول أصحابنا هذه الأخبار فحملوها تارة على الجماعة الواجبة واخرى على ما إذا تركها استخفافا. وربما يقال العقوبة الدنيوية لا تنافي الاستحباب كالقتل على ترك الأذان ، ولا يخفى ضعفه إذ لا معنى للعقوبة على ما لا يلزم فعله ولا يستحق تاركه الذم واللوم كما فسر أكثرهم الواجب به. والقول بأنه كان واجبا في صدر الإسلام فنسخ أو كان مع حضور إمام الأصل واجبا فمع ان أكثر الأخبار لا تساعدهما لم أر قائلا به ايضا. وبالجملة فالاحتياط يقتضي عدم الترك إلا لعذر وان كان بعض الأخبار يدل على الاستحباب ، وكفى بفضلها ان الشيطان لا يمنع من شي‌ء من الطاعات منعها ، وطرق لهم في ذلك شبهات من جهة العدالة ونحوها إذ لا يمكنهم إنكارها ونفيها رأسا لأن فضلها من ضروريات الدين ، أعاذنا الله وإخواننا المؤمنين من وساوس الشياطين. انتهى.

أقول : لا يخفى على من أحاط خبرا بالأخبار الواردة عنهم (عليهم‌السلام) في أمثال هذا المضمار انهم كثيرا ما يبالغون في الحث على المندوبات بما يكاد يلحقها بالواجبات والزجر عن المكروهات بما يكاد يدخلها في حين المحرمات تأديبا لرعيتهم لئلا يتهاونوا ويتكاسلوا عن القيام بالمستحبات ويتهاونوا بالانهماك في المكروهات ، وقد تقدم التصريح باستحبابها في صحيح زرارة والفضيل أو حسنهما (٢)

__________________

(١) عمدة القارئ ج ٢ ص ٦٨٥ وفتح القدير ج ١ ص ٢٤٣ ونيل الأوطار ج ٢ ص ١٣١.

(٢) ص ٦٥.

٦٩

وبه يندفع توهم الوجوب من هذه الأخبار ونحوها. ومن المحتمل قريبا حمل هذه الأخبار ونحوها مما ورد دالا على ترتب العذاب على ترك المستحبات على ما إذا كان الترك على جهة الاستخفاف وعدم المبالاة بكمالات الشرع ، وقد تقدم تحقيق القول في ذلك في المقدمة الثانية من مقدمات هذا الكتاب.

ومما يؤيد ذلك زيادة على ما قدمناه في الموضع المذكور ما رواه في الكافي (١) في الحسن عن ميسر عن أبيه عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة لعنتهم وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله والتارك لسنتي والمكذب بقدر الله والمستحل من عترتي ما حرم الله والمستأثر بالفي‌ء المستحل له».

والتقريب فيه انه عد التارك لسنته في عداد هؤلاء الذين لا إشكال في كفرهم وجعله ملعونا مثلهم ، ولا ريب ان الجماعة أفضل سننه صلوات الله عليه وآله ولا بد من حمل الترك فيه على كونه استخفافا وتهاونا ، وقد ورد اللعن زجرا في مواضع مثل من سافر وحده أو بات في بيت وحده أو نام على سطح غير محجر (٢) ونحو ذلك ، والوجه فيه ما عرفت.

__________________

(١) الأصول ج ٢ ص ٢٩٣ وفي الخصال أبواب الستة «قال رسول الله (ص) ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب. كما في المتن وزاد المتسلط بالجبروت ليذل من أعزه الله ويعز من اذله الله». وفي أبواب السبعة «قال رسول الله (ص) انى لعنت سبعة لعنهم الله وكل نبي مجاب قبلي. فقيل ومن هم؟ فقال الزائد في كتاب الله. وزاد والمحرم ما أحل الله». ورواه بطريقين. وفي كنز العمال ج ٨ ص ١٩١ عن عائشة «قال رسول الله (ص) ستة لعنتهم وكل نبي مجاب. كما في الخصال برواية الستة إلا انه أبدل المستأثر بالفي‌ء بالمستحل لحرم الله». وكذا في مجمع الزوائد ج ٧ ص ٢٠٥ إلا انه لم يذكر السادس. وفي كنز العمال ايضا ج ٨ ص ١٩٢ عن عمرو بن شعيب «قال رسول الله (ص) سبعة لعنتهم. وزاد على روايته المتقدمة المستأثر بالفي‌ء» ...

(٢) الوسائل الباب ٢٠ من أحكام المساكن و ٣٠ من آداب السفر «لعن رسول الله (ص) ثلاثة : الآكل زاده وحده والنائم في بيت وحده والراكب في الفلاة وحده». وفيه النهى

٧٠

تتمة مهمة

قد استفاضت الأخبار بأنه يستحب حضور جماعة المخالفين استحبابا مؤكدا وها انا مورد في هذا المقام جملة من الأخبار الواردة عنهم (عليهم‌السلام) في ذلك وفي ما يتعلق بالصلاة معهم من الأحكام مذيلا لها ان شاء الله تعالى بما يكشف عنها نقاب الإبهام مستمدا منه سبحانه التوفيق لبلوغ المرام فأقول :

الأول ـ ما رواه الصدوق (قدس‌سره) في الفقيه في الصحيح عن زيد الشحام عن الصادق عليه‌السلام (١) قال «يا زيد خالقوا الناس بأخلاقهم صلوا في مساجدهم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ، وان استطعتم ان تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا ، فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية رحم الله جعفرا ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه وإذا تركتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية فعل الله بجعفر ما كان اسوأ ما يؤدب أصحابه».

الثاني ـ ما رواه الشيخ في التهذيب عن إسحاق بن عمار (٢) قال : «قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام يا إسحاق أتصلى معهم في المسجد؟ قلت نعم. قال صل معهم فإن المصلي معهم في الصف الأول كالشاهر سيفه في سبيل الله». قال في الوافي : إنما قيد بالصف الأول لأنه أدخل في معرفتهم بإتيانه المسجد وأدل على كونه منهم ، وانما شبهه بشاهر سيفه في سبيل الله لدفعه شر العدو.

الثالث ـ ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٣) قال : «من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصف الأول».

الرابع ـ ما رواه في الفقيه مرسلا (٤) قال : «قال الصادق عليه‌السلام إذا صليت

__________________

عن المبيت على سطح غير محجر كما في البحار ج ١٦ باب أنواع النوم وسنن ابى داود ج ٤ ص ٣١٠ ومجمع الزوائد ج ٨ ص ٩٩ ولم نقف على ورود اللعن في المبيت على سطح غير محجر.

(١) الوسائل الباب ٧٥ من صلاة الجماعة.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ٥ من صلاة الجماعة. وليس في الرقم (٣) لفظ «في الصف الأول» ثانيا.

٧١

معهم غفر لك بعدد من خالفك».

الخامس ـ ما رواه فيه عن عمر بن يزيد عن ابى عبد الله عليه‌السلام (١) قال : «ما منكم أحد يصلى صلاة فريضة في وقتها ثم يصلى معهم صلاة تقية وهو متوضئ إلا كتب الله له بها خمسا وعشرين درجة فارغبوا في ذلك. قال (٢) وقال له رجل أصلي في أهلي ثم اخرج الى المسجد فيقدموننى؟ فقال تقدم لا عليك وصل بهم».

السادس ـ ما رواه فيه ايضا عن عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام (٣) انه قال : «ما من عبد يصلى في الوقت ويفرغ ثم يأتيهم ويصلى معهم وهو على وضوء إلا كتب الله له خمسا وعشرين درجة. قال (٤) وقال له ايضا ان على بابي مسجدا يكون فيه قوم مخالفون معاندون وهم يمسون في الصلاة فأنا أصلي العصر ثم اخرج فأصلي معهم؟ فقال أما ترضى أن تحسب لك بأربع وعشرين صلاة؟».

السابع ـ ما رواه المشايخ الثلاثة عن الحسين بن عبد الله الأرجاني عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٥) قال : «من صلى في منزله ثم اتى مسجدا من مساجدهم فصلى معهم خرج بحسناتهم».

الثامن ـ ما رواه الشيخ في التهذيب عن نشيط بن صالح عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٦) قال : «قلت له الرجل منا يصلى صلاته في جوف بيته مغلقا عليه بابه ثم يخرج فيصلي مع جيرته تكون صلاته تلك وحده في بيته جماعة؟ فقال الذي يصلى في بيته يضاعف الله له ضعفي أجر الجماعة تكون له خمسون درجة والذي يصلى مع جيرته يكتب الله له أجر من صلى خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويدخل معهم في صلاتهم فيخلف عليهم ذنوبه ويخرج بحسناتهم».

__________________

(١ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ٦ من صلاة الجماعة.

(٢) الوسائل الباب ٥٤ من صلاة الجماعة.

(٦) الوسائل الباب ٦ من صلاة الجماعة. والرواية عن ابى الحسن الأول (ع).

٧٢

التاسع ـ ما رواه الشيخ في التهذيب عن إسحاق بن عمار (١) قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام انى أدخل المسجد وأجد الإمام قد ركع وقد ركع القوم فلا يمكنني أن أؤذن وأقيم وأكبر؟ فقال لي فإذا كان ذلك فادخل معهم في الركعة واعتد بها فإنها من أفضل ركعاتك. قال إسحاق فلما سمعت أذان المغرب وانا على بابي قاعد. قلت للغلام انظر أقيمت الصلاة؟ فجاءني فقال نعم. فقمت مبادرا فدخلت المسجد فوجدت الناس قد ركعوا فركعت مع أول صف أدركت واعتددت بها ثم صليت بعد الانصراف أربع ركعات ثم انصرفت فإذا خمسة أو ستة من جيراني قد قاموا الى من المخزوميين والأمويين فاقعدوني ثم قالوا يا أبا هاشم جزاك الله عن نفسك خيرا فقد والله رأينا خلاف ما ظننا بك وما قيل فيك. فقلت وأي شي‌ء ذلك؟ قالوا اتبعناك حين قمت إلى الصلاة ونحن نرى انك لا تقتدى بالصلاة معنا وقد وجدناك قد اعتددت بالصلاة معنا وصليت بصلاتنا فرضي الله عنك وجزاك خيرا. قال قلت لهم سبحان الله المثلي يقال هذا؟ قال فعلمت ان أبا عبد الله عليه‌السلام لم يأمرني إلا وهو يخاف على هذا وشبهه».

العاشر ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن على بن سعيد البصري (٢) وهو مجهول قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام انى نازل في بني عدي ومؤذنهم وامامهم وجميع أهل المسجد عثمانية يتبرأون منكم ومن شيعتكم وأنا نازل فيهم فما ترى في الصلاة حلف الامام؟ قال صل خلفه. قال وقال واحتسب بما تسمع ولو قدمت البصرة لقد سألك الفضيل بن يسار وأخبرته بما أفتيتك فتأخذ بقول الفضيل وتدع قولي. قال على فقدمت البصرة وأخبرته فضيلا بما قال فقال هو أعلم بما قال لكني قد سمعته وسمعت أباه يقولان لا تعتد بالصلاة خلف الناصب واقرأ لنفسك كأنك وحدك. قال فأخذت بقول الفضيل وتركت قول ابى عبد الله عليه‌السلام».

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من صلاة الجماعة.

(٢) الوسائل الباب ١٠ و ٣٣ من صلاة الجماعة.

٧٣

الحادي عشر ـ ما رواه عن عبيد بن زرارة عن ابى عبد الله عليه‌السلام (١) قال : «قلت انى ادخل المسجد وقد صليت فأصلي معهم فلا احتسب بتلك الصلاة؟ قال لا بأس وأما أنا فأصلي معهم وأريهم أني أسجد وما أسجد».

الثاني عشر ـ ما رواه عن ناصح المؤذن (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام انى أصلي في البيت واخرج إليهم؟ قال اجعلها نافلة ولا تكبر معهم فتدخل معهم في الصلاة فإن مفتاح الصلاة التكبير».

الثالث عشر ـ ما رواه عن ابى الربيع عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما‌السلام) (٣) في حديث «انه سئل عن الامام ان لم أكن أثق به أصلي خلفه وأقرأ؟ قال لا صل قبله أو بعده. قيل له أفأصلي خلفه واجعلها تطوعا؟ قال فقال لو قبل التطوع لقبلت الفريضة ولكن اجعلها سبحة».

الرابع عشر ـ ما رواه في الصحيح ورواه الكليني أيضا عن يعقوب بن يقطين (٤) قال : «قلت لأبي الحسن عليه‌السلام جعلت فداك تحضر صلاة الظهر فلا نقدر أن تنزل في الوقت حتى ينزلوا وننزل معهم فنصلي ثم يقومون فيسرعون فنقوم ونصلي العصر ونريهم كأنا نركع ثم ينزلون العصر فيقدمونا فنصلي بهم؟ قال صل بهم لا صلى الله عليهم».

الخامس عشر ـ ما رواه في الكافي في الصحيح عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٥) قال : «إذا صليت خلف امام لا تقتدى به فاقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع».

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٦ من صلاة الجماعة.

(٣) الوسائل الباب ٦ من صلاة الجماعة. والراوي عمرو بن الربيع والمروي عنه هو جعفر بن محمد (ع).

(٤) الوسائل الباب ٥٤ من صلاة الجماعة.

(٥) الوسائل الباب ٣٣ من صلاة الجماعة.

٧٤

السادس عشر ـ ما رواه في التهذيب في الصحيح عن على بن يقطين (١) قال : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يصلى خلف من لا يقتدى بصلاته والامام يجهر بالقراءة؟ قال اقرأ لنفسك وان لم تسمع نفسك فلا بأس».

السابع عشر ـ ما رواه عن أبي حمزة عن من ذكره عن ابى عبد الله عليه‌السلام ورواه في الفقيه مرسلا عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٢) قال : «يجزئك إذا كنت معهم مثل حديث النفس».

الثامن عشر ـ ما رواه عن معاوية بن وهب في الصحيح عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٣) قال : «سألته عن الرجل يؤم القوم وأنت لا ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فقال إذا سمعت كتاب الله يتلى فأنصت له. قلت فإنه يشهد على بالشرك؟ قال ان عصى الله فأطع الله. فرددت عليه فأبى أن يرخص لي ، قال قلت له أصلي اذن في بيتي ثم أخرج اليه؟ فقال أنت وذاك ، وقال ان عليا عليه‌السلام كان في صلاة الصبح فقرأ ابن الكوا وهو خلفه «وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» (٤) فأنصت على عليه‌السلام تعظيما للقرآن حتى فرغ من الآية ثم عاد في قراءته ثم أعاد ابن الكوا الآية فأنصت على عليه‌السلام ثم قرأ فأعاد ابن الكوا فأنصت على عليه‌السلام ثم قال «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ» (٥) ثم أتم السورة ثم ركع».

التاسع عشر ـ ما رواه عن ابن بكير عن أبيه في الموثق أو الحسن عليه‌السلام (٦) قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الناصب يؤمنا ما تقول في الصلاة معه؟ فقال

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٣ من صلاة الجماعة.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من صلاة الجماعة. والراوي في التهذيب ج ١ ص ٢٥٦ محمد ابن أبي حمزة.

(٣ و ٦) الوسائل الباب ٣٤ من صلاة الجماعة.

(٤) سورة الزمر الآية ٦٥.

(٥) سورة الروم الآية ٦٠.

٧٥

إذا جهر فأنصت للقرآن واسمع ثم اركع واسجد أنت لنفسك».

العشرون ـ ما رواه عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام (١) قال : «لا بأس أن تصلى خلف الناصب ولا تقرأ خلفه في ما يجهر فيه فان قراءته تجزئك إذا سمعتها».

الحادي والعشرون ـ ما رواه في الفقيه مرسلا عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٢) قال : «اذن خلف من قرأت خلفه».

الثاني والعشرون ـ ما رواه في التهذيب عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام (٣) قال : «قلت له انى ادخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيعجلوني الى ما ان أؤذن وأقيم ولا اقرأ إلا الحمد حتى يركع أيجزئنى ذلك؟ قال نعم تجزئك الحمد وحدها».

الثالث والعشرون ـ ما رواه عن احمد بن عائذ (٤) قال : «قلت لأبي الحسن عليه‌السلام انى أدخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيعجلوني الى ما ان أؤذن وأقيم فلا أقرأ شيئا حتى إذا ركعوا واركع معهم أيجزئنى ذلك؟ قال نعم».

الرابع والعشرون ـ ما رواه عن ابن أسباط عن بعض أصحابه عن ابى عبد الله وابى جعفر (عليهما‌السلام (٥) «في الرجل يكون خلف الامام لا يقتدى به فيسبقه الإمام بالقراءة؟ قال إذا كان قد قرأ أم الكتاب أجزأه يقطع ويركع».

الخامس والعشرون ـ ما رواه عن ابى بصير في الصحيح (٦) قال : «قلت لأبي جعفر عليه‌السلام من لا اقتدى به في الصلاة؟ قال افرغ قبل أن يفرغ فإنك في حصار فان فرغ قبلك فاقطع القراءة واركع معه».

السادس والعشرون ـ ما رواه عن محمد بن عذافر عن ابى عبد الله عليه‌السلام (٧) قال : «سألته عن دخولي مع من اقرأ خلفه في الركعة الثانية فيركع عند فراغي

__________________

(١ و ٦) الوسائل الباب ٣٤ من صلاة الجماعة.

(٢ و ٣ و ٥ و ٧) الوسائل الباب ٣٣ من صلاة الجماعة.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ٣٠ من صلاة الجماعة.

٧٦

من قراءة أم الكتاب فقال تقرأ في الأخراوين كي تكون قد قرأت في ركعتين».

السابع والعشرون ـ ما رواه في الكافي في الحسن عن زرارة (١) قال : «سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الصلاة خلف المخالفين فقال ما هم عندي إلا بمنزلة الجدر».

الثامن والعشرون ـ ما رواه عبد الله بن جعفر في كتاب قرب الاسناد عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه (عليهما‌السلام (٢) قال : «كان الحسن والحسين عليهما‌السلام يقرءان خلف الامام».

التاسع والعشرون ـ ما رواه في الكافي عن حمران بن أعين (٣) قال : «قلت لأبي جعفر عليه‌السلام جعلت فداك انا نصلي مع هؤلاء يوم الجمعة وهم يصلون في الوقت فكيف نصنع؟ فقال صلوا معهم. فخرج حمران إلى زرارة فقال له قد أمرنا أن نصلي معهم بصلاتهم فقال زرارة ما يكون هذا إلا بتأويل فقال له حمران قم حتى تسمع منه قال فدخلنا عليه فقال له زرارة جعلت فداك ان حمران زعم أنك أمرتنا أن نصلي معهم فأنكرت ذلك؟ فقال لنا كان على بن الحسين عليه‌السلام يصلى معهم الركعتين فإذا فرغوا قام فأضاف إليهما ركعتين».

الثلاثون ـ ما رواه في التهذيب في الحسن عن حمران (٤) في حديث قال : «فقال أبو عبد الله في كتاب على عليه‌السلام إذا صلوا الجمعة في وقت فصلوا معهم ولا تقومن من مقعدك حتى تصلى ركعتين أخريين. الحديث».

الحادي والثلاثون ـ ما رواه في التهذيب عن ابى بكر الحضرمي (٥) قال : «قلت لأبي جعفر عليه‌السلام كيف تصنع يوم الجمعة؟ قال كيف تصنع أنت؟ قلت أصلي في منزلي ثم أخرج فأصلي معهم قال كذلك أصنع أنا».

الثاني والثلاثون ـ ما رواه عن زرارة في الصحيح أو الحسن (٦) قال : «قلت لأبي جعفر عليه‌السلام ان أناسا رووا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه صلى اربع ركعات

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٣٣ من صلاة الجماعة.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ٢٩ من صلاة الجمعة.

٧٧

بعد الجمعة لم يفصل بينهن بتسليم؟ فقال يا زرارة ان أمير المؤمنين عليه‌السلام صلى خلف امام فاسق فلما سلم وانصرف قام أمير المؤمنين عليه‌السلام فصلى اربع ركعات لم يفصل بينهن بتسليم فقال رجل الى جنبه يا أبا الحسن عليه‌السلام صليت أربع ركعات لم تفصل بينهن بتسليم؟ فقال انها أربع ركعات مشتبهات فسكت فوالله ما عقل ما قال له».

الثالث والثلاثون ـ ما رواه في كتاب المحاسن عن عبد الله بن حبيب بن جندب (١) قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام انى أصلي المغرب مع هؤلاء وأعيدها فأخاف أن يتفقدوني؟ قال إذا صليت الثالثة فمكن في الأرض إليك ثم انهض وتشهد وأنت قائم ثم اركع واسجد فإنهم يحسبون أنها نافلة».

إذا عرفت ذلك فاعلم ان الكلام في هذه الأخبار يقع في مواضع : (الأول) ان المستفاد من جملة هذه الأخبار الدالة على الحث والتأكيد على الصلاة معهم وما ذكر فيها من الثواب الجزيل هو استحباب الصلاة أو وجوبها معهم على أحد وجهين : (أحدهما) ان يصلى في منزله لنفسه ثم يخرج إلى الصلاة معهم كما دل عليه جملة من هذه الأخبار ، والظاهر انه الأفضل والأولى لما فيه من الإتيان بالصلاة المستجمعة لشرائط الصحة والكمال ، حيث ان الغالب مع الصلاة معهم لزوم ترك بعض الواجبات أو المستحبات كما صرح به جملة من الأخبار المذكورة.

و (ثانيهما) ان يصلى معهم ابتداء صلاة منفردة يؤذن ويقيم ويقرأ لنفسه مع الإمكان. والظاهر انه إلى القسمين المذكورين أشار في الحديث الثامن.

ثم انه هل يشترط بالنسبة إلى القسم الثاني عدم وجود المندوحة عن الصلاة معهم أم لا؟ قولان والى الأول مال في المدارك وبالثاني صرح الشهيدان في الروض والبيان ، وللمحقق الشيخ على (قدس‌سره) تفصيل في المقام قد سبق ذكره مع نقل الخلاف في المسألة في باب الوضوء من كتاب الطهارة في مسألة المسح على الرجلين

قال في المدارك : وهل يشترط في التقية عدم المندوحة؟ قيل لا لا طلاق

__________________

(١) البحار ج ١٨ الصلاة ٦٣٢.

٧٨

النصل وقيل نعم لانتفاء الضرورة مع وجودها فيزول المقتضى وهو أقرب. انتهى

والظاهر بعده لما عرفت من هذه الأخبار ولا سيما الخبر الأول من الحث على الأمر بمخالطتهم ومعاشرتهم وعيادة مرضاهم وتشييع جنائزهم وان استطاعوا أن يكونوا أئمة لهم ومؤذنين فعلوا ، والغرض من ذلك كله هو تأليف القلوب واجتماعها لدفع الضرر والطعن على المذهب وأهله كما سمعت من الحديث التاسع ، وأمر الصادق عليه‌السلام بالدخول في تلك الركعة التي قد فاتته القراءة فيها فضلا عن الأذان والإقامة فإنها أفضل ركعاته ، وما قاله أولئك المخالفون لإسحاق لما رأوه قد اقتدى بهم مع ان الامام عليه‌السلام لم يأمره بشرط المندوحة أو عدمها ولم يأمره بالإعادة بعد ذلك وان كان في الوقت. وبه يظهر ضعف ما فرعوه على الخلاف المتقدم من الإعادة في الوقت وعدمه متى زال موجب التقية كما قدمنا ذكره في الموضع المشار اليه آنفا.

وبالجملة فإن المستفاد من الأخبار على وجه لا يقبل الإنكار عند من تأمل فيها بعين التحقيق والاعتبار انه يجوز الدخول معهم ابتداء وان يصلى معهم صلاة منفردة ويتابع في الركوع والسجود سواء كان له مندوحة عن الدخول أو لم تكن وانه يغتفر له ما يلزم فواته من الواجبات إذا لم يمكن الإتيان بها كما تضمنه خبر إسحاق وهو التاسع ، وكذا الخبر الثالث والعشرون من فوات القراءة ، وخبر ابى بصير وهو الخامس والعشرون من قطع القراءة ، وفي خبر آخر لأبي بصير ايضا اشتمل على التشهد قائما لمن اضطره الإمام إلى القيام قبل تشهده ونحو ذلك ، كل ذلك لتحصيل المحافظة على تأليف القلوب ودفع الطعن على المذهب وامامه وشيعته كما دل عليه الخبر الأول.

ونحوه ما رواه في المقنع ونقله في كتاب مشكاة الأنوار عن كتاب المحاسن عن عمر بن ابان (١) قال : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول يا معشر

__________________

(١) البحار ج ١٨ الصلاة ص ٦٤٦.

٧٩

الشيعة انكم قد نسبتم إلينا كونوا لنا زينا ولا تكونوا شينا كونوا مثل أصحاب على عليه‌السلام في الناس ان كان الرجل منهم ليكون في القبيلة فيكون امامهم ومؤذنهم وصاحب أماناتهم وودائعهم ، عودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم وصلوا في مساجدهم ولا يسبقوكم الى خير فأنتم والله أحق منهم به».

وعن عبد الله بن بكير (١) قال : «دخلت على ابى عبد الله عليه‌السلام ومعى رجلان فقال أحدهما لأبي عبد الله عليه‌السلام آتى الجمعة؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام ائت الجمعة والجماعة واحضر الجنازة وعد المريض واقض الحقوق ثم قال أتخافون ان نضلكم لا والله لا نضلكم ابدا».

الثاني ـ المفهوم من أكثر الأخبار الدالة على الصلاة أولا لنفسه ثم الخروج والصلاة معهم مأموما أو إماما لهم هو ان تلك الصلاة الثانية تقع نافلة ، وقد دل الخبر الخامس والسادس والسابع على مقدار ثواب تلك الصلاة المعادة معهم ، وكذا الحديث الثامن على أحد الاحتمالين وقد تقدمت الإشارة إلى الاحتمال الآخر وقد دل الحديث الخامس على اشتراط الوضوء فيها إشارة إلى أنها صلاة حقيقية وان كانت نفلا ، وكذا الحديث السادس أيضا.

إلا ان ظاهر الخبر الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر انه لا ينويها صلاة ولا يكبر فيها تكبيرة الإحرام وانما يأتي بالأذكار من قراءة وذكر ركوع وسجود وقيام وقعود ونحو ذلك. وهو غريب لم أقف على من نبه عليه ولا من تنبه اليه.

أما الأول منها فإنه تضمن في حكايته عليه‌السلام عن نفسه في الصلاة معهم انه يريهم انه يسجد وهو لا يسجد وعليه يحمل كلام السائل وقوله «فلا احتسب بتلك الصلاة» يعني لا احتسبها صلاة بل مجرد اذكار آتى بها وان احتمل على بعد أن يكون مراده انى لا احتسبها من الصلاة الواجبة على إلا ان جواب الامام

__________________

(١) البحار ج ١٨ الصلاة ص ٦٣٦.

٨٠