شرح كتاب سيبويه - ج ٤

أبي سعيد السّيرافي الحسن بن عبدالله بن المرزبان

شرح كتاب سيبويه - ج ٤

المؤلف:

أبي سعيد السّيرافي الحسن بن عبدالله بن المرزبان


المحقق: أحمد حسن مهدلي و علي سيّد علي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5251-0

الصفحات: ٥٢٠

على ما هو بمنزلة أفعل". يعني أنهم لما قالوا : (عناق) و (أعنق) وأجروه مجرى (فلس) و (أفلس) جمعوه في الكثير على (فعول) فقالوا (عنوق) كما قالوا (فلوس) ، وهذا معنى قوله بنوه على ما هو بمنزلة (أفعل) لأن فعولا في الكثير كأفعل في القليل ، وذكر أبو حاتم السجستاني أنه يقال : (عناق) و (عنوق) و (عنق) وقد أنشد أبو زيد (١) :

أنشد من أم عنوق حمحم (٢)

ويقال أيضا في التخفيف (عنق) وفي بعض الأمثال" العنوق بعد النّوق" يضرب مثلا للذي يفتقر كأنه يملك العنوق بعد ملكه النوق.

قال : ونظير عنوق قول بعض العرب في السماء (سميّ) وقال أبو نخيلة :

كنهور كان من أعقاب السّميّ (٣)

الكنهور الغيم المتراكب. وقالوا (أسمية) فجاءوا به على الأصل.

وإن قال قائل : لم قالوا" أسمية" والسماء مؤنثة من السماء ذات البروج ومن السماء التي هي المطر ، يقال أصابتنا سماء أي مطرة.

قيل له ، قد تذكر السماء قال الله عزوجل : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ)(٤).

وقال بعضهم : إنما ذكره على تأويل السّقف كقوله : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً)(٥).

وقال بعضهم : ذكره لأن السماء جمع كجمع الجنس وأصله سماوة للواحد وسماء للجمع وقد ذكره سيبويه قبل هذا الفصل في جملة المذكر ، وذلك قولك سماء وأسمية و (عطاء) و (أعطية) ، وذكره في هذا الموضع مع المؤنث فقال جاءوا به على الأصل أي جاءوا به على ما يجب للمذكر ، والمذكر هو الأصل فيجوز أن يكون سيبويه ذكره في الموضعين لأنه يذكر ويؤنث واختاروا في جمعه في الموضعين" أسمية" كراهية" لأفعل" لأنها تعتل إذا قلنا" أسم" يا هذا كما نقول (أدل) و (أثد) فعدلوا إلى ما لا يعتل.

__________________

(١) هو سعيد أوس بن ثابت الأنصاري نحوي لغوي حدث عن أبي عمرو بن العلاء وروى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام وله عدة كتب منها" النوادر" انظر بغية الوعاة : ١ / ٥٨٢ وإنباه الرواة : ٢ / ٣٠.

(٢) انظر اللسان وتاج العروس (حمم) والتبصرة والتذكرة : ٢ / ٦٦٣.

(٣) البيت من مشطور الرجز. انظر الأعلم : ٢ / ١٩٤ ، والمنصف : ٢ / ٦٨ ، واللسان (كنهر).

(٤) سورة المزمل ، الآية : ١٨.

(٥) سورة الأنبياء ، الآية : ٣٢.

٣٤١

قال : وأما من أنث اللسان فإنه يقول (ألسن) ومن ذكر قال (ألسنة) "

قال : وقالوا (ذراع) ، و (أذرع) حيث كانت مؤنثة (ولا يجاوز بها هذا البناء) وإن عنوا الأكثر ، كما فعل ذلك بالأكفّ و (الأرجل) وقالوا : (شمال) و (أشمل) وقد كسرت على (عدم) حذف الزيادة التي فيها فقالوا : (شمائل)."

يعني كسرت على أنه لم يحذف من شمال شيء والذي يقول أشمل قد حذف الألف ثم جمع ثلاثة أحرف على أفعل وقالوا" شمل" على قياس (جدار) و (جدر).

قال الأزرق العنبري :

طرن انقطاعة أوتار محظرية

في أقؤس نازعتها أيمن شملا (١)

يصف طيرا ثارت من مكان وتفرقت في الطيران فشبهها في التفرق بأوتار محكمة الشد انقطعت في المد والذي يمد القوس يمينه تنازع شماله ، لأن كل واحدة من اليدين تمد إلى خلاف جانب الأخرى كأنهما يتنازعان القوس.

قال سيبويه : " وقالوا : (عقاب) و (أعقب) وقالوا (عقبان) ، كما قالوا : (غربان) ، وقالوا : (كراع) و (أكرع) و (أتان) و (آتن) كما قالوا : (أشمل) ، وقالوا : (يمين) و (أيمن) لأنها مؤنثة.

وقال أبو النجم :

يأتي لها من أيمن وأشمل (٢)

وقالوا : " أيمان" فكسروها على" أفعال" كما كسروها على (أفعل) إذ كانا لما عدده ثلاثة أحرف".

يعني" أفعال" و" أفعل" هما جمع للثلاثي. وقد يكون للثلاثي ما يجتمع فيه أفعل وأفعال كقولك (أفرخ) و (أفراخ).

قال : وأما ما كان (فعولا) فإنه بمنزلة (فعيل) إذا أردت بناء أدنى العدد لأنها كفعيل في كل شيء ، إلا أن زيادتها واو ، وذلك قولك : (قعود) و (أقعدة) و (عمود) و (أعمدة) و (خروف) و (أخرفة) فإذا أردت أكثر العدد كسرته على (فعلان) وذلك قولك (خرفان)

__________________

(١) البيت من البسيط. انظر شرح الأعلم : ٢ / ١٩٤ ، والإنصاف : ٤٠٥ ، والمفصل لابن يعيش : ٥ / ٣٤ ، ٤١.

(٢) انظر الخصائص : ٢ / ١٣٠ ، والخزانة : ١ / ٤٠١ ، ونوادر أبي زيد : ١٦٥ ، وانظر التبصرة والتذكرة : ٢ / ٦٦٣.

٣٤٢

و (قعدان) و (عمّود) و (عمدان) خالفت (فعيلا) كما خالفتها" فعال" في أول الحرف.)

يريد خالفت" فعيلا" كما خالفت (فعال) فعيلا وذلك أن (فعيلا) يجمع على (فعلان) كقولنا (قفيز) و (قفزان) و (جريب) و (جربان). و" فعال" يجمع على (فعلان) كقولنا (غراب) و (غربان) و (غلام) و (غلمان) و" فعول" بمنزلة (فعال) ، لأنهم قالوا : (خروف) و (خرفان) و (قعود) و (قعدان) ومعنى قوله في أول الحرف يعني في حركة أول الحرف في الجمع على ما ذكرنا.

قال : وقالوا : (عمود) و (عمد) و (زبور) و (زبر) و (قدوم) و (قدم) فهذا بمنزلة (قلب) و (قضب) و (كثب) وقالوا : (قدائم) كما قالوا : (شمائل) وقالوا (قلص) و (قلائص) ، وكسروا أشياء منه من بنات الواو على (أفعال) ، قالوا : (أفلاء) و (أعداء) والواحد (فلوّ) و (عدوّ).

قال أبو سعيد : لم يذكر سيبويه في (فلوّ) غير (أفلاء). وقد ذكر أبو عمر الجرمي (فلوّ) و (أفلاء) و (فلاء) و (فليّ) و (فليّ) وهو على (فعول).

قال سيبويه : " وكرهوا" فعلا" كما كرهوا" فعال" وكرهوا" فعلانا" للكسرة التي قبل الواو وإن كان بينهما حرف ساكن لأنه ليس حاجزا حصينا و" عدوّ" وصف ولكنه ضارع الاسم.

قوله : كرهوا" فعلا" لأنه يلزمهم ـ إذا بنوه على فعل ـ أن يقولوا" عدى" و" فلى" وإذا بنوه على (فعلان) قالوا : (فلوان) و (عدوان) فيقع بين الكسرة والواو حرف ساكن وليس بحاجز حصين. وكان الباب في" عدوّ" أن يجمع بالواو والنون ، لأن" فعولا" إذا كان صفة لما يعقل جمع جمع السلامة كقولك : (عفوّ) و (عفوّون) ولكنه ضارع الاسم لكثرته حتى يقال : (هذا عد ولزيد) و (مررت بعد ولزيد) وإن لم يكن قبله منعوت.

قال : وأما ما كان عدد حروفه أربعة أحرف وكان (فعلى الأفعل) فإنك تكسره على الفعل.

قال أبو سعيد : اعلم أن ما كان على" أفعل" وأنثاه" فعلى" فالباب فيهما أن يستعملا بالألف واللام ولا يسقطا كقولك (الأصغر والصّغرى) و (الأكبر والكبرى) و (الأعزّ والعزّى) ، و (الأدنى والدّنيا) و (الأقصى والقصيا) و (الأطول والطّولى) ، ويجوز فيهما جمع السلامة وجمع التكسير فجمع السلامة في المذكر (الأصغرون) و (الأكبرون) و (الأرذلون) ،

٣٤٣

قال الله تعالى : (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ)(١) ، وجمع التكسير (الأفاعل) كقولنا (الأكابر) و (الأراذل).

قال الله عزوجل : (أَكابِرَ مُجْرِمِيها)(٢) و (الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا)(٣).

وتقول في المؤنث في جمع السلامة (الصّغريات) والكبريات) وفي جمع التكسير الفعل كقولك (الصّغر) والكبر) و (العزز) في جمع (العزّى) و (السّبع) الطّول لأنها جمع القصيدة (الطّولى) من القصائد وجعلوا ألف التأنيث التي في الفعلى بمنزلة هاء التأنيث كأنهم جعلوا (الكبرى) ك (الكبرة) فصارت بمنزلة (ظلمة) وبذلك احتج سيبويه.

قال : " وإنما صيروا الفعلى هاهنا بمنزلة (الفعلة) ، لأنها على بنائها ولأن فيها علامة التأنيث وليفرقوا بينها وبين ما لم يكن فعلى أفعل".

يعني بينها وبين (حبلى) و (سعدى) وما أشبه ذلك.

قال : وأما ما كان على أربعة أحرف وكان أخره ألف التأنيث فإن أردت أن تكسره فإنك تحذف الزيادة التي هي للتأنيث ويبنى على فعالى ، وتبدل الياء ألفا كقولك في (حبلى) : (حبالى) وفي (ذفرى) : (ذفارى) ، وقد قال بعضهم (ذفرى) و (ذفار) ، ولم ينونوا (ذفرى) وكذلك ما كانت الألفات في آخره للتأنيث ، وذلك قولك (صحراء) و (صحارى) و (عذراء) ، و (عذارى) ، وقد قالوا : (صحار) و (عذار) حذفوا الألف التي قبل علامة التأنيث ليكون آخره كأخر ما فيه علامة التأنيث إذ كانوا يحذفونه من غيره وليفرقوا بين هذا وبين (علباء) ونحوه ، وألزموا هذا ما كان فيه علامة التأنيث إذ كانوا يحذفونه من غيره ، وذلك (مهرية) و (مهار) و (أثفيّة) و (أثاف) ، جعلوا (صحراء) بمنزلة ما في آخره ألف إذ كانا أواخرهما علامة التأنيث مع كراهيتهم الياءات حتى قالوا : (مدارى) و (مهارى) فهم في هذا أجدر أن يقولوه لئلا يكون بمنزلة ما آخره لغير التأنيث.

قال أبو سعيد : اعلم أن المقصور مما هو على أربعة أحرف على ضربين : أحدهما أن تكون الألف فيه للتأنيث والآخر لغير التأنيث ، فإذا جمع جمع التكسير فما كان منه للتأنيث ، فإن الباب أن تقلب ألف التأنيث التي كانت في الواحدة ألفا في الجمع بعد أن

__________________

(١) سورة الشعراء ، الآية : ١١١.

(٢) سورة الأنعام ، الآية : ١٢٣.

(٣) سورة هود ، الآية : ٢٧.

٣٤٤

تقلب ياء في التقدير وذلك قولنا (حبلى) و (حبالى) و (ذفرى) و (ذفارى) الأصل فيه (حبالى) و (ذفارى). غير أنهم يقلبونها ألفا لأن الألف أخف من الياء ولأنها لا تسقط في الوصل والوقف فتقول : (هؤلاء حبالى) ، إذا وقفت ، وهؤلاء (حبالى) فاعلم إذا وصلت.

وقد يقلبون ما ليس للتأنيث فيقولون في (مدرى) (مدار) و (مدارى) وفي (معى) (معاء) و (معايا) وألزموا باب حبالى الألف ، وليست هذه الألف في حبالى للتأنيث بل هي منقلبة من ياء ، والدليل على أنها ليست للتأنيث أن رجلا لو كان اسمه (حبالى) وصغرناه لم نعمل به ما نعمل في تصغير (حبارى) لأن" حبّارى" إذا صغرناه جاز أن يحذف الألف الأولى فنقول : (حبيرى) كما نقول في تصغير (حبلى) (حبيلى) ولنا أن نحذف الألف الأخيرة فنقول (حبيّر). وإذا صغرنا (حبالى) اسم رجل فحذفنا الألف الأولى قلنا : (حبيل) فقلبنا الألف ياء لانكسار ما قبلها وصار بمنزلة تصغير (ملهى) إذا قلنا (ملبة) ، وقد حكى سيبويه (ذفرى) و (ذفار) فيمن لا ينون (ذفرى) يريد فيمن يجعل الألف في (ذفرى) للتأنيث ، وهذا خارج عن الباب وإذا كانت الألف لغير التأنيث فإن الباب فيه أن تقلب ياء كقولك" أرطى" و" أراط" و" ملهى" و" ملاه" و" معزى" و" معاز" ، وقد يبدلون من الياء ألفا لخفة الألف ، قالوا (مدرى) و (مداري). ويجوز في الباب كله قلب الياء ألفا ؛ لأنه لا يقع فيه إشكال.

وما كان من الممدود منه مما ألفه للتأنيث فإنه يجوز فيه أن يجري مجرى (حبلى) و (حبالى).

ويجوز أن تقلب ياء قالوا : (صحراء) و (صحارى) و (عذراء) و (عذارى).

وقد قالوا : (صحار) و (عذار) حذفوا الألف التي قبل الهمزة ، ليكون آخره كآخر (حبلى) وليفرقوا بين ما كانت المدة فيه لغير التأنيث نحو (علباء) ونحوه ، وذلك أن الباب في (علباء) ونحوه أن يقال (علابيّ) و (حرابيّ) ، لأن (عباء) ملحق به (سرداح) ، فلما كان الباب في (سرداح) أن يقال (سراديح) ولا يقال (سرادح) وجب أن يكون الباب في (علباء) " علابي" وذلك أنهم يدخلون ألف الجمع ثالثة فتقع بعد الألف (الباء) فتكسر الباء التي بعد ألف الجمع فتنقلب من أجل كسرتها الألف التي قبل الهمزة في (علباء) ياء وتنقلب الهمزة ياء أيضا ؛ لأن أصلها الياء ، وإنما انقلبت همزة لوقوعها بعد الألف فتعود إلى الياء وربما شدّدوا الممدود المؤنث فيقولون (صحراء) و (صحاريّ) فيأتون به على استيفاء الحروف ، لأن الألف في الواحد رابعة ولا يوجب الجمع إسقاطها وآثروا التخفيف في (صحراء) ونحوه ، إذ قد خففوا (في) ما ليس فيه ألف التأنيث (فقالوا) (مهريّة) و (مهار)

٣٤٥

و (أثفيّة) و (أثاف) ، وكان القياس أن يقال : (مهاريّ) و (أثافيّ) لأن ألف الجمع تقع بعدها ألف فتكسر ما بعدها. والحرف الرابع من الواحد ياء فلا يجب إسقاطها كما لا يجب إسقاط ياء (قنديل) إذا قلت (قناديل) فهم في التأنيث أجدر أن يخففوه لئلا يكون آخره بمنزلة ما جاء لغير التأنيث ، إذ كان في التأنيث أثقل.

قال : وقالوا : (ربّى) و (رباب) حذفوا الألف وبنوه على هذا البناء ، كما حذفوا الهاء من (جفرة) فقالوا : (جفار) إلا أنهم قد ضموا أول ذا ، كما قالوا (طئر) و (طئار) و (رخل) و (رخال) ولم يكسروا أوله كما قالوا (بناء) و (قداح)."

قال أبو سعيد : اعلم أن" فعالا" في الجمع قليل وإنما جاء في سبعة أسماء قالوا : (ربّى) و (رباب) والرّبّى : هي الشاة التي تربّي ولدها ، وقالوا : (ظئر) و (ظئار) والظّئر في النوق بمنزلة (الرّابّة) في الناس ويقال أيضا (أظآر) ،

قال متمم :

فما وجد أظآر ثلاث روائم

رأين مخرا من حوار ومصرعا (١)

و (رخل) و (رخال) ، وفيه أربع لغات (رخل) و (رخل) و (رخل) و (رخل) و (فرير) و (فرار) والفرير : الحمل ، ويقال أيضا لولد البقرة (فرير) و (عرق) و (عراق) والعرق العظم الذي عليها اللحم ، و (ثني) و (ثناء) ، والثّني الناقة التي نتجت مرتين ويقال أيضا (ثناء) و (تؤم) و (تؤام) ويقال أيضا (توائم).

قال الراجز :

قالت له ودمعها تؤام

كالدرّ إذ أسلمه النّظام

على الّذين ارتحلوا السّلام (٢)

قال سيبويه : وإذا أردت ما هو أدنى العدد ـ يعني في المؤنث الذي آخره ألف ـ جمعت بالتاء تقول (خبراوات) و (صحراوات) و (ذفريات) و (دفليات) و (حبليات) وقالوا (أنثى) و (إناث) فذا بمنزلة (جفرة) و (جفار).

قال : وأما ما كان عدد حروفه أربعة أحرف فيه هاء التأنيث وكان (فعيلة) فإنك

__________________

(١) البيت مذكور في اللسان (ظأر) فهو شاهد على جمع الظئور وليس بشاهد على جمع الظئر ، وهو من الطويل.

(٢) من مشطور الرجز مذكور في اللسان (تأم) والشاهد في (تؤام) إذ هو جمع تؤم.

٣٤٦

تكسره على" فعائل" كقولهم (صحيفة) و (صحائف) ، و (قبيلة) و (قبائل) ، وذلك أكثر من أن يحصى ، وربما كسروه على (فعل) ، قالوا : (سفينة) و (سفن) و (صحيفة) و (صحف) شبهوه ب (قليب) و (قلب) كأنهم لم يعتدوا بالهاء وجمعوا (سفين) و (صحيف) ، كما أنهم قالوا (جفرة) و (جفار) جعلوا الهاء كأنها لم تكن في الواحد فصار (جفر) وجفار كقولهم : (جمد) و (جماد).

قال : وقد يقولون : (ثلاث صحائف) و (ثلاث كتائب) وذاك لأنها صارت على مثال (حضاجر) و (بلابل) و (جنادب) فأجروها مجراها ومثل (صحائف) من بنات الياء والواو (صفيّة) و (صفايا) و (مطيّة) و (مطايا).

يعني أنهم قالوا : (ثلاث صحائف) في القليل وقد كان يمكنهم أن يقولوا (ثلاث صحيفات) والجمع بالألف والتاء يكون للقليل و (فعائل) من الجوع الكثيرة فشبهوها بما لا يحسن جمعه بالألف والتاء نحو (حضجر) و (حضاجر) و (بلبل) و (بلابل) و (جندب) و (جنادب) وهذه أسماء مذكرة لا يحسن أن تقول فيها (بلبلات) و (حضجرات) فحملوا ثلاث صحائف على هذا إذ كان رباعيا مثله.

قال : وأما (فعالة) فهو بهذه المنزلة لأن عدة الحروف واحدة ، والزنة ، والزيادة مدّ كما أن زيادة (فعيلة) مدّ ، وذلك قولك إذا جمعت بالتاء (رسالات) و (كنانات) ، و (عمامات) و (جنازات) ، فإذا كسرته على (فعائل) قلت : (جنائز) و (رسائل) ، وما كان على (فعالة) فهو بهذه المنزلة لأنه ليس بينهما إلا الفتح والكسر كقولك (حمامة) و (حمائم) ، و (دجاجة) و (دجائج) و (فعالة) مثل ذلك كقولك : (ذؤابة) و (ذؤابات) و (قوارة) ، و (ذبابة) و (ذبابات) فإذا كسرت قلت : (ذوائب) و (ذبائب) " وفعولة" بمنزلة" فعيلة" لأنها مثلها في الزنة والعدة وحرف المد وذلك قولهم (حمولة) و (حمائل) و (حلوية) و (حلائب) ، وإن شئت قلت (حمولات) و (حلوبات) و (ركوبات).

ومعنى قول سيبويه ، لأن فعولة بمنزلة فعيلة في الزنة والعدة وحرف المد.

أما العدة فإنه يريد به عدد الحروف. وأما حروف المد فأراد أن حرف المد فيها ثالث لأن الواو في فعولة ثالثة ، والياء في فعيلة ثالثة.

وأما الزنة فإن فعولة متحركان وساكن ، وكذلك فعيلة فالوزن واحد.

قال سيبويه : " وكل شيء كان من هذا أقل كان تكسيره أقل كما كان في بنات

٣٤٧

الثلاثة".

يريد أن" فعيلة" أكثر من" فعولة" و" فعالة" و" فعالة" وقد استغنوا في جمعها فقالوا : " فعل" ل (سفن) و (صحف) ولم يجئ في" فعالة" و" فعولة" مثل ذلك.

قال : واعلم أن (فعالا وفعيلا وفعالا وفعالا) إذا كان شيء منها يقع على الجميع فإن واحده يكون على بنائه ومن لفظه وتلحقه هاء التأنيث وأمرها كأمر ما كان على ثلاثة أحرف وذلك قولك : (دجاج) و (دجاجة) و (دجاجات).

وبعضهم يقول : (دجاجة) و (دجاج) و (دجاجات) ومثله من بنات الياء : (أضاءة) و (أضاء) و (أضاءات) ، و (شعيرة) و (شعير) و (شعيرات) و (سفين) و (سفينة) و (سفينات) ومثله من بنات الواو (رّكيّة) و (ركيّ) و (مطيّة) و (مطيّ) و (ركيّات) و (مطيّات) ، و (مرار) و (مرارة) و (مرارات) و (يمام) و (يمامة) و (يمامات) و (حمام) و (حمامة) و (حمامات) ومثله من بنات الياء والواو (عظاءة) و (عظاء) و (عظاءات) ، و (صلاءة) و (صلاء) و (صلاءات).

قال أبو سعيد : هذا الذي ذكره من الأجناس بمنزلة (تمر) و (تمرة) وهو زائد على ثلاثة أحرف ولا فرق بين ما قلت حروفه أو كثرت عن ذلك.

وقوله : " أضاءة" و" أضاء" لا أعلم أحدا ذكر (أضاءة) بالمد غيره وكل يقول (أضاة) و (أضا) مثل (حصاة) و (حصى) ، وذكره هو أيضا مقصورا فيما تقدم ومده نادر. وقوله : ومثله من بنات الياء والواو (عظاءة) و (صلاءة) وللقائل أن يقول : (عظاءة) و (صلاءة) من بنات الياء ، لأنا نقول (عظاية) و (صلاية) ، فلم قال من بنات الياء والواو فيقال له : بنات الياء والواو تجري مجرى واحدا فمثل ببعض ذلك لأن التمثيل هو جزء يدل على غيره.

قال : " وكل شيء كان واحدا مذكرا ، وكان يقع على الجميع فإن واحده وإياه بمنزلة ما كان على ثلاثة أحرف مما ذكرنا كثرت عدة حروفه أو قلت."

يعني أن اسم الجنس واحد مذكر وهو يقع على الجميع ؛ لأن الجنس جمع وقوله" وإياه كناية عن الجمع الذي ذكر كأنه قال : فإن واحده وجمعه مما زاد على الثلاثة ومن الثلاثة واحد.

((وأما ما كان من بنات الأربعة لا زيادة فيه فإنه يكسر على مفاعل ، وذلك قولك : (ضفدع) و (ضفادع) و (حبرج) و (حبارج) و (خنجر) و (خناجر) و (جنجن) وجناجن) و (قمطر) و (قماطر)).

٣٤٨

قال أبو سعيد : جمع الرباعي على اختلاف بنيته يكون على مثال لفظ واحد ، وذلك أنك إذا جمعت رباعيا فتحت أوله وأدخلت ألف الجمع ثالثة وكسرت الحرف الذي بعد ألف الجمع فلا يختلف. تقول : (ضفدع) و (ضفادع) فتفتح الضاد وكانت مكسورة و (حبرج) و (حبارج) فتفتح الحاء ، وكانت مضمومة ، والحبرج : ذكر الحبارى والجنجن : عظم الصدر ، وبعضهم يقول : (جنجن).

قال : " فإن عنيت الأقل لم تجاوز ذا لأنك لا تصل إلى التاء."

يريد أنك تقول (ثلاثة قماطر) وهو جمع كثير ، لأنه لا يمكن أن تحذف حرفا من الأربعة ثم تجمع الثلاثة الباقية الجمع القليل ولا يحسن أيضا أن تجمعه بالألف والتاء لأنه مذكر فلم يجز فيه غير ما ذكر من (ضفادع) و (حبارج) وما أشبه ذلك ، وإن كان في ذوات الأربع حرف من حروف المد واللين زائد رابع كسرته على مثال (مفاعيل) كقولك (قنديل) و (قناديل) و (كرسوع) و (كراسيع) و (غربال) و (غرابيل) ، فأتقن الجمع كله على لفظ واحد ، لأنك تفتح أوله وتكسر الحرف الذي بعد الألف فإن كان بعد ذلك الحرف واو قلبتها (ياء لانكسار) ما قبلها فقلبت واو (كرسوع) ياء في (كراسيع) وألف (غربال) أيضا تقلبها ياء في (غرابيل) لانكسار ما قبلها وما ألحق ببنات الأربعة من الثلاثي يجري في الجمع كبنات الأربعة كقولهم (جدول) و (جداول) و (عثير) و (عثاير) و (سلّم) و (سلالم) و (تولب) و (توالب) وهو ولد الحمار ، و (جندب) و (جنادب) و (قردد) و (قرادد) وقد قالوا : (قراديد) كراهية التضعيف يعني كرهوا التقاء الدالين فمدوا الكسرة. وما لم يلحق ببنات الأربعة وفيه زيادة وليست بمدة فإنك إذا كسرته كسرته على مثال مفاعل وذلك (تنضب) و (تناضب) و (أجدل وأجادل) و (أخيل) و (أخايل).

فإن قال قائل لم قال سيبويه : وكل شيء من بنات الثلاثة فهي بناء بنات الأربعة وألحق ببنائها ثم ذكر (سلّم وسلالم) و (جندب وجنادب) وليس من مذهبه أن في بنات الأربعة" فعلل" وإن كان الأخفش وغيره يقولون : إن" جخدب" (فعلل) وقد حكوا (برقع) ، و (برقع) و (جؤذر) و (جؤذر).

قيل له هذه الأسماء تجري عنده مجرى الملحق لأنه" جخدبا" حروفه أصلية فإنما عدل عن أن يجعله أصلا في الرباعي ، لأنه مخفف من" جخادب" عنده وصار بمنزلة الرباعي الأصلي لأن حروفه كلها أصلية وصار (سلّم) و (دمّل) و (خرّب) ملحقا به.

قال سيبويه : وكل شيء مما ذكرنا كانت فيه (هاء) التأنيث يكسر على ما ذكرنا إلا أنك تجمع بالتاء إذا أردت بناء أدنى العدد وذلك قولك (جمجمة) و (جماجم)

٣٤٩

و (زردمة) و (زرادم) و (مكرّمة) و (مكارم) و (عودقة) و (عوادق) وهو الكلّوب الذي يخرج به الدّلو.

قال : وكل شيء من بنات الثلاثة قد ألحق ببنات الأربعة وصار رابعه حرف مد فهو بمنزلة ما كان من بنات الأربعة له رابع حرف مد وذلك (قرطاط) و (قراطيط) و (جريال) و (جراييل) و (قرواح) و (قراويح).

قال أبو سعيد : أصل (قرطاط) " قرط" وإحدى الطاءين زائدة بذوات الأربع وأصل" جريال" (جرل) والياء زائدة والواو في (قرواح) زائدة فصار بمنزلة اسم على أربعة أحرف أصلية وزيدت فيها ألف رابعة كقولنا" سرداح" و" حذفار" فإذا جمعت هذا الملحق جمعته كالأصلي فصار (قراطيط) ، و (قراويح) و (جراييس) بمنزلة (سراديح) و (حذافير).

قال : وكذلك ما كانت فيه زيادة ليست بمدة وكان رابعه حرف مد ، ولم يبن بناء بنات الأربعة التي رابعها حرف مد وذلك نحو (كلّوب) و (كلاليب) و (يربوع) و (يرابيع) إحدى اللامين في (كلّوب) زائدة وليست من حروف المد والواو فيه زائدة وهي حرف مد رابع فجمع على (كلاليب) مثل (قراويح) و (قراريط).

قال : وما كان من الأسماء على" فاعل أو فاعل" فإنه يكسر على بناء" فواعل وذلك (تابل) و (ترابل) و" طابق" و" طوابق" و (حاجز) و (حواجز) و (حائط) و (حوائط) "

قال أبو سعيد : وقد جاء فاعل فواعيل نحو (طابق) و (طوابيق) و (دانق) و (دوانيق) و (خاتم) و (خواتيم) وليس ذلك بقياس يطرد وبعضهم يقول في (خاتم) (خاتام) وأنشد :

أخذت خاتامي بغير حق (١)

فعلى هذه اللغة قياسه (خواتيم)

وقد ذكر الفراء أنه لم يجئ في فاعل (فواعيل) إلا شيء واحد من كلام المولدين قالوا (باءبل) و (بواءابل) شبهوه ب (طابق) و (طوابيق).

قال سيبويه : وقد يكسرون الفاعل على (فعلان) نحو (حاجر) و (حجران) ،

__________________

(١) هذا البيت من مشطور الرجز وهو من شواهد المبرد في المقتضب : ٢ / ٢٥٨ والكامل : ٣٦٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٥ / ٥٣ ، والعقد الفريد : ٢ / ٢٧٣.

٣٥٠

و (سالّ) و (سلّان) و (حائر) و (محوران) وقد قال بعضهم (حيران) كما قالوا (جانّ) و (جنّان) ، وكما قال بعضهم (غائط) و (غيطان) و (حائط) و (حيطان) قلبوها حين صارت الواو بعد كسرة"

يعني أن الأصل في (غائط) و (حائط) الواو ؛ لأن (الغائط) الأرض المنهبطة ويقال لها (الغوطة) ومنه سميت" الغوطة" : قرية بقرب دمشق.

و (حائط) من قولك (حاط) (يحوط) فقلبوا الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها كما قالوا (صيران) و (ميقات) ، والحاجر : أرض مستديرة ، و (السّالّ) موضع يكون فيه شجر ، والحائر الموضع الذي يسميه العامة (الحير) وهو مستفل من الأرض يجتمع فيه الماء.

قال : والأصل (فعلان) وقد قالوا (غالّ) و (غلّان) و (فالق) و (فلقان) "

والغالّ : المكان المطمئن من الأرض والفالق المكان المستدير الذي ليس فيه نبت وفي النسخ (مالّ) و (ملّان) وما رأيت أحدا فسره ، وفعلان في ذلك أكثر وهو الأصل.

قال : ولا يمتنع شيء من ذا من فواعل كقولك : (حاجر) و (حواجر) و (حائر) و (حوائر) و (حائط) و (حوائط).

قال : وأما ما كان صفة فأجري مجرى الأسماء فقد يبنونه على" فعلان" كما يبنونها وذلك قولك : (راكب) و (ركبان) و (صاحب) و (صحبان) و (فارس) و (فرسان) و (راع) و (رعيان) "

قال أبو سعيد : وهذه صفات تجري مجرى الأسماء ؛ وذلك أنهم يقولون : " راكب" لراكب البعير و (ركبان) للجماعة ، ويقولون لراكب الفرس : (فارس) فقد اختص الراكب بشيء على غير طريق الفعل ، وكذلك (راع) يختص به من يرعى ضربا من المواشي ولا يقال لكلّ من رعى شيئا وحفظه (راع) على الإطلاق بل لا يفهم إذا قيل (فلان راع لشيء من الأنعام).

وقوله : (فقد يبنونه على فعلان) كقولك (راكب) و (ركبان) كما يبنون الأسماء كقولنا (حاجر) و (حجران) و (فالق) و (فلقان).

قال : وقد كسروه على (فعال) حيث جعلوه بمنزلة (فعيل) نحو (جريب) ، و (جربان).

وسترى بيانه إن شاء الله تعالى : لم أجري ذلك المجرى ، فأدخلوا الفعال هاهنا كما أدخلوه ثمّة حين قالوا : (إفال وفصال) وذلك نحو" صحاب".

٣٥١

يريد أنهم جمعوا (فاعلا) الذي هو صفة يجري مجرى الاسم على فعال فقالوا : (صاحب) و (صحاب) ، لأنهم قد أجروا" فاعلا" مجرى" فعيل" حين قالوا" فالق" و (فلقان) كما قالوا (جريب) و (جربان) ، وقد أجازوا في (فعيل) الذي هو اسم (فعال) كقولهم : (إقال) و (فصال) في جمع (أفيل) و (فصيل) فأجازوا ذلك أيضا في (فاعل) قالوا : (صاحب) و (صحاب).

قال سيبويه : ولا يكون فيه (فواعل) كما كان في (تابل) و (خاتم) و (حاجر) ؛ لأن أصله صفة وله مؤنث ، فيفصلون بينهما ، إلا في (فوارس) فإنهم قالوا : (فوارس) كما قالوا (حواجر) لأن هذا اللفظ لا يقع في كلامهم إلا للرجال وليس في أصل كلامهم أن يكون إلا لهم ، فلما لم يخافوا الالتباس قالوا : (فواعل) كما قالوا : (فعلان) وكما قالوا (حوارث) حيث كان اسما خاصا ك (زيد).

منع سيبويه أن يجمع (فاعل) الذي هو صفة أجري مجرى الاسم على فواعل ، وكذلك (الفاعل) الذي هو صفة لم يجر مجرى الاسم واستثنى من ذلك" فوارس" واحتج بأنه لا يشاركه المؤنث.

وما كان كذلك فهو كالاسم ، لأن الأسماء في هذا الباب غير جارية على الأفعال لها مؤنث ، وهذه الصفات لها مؤنث نحو صاحب (وصاحبة) و (راكب) و (راكبة) و (راع) و (راعية).

وقال غيره : قد جاء (فاعل) و (فواعل) في حرفين (فارس) و (فوارس) و (فلان هالك في الهوالك).

قال :

تجاوزت هندا رغبة عن قتاله

إلى مالك أعشو إلى ذكر مالك

وأيقنت أنّى عند ذلك بائن

غدا تئذ وهالك في الهوالك (١)

وقد وجدت غير ذلك في كلام العرب ، وإن كان المستعمل الكثير ما قاله سيبويه.

قال عتيبة بن الحارث

ألا من مبلغ جزء بن سعد

وكيف أصاب بعدكم الثّفيل

__________________

(١) قائل البيت ابن جذل الطّعان. انظر اللسان : (هلك) وابن يعيش ٥ / ٧٩ ، والتصريح على التوضيح : ٢ / ٣١٣.

٣٥٢

أحامي عن ذمار بنى أبيكم

ومثلي في غوائبكم قليل (١)

فقال جزء بن سعد لمّا بلغه ذلك : (نعم وفي شواهدنا) إنما هو جمع" غائب"

وشاهد من الناس :

وقد ذكر أبو العباس المبرد أنه الأصل ، وأنه في الشعر شائع جائز.

وأنشد قول الفرزدق :

وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم

خضع الرقاب نواكس الأبصار (٢)

وإذا كان" فاعل" لما لا يعقل من المذكر فإنه على فواعل ، وإن كان صفة كقولك : (جبل شاهق) و (جبال شواهق) و (شامخ وشوامخ) و (حمار ناهق) و (نواهق) ، و (فرس صاهل) و (صواهل).

وإذا سميت بالصفة أيضا ثم جمعته كان على فواعل كقولك (حارث) اسم رجل و (حوارث) و (خواتم) وهذا هو القياس في الأصل ، لأن قياس هذا الجمع قياس التصغير ، ويقال في التصغير (ضارب) و (ضويرب) ، و (قاتل) و (قويتل) وكان حقه أن يقال : (ضوارب) و (قواتل) غير أنهم عدلوا عن ذلك ؛ لأن الجمع له وجوه ولا وجه للتصغير إلا واحد تقول في التصغير (ضارب) و (ضويرب) لا غير ، وتقول في الجمع (ضارب) و (ضاربون) و (ضرّاب) و (كاتب) و (كاتبون) و (كتّاب) و (كتبة) ، فجعلوا (فواعل) جمع" فاعلة" أو ما جرى مجراها مما لا يعقل كقولك" قاتلة" و" قواتل" و (شاهق) و (شواهق) وتركوا الأسماء على أصل القياس وقد جاء فاعل على" أفعلة" اسما ولم يذكر سيبويه. وذلك (واد) و (أودية) كأنهم حملوه على فعيل ك (جريب) و (أجربة) ، وكرهوا فيه فواعل لئلا يجتمع واوان في أول الكلمة وكرهوا أيضا" فعلان" و" فعلان" لئلا تنضم الواو وتنكسر.

هذا باب ما يجمع من المذكر بالتاء

لأنه يصير إلى تأنيث إذا جمع ، فمنه شيء لم يكسر على بناء من أبنية الجمع فجمع بالتاء إذ منع ذلك.

وذلك قولك : (سرادقات) و (حمّامات) و (إوانات) ، ومنه قولهم : (جمل سبحل) و (جمال سبحلات) و (ربحلات) و (جمال سيطرات). وقالوا : (جوالق) و (جواليق) ولم

__________________

(١) البيتان من الوافر. انظر شرح الشافية للرضي : ٢ / ١٥٣ ، وشرح شواهد الشافية ص : ١٤١.

(٢) انظر ديوان الفرزدق : ٣٧٦ ، الخزانة : ١ / ٩٩ ، والمخصص : ١٤ / ١١٧ ، وابن يعيش : ٥ / ٥٦ وهو من بحر الكامل.

٣٥٣

يقولوا (جوالقات) حين قالوا (جواليق) والمؤنث الذي فيه علامة التأنيث أجرى هذا المجرى. ألا ترى أنك لا تقول (فرسنات) حين قلت : (فراسن) ولا (خنصرات) حين قلت : (خناصر) ولا (محلجات) حين قلت (محالج ومحاليج) وقالوا (عيرات) حين لم يكسروها على بناء يكسر عليه مثلها.

قال أبو سعيد : اعلم أن الجمع بالألف والتاء بابه أن يكون للمؤنث الذي فيه علامة التأنيث أو المذكر المسمى باسم فيه هاء التأنيث أو المنعوت بنعت فيه هاء التأنيث ، فأما المؤنث فقولك : (امرأة ذاهبة) و (نسوة ذاهبات) ، والمذكر المسمى باسم فيه هاء التأنيث فقولنا (طلحة والطلحات) و (حمزة والحمزات) والمنعوت قولنا : (رجل ربعة) و (رجال ربعات) وما كان غير ذلك فمشبّه به ، وذلك (سرادق) و (سرادقات) و (حمّام) و (حمّامات) ، ووجه التشبيه أن جمع المذكر يصير مؤنثا في التكسير فجعل (سرادقات) بمنزلة الجمع المكسر المؤنث ، وجعل تأنيثه الحادث من أجل الجمع بالألف والتاء ، وكذلك سائر ما ذكره ، وإنما يفعلون أكثر ذلك فيما لم يكسروه ، وربما كسروا وجمعوا بالألف والتاء وذلك فيما ذكره سيبويه : " بوانات" و" بوان" (للواحد) وبوق للجماعة كما قالوا (عرسات) و (أعراس) في جمع العرس.

قال سيبويه : فهذه حروف تحفظ ثم يجاء بالنظائر".

يعني الجمع بالألف والتاء فيما ليس فيه الهاء ، وقد قال بعضهم في شمال شمالات.

وقال الشاعر :

ربما أوفيت في علم

ترفعن ثوبي شمالات (١)

هذا باب ما جاء بناء جمعه على غير ما يكون في مثله ولم يكسر هو على البناء

قال سيبويه : فمن ذلك قولهم : (رهط) و (أراهط) كأنهم كسروا" أرهط" ومن ذلك (باطل) و (أباطيل) لأن ذلك ليس بناء (باطل) ونحوه إذا كسرته فكأنك كسرت عليه (إبطيل) و (إبطال) ومثل ذلك (كراع) و (أكارع) ، لأن ذا ليس من أبنية (فعال) إذا كسر بزيادة أو بغير زيادة فكأنه كسّر عليه (أكرع) ومثل ذلك : (حديث) و (أحاديث) ، و (عروس) و (أعاريس) و (قطيع) و (أقاطيع) ، لأن هذا لو كسرته إذا

__________________

(١) الشاعر هو جذيمة الأبرش والبيت من المديد. انظر ابن يعيش : ٩ / ٤٠ ، العيني : ٣ / ٣٤٤ ، المغني : ١٣٥ ، الدرر اللوامع : ٢ / ٤١.

٣٥٤

كانت عدة حروفه أربعة أحرف بالزيادة التي فيها لكانت" فعائل" ولم تكن لتدخل زيادة في أول الكلمة كما أنك لا تكسر (جدولا) ونحوه على ما تكسّر عليه بنات الأربعة.

وكذلك هذا إذا كسّرته بالزيادة لا تدخل زيادة سوى زيادته ، فيصير اسما أوله ألف ورابعه حرف لين فهذه الحروف لم تكسر على ذا ، ألا ترى أنك لو حقرتها لم تقل" أحيديث" ولا" أعيريض" ولا" أكيرع" فلو كان ذا أصلا لجاز ذا التحقير ، وإنما يجري التحقير على أصل الجمع إذا أردت ما جاوز ثلاثة أحرف مثل (مفاعل) و (مفاعيل).

قال أبو سعيد : ما كان من الجمع ثالثه ألف وبعدها حرفان أو ثلاثة فلا يجوز أن يكون واحده ثلاثة أحرف ، لأن هذا الجمع يجري مجرى التصغير إنما يزاد على واحده الألف ثالثة فقط كما تزاد التصغير ثالثة ويؤتى بالحركات على ما يوجبه الجمع أو التصغير كقولك (جعفر) و (جعافر) و (جعيفر) و (بلبل) و (بليبل) و (بلابل) و (زبرج) و (زبيرج) و (زبارج) و (صندوق) و (صنيديق) و (صناديق) ، فجعل (أراهط) كأنه جمع (أرهط) لا جمع" رهط" ، وإن كان" أرهط" لا يستعمل.

والدليل على ما قال ، أن الشاعر قد قال" أرهط" لما احتاج إليه :

وفاضح مفتضح في أرهطه

من أرفع الوادي ولا من ثعبطه (١)

وكذلك (باطل) و (أباطيل) لو جمع" باطل" على هذا القياس لقيل" بواطل" فعلم أن" أباطيل" ليس بجمع" باطل" وكذلك" أكارع" ليس بجمع" كراع" وكذلك سائر ما ذكره. ولو جمع ما ذكر على لفظه لقيل في" كراع" : (كرائع) وفي حديث (حدائث) وفي عروض (عرائض) كما يقال في (قلوص) : (قلائص) وفي (سفينة) : (سفائن) ، لأن ألف الجمع تدخل ثالثة ولا يزاد غيرها ، وقوى سيبويه ذلك بأنا لو صغرنا لم نذهب بالتصغير مذهب الجمع لا يقال : (أحيديث) ولا (أعيريض) ولا (أكيرع) كما تقول في الجموع التي أتت على قياس الواحد ك (صناديق) و (صنيديق) و (أباريق) و (أبيريق) و (أباطح) و (أبيطح) فاعرف ذلك إن شاء الله.

__________________

(١) البيتان من مشطور الرجز أنشدهما الأصمعي ولم ينسبهما إلى أحد وهما من شواهد شرح المفصل لابن يعيش : ٥ / ٧٣ ، وشرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٠٥.

٣٥٥

قال : ومثل (أراهط) (أهل) و (أهال) و (ليلة) و (ليال).

يعني أن (ليالي) ليس بجمع (ليلة) على لفظها ولا (أهالي) جمع" أهل" وإنما هو على تقدير (أهلاه) وإن لم يستعمل ، قالوا (لييلية) فجاءت على (ليلاة) في التصغير كما جاءت عليه في الجمع.

قال : وزعم أبو الخطاب أنهم يقولون : أرض وآراض" أفعال" كما قالوا أهل وآهال.

قال أبو سعيد : والذي عندي أن هذا غلط وقع في الكتاب من جهتين أحدهما أن سيبويه ذكر فيما تقدم أنهم لم يقولوا" آراض" ولا (آرض) والأخرى أن هذا الباب إنما ذكر فيه ما جاء جمعه على غير الواحد ، ونحن إذا قلنا أنه (أرض) و (آراض) و (أهل) فهو على الواحد كما يقال : (زند) و (أزناد) و (فرخ) و (أفراخ) وإن كان الأكثر فيه" أفعل"

وقد ذكر سيبويه مثل هذا فيما تقدم من الأبواب وأظنه : (أرض) و (أراض) كما قالوا : (أهل) و (أهال) فيكون بمنزلة (ليلة) و (ليال) ، فيشاكل الباب.

قال سيبويه : وقال بعض العرب أمكن ...

يعني في جمع (مكان) ويكون التقدير أنه جمع (مكن) بحذف الألف من مكان.

قال : لأنا لم نر فعيلا ولا فعالا ولا فعالا (ولا فعالا) يكسّرن مذكرات على (أفعل) ومثل ذلك (توأم) و (تؤام) كأنهم كسروا عليه (تئم) كما قالوا (ظئر) و (ظؤار) و (رخل) و (رخال).

وإنما قال سيبويه : كأنهم كسروا عليه (تئم) لأن الباب عنده في فعال أن يكون جمع فعل لأن أكثره جمع فعل وذلك (ظئر) و (ظؤار) و (رخل) و (رخال) و (ثنى) و (ثناء).

قال : وقالوا (كروان) وللجميع" كروان" وإنما يكسر عليه" كرا" كأنهم ردوا (كروان) وهو (فعلان) إلى فعل فصار" كرا" وجمع على فعلان كما قالوا :

(خرب) و (خربان) و (أخ) و (إخوان) ، وقالوا في مثل : أطرق كرا ، إن النّعام في القرى.

وقال :

لنا يوم وللكروان يوم

تطير البائسات ولا نظير (١)

__________________

(١) البيت من الوافر وهو شاهد على جمع (كرا) على (كروان) ولم أهتد إلى قائل له.

٣٥٦

وقد حكى سيبويه (ورشان) ، وللجمع (ورشان).

قال سيبويه : ومثل هذا (حمار) و (حمير) ومثل ذا (أصحاب) و (أطيار) و (فلوّ) و (أفلاء).

قال أبو سعيد : جعل سيبويه ما كان من جمع الثلاثي مما ذكر إذا جاء جمعا لما كان من أحرف فهو بحذف حرفا منه في التقدير وليس ذلك بمطرد فيكون كأنهم قدروا (حمارا) على (حمر) وجمعوه على (حمير) كما قالوا (كلب) و (كليب) و (عبد) و (عبيد) وجعلوا (صاحب) و (طائر) على (صحب) و (طير) وجمعوه على (أصحاب) و (أطيار) ، كما قالوا (بيت) و (أبيات) وجعلوا (فلوّ) على" فعل" وجمعوه على (أفعال) كما قالوا (عجز) و (أعجاز).

هذا باب ما عدد حروفه خمسة أحرف وخامسه ألف التأنيث أو ألفان للتأنيث

قال سيبويه : أما ما كان على (فعالى) فإنه يجمع بالتاء وذلك (حبارى) ، و (حباريات) و (سمانى) و (سمانيات) و (لبادى) و (لباديات).

وذلك كله أسماء لضروب من الطير ، ولم يقولوا حبائر ولا حباريّ ليفرقوا بينها وبين فعلاء وفعاله وأخواتها وفعيلة وفعالة وأخواتها.

أما قوله : لم يقولوا : (حبائر) ولا (حباريّ) فإنا لو كسرنا (حبارى) للجمع لوجب أن تقول : (حبائر) أو (حبارى) كما تقول في التصغير : (حبيّر) و (حبيرى) وذلك أنها خمسة أحرف وفيها زائدان الألف بعد الياء وألف التأنيث ولنا أن نحذف أيهما شئنا فإن حذفنا ألف التأنيث بقي (حبار) وتصغيره (حبير) وجمعه (حبائر) على طريق التصغير (فإن حذفنا الألف الأولى بقي حبرى) وتصغيره (حبيرى) وجمعه (حبارى).

كما قالوا (حبلى) و (حبالى) ، وما كان من ذلك على (فعلاء) أو (فعالة) فإنه يكسر كقولهم : (صحراء) و (صحارى) و (عذراء) و (عذارى) و" فعالة" نحو (رسالة) و (رسائل) وأخوات ذلك : ما كان على (فعلاء) نحو (فيفاء) و (فيافي) و (زيزاء) و (زيازي) و (جلذاء) و (جلاذي). و (فعيلة) نحو (سفينة) و (سفائن) و (قريبة) و (قرائب) " وفعالة" نحو (ذؤابة) و (ذوائب) وأخوات ذلك ما كان مما ضم أوله أو فتح كقولنا (معييه) و (معاي) و (مرضعة) و (مراضع) و (سحابة) و (سحائب) و (دجاجة) و (دجائج) وفرقوا بين" فعالى" حين عدلوا عن تكسيرها إلى جمع السلامة وبين هذه الأبنية الأخر حين جمعوا هذه الأبنية جمع التكسير.

٣٥٧

قال : وأما ما كان آخره ألفان للتأنيث (وكان فاعلا) فإنه يكسر على (فواعل) شبه ب (فاعلة) ، لأنه علم تأنيث كما أن الهاء في (فاعلة) علم التأنيث وذلك (قاصعاء) و (قواصع) و (نافقاء) و (نوافق) ، و (دامّاء) و (دوام) ـ وكلها جحرة اليرابيع ـ وسمعنا من يوثق به من العرب يقول : (سابياء) و (سواب) و (حاثياء) و (حواث).

وإنما جعلوا ألفي التأنيث بمنزلة هاء التأنيث فصار (قاصعاء) بمنزلة (قاصعة) و (دامّاء) بمنزلة (دامّة) فجمع على (فواعل) ، كما يقال (قاتلة) و (قواتل) و (دابة) و (دوابّ) وعلى ذلك قالوا (خنفساء) و (خنافس) كما يقال (قنبرة) و (قنابر) و (بهترة) و (بهاتر).

هذا باب جمع الجمع

قال سيبويه : أما أبنية أدنى العدد فيكسر منها (أفعلة وأفعل) على (أفاعيل) لأن (أفعل) بزنه" أفعل" و" أفعلة" بزنة (أفعلة) ، كما أن (أفعالا) بزنة (إفعال) وذلك نحو (أيد) و (أياد) و (أوطب) و (أواطب) قال الراجز :

يحلب منها ستّة الأواطب (١)

و (أسقية) و (أساق).

قال أبو سعيد : اعلم أن جمع الجمع ليس بقياس مطرد وإنما يقال فيما قالوه ولا يتجاوز ، وكذلك قال أبو عمر الجرمي قال : ولو قلنا في (أفلس) : (أفالس) وفي (أكلب) (أكالب) وفي (أدل) (أدال) لم يجز.

وأما قول سيبويه : لأن" أفعل" بمنزلة (أفعل" و" أفعلة" بمنزلة" أفعلة" يعني أن اختلاف الحركات في الواحد لا يوجب اختلاف الجمع في الرباعي.

ألا ترى أنا نقول (حبرج) و (حبارج) كقولنا (زبرج) و (زبارج) و (جعفر) و (جعافر) و (قمطر) و (قماطر) و (هجرع) و (هجارع) فصار لفظ الجمع واحدا وإن اختلفت الآحاد وكذلك (أفعل) وهو (أوطب) و (أيد) بمنزلة (أرنب) و (أيدع).

تقول فيه : (أرانب) و (أيادع) و (أفعلة) ك (أفعلة) تقول (أشكلة) و (أشاكل) و (أزملة) و (أزامل) ، كما قلنا : (أسقية) و (أساق).

__________________

(١) البيت من مشطور الراجز. انظر المفصل لابن يعيش ٥ / ٧٥ ، والمخصص ٤ / ١٠١ ، والتبصرة والتذكرة ٢ / ٦٨١. والشاهد جمعه الأوطب وهو جمع (وطب) على (أواطب) لتكثير العدد.

٣٥٨

قال سيبويه : وأما ما كان أفعالا فإنه يكسر على أفاعيل ، لأن أفعالا بمنزلة إفعال وذلك نحو أنعام وأناعيم وأقوال وأقاويل وقد جمعوا أفعلة بالتاء كما كسروها على أفاعل شبهوها بأنملة وأنامل وأنملات وذلك قولهم أعطيات وأسقيات.

يريد أنهم كما استجازوا جمعه على التكسير استجازوه على السلامة بالألف والتاء.

قال : وقالوا جمال وجمائل فكسروها على فعائل ؛ لأنها بمنزلة شمال وشمائل في الزّنة.

كأنهم جعلوا جمالا واحدا بمنزلة (شمال) التي هي واحد. وقال ذو الرمة :

وقربن بالزّرق الجمائل بعد ما

تقوّب عن غربان أوراكها الخطر (١)

وقالوا جمالات ورجالات وكلابات وبيوتات لأنها جموع مكسرة مؤنثة فجمعوها بالألف والتاء كما يجمع المؤنث ومثل ذلك (الحمرات) و (الطّرقات) و (الجزرات) لجمع الحمر التي هي جمع (حمار) والطّرق والجزر اللتين هما جمعان للطريق والجزور.

قال : واعلم أنه ليس كل جمع يجمع كما أنه ليس كل مصدر يجمع كالأشغال والعقول والحلوم والألباب ، ألا ترى أنك لا تجمع الفكر والعلم والنظر ، كما أنهم لا يجمعون كل اسم يقع على الجميع نحو (التمر).

قال أبو سعيد : ذكر سيبويه ثلاثة أشياء الباب فيها ألا تجمع وما جمع منها فهو مسلم والباقي على قياسه. منها الجمع المكسر وقد ذكرناه وما لم يذكره سيبويه وصح أن العرب جمعته فإنه مسلم. وقد روي (أسماء) و (أسامي) ، وقد روي (مواليات بني هاشم) ذكرها الفراء وربما اضطر الشاعر فجمع الجمع قال :

ترمي الفجاع والفيافي في القصى

بأعينات لم يخالطها قذى (٢)

والثاني من الثلاثة المصادر التي تدل على نوع المصدر ونحو القتل والشتم والضرب لا يقال (قتول) ولا (شتوم) في جمع ذلك وإنما جاء (أشغال) و (حلوم) و (عقول)

__________________

(١) انظر ديوان الشاعر : ٥٦٦ ، وابن يعيش : ٥ / ٧٦ ، والمخصص : ٧ / ٢٣ واللسان (غرب) والبيت من الطويل.

والشاهد قوله (الجمائل) حيث ورد في البيت جمعا مفرده (جمال) كأنهم جعلوه واحدا.

(٢) البيتان في اللسان (عين) وشرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٠٩. والشاهد في (أعينات) حيث إنها جمع (أعين) وأعين جمع عين والبيتان من مشطور الرجز.

٣٥٩

و (ألباب) فلا يتجاوز ذلك ، وكذلك أسماء الأجناس نحو التمر والبر والشعير ، لأن كل لفظ من ذلك يدل على الجنس بأسره فلا حاجة بالمتكلم إلى جمعه فإن جمعت العرب شيئا من ذلك فإنما يريدون بذلك الدلالة على اختلاف ألوانه كقولهم (التمرات) و (التمور) وقد ذكر عن أبي العباس أنه قال (تمر) و (أتمر) و (بر) و (أبرار) إذا أردت أجناسا مختلفة ، وقد منع سيبويه أن يقال (أبرار) في جمع (برّ). (قال : ويقولون مصران ومصارين كأبيات وأبابيت).

جعلوا الألف في مصران كالألف في أبيات وقلبوها في الجمع كما تقلب الألف في كرباس إذا قلت (كرابيس) وقالوا : (أسورة) و (أساورة) وقالوا (عوذ) و (عوذات) و (العوذ) جمع (عائذ) من الإبل وهي الحديثة العهد بالنتاج قال الراعي :

لها بحفيل فالنّميرة منزل

ترى الوحش عوذات به ومتاليا (١)

ويروى بالنميرة وقالوا : دودات في جمع دود كما قالوا (عوذات) وقالوا في (حشّان) جمع (حشّ) (حشاشين) كما قالوا (مصران) و (مصارين) وقال الراجز :

ترعى أناض من جزير الحمض

ويروى أناض فمن قال أناض جمع النضو أنضاء وجمع الأنضاء أناض فيكون النضو ما قد رعي وبقيت منه بقية كالنّضو من الإبل الذي ينضيه السفر ويهزله. ومن قال أناص جعله جمع نصيّ والنصيّ على أنصاء بحذف الزوائد. كما قالوا شريف وأشراف ثم جمع أيضا على أناص ، وهذا ضعيف ؛ لأنه قال من جزير الحمض والنصي ليس بحمض.

هذا باب ما كان من الأعجمية على أربعة أحرف وقد أعرب وكسرته

على مثال مفاعل

زعم الخليل أنهم يلحقون جمعه الهاء إلا قليلا وكذلك وجدوا أكثره فيما زعم (الخليل).

قال سيبويه : وذلك قولك" موزج" و" موازجة" و" صوبج" و" صوابجة" و" كربج" و" كرابجة" و" طيلسان" و" طيالسة" و" جورب" و" جواربة" وقد قالوا : " جوارب" و" كيالج" جعلوها ك (الصّوامع) و (الكواكب) وقد أدخلوا الهاء أيضا فقالوا (كبالجة)

__________________

(١) البيت من الطويل وهو من شواهد الكتاب : ٣ / ٦١٩ ، وابن يعيش : ٥ / ٧٦ والشاهد فيه جمعه (عوذات) وهو جمع (عائذ) بالألف والتاء للتكسير.

٣٦٠