الحدائق الناضرة - ج ١٠

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

وعن الفضل بن عبد الملك في الصحيح (١) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) من أدرك ركعة فقد أدرك الجمعة».

وما رواه الكليني والشيخ عن الحلبي في الصحيح أو الحسن (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن من لم يدرك الخطبة يوم الجمعة فقال يصلى ركعتين فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا. وقال : إذا أدركت الإمام قبل ان يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة وان أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر اربع ركعات».

وما رواه الصدوق عن الحلبي في الصحيح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٣) انه قال : «إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الجمعة وان أدركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة الظهر».

وعن الفضل بن عبد الملك في الصحيح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة وان فاتته فليصل أربعا».

ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال : «لا تكون الجمعة إلا لمن أدرك الخطبتين». فإنه محمول على الفضل والاستحباب جمعا.

وبالجملة فالحكم المذكور اتفاقي وانما الخلاف في ما به تدرك الركعة ، فالمشهور انه يتحقق بإدراك الإمام راكعا ، واليه ذهب الشيخ في الخلاف والمرتضى وكافة

__________________

(١ و ٤) الوسائل الباب ٢٦ من صلاة الجمعة.

(٢) الوسائل الباب ٢٦ من صلاة الجمعة. وفي نسخ الحدائق هكذا «عن من يدرك الجمعة» والصحيح ما هنا. وأيضا في الفروع ج ١ ص ١١٩ والتهذيب ج ١ ص ٣٢٢ اللفظ هكذا «فهي الظهر أربع».

(٣) الوسائل الباب ٢٦ من صلاة الجمعة. وفي الفقيه ج ١ ص ٢٧٠ هكذا «فقد أدركت الصلاة».

(٥) الوسائل الباب ١٦ من صلاة الجمعة. وفي التهذيب ج ١ ص ٣٢٣ هكذا «الجمعة لا تكون».

١٢١

المتأخرين ، وذهب الشيخان في المقنعة والنهاية وكتابي الأخبار الى ان المعتبر إدراك تكبير الركوع.

والأظهر الأول ، ويدل عليه جملة من الأخبار : منها ـ ما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (١) انه قال : «إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدركت الركعة وان رفع رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد (٢) ورواه الكليني في الصحيح أيضا عن سليمان بن خالد (٣) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) في الرجل إذا أدرك الامام وهو راكع فكبر وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل ان يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة».

وما رواه الصدوق في الفقيه عن أبي أسامة (٤) «انه سأله (عليه‌السلام) عن رجل انتهى الى الامام وهو راكع؟ قال إذا كبر واقام صلبه ثم ركع فقد أدرك».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبى عبد الله عن عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال «إذا دخلت المسجد والامام راكع فظننت انك ان مشيت اليه رفع رأسه قبل ان تدركه فكبر واركع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف وان جلس فاجلس مكانك فإذا قام فالحق بالصف». ورواه الشيخ عن عبد الرحمن بسند صحيح أيضا (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٥ من صلاة الجماعة. وفيه هكذا «فكبرت وركعت» وفي الفقيه ج ١ ص ٢٥٤ كما هنا.

(٢) الوسائل الباب ٤٥ من الجماعة. واللفظ في التهذيب ج ١ ص ٢٥٨ كما هنا وفي روايته الأخرى ص ٣٣٠ أسقط لفظ الركعة.

(٣) الوسائل الباب ٤٥ من الجماعة. وفي الفروع ج ١ ص ١٠٦ بإسقاط لفظ الركعة أيضا.

(٤) الوسائل الباب ٤٥ من صلاة الجماعة.

(٥) الوسائل الباب ٤٦ من الجماعة. وليس في الفقيه ج ١ ص ٢٥٤ «قبل ان تدركه» بعد قوله «رفع رأسه» وانما هو في رواية التهذيب ج ١ ص ٢٥٨.

(٦) الوسائل الباب ٤٦ من الجماعة.

١٢٢

وما رواه الشيخ عن معاوية بن شريح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «إذا جاء الرجل مبادرا والامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع».

وعن جابر الجعفي (٢) قال : «قلت لأبي جعفر (عليه‌السلام) انى أؤم قوما فاركع فيدخل الناس وانا راكع فكم انتظر؟ فقال ما أعجب ما تسأل عنه انتظر مثلي ركوعك فان انقطعوا وإلا فارفع رأسك».

وفي الفقيه (٣) «قال رجل لأبي جعفر (عليه‌السلام) انى إمام مسجد الحي فاركع بهم واسمع خفقان نعالهم وانا راكع؟ فقال اصبر ركوعك ومثل ركوعك فان انقطعوا وإلا فانتصب قائما».

هذا ما حضرني من الروايات الدالة على المشهور.

واما ما يدل على القول الثاني فهو ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (٤) قال قال لي : «ان لم تدرك القوم قبل أن يكبر الإمام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة».

وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (٥) قال قال : «لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام».

وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (٦) قال : «إذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الامام فقد أدركت الصلاة».

وروى الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم (٧) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) إذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل في تلك الركعة».

وروى الشيخ في التهذيب عن يونس الشيباني عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٨) قال : «إذا

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من تكبيرة الإحرام و ٤٥ من الجماعة.

(٢) الوسائل الباب ٥٠ من الجماعة.

(٣) ج ١ ص ٢٥٥ وفي الوسائل الباب ٥٠ من الجماعة.

(٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ٤٤ من الجماعة.

(٨) الوسائل الباب ١٣ من الأذان والإقامة.

١٢٣

دخلت من باب المسجد فكبرت وأنت مع امام عادل ثم مشيت إلى الصلاة أجزأك ذلك وإذا الإمام كبر للركوع كنت معه في الركعة لأنه إذا أدركته وهو راكع لم تدرك التكبير لم تكن معه في الركوع».

وجملة من الأصحاب جمعوا بين هذه الأخبار بحمل النهي في الصحيحة الاولى وعدم الاعتداد في الثانية على الكراهة ونفى الاعتداد في الفضيلة ويكون الغرض التحريض على كمال السعى في عدم التأخير. قالوا وانما حملنا هذه الأخبار على ذلك رعاية لقاعدة الجمع وإبقاء للأخبار الكثيرة على ظاهرها فان هذه الأخبار الأصل فيها محمد بن مسلم وهو واحد بخلاف الأخبار الأولة.

وأنت خبير بان مرجع هذا الجمع الى التخيير في الدخول بعد فوات التكبير وان الأولى عدمه لانه مكروه باعتبار النهى المتقدم ، وهذا انما يتم في غير الجمعة مما جاز للمكلف الإتيان به جماعة وفرادى دون الجمعة التي قام الدليل على وجوبها عينا كما هو المختار الذي عليه جل علمائنا الأبرار ، إلا ان تحمل هذه الأخبار بكلا طرفيها من الأخبار الدالة على إدراك الركعة حال الركوع والأخبار الدالة على العدم إلا مع إدراك تكبيرة الإحرام على غير الجمعة ، وهو مشكل لأنه يلزم منه بقاء حكم الجمعة مبهما في الصورة المذكورة.

ورجح بعض فضلاء متأخري المتأخرين وجوب الدخول في الجمعة حال الركوع نظرا الى ان الأخبار السابقة الدالة على وجوب إدراك صلاة الجمعة المتحقق بالدخول معهم في الصلاة في الصورة المذكورة أخص مطلقا من الأخبار المذكورة والخاص مقدم على العام.

وفيه ـ مع غموض ما ذكره ـ انه ان أراد دلالتها على وجوب الدخول حال الركوع فان ظاهر صحيحتي الحلبي المتقدمتين (١) في عداد تلك الروايات انما هو العكس فان الظاهر من قوله (عليه‌السلام) فيهما «فإن أدركته بعد ما ركع فهي الظهر» انه متى أدركه

__________________

(١) ص ١٢١.

١٢٤

حال الركوع فهي الظهر بمعنى عدم إدراك الركعة وفوات الجمعة بإدراكه حال الركوع ولهذا ان بعضهم احتمل اختصاص الجمعة بذلك نظرا الى هاتين الروايتين وان كان الحكم في غيرها ما دلت عليه تلك الأخبار من إدراك الركعة بإدراك الإمام راكعا وان احتمل حمل الروايتين المذكورتين على الإدراك بعد فوات الركوع. ويمكن ترجيح هذا المعنى بالنظر الى تلك الأخبار الكثيرة فتحمل هاتان الصحيحتان على ذلك جمعا بينها وبين تلك الأخبار. ويؤيده ان قوله (عليه‌السلام) «إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الجمعة» أعم من أن يكون الإدراك قبل تكبير الركوع أو بعده ومتى شمل الإدراك بعده فإنه لا ينطبق على القول الثاني.

وبالجملة فالأحوط في صلاة الجمعة انه متى لم يدرك تكبير الركوع ويدخل معه قبل الركوع هو الإتمام جمعة ثم الإعادة ظهرا لما عرفت من ظاهر الصحيحتين المذكورتين

هذا ، وظاهر المحدث الكاشاني في الوافي ـ بعد نقل بعض الأخبار الدالة على إدراك الركعة بإدراك الركوع واخبار محمد بن مسلم الدالة على العدم إلا مع ادراك التكبير ـ هو موافقة الشيخ في الجمع بين الأخبار بما ذكره في التهذيبين حيث قال : ولا تنافي بين هذه الأخبار الأربعة والخبرين الأولين لجواز سماع التكبير من بعيد قبل بلوغ الصف. كذا في التهذيبين ، وتدل عليه الأخبار الواردة في ركوع المسبوق وسجوده قبل لحوقه الصف كما مر في باب التقدم الى الصف والتأخر عنه. انتهى. وأشار بالأخبار الأربعة الى اخبار محمد بن مسلم.

وأنت خبير بان حاصل هذا الجمع هو حمل إدراك تكبيرة الركوع في روايات محمد بن مسلم على مجرد سماعه وان دخل في الصلاة بعد ذلك حال الركوع لا توقف الدخول في الصلاة على كونه قبل تكبير الامام للركوع كما زعمه ذلك القائل ، وحينئذ فتحمل الأخبار الأولة الدالة على إدراك الصلاة بإدراك الركوع على سماع تكبيرة الركوع قبل الدخول في الصلاة ، وعلى هذا فلو لم يسمع تكبيرة الركوع امتنع دخوله في حال الركوع. ولا يخفى ما فيه من البعد.

١٢٥

وما استند اليه من الأخبار التي أحالها على الباب المذكور لا اشعار فيها بشي‌ء مما ادعاه ، فان منها صحيحة عبد الرحمن بن ابى عبد الله المتقدمة (١) ومدلولها هو دخول المأموم والامام راكع وخاف من المشي إليه رفع رأسه من الركوع فإنه يكبر في محله ثم يلحق بالصف ، وليس فيها كما ترى اشارة فضلا عن التصريح بسماع تكبيرة الركوع بل هي بالدلالة على العدم أنسب والى ذلك أقرب حيث دلت على انه دخل والامام راكع وذلك بعد تكبير الركوع البتة ، فظاهره انه لم يشهد تكبير الركوع كما لا يخفى.

ومن اخبار الباب المذكور بالنسبة الى هذه المسألة ما رواه في التهذيب والفقيه عن إسحاق بن عمار (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) أدخل المسجد وقد ركع الامام فاركع بركوعه وأنا وحدي واسجد فإذا رفعت رأسي أي شي‌ء أصنع؟ فقال قم فاذهب إليهم فإن كانوا قياما فقم معهم وان كانوا جلوسا فاجلس معهم». والتقريب فيها كما في سابقتها.

ومنها ـ ما رواه الشيخان المذكوران في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما‌السلام) (٣) «انه سئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف أن تفوته الركعة؟ فقال يركع قبل أن يبلغ القوم ويمشى وهو راكع حتى يبلغهم». وهي كما ترى مجملة محتملة للأمرين.

وبالجملة فإن هذه الأخبار التي زعم الاستناد إليها في هذا الجمع قد دلت على ما دلت عليه روايات القول المشهور ، وأنت خبير بان ظهور التدافع بين هذه الروايات وروايات محمد بن مسلم أمر ظاهر والتأويلات التي نقلناها عنهم قد عرفت ما فيها فلم يبق إلا الترجيح بينها والظاهر كونه في جانب اخبار القول المشهور لكثرتها ، ومن جملة طرق الترجيح المروية في مقبولة عمر بن حنظلة (٤) الترجيح بالشهرة يعنى

__________________

(١) ص ١٢٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ٤٦ من الجماعة.

(٤) الواردة في الوسائل في الباب ٩ من صفات القاضي وما يجوز ان يقضى به.

١٢٦

في الرواية لقوله (عليه‌السلام) «خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر» وهي في جانب تلك الأخبار لتعدد رواتها وانحصار أخبار القول المقابل في محمد بن مسلم ويونس الشيباني ، وحينئذ فالواجب بمقتضى هذه القاعدة الشريفة هو العمل على تلك الأخبار وارجاء هذه الأخبار الى قائلها. والله العالم.

فرعان

(الأول) ـ اعلم انه قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بان المعتبر على تقدير القول المشهور في إدراك الركعة حال الركوع هو اجتماعهما في قوس الراكع بحيث يكبر ويركع ويجتمع في ذلك الحد ، وعليه تدل صحيحة سليمان بن خالد وصحيحة الحلبي المتقدمتان (١).

وهل يقدح فيه شروع الإمام في الرفع مع عدم تجاوز ذلك الحد؟ وجهان للأول ظاهر قوله (عليه‌السلام) في صحيحة الحلبي المتقدمة (٢) «إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدركت الركعة». ونحوها صحيحة سليمان بن خالد المتقدمة (٣) أيضا حيث أنه علق الحكم على رفع الرأس ، وللثاني حمل الرفع في الخبرين على كماله أو على ما يخرجه عن حده لان ما دونه في حد العدم. وظاهر السيد السند في المدارك استظهار الأول.

واشترط العلامة في التذكرة ذكر المأموم قبل رفع الامام ، هكذا نقله عنه في المدارك ثم قال : ولم نقف على مأخذه. والذي نقله عنه جده في الروض انما هو اشتراط ادراك ذكر الركوع ثم قال : ولا شاهد له. وكتاب التذكرة لا يحضرني الآن لاحقق منه الحال (٤).

__________________

(١ و ٢ و ٣) ص ١٢٢.

(٤) قال في الفرع الرابع من فروع المسألة الثانية من مسائل البحث الرابع من مباحث صلاة الجمعة : لو كبر للإحرام والامام راكع ثم رفع الامام قبل ركوعه أو بعده قبل الذكر فقد فاتته تلك الركعة.

١٢٧

ثم ان مما يدل على ما ذكره في التذكرة بناء على ما نقله في الروض ما رواه الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه (١) «انه كتب إليه يسأله عن الرجل يلحق الامام وهو راكع فيركع معه ويحتسب بتلك الركعة فإن بعض أصحابنا قال ان لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتد بتلك الركعة؟ فأجاب (عليه‌السلام) إذا لحق مع الامام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة وان لم يسمع تكبيرة الركوع». ونحوها رواية أخرى لا يحضرني الآن محلها (٢).

(الثاني) ـ لو كبر وركع ثم شك هل كان الامام راكعا أو رافعا لم تكن له جمعة ووجب عليه صلاة الظهر ان كان ذلك في الركعة الثانية وإلا فجمعة ان كان في الركعة الأولى ، والوجه فيه أن الشرط إدراك الإمام راكعا ولم يحصل لمكان الشك ولتعارض أصلي عدم الإدراك وعدم الرفع فيتساقطان ويبقى المكلف تحت عهدة التكليف وليس إلا الظهر لفوات الجمعة. والله العالم.

(المقصد الخامس) ـ في وحدة الجمعة وتنقيح صور وقوع الجمعتين بمعنى أن لا تكون هناك جمعة اخرى دون ثلاثة أميال وهو إجماعي بين أصحابنا (رضوان الله عليهم) خلافا لمخالفيهم حيث لم يعتبروا ذلك (٣) وبه تظافرت اخبارهم (عليهم‌السلام) :

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٥ من الجماعة.

(٢) لم نعثر عليها بعد الفحص في مظانها.

(٣) في بدائع الصنائع ج ١ ص ١٦٠ اختلفوا في تعددها في المصر الواحد فعن محمد لا بأس بإقامتها في موضعين أو ثلاثة ، وروى محمد عن أبي حنيفة انه يجوز الجمع في موضعين أو أكثر من ذلك ، وفي رواية عن ابي يوسف لا يجوز إلا إذا كان بين الموضعين نهر عظيم كدجلة ليكون بمنزلة المصرين وكان بأمر بقطع الجسر يوم الجمعة لينقطع الوصل وفي رواية يجوز في موضعين إذا كان المصر عظيما ولا يجوز في ثلاثة واما ان كان بينهما نهر صغير فلا يجوز فإن أدوها في موضعين فالجمعة لمن سبق منهما وعلى الآخرين ان يعيدوا الظهر ومع الشك لا تجوز صلاتهم. أقول : وفي أيام المعز البويهي كانت تقام الجمعة في جامع الخليفة وجامع السلطان وجامع براثا وجامع الحنابلة في بغداد.

١٢٨

ومنها ـ ما رواه ثقة الإسلام في الصحيح أو الحسن عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (١) قال : «يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال يعني لا تكون جمعة إلا في ما بينه وبين ثلاثة أميال وليس تكون جمعة إلا بخطبة ، قال فإذا كان بين الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء».

وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الموثق عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (٢) قال : «إذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء ولا يكون بين الجماعتين أقل من ثلاثة أميال».

وقد صرح بعض الأصحاب بأنه يعتبر الفرسخ من المسجد ان صليت فيه وإلا فمن نهاية المصلين. ويشكل الحكم في ما لو لم يبلغ النصاب بين بعض المأمومين وبين الجمعة الأخرى ممن كان زائدا على العدد المشترط في وجوب الجمعة ، فهل يختص البطلان بهم لاستجماع صلاة من عداهم لشرائط الصحة واختصاص فوات الشرط المذكور بهم أو تبطل صلاة الجميع لانتفاء الشرط المعتبر في صحة الجماعتين بناء على أن المجموع جماعة واحدة؟ وجهان ، استقرب في المدارك الأول وفي الذخيرة الثاني ، والمسألة محل تردد وان كان ما اختاره في المدارك لا يخلو من قوة.

ولو اتفق وقوع جمعتين في مسافة فرسخ فههنا صور الاولى ـ ان تسبق إحداهما ولو بتكبيرة الإحرام ولا ريب في صحة السابقة وبطلان اللاحقة لاستجماع الاولى لشرائط الصحة بسبقها واختلال اللاحقة بفوات الشرط المذكور ، قال في التذكرة ان ذلك ـ أي صحة السابقة وبطلان اللاحقة ـ مذهب علمائنا اجمع. وحينئذ فيجب على اللاحقة الإعادة ظهرا ان لم تدرك الجمعة مع الفرقة الأولى أو التباعد بما يصح به التعدد.

واعتبر شيخنا الشهيد الثاني في صحة صلاة الاولى عدم العلم بصلاة الأخرى وإلا لم تصح صلاة كل منهما ، قال : ويشترط ايضا عدم علم كل من الفريقين بصلاة

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ٧ من صلاة الجمعة.

١٢٩

الأخرى وإلا لم يصح كل منهما للنهى عن الانفراد بالصلاة عن الأخرى المقتضي للفساد

واعترضه سبطه في المدارك فقال بعد نقل ذلك عنه : ولمانع أن يمنع تعلق النهي بالسابقة مع العلم بالسبق ، اما مع احتمال السبق وعدمه فيتجه ما ذكره لعدم جزم كل منهما بالنية لكون صلاته في معرض البطلان. انتهى. وهو جيد.

ويعضده ان النهى إنما وقع عن التعدد في مسافة الفرسخ وهو لا يحصل بالنسبة إلى السابقة لأنها حال وقوعها لم تقارنها جمعة في ذلك الوقت ليصح إطلاق التعدد عليها وانما حصل ذلك بعد انعقادها على الصحة وإنما يتجه التعدد بالنسبة إلى اللاحقة ، نعم يجب ان يعتبر في السابقة العلم بالسبق كما هو المفروض أو الظن مع تعذره بان يعلم أو يظن انتفاء جمعة أخرى مقارنة لها أو سابقة عليها إذ مع تساوى احتمال السبق وعدمه لا يحصل العلم بامتثال التكليف ، وهذا هو الذي يتجه فيه كلام شيخنا المتقدم ذكره لعدم جزم كل منهما بالنية لكون صلاته في معرض البطلان وهل يفرق في الحكم ببطلان اللاحقة بين علمهم بسبق الأولى وعدمه؟

ظاهر عبارات الأصحاب العموم ، ويشكل باستحالة توجه النهي إلى الغافل والأحكام الشرعية لم تجعل منوطة بالواقع ونفس الأمر وانما نيطت صحة وبطلانا وتحليلا وتحريما ونحو ذلك بعلم المكلف ، فإذا كان المكلف حال إقامة الجمعة لا يعلم سبق جمعة عليه وان كان كذلك واقعا فكيف يحكم ببطلان جمعته؟ على ان شرطية الوحدة على هذا الوجه غير معلوم.

(الثانية) ـ ان تقترنا وقد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بالبطلان فيهما لامتناع الحكم بصحتهما من حيث الإخلال بالشرط المذكور ولا أولوية لإحداهما فيكون البطلان ثابتا لهما. وثبوت الأولوية لإحداهما بناء على المشهور بين المتأخرين من اعتبار الاذن أو الفقيه يتحقق بكون أحدهما مأذونا له أو فقيها دون الآخر ، واما على ما اخترناه ـ كما عليه أكثر المتقدمين وجملة من متأخري المتأخرين من عدم اعتبار شي‌ء من ذلك ـ فلا وجه لما ذكر من الأولوية. وبالجملة

١٣٠

فإنه لا ريب ولا خلاف في الحكم ببطلانهما في الصورة المذكورة وحينئذ فتجب عليهما الجمعة مجتمعين أو متفرقين بالمسافة المذكورة ان بقي وقتها وإلا أعادا ظهرا.

قالوا : ويتحقق الاقتران بتكبيرة الإحرام من الإمامين دون غيرها من الأفعال لأن بها يحصل الدخول في الصلاة والتحريم بها. وهو جيد.

واما ما ذكره في الذخيرة ـ بعد ان نقل ذلك عن علمائنا وأكثر العامة (١) من ان الروايات التي هي الأصل في هذا الحكم غير ناهضة بإثبات هذا التحديد فاذن التعويل على الإجماع ان ثبت ـ ففيه ان الأمر وان كان كما ذكره لكن من الظاهر ان انعقاد الجمعة انما يتحقق بتكبيرة الإحرام والروايات قد دلت بمفهومها على النهى عن جمعتين في فرسخ فبضم تلك المقدمة التي قدمناها الى مفهوم الأخبار المذكورة ينتج ان النهى انما يتوجه إلى اللاحقة ان حصل السبق بها كما في الصورة الأولى وإليهما ان حصل الاتفاق فيها دفعة واحدة ، فالاقتران والسبق انما يتحقق بها فان اتفقا فيها دفعة واحدة تحقق الاقتران وان تقدم أحدهما بها حصل السبق. نعم هنا أقوال أخر للعامة في اعتبار السبق والاقتران فبعضهم ناط ذلك بالخطبتين لقيامهما مقام ركعتين وبعضهم ناط ذلك بالفراغ فان تساويا فيه بطلتا وان تقدمت إحداهما بالسلام صحت وبطلت الأخيرة (٢) وبالجملة فما ذكره الأصحاب في المقام جيد لا تعتريه شبهة الإبهام.

قال في الذخيرة : وإطلاق كلام الأصحاب وصريح بعضهم يقتضي عدم الفرق بين ما إذا علم كل فريق بالإحرام أم لا مع حصول العلم بالاقتران بعد الفراغ. ويشكل بأن الإتيان بالمأمور به ثابت لكل من الفريقين لاستحالة تكليف الغافل وعدم ثبوت شرطية الوحدة على هذا الوجه. انتهى. وهو جيد وقد تقدم في آخر الصورة المتقدمة ما يؤكده.

وقال شيخنا في الروض بعد أن ذكر ان الاقتران يتحقق بتكبيرة الإحرام

__________________

(١ و ٢) الوجيز للغزالى ج ١ ص ٢٧.

١٣١

ما لفظه : ويتحقق ذلك بشهادة عدلين ويتصور ذلك بكونهما غير مخاطبين بالجمعة وهما في مكان يسمعان التكبيرتين. أقول : لا يخفى ندرة هذا الفرض بل ربما يدعى عدم إمكان وقوعه وبه يشكل ابتناء حكم شرعي عليه.

(الثالثة) ـ الاشتباه وله صورتان الاولى ـ أن تكون الجمعة السابقة متحققة لكن حصل الاشتباه فيها سواء علم حصول جمعة سابقة متعينة واشتبهت بان عرض له النسيان بعد العلم بالتعيين أو علم حصول جمعة سابقة في الجملة ولم تتعين ، والوجه في وجوب الإعادة في الصورتين المذكورتين وجود الشك في حصول شرائط الصحة وهو موجب لبقاء المكلف تحت عهدة التكليف حتى يتحقق الامتثال واختلف الأصحاب هنا في انه هل الواجب على الفرقتين صلاة الظهر أو الجمعة؟ فالأكثر على الأول ، قالوا للعلم بوقوع جمعة صحيحة فلا تشرع جمعة اخرى عقيبها إلا انه حيث لم تكن متعينة في إحدى الفرقتين وجبت الظهر عليهما لعدم حصول البراءة بدون ذلك.

وذهب الشيخ في المبسوط إلى أنهم يصلون جمعة مع اتساع الوقت والظهر مع تضيقه ، وعلله بعض الأصحاب بأن الحكم بوجوب الإعادة عليهما يقتضي عدم كون الصلاة الواقعة منهما مقبولة في نظر الشارع.

قال في المدارك : وهذا متجه لأن الأمر بصلاة الجمعة عام وسقوطها بهذه الصلاة التي ليست مبرئة للذمة غير معلوم.

وتوضيحه ان الذمة مشغولة بالجمعة بيقين إذ هي فرض المكلف فلا تبرأ الذمة منها إلا بيقين الإتيان بها ، قولهم ـ ان العلم حصل بوقوع جمعة صحيحة فلا تشرع جمعة اخرى ـ مسلم لو علمت وعلم موضعها في أي الفريقين واما مع جهل موضعها فلا. وبما ذكرناه يظهر قوة قول الشيخ (قدس‌سره).

وعلى المشهور فلو تباعد الفريقان بالنصاب فان خرج أحدهما عن المصر وأعادوا جميعا الجمعة لم تصح لإمكان كون من تأخرت جمعته هم المتخلفون في المصر فلا تسوغ فيه

١٣٢

جمعة اخرى ، اما لو خرجوا عنه جميعا وتباعدوا بالنصاب مع سعة الوقت تعين عليهم فعل الجمعة قطعا.

الثانية ـ ان لا تكون الجمعة السابقة متحققة لحصول الاشتباه بالسبق والاقتران ، واختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في حكم هذه الصورة أيضا فذهب الشيخ في المبسوط ومن تبعه الى وجوب الإعادة جمعة مع بقاء الوقت لعين ما تقدم في سابق هذه الصورة.

وذهب العلامة في جملة من كتبه الى وجوب الجمع بين الفرضين لأن الواقع ان كان الاقتران فالفرض الجمعة وان كان السبق فالظهر فلا يحصل يقين البراءة بدونهما

ويمكن خدشه بان ما ادعاه من أن السبق من حيث هو ـ يعني بالنسبة إلى الواقع ـ يقتضي وجوب الظهر ممنوع وإنما يقتضي ذلك مع العلم به فإن الأحكام الشرعية كما عرفت إنما تبنى على علم المكلف لا على نفس الأمر والواقع ، وحينئذ فلو سبقت إحداهما مع جهل موضعها لم يسقط عنه وجوب الجمعة لما عرفت آنفا.

واحتمل العلامة في التذكرة وجوب الظهر خاصة لأن الظاهر صحة إحداهما لندور الاقتران جدا فكان جاريا مجرى المعدوم ، وللشك في شرط صحة الجمعة وهو عدم سبق اخرى وهو يقتضي الشك في المشروط. وفيه انا لا نسلم ان شرط صحة الجمعة عدم سبق اخرى بل يكفي في الصحة عدم العلم بسبق اخرى. وبما ذكرنا يظهر قوة ما ذهب اليه الشيخ هنا أيضا وان كان الاحتياط في ما ذكره من الجمع بين الفرضين. والله العالم.

(المقصد السادس) ـ في الوقت ، اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في وقت الجمعة أولا وآخرا ، فاما الأول فالأظهر الأشهر أنه زوال الشمس ، وقال الشيخ في الخلاف : وفي أصحابنا من أجاز الفرض عند قيام الشمس ، قال واختاره علم الهدى. قال ابن إدريس بعد نقل ذلك عن الشيخ (قدس‌سره) ولعل شيخنا سمعه من المرتضى (قدس‌سره) مشافهة فإن الموجود في مصنفات السيد موافق للمشهور من

١٣٣

عدم جواز إيقاعها قبل تحقق الزوال. أقول : ويدل على القول المشهور الأخبار المستفيضة الآتية ان شاء الله تعالى.

واما الآخر فالمشهور بين المتأخرين أنه يمتد الى ان يصير ظل كل شي‌ء مثله بل قال العلامة في المنتهى انه مذهب علمائنا أجمع. وقال أبو الصلاح إذا مضى مقدار الأذان والخطبة وركعتي الفريضة فقد فاتت ولزم أداؤها ظهرا. وقال الشيخ في المبسوط ان بقي من وقت الظهر قدر خطبتين وركعتين خفيفتين صحت الجمعة. وقال ابن إدريس يمتد وقتها بامتداد وقت الظهر ، واختاره الشهيد في الدروس والبيان. وقال الجعفي وقتها ساعة من النهار.

وأنت خبير بما في جل هذه الأقوال من الانحراف عن جادة الاعتدال ، أما القول المشهور فانا لم نقف له على دليل وبذلك اعترف في الذكرى فقال : انا لم نقف لهم على حجة إلا ان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يصلى في هذا الوقت ، قال ولا دلالة فيه لان الوقت الذي كان يصلى فيه ينقص عن هذا المقدار غالبا ولم يقل أحد بالتوقيت بذلك الناقص. واما قول ابن إدريس فأظهر ضعفا لما فيه من اطراح الأخبار الصحاح الصراح الآتية ان شاء الله تعالى. واما عبارة الشيخ في المبسوط فهي غير خالية من الإجمال وتعدد الاحتمال ، فإنه ان أراد بوقت الفريضة هو الوقت الاختياري لها بناء على مذهبه أو الفضيلة بناء على قول الأكثر فهو يرجع الى القول المشهور ، وان أراد الوقت الذي هو أعم فهو يرجع الى قول ابن إدريس

وكيف كان فالواجب أولا نقل الأخبار المتعلقة بالمقام وبيان ما يظهر منها على وجه يكشف عن المسألة نقاب الإبهام :

فنقول : من الأخبار المذكورة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة (١) قال :«سمعت أبا جعفر (عليه‌السلام) يقول ان من الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسعة وان الوقت وقتان والصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وربما أخر إلا

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من صلاة الجمعة.

١٣٤

صلاة الجمعة فإن صلاة الجمعة من الأمور المضيقة (١) إنما لها وقت واحد حين تزول ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام».

وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «وقت صلاة الجمعة عند الزوال ووقت العصر يوم الجمعة وقت صلاة الظهر في غير يوم الجمعة ويستحب التبكير بها».

وعن عبد الله بن سنان في الصحيح (٣) قال : «لا صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة».

وعن ذريح في الصحيح (٤) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) صل الجمعة بأذان هؤلاء فإنهم أشد شي‌ء مواظبة على الوقت».

وعن على بن جعفر عن أخيه موسى (عليه‌السلام) (٥) قال : «سألته عن الزوال يوم الجمعة ما حده؟ قال إذا قامت الشمس صل الركعتين فإذا زالت الشمس فصل الفريضة».

وما رواه الصدوق عن عبيد الله الحلبي في الصحيح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٦) انه قال : «وقت الجمعة زوال الشمس ووقت صلاة الظهر في السفر زوال الشمس ووقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحو من وقت الظهر في غير يوم الجمعة».

وعن زرارة في الصحيح عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (٧) قال : «وقت صلاة الجمعة

__________________

(١) اللفظ المذكور مطابق لما في الوافي باب (وقت صلاة الجمعة وعصرها) وفي التهذيب ج ١ ص ٢٤٩ والوسائل هكذا «من الأمر المضيق».

(٢) الوسائل الباب ٨ من صلاة الجمعة. والراوي في بعض النسخ (ابن مسكان) راجع التهذيب الطبع الحديث ج ٣ ص ١٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ٨ من صلاة الجمعة.

(٥) قرب الاسناد ص ٩٨ وفي الوسائل الباب ١١ من صلاة الجمعة.

(٦) الوسائل الباب ٨ من صلاة الجمعة.

(٧) لم نقف في كتب الحديث على رواية لزرارة بهذا اللفظ وقد أوردها السبزواري في الذخيرة في هذه المسألة في أول مبحث صلاة الجمعة. وفي المقام صحيحة لربعى

١٣٥

يوم الجمعة ساعة تزول الشمس».

وما رواه الشيخ عن عبد الله بن عجلان (١) قال : «قال أبو جعفر (عليه‌السلام) إذا كنت شاكا في الزوال فصل الركعتين وإذا استيقنت الزوال فصل الفريضة».

وما رواه الكليني عن ابن ابى عمير (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الصلاة يوم الجمعة فقال نزل بها جبرئيل مضيقة إذا زالت الشمس فصلها. قال قلت إذا زالت الشمس صليت ركعتين ثم صليتها قال فقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) اما انا إذا زالت الشمس لم أبدأ بشي‌ء قبل المكتوبة». قال القاسم (٣) وكان ابن بكير يصلى الركعتين وهو شاك في الزوال فإذا استيقن الزوال بدأ بالمكتوبة في يوم الجمعة.

وعن ابن سنان (٤) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) إذا زالت الشمس يوم الجمعة فابدأوا بالمكتوبة».

وعن الفضيل بن يسار في الصحيح عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (٥) قال «ان من الأشياء أشياء موسعة وأشياء مضيقة فالصلاة مما وسع فيها تقدم مرة وتؤخر أخرى والجمعة مما ضيق فيها فان وقتها يوم الجمعة ساعة تزول ووقت العصر فيها وقت الظهر في غيرها».

__________________

وموثقة لسماعة وردت في فروع الكافي ج ١ ص ١١٧ والتهذيب ج ١ ص ٢٤٨ وفي الوسائل في الباب ٨ من صلاة الجمعة رقم ٨ و ١٤ باللفظ الآتي : «وقت الظهر يوم الجمعة حين تزول الشمس» ولم يذكرها المصنف (قدس‌سره) في روايات المسألة فيمكن ان يكون قد حصل تصحيف في السند وتغيير في المتن فجاءت الرواية المذكورة باللفظ المذكور في المتن منسوبة إلى زرارة كما في الذخيرة. ولا يخفى ان الرواية المذكورة قد رويت في الكافي مسندة الى ابى عبد الله (ع) من طريقين وفي التهذيب موقوفة على سماعة من طريقين ايضا. وفي الباب روايات أخر دالة على المطلوب لم ينقلها راجع الوافي باب (وقت صلاة الجمعة وعصرها) والوسائل الباب ٨ من صلاة الجمعة رقم ٢ و ٤ و ٧ و ٩ و ٢١ وسينقل (قدس‌سره) الرواية رقم ٩.

(١ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ٨ من صلاة الجمعة.

(٢) الفروع ج ١ ص ١١٧ وفي الوسائل في الباب ٨ من صلاة الجمعة.

(٣) وهو الراوي عن ابن ابى عمير.

١٣٦

وما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا (١) قال : «قال أبو جعفر (عليه‌السلام) وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس ووقتها في السفر والحضر واحد وهو من المضيق وصلاة العصر يوم الجمعة في وقت الأولى في سائر الأيام».

وروى فيه ايضا (٢) قال : «قال أبو جعفر (عليه‌السلام) أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس الى ان تمضى ساعة فحافظ عليها. الخبر».

وعن سفيان بن السمط (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن وقت صلاة العصر يوم الجمعة فقال في مثل وقت الظهر في غير يوم الجمعة».

وقال في الفقه الرضوي (٤) : «وقت الجمعة زوال الشمس ووقت الظهر في السفر زوال الشمس ووقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحو وقت الظهر في غير يوم الجمعة».

وروى الشيخ في كتاب المتهجد عن محمد بن مسلم (٥) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن صلاة الجمعة قال وقتها إذا زالت الشمس فصل الركعتين قبل الفريضة فإن أبطأت حتى يدخل الوقت هنيئة فابدأ بالفريضة ودع الركعتين حتى تصليهما بعد الفريضة».

وعن إسماعيل بن عبد الخالق (٦) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن وقت الصلاة فقال جعل الله لكل صلاة وقتين إلا الجمعة في السفر والحضر فإنه قال وقتها إذا زالت الشمس وهي في ما سوى الجمعة لكل صلاة وقتان. الحديث».

وعن حريز عن زرارة عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (٧) قال : «أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس الى أن تمضى ساعة فحافظ عليها فان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال لا يسأل الله عبد فيها خيرا إلا أعطاه الله».

وعن حريز (٨) قال : «سمعته يقول اما انا إذا زالت الشمس يوم الجمعة

__________________

(١ و ٢ و ٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ٨ من صلاة الجمعة.

(٣) الوسائل الباب ٩ من صلاة الجمعة.

(٤) ص ١١.

١٣٧

بدأت بالفريضة وأخرت الركعتين إذا لم أكن صليتهما».

وأنت خبير بان هذه الأخبار على كثرتها واستفاضتها قد اشتركت في الدلالة على ان أول وقت الجمعة التي هي عبارة عن الخطبتين والركعتين كما تقدم تحقيقه هو الزوال وانه يجب المبادرة إليها فيه حتى ان الركعتين لا تزاحمها بل تقدم في وقت الشك في الزوال ومتى تحقق بدئ بالواجب ، وان وقتها مضيق بهذا الوقت يعنى يجب الشروع فيها بعد تحقق الزوال بالإتيان بالأذان ثم الخطبتين ثم الركعتين حتى يفرغ لا اتساع فيه كغيرها من الصلوات التي تقبل التأخير عن الأول ، وهي صريحة في بطلان قولي الأكثر وابن إدريس فإن وقت صلاة العصر في ذلك اليوم هو وقت الظهر في سائر الأيام يعني بالنسبة إلى التطوع ، وقد تكاثرت الأخبار وعليه بنيت هذه الأخبار بان وقت الظهر في سائر الأيام بعد القدمين وان اختزال القدمين من أول الظهر لمكان النافلة كما تقدم تحقيق جميع ذلك في مبحث الأوقات. وأنت إذا ضممت هذه الأمور بعضها الى بعض ظهر لك ان وقت الجمعة من أول الزوال الى مضى قدمين ومتى خرج هذا المقدار خرج وقتها ووجب الإتيان بها ظهرا ، ومن هنا ثبت التضييق فيها وعدم الامتداد. ولا ينافي ذلك خبر الساعة فإنها تطلق عرفا على الزمان القليل وهو المراد هنا لا الساعة النجومية أو الساعات التي ينقسم إليها النهار.

وظني ان كلام ابى الصلاح والجعفي يرجعان الى معنى واحد وهو ما دلت عليه هذه الأخبار بالتقريب الذي أوضحناه ، وان ما أوردوه على ابى الصلاح في هذا المقام لا ورود له عليه.

واما ما ذكره المحقق ـ من أنه لو صح ما ذكره لما جاز التأخير عن الزوال بالنفس الواحد ، وبان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يخطب في الظل الأول فيقول جبرئيل : «يا محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قد زالت الشمس فانزل وصل». وهو دليل على جواز تأخير الصلاة عن الزوال بقدر قول جبرئيل (عليه‌السلام) ونزوله ودعائه امام الصلاة ولو كان مضيقا لما

١٣٨

جاز ذلك ـ فضعفه أظهر من أن يحتاج الى بيان ، لان عبارته في المقام إنما خرجت مخرج التجوز والتوسع لا أن مراده الحصر الحقيقي في ما ذكره بحيث يخل به النفس أو قول جبرئيل ، ومثله في كلام البلغاء والفصحاء وكلام الأئمة (عليهم‌السلام) أكثر من أن يحصى.

نعم قال في الذخيرة ـ في رد كلام ابى الصلاح بعد رد كلام المحقق بالضعف ـ ما لفظه : نعم يمكن دفعه بالأخبار الدالة على جواز ركعتي الزوال بعد دخول وقت الفريضة.

وفيه ان أكثر الأخبار الواردة في ذلك ـ ومنها ما نقلناه هنا كرواية على بن جعفر ورواية عبد الله بن عجلان ورواية ابن ابى عمير ورواية محمد بن مسلم ورواية حريز ـ قد صرحت بتأخير الركعتين متى تيقن الزوال ، مضافا الى الأخبار الدالة على توقيت الجمعة بالزوال وان وقتها مضيق فيه ، وكذلك الأخبار الدالة على انه لا تطوع وقت الفريضة ، وحينئذ فما دل على جواز الركعتين بعد الزوال لا بد من ارتكاب التأويل فيه ، ويمكن حملها على الرخصة في بعض الأوقات فلا ينافي توقيت الجمعة بالزوال كما في سائر الرخص لا ان ذلك يكون وقتا للركعتين دائما بحيث يجوز مزاحمة الفريضة بهما.

ومما يدل على ما قلناه ايضا من عدم مزاحمتهما للفريضة زيادة على ما قدمناه من الأخبار ما رواه في التهذيب عن على بن جعفر عن أخيه موسى (عليه‌السلام) (١) قال : «سألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة قبل الأذان أو بعده؟ فقال قبل الأذان». وعن حسين بن عثمان عن ابن ابى عمير في الصحيح (٢) قال : «حدثني انه سأله عن الركعتين اللتين عند الزوال يوم الجمعة قال فقال اما انا فإذا زالت الشمس بدأت بالفريضة».

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من صلاة الجمعة.

(٢) الوسائل الباب ٨ من صلاة الجمعة.

١٣٩

وبما حققناه في المقام وكشفنا عنه نقاب الإبهام يظهر لك ضعف ما ذكره في المدارك ومثله في الذخيرة من أن المسألة قوية الإشكال فإنه لا إشكال بحمد الله الملك المتعال بالنظر الى ما سردناه من الأخبار وأوضحناه من البيان الظاهر لاولى الألباب والأفكار.

بقي الكلام هنا في مواضع الأول ـ قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) : منهم ـ الشيخ وجماعة انه لو خرج الوقت وقد تلبس بها ولو بالتكبير فإنه يجب إتمامها جمعة ، واحتجوا عليه بان الوجوب متحقق باستكمال الشرائط فيجب إتمامها. وأورد عليه بان من جملة الشرائط الوقت فما لم يتحقق التكليف بالفعل فان التكليف بالفعل يستدعي زمانا يسعه. والظاهر انه لما ذكر اعتبر الشهيد ومن تأخر عنه إدراك ركعة من الوقت لقوله (عليه‌السلام) (١) «من أدرك من الوقت ركعة فكأنما أدرك الوقت».

قال السيد السند في المدارك ـ بعد قول المصنف (قدس‌سره) ولو خرج الوقت وهو فيها أتمها جمعة اماما كان أو مأموما ـ إطلاق العبارة يقتضي وجوب إكمالها بمجرد التلبس بها في الوقت ولو بالتكبير وبه صرح الشيخ وجماعة ، واحتج عليه في المعتبر بان الوجوب يتحقق باستكمال الشرائط فيجب إتمامها. ويتوجه عليه ان التكليف بفعل موقت يستدعي زمانا يسعه لامتناع التكليف بالمحال ولا يشرع

__________________

(١) لم نقف على الرواية بهذا اللفظ وانما المروي من طريق العامة عنه (ص) هكذا : «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة». وفي خصوص العصر ايضا ، وقد ورد في خصوص الصبح ايضا من الطريقين ، راجع الوسائل الباب ٣٠ من مواقيت الصلاة والحدائق ج ٦ ص ٢٧٥ و ٢٧٧ وصحيح مسلم ج ٢ ص ١٠٢ باب (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) وفيه في بعض الطرق «من أدرك ركعة من الصلاة مع الامام فقد أدرك الصلاة». وفي مجالس ابن الشيخ الطوسي عن أبي هريرة قال «قال رسول الله (ص) : إذا جئتم إلى الصلاة ونحن في السجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة». راجع الوسائل الباب ٤١ من الجماعة.

١٤٠