كتاب العين - ج ٨

الخليل بن أحمد الفراهيدي

كتاب العين - ج ٨

المؤلف:

الخليل بن أحمد الفراهيدي


المحقق: الدكتور مهدي المخزومي والدكتور ابراهيم السامرّائي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة دار الهجرة
المطبعة: الصدر
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٦

باب الميم

قال الخليل : الميم آخر الحروف الصحاح ، وقد مضت العربية مع ما مضى من الحروف ، فلم يبق للميم إلا اللفيف ...

باب اللفيف من الميم

م ي م ، م و م ، م ا ء ، م ء ي ، و ء م ، آ م ، ء م م ،

ي م ، ء م ا ، و م ء ، ي و م ، ء م ه ، م ا ، ء م ، ء م ا مستعملات

ميم :

الْمِيمُ : حرف هجاء ، ولو قصرت في اضطرار الشعر جاز. قال الخليل : رأيت يمانيا سئل عن هجائه فقال : بابا ، مم مم .. وأصاب الحكاية على اللفظ ، ولكن الذين مدوا أحسنوا بالمد.

والميمان هما بمنزلة النونين [من الجلمين](١).

والْمِيمُ مطبقة ، لأنك إذا تكلمت بها أطبقت .. والْمِيمُ من الحروف الصحاح الستة المذلقة التي هي في حيزين : حيز الشفتين ، وحيز ذولق اللسان .. وهي من التأليف : الحرف الثالث للفاء والباء ، وهي آخر الحروف من الحيز الأول وهو الحيز الشفوي.

__________________

(١) مما روي عن العين في التهذيب ١٥ / ٦١٦.

٤٢١

موم :

الْمُومُ : البرسام ، يقال : رجل مَمُومٌ ، وقد مِيمَ يُمَامُ مُوماً ومَوْماً ، ولا يكون : يَمُومُ لأنه مفعول مثل : برسم ، قال :

[إذا توجس ركزا من سنابكها]

أو كان صاحب أرض أو به الْمُومُ (٢)

وإنما الْمُومُ بالفارسية ، اسم الجدري يكون كله قرحة واحدة.

والْمَوْمَاةُ : المفازة الواسعة الملساء.

ماء :

الْمَاءُ : مدّته في الأصل زيادة ، وإنما هي خلف من هاء محذوفة. وبيان ذلك أنه في التصغير : مُوَيْهٌ ، وفي الجميع : مِيَاهٌ.

ومن العرب من يقول : هذه مَاءَةٌ ، كبني تميم ، يعنون الركية بمائها.

ومنهم من يؤنثها ، فيقول : مَاةٌ واحدة ، مقصورة .. ومنهم : من يمدها فيقول : مَاءٌ كثير على قياس شاة وشاء.

والْمَاوِيَّةُ : حجر البلور ، قال طرفة : (٣)

وعينان كَالْمَاوِيَّتَيْنِ استكنتا

بكهفي حجاجي صخرة قلت مورد

وثلاث مَاوِيَّاتٍ ومَاوِيٌ ، ولو تكلف منه فعل لقيل مِمْوَأَةٌ بوزن امرأة.

ويقال : تسمى القردة الأنثى : مَيَّةٌ ، وهي اسم امرأة أيضا.

__________________

(٢) (ذو الرمة) ديوانه ١ / ٤٤٩ برواية : توجس قرعا.

(٣) معلقته ديوانه ص ١٨.

٤٢٢

مأي :

الْمَأَى : النميمة .. مَأَيْتُ بينهم ، لا يكون إلا بالشر ، فإذا ضربت بعضهم ببعض فقد مأيت بهم ، قال :

ومَأَى بينهم أخو نكرات

لم يزل ذا نميمة مَئَّاءُ (٤)

وقال العجاج : (٥)

ويعتلون من مَأَى في الدحس

وامرأة مَئَّاءَةٌ : نمامة على وزن فعالة ... ومستقبلة : يمأى.

والْمِئَةُ : حذف من آخرها واو ... وقيل : حرف لين لا يدرى أواو هو [أم](٦) ياء.

والجميع : الْمِئُونَ ، والْمِئِينَ على تقدير المسلمون والمسلمين .. ومنهم من يجعل النون خلفا في الجماعة من الحرف المحذوف. و [يكون] الإعراب في المئين على النون. تقول: مئين كما ترى ، وقبضت مئينا.

وقيل : المحذوف من المئة ياء ، وأصلها : مئية مثل : معية ، وهو مثل قول الشاعر :

أدنى عطيته إياي مِئِيَّاتٌ (٧)

ولو لا ذلك لقال : مئوات ، والدليل على أنه ياء : أنك تقول : مَأَيْتُ القوم بنفسي، أي : أتممتهم مئة. ولو كانت واوا لقلت : مأوتهم.

__________________

(٤) البيت في التهذيب ١٥ / ٦١٨ غير منسوب أيضا.

(٥) ديوانه ص ٤٨٢.

(٦) في الأصول : (أو) ، كذلك فيما نقل عن العين في التهذيب ١٥ / ٦١٨.

(٧) لم نهتد إلى القائل ، ولا إلى تمام البيت.

٤٢٣

وأم :

التَّوْأَمُ : على تقدير : فوعل ، ولكنهم استقبحوا واوين فاستخلفوا مكان الواو الأولى تاء .. وكذلك التولج ، واشتقاقه من ولج ، ونحو ذلك كذلك .. فإذا أدخلت التاء في التوأم لزمت التصريف لزوم الحرف الأصلي فقالوا : أَتْأَمَتِ المرأة ، أي : ولدت توأما ، وامرأة مِتْآمٌ أي : تلد التوأم كثيرا .. وتقول للباكي : إنه ليبكي بدمع تَوْأَمٍ ، إذا قطر قطرتين معا ، قال :

أعيني جودا بالدموع التَّوَائِمِ (٨)

وقال لبيد : (٩)

[علهت تردد في نهاء صعائد]

سبعا تُؤَاماً كاملا أيامها

والتَّوْأَمُ : ولدان معا ، لا يقال : هما توأمان ، ولكن يقال : هذا توأم هذه ، وهذه توأمته ، فإذا جمعا فهما توأم ، قال :

ذاك قرم وذا بذاك شبيه

وهما تَوْأَمٌ وهذا كذاكا (١٠)

والتَّوْأَمَانِ : كوكبان.

والْمُوَاءَمَةُ : المباراة ، والتَّوَاؤُمُ : التباري والتفاخر ، قال : (١١)

يَتَوَاءَمْنَ بنومات الضحى

حسنات الدل والأنس الخفر

ويقال : فلانة تُوَائِمُ صواحبها وِئَاماً شديدا ، إذا تكلفت ما يتكلفن من الزينة وغيرها.

__________________

(٨) لم نهتد إليه.

(٩) ديوانه ص ٣١٠.

(١٠) لم نهتد إليه.

(١١) القائل : (المرار) كما في التهذيب ١٥ / ٦٢٣ واللسان (وأم).

٤٢٤

والْمُوَأَّمُ : العظيم الرأس ..

والْمُوَائِمُ : المقارب ، وهو الوسط من الأمرين .. والْمُوَائِمُ : الموافق.

آم :

الْأَيْمُ من الحيات : الأبيض اللطيف ، قال :

كأن زمامها أَيْمٌ شجاع

ترأد في غصون معضئله (١٢)

شبه تحريك الزمام بحية بين أغصان متشابكة.

والْإِيَامُ : الدخان ، قال أبو ذؤيب :

فلما اجتلاها بِالْإِيَامِ تحيزت

ثبات عليها ذلها واكتئابها

وامرأة أَيِّمٌ قد تَأَيَّمَتْ ، إذا كانت ذات زوج ، أو كان لها قبل ذلك زوج فمات ، وهي تصلح للأزواج ، لأن فيها سؤرة من شباب .. والْأَيَامَى : جمعها ... تقول : آمت المرأة تئيم أيمنا ، وأيمة واحدة ، وتأيمت ، قال : (١٣)

مغايرا أو يرهب التَّأْيِيمَا

والْآمَةُ : العيب ، قال عبيد :

مهلا أبيت اللعن مهلا ،

إن فيما قلت آمَهْ

والْآمَةُ من الصبي ، فيما يقال : هي.

ما يعلق بسرته حين يولد ، ويقال ما لف فيه من خرقة ، وما خرج معه ، قال حسان :

وموءودة مقرورة في معاوز

بِآمَتِهَا ، مرسومة لم توسد

__________________

(١٢) البيت في اللسان (رأد) و (عضل) غير منسوب أيضا.

(١٣) (رؤبة) ديوانه ص ١٨٥.

٤٢٥

والْأُوَامُ : حر العطش في الجوف ، ولم أسمع منه فعلا ، ولو جاء في شعر : أومه تأويما لما كان به بأس.

أمم :

اعلم أن كل شيء يضم إليه سائر ما يليه فإن العرب تسمي ذلك الشيء أمّا .. فمن ذلك : أمّ الرأس وهو : الدماغ .... ورجل مأموم. والشجة الآمة : التي تبلغ أم الدماغ.

والأميم : المأموم.

والأميمة : الحجارة التي يشدخ بها الرأس ، قال :

ويوم جلينا عن الأهاتم

بالمنجنيقات وبالأمائم (١٤)

وقولهم : لا أمّ لك : مدح ، وهو في موضع ذم.

وأمّ القرى : مكّة ، وكل مدينة هي أمّ ما حولها من القرى.

وأمّ القرآن : كل آية محكمة من آيات الشرائع والفرائض والأحكام. وفي الحديث : إن أم الكتاب هي فاتحة الكتاب (١٥). لأنها هي المتقدمة أمام كل سورة في جميع الصلوات.

وقوله [تعالى] : (وَإِنَّهُ فِي أُمِ الْكِتابِ لَدَيْنا)(١٦) ، أي : في اللوح المحفوظ.

__________________

(١٤) الرجز في التهذيب ١٥ / ٦٣١ غير منسوب أيضا.

(١٥) الحديث في التهذيب ١٥ / ٦٣٢.

(١٦) سورة الزخرف ٤.

٤٢٦

وأمّ الرمح : لواؤه ، وما لف عليه ، قال :

وسلبنا الرمح فيه أمه

من يد العاصي وما طال الطول (١٧)

طال الطول ، أي : طال تطويلك.

والأمّ في قول الراجز :

ما فيهم من الكتاب أم

وما لهم من حسب يلم (١٨)

يعني بالأمّ : ما يأخذون به من كتاب الله عزوجل في الدين .. وما فيهم أم : يعني ربيعة .. يهجوهم أنه لم ينزل عليهم القرآن ، إنما أنزل على مضر .. وحسب يلم ، أي : حسب يصلح أمورهم.

والأمة : كل قوم في دينهم من أمتهم ، وكذلك تفسير هذه الآية : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)(١٩) ، وكذلك قوله تعالى : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً)(٢٠) ، أي : دين واحد وكل من كان على دين واحد مخالفا لسائر الأديان فهو أمة على حدة ، وكان إبراهيم عليه‌السلام أمة .. وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : يبعث يوم القيامة زيد بن عمرو أمة على حدة ، وذلك أنه تبرأ من أديان المشركين ، وآمن بالله قبل مبعث النبي عليه‌السلام ، وكان لا يدري كيف الدين ، وكان يقول : اللهم إني أعبدك ، وأبرأ إليك من

__________________

(١٧) البيت في التهذيب ١٥ / ٦٣٢ ، واللسان (أمم) غير منسوب أيضا.

(١٨) لم نهتد إلى الراجز.

(١٩) سورة الزخرف ٢٤.

(٢٠) سورة الأنبياء ٩٢.

٤٢٧

كل ما عبد دونك ، ولا أعلم الذي يرضيك عني فأفعله ، حتى مات على ذلك (٢١).

وكل قوم نسبوا إلى نبي وأضيفوا إليه فهم أمة .. وقد يجيء في بعض الكلام أن أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم المسلمون خاصة ، وجاء في بعض الحديث : أن أمته من أرسل إليه ممن آمن به أو كفر به. فهم أمته في اسم الأمة لا في الملة ..

وكل جيل من الناس هم أمة على حدة.

وكل جنس من السباع أمة ، كما جاء في الحديث : لو لا أن الكلاب أمة لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم. وقول النابغة :

حلفت ، فلم أترك لنفسك ريبة

وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع (٢٢)

من رفع الألف جعله اقتداء بسنة ملكه ، ومن جعل (إمة) مكسورة الألف جعله دينا من الائتمام ، كقولك : ائتم بفلان إمة.

والعرب تقول : إن بني فلان لطوال الأمم يعني : القامة والجسم ، كأنهم يتوهمون بذلك طول الأمم تشبيها ، قال الأعشى :

فإن معاوية الأكرمين

صباح الوجوه طوال الأمم

والائتمام : مصدر الإمة .. ائتم بالإمام إمة ، وفلان أحق بإمة هذا المسجد ، أي : بإمامته ، وإماميته .. وكل من اقتدي به ، وقدم في الأمور فهو إمام ، والنبي عليه‌السلام إمام الأمة ، والخليفة : إمام

__________________

(٢١) الحديث إلى قوله : قبل مبعث النبي ، في اللسان (أمم).

(٢٢) ديوانه ص ٥١.

٤٢٨

الرعية .. والقرآن : إمام المسلمين ... والمصحف الذي يوضع في المساجد يسمى الإمام .. والإمام إمام الغلام ، وهو ما يتعلم كل يوم ، والجميع : الأئمة على زنة الأعمة. إلا أن من العرب من يطرح الهمزة ويكسر الياء على طلب الهمزة ، ومنهم من يخفف يومئذ فأما في الأئمة فالتخفيف قبيح.

والإمام : الطريق ، قال [تعالى] : (وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ)(٢٣).

والأمام : بمنزلة القدام ، وفلان يؤم القوم ، أي : يقدمهم.

وتقول : صدرك أمامك ، ترفعه ، لأنك جعلته اسما ، وتقول : أخوك أمامك ، تنصب ، لأن أمامك صفة ، وهو موضع للأخ ، يعنى به ما بين يديك من القرار والأرض ، وأما قول لبيد : (٢٤)

فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

مولى المخافة خلفها وأمامها

فإنه رد الخلف والأمام على الفرجين ، كقولك : كلا جانبيك مولى المخافة يمينك وشمالك.

والإمة : النعمة.

وتقول : أين أمتك يا فلان ، أي : أين تؤم.

والأمم : الشيء اليسير الهين الحقير ، تقول : لقد فعلت شيئا ما هو بأمم ودون.

__________________

(٢٣) سورة الحجر ٧٩.

(٢٤) ديوانه ص ٣١١.

٤٢٩

والأمم : الشيء القريب ، كقول الشاعر :

كوفية نازح محلتها

لا أمم دارها ولا سقب (٢٥)

وقال :

تسألني برامتين سلجما

لو أنها تطلب شيئا أمما (٢٦)

وأم فلان أمرا ، أي : قصد.

والتيمم : يجري مجرى التوخي ، يقال : تيمم أمرا حسنا ، وتيمم أطيب ما عندك فأطعمناه ، وقال [تعالى] : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ)(٢٧) ، أي : لا تتوخوا أردأ ما عندكم فتتصدقوا به. والتيمم بالصعيد من ذلك. والمعنى : أن تتوخوا أطيب الصعيد ، فصار التيمم في أفواه العامة فعلا للمسح بالصعيد ، حتى [إنهم] يقولون : تيمم بالتراب ، وتيمم بالثوب ، أي : بغبار الثوب ، وقول الله عزوجل : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)(٢٨) ، أي : توخوا ، قال :

فعمدا على عمد تيممت مالكا (٢٩)

وتقول : أممت ويممت .. ويممت فلانا بسهمي ورمحي ، أي : توخيته به دون ما سواه ، قال : (٣٠)

__________________

(٢٥) لم نهتد إليه.

(٢٦) الرجز في التهذيب ١٥ / ٦٤٠ ، واللسان (أمم) غير منسوب أيضا.

(٢٧) سورة البقرة ٢٦٧.

(٢٨) سورة المائدة ٦ ، وسورة النساء ٤٣.

(٢٩) لم نهتد إلى تمامه ، ولا إلى قائله.

(٣٠) القائل : (عامر بن مالك) ملاعب الأسنة كما في اللسان (أمم).

٤٣٠

يممته الرمح شزرا ثم قلت له :

هذي المروءة لا لعب الرحاليق

يقول : قتل مثلك هو المروءة. ومن قال في هذا البيت : أممته فقد أخطأ ، لأنه قال : شزرا ولا يكون الشزر إلا من ناحية ، ولم يقصد به أمامه.

والأم : القصد ، فعلا واسما (٣١).

يم :

اليم : البحر الذي لا يدرك قعره ، ولا شطاه .. ويقال (٣٢) : اليم : لجته.

وتقول : يم الرجل فهو ميموم ، إذا وقع في اليم وغرق فيه. ويقال : يم الساحل ، إذا طما عليه اليم فغلب عليه.

واليمامة : الحمامة .. واليمام : طير على ألوان شتى يأكل العنب. وأهل الشام يقولون : اليمام يألف كما يألف الحمام.

واليمامة : موضع من محلة العرب ، وكان اسمها : الجو فسميت بامرأة كانت تسكنها ، اسمها يمامة ، فسميت باسمها.

أما :

الأمة : المرأة ذات العبودية ، وقد أقرت بالأموة. قال :

[تركت الطير حاجلة عليه]

كما تردي إلى العرسات آمي (٣٣)

__________________

(٣١) في (س) : واحدا.

(٣٢) في الأصول : ولا يقال .. وما أثبتناه فمن التهذيب ١٥ / ٦٤٢ في روايته عن العين.

(٣٣) اللسان (أما) برواية : العرشات بالشين المعجمة.

٤٣١

أي : إماء ، ويجمع أيضا على إموان وأموات ويقال : ثلاث آم ، وهو على : (أفعل).

وتقول : تأميت أمة ، أي : اتخذت أمة ، وأميت أيضا ، قال (٣٤) :

يرضون بالتعبيد والتأمي

ولو قيل : تأمت ، أي : صارت أمة كان صوابا.

ويقال في جمع أمة : إماء وآم أيضا قال يزيد :

إذا تبارين معا كالآمي

في سبسب مطرد القتام

يعني : قطا كأنهن إماء يبتدرن شيئا.

وأمية : اسم رجل ، والنسبة إليه : أموي.

ومأ :

الإيماء : الإشارة بيدك ، أو برأسك كإيماء المريض برأسه للركوع والسجود.

وقد يقول العرب : أومأ برأسه ، أي : قال : لا؟ قال ذو الرمة : (٣٥)

[صياما تذب البق عن نخراتها]

بنهز كإيماء الرءوس الموانع

__________________

(٣٤) (رؤبة) ديوانه ص ١٤٣.

(٣٥) ديوانه ٢ / ٧٩٩.

٤٣٢

يوم :

اليوم : مقداره من طلوع الشمس إلى غروبها ، والأيام جمعه.

واليوم : الكون ، يقال : نعم الأخ فلان في اليوم ، أي : في الكائنة من الكون إذا نزلت ، قال :

نعم أخو الهيجاء في اليوم اليمي (٣٦)

أراد أن يشتق من الاسم نعتا فكان حده أن يقول : في اليوم اليوم فقلبه كما قلبوا : القسي والأينق والأيطب.

وتقول العرب لليوم الشديد : يوم ذو أيام ، ويوم ذو أياييم لطول شره على أهله.

والأيام في أصل البناء : أيوام ، ولكن العرب إذا وجدوا في كلمة واوا ، وياء في موضع واحد ، والأولى منهما ساكنة أدغموا وجعلوا الياء هي الغالبة ، كانت قبل الواو أو بعدها ، إلا في كلمات شواذ تروى مثل :

الفتوة والهوة.

أمه :

الأمه : النسيان. وقد أمه يأمه أمها ، أي : نسي.

والأم هي : الوالدة ، والجميع : الأمهات.

ويقال : تأمم فلان أما ، أي : اتخذ لنفسه أما.

وتفسير الأم في كل معانيها : أمة ، لأن تأسيسه من حرفين صحيحين ، والهاء فيه أصلية ، ولكن العرب حذفت تلك الهاء إذا أمنوا اللبس.

__________________

(٣٦) الرجز في التهذيب ١٥ / ٦٤٥ ، وفي اللسان (يوم) غير منسوب أيضا.

٤٣٣

ويقول بعضهم في تصغير أم : أميمة. والصواب : أميهة ، ترد إلى أصل تأسيسها ومن قال : أميمة صغرها على لفظها ، وهم الذين يقولون : [في الجمع] : أمات ، قال : [وقد جمع بين اللغتين] :

إذا الأمهات قبحن الوجوه

فرجت الظلام بأماتكا (٣٧)

ومن العرب من يحذف ألف (أم) كقول عدي بن زيد :

أيها العائب عند م زيد

أنت تفدي من أراك تعيب (٣٨)

إنما أراد عدي بن زيد : عندي أم زيد ، فلما حذفت الألف التزقت (ياء) عندي بصدر الميم فالتقى ساكنان فسقطت الياء لذلك فكأنه قال : عند م.

ما :

ما : حرف يكون جحدا [كقوله تعالى : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)(٣٩).

ويكون جزما [كقوله تعالى : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها ، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ)(٤٠).

ويكون صلة كقوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ)(٤١) ، أي : بنقضهم ميثاقهم.

ويكون اسما يجري في غير الآدميين.

__________________

(٣٧) التهذيب ١٥ / ٦٣٠ بدون عزو.

(٣٨) ديوانه ص ١١٦.

(٣٩) سورة النساء ٦٦.

(٤٠) سورة فاطر ٢.

(٤١) سورة النساء ١٥٥.

٤٣٤

أم :

أم : حرف استفهام على أوله ، فيصير في المعنى كأنه استفهام بعد استفهام ، وتفسيرها في باب (أو) .. ويكون (أم) بمعنى (بل) ، ويكون (بل) الاستفهام بعينها ، كقولك : أم عندكم غدا حاضر؟ ، أي : أعندكم ، وهي لغة حسنة.

ويكون (أم) مبتدأ الكلام في الخبر ، وهي لغة يمانية ، يقول قائلهم : هو من خيار الناس أم يطعم الطعام أم يضرب الهام .. وهو يخبر.

أما :

أما : استفهام جحد ، تقول : أما تستحي من الله؟ أما عندك زيد؟. فإذا قلت : أما إنه لرجل كريم ، وأما والله لئن سهرت كل ليلة لأدعنك نادما ، وأما لو علمت بمكانك لأزعجنك ... فإنها توكيد لليمين يوجب به الأمر.

فإذا قلت : إما ذا وإما ذا بكسر الألف فهذا اختيار في شيء من أمرين. وهي في الأصل : إن و (ما) صلة لها ، غير أن العرب تلزمها في أكثر الكلام ، تقول : إما أن تزورني وإما أن أزورك ، بتكرارها مرتين.

وتقول العرب : إما أن تفعل كذا وكذا ، أو تفعل كذا ، فيجعلون التكرار بأو وهم يريدون بها : إما.

وتقول : افعل كذا إما مصيبا وإما مخطئا ، فلو قلت في هذا المعنى : إن مصيبا وإن مخطئا جاز ذلك .. وتقول العرب على هذا المعنى : إن أصبت أو أخطأت.

٤٣٥

فأما إذا كان نحو : تجهز فإما أن تزور فلانا وإما فلانا فإن (ما) لا تخرج من هذا الكلام ، لأن (ما) إذا وقعت [على] نحو (أن) لزمت.

وأما ما يحسن خروج (ما) منه فإذا وقعت على فعل أو نعت أو اسم ، كقولك : أعطني من غلمانك إما فلانا وإما فلانا فلو شئت قلت : إن فلانا وإن فلانا ، وكذلك جاء في الشعر.

وأما (أما) بالفتح فتوجب كل كلام عطفته كإيجاب أول الكلام ، وجوابها بالفاء كقولك : أما زيد فأخوك ، وأما عمرو فابن عمك.

تم باب الميم ، بحمد الله ومنه بتمام اللفيف منه ولا رباعي له ولا خماسي

٤٣٦

باب الحروف المعتلة

(و ا ي ء)

قال الخليل بن أحمد : مضت العربية مع الحروف التي فسرتها فلم يبق للواو ولا للألف ولا للياء [ولا للهمزة] إلا اللفيف وجمع لفيف هذه الأحرف في موضع واحد فافهم إن شاء الله.

باب اللفيف من (و ا ي ء)

أ و ي ، أ و ، أ و أ ، أ ي ، أيا ، و أ ي ، و ي ، و ا ، آ ء ،

أيايا ، و ا و ، يؤيؤ مستعملات

أوي :

تقول العرب : أوى الإنسان إلى منزله يأوي أويا وإواء والأوي : أحسن ، وآويته إيواء.

والتأوي : التجمع ... وتأوت الطير ، إذا انضم بعضها إلى بعض ، فهن أوي ، ومتأويات قال العجاج : (١)

كما تدانى الحدأ الأوي

يصف الأثافي ، وقد شبه كل أثفية بحدأة بوزن فعلة.

__________________

(١) ديوانه ص ٣١٢.

٤٣٧

وتقول : أويت لفلان آوي أوية وأية ومأوية ومأواة إذا رحمته ورثيت له ، قال : (٢)

[على أمر من لم يشوني ضر أمره]

ولو أنني استأويته ما أوى ليا

وابن آوى : لا يصرف على حال ، ويحمل على (أفعل) مثل : أحوى.

أو :

أو : حرف عطف يعطف به ما بعده على ما قبله ، فإذا وصفت (أو) نفسها أنثتها.

ويقال : أو : تكون بمعنى الواو ، وتكون بمعنى (بل) ، وتفسر هذه الآية : (إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)(٣) أي : بل يزيدون ومعناه : ويزيدون والألف زائدة.

وتقول للرجل : احذر البئر لا تقع فيها ، فيقول : أو يعافي الله ، أي : بل يعافي الله.

وتكون (أو) بمعنى (حتى) ، قال امرؤ القيس : (٤)

فقلت له : لا تبك عيناك إنما

نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

أي : حتى نموت.

وقال يزيد بن معاوية :

حتى يصادف مالا أو يقال فتى

لاقى التي تشعب الفتيان فانشعبا

__________________

(٢) (ذو الرمة) ديوانه ٢ / ١٣٠٥.

(٣) سورة الصافات ١٤٧.

(٤) ديوانه ص ٦٦.

٤٣٨

فينصبون بأو كما ينصبون بحتى.

وتكون (أو) في موضع تكرار (أم) .. تقول في الخبر : كان كذا أو كذا ، تعطف آخر كلامك على أوله ، إلا أن (أو) [تعني الشك في](٥) أحدهما ... وتقول في الاستفهام : أعندك تمر أو عنب .. لست تستفهم عن أحدهما على يقين من الآخر ولكنك في شك منهما فأردت أن تكرر الاستفهام ، ولو علمت أيهما هذا استفهمت لتخبر باليقين منهما فقلت : أعمرو عندك أم زيد؟ فإذا كان الفعل على الأمرين جميعا فهو بأو ، وإذا وقع بأحدهما فهو بأم ..

وتقول : أولم تفعل كذا بنصب الواو ، لأنها ليست بأو التي وصفناها ، ولكنها الواو المفردة جاءت قبلها ألف الاستفهام ، كما جاءت قبل الفاء و (ثم) و (لا) فقلت : أفلا .. أثم .. ألا كأنك قلت : ولم تفعل ..

وتقول : أضربتني أو ضربت زيدا كقولك : ضربتني ثم ضربت زيدا.

وأوة بمنزلة فعلة ، تقول : أوة لك كقولك : أولى لك ، وآوة ، ممدودة مشددة .. المعنى فيهما واحد ، وقد يكون ذلك في موضع (الأولى) وآوة في موضع مشقة وهم وحزن .. ومنهم من يقول : أوه منك ، قال :

فأوه من الذكرى إذا ما ذكرتها

ومن بعد أرض بيننا وسماء (٦)

__________________

(٥) عبارة الأصول : (إلا أن أو يشك من أحدهما).

(٦) البيت في التهذيب ١٥ / ٦٦٠ برواية : (فأو ..) ، وهو غير منسوب أيضا.

٤٣٩

ويروى : فأو من الذكرى .... والتأوي : من التلهف. تقول : أوة لك وأوهة لك لهذا الشيء.

اوا :

أء ، ممدودة : في زجر اليل في العساكر ونحوها ، قال :

في جحفل لجبب جم صواهلة

تسع بالليل ، في حافاته ، أء

تقول في النداء : أي فلان.

اي :

تقول في النداء : أي فلان وقيد يمد : أي فلان.

وقد تكون (أي) : تفسيرا للمعاني : أي كذا وكذا.

وأما (إي) فإنها تدخل في اليمين كالصلة والافتتاح ، ومنه قول الله عزوجل : إِي (وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ)(٧). [المعنى : نعم والله](٨).

وأما (أي) مثقلة ، فإنها بمنزلة (من) و (ما) .. تقول : أيهم أخوك وأيتهن أختك؟ وأيما الأخوين أحب إليك. وأيا ما تحب منهم تجعل (ما) صلة ، وكذلك في أيما الأخوين (ما) صلة. وأي لا تنون ، لأن (أي) مضاف.

وقوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا)(٩) : (ما) صلة (أيا) يجعل مكان اسم منصوب ، كقولك : ضربتك ، فالكاف : اسم المضروب ، فإذا أردت تقديم اسمه غير ظهوره قلت : إياك ضربت فتكون (إيا) عمادا للكاف لأنها لا تفرد من الفعل .... ولا تكون (إيا) مع كاف ولا هاء ولا ياء في

__________________

(٧) سورة يونس ٥٤.

(٨) تكملة مما روي عن العين في التهذيب ١٥ / ٦٥٧.

(٩) سورة الإسراء ١١٠.

٤٤٠