كتاب العين - ج ٨

الخليل بن أحمد الفراهيدي

كتاب العين - ج ٨

المؤلف:

الخليل بن أحمد الفراهيدي


المحقق: الدكتور مهدي المخزومي والدكتور ابراهيم السامرّائي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة دار الهجرة
المطبعة: الصدر
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٦

وقوس بَائِنٌ ، وهي التي بان وترها عن كبدها ، تنعت به القوس العربية. والْبَيَانُ : معروف.

وبَانَ الشيء وأَبَانَ وتَبَيَّنَ وبَيَّنَ واسْتَبَانَ ، والمجاوز يستوي بهذا.

والْبَيِّنُ من الرجال : الفصيح ، وقال بعضهم : رجل بَيِّنٌ وجهير إذا كان بين المنطق وجهير المنطق.

ناب :

النَّابُ : السن الذي خلف الرباعية ، وهو الناب مذكر ، وأَنْيَابٌ : جمعه.

والنَّابُ : الناقة المسنة ، والجميع : نِيبٌ وأَنْيَابٌ.

والنَّائِبَةُ : النازلة ، يقال : نَابَ هذا الأمر نوبة ، أي : نزل. ونابتهم نوائب الدهر.

وأَنَابَ فلان إلى الله إنابة ، فهو منيب ، إذا ناب ورجع إلى الطاعة.

ونَابَ عني فلان في هذا الأمر نِيَابَةً ، إذا قام مقامك.

وتَنَاوَبْنَا الخطب والأمر نتناوبه ، إذا قمتما به نوبة بعد نوبة ، قال :

تناوبه المنية كل يوم

وتحلبه الحوادث لا تشيب (٢٦)

وانْتَابَ الرجل القوم ، إذا أتاهم مرة بعد مرة.

__________________

(٢٦) لم نهتد إلى القائل ، ولم نجد البيت فيما تيسر من مظان ، ولم نهتد إلى ضبط الشطر الثاني.

٣٨١

بني :

بَنَى البناء البناء يَبْنِي بَنْياً وبِنَاءً ، وبِنًى ، مقصور.

والْبَنِيَّةُ : الكعبة ، يقال : لا ورب هذه البنية.

والْمِبْنَاةُ : كهيئة الستر غير أنه واسع يلقى على مقدم الطراف ، وتكون المبناة كهيئة [القبة](٢٧) تجلل بيتا عظيما ، ويسكن فيها من المطر ، ويكنون رحالهم ومتاعهم ، وهي مستديرة عظيمة واسعة لو ألقيت على ظهرها الخوص تساقط من حولها ، ويزل المطر عنها زليلا ، قال (٢٨) :

على ظهر مبناة جديد سيورها

يطوف بها وسط اللطيمة بائع

نبأ :

النَّبَأُ ، مهموز : الخبر ، وإن لفلان نَبَأً ، أي : خبرا .. والفعل : نَبَّأْتُهُ وأَنْبَأْتُهُ واسْتَنْبَأْتُهُ ، والجميع : الْأَنْبَاءُ.

والنَّبْأَةُ : النغية ، وهو صوت يشك فيه ولا يتيقن .. والنبأة ، والبغمة والطغية والعضرة والنغية بمعنى واحد.

والنبوة ، لو لا ما جاء في الحديث لهمز ، والنَّبِيُ صلى الله عليه و [على] آله وسلم ينبئ الأنباء عن الله عزوجل.

والنَّبِيُ ، يقال : الطريق الواضح يأخذك إلى حيث تريد ، وقول أوس بن حجر:(٢٩)

__________________

(٢٧) من التهذيب ١٥ / ٤٩٤ .. في الأصول : كهيئة الستر.

(٢٨) (النابغة) ديوانه ص ٤٤.

(٢٩) ديوانه ص ١١.

٣٨٢

[لأصبح رتما دقاق الحصى]

مكان النبي من الكاثب

هو ما سهل من الأرض ، [وهو رمل بعينه].

والثور النَّابِئُ : الذي ينبأ من أرض إلى أرض ، أي : يخرج.

والنَّبْأَةُ : صوت الكلاب ونحوها ، قال عدي بن زيد في الثور (٣٠) :

وله النعجة المريء تجاه الركب

، عدلا بِالنَّابِئِ المخراق

أي : يخترق من أرض إلى أرض.

أبن :

أَبَانٌ : اسم رجل وجبل.

ويقال : فلان يُؤْبَنُ بخير وبشر ، أي : يزن به ، فهو مأبون. ويقال : لا يؤبن إلا في الشر.

والْأُبْنَةُ : عقدة في العصا ، وجمعها : ابَنٌ ، قال :

وأرزنات ليس فيها أبن (٣١)

وتقول : ليس في حسب فلان أبنة ، كقولك : ليس فيه وصمة.

والْأَبْنُ : مصدر المأبون ، والفعل : أَبَنَ يَأْبِنُ أَبْناً ، أي : عاب.

والتَّأْبِينُ : مدح الميت عند مرثيته ، قال الراجز (٣٢) :

فامدح بلالا غير ما مؤبن

__________________

(٣٠) اللسان (نبأ) ، والديوان ص ١٥٣.

(٣١) لم نهتد إليه.

(٣٢) الراجز : (رؤبة) ديوانه ص ١٦٢.

٣٨٣

أنب :

التَّأْنِيبُ : التوبيخ واللوم.

والْأَنَابُ : ضرب من العطر يضاهي المسك.

والْأَنَبُ : الباذنجان.

والْأُنْبُوبُ : ما بين العقدتين في القصب والقناة.

وأُنْبُوبُ القرن : ما بين العقد إلى الطرف ، قال (٣٣) :

بسلب أنبوبه مدري

ويقال لأشراف الأرض إذا كانت رقاقا مرتفعة : أَنَابِيبُ ، قال العجاج في وصف ورود العير الماء :

بكل أُنْبُوبٍ له امتثال (٣٤)

أي : انتصاب.

باب النون والميم و (و ا ي ء) معهما

ن م ا ، ن و م ، ن ي م ، ي م ن ، ي ن م ، م ي ن ، ء ن م ،

ن ء م ، ء م ن ، م ء ن ، م ن ا ، م ن ء مستعملات

نما :

نَمَا الشيء يَنْمُو نُمُوّاً ، ونَمَى يَنْمِي نَمَاءً أيضا.

وأَنْمَاهُ الله : رفعه ، وزاد فيه إِنْمَاءً ، ونَمَاهُ أيضا ، قال النابغة : (٣٥)

إلى صعب المقادة منذري

نماه في فروع المجد نامي

ونَمَا الخضاب يَنْمُو نُمُوّاً إذا زاد حمرة وسوادا.

__________________

(٣٣) (العجاج) ديوانه ص ٣٣٢.

(٣٤) التهذيب ١٥ / ٤٨٥.

(٣٥) ديوانه ص ١٦٥.

٣٨٤

ونَمَيْتُ فلانا في الحسب ، أي : رفعته ، فانتمى في حسبه ، وَفِي الْحَدِيثِ : كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ (٣٦) ،.أي : ما برح من مكانه من الطير فغاب عنك. والشيء يَنْتَمِي ، أي : يرتفع من مكان إلى مكان.

وتَنَمَّى الشيء تَنَمِّياً ، إذا ارتفع ، قال القطامي : (٣٧)

فأصبح سيل ذلك قد تَنَمَّى

إلى من كان منزله يفاعا

أي : من كان عن هذا بمعزل أدركه شره.

والأشياء كلها على وجه الأرض نَامٍ وصامت ، فالنامي : مثل النبات والشجر ونحوه ، والصامت : كالحجر والجبل ونحوه.

والنَّامِي : الزائد ، لأنه أخذ من النماء.

والنَّامِيَةُ من الإبل : السمينة.

نوم :

رجل نَوَمٌ ونُوَمَةٌ : [كثير النوم] ، ورجل نُوَمَةٌ أيضا ، أي : خامل الذكر ، وَفِي الْحَدِيثِ : إِنَّمَا يَنْجُو مِنْ شَرِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ كُلُّ مُؤْمِنٍ نُوَمَةٍ ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْعِلْمِ وَأَئِمَّةُ الْهُدَى(٣٨).

والْمَنَامُ : معروف ، وقوله جل وعز : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً)(٣٩) ، أي: في عينك.

__________________

(٣٦) الحديث في التهذيب ١٥ / ٥١٨.

(٣٧) ديوانه ص ٣٢.

(٣٨) الحديث في التهذيب ١٥ / ٥٢٠.

(٣٩) سورة الأنفال ٤٣.

٣٨٥

ويقال : نَامَ الرجل يَنَامُ نَوْماً فهو نَائِمٌ ، إذا رقد.

وفي النداء يا نَوْمَانُ للكثير النوم.

[ورجل نُوَيْمٌ ونُوَمَةٌ ، أي : مغفل](٤٠).

واسْتَنَامَ فلان إلى فلان ، إذا أنس به واطمأن إليه ، [فهو مستنيم إليه](٤١).

واسْتَنَامَ أيضا ، إذا تناوم شهوة للنوم ، قال : (٤٢)

إذا استنام راعه النجي

نيم :

النِّيمُ : قال أبو ليلى : النِّيمُ : الفرو الرقيق ، وأنشد لذي الرمة (٤٣) :

حتى انجلى الصبح عنها في ملمعة

مثل الأديم لها من هبوة نيم

يمن :

يُمِنَ الرجل فهو مَيْمُونٌ. والْمُيَمَّنُ : الذي أتى باليمن والبركة ، قال النابغة : (٤٤)

ولكن ما أتاك عن ابن هند

من الحزم الميمن والتمام

__________________

(٤٠) مما روي عن العين في التهذيب ١٥ / ٥٢٠.

(٤١) تكملة مما روي عن العين في التهذيب ١٥ / ٥٢٠.

(٤٢) (العجاج) ديوانه ص ٣٢٥.

(٤٣) ديوانه ١ / ٤١١ ، ورواية الصدر فيه :

يجلى بها الليل عنا في مدمعة

(٤٤) ديوانه ص ١٦١.

٣٨٦

وقال بعضهم : الْمُيَمَّنُ : الذي ينسب إلى اليمن والبركة. [والْيُمْنُ : نظير البركة](٤٥).

والْيَمَنُ : أرض وجيل من الناس.

والْيَمَنُ : ما كان على يمين القبلة من بلاد الغور ، قال (٤٦) :

بيتك في اليامن بيت الأيمن

الْيَامِنُ : نعت.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ : زَوَّدَتْنَا أُمُّنَا بِيُمَيْنَتَيْهَا مِنَ الْهَبِيدِ (٤٧). فإنما هي تصغير يمين ، تقول: أعطتني كفا بيمينها هبيدا.

والْيَمِينُ : اليد اليمنى ، والأيمان : جمعه. وثلاث أيمن وأشمل.

والْيَمِينُ : من القسم ، والأيمان جماعته أيضا.

وأخذنا يَمْناً ويسرا ، وهم اليامنون والياسرون.

وأَيْمُنُ : حرف وضع للقسم ، فإذا لقيته الألف واللام سقطت النون ، مثل قوله : أيم الحق ، وتقول : أيمن ربك ، [واليمين] : يؤنث ، والجميع : الأيمان والأيمن.

والعرب تقول : ليمنك وأيمنك في الحلف ، يريدون به اليمين ، ويقال : بل يريدون بها أيمن. ويقال : لا أيمنك ، كقولك : لا والله.

__________________

(٤٥) تكملة مما روي عن العين في التهذيب ١٥ / ٥٢٢.

(٤٦) (رؤبة) ديوانه ص ١٦٣.

(٤٧) الحديث في التهذيب ١٥ / ٥٢٤ باختلاف في العبارة.

٣٨٧

وأَيْمُنُ : جماعة ، أي : يمينا بعد يمين ، قال زهير : (٤٨)

فتجمع أيمن منا ومنكم

بمقسمة تمور بها الدماء

والمقسمة : الْيَمِينُ ، أي : تحلفون ونحلف ، فيكون قد جمع اليمين .. وتمور : تسفك.

ينم :

الْيَنَمُ ، بلغة اليمن : نظير البركة.

مين :

الْمَيْنُ : الكذب ، تقول : منت أمين مينا.

ورجل مَيُونٌ : كذوب.

أنم :

الْأَنَامُ : ما على ظهر الأرض من جميع الخلق ، ويجوز في الشعر : الأنيم.

نأم :

النَّئِيمُ : صوت فيه ضعف. وصوت الهام نَئِيمٌ ، وصوت الضفادع نَئِيمٌ.

والفعل : نَأَمَ يَنْئَمُ نَئِيماً.

أمن :

الْأَمْنُ : ضد الخوف ، والفعل منه : أَمِنَ يَأْمَنُ أَمْناً.

والْمَأْمَنُ : موضع الأمن.

والْأَمَنَةُ من الأمن ، اسم موضوع من أمنت.

__________________

(٤٨) ديوانه ص ٧٨.

٣٨٨

والْأَمَانُ : إعطاء الأمنة.

والْأَمَانَةُ : نقيض الخيانة ، والمفعول : مأمون وأمين. ومؤتمن من ائتمنه.

والْإِيمَانُ : التصديق نفسه ، وقوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا)(٤٩) ، أي : بمصدق.

والتَّأْمِينُ من قولك : آمين ، وهو اسم من أسماء الله.

وناقة أَمُونٌ ، وهي الأمينة الوثيقة ، وهذا فعول جاء في معنى المفعول ، ومثله : ناقة عضوب ، يعضب فخذها حين تحلب حتى تدر.

مأن :

الْمَؤُونَةُ : فعولة من مانهم يمونهم ، أي : يتكلف مؤونتهم.

والْمَائِنَةُ : اسم ما يمون ، أي : يتكلف من المؤونة.

ومَأْنَةُ الصدر : لحمة سمينة في أسفل الصدر كأنها لحمة فضل ، وكذلك مأنة الطفطفة.

منا :

الْمَنَا : الموت ، وكذلك الْمَنِيَّةُ ، والْمَنَايَا : جماعة ، قال (٥٠) :

لعمر أبي عمر لقد ساقه المنا

إلى جدث يوزى له بالأهاضب

يوزى له : يقاس له على قدره.

ومِنَى ، مقصور : موضع معروف بمكة.

__________________

(٤٩) سورة يوسف ١٧.

(٥٠) (صخر الغي) ديوان الهذليين ٢ / ٥٠.

٣٨٩

والْمُنَى : جماعة المنية ، وهي ما يتمناه الرجل. والْأُمْنِيَّةُ : أفعولة ، وربما طرحت الألف ، فقيل : منية على فعلة ، وجمعها : منى.

والْمَنَا : الذي يوزن به ، والجميع : الْأَمْنَاءُ.

[ويحكى بمَن الأعلام والكنى والنكرات في لغة أهل الحجاز إذا قال : رأيت زيدا قلت : من زيدا ، وإذا قال : رأيت رجلا قلت] : مَنَا يا فتى ، وتقول في النصب والخفض إذا استفهمت عن رجل أو قوم قلت : منا للرجل وإن قال : مررت برجل قلت : منا ، ومَنَيْنِ للرجلين ومَنِينَ للرجال .. وتقول في الرفع : مَنُو للواحد ومَنَان للاثنين ، ومَنُونَ للجميع ، قال :

أتوا ناري فقلت : مَنُون أنتم

فقالوا : الجن قلت : عموا ظلاما (٥١)

والْمَنِيُ : ماء الرجل من شهوته الذي يكون منه الولد ، والفعل : أَمْنَيْتُ.

وتَمَنَّى كتاب الله ، أي : تلاه ، وقوله [عزوجل] : (إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) (٥٢) ، أي : تلا ، قال :

تَمَنَّى كتاب الله أول ليله

وآخره لاقى حمام المقادر (٥٣)

__________________

(٥١) من أبيات الكتاب ١ / ٤٠٢ غير منسوب. ونسبه أبو زيد الأنصاري في نوادره [ص ١٢٣] إلى (شمير [تصغير شمر بالشين المعجمة] بن الحارث الضبي) وقيل هو سمير بالسين المهملة. ونسب إلى (تأبط شرا) [التصريح ٢ / ٢٨٣].

(٥٢) سورة الحج ٥٢.

(٥٣) البيت في اللسان (منا) ، غير منسوب أيضا.

٣٩٠

في [مرثية] عثمان بن عفان.

والْمَنَا : الحذاء ، تقول : داري مَنَا دارك ، أي : حذاءها.

ومُنِيتُ بكذا ، أي : ابتليت.

ومَنَاةُ : اسم صنم لقريش.

منأ :

مَنَأْتُ الأديم في الدباغ أَمْنَؤُهُ مَنْأً ، إذا أنقعته في الدباغ.

والْمَنِيئَةُ : المدبغة .. والْمَنِيئَةُ : الجلد ما كان في الدباغ.

باب اللفيف من النون

ن ا ء ، ن ي ء ، ن ء ي ، ن و ي ، ن ء ن ء ، ن و ن ، ء ن ن ،

ء ن ا ، و ن ي ، و ن ن ، و ء ن ، ء و ن ، ء ي ن مستعملات

ناء :

النَّوْءُ ، مهموز : من أنواء النجوم ، وذلك إذا سقط نجم بالغداة فغاب مع طلوع الفجر ، وطلع في حياله نجم في تلك الساعة على رأس أربعة عشر منزلا من منازل القمر سمي بذلك السقوط والطلوع نوء من أنواء المطر والحر والبرد ، وذلك من قولك : نَاءَ يَنُوءُ .. والشيء إذا مال إلى السقوط تقول : نَاءَ يَنُوءُ نَوْءً بوزن ناع ، وإذا نهض في تثاقل يقال : ناء ينوء به نوء إذا أطاقه ، قال في وصف الرأل :

ينؤن ولم يكسين إلا منازعا

من الريش تنواء الفصال الهزائل (٥٤)

ويَنُوءُ الحمل الثقيل بالبعير ، أي : يميل ، أي : يثقله.

__________________

(٥٤) كذا في الأصول المخطوطة ، ولم نهتد إليه في غيرها من المظان المتيسرة.

٣٩١

والمرأة تَنُوءُ بها عجيزتها تَنْوَاءً.

وقوله [تعالى] : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)(٥٥) ، أي : بأربعين رجلا ، تكاد تعجز بحمله ، والْمِفْتَحُ : الكنز ، والْمِفْتَاحُ : الذي يفتح به الباب.

نيأ :

والنَّيْءُ : مصدر للشيء النيىء ، وهو الذي لم ينضج ، مهموز. وفعله الصحيح من تأليف حروفه : نَاءَ يَنِيءُ نَيْئاً ، وهو نَيِّىءٌ. وأَنَأْتُ اللحم إِنَاءَةً إذا لم تنضجه ، ولكن العرب إذا أرادت أن تستعمل الهاء في هذا المعنى قالت : أنهأت اللحم إنهاء ، وهذا مشتق من قولهم: لحم نهيء ، وكل شيء لم ينضج فهو نهيء ، حتى الثمار وغيرها .. نهؤ ينهؤ نهاءة.

نأي :

النَّأْيُ : البعد .. نَأَى يَنْأَى نَأْياً ... وأَنْأَيْتُهُ إِنْئَاءً ، إذا أبعدته ، والاسم : المصدر ، النَّأْيُ.

والنُّؤْيُ : حفرة تحفر حول الخباء ، وقد انتأت المرأة نؤيا حول بيتها ، والجميع : النُّؤَى ، على فعل. والْمُنْتَأَى : موضعه ، قال (٥٦) :

حسرت عنه الرياح فأبدت

منتأ كالقرو رهن انثلام

__________________

(٥٥) سورة القصص ٧٦.

(٥٦) (الطرماح) ديوانه ٣٩١.

٣٩٢

ونأيت الدمع عن عيني بإصبعي نأيا ، قال : (٥٧)

إذا ما التقيا سال من عبراتنا

شآبيب ينأى سيلها بالأصابع

والِانْتِيَاءُ : الافتعال من النأي ، [قال](٥٨)

فإنك كالليل الذي هو مدركي

وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

والعرب تقول : نَأَى فلان يَنْأَى ، إذا بعد ، ونَاءٍ عني بوزن (ناع) على القلب ، قال :

إذا رآك غنيا لان جانبه

وإن رآك فقيرا ناء واغتربا (٥٩)

والْمُنَاوَأَةُ : المناهضة ، وناوأنا العدو : ناهضناه.

نوي :

النَّوَى : التحول من دار إلى دار أخرى ، كما كانوا ينتوون منزلا بعد منزل.

والفعل : الِانْتِوَاءُ والمصدر : النية [والنوى] ، قال :

 ...................

عدته نِيَّةٌ عنها قذوف (٦٠)

وقال الطرماح (٦١) :

آذن النَّاوِي ببينونة

ظلت منها كصريع المدام

__________________

(٥٧) (ذو الرمة) ديوانه ٢ / ٧٥٨ غير أن الرواية فيه :

ولما تلاقينا جرى من عيوننا

دموع كففنا ماءها بالاصابع

(٥٨) (النابغة) ديوانه ص ٥٢.

(٥٩) لم نهتد إليه.

(٦٠) التهذيب ١٥ / ٥٥٦ بدون عزو.

(٦١) ديوانه ص ٤٠٠.

٣٩٣

النَّاوِي : الذي أزمع على التحول.

والعرب تؤنث النوى ، قال (٦٢) :

فما لِلنَّوَى لا بارك الله في النَّوَى

وهم لنا منها كهم المراهن

وتقول في الشعر : نَوَى القوم ، أي : انتووا.

والنَّوَى : نوى التمر وأشباهه من كل شيء ، والجميع : النوى ، والواحدة : نواة.

وقد نَوَّتْ وأَنْوَتِ البسرة ، إذا انعقدت نواتها ، وثلاث نويات.

قال أبو ليلى : أكل الرجل التمر ونَوَى ، أي : رمى بنواته وأنشد :

ويأكل التمر ولا يَنْوِي النَّوَى (٦٣)

والنِّيَّةُ : ما ينوي الإنسان بقلبه من خير أو شر ..

والنَّوَى والنِّيَّةُ : واحد ، وهي : النية ، مخففة ، ومعناها : القصد. والنَّوَى : الوجه الذي يقصده.

ونَوَتِ الناقة تَنْوِي نَيّاً ، إذا كثر نيها ، قال أبو الدقيش : النَّيُ : الفعل ، والنِّيُ : الاسم ، وهو الشحم السمين ... والنِّيُ : اللحم ....

والنِّيُ : ذو الني ، قال أبو ذؤيب : (٦٤)

قصر الصبوح لها فشرج لحمها

بِالنَّيِ فهي تثوخ فيها الإصبع

__________________

(٦٢) (الطرماح) ديوانه ص ٤٧٤.

(٦٣) لم نهتد إلى الراجز.

(٦٤) ديوان الهذليين ١ / ١٦.

٣٩٤

وقال في نوت الناقة :

عرفاء قد رفع المرار سنامها

فَنَوَتْ وأردف نابها بسديس

أي : أسدست وبزلت ، أراد أن يقول : أردف سديسها بناب فقلب.

وناقة نَاوِيَةٌ : كثيرة الني.

والنَّوَى : مخفض الجارية ، وهو ما يبقى من البظر إذا قطع المتك .. وقالت بعضهن: ما ترك النخج لنا من نوى ، والنخج : النكاح.

نأنأ :

النَّأْنَأَةُ : الضعف والعجز في الأمر ، قال :

لعمرك ما سعد بخلة آثم

ولا نَأْنَإٍ عند الحفاظ ولا حصر (٦٥)

وقال أبو بكر : طوبى لمن مات في نَأْنَأَةِ الإسلام (٦٦).أي : بدء الإسلام.

وتقول من نأنأة العجز : رجل نَأْنَأٌ ونَأْنَاءٌ ، ونَأْنَأَ هو نَأْنَأَةً ، والنساء نَأْنَأْنَ ، فإذا أمرتهن قلت : نَأْنِئْنَ .. وتَنَأْنَأْتُ أنا ، إذا ضعفت.

ونَأْنَأْتُ الرجل : نهنهته عما يريد وكففته.

__________________

(٦٥) (امرؤ القيس) ، كما في التهذيب ١٥ / ٥٤٣ ، واللسان (نأنأ).

(٦٦) الحديث في اللسان (نأنأ).

٣٩٥

نون :

النُّونُ : حرف فيه نونان بينهما واو ، وهي مدة ، ولو قيل في الشعر : نن كان صوابا.

والنُّونُ : [الحوت] ، والجميع : النينان ، وذو النُّونِ : يونس عليه‌السلام.

والنُّونُ : شفرة السيف ، ويقال : الذي في كلا صفحتيه شطبة ، قال :

وذو النُّونَيْنِ قصال مقط (٦٧)

والنُّونَانِ : الجلمان.

ونِيْنَوَى : المدينة التي أرسل إليها يونس.

أن :

أَنْ ، خفيفة : نصف اسم وتمامه بفعل ، كقولك : أحب أَنْ ألقاك ، أي : أحب لقاءك ، فصار (أن) و (ألقاك) في الميزان اسما واحدا.

وإِنْ ، خفيفة : حرف مجازاة في الشرط .. وجحود بمنزلة (ما) ، كقولك : إِنْ لقيت ذاك ، أي : ما لقيت.

وإِنَ وأَنَ ثقيلة ، مكسورة الألف ومفتوحة الألف ، وهي تنصب الأسماء ، فإذا كانت مبتدأ ليس قبلها شيء يعتمد عليه ، أو كانت مستأنفة بعد كلام قد تم ومضى ، فأتيت بها لأمر يعتمد عليها كسرت الألف ، وفيما سوى ذلك تنصب ألفها.

__________________

(٦٧) لم نهتد إلى القائل.

٣٩٦

وإذا وقعت على الأسماء والصفات فهي مشددة ، وإذا وقعت على اسم أو فعل لا يتمكن في صفة ، أو تصريف فخففها ، تقول : بلغني أَنْ قد كان كذا يخفف من أجل (كان) لأنها فعل ، ولو لا (قد) لم يحسن على حال مع الفعل حتى تعتمد على (ما) ، أو على الهاء في قولك : إنما كان زيد غائبا .. كذلك بلغني أنه كان كذا فشددها إذا اعتمدت على اسم.

ومن ذلك : قولك : إن رب رجل : فإذا اعتمدت قلت : إنه رب رجل ونحو ذلك ، وهي في الصفات مشددة ، فيكون اعتمادها على ما بعد الصفات ، إن لك ، وإن فيها ، وإن بك وأشباهها.

وللعرب في (إِنَ) لغتان : التخفيف والتثقيل ، فأما من خفف فإنه يرفع بها ، إلا أن ناسا من أهل الحجاز يخففون ، وينصبون على توهم الثقيلة ، وقرئ : وَإِنْ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ (٦٨) خففوا ونصبوا (كلا).

وأما(إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) فمن خفف فهو بلغة الذين يخففون ويرفعون ، فذلك وجه ، ومنهم من يجعل اللام في موضع (إلا) ، ويجعل (إن) جحدا ، على تفسير : ما هذان إلا ساحران ، وقال الشاعر :

أمسى أبان ذليلا بعد عزته

وإِنْ أبان لمن أعلاج سوراء (٦٩)

__________________

(٦٨) سورة هود ١١١.

(٦٩) لم نهتد إلى الشاعر.

٣٩٧

ويقال : [تكون] (إن) في موضع (أجل) فيكسرون ويثقلون ، فإذا وقفوا في هذا المعنى قالوا : إنه .. تكون الهاء صلة في الوقوف ، وتسقط [الهاء] إذا صرفوا (٧٠) ... وَبَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَ أَعْرَابِيّاً أَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَحَرَمَهُ ، فَقَالَ : لَعَنَ اللهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إِلَيْكَ ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ : إِنَ وَرَاكِبَهَا.أي : أجل.

فأما تميم فإنهم يجعلون ألف كل أن وأن ، منصوبة ، من المثقل والمخفف : عينا ، كقولك : أريد عن أكلمك ، و [بلغني عنك مقيم].

وأَنَ الرجل يئن : من الأنين ، قال : (٧١)

تشكو الخشاش ومجرى النسعتين كما

أَنَ المريض إلى عواده ، الوصب

ورجل أُنَنَةٌ : [كثير الكلام والبث والشكوى](٧٢) ، وهو البليغ القوالة ، والجميع ، الأنن ، ولا يشتق منه فعل.

ومن الأنين يقال : أَنَ يئن أنينا ، وأنا وأنة ، وإذا أمرت قلت : اينن لأن الهمزتين إذا التقتا فسكنت الأخيرة اجتمعوا على تليينها.

ويقال للمرأة : إني ، كما يقال للرجل : اقرر ، وللمرأة قري.

وإنما يقاس حرف التضعيف على الحركة والسكون بالأمثلة من الفعل فحيثما سكنت لام الفعل فأظهر حرفي التضعيف على ميزان ما

__________________

(٧٠) أي : إذا وصلوا.

(٧١) (ذو الرمة) ديوانه ١ / ٤٢.

(٧٢) من التهذيب ١٥ / ٥٦٢ عن العين.

٣٩٨

كان في مثاله ، نحو قولك للرجل في الأمر : افعل مجزومة اللام ، فتقول في باب التضعيف : اغضض واقرر وامدد ، فإذا تحركت لام الفعل فمثال ذلك من التضعيف مدغم الحرفين ، يقال للمرأة : افعلي فتحركت اللام قلت : غضي وقري وإني وجدي فهذا قياس المجزوم كله في باب التضعيف ، لذلك قلت : اينن.

أنا :

أَنَّى ، معناها : كيف؟ ومن أين؟ .. أَنَّى شئت : [كيف شئت؟] ومن أين شئت؟ قال الكميت :

أَنَّى ومن أين آبك الطرب (٧٣)

وقوله جل وعز : (أَنَّى لَكِ هذا)(٧٤). أي : من أين لك هذا؟ وقوله [جل وعز]: (أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا) ، أي : كيف يكون؟ ، وقال (٧٥) :

ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه

أَنَّى توجه والمحروم محروم

أي : أينما توجه ، وكيفما توجه.

أنا ، فيها لغتان ، حذف الألف وإثباته ، وأحسن ذلك أن نثبتها في الوقوف ، وإذا مضيت عليها قلت : أن فعلت. وإذا وقفت قلت : أنه ، وإن شئت : أنا وحذفها أحسن.

__________________

(٧٣) الشطر في التهذيب ١٥ / ٥٥١ غير منسوب.

(٧٤) سورة آل عمران ٣٧.

(٧٥) البيت (لعلقمة) كما في التهذيب ١٥ / ٥٥٢.

٣٩٩

وقوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي)(٧٦) معناه : لكن أنا ، فحذفت الهمزة وحذفت [إحدى نوني] لكن فالتقت نونان فأدغمتها في صاحبتها.

والْإِنْيُ والْإِنَى ، مقصور : ساعة من ساعات الليل ، والجميع : آنَاءٌ ، وكل إني ساعة.

والْإِنَى ، مقصور أيضا : الإدراك والبلوغ ، وإِنَى الشيء بلوغه وإدراكه ، فتقول : انتظرنا إِنَى الطعام ، أي : إدراكه ، و [قوله تعالى] : (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) (٧٧) ، أي : غير منتظرين نضجه وبلوغه.

وقوله [تعالى] : (حَمِيمٍ آنٍ) (٧٨) ، أي : قد انتهى حره ، والفعل : أَنَى يَأْنِي أَنىً.

وقوله [تعالى] : (مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) (٧٩) ، أي : سخنة. وقال العباس بن مرداس :

فجئنا مع المهدي مكة عنوة

بأسيافنا والنقع كاب وساطع

علانية والخيل يغشى متونها

حميم وآنٍ من دم الجوف ناقع

والْإِينَاءُ ، ممدود : قد يكون بمعنى الإبطاء ... آنَيْتُ الشيء ، أي : أخرته ، وتقول للمبطئ : آنَيْتَ وآذيت.

__________________

(٧٦) سورة الكهف ٣٨.

(٧٧) سورة الأحزاب ٥٣.

(٧٨) سورة الرحمن ٤٤.

(٧٩) سورة الغاشية ٥.

٤٠٠