كتاب العين - ج ٨

الخليل بن أحمد الفراهيدي

كتاب العين - ج ٨

المؤلف:

الخليل بن أحمد الفراهيدي


المحقق: الدكتور مهدي المخزومي والدكتور ابراهيم السامرّائي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة دار الهجرة
المطبعة: الصدر
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٦

تدعو عليه بِالْوَرْي ، وهو مصدره. وقال العجاج (١٠٣) يصف الجراحات :

عن قلب ضجم تُوَرِّي من سبر

يقول : إن سبرها إنسان أصابه منها الْوَرْي.

وقال عبد بني الحسحاس (١٠٤) :

وَرَاهُنَ ربي مثل ما قد وَرَيْنَنِي

وأحمى على أكبادهن المكاويا

والرِّئَةُ : تهمز ولا تهمز ، وهي موضع الريح والنفس. وجمعها : الرِّئَات والرِّئِين ، وتصغيرها : رُوَيَّة ومن همز الواو قال : رُؤَيَّةٌ. قال (١٠٥) :

[وينصبن القدور مشمرات]

ينازعن العجاهنة الرِّئِينَا

والتَّوْرِيَةُ : إخفاء الخبر و [عدم](١٠٦) إظهار السر ، تقول : وَرَّيْتُهُ تَوْرِيَةً.

وأر :

تقول : وَأَرْتُ إِرَةً ، وهذه إِرَةٌ مَوْءُورَةٌ ، وهي مستوقد النار تحت الأتون وتحت الحمام ، وتحت أتون الجرار والجصاصة وذلك إذا احتفرت حفرة لإيقادك النار ، وأنا أَئِرُهَا إِرَة ووَأْراً ، وتجمع الْإِرَة

__________________

(١٠٣) ديوانه ص ٤٤.

(١٠٤) ديوانه ص ٢٤.

(١٠٥) القائل : (الكميت) ـ شعر (الكميت) ٢ / ٦٤٨. برواية (يخالسن).

(١٠٦) في الأصول : وإظهار السر.

٣٠١

على الْإِرِينَ والْإِرَاتِ ، قال :

كمثل الدواخن فوق الْإِرِينَا

و [وَأَرْتُ الرجل أَئِرُهُ وَأْراً : ذعرته وفزعته](١٠٧) ، قال لبيد (١٠٨) :

تسلب الكانس لم يُوأَرْ بها شعبة الساق إذا الظل عقل يصف ناقته أنها تسلب من الثور الكانس ظله ، وذلك أنه إذا رآها نفر من كناسه فخرج من تحت شعب أرطاتها ، ويروى : ... لم يُؤْرَ بها ...، بوزن لم يعر من الأري أي : لم يلصق بصدره الفزع] ، كقولك: إن في صدرك علي لَأَرْياً ، أي : لطخا من حقد ، تقول : قد أرى علي صدره ... وبعضهم يقول : لم يؤر بها. من رواها كذا بالهمز قال : لم يدخل الفزع جنان رئته.

أري :

وأَرْيُ القدر : ما يلتزق بجوانبها من الحرق ، وكذلك من العسل ما التزق بجوانب العسالة ، قال (١٠٩) :

[إذا ما تأوت بالخلي بنت به

شريجين] مما تَأْتَرِي وتتيع

أي : مما يلتزق ويسيل ، وائْتِرَاؤُهُ : التزاقه. وهو [كذلك] في بيت زهير في وصف البقر (١١٠) :

__________________

(١٠٧) من التهذيب ١٥ / ٣٠٩ ، واللسان (وأر) لتوجيه الشاهد من قول (لبيد).

(١٠٨) ديوانه ص ١٧٥.

(١٠٩) القائل : (الطرماح) ديوانه ص ٢٩٧.

(١١٠) ديوانه ص ٥٧.

٣٠٢

يشمن بروقه ويرش أَرْيَ

الجنوب على حواجبها العماء

ومنهم من يقول في بيت لبيد : لم يوأر بها من أُوَار الشمس ، وهو شدة حرها ، أي : لم يحترق بها.

ويقال : قد أَرَتْ قدرك يا فلان تَأْرِي ، وإنما تَأْرِي عن الحب والتمر إذا لم يسط ، والْأَرْيُ أن يلزق بأسفلها مثل : الجلبة مما يطبخ فيها فقد أَرَتْ أَرْياً ، والذي يلزق نفسه أيضا الْأَرْي.

والتَّأَرِّي : التوقع لما في القدر ، قال الحارث الباهلي (١١١) :

لا يَتَأَرَّى لما في القدر يرقبه

ولا يعض على شرسوفه الصفر

يقول : يأكل القفار الذي لا أدم فيه. وقوله : لا يَتَأَرَّى ، أي : لا ينتظر غدا القوم ، ولا ما في قدرهم أن يطعموه منه. ويقال : لا يَتَأَرَّى لذلك ، أي : لا ينتظر ، ولا يهمه.

وإن بينهم لَأَرْيَ عداوة ، أي : أشدها وألزقها وأقدمها.

وأَرْيُ الندى : ما وقع من الندى على الذي هو مثل العشب والشجر والصخر فلا يزال يلتزق بعضه ببعض. والدابة تَأْرِي إلى الدابة ، إذا انضمت إليها وألفت معها معلفا واحدا ، وبذلك سمي المعلف : آرِيّاً ، فهو في التقدير : فاعول ، قال (١١٢) :

يعتاد أرباضا لها آرِيٌ

__________________

(١١١) (هو أعشى باهلة) ، والبيت في اللسان (أري).

(١١٢) القائل : (العجاج) ديوانه ص ٣٢٤ برواية : واعتاد ....

٣٠٣

والْوَارِي : الشحم السمين ، والْوَرْي مثله.

وزند وَارٍ للذي يُورِي النار سريعا. يَرِي الزند ويَوْرَى لغتان ، وأَوْرَيْتُ زندا.

وتقول للرجل الكريم : إنه لَوَارِي الزناد ، ووَرَّيْتُ بك زنادي ، أي : رأيت منك ما أحب من النصح والنجابة والسماحة.

ورجل يُوَرِّي بالأمر ، إذا أراد أمرا وهو يظهر للناس غيره. وأَوْرَيْتُ النار إذا كانت خامدة فأججتها.

أير :

إِير : موضع بالبادية قال (١١٣) :

على أصلاب جأب أخدري

من اللائي تضمنهن إِير

والْإِيرُ : ريح حارة ذات إِيَار ، ياؤها في الأصل واو مثل واو الريح صارت ياء لكسرة ما قبلها ، وتصغيرها : رويحة وأُوَيْرَة. وقال بعضهم : بل الْإِيرُ : الشمال الباردة بلغة هذيل ، قال :

وإنا مساميح إذا هبت الصبا

وإنا مساميح إذا الْإِيرُ هبت

وناس يقولون : هو جمع الأوار في هذا البيت كأنهم يجعلون الأوار من حر السموم.

أرر :

الْإِرَارُ : شبه ظؤرة يَؤُرُّ بها الراعي رحم الناقة إذا

__________________

(١١٣) (الشماح) ديوانه ص ١٥٣.

٣٠٤

مارنت ، وممارنتها : أن يضربها الفحل فلا تلقح. وتفسير يَؤُرُّ بها الراعي : أن يدخل يده في رحمها فيقطع ما هناك بِالْإِرَار ويعالجه.

والْأَرُّ : أن يأخذ الرجل إِرَاراً ، وهو غصن من شوك القتاد وغيره فيضربه بالأرض حتى تبين أطراف شوكه ، ثم يبله ، ثم يذر عليه ملحا مدقوقا فيؤر به ثفر الناقة حتى يدميها ... يقال : ناقة ممارن ، والفعل : أَرَّهَا يَؤُرُّهَا.

والْأَرِيرُ : حكاية صوت الماجن عند القمار والغلبة. أَرَّ يَأَرُّ أَرِيراً.

يرر :

الْيَرَرُ : مصدر الأير ، تقول : صخرة يَرَّاء ، وحجر أَيَرُّ. قال أبو الدقيش : إنه لحار يَارٌّ ، عنى به رغيفا أخرج من التنور ، وكذلك إذا حميت الشمس على شيء حجرا كان أو غيره فلزمته حرارة شديدة قيل : إنه لحار يَارٌّ إذا كان له صلابة ، ولا يقال للماء ولا للطين ، والفعل : يَرَّ يَيَرُّ يَرَراً ، وتقول في الجزم : يير ، ولا يوصف به على نعت أفعل وفعلاء إلا الصفا والصخرة ، ولا يقال إلا ملة حارة يارة ، وكل شيء نحو ذلك ، إذا ذكروا الْيَارَّ لم يذكروه إلا وقبله : حار.

ورا :

الْوَرَى ، مقصور : الأنام الذي على ظهر الأرض ، قال :

ويسجد لي شعراء الْوَرَى

سجود الوزاغ لثعبانها (١١٤)

__________________

(١١٤) لم نهتد إليه.

٣٠٥

أور :

الْأُوَارُ : حر التنور من بعيد. ويقال : إرة في ورة ، فَالْإِرَة : النار بعينها ، والْوِرَة : الحفرة.

والْمُسْتَأْوِرُ : الفزع ، قال :

كأنه بزوان نام عن غنم

مُسْتَأْوِر في سواد الليل مذءوب (١١٥)

رير :

الرِّيرُ والرَّارُ ، لغتان : المخ الذائب في العظم ، كأنه خيط أو ماء. قال (١١٦) :

[على عمائمنا تلقى وأرحلنا]

على زواحف تزجى ، مخها رِيرُ

والرِّيرُ : الماء الذي يخرج من فم الصبي كأنه خيوط.

رأرأ :

الرَّأْرَأَةُ : تحديق النظر ، وتحريك الحدقتين في ذلك ... رَأْرَأْتُ بصري.

ورَأْرَأَتْ عيناه.

ويقال : رَأْرَأَ السحاب والسراب ، أي : لمح كلمح البصر ، وهو دون اللمع.

رأي :

الرَّأْيُ : رأي القلب ، ويجمع على الْآرَاء ، تقول : ما أضل آراءهم ، على التعجب و (راءهم) أيضا.

__________________

(١١٥) البيت في اللسان (أور) غير منسوب.

(١١٦) (الفرزدق) طبقات الشعراء ٣ ورواية الديوان المطبوع :. تزجيها محاسير.

٣٠٦

ورَأَيْتُ بعيني رُؤْيَةً. ورَأَيْتُهُ رَأْيَ العين ، أي : حيث يقع البصر عليه.

وتقول من رَأْيِ القلب : ارْتَأَيْتُ ، قال :

ألا أيها الْمُرْتَئِي في الأمور

سيجلو العمى عنك تبيانها (١١٧)

وتقول : رَأَيْتُ رُؤْيَا حسنة ، قال (١١٨) :

عسى أَرَى يقظان ما أُرِيتُ

في النوم رُؤْيَا أنني سقيت

ولا تجمع الرؤيا. ومن العرب من يلين الهمزة فيقول : رُويَا ، ومن حول الهمزة فإنه يجعلها ياء ، ثم يكسر فيقول : رأيت رِيَّا حسنة. والرِّيُ : ما رأت العين من حال حسنة من المتاع واللباس. والرَّئِيُ : جني يتعرض [للرجل] يُرِيهِ كهانة وطبا ، تقول : معه رَئِيٌ.

وبعض العرب تقول : رَيْتُ بمعنى رَأَيْتُ ، وعلى هذا قرىء [قوله تعالى] : أَرَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى (١١٩) ، وقال :

أقسم بالله أبو حفص عمر

ما رَايَهَا من نقب ولا دبر

فاغفر له اللهم إن كان فجر (١٢٠)

__________________

(١١٧) البيت في اللسان (رأى) غير منسوب.

(١١٨) (رؤبة) ديوانه ص ٢٥.

(١١٩) سورة العلق ١٠.

(١٢٠) الأول والثاني في اللسان (رأي) بدون نسبة.

٣٠٧

وتَرَاءَى القوم : رأى بعضهم بعضا ، قال جل وعز : (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ)(١٢١).

[وتقول] : تَرَاءَى لي فلان ، أي : تصدى لك لتراه. وتَرَاءَى له تابعه من الجن إذا ظهر له ليراه.

والْمِرْآة : التي ينظر فيها والجميع : الْمَرَائِي ، ومن لين الهمزة قال : الْمَرَايَا. وتَرَاءَيْتُ في الْمِرْآة : نظرت فيها ، وفي الحديث : لَا يَتَمَرْأَى أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ (١٢٢) ،.أي : لا ينظر وجهه فيه ، وأدخلت الميم في حروف الفعل.

وتقول في يفعل وذواتها من رأيت : يَرَى وهو في الأصل : يَرْأَى ولكنهم يحذفون الهمزة في كل كلمة تشتق من (رأيت) إذا كانت الراء ساكنة. تقول : رأيت كذا ، فحذفت همزة أرأيته ، وأنا مُرٍ وهو مُرًى ، بحذف الهمزة ، إلا أنهم يثبتون في موضعين ، قالوا : رأيته فهو مَرْئِيٌ ، وأَرْأَتِ الناقة إذا أرأى ضرعها أنها أقربت وأنزلت وهي مُرْأَى ، بهمزة ، والحذف فيها صواب. وقد يقولون : اسْتَرَيْتُ واسْتَرْأَيْتُ ، أي : [طلبت الرؤية].

وتقول في الظن : رِيتُ أن فلانا أخوك ، ومنهم من يثبت الهمزة فيقول : رُئِيتُ ، فإذا قلت (أرى) وذواتها حذفت ، ومن قلب الهمزة من رأى قال : رَاءَكَ ، كقولك : نأى وناء.

والتَّرِّيَّة ، مشددة الراء ، إن شئت همزت وإن شئت لينت وثقلت الياء ، وإن شئت طرحت الهمزة وخففت الياء فقلت : تَرْيَة. والتَّرِيَّة ،

__________________

(١٢١) سورة الشعراء ٦١.

(١٢٢) الحديث في اللسان (رأي).

٣٠٨

مكسورة الراء خفيفة ، كل هذا لغات ، وهو ما تراه المرأة من [بقية] محيضها من صفرة أو بياض ، قبل أو بعد.

وأما البصر بالعين فهو رُؤْيَة ، إلا أن تقول : نظرت إليه رأي العين وتذكر العين فيه.

وما رأيته إلا رَأْيَة واحدة ، قال ذو الرمة (١٢٣) :

إذا ما رَآهَا رَأْيَة هيض قلبه

بها كانهياض المتعب المتتمم

والعرب تحذف الهمزة فيما غير من الفعل في قولك : ترى ويرى ونرى وأرى ونحوه ، وفيما زاد من الفعل في أفعل ، واستفعل ، وتهمز فيما سوى ذلك إلا أنهم يقولون : أَرْأَتِ الناقة والشاة أي : استبان حملها. وتقول للذي يُرِيكَ شيئا فهو مُرْءٍ والناقة مُرْئِيَة ، وإن شئت خففت ولينت الهمزة ، والشاعر إذا احتاج إلى تثقيلة ثقل ، كما قال :

وأبدت البيض الحسان أسوقا

غير مَرِيَّات ولكن فرقا (١٢٤)

وتقول رَأَّيْتُ فلانا تَرْئِيَة إذا رأيته المرآة لينظر فيها.

واعلم أن ناسا من العرب لا يرون أن يهمزوا الهمزة الأولى من الرئاء كراهية تعليق ألف بين همزتين ، ولذلك قالوا : ذؤابة فهمزوا ، ثم جمعوا الذوائب بلا همز كراهية (الذآئب) ، وأما من همز الرئاء فمن أجل المدة التي بعد الألف ليس من بعدها شيء يعتمد عليه فقد يسقط في الوقوف ، وفي اضطرار الشعر فيما يقصرون من الممدود ، ولذلك جاز الهمز فيها ولم يجز في الذوائب.

__________________

(١٢٣) ديوانه ٢ / ١١٧٣ برواية : اذا نال منها نظرة ....

(١٢٤) لم نهتد إلى القائل ، ولا إلى القول فيما تيسر من مظان.

٣٠٩

والرِّيُ : ما أريت القوم من حسن الشارة والهيئة ، قال جرير :

وكل قوم لهم رِيٌ ومختبر

وليس في تغلب رِيٌ ولا خبر

وتقول : أَرِنِي يا فلان ثوبك لِأَرَاه ، فإذا استعطيته شيئا ليعطيكه لم يقولوا إلا أَرْنَا بسكون الراء ، يجعلونه سواء في الجمع والواحد والذكر والأنثى كأنها عندهم كلمة وضعت للمعاطاة خاصة ، ومنهم من يجريها على التصريف فيقول : أَرْنِي وللمرأة أَرِينِي ، ويفرق بين حالاتهما ، وقد يقرأ : أَرْنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا (١٢٥) على هذا المعنى بالتخفيف والتثقيل ، ومن أراد معنى الرؤية قرأها بكسر الراء ، فأما أَرِنَا (اللهَ جَهْرَةً)(١٢٦) و (أَرِنا مَناسِكَنا)(١٢٧) فلا يقرأ إلا بكسر الراء.

واعلم أن ناسا من العرب لما رأوا همزة (يرى) محذوفة في كل حالاتها حذفوها أيضا من (رأى) في الماضي وهم الذين يقولون : ريت.

[وفلان يَتَرَاءَى برأي فلان إذا كان يرى رأيه ويميل إليه ويقتدي به](١٢٨).

فأما التَّرَائِي في الظن فإنه فعل قد تعدى إليك من غيرك ، فإذا جعلت ذلك في الماضي وأنت تريد به معنى ظننت قلت : رُئِيتُ. ومنهم من يحذف الهمزة منها أيضا فيكسر الراء ، ويسكن الياء. فيقول :

__________________

(١٢٥) سورة فصلت ٢٩.

(١٢٦) سورة النساء ١٥٣.

(١٢٧) سورة البقرة ١٢٨.

(١٢٨) مما أخذه الأزهري من العين في التهذيب ١٥ / ٣٢٥.

٣١٠

رِيتُ ، وهي أقبحها ، ومنهم من يقول في الماضي : رَأَيْتُ في معنى ظننت ، وهو خلف في القياس ، كيف يكون في الماضي معروفا وفي الغابر مجهولا من فعل واحد في معنى واحد.

روي :

الرُّوَاءُ : حسن المنظر في البهاء والجمال ، [يقال] : امرأة لها رواء وشارة حسنة.

والرِّوَاء : حبل الخباء ، أعظمه وأمتنه ، وذلك لشدة ارْتِوَائِهِ في غلظ فتله. وكل شجرة أو عضو امتلأ قيل : قد ارْتَوَى ، وإنما قالوا : رَوِيَ إذا أرادوا الرِّيَ من الماء والأعضاء والعروق من الدم ، ولا تَرْتَوِي العروق لأنها لا تغلظ ، وليس معنى ارتوائها كارتواء القوم إذا حملوا ريهم من الماء ، كل هذا من رَوِيَ يَرْوَى رَيّاً. والرَّاوِي : الذي يقوم على الدواب ، وهم : الرُّوَاة ، ولم أسمعهم يقولون : رويت الخيل. وأكثر ما يقال ذلك في الرياضة والسياسة.

فأما الرجل الرَّاوِيَة فالذي قد تمت روايته واستحق هذا النعت استحقاق الاسم ، وفي هذا المعنى يدخلون الهاء في نعت المذكر ، فإذا أردت وجه الفعل من غير مبالغة قلت : هو رَاوِي هذا الشيء.

وارْتَوَتْ مفاصل الدابة إذا اعتدلت وغلظت. وفرس رَيَّان الظهر إذا سمن متناه.

وارْتَوَتِ النخلة إذا غرست في قفر ، ثم سقيت في أصلها.

وارْتَوَى الحبل إذا كثر قواه وغلظ في شدة فتل.

٣١١

والتَّرْوِيَة : أن تروي شيئا فيكثر عليك حتى يشتد ريه ، كما تقول : رَوَّيْتُ السويق من الماء وغيره ، فإذا أردت وجه الفعل من غير مبالغة قيل : أَرْوَيْتُهُ.

والتَّرْوِيَة : يوم قبل عرفة ، سمي به لأن القوم يتروون من مكة ويتزودون ريا من الماء.

والرَّيُ : مصدر رَوِيَ يروى وهو رَيَّان والمرأة : رَيَّا والجميع : رِوَاء للذكر والأنثى فيه.

والرَّوَاء من الماء : الذي يكون للوارد فيه ري ، قال جرير : (١٢٩)

بئر رَوَاء عذبة الشروب

وقال ابن أحمر يذكر قطاة وفرخها :

تَرْوِي لقي ألقي في صفصف

تصهره الشمس فما ينصهر (١٣٠)

تَرْوِي معناه : تستقي ، يقال : قد رَوَى ، معناه : قد استقى على الراوية. والرَّاوِيَة : أعظم من المزادة ، ويجمع : الرَّوَايَا ، ويجعل الشاعر القطا روايا لأفراخها.

والرَّيَّا : ريح طيبة من نفحة ريان ، قال (١٣١) :

[إذا قامتا تضوع المسك منهما

نسيم الصبا جاءت] بِرَيَّا القرنفل

__________________

(١٢٩) ليس في ديوانه.

(١٣٠) التهذيب ١٥ / ٣١٤ ، واللسان (روي).

(١٣١) (امرؤ القيس) ـ مطولته.

٣١٢

وقال آخر :

فلو أن محموما بخيبر مدنفا

تنشق رَيَّاهَا لأقلع صالبه (١٣٢)

ولا يشتق منها فعل ، ولا تجمع.

والرِّوَايَة : [رواية] الشعر والحديث. ورجل رَاوِيَة : كثير الرواية. والجميع : رُوَاة.

والْمَرْوَى : اسم موضع بالبادية.

والرَّوِيُ : حروف قوافي الشعر اللازمات ، تقول : [هاتان] قصيدتان على روي واحد.

ريا :

الرَّايَةُ : من رايات الأعلام ، وإن جعلت الرَّايَ جميعا بغير الهاء استقام ، وكذلك الرَّايَة التي تجعل في عنق الغلام ، وهما من تأليف راء وياءين. وتصغير الراية : رُيَيَّة. والفعل : رَيَيْتُ رَيّاً ، ورَيَّيْتُ تَرِيَّة ، والأمر : ارْيَهْ ورَيِّهْ والتشديد أحسن.

وعلم مَرِيٌ بالتخفيف ، وإن شئت بينت الياءات فقلت : علم مَرْيِيٌ بلا تشديد ولا همز ولكن ببيان الياءات.

روأ :

الرَّاء ، ممدود ، والواحدة : رَاءَة : شجر له ثمرة بيضاء ، الهمزة فيها أصلية وتصغيرها : رُوَيْئَة.

__________________

(١٣٢) نسب في التهذيب ١٥ / ٣١٥. والأساس (نشق) واللسان (روي) إلى المتلمس. وهو في ديوانه (الصيرفي) ص ٢٧٤.

٣١٣

ورَوَّأْتُ في الأمر إذا أثبت النظر فيه ، والاسم : الرَّوِيئَة و [الرَّوِيَّة] ، قال :

لا خير في رأي بغير رَوِيَّة

ولا خير في جهل تعاب به غدا (١٣٣)

باب الرباعي من الراء

الراء واللام

ف ر ف ل ، رء ب ل ، ب رء ل مستعملات

فرفل :

الْفَرَافِل : سويق ينبوت عمان.

رأبل (١٣٤) :

الرِّئْبَال : من أسماء الأسد والذئب.

برأل (١٣٥) :

الْبُرَائِل : ما استدار من ريش الطائر حول عنقه ، والجميع : الْبَرَائِل ، وقد بَرْأَلَ الديك وتَبَرْأَلَ.

الراء والنون

ر فء ن ، ف ر ن ب مستعملان

رفأن (١٣٦) :

ارْفَأَنَ الناس : سكنوا.

فرنب (١٣٧) :

الْفِرْنِب : الفأرة.

تم الرباعي ، وبه تم حرف الراء ، ولا خماسي له

__________________

(١٣٣) لم نهتد إلى القائل ، ولا إلى القول فيما توفرنا عليه من مظان.

(١٣٤) الكلمة وترجمتها من مختصر (العين) ـ الورقة ٢٥٣ ـ

(١٣٥) من مختصر العين ـ الورقة ٢٥٣.

(١٣٦) من مختصر العين ـ الورقة ٢٥٣.

(١٣٧) من مختصر العين ـ الورقة ٢٥٣.

٣١٤

باب اللام

باب الثنائي من اللام

باب اللام والفاء

ل ف ، ف ل مستعملان

لف :

اللَّفَفُ : كثرة لحم الفخذين ، وهو في النساء نعت ، وفي الرجال عيب ، تقول : رجل أَلَفٌ ، أي : ثقيل ، قال نصر بن سيار :

ولو كنت القتيل وكان حيا

لشمر لا أَلَفّ ولا سؤوم

واللَّفِيفُ : ما اجتمع من الناس من قبائل شتى ، ليس أصلهم واحدا ، يقال : جاء القوم بِلَفِّهِمْ ولفيفهم.

واللَّفَفُ : ما لففوا من هاهنا وهاهنا ، كما يلفف الرجل شهود زور.

واللَّفُ في المطعم : الإكثار منه مع التخليط.

وحديقة لَفَّةٌ ، ويقال : لَفٌ ، والجميع الْأَلْفَاف ، وهي الْمُلْتَفَّة الشجر.

وأَلَفَ الرجل رأسه ، إذا جعله تحت ثوبه. وأَلَفَ الطائر رأسه إذا جعله تحت جناحه ، قال أمية (١) :

ومنهم مُلِفٌ رأسه في جناحه

يكاد لذكرى ربه يتفصد

__________________

(١) (أمية بن أبي الصلت) ديوانه ص ١٧٧.

٣١٥

فل :

الْفَلُ : المنهزم (٢) ، والجميع : الْفُلُول والْفُلَّال.

والتَّفْلِيلُ : تَفَلُّلٌ في حد السيف ، وفي غروب الأسنان ، ونحو ذلك ، قال النابغة(٣):

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم

بهن فُلُولٌ من قراع الكتائب

ويقال : الْفُلُولُ الجماعة ، والواحد : فَلٌ ، ويقال : الْفُلُولُ : مصدر.

والِاسْتِفْلَالُ : أن تصيب من الموضع العسر شيئا قليلا من موضع طلب حق أو فلا يَسْتَفِلّ إلا شيئا صغيرا أو يسيرا.

والْفَلِيل : ناب البعير إذا انكسر منه شيء.

والْفُلْفُل : معروف يحمل من الهند .... والْمُفَلْفَلُ : ضرب من الثياب عليه صعارير من الوشي كالفلفل.

والْفَلِيل : السيف. والْفَلِيل : الشعر ، هذلية.

باب اللام والباء

ل ب ، ب ل مستعملان

لب :

لُبُ كل شيء من الثمار : داخله الذي يطرح خارجه ، نحو اللوز وما إليه.

__________________

(٢) في العين رواية الأزهري في التهذيب ١٥ / ٢٣٥ : المنهزمون.

(٣) ديوانه ص ٦٠.

٣١٦

ولُبُ الرجل ما جعل في قلبه من العقل وجمع اللُّبِ : أَلْبَاب. واللُّبَاب جامع في كل ما خلا الإنسان ، لا يقال في موضع اللب من الإنسان : لباب. ولُبَابُ القمح ، يعني الحنطة ، ولُبَابُ الفستق.

واللُّبَاب من الإبل : خيارها وأفضلها. ولُبَابُ الحسب : محضه.

واللُّبَابُ : الخالص من كل شيء ، قال :

وأهل العز والحسب اللُّبَاب (٤)

وقال (٥) :

سبحلا أبا شرخين أحيا بناته

مقاليتها فهي اللُّبَابُ الحبائس

يصف الإبل.

وقال الحسن في وصف الفالوذج : لُبَابُ القمح بلعاب النحل.

واللَّبَابَة : مصدر اللَّبِيب ، والفعل منه : لَبِبَ (٦) يَلَبُ.

ورجل مَلْبُوبٌ ، أي : موصوف باللب.

ولُبَابَةُ : من أسماء النساء ، قال حسان :

وجارية مَلْبُوبَة ومنجس

وطارقة في طرقها لم تشدد (٧)

واللُّبُ : موضع اللبب من الصدر. واللَّبَبُ : البال ، يقال : ذاك الأمر منه في بال رخي ، وفي لبب رخي. واللَّبَبُ من

__________________

(٤) لم نهتد إلى القائل ، ولا إلى تمام البيت.

(٥) (ذو الرمة) ديوانه ٢ / ١١٣٦.

(٦) حكى الأزهري عن العين بعد أن أورد النص : وقد لببت ، التهذيب ١٥ / ٣٣٨.

(٧) التهذيب ١٥ / ٣٣٨ ، ، واللسان (لبب) منسوب أيضا.

٣١٧

الرمل : شبه حقف ، قال ذو الرمة (٨) :

براقة الجيد واللبات واضحة

كأنها ظبية أفضى بها لَبَبٌ

وأما قول أبي ذؤيب (٩) :

ونميمة من قانص مُتَلَبِّبٍ

في كفه جشء أجش وأقطع

فإنه كل من جمع ثيابه وتحزم فقد تَلَبَّبَ ، وهو هاهنا المتسلح ، شبهه بمن جمع ثيابه.

واللَّبَّة من الصدر : موضع القلادة ، وهي واسطة حواليها اللؤلؤ وخرز قليل وسائرها خيط.

والتَّلْبِيب : مجمع ما في موضع اللبب من ثياب الرجل ، يقال : أخذ فلان بتلبيب فلان.

ولَبَّبْتُهُ ، إذا جعلت في عنقه ثوبا أو حبلا ، وقبضت على موضع تَلْبِيبِهِ ، [وأنت](١٠) تعتله.

والصريخ يصرخ إلى القوم ويُلَبِّبُ ، لأنه يجعل كنانته أو قوسه في عنقه ثم يقبض على تلبيب نفسه ويصرخ.

قال :

إنا إذا الراعي اعترى ولَبَّبَا

ويقال : هو في هذا الموضع : التردد.

واللَّبْلَبَةُ : فعل الشاة بولدها إذا لحسته بشفتها.

__________________

(٨) ديوانه ١ / ٢٦.

(٩) ديوان الهذليين ١ / ٧.

(١٠) في الأصول : وهو.

٣١٨

واللَّبْلَاب : حشيشة يتداوى بها.

بل :

الْبَلَلُ اسم من (بل). والْبِلَّة والْبَلَلُ : الدون.

وبِلَّة اللسان : وقوعه على مواضع الحروف ، واستمراره على المنطق ، يقال : ما أحسن بِلَّة لسانه ، أو ما يقع لسانه إلا على بِلَّتِهِ. والْبِلَال : البلل وهو الاسم ، والواحد مثله ، ويقال : هو جمع بلّة ، قال الساجع : اضربوا أميالا تجدوا بِلَالا. ويقال : بِلَال هاهنا اسم رجل.

والبَلِيلُ : الريح الباردة.

ويقال : بَلَ فلان من مرضه وأَبَلَ واسْتَبَلَ ، أي : برأ ، والاسم منه : الْبِلُ. وفي الحديث : وَهِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وَبِلٌ. الْبِلُ : المباح بلغة حمير ، وقال :

إذا بَلَ من داء به ظن أنه

نجا وبه الداء الذي هو قاتله (١١)

وبَلَ فلان بفلان ، أي : وقع في يديه ، قال :

بَلَّتْ به غير طياش ولا رعش (١٢)

وقال طرفة (١٣) :

[إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني]

منيعا إذا بَلَّتْ بقائمه يدي

__________________

(١١) اللسان والتاج (بلل) ، بدون نسبة أيضا.

(١٢) لم نهتد إلى القائل ، ولا إلى تمام البيت.

(١٣) مطولته.

٣١٩

والبَلّ : مصدر الْأَبَلّ من الرجال ، وهو الذي لا يستحي ولا يبالي ما قال ، قال :

ألا تتقون الله يا آل عامر

وهل يتقي الله الْأَبَلُ المصمم (١٤)

ويقال للإنسان إذا حسنت حاله بعد الهزال : قد ابْتَلَ وتَبَلَّلَ.

والْبُلْبُل : طائر يكون في أرض الحرم ، حسن الصوت ، يألف الحرم.

والْبُلْبُلَة : ضرب من الكيزان في جنبه بلبل ينصب منه الماء.

والْبَلْبَلَة : وسواس الهموم في الصدر ، وهو الْبَلْبَال ، والجميع : الْبَلَابلِ.

والْبَلْبَلَة : بلبلة الألسن المختلفة ، يقال والله أعلم : إن الله عزوجل لما أراد أن يخالف بين ألسنة بني آدم بعث ريحا فحشرتهم من كل أفق إلى بَابِل فَبَلْبَلَ الله بها ألسنتهم ، ثم فرقتهم تلك الريح في البلاد.

وفي الحديث : كَانَ النَّاسُ بِذِي بِلَّى (١٥) ويروى : بِذِي بِلِّيَان. مكسورة الباء ، مشددة اللام ، يقال : أراد بذلك ، والله أعلم ، تفرق الناس وتشتت أمورهم. قال :

ينام ويذهب الأقوام حتى

يقال : أتوا على ذي بِلِّيَان (١٦)

__________________

(١٤) اللسان (بلل) بلا نسبة أيضا.

(١٥) الحديث في اللسان (بلل).

(١٦) اللسان (بلل) بلا نسبة أيضا.

٣٢٠