كتاب العين - ج ٨

الخليل بن أحمد الفراهيدي

كتاب العين - ج ٨

المؤلف:

الخليل بن أحمد الفراهيدي


المحقق: الدكتور مهدي المخزومي والدكتور ابراهيم السامرّائي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة دار الهجرة
المطبعة: الصدر
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٦

ومؤتة : موضع (٨٤).

ويقال : وقع في المال الْمَوْتَان ، وهو الموت في النعم والمواشي.

ومَوَتَان الأرض : التي لم تحي بعد.

وأَمَاتَ الرجل ، إذا مات له إنسان ، فهو مُمِيت.

ورجل مَوْتَان الفؤاد : غير ذكي ولا فهم.

ورجل يبيع الْمَوْتَان ، أي يبيع غير ذي روح.

أمت :

في القرآن (عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (٨٥).

والْأَمْتُ : أن تصب في السقاء ماء فلا تملؤه فينثني ، وذلك الثني هو الأمت ، وإذا ملىء وتمدد فلا أمت فيه.

وهذا شيء مَأْمُوت ، أي معروف ، قال رؤبة :

هيهات منها ماؤها الْمَأْمُوت (٨٦)

أتم :

والْمَأْتَم : الجماعة من الرجال والنساء في فرح أو حزن.

باب اللفيف من التاء

التاء :

حرف من حروف المعجم لا يعرب.

وتَا وتِه لغتان كقولك : ذا وذه ، وتقول : هذي فلانة ، كقولك : هذه ، وفي لغة : هاتا فلانة ، وهي بغير هاء أحسن كقول الشاعر :

__________________

(٨٤) مؤتة مهموزة موضعها مأت وليس موت ، ولعلها أدرجت هنا على أن الهمزة تسهل.

(٨٥) من الآية : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) الآية ١٠٧ من سورة طه.

(٨٦) الرجز في الديوان ص ٢٥ ، وروايته في التهذيب : أيهات منها ....

١٤١

ها إن تَا عذرة إلا تكن نفعت

فإن صاحبها قد تاه في البلد (٨٧)

وعلى هاتين اللغتين قالوا : تيك وتلك وتالك كما قالوا : ذلك ، وهي أقبح اللغات ، فإذا ثنيت لم تقل : إلا تَان ، وتَانك ، وتَيْن ، وتَيْنك ، في الجر والنصب في اللغات كلها ، وإذا صغرت لم تقل إلا تيا ، وبها سميت المرأة تيا.

والتي هي معرفة (تا) لا يقولونها في المعرفة إلا على هذه اللغة ، وجعلوا إحدى اللامين تقوية للأخرى استقباحا أن يقولوا التي ، وإنما أرادوا بها الألف واللام المعرفة ، والجميع اللَّاتِي ، واللَّوَاتِي جمع اللاتي ، ويلقون التاء فيقولون : اللائي ، ممدودة [وقد تخرج الياء فيقال : اللاء] بكسرة تدل على الياء.

وتصغير التي اللَّتَيَّا ، ويجمع اللَّتَيَّات.

وإنما صار تصغير ته وذه وما فيهما من اللغات تيا ، لأن التاء والذال من ذه ، وته ، كل واحدة هي نفس الكلمة وما لحقها من بعدها فإنه عماد للتاء ، لكي ينطلق به اللسان ، فلما صغرت لم تجد ياء التصغير حرفين من أصل البناء تجيء بعدها كما جاءت في سعيد وعمير.

والتصغير على أربعة أنحاء : تقريب وتقليل وتصغير وتحقير ، ولكنهما وقعا بعد التاء ، فجاءت بعد فتحة ، والحرف الذي قبل ياء التصغير بجنبها لا يكون إلا مفتوحا ، ووقعت التاء إلى جنبها فانتصبت ، وصار ما

__________________

(٨٧) البيت (للنابغة) انظر الديوان ص ٢٦.

١٤٢

بعدها قوة لها ، ولم ينضم قبلها شيء لأنه ليس قبلها حرفان ، وجميع التصغير صدره مضموم ، والحرف الثاني منصوب ، ثم بعدهما ياء التصغير ، ومنعهم أن يرفعوا الياء التي في التصغير ، لأن هذه الأحرف دخلت عمادا للسان في آخر الكلمة فصارت الياء التي قبلها في غير موضعها ، لأنها بنيت للسان عمادا ، فإذا وقعت في الحشو لم تكن عمادا ، وهي في بناء الألف التي كانت في تا ، قال الشاعر في تصغير التي :

مع اللُّتَيَّا واللَّتَيَّا والتي (٨٨)

والتصغير على أربعة أنحاء فتدبر وتفهم.

توو :

التَّوُّ : الحبل يفتل طاقا واحدا لا يجعل له قوى مبرمة ، والجميع الْأَتْوَاء.

[وفي الحديث : الِاسْتِجْمَارُ بِتَوٍّ أَيْ بِفَرْدٍ وَوِتْرٍ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْمَاءِ لَا بِشَفْعٍ.](٨٩)

ويقال : جاء فلان تَوّاً ، أَيْ وحده.

ويقال : وجه فلان من خيله للغارة بألف تَوٍّ ، أي بألف رجل جريدة متخففين.

وإذا عقدت عقدا بإدارة الرباط مرة واحدة قلت : عقدته بِتَوٍّ واحد ، قال :

جارية ليست من الوخشن

لا تعقد المنطق بالمتنن

إلا بِتَوٍّ واحد أو تَنٍ (٩٠)

__________________

(٨٨) الرجز في التهذيب واللسان غير منسوب.

(٨٩) زيادة من التهذيب من أصل العين.

(٩٠) الرجز في التهذيب واللسان غير منسوب.

١٤٣

أي نصف تو ، والنون في تن زائدة ، والأصل فيها تا خفيفة خففها من تو فإن قلت على أصلها تو خفيفة مثل لو جاز ، غير أن الاسم إذا جاءت في آخره واو بعد فتحة حملت على الألف ، وإنما يحسن في لو لأنها حرف أداة وليست باسم ، فلو حذفت من يوم الميم وتركت الواو والياء وأنت تريد إسكان الواو ، ثم تجعل ذلك اسما تجريه بالتنوين ، وغير التنوين في لغة من يقول : هذا حار قد جاء ، مرفوعا ، لقلت في محذوف يوم : هذا يا قد جاء ، وكذلك في لوم ولوح ، ومنعهم أن يقولوا في لو لأن لو هكذا أسست ، ولم تجعل اسما كاللوح. فإذا أردت به نداء قلت : يا لو أقبل ، فيمن يقول : يا حار لأن نعت اللو ، بالتشديد ، يا لو ، تقوية للواو ، ولو كان اسمه حوا ثم أردت حذفذ إحدى الواوين قلت : يا حا أقبل ، بقيت الواو ألفا بعد الفتحة ، وليس في جميع الأسماء واو معلقة بعد فتحة إلا أن يجعل اسما.

والتَّوَى ، مقصور (٩١) : ذهاب المال الذي لا يرجى ، وتَوِيَ يَتْوَى تَوًى : ذهب.

وأَتْوَى فلان ماله فتوي فهو تَوٍ (٩٢).

__________________

(٩١) كذا في التهذيب واللسان وأما في الأصول المخطوطة فقد ورد : التواء مقصور.

(٩٢) كذا هو الوجه ، وفي التهذيب : الثأثأة.

١٤٤

تأتأ :

التَّأْتَأَةُ (٩٣) في الصوت ، وتَأْتَأْتُ بالتيس عند السفاد (٩٤).

أتي :

وتقول : أَتَانِي فلان أَتْياً وإِتْيَاناً وأَتْيَةً واحدة ، ولا يقال : إِتْيَانَة واحدة [لأن المصادر كلها إذا جعلت واحدة ردت إلى بناء فعلة] ، (٩٥) وذلك إذا كان منها الفعل على فعل أو فعل ، فإذا أدخلت في الفعل زيادات فوق ذلك أدخلت فيها زيادتها في الواحدة كقولك : إقبالة واحدة ، ومثل تفعل تفعلة واحدة وأشباه ذلك ، وذلك في الشيء الذي يحسن أن تقول : فعلة واحدة وإلا فلا ، قال :

إني ، وأَتْيَ ابن غلاق ليقريني ،

كغابط الكلب يبغي الطرق في الذنب (٩٦)

أتو :

الْأَتْوُ : الاستقامة في السير والسرعة ، ويَأْتُو البعير أَتْواً.

وتقول العرب : أَتَوْتُ فلانا من أرض كذا ، أي سرت إليه ، ويجوز في معنى أتيته ، قال :

يا قوم ، ما لي وأبا ذؤيب ،

كنت إذا أَتَوْتُهُ من غيب

يشم عطفي ويبز ثوبي

كأنني أربته بريب (٩٧)

__________________

(٩٣) في اللسان : تأتأ التيس عند السفاد.

(٩٤) ما بين القوسين من اللسان وهو كلام الخليل واضحا غير أنه ورد مبهما بسبب جهل الناسخ في الأصول المخطوطة.

(٩٥) البيت في التهذيب واللسان غير منسوب.

(٩٦) البيتان (لخالد بن زهير) كما في اللسان.

١٤٥

والْإِيتَاء : الإعطاء.

ويقال : هات في معنى آتِ على فاعل ، فدخلت الهاء على الألف.

والْمُؤَاتَاة : حسن المطاوعة.

وتَأَتَّى لفلان أمره وأَتَّاهُ الله تَأْتِيَة ، قال :

تَأَتَّى له الدهر حتى انجَبَر (٩٧)

والآتِي والْأَتِيّ لغتان ، والصواب : الأَتِيّ.

والْأُتِيُ جماعة ، وكذلك الْآتَاء الجماعة ، وهو وقع في النهر من خشب أو ورق ونحوه مما لا يحبس الماء.

والْأَتِيُ عند العامة النهر الذي يجري فيه الماء إلى الحوض ، والجمع الْأُتِيُ والْآتَاء ، وقالت طائفة من الناس : الْأَتِيُ السيل الذي لا يدرى من أين أتى.

وأَتَّيْتُ للماء تَأَتِّياً إذا حرفت له مجرى ، قال الشاعر :

وبعض القول ليس له عناج

كسيل الماء ليس له إِتَاء (٩٨)

وقال :

خَلَّت بسَيْلٍ أَتِيٍ كان يَحْبِسُه

ورَفَّعَتْه إلى السِّجْفَيْنِ فالنَّضَد (٩٩)

__________________

(٩٧) الشطر في التهذيب واللسان غير منسوب.

(٩٨) البيت في اللسان (عنج) غير منسوب.

(٩٩) البيت (للنابغة) كما في اللسان (نضد) والديوان ص ٤ وفيه : خلت سبيل ....

١٤٦

يقال : أراد به أَتِيُ النُّؤْى ، وهو مجراه ، ويقال : عنى به ما يحبس المجرى من ورق أو حشيش.

ورجل أَتِيٌ إذا كان غريبا في قوم ليس منهم ، وأَتَاوِيٌ.

والْإِتَاوَة : الخراج ، وكل قسمة تقسم على قوم مما يجبى ، وقد يجعلون الرشوة إتاوة.

وتقول : آتَيْتُ فلانا على أمره مُؤَاتَاة ، ولا تقول : واتيته إلا في لغة قبيحة لليمن ، وأهل اليمن يقولون : واتيت وواسيت وواكلت ونحو ذلك ، ووامرت من أمرت ، وإنما يجعلونها واوا على تخفيف الهمزة في يؤاكل ويؤامر ونحو ذلك.

باب الرباعي من التاء

تنبل :

التِّنْبَالَة والتِّنْبَال : القصير الرذل من الرجال ، وتقديره : تفعال ، ويقال بوزن فعلال ، وبين التنبالة ، قال النابغة :

ماض يكون له حد إذا نزلت

حرب يوائل منها كل تِنْبَال (١٠٠)

__________________

(١٠٠) انظر الديوان ص ١٢٢.

١٤٧

حرف الظاء

الثنائي الصحيح

باب الظاء والراء

ظ ر يستعمل فقط

ظر :

الظِّرُّ : قطعة حجر لها حد كحد الفأس والسكين ، وتقول : ظَرَرْت مَظَرَّة ، وذلك أن الناقة إذا أبلمت وهو داء يأخذها في حلقة الرحم فيضيق ، فيأخذ الراعي مظرة ، ويدخل يده في بطنها من ظبيتها ثم يقطع من ذلك الموضع هنة مثل الثؤلول.

وقد يقال للحجر ظُرَر ، يذكر إذا كان محددا ، والجميع الظِّرَّان ، وقيل : الظِّرَّان جمع الظَّرِير ، نعت كالحزين والحزان ، غير أن الظِّرَّان أعظم حجارة ، وهي أشد من المرد ، وهي حجارة القداح ، وأشد بياضا وأدق.

والْأَظِرَّة من الأعلام التي يهتدى بها مثل الأمرة ، ومنها ما يكون ممطولا صلبا تتخذ منه الرحى.

باب الظاء واللام

ظ ل ، ل ظ يستعملان

ظل :

[ظَلَ فلان نهاره صائما ، ولا تقول العرب : ظَلَ يَظَلُ إلا لكل عمل بالنهار ، كما لا يقولون : بات يبيت إلا بالليل ، ومن العرب

١٤٨

من يحذف لام ظللت ونحوها حيث يظهران](١) ، فأما أهل الحجاز فيكسرون الظاء على كسرة اللام التي ألقيت ، فيقولون ظِلْنَا وظِلْتُمْ ، والمصدر الظُّلُول ، [والأمر منه ظَلَ واظْلَلْ ، وقال الله ـ جل وعز ـ : ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً)(٢) وقرىء : ظِلْتَ عَلَيْهِ ، فمن فتح فالأصل فيه ظللت عليه ، ولكن اللام حذفت لثقل التضعيف والكسر ، وبقيت الظاء على فتحها ، ومن قرأ : ظلت ، بالكسر ، حول كسرة اللام على الظاء ، وقد يجوز في غير المكسور نحو : همت ، بذاك أي هممت ، وأحست تريد أحسست ، وحلت في بني فلان ، بمعنى حللت وليس بقياس إنما هي أحرف قليلة معدودة](٣).

وتميم تقول : ظَلْتُ.

وسواد الليل يسمى ظِلًّا ، قال :

وكم هجعت وما أطلقت عنها

وكم دلجت وظِلُ الليل داني (٤)

ومكان ظَلِيل : دائم الظل دامت ظِلَالُهُ.

والظُّلَّة كهيئة الصفة ، و (عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ)، يقال : عذاب يوم الصفة ، والله أعلم.

والْمِظَلَّة : البرطلة ، والظُّلَّة والْمِظَلَّة سواء وهما ما يُسْتَظَلُ به من الشمس ، ويقال: مَظَلَّة.

__________________

(١) ما بين القوسين من التهذيب من أصل العين.

(٢) سورة طه ، الآية ٩٧.

(٣) ما بين القوسين من قوله : والأمر ظل واظلل إلى آخره من أصل العين.

(٤) لم نهتد إلى القائل.

١٤٩

والْإِظْلَال : الدنو ، يقال : أَظَلَّكَ فلان ، أي كأنه ألقى عليك ظله من قربه ، [وأَظَلَ شهر رمضان ، أي دنا منك](٥).

ويقال : لا يجاوز ظلي ظلك.

وملاعب ظِلِّهِ : طائر يسمى بذلك ، وهما ملاعبا ظلهما وملاعبات ظلهن في لغة ، فإذا جعلته نكرة أخرجت الظل على العدة فقلت : هن ملاعبات [أَظْلَالِهِنَ].

والْأَظَلُ : باطن منسم البعير ، والجميع الْأَظْلَال ، قال :

تشكو الوجى من أَظْلَلٍ وأَظْلَل (٦)

أظهر التضعيف ، وإنما هو أَظَلُ ، [وقال ذو الرمة :

دامي الْأَظَلِ بعيد السأو مهيوم](٧)

والظِلُ لون النهار تغلب عليه الشمس.

والظِلُ من الخيال ستر من الجن.

والْمِظَلَّة تتخذ من الخشب يستظل بها.

والظَّلِيلَة : مستنقع ماء قليل في مسيل ، وينقطع السيل ويبقى ذلك الماء فيه ، قال رؤبة :

غادرهن السيل في ظَلَائِلا (٨)

__________________

(٥) زيادة من التهذيب من أصل العين.

(٦) الرجز في اللسان (وجي) (للعجاج) وهو في الديوان ص ١٥٥.

(٧) عجز بيت في التهذيب واللسان والديوان ص ٥٦٩ وصدره :

كأنني من هوى خرقاء منطرف

(٨) الرجز في التهذيب واللسان والديوان ص ١٢١.

١٥٠

لظ :

الْإِلْظَاظ : الإلحاح على الشيء ، وأُلِظُّ به ، ومنه الْمُلَاظَّة في الحرب.

ورجل مِلْظَاظ : مُلِظٌّ شديد الإيلاع بالشيء ، ملج ، قال :

عجبت والدهر له لَظِيظ

ويقال : رجل كظ لَظٌّ ، أي عسر متشدد.

والتَّلَظْلُظ واللَّظْلَظَة من قولك : حية تَتَلَظْلَظُ ، وهو تحريك رأسها من شدة اغتياظها.

وحية تَتَلَظَّى من خبثها وتوقدها ، والحر يَتَلَظَّى كأنه يلتهب مثل النار ، وسميت النار لَظَى من لزوقها بالجلد ، ويقال : اشتقاقه من الإلظاظ ، فأدخلوا الياء كما أدخلوها على الظن فقالوا : تظنيت ، وإنما هو : تظننت ، وفي الحديث : أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.

أي سلموا بها وداوموا عليها ، أي على هذه الكلمة.

[وأما قولهم في الحر : يتلظى فكأنه يتلهب كالنار من اللظى](٩).

باب الظاء والنون

ظ ن يستعمل فقط

ظن :

الظَّنِين : المعادي ، والظَّنِين : المتهم ، والاسم الظِّنَّة.

وهو موضع ظِنَّتِي أي تهمتي ، واضْطَنَنْتُ : افتعلت.

__________________

(٩) زيادة من التهذيب من أصل العين.

١٥١

والظَّنُون : الرجل السيء الظن بكل أحد.

والتَّظَنِّي : التحري ، وهو من التظنن ، حذفت النون الأخيرة وجعلوا اشتقاق الفعل على ميزان تفعلي ، قال :

فليس يرد فدفدها التَّظَنِّي (١٠)

والظَّنُون : البئر التي لا يدرى أفيها ماء أم لا.

والظَّنُ يكون بمعنى الشك وبمعنى اليقين كما في قوله تعالى : يَظُنُّونَ (أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(١١) أي يتيقنون.

وقد يجعل الظن اسما فيجمع كقوله :

أتيتك عاريا خلقا ثيابي

على دهش تُظَنُ بي الظُّنُون (١٢)

وتقول : اطَّنَنْتُهُ وتَظَنَّنْتُ عنده ، أردت افتعلت فصيرت التاء طاء ثم أدغمت الظاء في الطاء حتى حسن الكلام ، ولو تركت الظاء مع التاء لقبح اللفظ.

وفلان يُطَّنُ به ، أي يفتعل ، أي يتهم به ، مدغمة ، فثقلت الظاء مع الطاء فقلبت طاء ، قال :

وما كل من يَطَّنُّنِي أنا معتب

ولا كل ما يروى علي أقول (١٣)

__________________

(١٠) لم نهتد إلى القائل.

(١١) سورة البقرة ، الآية ٤٦.

(١٢) لم نهتد إلى القائل.

(١٣) البيت في التهذيب واللسان غير منسوب.

١٥٢

باب الظاء والفاء

ف ظ يستعمل فقط

فظ :

رجل فَظٌّ : ذو فَظَاظَة ، أي فيه غلظ في منطقه وتجهم [والْفَظَظُ خشونة في الكلام](١٤).

والْفَظُّ : ماء الكرش ، والعرب إذا اضطرت شقوا الكرش وشربوا منها الماء ، ويقال : افْتَظَّ ماءها وافْتَظُّوا ماءها.

باب الظاء والباء

ظ ب ، ب ظ مستعملان

ظب :

قولهم : ما به ظَبْظَاب أي قلبته ، يريد به الداء.

والظَّابَّان ، يقال ، : السلفان المتزوجان بأختين.

بظ :

بَظَّ يَبُظُّ أوتاره بَظّاً ، وهو تحريك الضارب أوتاره ليهيئها للضرب ، وفي لغة بالضاد ، والظاء أحسن.

ويقال : بَظَّ على كذا ، أي ألح عليه ، ويقال : بَظِيَ يَبْظَى بَظى (١٥) فهو بَاظٍ إذا اكتنز لحما وسمنا.

باب الظاء والميم

م ظ يستعمل فقط

مظ :

الْمَظُّ شجرة الرمان ، والْمُمَاظَّة المشارة والمنازعة ، ومَاظَظْتُهُ وشاررته ، وكذلك الْمِظَاظ.

__________________

(١٤) زيادة من أصل العين مما أخذه الأزهري في التهذيب.

(١٥) في اللسان : بظا يبظو بظوا.

١٥٣

قال :

إن لليلى غلمة غلاظا

معاودين عندها الْمِظَاظا (١٦)

باب الثلاثي الصحيح من الظاء

باب الظاء والراء والنون معهما

ن ظ ر يستعمل فقط

نظر :

نَظَرَ إليه يَنْظُرُ نَظَراً ، ويجوز التخفيف في المصدر تحمله على لفظ العامة (١٧) في المصادر ، وتقول : نَظَرْتُ إلى كذا وكذا من نظر العين ونظر القلب.

وقوله تعالى : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(١٨) ، أي لا يرحمهم.

وقد تقول العرب : نَظَرْتُ لك ، أي عطفت عليك بما عندي ، وقال الله ـ عزوجل : (لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) ، ولم يقل : لا يَنْظُرُ لهم فيكون بمعنى التعطف.

ورجل نَظُورٌ : لا يغفل عن النظر إلى ما أهمه.

والْمَنْظَرَة : موضع في رأس الجبل فيه رقيب يحرس أصحابه من العدو.

ومَنْظَرَة الرجل : مرآته إذا نظرت إليه أعجبك أو ساءك ، وتقول : إنه لذو منظرة بلا مخبرة.

__________________

(١٦) لم نهتد إلى الراجز.

(١٧) كذا في التهذيب واللسان وأما في الأصول المخطوطة ففيها : الغاية.

(١٨) سورة آل عمران ، الآية ٧٧.

١٥٤

والْمَنْظَر مصدر كالنظر ، وإن فلانا لفي مَنْظَر ومسمع أي فيما أحب النظر إليه والاستماع ، قال :

لقد كنت عن هذا المقام بِمَنْظَر (١٩)

أي بمعزل فيما أحببت.

وقال أبو زبيد لغلامه وكان في خفض ودعة ، فقاتل حيا من الأراقم فقتل :

قد كنت في مَنْظَر ومستمع

عن نصر بهراء غير ذي فرس (٢٠)

الْمَنْظَر : الشيء الذي يعجب النَّاظِر إذا نظر إليه فسره](٢١).

[وتقول العرب : إن فلانا لشديد الناظر إذا كان بريئا من التهمة ، ينظر بملء عينيه ، وشديد الكاهل أي منيع الجانب](٢٢).

والنَّظْرَةُ من الجن تصيب الإنسان مثل الخطفة (٢٣) ، ونظر فلان : أصابته نظرة فهو مَنْظُور.

ونَظَارِ كقولك انْتَظِرْ ، اسم وضع في موضع الأمر.

ونَاظِر العين : النقطة السوداء الخالصة في جوف سواد العين ، [وبها يرى النَّاظِر ما يرى](٢٤).

__________________

(١٩) لم نهتد إلى القائل.

(٢٠) البيت في التهذيب واللسان من أصل العين.

(٢١) زيادة من التهذيب من أصل العين.

(٢٢) زيادة أخرى أيضا.

(٢٣) كذا في س وأما في ص و ط فهي : لحظة.

(٢٤) زيادة من التهذيب.

١٥٥

ونَظِير الشيء : مثله لأنه إذا نظر إليهما كأنهما سواء في المنظر وفي التأنيث نَظِيرَة ، وجمعه نَظَائِر ، وتقول : ما كان هذا نظيرا لهذا ، ولقد أَنْظَر به وما كان خطيرا ، ولقد أخطر به.

ويقول القائل للمؤمل يرجوه : إنما أَنْظُرُ إلى الله ثم إليك ، أي أتوقع فضل الله ثم فضلك.

ونَظَرْتُ فلانا وانْتَظَرْتُهُ بمعنى ، فإذا قلت : انْتَظَرْتُ فلم يجاوزك فعله فمعناه وقفت وتمهلت (٢٥) ونحو ذلك.

وتقول : انْظُرْنِي يا فلان ، أي استمع إلي ، وكذلك قوله تعالى : (وَقُولُوا انْظُرْنا)(٢٦).

ويقول المتكلم لمن يعجله : انْظُرْنِي أبتلع ريقي.

وبعث فلان شيئا فَأَنْظَرْتُهُ ، أي أنشأته ، والاسم منه النَّظِرَة.

واشتريته بِنَظِرَة أي بانتظار ، وقوله ـ جل وعز ـ : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ)(٢٧) ، أي إِنْظَار.

واسْتَنْظَرَ المشتري فلانا : سأله النَّظِرَة.

والتَّنَظُّر : توقع من ينتظره.

وبفلان نَظْرَة ، أي سوء هيئة.

الْمُنَاظَرَة : أن تُنَاظِر أخاك في أمر إذا نظرتما فيه معا كيف تأتيانه؟](٢٨).

__________________

(٢٥) هذا هو الوجه وأما في الأصول المخطوطة ففيها : امتهلت.

(٢٦) سورة البقرة ، الآية ١٠٤.

(٢٧) سورة البقرة ، الآية ٢٨.

(٢٨) زيادة من التهذيب من العين.

١٥٦

باب الظاء والراء والفاء معهما

ظ ر ف ، ظ ف ر يستعملان

ظرف :

ظَرُفَ يَظْرُفُ ظَرْفاً ، وهم الظُّرَفَاء ، وفتية ظُرُوف في الشعر أحسن ونسوة ظِرَاف وظَرَائِف.

والظَّرْفُ وهو البراعة وذكاء القلب ، لا يوصف به السيد والشيخ إلا الفتيان الأزوال ، والفتيات الزولات ، ويجوز في الشعر ومصدره الظَّرَافَة.

والظَّرْف : وعاء كل شيء ، حتى الإبريق ظرف لما فيه.

والصفات نحو أمام وقدام تسمى ظُرُوفاً ، تقول : خلفك زيد ، إنما انتصب لأنه ظرف لما فيه وهو موضع لغيره.

ظفر :

جماعة الْأَظْفَار أَظَافِير ، لأن الأظفار بوزن الأعصار ، وتقول : أظافير وأعاصير ، وإن جاء بعض ذلك في الأشعار جاز كقوله :

حتى تغامز ربات الأخادير (٢٩)

أراد جماعة الأخدار ، والأخدار جماعة الخدر.

ويقال للرجل القليل الأذى : إنه لمقلوم الظُّفْر.

ويقال للرجل المهين الضعيف : إنه لكليل الظُّفْر أي لا ينكي عدوا ، قال :

لست بالفاني ولا كل الظُّفُر (٣٠)

__________________

(٢٩) الشطر في التهذيب واللسان غير منسوب.

(٣٠) عجز بيت (لطرفة) كما في التهذيب وانظر الديوان ص ٥٤ وروايته :

لا كبير دالف من هرم

أرهب الليل ولامل الظفر

١٥٧

وظَفَرَ فلان في وجه فلان إذا غرز ظفره في لحمه فعقره ، وكذلك التَّظْفِير في القثاء والبطيخ والأشياء كلها ، وإن قلت : ظفره فجائز.

والْأَظْفَار : شيء من العطر شبيه بالظفر مقتلع من أصله يجعل في الدخنة لا يفرد منه الواحد ، وربما قالوا : أَظْفَارَة واحدة ، وليس بجائز في القياس.

ويجمعونها على أَظَافِير ، وهذا في الطيب ، وإذا أفرد شيء من نحوها ينبغي أن يكون ظُفْراً وفوها وهم يقولون : أظفار وأظافير وأفواه وأفاويه لهذين العطرين.

والظَّفْرَة : جليدة تعشى العين تنبت من تلقاء المآقي ، وربما قطعت ، وإن تركت غشيت بصر العين حتى يكل.

ويقال : ظُفِرَ فلان فهو مَظْفُور ، وعين ظَفِرَة ، وقد ظَفِرَت عينه.

والظَّفَر : الفوز بما طالبت ، والفلج على من خاصمت ، وظَفِرْتُ بفلان ظَفَراً فأنا ظَافِر ، وظَفَّرَ الله فلانا على فلان ، وأَظْفَرَهُ إِظْفَاراً مثله.

وفلان مُظَفَّرٌ أي لا يؤوب إلا بالظفر فثقل نعته للكثرة والمبالغة ، وإن قيل : ظَفَّرَ الله فلانا أي جعله مظفرا جاز ، وظَفَّرْتُ فلانا تَظْفِيراً ، أي دعوت له بالظفر ، وظَفَّرْتُهُ على فلان : غلبته عليه ، وذلك إذا سئل : أيهما ظَفِرَ فأخبر عن واحد غلب الآخر فقد ظفره.

وظَفَرَهُ بالأظفار : خدشه بها.

١٥٨

باب الظاء والراء والفاء معهما

ظ ر ب ، ب ظ ر يستعملان فقط

ظرب :

الظَّرِب من الحجارة ما كان أصله ناتئا في جبل أو أرض حزنة ، وكان طرفه الناتىء محددا ، وإذا كان خلقة الجبل كذلك سمي ظَرِباً ، ويجمع الظِّرَاب ، قال :

شدا يشظي الجندل الْمُظَرَّبا (٣١)

وقال :

كتجافي الأسر فوق الظِّرَاب (٣٢)

وكان عامر بن الظَّرِب من فرسان بني حمان بن عبد العزى العدواني حكيم العرب من قيس.

والظَّرِبَان والظَّرَابِيُ : شيء أعظم من الجرذ على خلقة الكلب ، منتن الريح كثير الفساء يفسو في جحر الضب حتى يخرج فيأكله وتشتم فتقول : يا ظَرِبَان.

بظر :

قال أبو الدقيش : امرأة بِظْرِير شبه لسانها بِالْبَظْر ، وهو معروف.

[وامرأة بِظْرِير وهي الصخابة الطويلة اللسان ، وروى بعضهم : بطرير لأنها قد بطرت وأشرت](٣٣).

__________________

(٣١) الرجز في اللسان والتهذيب منسوب إلى (رؤبة) ولم نجد الرجز في الديوان وورد في الأصول غير منسوب.

(٣٢) البيت في التهذيب غير منسوب ، وهو في اللسان (لمعديكرب) المعروف بغلفاء يرثي أخاه وهو : ان جنبي عن الفراش لتابي ....

(٣٣) ما بين القوسين من التهذيب من أصل العين.

١٥٩

وقول أبي الدقيش إلى الصواب أقرب.

ورجل أَبْظَر : في شفته العليا طول مع نتوء وسطها ، ولو قيل للرجل الصخاب أَبْظَر جاز.

وأمة بَظْرَاء وإماء بُظْر ، ومصدره بَظَر من غير أن يقال : بَظِرَ لأنه لازم وليس بحادث.

وفلان يمص فلانا ويُبَظِّرُ به.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍ : أَنَّهُ أُتِيَ فِي فَرِيضَةٍ وَعِنْدَهُ شُرَيْحٌ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : مَا تَقُولُ فِيهَا أَيُّهَا الْعَبْدُ الْأَبْظَرُ؟.

[ويقال للتي تخفض الجواري مُبَظِّرَة](٣٤).

باب الظاء واللام والفاء معهما

ظ ل ف ، ل ف ظ يستعملان فقط

ظلف :

الظِّلْف : ظلف البقرة وما أشبهها مما يجتر ، وهو ظفرها.

غير أن عمرو بن معديكرب قال اضطرارا :

وخيلي تطأكم بِأَظْلَافِهَا (٣٥)

أي بحوافرها.

__________________

(٣٤) زيادة من التهذيب مما أخذه الأزهري من العين.

(٣٥) كذا في الأصول المخطوطة ، وأما في التهذيب واللسان ففيهما : وخيل .... ولم نجده في ديوانه.

١٦٠