ديوان المديح والرثاء في محمّد وآل بيته النّجباء

سلمان هادي آل طعمة

ديوان المديح والرثاء في محمّد وآل بيته النّجباء

المؤلف:

سلمان هادي آل طعمة


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: مؤسسة الفكر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ١٩١

تدعو إلى نشر المعارف والنُّهى

فتُنِيرُ فوقَ سمائِها قنديلا

والحقُّ ما وطأ الضَّلالُ طريقه

حتى ضفرتَ لمجدهِ إكليلا

هذي النفوس على هواك تزاحمتْ

تَخِذَتكَ ظِلاًّ وارفإ وظليلا

تهفو وإن يَعُدَ المزار مشوقة

لجلال ذكرك بكرةً وأصيلا

* * *

يابن الغطارف من قريش المصطفى ال

مختار يا من كان أحكم قيلا

أكبَرتُ يومك ما بعثتَ لأٌمةٍ

إلا لتبنيَ مجدها المأمولا

جئت الحياة وأنت أكبر مصلحٍ

أمسى يزيحُ الظُّلمَ والتهويلا

يا خائض الغمرات كم قاسيتها

مِحَناً تضيقُ لها الصُّدور طويلا

مَنْ قاوم الفوضى وشنَّ على الخنا

حرباً ، فأضحى جمعها مخذولا؟

وقضى على الجهل المقيت فلم يدعْ

شعباً يظلُّ بغيه مجبولا

مَنْ حطَّمَ الأوثانَ بعد عروشِها

وبِنَصْرِهِ كان الإله كفيلا؟

وَسَطَا بكُلِّ صلابةٍ وبسالةٍ

يومَ القِراعِ وقاوَمَ التَّضليلا

مُستعذِباً وِردَ الرَّدى لا ينثني

جزعاً يدِكُّ روابياً وسهولا

و أقامَ للإسلامِ ديناً محَكَماً

وهَدى النُّفوسَ شبيبةً وكهولا

نَشَرَ العدالةَ والمساواةَ التي

سَدَّتْ على البَغيِ الذَّميم سبيلا

دوَّى كليثِ الغاب لا ينتابهُ

خَوَرٌ وأردى المُشرِكِينَ فُلُولا

* * *

يا مَنْ بِهِ العلياءُ تفخَرُ والنّدى

شوقاً تُهَشُّ لَهُ الدُّنى تهليلا

٢١

أحرزتَ مجداً لا يُضاهى مُثْلُهُ

وبَلغتَ جاها في الوجودِ جليلا

ومواقِفٌ لكَ كُنتَ فيها أَصْيَداً

لما شَهرتَ الصارِمَ المصقولا

مِثلُ السَّحابِ الجون إذ تَهِبِ الحيا

وتَجودُ ويلاً بالنّدَى موصولا

أَوَلَسْتَ فخرَ الكائِناتِ؟ وليتني

« كنتُ اتَخَذتُ مع الرسولِ سبيلا »

يا أيها المبعوثُ في دنيا الورى

لا يرتضي غير الإباء بديلا

جحدوا مقامك في الحياة وفُقْتَهُم

فضلاً يبِزُّ فطاحلاً وفُحولا

لا غروَ أن تأتي بكلِّ عجيبةٍ

الله أيَّدَ سيفك المسلولا

* * *

يا صقر هاشِمَ كَمْ قَهرتَ جحافِلاً

ودحرت جمعَ المارقين فلولا؟

ما زلن خواض المنون مُجالداً

تَرِدُ الطغاةَ ولا تهابُ نكولا

وتُنازِلُ الأبطال دون هوادةً

فوجدتَ في العدد الكثير قليلا

حققتَ للإسلام نصراً عالياً

يستوجِبُ التعظيمُ والتبجيلا

فإذا الأُباةُ المُخلِصونَ تَقََحموا

غدراً ببوغاء الثرى وحجولا

إذ كان جيشَكَ لا يلين قناتهُ

قد أحرَزَ الإكبارُ والتفضيلا

و بِهِمَةٍ أبلى بساحاتِ الوغى

هيهاتَ يخشى ظالماً ودخيلا

٢٣ / ٠١ / ١٩٨٨

٢٢

أبو طالب

عليه‌السلام

٢٣
٢٤

ابو طالب

ذكراك ما بين الاهلية تسطع

ولها على سفر الخلود تورع

لك مثلما لابي تراب ، راية

تعلو على مر الزمان وتلمع

لله درك من ابي اصيد

ورفيق درب للرسالة يشفع

يامن به الايام حازت رفعة

وكريم اصل بالثبات مرصع

اسلامه اسلام اهل الكهف من

هاموا بدين المصطفى وتدرعوا

ورث المحامد والحجى من هاشم

في صدره الايمان لايتصدع

هو في النباهة شعلة وهاجة

يامن اليه المرتجى والمفزع

قد شد ارز « محمد » في دينه

كاد الضلال له يذل ويخضع

وبسعيه اذ قام يدعو للهدى

وكانه ذاك الشجي المولع

هذا الذي مدح النبي بشعره

والله يشهد والملائك تخشع

لا غرو ان فخرت قريش بشبلها

شرفت به عليا نزار وتبع

خرت له شم الانوف مهابة

هيهات يفتر عزمة ويزعزع

٢٥

وقضى على الجهل المقيت فما ونى

يوما ، ولا يخشى الردى او يجزع

ضحى بدنياه لاجل عقيدة

هو وابنه القرم البطين الانزع

شملت مواقفه الفضائل كلها

وبدونه دين الورى لا ينفع

كسب الخلود وصار ذلك نصره

يجري على جدب السنين فيفرع

قد كان مهبط حكمة وبسالة

لا زالت الدنيا به تتضرع

متمسك بالله جل جلاله

وولاؤه طود « لاحمد » امنع

شيم هي السحر الحلال ندية

ثبت الحيشا ، جم المناقب ، اروع

قد فت قلب المصطفى برحيل من

للدين حصن لا يهون ممنع

فإذا النبي مهاجر من بعده

مذ غاب ناصره الكمي الاورع

١٩٩٩ م

٢٦

الامام علي بن ابي طالب

عليه‌السلام

٢٧
٢٨

مولد الحق

القيت في المهرجان العالمي الذي انعقد في كربلاء بمناسبة ميلاد الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) ليلة ١٣ رجب سنة ١٣٨٦ هـ :

من فيض سبيك استمد نشيدي

فإنساب في سمع الدنا تغريدي

يجتاز افإق الحياة ويرتقي

هام العلى ويلف كل حدود

ويضيئ داجية الظلام بنوره

ويميت كل مكابر وعنيد

يامن ولدت ببطن مكة مصطفى

دون الورى بمشيئة المعبود

٢٩

جالدت كفإر الجزيرة فانثنوا

من كل قرم صابر صنديد

فتنفس الاسلام في ارجائها

هديا يبيد الشرك بالتوحيد

* * *

يا دوحة الاسلام ينفح عطرها

سحرا ، فيغمر داجيات البيد

يا جذوة الحق التي لا تنطفي

وابن الغطأرفة الاباه الصيد

ومناصر الدين الحنيف بقوة

لا تنثني بالردع والتهديد

ومقارع الطأغين في بدر وفي

احد وهام الشرك خير شهود

جئت الوجود فكنت نورا ساطعا

تهب الحياة بفكرك المحمود

تهدي النفوس الى الصلاح بمبدا

سام يضيء بليلنا المنكود

وتقود قافلة الشعوب حثيثة

تسعى برأي في الحياة سديد

٣٠

ونموت في حجر الرسالة واضعا

درا ، وعشت بظلها الممدود

ودرجت في الدنيا كليث ثائر

ابدا برغم مكابر وجحود

وحملت نبراس الرسالة هازئا

بالموت لم تبخل باي جهود

وبلاغة الفصحاء كنت اميرها

ببداعة الاسلوب والتجديد

تبا لقوم ناوؤاك واضمروا

لك حقدهم ، تبا لكل حسود

وتكالبوا زمرا عليك حقيرة

من كل شيطأن اخس مريد

ما انت الا الحق يهدر صارخا

في هذه الدنيا ونجم سعود

* * *

امنت بالاسلام انت عميده

اكرم بخير مدافع وعميد

وابيت الا ان تظل مجاهدا

في الكون ترفع راية التمجيد

٣١

مولد الكرار

القيت في المهرجان العالمي الذي اقامه اهالي كربلاء بمناسبة ميلاد الامام علي بن ابي طالب (ع) يوم ١٣ رجب

خلياني بنشوتي وهيامي

احتسيها زجاجة من مدام

ان في القلب من هواه اشتياقا

وهياما وصبوة من غرام

واذكراتي بين الرياض مليا

وانشداني فرائد الانغام

فلقد عم في النفوس ابتهاج

وتعالى في الايك سجع الحمام

٣٢

وشذى المسك فاح من زهر الـ

روض مليئا بالطيب والانسام

فإنشري يا رض عطر شذيا

واغمري الافق بالسنى البسام

فهلال في ارض مكة يزهو

مشرئبا للزهو والاقدام

عانقة القلوب حبا وشوقا

وتباهت بهاشمي همام

وازدهى البدر رونقا وبهاء

يتلالا في حالك من ظلام

حبذا المولد الاغر تجلى

كانبلاج الصباح بين الاكام

وصدى البشر في الملائك دوى :

انت والله فخر كل الانام

فرجائي في الدهر ذكر علي

فهو قصدي وقبلتي ومرامي

* * *

يا وصيا من بعد احمد قرما

احرز المجد والعلى والتسامي

٣٣

وقفات له انارت طريق الـ

نصر اضحت روائع الايام

خاص فيها الهيجاء واقتحم الموت

وجاب الاعداء بالصمصام

يوم ( بدر ) الذي اقض قريشا

بانتصار النبي والاسلام

وله يوم ( خيبر ) و ( حنين )

و ( نضير ) و ( بصرة ) و ( فالشام )

وكذا ضربة ( العمر بن ود )

حين ارداه للثرى بالحسام

يالها من وقائع حاسمات

نال فيها فخرا وخيرا مقام

* * *

ياابن عم النبي مازلت اشكو

من نفوس تعج بالاثام

وتناست حق الضعيف وسدت

مورد الخير للنفوس الضوامي

ليت شعري فما دهاها لذل

غير اطماع ارذلين لئام؟

٣٤

فإنهضي امتي لنيل الاماني

والاماني تنال بالصمصام

وانشري راية العلى والمعالي

حسبك الفخر والمنى في الامام

* * *

زوج بنت الرسول يااكرم الناس

ورمز الاباء والاقدام

صغت فيك الاشعار لحنا جميلا

ليلة المولد الاغر السامي

لك اهدي اشواق قلبي المعنى

تتهادى كنفحة الانسام

٣٥

المولد السامي

القيت في الاحتفال الكبير الذي اقيم في الروضة الحسينية المقدسة بكربلاء مساء يوم ١٢ / ٢ / ١٩٥٧ ابتهاجا بذكرى مولد الامام علي بن ابي طالب ( ع)

سرت نسمة في مولد الاية الكبرى

شممت بها الايمان والحق والطهرا

والهمني روحا من المجد نافحا

به ينتشي العشاق من شوقهم خمرا

وبان مليح كاد يسلب مهجتي

ويلهب الشواق الفؤاد من الذكرى

ومازلت اهفو من هواه تشوقا

عسى النفس تحضى منه بالقبلة السكرى

وامسى فؤادي ساكبا بولائه

نشيد الاماني والصبابة والبشرى

فيا طلعة فاقت على كل طلعة

ويا نبعة الفردوس يانعة خضرا

ويا كوكبا ابهى من النور روعة

ويا شمس علم غيب الانجم الزهرا

تفيض سماء الوحي حسنا بنوره

وانواره الغراء تغمره غمرا

٣٦

فتزهو بانوار الامام وتزدهي

بما انجب البيت الرفيع فتى برا

* * *

ابا حسن يااكرم الناس محتدا

واعظمهم شانا وارفعهم قدرا

ولدت ببيت الله حيث تباركت

بك المكرمات الغر طأفحة خيرا

ولقنت في حجر الرسالة خبرة

ضممت بها العلياء والعز والفخرا

فكنت برغم البغي والشرك سيدا

تجاهد للاسلام والشرعة الغرا

وسيفك حتف الجائرين فطالما

تهاوت طواغيت الضلال له ذعرا

ومن الذي في فتح « خيبر » قد سعى

واردى (ابن ود) حين خر على الغبرا؟

فانت الذي دافعت عن دين احمد

وقد شهد الاسلام نهضتك الكبرى

وحطمت اصنام الضلال بمكة

فلا « هبلا » ابقيت فيها ولا « نسرا »

* * *

بمولد السامي بعثت عواطفي

مؤججة بالحب زاخرة شعرا

تطوف عليها من ولائك نشوة

بها تنطق الاحسان والحمد والشكرا

وتملك قلب المستهام بشاشة

يفوح شذاها في محافلنا عطرا

بذكراك يا زوج البتول تفتقت

مواهب تروى الشعر بل تنفث السحرا

واشرقت الدنيا بمولدك الذي

سيبقى مدى الاجيال يلهمنا الفكرا

شباط ١٩٥٧

٣٧

مولد علي عليه‌السلام

القيت في المهرجان العالمي الذي اقامه اهالي كربلاء ، يوم ١٢ رجب ١٢٨٨ هـ :

الحسن تلق مشهده

والشعر الفذ يخلده

والروض تبسم مبتهجا

يزهو كالدر منضدة

والجدول يسري رقراقا

وهزار الايك مغردة

كم راح يداعب رؤياه

لحن السمار وينشده

والعاشق بات اسير الـ

ـسحر وعين العاذل تحسده

رشا الهواه واعشقه

من ذا يهديه ويرشده؟

وسهرت الليل اناجيه

قمرا والخافق يعبده

ممشوق القد يحاكي الـ

ـغصن ويذكي الحسن تاوده

٣٨

ناغيت هواه على بعد

فمتى يحلوا لي مورده؟

* * *

الكون اهتز لحيدرة

والافق توهج فرقده

مولاي ابا الحسنين فذا

قلبي قد زاد توقده

ميلادك ما اسماه وذي

الحان الحب تردده

من مثل علي في الدنيا

ايات الحصمد تخلده؟

يامن هو نصر للاسلام

يقيم العدل اظل اجدده

ذكراه على شفتي هوى

بالشعر اظل اجدده

قد عمت فرحته التدنيا

وزها في الكعبة مولده

وانهد الكفر وزال الجور

ولاح الخير وفرقده

من حطم اوثان الكفإر

وراح النصر يوطده؟

من دك قلاع الباب ( بخيـ

ـبر ) والاسلام يؤيده؟

واطأح بعمرو في ( الاحـ

ـزاب ) وان الله مسدده؟

واباد الكفر بيوم ( حنيـ

ـن ) و ( احد ) فليتك تشهده

وبيوم ( البدر ) اطأح بشيـ

ـبة والايمان مهنشده

لولاه لما قامت للديـ

ـن حضارات لولا يده

* * *

اكبرت بك المثل العليا

وغدوت نضالك احمده

٣٩

مولاي ابثك من قلبي

حزنا ينداح تنهده

هدر الغاصب حق المظلوم

وراح الغل يقيده

والباطل سام الحق اذى

والعدل تهاوى سوؤدده

والكافر مال الى غي

ولدين التقوى يجحده

فإلناس سواسية دينا

وان ابيضه او اسوده

و ( المحسن ) اضحى قائدنا

للنصر ( حكيم ) (١) مقوده

يهدينا الدرب ويرشدنا

لسبيل الله يسدده

* * *

الحرب وشيك نضرمها

والثار قريب موعده

ياعرب اما يكفي الاذعا

ن وليل النصر متى غده؟

والقدس لقد امسى ما

وى للخصم وبات يهوده

والمسجد داس كرامته

( دايان ) فراح يهدده

انا ماضون نثير الحرب

نبيد الشرك ونطرده

ونحرر ارض فلسطين

من باغ طأل تمرده

__________________

١ ـ هو اية الله السيد محسن الحكيم زعيم الطائفة.

٤٠